وضع داكن
21-11-2024
Logo
الصيام - الدرس : 09 - أحكام الصيام2 - ما لا يفسد الصوم.
  • الفقه الإسلامي / ٠5العبادات الشعائرية
  • /
  • ٠2الصيام
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً ، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه ، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

المفلس يوم القيامة :

 أيها الأخوة المؤمنون : في الحديث النبوي الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه:

(( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ ، فَقَالَ : إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ))

[مسلم عن أبي هريرة]

هذا حديث خطير ، المفلس من صلى وصام وزكى وهو مفلس ، شتم هذا ، قذف هذا ، أكل مال هذا ، سفك دم هذا ، ضرب هذا ، ماذا يملك هذا المفلس ؟ يملك هذه الأعمال، يعطى هذا من حسناته وليس معه أموال ، رأس ماله بعض الحسنات ، له سيئات وحسنات ، كيف يقضى بالسيئات؟ يعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار .
 لما النبي عليه الصلاة والسلام سأل أصحابه أتدرون من المفلس ؟ معنى أتدرون من الدراية والدراية العلم ببواطن الأمور ، فلان من أولي الدراية ، أتدرون أي أتعلمون من هو المفلس حقيقةً ؟ هذا يؤكد قول سيدنا علي كرم الله وجهه : " الغنى والفقر بعد العرض على الله "
 هم حينما سئلوا هذا السؤال أجابوا إجابةٍ من خلال خبراتهم ، المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع ، المتاع كل شيء تنتفع به في الدنيا ، فالدابة متاع ، والبيت متاع ، والسرير متاع ، والثياب متاع ، الحاجات إما عندك الحاجات أو عندك قيم الحاجات ، الحاجات هي المفروشات ، الألبسة ، البيوت، الطعام ، الشراب ، المؤونة ، أو قيم الحاجات التي هي المال ، هذا المفلس بنظر أصحاب رسول الله ليس عنده لا درهم ولا متاع ، فقال عليه الصلاة والسلام : لا ، لأن هذا المفلس ربما اغتنى في لحظة من اللحظات ، ربما أصاب مالاً فاشترى بيتاً ، واشترى مركبةً ، واشترى بستاناً .

((... قَالَ : إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصِيَامٍ وَصَلاةٍ وَزَكَاةٍ ))

[مسلم عن أبي هريرة]

 هو من المسلمين جاء بصلاة وصيام وزكاة ، هذا يؤكد أن النبي عليه الصلاة والسلام حينما قال :

(( بُنِيَ الإسْلامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِة الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ ))

[البخاري وابن خزيمة عن عبد الله بن عمر ]

 بني على خمس دعائم ، والدعائم بالتأكيد ليست هي الإسلام وإن كان الإسلام قد بني عليها ، الدعائم ليست هي الإسلام ، فهذا جاء بصلاة وصيام وزكاة لكنه لم يستقم على أمر الله ، وهذا يؤكد قول سيدنا عمر : من شاء صام ومن شاء صلى لكنها الاستقامة ، لأن الصلاة والصوم والحج والزكاة هذه عبادات قد يفعلها الإنسان وفي نفسه إخلاص لها ، وقد يفعلها نفاقاً ، لكن مركز الثقل هو أن ينضبط على أمر الله يأتي وقت :

(( وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا))

 أي اتهم امرأةً بأنها زانية وهي ليست كذلك ، وقد مرّ بنا أن : " قذف محصنةٍ يهدم عمل مئة سنة ، وَأَكَلَ مَالَ أي بطريقة من الطرق ، إذا أوهمته أن البضاعة من نوع معين ورفعت السعر ، الفرق هو فرق حرام ، هو دفع على أساس البضاعة أجنبية وهي ليست كذلك ، إذا أوهمته بالكمية أكبر ، بالنوعية أكبر ، بالمصدر ، الصنع من نوع معين ، إذا أوهمته أن هذه البضاعة لن تحصل عليها بعد اليوم ، وهذه فرصة العمر هذا أيضاً إيهام ، أي إيهام خلاف الواقع فهو نوع من الغش ، أو نوع من التغرير ، أو نوع من الغبن .

(( وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا ))

 طبعاً قتل ، وضرب ، وأكل المال ، وتحدث عن النساء ، وشتم ، يوم القيامة يعطى هذا من حسناته ، طبعاً هذا يبدو الذي يعنيه النبي عليه الصلاة والسلام خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً ، مادام هناك خلط أي معه حسنات ومعه سيئات ، كيف تحل هذه السيئات يوم القيامة ؟ أصحاب الحقوق عليه يأخذون من حسناته حتى يستوفوا حقوقهم ، لو أن حقوقهم لم تستوفَ بعد ماذا نفعل ؟ يطرح عليه من سيئاتهم ، عندئذٍ تذهب حسناته ويضاف إلى سيئاته سيئات ، عندئذٍ يطرح في النار رواه مسلم .

تحريم الظلم :

 هذا الحديث ذكرني بحديث آخر يؤكده وهو قول النبي عليه الصلاة والسلام :

(( بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم جالس إذا رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه ، فقيل له مم تضحك يا رسول الله؟ قال : رجلان من أمتي جثيا بين يدي ربي عز وجل فقال أحدهما يا رب خذ لي مظلمتي من أخي ، فقال الله عز وجل أعط أخاك مظلمته ، فقال يا ربي إنه لم يبقَ من حسناتي شيء))

 معنى هذا أن المظلمة أن تأخذ من حسنات خصمك.

(( فقال يا ربي إنه لم يبقَ من حسناتي شيء ، فقال صاحبه يا رب فليحمل من أوزاري ، ففاضت عينا رسول الله بالدموع ثم قال : إن ذلك اليوم ليوم عظيم ، يوم يحتاج الناس فيه إلى أن يحمل عنهم من أوزارهم ، ثم قال الله تعالى للطالب حقه ارفع بصرك فانظر إلى الجنان فيرفع رأسه فيرى ما أعجبه من الخير والنعمة فقال : لمن هذا يا رب؟ فقال الله عز وجل : لمن أعطى ثمنه ، فقال : يارب ومن يملك ذلك؟ قال الله عز وجل : أنت، فقال : بماذا؟ قال : بعفوك عن أخيك ، فقال : أشهدك يا رب أني قد عفوت عنه ، فقال الله عز وجل خذ بيد أخيك ثم أدخله الجنة ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فإن الله يصلح بين عباده يوم القيامة ))

[المستدرك عن أنس]

هذا كلام واضح كالشمس وكلام خطير ، أي من شتم وقذف وأكل مال الناس وسفك دماءهم وضربهم لا تنفعه صلاته ولا صيامه ولا حجه ولا صدقته ولا زكاته ، إنما يطرح في النار ، لأن هذه الحسنات أخذها أصحاب الحقوق وطرحوا عليه فوق سيئاته سيئات فانتهى به الأمر إلى الهلاك ، هذا الحديث في باب تحريم الظلم والأمر برد المظالم حديث ورد في رياض الصالحين في باب تحريم الظلم والأمر برد المظالم.
 لذلك سيدنا رسول الله الله صلي عليه حينما ربى أصحابه الكرام رباهم على الاستقامة قبل كل شيء، وحينما سأل النجاشي سيدنا جعفر بن أبي طالب عن الإسلام فقال : " أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية ، نأكل الميتة ، ونعبد الأصنام ، ونأتي الفواحش ، ونسيء الجوار ، ونقطع الرحم ، حتى بعث الله فينا رجلاً نعرف أمانته وصدقه ونسبه وعفافه ، فدعانا إلى الله لنعبده ونوحده ونخلع ما كان يعبد آباؤنا من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، والكف عن المحارم والدماء ، أي الإسلام كما بينه سيدنا جعفر هو انضباط ، وإحسان ، وأخلاق عالية.

* * *

ما لا يفسد الصوم :

1 ـ المضمضة و الاستنشاق :

 والآن إلى بعض الأحكام الفقهية المتعلقة برمضان ، تحدثنا في الدرس الماضي عن مفسدات الصوم التي توجب القضاء فقط ، وعن مفسدات الصوم التي توجب القضاء والكفارة ، واليوم الحديث عما لا يفسد الصوم : أولاً المضمضة والاستنشاق ولو فعلها بغير وضوء ، إلا أنه لا يبالغ فيها خشية دخول شيء إلى جوفه ، بالغ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائماً كما قال عليه الصلاة والسلام ، فإذا دخل شيء إلى حلقه أفطر وعليه القضاء كما تقدم .

2 ـ الاغتسال و السباحة :

 الاغتسال والسباحة أو التلفف بثوب بارد بقصد التبرد لدفع الحر ، هذا لا يفسد الصوم ، إذا دخل الماء إلى الأذن في أثناء السباحة فإن الصوم لا يفسد ، أما إذا أدخل الإنسان الماء إلى أذنه عمداً فإن الصوم يفسد .

3 ـ الأكل أو الشرب ناسياً :

 إذا أكل الصائم أو شرب أو قارب زوجته ناسياً لصومه فإن صيامه صحيح ولا يفسد ، ويستوي في ذلك صوم الفرض والواجب و النفل ، أي أن تنسى وتأكل ناسياً هذا لا يفسد صيامك لا فرضاً ولا واجباً ولا نفلاً ، لقول النبي عليه الصلاة والسلام :

(( من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة ))

[ مسلم عن أبي هريرة]

 هذا حكم من انتهى من الطعام بعد أن انتهى تذكر أنه صائم ، لكن من تذكر وهو يأكل عليه أن يقلع فوراً عن الأكل والشرب ، فإذا تابع لقمةً واحدة أفطر ووجب عليه أن يؤدي ما عليه من قضاءٍ أو من كفارة ، لكن الحكم إذا رأيت شيخاً هرماً يأكل في رمضان ناسياً السنة أن تتركه حتى يشبع ، عندئذٍ تقول له : أنت صائم ، لكنك إذا رأيت إنساناً قوياً على الصوم رأيته يأكل ناسياً لا مانع من أن تذكره فوراً.
 إذا أكلت ناسياً لا شيء عليك ، إذا تذكرت في أثناء الأكل يجب أن تقلع فوراً ، إذا رأيت من يأكل أثناء الصيام إن كان شيخاً هرماً أو مريضاً دعه حتى يتم طعامه فإن كان شاباً ذكره فوراً.

 

4 ـ السواك :

 السواك لا يفسد الصوم بل هو سنة في الصوم ولا فرق بين أن يكون جافاً أو مبلولاً بالماء .

5 ـ القطرة في العين أو الاكتحال :

 القطرة في العين والاكتحال في العينين ولو وجد الصائم طعم القطرة أو الكحل في حلقه ، القطرة أو الكحل لا يفسدان الصوم .

6 ـ الدخان أو الغبار :

 إذا دخل حلقه دخان ، أو غبار ، أو غبار دقيق ، أو غبار بهارات ، أو غبار أشياء غذائية إذا دخل عفواً فلا شيء عليه ، فإذا دخل قصداً فهناك مشكلة إذا أدخله قصداً فقد أفطر ، أما يعمل في فرن أو يعمل في مطحنة لبيع المواد الغذائية هذه المواد لها غبار قد تدخل الفم فلا شيء عليه.

7 ـ خلع الضرس ما لم يبتلع دماً :

 خلع الضرس لا يضر ما لم يبتلع شيئاً من الدم ، لو فرضنا خلع الضرس وصار هناك دم في الفم وابتلع الدم فهذا عليه القضاء ، أما يفضل أن يتحاشى قلع الضرس في رمضان لأنه لابد من أن يبتلع بعض ما ينزف من الدماء من أثر قلع الضرس ، الأولى بعد الإفطار .

8 ـ الاحتجام :

 من احتجم في رمضان فلا شيء عليه .
 من نوى الفطر ولم يأكل يبقى صائماً ولا شيء عليه ، نوى الفطر لعذر ثم لم يأكل شيئاً فهو صائم.

10 ـ شم رائحة ورد أو عطر :

 إذا شمّ ورداً أو زهراً أو طيباً أو شم رائحة الفواكه لا شيء عليه .

11 ـ الحقن في العضل :

الحقن في العضل أي الإبرة في العضل ، أو تحت الجلد ، أو في الأوردة ، إن كان بالإمكان تأخير حقن الأوردة إلى المساء فهو أفضل ، لكن الحقنة تحت الجلد ، أو في العضل ، أو في الوريد ، لا تفطر الصائم على المذهب الحنفي ، لكن يوجد إبر مغذية هذه اختلف فيها العلماء ، إذا كانت إبراً مغذية أو إبراً في الأوردة مباشرةً هذا موضع خلاف بين العلماء ، والأحوط ألا تأخذ هذه الحقن في الأوردة ، وألا تأخذ الحقن المغذية . 

12 ـ من طلع عليه الفجر وهو جنبٌ :

 من طلع عليه الفجر وهو جنبٌ لا شيء عليه وصيامه صحيح ، أو نام في النهار فاحتلم صيامه صحيح ، لأن الجنابة لا تؤثر في صحة الصوم . 

13 ـ ابتلاع البلغم :

 ابتلاع البلغم أي القشع الذي يتجمع في الحنجرة ، لو أن الإنسان ابتلعه خطأ وإذا أخرجه أفضل وموقف صحي ، فإذا فرضنا موقفاً صعباً أو نسي ، ابتلاع البلغم لا يفطر الصائم لكن رميه أولى .

14 ـ القيء عفواً من دون عمدٍ :

 القيء عفواً من دون عمدٍ لا يفطر الصائم .

15 ـ ابتلاع ما بين الأسنان بشرط أن يكون قليلاً جداً :

 إذا ابتلع ما بين أسنانه من آثار السحور أو العشاء وكان أقل من الحمصة فإنه لا يفطر ، إذا مضغ قدر سمسمة ولم يشعر بطعمها في فمه فهو لم يفطر .

مكروهات الصيام :

1 ـ ذوق شيء لم ينحل منه ما يصل إلى جوفه :

 الآن يكره للصائم فعل ما يلي : ذوق شيء لم ينحل منه ما يصل إلى جوفه سواء أكان الصوم فرضاً أو نفلاً لما فيه من تعريض الصوم للفساد ، رجل ذاق طعاماً وهذا يكره للصائم فعله إلا أن يكون الصائم طباخاً في مطعم ، وسوف يبنى على طبخه مسؤولية ، أو زوجة لها زوج أخلاقه شرسة ، فإذا الطعام فيه مشكلة يسبب لها المتاعب ، أباح لها الشرع أن تذوق الطعام من دون أن تبتلعه.

2 ـ تجميع اللعاب في الفم قصداً ثم ابتلاعه :

 يكره تجميع اللعاب في الفم قصداً ثم ابتلاعه هذا أيضاً يكره للصائم .

3 ـ فعل ما يظن أنه مفطر :

 يكره للصائم فعل ما يظن أنه مفطر ، أي لو فرضنا حرك حنكه هذا يسبب للناس إحراجاً ، أنت مفطر ؟ نفخ الخد باللسان كأنه يوجد لقمة كبيرة هذا لا يجوز ، أنت تعمل فتنة وتسبب اتهامك.

4 ـ فعل ما يضعف الصوم :

 فعل ما يضعف الصوم مثلاً حجامة ، العمل الشاق ، الرياضة العنيفة ، هذه الأعمال تضعف عن الصوم ، يمكن للظهر لا تستطيع أن تكمل ، يمكن في اليوم الثاني تقول : أنا لا أريد أن أصوم ، هذه الرياضة الشاقة والأعمال العنيفة ، إن كان من الممكن تأجيلها فالأولى أن تؤجل لكي يبقى الصوم مقبولاً عندك ، لذلك تخفض ساعات العمل في شهر رمضان ، وهذا ما تفعله الدولة منذ عشرات السنين ، من الساعة التاسعة عوض الساعة الثامنة ، تخفيض ساعات العمل هدفه أن تعين الصائم على الصيام .
يقول سيدنا علي كرم الله وجهه : " إياك وما يسبق إلى العقول إنكاره منك وإن كان عندك اعتذاره " انظر إلى هذه النقطة ما أدقها ، هناك عمل تعمله وأنت عندك جواب قوي ، لو فرضنا أنت كنت مسافراً ووصلت إلى الشام العصر فأنت مفطر ، فخرجت من بيتك ووجدت صنبور ماء فشربت أمام الناس ، أنت عندك اعتذار قوي وحجة ، أنت اليوم مسافر ، وصلت العصر إلى الشام لكن هذا العمل يسبب لك اتهاماً خطيراً ، لو أنك تملك الاعتذار ، وقال ابن عمر رضي الله عنهما : " من وضع نفسه موضع التهم فلا يلومن من أساء به الظن " ، يكره أن تفعل فعلاً شاقاً يضعفك عن الصوم ، يكره ذوق الطعام إلا للطباخ والمرأة ، يكره أن تفعل فعلاً تتهم به بصيامك ، أما ما لا يكره فعله فالكحل والحجامة إلا إذا كانا يضعفانه ، السواك لا يكره بل هو سنة ، المضمضة الاستنشاق و التلفف بثوب مبتل للتبرد ، والأكل والشرب ناسياً هذا كله لا يفسد الصوم إطلاقاً.

 

سنن الصوم :

1 ـ تعجيل الفطر بعد تحقق الغروب :

 ومن سنن الصوم تعجيل الفطر بعد تحقق الغروب ، أي إذا غابت الشمس أفطر الصائم ولم يبقَ أجر ، تأخير الطعام إلى بعد نصف ساعة ساعة ليس له أي معنى إطلاقاً فمن السنة النبوية المطهرة تعجيل الفطر بعد تحقق الغروب ، والدعاء عند الإفطار بالمأثور :

((عن ابْنَ عُمَرَ يَقْبِضُ عَلَى لِحْيَتِهِ فَيَقْطَعُ مَا زَادَ عَلَى الْكَفِّ وَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَفْطَرَ قَالَ ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ))

[أبو داود عن ابْنَ عُمَرَ]

 وقال عليه الصلاة والسلام :

(( ثَلاثَةٌ لا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ الإِمَامُ الْعَادِلُ ، وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ دُونَ الْغَمَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيَقُولُ بِعِزَّتِي لأنصرك وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ))

[الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

2 ـ عدم تضييع الوقت بعد الإفطار باللهو :

 من السنة المطهرة ألا يضيع الصائم وقته بعد الإفطار باللهو واللعب والتدخين بل يستحب للصائم أن يغتنم رمضان لعمل الخير والعلم وقراءة القرآن والذكر والشكر والدعاء والابتهال والتضرع والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، المفروض في أوقات الفراغ أن تقضى في قراءة القرآن ، أو في ذكر ، أو في عمل صالح ، أو في تعلم ، أو في مدارسة، وما شاكل ذلك.

3 ـ كف جميع الأعضاء عن المعاصي وكف اللسان عن فضول الكلام :

 كف جميع الأعضاء عن المعاصي وكف اللسان عن فضول الكلام واللفظ الفاحش أما كفه عن الغيبة والنميمة والمشاتمة فواجب في كل زمان ومكان.

(( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ))

[البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 ورب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع ، وقائم ليس له من قيامه إلا السهر .

 

4 ـ اجتناب كلمات العوام :

 الآن على الصائم أن يجتنب بعض الكلمات التي يستعملها العوام ، زارك شخص أخي رمضان بخيل ، هذا كلام باطل ، رمضان كريم ، أو رمضان ثقيل ، أو رمضان يضيق الخلق ، كلما غضب أنا صائم أي اعذروني صائم ، الصيام يأمرك أن تفعل كذا وكذا؟؟ أن تضجر بالصيام أو أن تقول : رمضان بخيل أو رمضان ثقيل هذه كلمات يقولها العامة لا تتناسب مع كمال الصائم .

5 ـ الإكثار من الصدقة والإحسان إلى ذوي القربى :

ومما يستحب في رمضان الإكثار من الصدقة والإحسان إلى ذوي القربى والأرحام ومواساة الفقراء والمساكين ، ولا بأس أن يخرج المسلم زكاته في رمضان

(( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ ))

[البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ] 

6 ـ أن يفطر الصائمين على حسب استطاعته :

 من مستحبات الصائم أن يفطر الصائمين على حسب استطاعته ، في بعض البلاد الإسلامية المغرب يؤدى في المسجد جماعةً ، وكل إنسان يحضر معه شيئاً من التمر ، أو شيئاً من الحلوى ، أو شيئاً من الشراب ، لأن تفطير الصائم أي إطعامه شيء من الشراب أو الحلوى أو شيء من التمر هذا من عمل النبي عليه الصلاة والسلام ، من أفطر صائماً كان له مثل أجره . 

