وضع داكن
26-02-2025
Logo
مختلفة - الأردن - المحاضرة : 27 - مدينة عمان، مركز الهدى للتعليم والإرشاد - أهمية العلم والتعليم للأطفال من أجل مستقبلهم.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، و ارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين.

الإنسان عقل يدرك وقلب يحب وجسم يتحرك :

 تأكيداً لما تفضل به أستاذكم الجليل قال بعض العلماء أظنه الحسن البصري: " من صلى فلم يشعر بشيء، من قرأ القرآن فلم يشعر بشيء، من ذكر الله فلم يشعر بشيء، فليعلم أنه لا قلب له".
 لا بد من أن تشعر وأنت بين يدي الله، لو ألغينا الشعور ألغينا حقيقة الدين، لذلك النقطة الدقيقة جداً أن الإنسان عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك، غذاء العقل العلم، وغذاء القلب الحب، يحب الله، يحب العمل الصالح، يحب العلماء، يحب مجالس العلم، يحب المدرسة تعلمه دينه.
 الإنسان عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك، غذاء العقل العلم، وغذاء الجسم الطعام والشراب، الإنسان إذا لبى حاجات قلبه، وعقله، وجسمه، تفوق، فإذا اكتفى بواحدة تطرف، فرق كبير بين التفوق وبين التطرف.
 شبابنا الأطهار الطيبين؛ دعاة المستقبل، مرة كنت بازرع فدخلت إلى أحد المساجد سألت الطلاب هل سمعتم بابن القيم؟ عالم كبير ترك ثلاثمئة مؤلف، قالوا: نعم، قلت لهم: أين ولد؟ قالوا: بازرع، أنا أمام طلاب صغار أطفال دخلوا إلى المسجد ليصلوا فانا أحببت أن أصلي العصر فوجدت أطفالاً، قلت: لما كان في هذه المدينة ألم يكن طفلاً صغيراً؟ من كان يعرف أن هذا الطفل الصغير سيكون أكبر عالم ويترك ثلاثمئة مؤلف ويكون علماء المسلمين عالة على كتبه؟
 ما الذي يمنع أن يكون واحد منكم إنساناً عظيماً؟ بالتعبير المعاصر رقماً صعباً؟ مثلاً لو سألتكم سؤالاً: من يحضر لي أسماء عشرة تجار كبار عاشوا في الشام عام 1876 وله علامة تامة؟ لم يعرف أحد الإجابة، قلت لهم: وأنا مثلكم لا أعرف، أما سيدنا خالد، صلاح الدين الأيوبي، الأعلام الكبار، فالعالم كله يذكرهم ليلاً نهاراً.

 

ضرورة عناية الإنسان بصلاته و دراسته :

 أنا أقول: لماذا أنت قنوع أن تكون واحداً من الملايين الذين يولدون ويموتون و لا أحد يعلم بهم؟ لماذا لا تكون رقماً صعباً؟ واحداً من المشاهير؟ علماً في الدين؟ في الخطابة؟ في التدريس؟ في تفسير الحديث؟ تفوق، كن أستاذاً كبيراً في الجامعة، الطفل بهذا السن إذا دخل إلى طبيب فوجد عيادته فخمة جداً، وكلامه موزوناً، لا يوجد عنده كلام لا يرضي الله عز وجل، وله دخله كبير، وسيارته على الباب تقف، فأنت عندما تذهب مع والدك أو والدتك ستجد مصلحة أعجبتك عندما تكبر تعمل بها، أتمنى إذا أحبّ أحدكم أن يكون أستاذ جامعة أو طبيباً من الآن يفكر أنا إذا كنت طبيباً يجب أن أعتني بالعلوم زيادة، بالرياضيات زيادة، إذا فكر بوقت مبكر أن يكون كذا أو كذا ويخدم مستقبله فهذا أفضل.
 أنا كنت مدير ثانوية لمدة أربع سنوات أو خمس؛ أحد طلابي كان مدير القناة الثانية في دمشق، فدعاني إلى بلدته وكنت أنا مدير وهو طالب عندي، وجدت الوضع تغير كلياً، هذا الطالب كان طالباً، أصبح هذا مدير شرطة، هذا مدير ناحية، هذا طبيب كبير، أنتم الآن كلكم طلاب صغار لكن يا ترى لو أتيح لي أن أراكم بعد ثلاثين سنة، يجب أن أرى معظمكم بمهن راقية، بمهن تخدم بها الأمة، أحياناً تحضر خبيراً فيأخذ رقماً فلكياً و لكن لو أن أحدكم درس هذا الاختصاص ما من داع لنحضر خبيراً، يرد المال إلينا، فأنت حاول أن تفكر تفكيراً يناسب سنك، نحن درسنا في الجامعة لكل طفل عمر عقلي، وعمر زمني، قد يكون عمره الزمني منذ ولادته إلى الآن اثنتي عشرة سنة، قد يكون عمره العقلي خمس عشرة سنة، تفوقه العقلي فاق تفوقه الزمني، يكون عمره العقلي أكبر، فأنت عندما تعتني بهذا السن يجب أن تهتم بشيئين كبيرين؟ أنا أقول لك: الصلاة والدراسة، أن تؤدي الصلوات الخمس، وتقرأ القرآن كل يوم، وتدرس، لأنك عندما تتفوق ستكون قرة عين لوالديك، والآية تقول:

﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ﴾

[سورة الفرقان : 74 ]

ارتباط القرار الذي يتخذه الإنسان في شأن مصيره بالإرادة و الإيمان :

 إنسان من صعيد مصر- الصعيد تقع في جنوب مصر تبعد عن القاهرة ألف كيلو متر- أرسل ابنه إلى الأزهر ليتعلم، بعد خمس سنوات عاد يحمل شهادة، وعيّن خطيباً في قريته، فلما ألقى خطبة أمام أبيه الأمي، بكى الأب بكاء مراً، كل من حول الأب توهموا أنه بكى فرحاً بابنه، والحقيقة خلاف ذلك، هو بكى أسفاً على نفسه كيف عاش جاهلاً، والقصة غريبة جداً رواها عالم كبير في الشام، هذا الإنسان الفقير الفقير الفقير الذي وجد ابنه يخطب فبكى ولم يبكِ فرحاً - طبعاً هو فرح أكيد - لكنه بكى أسفاً على جهله، ركب دابته - هو في صعيد مصر، وبين صعيد مصر و القاهرة حوالي ألف كيلو متر - واتجه نحو القاهرة، وبقي يمشي شهراً إلى أن وصل إلى القاهرة، لما وصل إلى القاهرة، قال: أين الأزعر؟ لا يحفظ اسمه، قالوا له: ما الأزعر؟ قال: مكان التعلم، قالوا: اسمه الأزهر، النتيجة أوصلوه إلى الأزهر، وفي الخامسة والخمسين بدأ في تعلم القراءة والكتابة، أما الشيء الذي لا يصدق أنه تابع وما مات إلا شيخ الأزهر في الثامنة والتسعين، أصبح في أعلى منصب ديني في العالم الإسلامي، لذلك أنا مرة قرأت كتاباً للثالث الثانوي عن أدب الحياة، أول مقالة كتبت: إن القرار الذي يتخذه الإنسان في شأن مصيره قلّما تنقضه الأيام، إذا كان صادراً حقاً عن إرادة و إيمان.
 إذا واحد منكم الآن فكر أن يكون طبيباً، ويكون له عمل كبير لأمته، يخدم أمته، إذا فكر بهذا التفكير أنا أؤكد لكم مليون بالمئة لا بد من أن يصل إلى هدفه، عظماء الأمة كانوا مثلكم وأنتم صغار لماذا لا تفكر بمستقبلك؟ هذا التفكير يعطيك باعثاً حافزاً.
 إن شاء الله نلقاكم في أوقات أخرى وأنتم في تفوق.

 

حاجة العمل الصالح إلى القوة :

 الدنيا لا يوجد بها شيء إلا عمل صالح، والعمل يحتاج إلى قوة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:

(( المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف ))

[ مسلم عن أبي هريرة]

 لماذا؟ لأن القوي بجرة قلم يحل مشكلة، بتوقيع، الغني معه مال، المال يحل مليون مشكلة، والعالم معه علم، والقوي معه توقيع، وسلطة، إذا كان طريق القوة سالكاً وفق منهج الله ينبغي أن تكون قوياً، لأن الأقوياء لهم طرق كثيرة للعمل الصالح لا تعد ولا تحصى، أما إذا كان طريق القوة على حساب مبادئك وقيمك فالضعف وسام شرف لك.
 تريد أن تبيع دينك؟ لا، لن أبيع ديني، هذا الكلام دقيق إن شاء الله عندما تكبرون ستفهمون أبعاده، وأنا إن أتيح لي أن أزوركم مرة ثانية ننظر إلى التطورات في حياتكم .
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم، الفاتحة.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور