- الفقه الإسلامي
- /
- ٠3موضوعات متفرقة
الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً ، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه ، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أحكام المولود :
أيها الأخوة الأكارم ؛ موضوع طلب مني أن أعالجه ، ويذكر الأخ الذي طلب هذا الموضوع أن شباباً كثيرين يتزوجون وينجبون ويتمنون أن يتعرفوا إلى أحكام الشريعة الإسلامية في شأن المولود .
هناك أقوال كثيرة في موضوعة العقيقة والتسمية وما شابه ذلك ، فلذلك وعدته أن يكون هذا الدرس حول موضوع أحكام المولود وأحكام العقيقة ، نبدأ بأحكام المولود ثم إلى أحكام العقيقة .
أولاً أيها الأخوة هذا الموضوع يعني كل شابٍ مقبل على الزواج ، ويعني كل شاب متزوج ، ويعني كل أخ كريم تزوج وأنجب وانتهى الأمر فعليه أن يوجه أبناءه وبناته إلى أحكام المولود في الإسلام ، وشيء جميل جداً أن يطبق المسلم في بيته ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام .
1 ـ يستحب للوالد بالذات أن يؤذن في أذن المولود اليمنى :
أول شيء يستحب للوالد بالذات أن يؤذن في أذن المولود اليمنى ، العلماء قالوا: هذا المولود أول ما يطرق سمعه كلمة التوحيد ، والذي يلفت النظر أن هناك تجارب الآن ، هذه التجارب تجرى على أطفال صغار يتعرضون لتأثيرات معينة ، هذه التأثيرات المعينة التي يتعرضون لها في سني حياتهم الأولى لها أثر كبير كبير في مستقبل أيامهم ، حتى إن أنماط أذواقهم تتحدد من سني حياتهم الأولى ، وهناك أبحاث في علم النفس ، علم نفس الجنين قد لا تصدقونها إن للجنين حياة نفسية كاملة فإذا شعر أن أمه لا تريد إنجابه كان هناك حركات في بطنها تؤلم الأم ، إذا كانت الأم رافضةً لمجيء هذا الجنين فهناك حركات لها أثر كبير في صحة الأم ، وموضوع طويل قرأته مرةً عالجته على المنبر في الخطبة الثانية لكن الذي بقي في ذهني منه أن الجنين له حياة نفسية كاملة ، إذاً حينما فعل النبي عليه الصلاة والسلام أنه أذن في أذن المولود اليمنى ، يوجد حديث وتقام الصلاة في اليسرى حين يولد ، لكن هذين الحديثين ضعيفان فيقتصر على الشيء الثابت الذي فعله النبي عليه الصلاة والسلام:
(( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحَسَنِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ بِالصَّلاةِ ))
الشيء المستخلص والمفيد والثابت والمجمع عليه أن الأب يستحب له أن يؤذن في أذن مولوده اليمنى .
2 ـ أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم أن يمس هذا المولود :
وبعد أن يؤذن يستحب أن نستعيذ بالله بدعاء السيدة أم عمران حينما قالت قوله تعالى:
﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾
ولو كان المولود ذكراً على الحكاية ، أو على تقدير النظم ، النظم ينسحب على الذكر والأنثى في وقت واحد ، وفي مسند أم رزين أنه صلى الله عليه وسلم: " قرأ في أذن مولود صورة الإخلاص".
الملخص أن يطرق سمع هذا المولود الجديد كلمة التوحيد ، وكلام الله عز وجل ، وأن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم أن يمس هذا المولود ، أو أن يكون هذا المولود خاضعاً له في مستقبل أيامه .
3 ـ التحنيك :
ويسن أن يحنك المولود بتمرةٍ ، إن لم تكن فبشيء ذي مذاق حلو ، أي شيء من المربى ، أو تمرة ، أو أي شيء سكري ، يسن أن يوضع في فمه كي يشعر الطفل الصغير بحلاوة هذا الشراب ، أو ذاك المربى ، أو تلك التمرة ، ففي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري:
((عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: وُلِدَ لِي غُلامٌ فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ ))
حنكه أي وضع التمرة بحنكه ، بعد أن جعلها لينةً صلى الله عليه وسلم وقد زاد البخاري :
(( وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ وَدَفَعَهُ إِلَيَّ وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ أَبِي مُوسَى ))
(( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ ذَهَبْتُ بِعْبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الأنْصَارِيِّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ وُلِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَبَاءَةٍ يَهْنَأُ بَعِيرًا لَهُ فَقَالَ: هَلْ مَعَكَ تَمْرٌ ، فَقُلْتُ: نَعَمْ فَنَاوَلْتُهُ تَمَرَاتٍ فَأَلْقَاهُنَّ فِي فِيهِ فَلاكَهُنَّ ثُمَّ فَغَرَ فَا الصَّبِيِّ فَمَجَّهُ فِي فِيهِ فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَتَلَمَّظُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حُبُّ الأنْصَارِ التَّمْرَ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ ))
إذاً الآذان ، والاستعاذة ، والتحنيك .
4 ـ تهنئة الوالد بالمولود :
الآن يسن أن يهنأ الوالد بأن يقال له : بارك الله لك بالمولود ، أحياناً أيها الأخوة يكون أحدنا عنده ولد صالح وهذا من فضل الله العظيم إذا قال لك : أنا ربيته ، واعتنيت به ، وتعبت من أجله ، هذا كلام فيه شرك لأن الله سبحانه وتعالى يقول:
﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾
هبة من دون ثمن ، من دون جهد ، والله عز وجل قادر أن يجعل من ذرية أعظم الناس أشراراً ، فإذا الإنسان الله أكرمه بمولود صالح لا يعزي صلاحه إلى تربيته ، هذا سوء أدب مع الله ، عليه أن يعزي صلاحه إلى فضل الله عز وجل ، قال تعالى:
﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلّاً هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾
هبة ، وهكذا دعا النبي عليه الصلاة والسلام: " بارك الله لك في الموهوب وألهمك شكر الواهب ، وبلغ أشده ، ورزقت بره "
أي نرجو أن يبلغ أشده وأن ترزق بره ، أحياناً ترى طفلاً هادئاً ، لين العريك ، مطواعاً كأنه غير موجود ، وأحياناً تجد طفلاً صاخباً يملأ البيت ضجيجاً ، يزعج كل إنسان ، أرجح أنا أن المولود إذا اتبع والده أحكام الشريعة السمحة ، أو أحكام السنة المطهرة في هذا الموضوع فغالباً ما يكون هادئاً وصالحاً ، الطفل الصغير ليس شريراً ولكن إما أن يملأ البيت ضجيجاً وصراخاً ، وأن يوقع أكبر الأذى في الممتلكات والحاجات ، وإما أن ترى أن هذا الطفل كأنه غير موجود في وداعته ، وسكونه ، وسكوته ، وطواعيته ، يبدو أن هذه الأدعية من أجل أن تجنب الشيطان هذا الابن ، يوجد ابن يقول لك : مؤذي ، أينما حلّ يؤذي ، إذا دخل إلى بيت يجب أن تجمع الأغراض كلها ، أي شيء لابد من أن يكسره ، أي طفل يضربه ، النبي عليه الصلاة والسلام سنّ لنا إذا جاء المولود أن نؤذن في أذنه اليمنى ، وسن لنا أن نتعوذ بالله كما تعوذت امرأة عمران فقالت ، قال تعالى:
﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾
ويسن له أن يحنك بتمرةٍ أو أي شيء سكري ، ويسن أن نهنئ والده ، معنى هذا أنه إذا أحدكم جاءه مولود ، من حقه على أخوانه أن يزوروه مهنئين ، وأن يقول المهنئ : " بارك الله لك في الموهوب ، وألهمك شكر الواهب ، وبلغ أشده ، ورزقت بره "
الأب و الأم سبب وجود كل إنسان :
حدثنا أخ قصة ، امرأة صالحة تقية عندها طفل صغير اعتنت به حتى صار شاباً، وحتى أصبح مهندساً ، هو يقيم دعوى على أمه بالحجر على تصرفاتها ، لأنها كما يدعي أصيبت بعقلها ، وقد قال لي من روى لي هذه القصة ، إنها تتمتع بأعلى درجات العقل لكن لهذه الأم بعض الأملاك ولهذا الابن أطماع في أملاك أمه ، فقد دله بعض الخبثاء على هذه الدعوى فقال لي الطبيب الذي كلف من قبل المحكمة الشرعية أن يتفحص وضع الأم ومدى صلاحيتها في إدارة أموالها ، وهذه القصة سمعتها قبل يومين أو ثلاثة أيام ، قال : دخلت على هذه السيدة فوجدتها تتمتع بأعلى درجات العقل والاتزان ، سألتها عن اليوم ، وعن الغد ، وعن الأشهر ، وعن أحوالها الخاصة ، وعن ممتلكاتها ، قالت : أنا أعرف لقد افترى عليّ ابني هذه الفرية من أجل أن يأخذ هذا البيت الذي أسكنه وأنتم معذورون ، قال : ثم التفتت وقالت : أرجو الله أن آكل من دمه ، قال : أنا سمعت هذه الكلمة وكتبت تقريراً للقاضي أن هذه الأم تتمتع بأعلى درجات العقل وهي قادرة على أن تدير أملاكها بنفسها ، ومضت الأيام ، وذكر لي أن هذا الشاب المهندس بعد أشهر عدة مات أبشع ميتة وقد دفعت ديته إلى أمه وتحققت دعوتها .
أيها الأخوة : الأم والأب سبب وجودك ، وربنا عز وجل قال:
﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً﴾
أتمنى على الله أن أوضح لكم هذه الآية ، دائماً العطف ، وبالوالدين إحساناً ، هذه الواو واو العطف ، ومن لوازم العطف التناسب والانسجام ، لا يليق بك أن تقول : اشتريت سيارةً وإبرة اشتريت بستاناً وملعقة ، لابد من التناسب ، فالله جل جلاله رفع بر الوالدين فجمعه مع العبودية له ، فهذا الابن الذي أقام على أمه دعوى ليحجر على تصرفاتها بدعوة السفه ، وقد علمت أمه بهذا وكانت قد أسدت إليه كل جميل من قبل ، أراد أن يخرجها من البيت الذي تسكنه بدعوة أنها سفيهة وأجابت إجابات متزنة ، ثم قالت لهذا الطبيب الذي سمع بأذنه هذا الدعوة وقد رأى بأم عينه بعد حين كيف هذا المهندس مات أبشع ميتةٍ ودفعت ديته إلى أمه وريثته الوحيدة .
كلكم أيها الأخوة الكرام ، الشباب منكم والمتزوجون ، والصغار ، موضوع إنجاب الأولاد هذا الموضوع يحتاج إلى تطبيق السنة ، ليكون الابن باراً بوالديه ، شيء مؤلم جداً أنه أنت ربيت هذا الابن لعشرين عاماً ثم هو عدو لك لدود ، هذا شيء واقع ، هناك عداوات بين الأمهات والآباء ، بين الآباء والأبناء ، وبين الأمهات والأبناء لا تعقل أبداً .
أنا أعرف رجلاً وصل إلى مرتبة عالية جداً في الغنى وأقامت أمه دعوى عليه أمام القاضي الشرعي بدعوة الإنفاق عليها ، لا تملك ما تأكل ، وحدثني من أثق به أنها كانت تجلب ماء الشرب من الطريق وليس في بيتها ماء في البيت ، وابنها في أعلى درجات الغنى ، لذلك فليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يغفر له ، وليعمل العاق ما شاء له أن يعمل فلن يدخل الجنة ، وأنصحكم أيها الأخوة ألا تشاركوا عاقاً ، لو كان فيه خير لكان خيره لأمه وأبيه ، إياكم أن تشاركوا عاقاً .
الحكمة ثمرة من ثمرات الإيمان :
إذاً يهنأ الوالد ، أي إذا أخ من الأخوان جاءه مولود علينا أن نزوره جميعاً وأن نهنئه وأن نقول له كما قال عليه الصلاة والسلام :" بارك الله لك في الموهوب وألهمك شكر الواهب ، وبلغ أشده ورزقت بره "
والله أيها الأخوة ما من دعاء قرآني يؤثر في نفسي كالدعاء في قوله تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾
إذا الإنسان زوجته راض عنها ، كما أنه مؤمن هي مؤمنة ، كما أنه ملتزم هي ملتزمة ، كما أنه يخاف الله هي تخاف الله ، كما أنه يدعوها للصلاة تدعوه للصلاة ، كما أنه يحفظ بصره عن غيرها ، هي تحفظ بصرها عن غيره ، هذه الزوجة والأولاد الأبرار أجمل ما في الحياة الدنيا ، وما سوى ذلك لا قيمة له .
لكن الإنسان أحياناً بحكمته التي هي ثمرة من ثمار إيمانه ، وبحكمته التي هي ثمرة من ثمرات اتصاله بالله عز وجل ، وبحكمته التي هي ثمرة من ثمار عقله ، يستطيع أن يجعل من الزوجة السيئة زوجةً صالحةً ، وبانقطاعه عن الله عز وجل يفقد الحكمة ، وبتعطيل عقله يفقد الحكمة ، وباتباعه وساوس الشيطان يفقد الحكمة ، وإذا فقد الحكمة جعل من الزوجة الصالحة زوجةً سيئةً .
وأنا مؤمن أيها الأخوة أن بين الزوجين شيئاً لا ندري ما هو ، يخرج عن إرادتنا وهو بيد الله عز وجل فإذا أقام الزوج شرع الله في البيت تولى الله التوفيق بينه وبين زوجته ، وإذا أقامت شرع الله في بيتها تولى الله التوفيق بينها وبين زوجها ، وإذا خالف أحدهما أمر ربه دفعا ثمن هذه المخالفة خصومة وشقاء زوجي في البيت ، قال: هذه صدقة على نية الحفظ ، لأنه أحياناً الطفل يحتاج إلى خمس أو ست عمليات وهو عمره ثلاثة أشهر ، يقول لك : العملية الأولى بالشهر الثامن ، والثانية بالسنة والنصف وعمليات باهظة ، أحياناً يوجد تشوه خلقي ، أحياناً إبريق من الشاي ينسكب على وجه ابنتك فإذا هي مشوهة ، كلما وقعت عين الأب على ابنته شعر أن خنجراً مزق قلبه أليس كذلك ؟ هذه الصدقة من أجل الحفظ ، النبي صلى الله عليه وسلم أمر السيدة فاطمة ابنته ، فقال : زني شعر الحسين وتصدقي بوزنه فضةً ، وقال لها أيضاً لما ولدت الحسن : احلقي شعر رأسه وتصدقي بوزنه من الورق ، أي الفضة . وقس بالفضة الذهب ، القصد أن يتصدق عن هذا الغلام بنية حفظه وأن يكون معمراً وباراً ، وشاباً صالحاً مستقيماً .
5 ـ تأخير الختان :
قال : يكره الختان في يوم الولادة ، كما أنه يكره في اليوم السابع ، لأن هذا من فعل اليهود ، والختان سنة مؤكدة عند المالكية والحنفية للذكور ، أما الشافعية فقالوا الختان فرض على الذكور ، الإمام أحمد قال : الختان واجب ، بين الفرض والواجب والسنة المؤكدة يستحب أن يؤخر الختان إلى حين استقرار البيت أي إلى عشرة أيام أو أكثر .
6 ـ من حق الابن على أبيه أن يحسن اسمه :
الآن يسن أن يحسن الوالد اسم المولود ، الآن عجيب ترى الأسر تبحث عن أسماء غريبة ليس لها معنى ، كأنها أسماء مستوردة ، من هوي الكفرة حشر معهم ولا ينفعه عمله شيء، الأسماء الغريبة النادرة لا تعني شيئاً ، نحن عندنا أسماء صحابيات متعلقة بمراتب الإيمان ، يوجد أسماء جميلة جداً ، ممكن أن يكون الاسم اسماً دينياً ، أو اسماً تاريخياً ، أو اسماً جمالياً ، أما هذه الأسماء المستوردة و الغريبة فلا تعني شيئاً ، أي كأن أخوانا الكرام يبتغون الغرابة في تسمية أبنائهم وبناتهم ، على كلٍّ من حق الابن على أبيه أن يحسن اسمه ، فقد قال صلى الله عليه وسلم:
(( إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ فَحَسِّنُوا أَسْمَاءَكُمْ ))
أفضل الأسماء عبد الله وعبد الرحمن بخبر مسلم :
((عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجُشَمِيِّ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الأنْبِيَاءِ وَأَحَبُّ الأسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَأَصْدَقُهَا حَارِثٌ وَهَمَّامٌ وَأَقْبَحُهَا حَرْبٌ وَمُرَّةُ ))
وقد قال عليه الصلاة والسلام:
((عَنْ أَنَسٍ قَالَ: نَادَى رَجُلٌ رَجُلاً بِالْبَقِيعِ يَا أَبَا الْقَاسِمِ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَمْ أَعْنِكَ إِنَّمَا دَعَوْتُ فُلانًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي ))
أي اسم محمد مع الاسم هذا من السنة ، قال الإمام مالك سمعت أهل المدينة يقولون : ما من أهل بيت فيه اسم محمد إلا رزقوا رزقاً خيراً ، أما التكني بأبي القاسم فحرام .
تكره الأسماء القبيحة ، شيطان ، ظالم ، شهاب ، حمار ، كليب ، يوجد أسماء غريبة جداً ، وقد سنّ النبي عليه الصلاة والسلام أن تغير الأسماء القبيحة ، رجل سمى ابنه أو ابنته اسماً قبل أن يعرف الله عز وجل من حقه أن يغير هذا الاسم بعد أن عرف الله عز وجل ، فالنبي عليه الصلاة والسلام التقى بجاريةٍ صغيرة فيما رواه الإمام مسلم:
(( عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيَّرَ اسْمَ عَاصِيَةَ وَقَالَ: أَنْتِ جَمِيلَةٌ ))
وفي الصحيحين:
(( غير اسم مرة إلى زينب ))
قال : ويجوز التسمية بأكثر من اسم واحد والاختصار على اسم واحد أولى لفعله صلى الله عليه وسلم بأولاده ، يكره كراهةً شديدة أن تسمي ابنك بأسماء علماء أعلام ، فإذا أردت أن تسبه ، وإذا أزعجك ، أو أحمقك ، أو غضبت ربما دفعت باسمه مع اللعنة ، أو مع التوبيخ وهذا لا يجوز ، أما كلمة ملك الأملاك ليس هذا إلا لله عز وجل ، أما أن تقول بعبد النبي فهذا يتناقض مع التوحيد ، عبد الكعبة ، هذا لا يجوز ، طبعاً عبد العزى هذا اسم جاهلي لا يجوز ، حتى أن بعض المفسرين قالوا : الله عز وجل حينما عدل عن اسم أبي لهب إلى كنيته لأنه اسمه عبد العزى فقال تعالى :
﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ*مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ*سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍٍ﴾
تحريم تلقيب الشخص بما يكره :
يحرم تحريماً قطعياً تلقيب الشخص بما يكره ، وإن كان فيه ، كالأعور والأعمش لكن يجوز أحياناً ذكر هذا اللقب كي تعرفه ، الجاحظ لقب لكن لجحوظ عينيه ، فإذا أردت أن تعرف به من دون أن تسيء إليه قال : هذا جائز ، وينبغي أن تلقب أخوانك بالألقاب الحسنة كما فعل أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ، فعمر الفاروق ، وحمزة أسد الله ، وخالد سيف الله ، ويحرم أن تسمي ابنك بما لا يليق إلا بالله كالقدوس ، والبر ، والخالق ، والرحمن لأن هذه المعاني لا تليق إلا بالله جل جلاله .
أنا أرجو الله سبحانه وتعالى إذا أردتم أن تسموا أبناءكم أن تدرسوا الأمر ملياً ، هناك كتب في الأسواق فيها خمسة آلاف اسم اقرأ هذه الأسماء واختر منها لأن هذا الاسم سوف تنادي به ابنك عشرات ألوف المرات في السنة الواحدة .
أحكام العقيقة :
أما أحكام العقيقة ، فالعقيقة عند الأحناف مباحة وليست مستحبة ، أما عند باقي المذاهب فالعقيقة مسنونة في المذاهب الثلاثة ، العقيقة سنة وعند الأحناف مباحة ، العقيقة في التعريف الفقهي هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه ، في اليوم السابع من ولادته والأصل في معناها اللغوي أنه الشعر الذي على المولود ، ثم أسمت العرب الذبيحة عند حلق الشعر عقيقة على عادتهم في تسمية الشيء باسم سببه .
أصل هذا الحكم الشرعي أن النبي صلى الله عليه وسلم:
(( عَقَّ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَبْشًا كَبْشًا ))
أي ذبح شاة أو غنمة في اليوم السابع من ولادة المولود ، وقد قال عليه الصلاة والسلام:
(( مَعَ الْغُلامِ عَقِيقَةٌ فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأذَى ))
وفي حديث آخر:
(( كُلُّ غُلامٍ رَهِينٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُسَمَّى ))
الشافعية قالوا : تسن العقيقة لمن تلزمه نفقته ، أي إذا ابن ينفق عليه جده فعليه العقيقة ، ينفق عليه عمه ، ينفق عليه أخوه ، تسن لمن تلزمه نفقته ، العقيقة هي مثل الأضحية من الأنعام ، الإبل ، والبقر ، والغنم ، وقيل : لا يعق لا بالغنم ، الغنم فقط ، عند المالكية شاة عن الذكر ، أو الأنثى ، لحديث ابن عباس رضي الله عنه:
((أنه صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن شاةً وعن الحسين شاةً ))
وهو المعقول والأيسر ، عند الشافعية والحنابلة ، عن الغلام شاتان وللذكر مثل حظ الأنثيين ، وعن الأنثى شاة واحدة لخبر عائشة رضي الله عنها:
((عن عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ عَنِ الْغُلامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ ))
وقت العقيقة ، تذبح في اليوم السابع لميلاده ، ويقول الذابح : "اللهم منك وإليك عقيقة فلان " أي هذه الغنمة أو تلك الشاة عن هذا المولود فلان ، طبعاً في اليوم السابع سماه وذبح له هذه العقيقة ، أولاً هذه العقيقة يأكل منها ، يأكل منها أهل البيت ، والضيوف ولاسيما الذي ولدت وقد فقدت من دمها الشيء الكثير ، أي حكمة بالغة وسنة نبوية شريفة أن هذه المرأة التي ولدت في أمس الحاجة إلى طعام دسم يرمم ما فقدت من دماء أثناء الولادة ، ويوجد ضيوف، وهذا المولود جاء مع صدقته .
الآن ألاحظ بعض السيارات عليها كف من دم ، ما هذا الكف من الدم ؟ فوجئت أنها عادة جاهلية ، قال : يكره لطخ رأس المولود بدم العقيقة ، يوجد إنسان يضع على مركبته حذاء طفل صغير أو حدوة فرس أو يلطخها بالدم ، أنا قناعتي الإنسان إذا استقام على أمر الله استقامته وحدها تشفع له بحفظه وتوفيقه ، أما التلطيخة بالدم ، أو وضع حذاء طفل صغير أو حدوة فرس ، أو عين داخلها سهم الحسود لا يسود ، وقد تكون موديل السيارة قديماً جداً.
ويكره لطخ رأس المولود بدم العقيقة خلافاً لما كان عليه الجاهليون من تلطيخ رأسه بدمها .
قالت السيدة عائشة : كانوا في الجاهلية يجعلون قطنةً في دم العقيقة ويجعلونها في رأس المولود فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعلوا مكان النبي خلوقاً .
إذا عطرته ونظفته هذا من السنة ، أما أن تلطخه بدم العقيقة فهذا ليس له معنى، سبحان الله الشرع كله حكم ، أما حينما الإنسان يقلد عادات جاهلية فيهبط مستواه الفكري والنفسي ، قال : العقيقة كالأضحية يؤكل من لحمها ويتصدق منه ولا يباع شيء منه ، ويسن طبخها وأن يأكل منها أهل البيت وغيرهم ، وكره عند المالكية أن تكون وليمةً عامةً يدعى إليها الناس ، القصد من العقيقة أن يأكل أهل البيت ، والمرأة التي ولدت أن ترمم جسمها .
يوجد بعض الأحكام التفصيلية أنه لا يجوز كسر عظمها ، أي تيمناً بسلامة أعضاء المولود ، لكن هذا حكم فرعي جداً وغير ملزم ، عند المالكية يجوز كسر عظمها ، مرة سألني هذا السؤال أخ كريم قلت له : هذا الحكم الشرعي ترتيبه في الإسلام رقم مليون ، إذا طبقت المليون ممكن أن نفكر به ، أحياناً الإنسان يجب أن يطبق الأولويات وكلما طبق الأولويات له حق أن يصل إلى الجزئيات والفروع . قال: يستحب أن تعطى القابلة شيئاً من هذه العقيقة ، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال في العقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن والحسين أن يبعثوا للقابلة برجل وكلوا وأطعموا ولا تكسروا منها عظماً .
ملخص الموضوع أن العقيقة تتراوح بين السنة والإباحة ، وأرجح الأقوال عن المولود كان ذكراً أو أنثى شاةً أو غنمةً تذبح في اليوم السابع ، يأكل منها أهل البيت ، ويطعمون المرأة التي فقدت شيئاً كثيراً من صحتها بهذه الولادة ، ويطعم الضيوف منها ، وأن تكون هذه العقيقة سبباً لحفظ هذا الغلام وتوفيقه وأن يكون براً بأمه وأبيه .
من لوازم معرفة الله البحث عن أمره و نهيه :
النقطة الدقيقة هنا أن المؤمن لا يحتاج إلى هذه الأحكام إلا بعد أن يشعر أنه بحاجةٍ إلى طاعة الله عز وجل ، أي إذا عرفت الله من لوازم المعرفة أن تندفع اندفاعاً شديداً إلى البحث عن أمره ونهيه ، فالأحكام الشرعية التفصيلية كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام حينما جاء القرآن المكي كانت الآيات كلها تلفت النظر إلى الآيات الكونية الدالة على وجود الله وعلى عظمته ، بعد أن استقر الإيمان في النفس بدأت الآيات التشريعية تنزل على النبي عليه الصلاة والسلام ، معنى هذا أنه يوجد ترتيب ؛ الإيمان بالله أولاً ، وبعدها طاعة الله والبحث عن أمره ونهيه ثانياً ، الحقيقة لو أعطيت أمر الله عز وجل لإنسان بعيد عن جوهر الدين لا يبالي بها لأن قيمة الأمر من قيمة الآمر ، ولأن شرف الأمر من شرف الآمر ، ولأن الإنسان إذا عرف الله عز وجل اندفع إلى طاعته ، لذلك تجد المؤمن الصادق هو يسألك ويمطرك بوابل من الأسئلة لماذا ؟ لأنه يريد تطبيق أمر الله عز وجل ، بينما الإنسان إذا لم يعرف الله عز وجل هذه الأبحاث الفقهية لا تقدم عنده ولا تؤخر ، لأنها لا تجد في نفسه الرغبة الصادقة في تطبيق هذه الأحكام .
على الإنسان إعمال عقله بالإيمان بالله و رسوله :
النقطة الدقيقة الآن أحياناً العقل البشري مثلاً : موضوع الإقراض وقد تحدثنا عنه من قبل ، تقرض إنسان مئة ألف لسنة يخسرون بالمئة سبعة عشر التضخم النقدي ، فعندما نريد أن نحكم عقلنا بأوامر الشرع نحن نتهم الشرع بأنه غير منطقي ، النبي عليه الصلاة والسلام أخبرنا أن الذي يقرض الناس لتلبية حاجاتهم نصف القرض يسجل له صدقةً عند الله عز وجل ، إذا كان التضخم سبعة عشر بالمئة الشرع حسب لك خمسين بالمئة ، فنحن الأصل أن الإنسان كل أمر إذا أراد أن يبحث عن علته وحكمته ، وإن لم يجد الحكمة لا يطبق هذه مشكلة كبيرة جداً، أنت اعرف الله أولاً وتأكد من صحة الأمر ثانياً بعدئذٍ طبقه وانتظر ، يوجد نقطة مهمة جداً أن الاستفادة من الشيء ليست أحد فروع العلم به ، أي ممكن أن تقتني آلة كهربائية معقدة جداً لا تفقه أبداً كيف تعمل و تقطف كل ثمارها ممكن ، إنسان يشتري مكيفاً وكلما شعر أن الحر ازداد ضغط هذا الزر فجعل الجو بارداً لطيفاً وهو لا يفقه إطلاقاً كيف يعمل هذا المكيف ، ممكن أن تركب أحدث سيارة ولا تفقه من أمر صنعها شيئاً إلا أنك تقودها ، وهذه قاعدة مهمة ، الانتفاع بالشيء ليس أحد فروع العلم به ، المؤمن يحتاج إلى استسلام لله عز وجل ، أمرك أن تدعو هذا الدعاء ، أمرك أن تقرض ، يا أخي كيف أقرض ؟ تضخم نقدي ، الله عز وجل قادر أن يسلبك كل أموالك ، وقادر أن يضاعفها أضعافاً مضاعفة في وسائل لا تعرفها أنت ، أمرك أن تقرض وامتحنك بهذا الأمر ، أنا أردت من هذا التعقيب على هذا الدرس أن كل قضية يجب أن أفهم مدلولها ، وحكمتها ، وتعليلها ، وعقلانيتها ، وإذا ما قنعت ، يا أخي ليس معقول هذا الكلام ، هذا الإنسان ليس عبداً لله عز وجل ، هذا عبد لعقله ، أما إذا كنت عبداً لله وعرفت الله من خلال الكون ، عرفت وجوده و وحدانيته وكماله ، وعرفت من خلال عقلك بالدليل القطعي أن هذا الكلام كلامه ، وأن الذي جاء بهذا القرآن نبيه ، وأن هذه الأحاديث الصحيحة التي رويت عنه هي من عند النبي الذي لا ينطق عن الهوى إذا عرفت كل ذلك ثم جاءك أمر إما عن طريق النبي عليه الصلاة والسلام أو عن طريق الوحي في القرآن الكريم فأنت عليك أن تطبق ، قال تعالى:
﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾
يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما أتيتك وكن من الشاكرين، أي أنا أحب أن أوضح لكم أن هذه الشخصية العقلانية المغرقة في العقلانية التي لا تقبل أمراً إلا بعد أن تسلط عليه عقلها ، فإذا اكتشفت فيه شيئاً غير مقبول رفضته هذه الشخصية ليست شخصية تتمتع بالعبودية لله عز جل ، عقلك ينبغي أن تعمله بالإيمان بالله عز وجل من خلال هذا الكون العظيم ، وفي الإيمان بكتاب الله ، والإيمان برسول الله ، هذا كله عن طريق العقل فإذا آمنت بالله وبكتابه وبنبيه ، انتهى دور العقل وجاء دور النقل ، يأتي الأمر إذا كان معللاً شيئاً جميلاً جداً ، قال تعالى:
﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾
هذا الأمر معلل ، قال تعالى:
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ﴾
﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ (45) ﴾
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾
وإذا كان أمر غير معلل ينبغي أن أسارع إلى تطبيقه ، فإذا طبقته عبوديةً لله عز وجل أكرمني الله بكشف حكمته بعد تطبيقه ، فالحكمة قد تأتيك من الله عز وجل بعد التطبيق لذلك قالوا : من علم بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم .
علامة الإيمان بالله المسارعة إلى تطبيق أمره :
بعضهم قال : علة كل أمر أنه أمر الله عز وجل ، والآية الكريمة:
﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾
من علامة إيمانك ، من أبسط علامات الإيمان أنك إذا اطلعت على أمر الله عز وجل في الكتاب أو في السنة يلغى اختيارك كلياً ، أعجبني ما أعجبني ، منطقي غير منطقي، واقعي ، معقول ، يطبق لا يطبق ، قال تعالى:
﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾
فأنت علامة إيمانك بالله الصحيح أنك تسارع إلى تطبيق أمره وربما كشف لك حقيقة الأمر بعد التطبيق مكافأةً لك على عبوديتك لله عز وجل ، نحن نفكر في الأمر وفي حكمته ولكن من دون أن نجعل التطبيق متوقفاً على معرفة الحكمة ، النبي عليه الصلاة والسلام سنّ لنا العقيقة أن تذبح شاةً أو غنمةً للمولود من أجل أن تكون هذه العقيقة سبباً لحفظ هذا المولود وللبركة فيه ، وأن يكون باراً بوالديه ، والعقيقة كما قلت كالأضحية تماماً يأكل منها ويتصدق على الفقراء منها.