- الخطب
- /
- ٠1خطب الجمعة
الخطبة الأولى
الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق و البشر، ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِ وسلم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريته، ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
قاعدة جليلة في التوحيد: النبي لا يعلم الغيب إلا ما أطلعه الله عليه
أيها الإخوة الكرام، النبي عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب، الدليل:
﴿ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾
﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ﴾
قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً، هذا مقام سيد الأنبياء، لكن الله عز وجل أطلعه بما سيكون في آخر الزمان، وكأنه معنا، وكأن الذي نعاني منه قد وصل إلى علمه من الله عز وجل، لأن الله يعلم ما كان، ويعلم ما سيكون، ويعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون.
أحاديث نبوية عن أشراط الساعة
الحديث الأول:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عنه وعن أبيه قال: كنت عاشر عشرة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو بكر وعمر، وعثمان وعلي، وابن مسعود وحذيفة، وابن عوف وأبو سعيد الخدري، رضي الله تعالى عنهم أجمعين، فجاء فتى من الأنصار فسلّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أيّ المؤمنين أفضل ؟ قال: أحسنهم خلقاً، قال: فأي المؤمنين أكيس ؟ ـ أذكى ـ قال: أكثرهم للموت ذكراً، وأحسنهم له استعداداً قبل أن ينزل بهم ـ قبل أن ينزل بهم الموت ـ أولئك من الأكياس، ثم سكت الفتى، وأقبل عليه النبي عليه الصلاة والسلام فقال:
(( يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ، لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يعملوا بها، وفي رواية: حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا ـ يتباهون ـ إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا، وهذا الإيدز هو الطاعون الذي لم يكن يعرف من قبل لكن بسبب الفاحشة بل بسبب الشذوذ ـ وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ـ يدخل في هاتين الكلمتين كل أنواع الغش ـ وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ ـ بالجفاف ـ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، مليارات من الدولارات تنتقل من أيدي المسلمين إلى أيدي أعدائهم كل عام، لأن أعداءنا يخططون لإفقارنا ولإضلالنا ولإفسادنا ولإذلالنا، والأصح لإبادتنا ـ وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ ))
العالم الآخر كل يوم يبحث عن أسباب الوفاق فيما بينه، ونحن كل يوم نبحث عن أسباب الفرقة، وعن أسباب الخلافات وعن أسباب الكراهية وعن أسباب البغضاء إلى أن تنتهي إلى الحروب الأهلية، ثم تنتهي إلى التقسيمات.
الحديث الثاني:
أيها الإخوة الكرام، عن أبي ذر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( إذا اقترب الزمان ـ أي اقتربنا من قيام الساعة ـ كثر لبس الطيالسة، وكثرت التجارة، وكثر المال، وعظم رب المال بماله، وكثرت الفاحشة، وكانت إمارة الصبيان، وكثرة النساء، وطفف في المكيال ـ كثرة النساء في الأماكن العامة، في كل مكان، في كل وقت، في كل طريق، في كل سوق ـ ويربي الرجل جرواً خير من أن يربي ولداً، ولا يوقر كبير، ولا يرحم صغير، ويكثر أولاد الزنا، حتى إن الرجل ليغشى المرأة على قارعة الطريق، ويلبسون جلود الضأن ـ الدبلوماسية ـ على قلوب الذئاب أمثلهم في ذلك الزمان، المداهن يبدو لبقاً، وذكياً، وحصيفاً، وعنده حكمة، المداهن الذي يبيع دينه من أجل دنياه ))
الحديث الثالث:
ويقول عليه الصلاة والسلام:
(( خمس بخمس، قيل: يا رسول الله، وما خمس بخمس ؟ قال: وما نقض قوم العهد ـ عهدهم مع الله ـ إلا سلط الله عليهم عدوهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا الفقر فيهم، ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر، ولا طففوا المكيال إلا حبس عنهم النبات وأخذوا بالسنين ))
الحديث الرابع:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام:
(( لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي مأخذ القرون قبلها شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، قيل له: يا رسول الله، كفارس والروم، قال، من الناس إلا أولئك ))
عاداتنا، تقاليدنا، ألبستنا، بيوتنا، احتفالاتنا، آلامنا، أفراحنا، مناهجنا، مناهجنا الدراسية، أزيائنا النسائية، احتفالاتنا، البروتوكولات، لا يمكن أن يقام فندق من نوع الخمس نجوم إلا ويبيع فيه الخمر، لأن هذه منزّلة في القرآن !
إذا ارتدى الشباب هناك الثياب المرقعة ارتدينا الثياب المرقعة، الثياب التي فيها حفر نرتديها نحن، لو دخلوا جحر الضب لدخلتموه، تقليد أعمى، مصمم أزياء في بلاد الغرب يتحكم في نساء المسلمين، يكشفن عن عوراتهن، يكشفن عن مفاتنهن، لأن التصميم هكذا.
هذا من إعلام الله له، هو لا يعلم الغيب، كما قلت في بداية الخطبة.
الحديث الخامس:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، دَعْوَتُهُمَا وَاحِدَةٌ ))
كلاهما يؤمن بالقرآن، كلاهما له مساجد، والحرب الأهلية في العراق كما ترون كل يوم خمسين إلى مئة عدا الجرحى.
الحديث السادس:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( لا تقوم الساعة حتى يَكْثُرُ الْهَرْجُ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْهَرْجُ ؟ فَقَالَ: القتل، القتل... ))
موت كعقاص الغنم، لا يدري القاتل لمَ يقتل، ولا المقتول فيمَ قتل، يوم يذوب قلب المؤمن في جوفه مما يرى، ولا يستطيع أن يغير، إن تكلم قتلوه، وإن سكت استباحوه.
بالمناسبة، في الحديث القدسي الصحيح:
(( عبادة في الهرج كهجرة إلي ))
لك أجر الصحابة الذين هاجروا، أن تعبد الله في زمن الفتن، في زمن أن يكذب الصادق، وأن يصدق الكذوب، أن يؤتمن الخائن، أن يخون الأمين، في زمن الأمر بالمنكر، والنهي عن المعروف، في زمن أن يصبح المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، في زمن النساء الكاسيات العاريات، المائلات المميلات، الملعونات في هذا الزمن:
(( عبادة في الهرج كهجرة إلي ))
الحديث السابع:
وقال عليه الصلاة والسلام:
(( لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ))
من معاني الحديث
لهذا الحديث معان كثيرة، من بعض المعاني، وهذا التوجه في هذا المعنى لا يلغي المعنى التقليدي للحديث: حينما يكون العلم من الغرب، والقيم من الغرب، والإتيكيت من الغرب، والرقي من الغرب، والدبلوماسية من الغرب، ونموذج الفنادق من الغرب، حينما يكون الغرب طاغياً على كل شيء، حينما يصبح نموذج الحياة الغربية مطبقاً في العالم كله أغلق باب التوبة، لأن الذي يقلدهم يرى أن هذا هو الصواب، لماذا يتوب ؟ الدين تخلف، الدين فقر، الدين جهل، أما الرقي والحضارة، والتقدم والحياة العصرية، فنأخذها من عندهم، لذلك عند معظم المسلمين هوس في تقليد الأجانب، لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه.
(( لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع ))
تاجر مخدرات، بيوت، وسيارات، ومركبات، وطائرات خاصة، والربح أكثر من مئة ألف ضعف، كيلو المخدرات من مكان زراعته يباع بمئة ألف ضعف في مكان استهلاكه، هؤلاء الذين يعيشون على دماء الناس، تجار السلاح، هؤلاء الذين يروجون الفساد في ثلاثة وعشرين مليون موقع إباحي في الإنترنت، أربعمئة محطة فضائية إباحية، أرباحها فلكية، من يدير هذه المحطات، ومن ينشئ هذه المواقع، ومن يدير الملاهي والنوادي الليلية ؟ طريق صغير في تسعين ناديًا ليليًا، و دخل فلكي، مركبة، قصر، بيت، سيارة، مكانة، علاقات عامة، شبكات.
(( لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع ))
الحديث الثامن:
ومن شدة البؤس على معظم الناس يقول عليه الصلاة والسلام:
(( والذي نفسي بيده لا تمر الدنيا حتى يمر الرجل بالقبر فيتمرغ عليه، ويقول: يا ليتني مكان صاحب هذا القبر، وليس به الدين، وما به إلا البلاء ))
وفي رواية أخرى:
(( ولا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل يقول: يا ليتني مكانه ))
الحديث التاسع:
ويقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه أنس بن مالك:
(( إذا كان أمراؤكم خياركم، وأغنياؤكم سمحاءكم، وأمركم شورى بينكم، فظهر الأرض خير لكم من بطنها، وإذا كان أمراؤكم شراركم، وأغنياؤكم بخلائكم، وأمركم إلى نسائكم، فبطن الأرض خير لكم من ظهرها ))
الحديث العاشر:
ومن علامات قيام الساعة:
((لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ... ))
قد تصل إلى طرف الدنيا في سبع عشرة ساعة، بينما قد تصل في عهد النبي وأصحابه من المدينة إلى الشام في شهرين، الآن سبع عشرة ساعة من طرف الدنيا إلى طرفها الآخر.
(( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، فَتَكُونُ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَالشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ، وَتَكُونُ الْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ، وَيَكُونُ الْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ، وَتَكُونُ السَّاعَةُ كَالضَّرَمَةِ بِالنَّارِ ))
تواصل إعلامي، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، الذين شردوا عن الله شرود البعير، ليس فيهم خير، ليس لهم عند الله وزن، قال تعالى:
﴿ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً﴾
لهم صغار عند الله، سقطوا من عين الله، يبيعون دينهم بعرض من الدنيا قليل، يبيعون دينهم بيمين كاذبة، ببيت مغتصب، بشركة مغتصبة.
الحديث الحادي عشر:
ومن أشراط الساعة كما قال عليه الصلاة والسلام:
(( أن يرفع العلم، وأن يظهر الجهل، وأن يشرب الخمر، وأن يفشو الزنا، ويكثر النساء))
المرأة لها مكان طبيعي، مكان تربية أولادها، ورعاية زوجها، والعناية بأولادها،
(( وأيما امرأة قعدت على بيت أولادها فهي معي في الجنة، وأول من يمسك بحلق الجنة أنا، فإذا امرأة تنازعني، تريد أن تدخل الجنة قبلي، قلت: من هذه يا جبريل ؟ قال: هي امرأة مات زوجها، وترك لها أولاداً، فأبت الزواج من أجلهن ))
أينما تحركت، في أي طريق سرت، في أي سوق دخلت، في أي منتدى حضرت، معظم الحاضرين من النساء.
إذا كان هناك وعي شيء فهذا أمرٌ جيد، إذا كان هناك نشاط مشروع فهذا أجود، إذا كان هناك عمل خيري فهذا أجود وأجود أما، إذا كان المكان مكان معصية، ومكان فجور، ومكان خلاعة، ورأيت النساء أكثر من الرجال فهنا الطامة الكبرى.
الحديث الثاني عشر:
(( ولا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد ))
ينصب المديح على الأشخاص، يغمر الشخص بمديح لا يوصف، ولا يعقل، ولا يفهم، يمدح بعضنا بعضاً بألقاب رنانة.
الحديث الثالث عشر:
(( ولا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلماً وعدواناً ))
ألا ترون ما يجري في فلسطين وفي العراق وفي أفغانستان وفي لبنان في أثناء الحرب ؟
الحديث الرابع عشر:
(( تمتلئ الأرض ظلماً وعدواناً حتى يأتي أخي عيسى فيملؤها قسطاً وعدلاً ))
الحديث الخامس عشر:
(( يوشك لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، وتظهر الفتن، ويكثر الكذب، ويتقارب الزمان، وتتقارب الأسواق ))
النشاط الأول هو التسوق.
دخلت امرأة إلى سوق كبيرة، فقالت:يا إلهي، ما أكثر الحاجات التي لا يحتاجها الإنسان.
الحديث السادس عشر:
(( ولا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش، والبخل، ويخون الأمين، ويؤتمن الخائن ))
الحديث السابع عشر:
(( ولا تقوم الساعة حتى تكون السجدة الواحدة خيراً من الدنيا وما فيها ))
مرّ النبي الكريم بقبر فقال: صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم، سهرات فارهة، حديث، غيبة، نميمة، متابعة مسلسلات، النظر إلى العورات، التباهي، الفخر، وما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه إلا قاموا عن أنتن من جيفة حمار.
جلسة بأكملها في كلام فارغ تعليقات سخيفة، مزاح رخيص، تهجم، تقليد، محاكاة، سخرية، تعليقات لا يفعل شيئاً لا يقدم لا يؤخر، ينصب نفسه وصياً على الناس، يقيم الناس، يوزع الألقاب عليهم، يوزع التهم، يكفر، يبدع، يشرك، ولا يقدم شيئاً، هكذا مجالس المسلمين إلا قاموا عن أنتن من جيفة حمار.
الحديث الثامن عشر:
(( ولا تقوم الساعة على أحد يقول: لا إله إلا الله ))
وفي حديث آخر:
(( لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله ))
هذا هو الواقع وللأسف
والله حضرت مؤتمراً للأسرة، والله في هذا المؤتمر نخبة من علماء النفس والاجتماع في العالم العربي، والله الذي لا إله إلا هو أول يوم كان ثمان محاضرات، واليوم الثاني أربع، وما ذكر أحد كلمة الله، ولا الإسلام، ولا الدين أبداً، موضوع الدين نحي جانباً، عن قصد غيب الدين، ولا أحد قال كلمة الله، مع أن الأسرة ألصق موضوعاً بالدين، وألصق موضوعاً بالإسلام، الآيات والأحاديث لا تعد ولا تحصى، فيها توجيه الأزواج والزوجات، علم نفس، علم اجتماع، ونستورد العلوم من عالم إباحي ملحد.
قد يأتي طبيب نفسي، بماذا ينصح الشاب المريض ؟ بأن يكون له صديقة خارج نطاق الزوجية، هكذا تعلم هناك، إذاً:
(( لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله))
في أي لقاء، في أي اجتماع، في أي بحث، في أي ندوة لا يطرح موضوع الدين أبداً.
الحديث التاسع عشر:
(( لا تقوم الساعة إلا على حثالة من الناس ))
همه بطنه، همه فرجه، همه المتعة، همه الرحلات، همه السفر، همه الوجاهة، همه الكبر، همه حوزة أكبر مبلغ من المال ليستمتع به، ولو بنى مجده على أنقاض الناس، ولو بنى غناه على فقرهم، لو بنى قوته على ضعفهم، ولو بنى أمنه على خوفهم، ولو بنى حياته على موتهم.
الحديث العشرون:
(( لا تقوم الساعة حتى تروى الأرض دماً ))
كل يوم بقعة دم في مساحات كبيرة، على السيارات، على الطرقات، في المستشفيات، بقع الدم والقتلى، حتى تروى الأرض دماً، ويكون الإسلام غريباً.
الحديث الواحد والعشرون:
(( لا تقوم الساعة حتى يكون كتاب الله عاراً ))
ألم يتدنس في أمريكا ؟
(( ويتقارب الزمان، وتنقض عراه عروة عُروة ))
يتهم الأمناء، يصدق الكاذب، يكذب الصادق، يكثر الهرج، قالوا: وما الهرج يا رسول الله ؟ قال:
(( القتل، ويظهر البغي والحسد، والشح، وتختلف الأمور بين الناس، ويتبع الهوى، ويقضى بالظن، ويقبض العلم، ويظهر الجهل، ويكون الولد غيظاً ))
والله مئات الاتصالات يشكون فيها من أولادهم، أولادهم عبء عليهم، وبلاء من الله، ولد ليس فيه أدب، ولا علم، يأتي بعد منتصف الليل، يتطاول على أمه وأبيه، يكثر ضرب إخوته، يأكل وحده، يطالب بالمال بكل وقاحة.
لا تقوم الساعة حتى يكون الولد غيظاً، والله هناك إنسان أحبه، له ابن أقسم بالله إذا دهس بمركبة ليقيمنّ مولداً ابتهاجاً بموته، يكسر كل شيء، يبتز من ماله، يركب عليه الديون، هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، حتى يكون الولد غيظاً، والمطر قيظاً، ويفيض اللئام فيضاً.
إذا أكرمك إنسان يصيبك بصدمة، ما الذي حدث ؟ الأصل أنّ هناك من يبتزك، هناك من يقيم أمامك العقبات، يفيض اللئام فيضاً، ويغيظ الكرام غيظاً، و يجترئ الصغير على الكبير، واللئيم على الكريم، قيل: ما الذل ؟ قال: أن يقف الكريم بباب اللئيم ثم يرده.
والله، والله، مرتين، كما قال الإمام علي رضي الله عنه: << والله، والله، مرتين، لحفر بئرين بإبرتين وكنس أرض الحجاز بريشتين، ونقل بحرين بمنخلين، وغسل عبدين أسودين حتى يصيرا أبيضين أهون عليّ من طلب حاجة من لئيم لوفاء دين >>.
الحديث الثاني والعشرون:
(( لا تقوم الساعة حتى يسود كل قبيلة منافقوها ))
الحديث الثالث والعشرون:
الرواج للمنافق، ويقول عليه الصلاة والسلام:
(( سيكون قوم يأكلون بألسنتهم ))
كيف أن المرأة الزانية تأكل بثدييها، تبيع عرضها من أجل أن تأكل، هناك عهر فكري.
(( سيكون قوم يأكلون بألسنتهم ))
بالنفاق، يتحدث بما لا يؤمن، من أجل أن يسترضي غنياً أو قوياً، رزقه النفاق.
الحديث الرابع والعشرون:
(( يكون في آخر الزمان رجال يختلون الدنيا بالدين ))
فتاوى لا تعد ولا تحصى، كلها تخالف أصل الشريعة تملقاً للناس وللأقوياء.
((... يختلون الدنيا بالدين...))
يقول لك: عمل خيري، حفلة راقصة يرصد ريعها للأيتام، دخل الحفلة الراقصة مع الأيتام، يانصيب خيري، هذا اليانصيب هدفه إسعاف الفقراء،
(( يختلون الدنيا بالدين، يلبسون للناس جلود الضأن من اللين، ألسنتهم أحلى من العسل، قلوبهم قلوب الذئاب ))
يقول الله تعالى: أبي يغترون، أم علي يجترئون ؟ فبي حلفت لأبعثن على أولئك فتنة تدع الحليم حيران.
الحديث الخامس والعشرون:
ويقول عليه الصلاة والسلام:
(( يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ))
الحديث السادس والعشرون:
ويقول عليه الصلاة والسلام:
(( يخرج في هذه الأمة في آخر الزمان رجال معهم أسياط كأنها أذناب البقر يغدون في سخط الله ويروحون في غضبه ))
الحديث السابع والعشرون:
ويقول عليه الصلاة والسلام:
(( سيجيء في آخر الزمان أقوام تكون وجوههم وجوه الآدميين، وقلوبهم قلوب الشياطين، أمثال الذئاب الضواري ليس في قلوبهم شيء من الرحمة سفاكين للدماء لا يرعون عن قبيح إن تابعتهم خانوك وإن غبت عنهم اغتابوك وإن حدثوك كذبوك وإن ائتمنتهم خانوك صبيهم عار وشابهم شاطر، شيخهم لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، الاعتزاز بهم ذل، وطلب ما في أيديهم فقر، الحليم فيهم غاوٍ، والآمر فيهم بالمعروف متهم، المؤمن فيهم مستضعف، والفاسق فيهم مشرف، السنة فيهم بدعة، والبدعة فيهم سنة، عندئذ يسلط الله عليهم شرارهم، ويدعو خيارهم فلا يستجاب لهم ))
الحديث الثامن والعشرون:
أيها الإخوة الكرام، سأل أحد أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام عن الساعة، فقال: يا رسول الله، متى الساعة ؟ قال:
(( ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ـ ولكن سأحدثك عن أشراطها، إذا ولدت الأمة ربتها ـ أم صالحة مؤمنة مصلية صائمة ترعى أولادها، تعرف ربها، تخاف من الله، تستر نفسها، تحفظ نفسها، تحفظ مال زوجها، تأتيها بنت تدخل تتثقف، هذه البنت تقول لك: أمي دقة قديمة، أمي لا تفهم، جاهلة، يتفنن الشاب والشابة بالإساءة لآبائهم وأمهاتهم ـ أن تلد الأمة ربتها ـ فذلك من أشراطها ـ وأن ترى الحفاة العراة يتطاولون في البنيان ))
هذه الخطبة ليست دعوة لليأس
أيها الإخوة الكرام، الأحاديث عن الساعة كثيرة جداً ـ اخترت لكم أصح ما في البخاري ومسلم، وفي كتب الصحاح، واخترت لكم أبرزها وأوضحها، لكن يجب أن تعلموا أن ما نعاني منه من خلل في حياتنا، ومن فشو النفاق، والفجور، والفسق، والعصيان، والكذب، والغيبة، والنميمة، وأكل المال الحرام، هذا شيء أخبر عنه النبي عليه الصلاة والسلام، ولكن ليس معنى هذه الخطبة أن تيئسوا، معنى هذه الخطبة أن تحذروا، والله عز وجل يعامل كل منا بحسب استقامته وعمله الصالح.
أنت سيد بيتك، وسيد عملك، فإذا أقمت أمر الله فيما تملك كفاك ما لا تملك، ولا تزر وازرة وزر أخرى، الله عز وجل أرسل الملائكة لإهلاك قرية، فقالوا: إن فيها رجلاً صالحاً ؟ قال: به فابدءوا، ولمَ يا رب ؟ قال: لأنه لا يتمعر وجهه إذا رأى منكراً، أما إذا كنت مصلحاً فقد قال تعالى:
﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾
لك معاملة خاصة، أبشر ولا تقلق، هذه الأحاديث كلها لا تنطبق على مؤمن، قال تعالى:
﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾
﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾
﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾
﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ ﴾
مستحيل وألف ألف مستحيل أن يعامل الشاب المؤمن المستقيم، الذي أقام الإسلام في نفسه وفي بيته، وفي عمله، مستحيل وألف ألف مستحيل أن يعامل كعامة الناس، أنا لا أدعوكم إلى أن تيأسوا، لكن أحذر أن هذا الفساد العريض الذي ترونه، أن هذا الذي ترونه في المجتمعات الإسلامية من توجه نحو الغناء والرقص، والفجور والملهيات، هذا فيه الطامة الكبرى، فلا بد من أن تسعنا السنة، ولا تستهونا البدعة.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين.
* * *
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم، اللهم صل و سلم وبارك على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين.
بشارات المسلمين
البشرى الأولى: هنيئا للمسلمين ببلاد الشام:
بشارة، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي أخرجه النسائي بإسناد صحيح:
(( عقر دار المؤمنين الشام ))
أنتم في أفضل بلد في آخر الزمان.
(( رأيت عمود الإسلام قد سلّ من تحت وسادتي، فأتبعته بصري فإذا هو بالشام ))
نحن في خير، أيها الإخوة المساجد ممتلئة، البيوت معظمها منضبطة، فتياتنا محجبات، لكن الذي ينبغي أن تعلموا أن الخط الأبيض الذي يمثل الحق، وأن الخط الأسود الذي يمثل الباطل، هذان الخطان طفِقا يتسعان على حساب الخطوط الرمادية، النهاية هناك حق واضح كالشمس، وباطل واضح كالشمس، وإيمان وكفر، وإحسان وإساءة، وعدل، و ظلم، الآن الأمور واضحة جداً، فطوبى لمن وسعته السنة، ولم تستهوه البدعة.
توجيه نبوي
التوجيه النبوي:
(( إذا رأيت شحاً مطاعاً ـ المادية المقيتة ـ وهوى متبعاً، الجنس، وإعجاب كل ذي رأي برأيه ـ هذا وضع استثنائي ـ فالزم بيتك وأمسك لسانك وخذ ما تعرف ودع ما تنكر وعليك بخاصة نفسك، من تثق به من إخوانك ـ من زملائك ـ من جيرانك ـ من إخوان المسجد، هذه خاصة نفسك، عليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العامة ))
البشرى الثانية: بقاء الطائفة المنصورة إلى يوم القيامة:
عن مُعَاوِيَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
(( لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ، وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ))
يقول ابن يخامر سمعت معاذاً يقول: هم أهل الشام.
ويقول عليه الصلاة والسلام:
(( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ولا تزال عصابة ـ كلمة عصابة بالمعنى الأصلي جماعة الخير، لكن لها معاني مستحدثة، إن تهلك أيتها العصابة، الصحب الكرام ـ لا تزال عصابة من المسلمين يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة ))
البشرى الثالثة: بقاء حملة العلم على يوم القيامة:
آخر حديث في هذه الخطبة:
(( يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين ))
ونرجو أن نكون جميعاً من هؤلاء
((...ينفون عنه تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين ))
الدعاء
اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق، ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك و نتوب إليك، اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، وأذل الشرك والمشركين، خذ بيد ولاة المسلمين لما تحب وترضى يا رب العالمين، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير.