- ندوات تلفزيونية / ٠01برنامج ويتفكرون - قناة ندى
- /
- ٠1ويتفكرون 1
انفراد الماء بخواصه عن كل العناصر في الأرض :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين .
الحقيقة الدقيقة أن هذه الآيات بين أيدينا جميعاً ، والإنسان إذا تفكر في خلق السموات والأرض يصل إلى الله وصولاً حقيقياً ، عندئذ يعرف عظمة الله عز وجل ، هذا الماء الذي نشربه، هذا الماء فيه خاصة ينفرد بها عن كل خصائص العناصر في الأرض ، هناك جماد و نبات و غازات و معادن ، كل أنواع العناصر بدءاً من الصلبة والسائلة والغازية ، فيها خاصة ، أن هذا الجسم بالحرارة يتمدد ، وبالبرودة ينكمش ، الحرارة تسرع حركة الجزئيات في الذرة ، إذاً يتمدد ، وفي التبريد تضعف هذه الحركة ، فينكمش أي شيء معدناً كان أم سائلاً أم غازاً إلا الماء ، هذا الماء فيه خاصة لولاها لما كان هذا اللقاء الطيب ، ولما كانت الأرض أصلاً ، ما كان هناك شيء بالكون .
ما هذه الخاصة ؟ أن الماء إذا كان بالدرجة أربعين مثلاً وبردته إلى الدرجة الخامسة والثلاثين ، الثلاثين ، الخامسة والعشرين ، العشرين ، الخامسة عشرة ، العاشرة ، الخامسة ، بدرجة زائد أربع تنعكس القوانين يتمدد ، قرأت بحثاً عن تمدد الماء في هذه الدرجة عبارة عن ثمانين صفحة ، موسوعة علمية في أمريكا اسمها العلوم ، شيء لا يصدق ، آلية أن ينعكس القانون ، تسخنه يتمدد ، تبرده ينكمش ، بدرجة معينة تبرده فيزداد حجمه ، لولا هذه الخاصة لما كانت حياة على سطح الأرض ، ما الذي يحصل ؟ لو أن الطبقة العليا في البحار تجمدت فلما تجمدت ازدادت كثافتها ، أي قلّ حجمها وزاد وزنها ، إذاً الكثافة زادت تغوص إلى أعماق البحار، والطبقة الثانية تغوص ، والثالثة تغوص ، إلى أن تتجمد البحار جميعاً ، وإذا تجمدت انعدم التبخر ، انعدم المطر ، مات النبات ، مات الحيوات ، مات الإنسان ، تنتهي الحياة كلياً على سطح الأرض إن لم يكن هذا القانون في الماء ، ما الذي يحصل ؟ عندما يصل الماء لدرجة زائد أربع يتمدد فلما تمدد زاد حجمه ، وقلّ وزنه ، قلّت كثافته فطاف ، فالطبقات المتجمدة تبقى في السطح وفي أعماق البحار مياه دافئة ، وبهذه الطريقة تبقى البحار بحاراً ، والأمطار أمطاراً ، والنبات نباتاً ، والحيوان حيواناً ، خاصة بالماء لو تعطلت لألغيت الحياة ، لذلك الله عز وجل جعل من الماء كل شيء حي ، فنحن حينما نعرف هذه الحقيقة نعرف عظمة هذا الاستثناء في الماء ، حياتنا منوطة بهذه القاعدة الأساسية في الماء .
التفكير يرقى بالإنسان إلى الله عز وجل :
لذلك الإنسان حينما يستعمل الماء ليته يفكر بخصائص الماء ، ليته يجعل التفكير شيئاً من عاداته اليومية ، هذا التفكير يرقى بك إلى الله ، هذا التفكير يضعك وجهاً إلى وجه أمام عظمة الله ، والتفكير جاء في القرآن الكريم بفعل مضارع ، قال تعالى :
﴿ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
نشرب ، ونمشي ، ونأكل الطعام والشراب والخضار والفواكه ، ونستنشق الهواء ، كل شيء لو تصورت عدمه أو خلافه ، هذا الشعر لو كان فيه أعصاب حس لا تستطيع أن تحلق إلا بالمستشفى ، أين ذاهب ؟ إلى المستشفى ، خير ، أريد أن أحلق ، إذا الله عز وجل وضع بالشعرة عصباً حسياً ، هناك عصب محرك ولكن ليس فيها عصب حسي ، فاختفاء الأعصاب الحسية في الشعر والأظافر فيه حكمة بالغة ، وحينما تقف على حكمة الله في خلقه ترى عظمة الله عز وجل ، ولذلك قال تعالى :
﴿ وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾
هذا الماء بلا هذه الخاصة تنتهي الحياة في الأرض ، وبهذه الخاصة يعمر هذا الكون، وتعمر هذه الأرض ، وتعيش النباتات والحيوانات وما إلى ذلك .
مجموع التهطال المطري في الأرض ثابت وموزع توزيعاً مختلفاً :
ما دمنا في الماء نحن نعلم علم اليقين أن أمطار السماء تنزل تباعاً ، في منطقة تكون سنة مطيرة ، منطقة أخرى غير مطيرة ، منطقة فيها جفاف ، منطقة فيها سيول مدمرة ، هذا بالأخبار كل يوم ، لكن الذي ثبت يقيناً وقطعاً أن مياه الأمطار كمية المياه الهاطلة في الأرض بمجملها لا تتغير ولا تتبدل ، مجموع التهطال المطري في الأرض ثابت وموزع توزيعاً مختلفاً ، أحياناً الشرق الأوسط فيه موجة جفاف ، أمطار غزيرة جداً في أوربا ، أحياناً تعكس الآية ، توزع المطر توزع كثافته ، أما المطر بشكل عام بكامل سطح الأرض فلا يتغير ، هذا النبي الأمي قبل ألف وأربعمئة عام ماذا قال :
(( ما عام بأمطر من عام ))
الآن هذا شيء سهل ، كل بلد فيه مقاييس مطر ، لو جمعنا هذه النسب في كل أنحاء العالم لاكتشفنا هذه الحقيقة ، أن التهطال السنوي لماء الأمطار ثابت ، أما النبي العظيم قبل ألف وأربعمئة عام فلم يكن هناك مقاييس للمطر ، كل هذه الأدوات لم تكن موجودة ومع ذلك يقول هذا النبي الكريم :
(( ما عام بأمطر من عام ))
أي مجموع التهطال السنوي لا يتبدل ولا يتغير .
أمية النبي وسام شرف له لأن الله عز وجل تولّى تعليمه بذاته :
هذه الحقائق تحتاج إلى إعلام من الله عز وجل ، لأن الله عز وجل جعل هذا النبي أمياً ، وأميته وسام شرف له ، ما تلقى معلومات من بني البشر ، لو تلقى معلومات من بني البشر كلما تكلم عن شيء يقال له : هذا من الوحي أم من عندك ؟ أما بهذه الطريقة يقول تعالى:
﴿ وَمَا كُنْتَ تَتْلوا مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ﴾
إذاً أمية النبي وسام شرف له ، لأن الله عز وجل تولى تعليمه بذاته ، قال تعالى :
﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾
الله عز وجل الإله العظيم تولى تعليمه ، إذاً قال تعالى :
﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾
ولكن كي أوضح حقيقة مهمة جداً ، كل ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم وحي من الله ، قال تعالى :
﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾
الفرق بين مقام الألوهية و مقام البشرية :
ولكن لحكمة بالغة بالغة بالغة جعل الله لهذا النبي الكريم هامشاً ضيقاً جداً يجتهد فيه ، إذا جاء اجتهاد النبي مطابقاً لوحي السماء سكت الوحي إقراراً ، أما إذا اجتهد النبي وجاء بشيء ليس كما ينبغي فالوحي يصح له ، قال تعالى :
﴿ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ﴾
﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ﴾
فهذه الآيات التي فيها عتب للنبي لا على النبي صلى الله عليه وسلم ، دققوا عتب للنبي ، أَكبَرَ اهتمامه بالدعوة إلى الله ، هذه الآيات التي فيها عتب للنبي معنى ذلك أن علم الله مطلق ، فلئلا يتداخل علم النبي مع علم الله المطلق فصار للنبي الكريم آيات تصحح له ، هذا مقام البشرية ، مقام الألوهية مقام مطلق ، مقام البشرية :
﴿ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ﴾
﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ﴾
إذاً هذه الحقائق الدقيقة التي جاء بها النبي الكريم مئة بالمئة وفق الواقع ، لكن هناك حالات لها هدف كبير جداً أن هناك فرقاً بين مقام الألوهية ومقام النبوة ، من هنا جاءت عصمة النبي صلى الله عليه وسلم ، فالله جل جلاله عصمه من أن يخطئ في أقواله وأفعاله وإقراره ، لكن لو أن العصمة مطلقة لتداخل مقام الألوهية مع مقام النبوة ، لذلك في بعض الأحيان ترك له هامش اجتهاد ضيق جداً ، فإن أصاب في اجتهاده سكت الوحي إقراراً ، وإن ترك الأولى جاء الوحي مصححاً من أجل أن يكون هناك مقام للبشرية ومقام للألوهية ، والله سبحانه وتعالى وراء القصد .