7 ـ ألا يدع طعام السحور :

 أو لا يدع طعام السحور وهو طعام آخر الليل قال عليه الصلاة والسلام:

(( تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً ))

[البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 والبركة أخرويةٍ ودنيوية لأنك في الدنيا تستعين على الصيام بالسحور ، استعينوا بطعام السحور على صيام النهار ، يستحب تأخير السحور إلى قبيل الفجر :

(( قال عليه الصلاة والسلام : ثلاث من أخلاق المرسلين تعجيل الإفطار وتأخير السحور ووضع اليمين على الشمال في الصلاة ))

[الطبراني عَنْ أبي الدرداء رضي الله عنه]

 إذا إنسان يدعي أن الطعام في السحور يؤذيه عليه أن يستيقظ ، وأن يشرب جرعة ماء فقد أدى السنة المطهرة .

8 ـ أداء صلاة التراويح :

 أداء صلاة التراويح أيضاً مما يستحب في رمضان تنشيطاً للبدن ، وتنشيطاً للنفس في آن واحد .

9 ـ الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر في رمضان :

 يطلب من الصائم أن يجتهد في العبادة في العشر الأواخر في رمضان لأنها خلاصة الشهر كله روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه :

((عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهَا قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَحْيَا لَيْلَهُ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ ))

[البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهَا]

 بهذا تنتهي أحكام الصيام وسوف نبدأ إن شاء الله تعالى في الأسبوع القادم بأحكام الزكاة ، لأن الزكاة يجب أن تؤدى برمضان في أصح الأقوال.

* * *

عمر بن عبد العزيز :

 والآن إلى شيء يسير عن سيدنا عمر بن عبد العزيز وننهي به الدرس .
 ركب هذا الخليفة يوماً في إحدى جولاته دابةً ، واصطحب مولاه مزاحم ، وخرج إلى مفارق الطرق ، وهناك راح متنكراً يسأل الغادين والرائحين عنه ، من بين هؤلاء رجل من إحدى القوافل اقترب منه عمر وسأله كيف تركت الناس في بلدك ؟ فقال الرجل : إن شئت جمعت لك خبري ، وإن شئتَ بعضته لك تبعيضاً ، فابتسم الخليفة وقال : بل اجمعه أي أوجزه ، فقال الرجل : تركت البلاد الظالم بها مقهور ، والمظلوم منصور ، والغني موفور و الفقير مجبور ، وسارع عمر بالانصراف بعيداً عن محدثه قبل أن تشي به انفعالاته ، ودموع الشكر التي راحت تنحدر من مآقيه ، وولى مسرعاً مسرعاً وقال لمزاحم : والله لأن تكون البلاد كلها على ما وصف هذا الرجل لأحب إلي مما طلعت عليه الشمس .

وصية عمر بن الخطاب لولاته :

 أرسل مرة إلى الولاة أن إذا أرسلت إليكم أمراً يخالف الحق فاضربوا به الأرض واستمسكوا بالحق وحده ، وعلم الولاة أن يتحملوا المسؤولية ، فأرسل له أحد ولاته أمراً فأرسل الوالي يستوضحه ببعض التفصيلات فتجهم الخليفة وكتب من فوره : " أما بعد فأراك إن لو أرسلت إليك أن اذبح شاةً ووزع لحمها على الفقراء لسألتني ضأناً أو ماعزاً ؟ فإن أجبتك لسألتني كبيرة أم صغيرة ؟ فإن أجبتك لسألتني بيضاء أم سوداء ؟ إذا أرسلت إليك بأمر فتبين وجه الحق به ثم أقضه " مثل أن الإنسان عنده خوف لدرجة أنه يسأل عن أدق التفصيلات يسمونه بعلم الإدارة عدم تحمل المسؤولية ، أما سيدنا عمر فيتمنى والياً يتحمل المسؤولية ويمضي إلى تطبيق الحق كيفما رأى .
عملت بعض التعليمات ، قال : " اتبعوا ما أحل الله وحرموا ما حرم ، واعترفوا بحق الله تعالى ، واحكموا بما أنزل ، وافتحوا للمسلمين باب الهجرة ، ودعوا الناس يتجرون بأموالهم في البر والبحر ، ولا تحولوا بين عباد الله ومعايشهم ، أبيحوا أرض الحمى للمسلمين عامة - أرض المراعي - وليكن حق الأمير فيه كحق واحدٌ منكم ، الخمر باب الخطايا فحرموا كل مسكر ، كافحوا التطفيف في المكيال والبخس في الميزان ، لا تتجروا وأنتم ولاة ، فإن الأمير إذا اشتغل بالتجارة استأثر وأصاب ظلماً ، وإن حرص على ألا يفعل، لا تأخذوا من أموال الناس إلا الحق الذي شرعه الله ، وما عدا ذلك فضعوه كله ، لا أفرق بين مسلم وأهل كتاب ، ضعوا السخرة عن الناس وليكن لكل عمل أجره - عمل بلا أجر لا يوجد - ردوا المزارع لما خلقت له فإنما جعلت لأرزاق المسلمين كافة ، لا تتخذوا على أبوابكم حجاباً يمنعون عنكم ذوي الحاجات والمظلومين ، اقمعوا صوت العصبية والقبلية ، ولا تدعوا الناس يقول أحدهم : أنا مضري وآخر أنا يمني فالمؤمنون أخوة ، الخيل عدة الجهاد فلا تدعوها تركض في غير حق ، امنعوا النساء أن ينشرن شعورهن ، ويخرجن نائحات على الموتى ، قاتلوا هواكم كما تقاتلون أعداءكم ، سددوا المخالفين وبصروهن وارفقوا بهم وعلموهم ، فإن اهتدوا كانت نعمة من الله وفضل ، وإن أبوا فتحروا الحق فيما تنزلون بهم من عقاب - هذه وصايا للولاة - أكثروا من دعاء الله بالعافية لأنفسكم ولمن ولاكم الله أمره، فإن لكم في إصلاحكم أكثر مما لهم ، وعليكم من فسادهم أكثر مما عليهم ، تعاهدوا حجابكم ورؤساء حرسكم وشرطكم والعاملين معكم ، وأكثروا المسألة عنهم حتى تستيقنوا أنهم لا يرتكبون غشماً ولا ظلماً ، لا يأخذنكم الزهو بنظر الناس إليكم ، و بحديثهم عنكم ، ودعوا أعينكم على الذي هو أمر وأتقى وأخلصوا لله رب العالمين - أي حديث الناس عليكم لا يغنيكم من الله شيئاً - اتركوا أعمالكم عند حضور الصلاة فإن من أضاع الصلاة كان لما سواها أضيع ، تحروا الحق ثم اعملوا به بالغاً ما بلغ به وبكم حتى وإن ذهب بحياتنا وبمهج أنفسنا"

* * *

لكل إنسان طبيعة خاصة في تناول الطعام :

 تفسير آية :

﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾

[ سورة النور : 61]

 ثمن هذا الطعام مشترك بينكم ليس عليكم جناح أن يكون هناك تفاوت في المطاعم، كل إنسان له طبيعة خاصة في تناول الطعام ، ولكن بالمقابل الإنسان يأكل حتى يشبع ، والأكل محدود ، ويأكل حتى يملي معدته والثاني جائع ، أيضاً ليس هذا من اللباقة والذوق في شيء ، أي المؤمن كالنحلة يأكل طيباً ويطعم طيباً ، ويعرف ماذا يأكل وماذا يدع، ليس معنى هذا لو فرضنا أن أحدهم أكل لقمة زيادة ، مستحيل أن تجري حسابات دقيقة تقول له : كبرت اللقمة صغرها هذه مستحيلة ، لا بد من أن يكون هناك تسامح ، ولكن بالمقابل إنسان يأكل أكلاً بلا وعي والثاني جائع ليس هذا من الدين في شيء .

السلام في المسجد :

 قال تعالى :

﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾

[ سورة النور : 61]

 فإذا دخلتم بيوتاً المعنى الأول بيوتاً أي إذا دخلتم المساجد ، وهذا أول معنى ، لكن المطلق بالقرآن على إطلاقه ، فسلموا على أنفسكم وهذه دقيقة جداً في المعنى ، أي إذا سلمت على أخيك فكأنما سلمت على نفسك ، أي أنت وأخوك إنسان واحد كقوله تعالى :

﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾

[ سورة النور : 61]

لم يقل : لا تأكلوا أموال إخوانكم بالباطل ، لأنك إذا أكلت مال أخيك فكأنما أكلت مالك وهنا ، سلموا على أنفسهم أي إذا دخلت إلى المسجد من في المسجد إخوانك المؤمنون سلم عليهم إذا سلمت عليهم فكأنما تسلم على نفسك ، إلا أن السلام في المسجد محظور في مجالس العلم ، وفي إقامة الصلوات ، وفي قراءة القرآن ، دخلت إلى المسجد ليس فيه صلاة ولا مجلس علم ولا تلاوة قرآن ، لكن هناك أخاً جالساً ، قل له : السلام عليكم وتنفيذاً لهذه الآية وسلموا على أنفسكم ، هناك صيغة من السلام : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، إذا دخلت إلى بيت مسكون فقل : السلام عليكم قبل أن تقول : أعندكم خبز زائد تعطوننا ؟ قل: السلام عليكم ، وإذا دخلت إلى بيت غير مسكون فقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، وإذا دخلت إلى بيتك الغير مسكون ، اشتريت بيتاً ولم تسكن ودخلت إليه تتفقده قل : ما شاء الله ولا قوة إلا بالله ، هذه السنة ، دخلت إلى بيت مسكون قل : السلام عليكم ، دخلت إلى بيت مسكون غير بيتك قل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، دخلت إلى مسجد وفيه درس علم ابقَ ساكتاً ، هناك صلاة ابق ساكتاً ، تلاوة قرآن ، مسجد ليس فيه شيء من هذا القبيل ولكن فيه أخ لك قل له : السلام عليكم.

﴿ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾

[ سورة النور : 61]

 فإذا دخلت بيتاً تعلم علم اليقين أن صاحبه ينكر وجود الله مثلاً ، دخلت قل : السلام على من اتبع الهدى ، أنواع السلام السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، السلام عليكم ، ما شاء الله ولا قوة إلا بالله ، السلام على من اتبع الهدى.
 تروي بعض الأحاديث أن الرجل إذا دخل بيته ولم يسلم قال الشيطان لإخوانه : أصبتم المبيت فإذا جلس الرجل إلى الطعام ولم يسمِ قال الشيطان لإخوانه : أصبنا العشاء ، فإذا دخل ولم يسلم وجلس إلى الطعام ولم يسمِ قال الشيطان لإخوانه : أصبتم المبيت والعشاء في هذا البيت.

الدعاء بدعاء النبي عند دخول البيت :

 شيء آخر كان عليه الصلاة والسلام يقول إذا دخل بيته :

(( عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وَلَجَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ الْمَوْلَجِ وَخَيْرَ الْمَخْرَجِ بِسْمِ اللَّهِ وَلَجْنَا وَبِسْمِ اللَّهِ خَرَجْنَا وَعَلَى اللَّهِ رَبِّنَا تَوَكَّلْنَا ثُمَّ لِيُسَلِّمْ عَلَى أَهْلِهِ ))

[أبو داود عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ]

 ولج بمعنى دخل ، أحياناً الإنسان يدخل إلى البيت يسمع خبراً سيئاً ، يدخل إلى البيت يتشاجر مع زوجته يقع في إشكال لا ينتهي بأشهر ، الإنسان إذا دخل إلى بيته فليدعُ بدعاء النبي عليه الصلاة والسلام ، هذا معنى قوله تعالى :

﴿ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾

[ سورة النور : 61]

 مطلقة ، المسجد ، بيت أقربائك ، أهلك ، بيتك الفارغ والمسكون ، قل : السلام عليكم ، أو السلام علينا ، أو ما شاء الله ، أو السلام على من اتبع الهدى ، وطرح السلام سنة ولكن إجابة السلام فرض .
 وبقي علينا من سورة النور إن شاء الله تعالى درس آخر نتحدث عن بعض الآيات الأخيرة . 

نص الزوار

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور