كل شيءٍ في الدنيا زائل إلا عملاً يتصل بالآخرة ولقد سميت هذه السورة بسورة البقرة تأكيداً على الإيمان باليوم الآخر و لم ينجح مجتمع على وجه الأرض إلا مجتمعاً آمن بالله واليوم الآخر و أكثر ركنين متلازمين من أركان الإيمان هما الإيمان بالله واليوم الآخر ، الآيات المكية تُعرفنا بالآمر بينما الآيات المدنية تُعرفنا بالأمر الإلهي .
الجهاد الكبير هو نشر كتاب الله و تبيانه و شرحه و حَمْل الناس على تطبيقه ، فالقرآن الكريم هو المُهَيمن على كل الكتب السماوية الأخرى وهو جامعٌ لكل أحكام السماء من بدايات الرسالات حتى يَرثَ الله الأرض ومن عليها ولقد تولى الله عز وجل بذاته حفظ القرآن الكريم يعني القرآن كلام الله وحبله المتين ومنهجه للعالمين .
خالق الإنسان وحده هو الذي يرسُم للإنسان هدفاً لأن الإنسان ليس أهلاً لذلك فلا بدَّ من أن تستهدي الله بالهدف الذي تسعى إليه وبالطريق الموصل إلى هذا الهدف فالهدى مبذول لكل الناس ولقد ألزم الله سبحانه وتعالى نفسه بهداية البشر لذلك البشرية قسمان ؛ إنسان استهدى الله فهداه، وإنسان شرد عن الله ، ثَمَن الجنة ضبط الشهوة والشقاء أن تغلبك شهوتك .
المدرِكات الحسية تجعل الإنسان مع عالم الشهود وجهاً لوجه لأن أساسه الحواس الخمس
فالغيب الشهودي غيبٌ له آثار ووسيلة إدراكه العقل كل ما في الكون ينطق بوجود الله و بوحدانيته و من رحمة الله بالإنسان أنه ترك له علامات لكل شيء الدين كلّه يقوم على الإيمان بالله و إقامة الصلاة و الإنفاق .
الإيمان والكفر نموذجان متقابلان، متعاكسان، متناقضان ، فالمؤمن إنسان مبادئ وقيم بينما الكافر إنسان مصالح وشهوات ومن لوازم الإيمان الشكر ومن لوازم الكفر الجحود ، كلمة كفر تعني أن هناك إيماناً بالفطرة وهناك جحود باللسان ، قسوة القلب علامة البُعد ورقَّة القلب علامة الرحمة لذلك تبدأ أمراض القلب بعد الموت ويتعذَّب صاحبها بها إلى أبد الآبدين .
النفاق أخطر شيءٍ في حياة المؤمنين فمن رُقِيّ النفس أن يتهمها صاحبها دائماً بالنفاق، فالصدق منجاة من عذاب الله تعالى و الكذب أكبر صفة تُهلك الإنسان الخطر الكبير الذي يهدد المسلمين هو من أدعياء الدين لا من أعداء الدين لذلك مهمة المنافق دائماً إفساد النفوس والبيئة، والمؤمن مُبارك يجمع ولا يُفَرِّق ، يُصلح ولا يُفسد .
المنافق يَجْهَدُ في الإفساد بأوسع معاني هذه الكلمة وأعظم أنواع الفساد أن تُفْسِد العقيدة لذلك صفة المؤمن الأساسية الإصلاح وصفة المنافق الأساسية الفساد و أروع ما في المؤمن عدم التناقض الذي نجده عند المنافق فكل إنسان يعصي الله مدموغٌ بالجهل والكفر لذلك الخاسر الحقيقي هو الذي خسر الآخرة ، يعني تجارة المؤمن رابحة أما تجارة الكافر فخاسرة .
المنافقون ليس لهم في الآخرة رصيد كل رصيدهم في الدنيا و المنافق إنسان بلا هدف أُخروي وبلا مستقبل ، يأتي الموت في وقت غير مناسب أبداً وغير متوقَّع وهذا من حكمة الله عزَّ وجل ضعاف النفوس يريدون من الإسلام مكاسبه لا متاعبه و المنافق يميل مع مصالحه أما المؤمن لا يبدل ولا يغير .
المنافق هو من أَظْهَر الإيمان وأبطن الكفر وهو الأخطر على الإسلام ، خُلِق الإنسان للجنة ولكن هذه الجنة لا بدَّ لها من ثمن ، الآيات الكونية في القرآن منهج للتفكُّر و معرفة الله تعالى توصلنا إلى طاعته ، على المؤمن أن يعتزل من يعبد غير الله فالعبادة ثمن الجنة وهي الهدف من هذه الحياة .
الخالق عز وجل هو وحده يستحق العبادة يغفر ما يشاء إلا الشرك به لذلك لا يليق بالإنسان أن يعبد غير الله وإلا فإنه يحتقر نفسه فالعبادة غاية الخضوع و اليوم كلمة المسلمين ليست هي العليا لأنهم اعتزّوا بغير الله ، الله تعالى جعل الأرض فراشاً فيها استقرارك واستمرار حياتك و كل شيءٍ في الأرض خلقه الله تكريماً للإنسان .
السماء بناء لأن هناك نظاماً للجاذبية بين الكواكب فهذا الكون مبنيٌ بناءً رائعاً أساسه التوازن الحركي ، الله جلَّ جلاله يمسك السماء أن تقع على الأرض فالكون من آيات الله الدالة على عظمته و كل ما فيه مسخر للإنسان من أجل أن يعرف الله وأن يسعد بقربه و الذي ينبغي أن يُحَب هو الله وحده لأنه أصل الكمال .
الكون خَلْقُ الله والقرآن كلامه و أهم شيءٍ بعد خلق الكون هذا المَنهج الذي أنزل على الرسول الكريم و المُعجزات شهادة الله للناس جميعاً أن هؤلاء الرُسُل هم رسله لذلك قضية القرآن الكريم قضيةٌ مصيرية فهو منهج الله سبحانه و كلَّما تقدَّم العلِم تطابق مع القرآن يعني يهجر القرآن حينما تُهْجَر أحكامه وحينما يبقى تراتيل .