- الحديث الشريف / ٠1شرح الحديث الشريف
- /
- ٠3أحاديث متفرقة
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً و أرنا الحق حقاً و ارزقنا إتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الأخوة المؤمنون:
الأبواب التي نألفها في كتب الدين العقيدة، والقرآن، والفقه وأبواب الفقه، والأخلاق، ومكارم الأخلاق، ومساوئ الأخلاق والأطعمة، والأشربة، والحظر، والإباحة، هذه أبواب مشهورة في كتب الفقه، مما يلفت النظر أن بعض الأبواب فيها أكثر من مائتي حديث، ويوجد أبواب حديثين ثلاثة، أما في باب أكثر من مائتي حديث في باب واحد.
مما لفت نظري أن الحب في الله وهو من الخلق الذي يتسم به المؤمن، أكثر من مائتي حديث حول الحب في الله، فقد يسأل سائل لماذا أكثر النبي عليه الصلاة والسلام من هذه الأحاديث في هذا الموضوع في الله ؟ يبدو أن الحب في الله قوام الدين، ويبدو أن الحب في الله قوام مجتمع المؤمنين، ويبدو أن الحب في الله هو المحور الذي يتمحور حوله المؤمنون هو الذي يجمعهم، هو الذي يوحدهم، هو الذي يجعلهم طاقةً كبيرة، هو الذي يجعلهم صفاً واحداً في وجه أعدائهم، الحب في الله يبث فيهم روح الجماعة، و روح الجماعة شيء لا يقدر بثمن.
يعني قد تجد في العالم الإسلامي كل شيء إلا الحب في الله مساجد، جامعات، مؤتمرات، كتب، مكتبات، لكن لا تجد حباً في الله، في بعض المرات وجدت جمع ممن يعمل في الحقل الديني جمع كبير، وجدت وداً بينهم لا يوصف، كل منهم يأخذ أخاه بالأحضان ويقبله ويثني عليه وأنا أعلم أن في غيبة بعضهم بعضاً يتحدثون ما لا تحمد عقباه هذه مشكلة، ظاهرة خطيرة، في المواجهة مديح وثناء، وتكريم وعطاء، لكن في الغيبة ليسوا كما هم في الواجهة، هذه هي المشكلة، صار في موقف مزدوج، ود وثناء ومديح، حينما تواجه إنسان، ونقص وطعن وتقليل أهمية، وانتقاد حينما يغيب عنك، هذا الذي جعل المسلمين مشرذمين، متفرقين ضعاف، هذا الذي أذهب ريحهم قال تعالى:
﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)﴾
وأنا من عادتي أن أبقى في الأحاديث الصحيحة المألوفة، لكن نعمقها، من هذه الأحاديث الصحيحة المألوفة التي وردت في البخاري ومسلم:
(( عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الأَعْمَالِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ ))
أفضل الأعمال صيغة تفضيل، هذا الولاء والبراء، يعني ما لم تحب المؤمن وإن كان فقيراً، ما لم تحب المؤمن ولو كان ضعيفاً وما لم تتبرأ من الكافر و المنافق ولو كان قوياً ولو كان غنياً فأنت لست مؤمناً، بل إن الحب في الله والبغض في الله هو الذي يذيقك حلاوة الإيمان.
أحياناً الإنسان يجد في الطريق أحد إخوانه ينتعش، في مكان كأنه وجد نفسه، كأنه وجد روحه، هذه من علامة الإيمان، من علامة صدق الإيمان، ولكن النبي عليه الصلاة والسلام يجعل من الحب عملاً ما تفسير ذلك ؟ ما قال أفضل المشاعر الحب في الله، ما قال أفضل أحوال القلب، قال:
((... أَفْضَلُ الأَعْمَالِ... ))
هذه تحتاج إلى وقفة متأنية، لو قال أفضل المشاعر واضحة هناك مشاعر كثيرة أفضلها أن تحب في الله، هناك أحوال تعتري القلب كثيرة أفضلها أن تحب في الله، أما يقول عليه الصلاة والسلام
((... أَفْضَلُ الأَعْمَالِ ...))
قال شراح الحديث: من لوازم الحب في الله أن تحب أولياءه، أو أن تحب النبي عليه الصلاة والسلام، وأن تحب أصحابه، وأن تحب أولياءه، من لوازم الحب. وهذه النقطة دقيقة جداً فصل بها بعض العلماء، قال: هناك حب في الله، وحب مع الله، الحب في الله عين التوحيد والحب مع الله عين الشرك.
كلمة واحدة بين أن تحب في الله وبين أن تحب مع الله، من لوازم الحب في الله أن تحب النبي وأصحابه، وأن تحب صالح المؤمنين، وأن تحب أولياء الله الصالحين، وأن تحب أي مؤمن أي مؤمن، هذه النزعة الضيقة أن تحب أخوان جامعك فقط، هذه النزعة يجب أن نحاربها لأنها تفتت المسلمين، يجب أن تحب كل المؤمنين، يجب أن يكون انتماؤك لمجموع المؤمنين، قال تعالى:
﴾وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88﴿
والآية الثانية:
﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215)﴾
في أي مكان المؤمن يجب أن تحبه، ويجب أن تعاونه، ويجب أن تمنحه ودك، ومعاونتك، على كل كيف جعل النبي عليه الصلاة والسلام الحب في الله عملاً ؟ قال: من لوازم الحب في الله أن تحب أولياء الله، ومن لوازم أن تحب أولياء الله أن تقتفي أثرهم فهذا الحب ينقلب إلى عمل، الآن حينما تمتن علاقتك مع المؤمنين هذه العلاقة المتينة تنقلب إلى حب، صار في علاقة متناوبة، قال عنها علماء المنطق: هي علاقة ترابطية، هناك في الإسلام بعض العلاقات الترابطية دقيقة جداً، العمل الصالح يزيدك قرباً من الله والقرب من الله يحملك على العمل الصالح، فبين القرب من الله والعمل الصالح علاقة ترابطية، وبين الحب في الله وبين العمل الصالح علاقة ترابطية إنك إن ـ كيف تمتن علاقتك مع أخيك ؟ أن تسلم عليه، أن تبتسم له، أن تعينه إذا سألك العون، أن تعوده إذا مرض، أن تساعده إذا افتقر، أن تقرضه إن استقرضك، طبعاً يوجد حديث مشهور:
((أتدرون ما حق الجار ؟ إذا استعان بك أعنته، وإذا استنصرك نصرته، وإذا استقرضك أقرضته، وإذا مرض عدته، وإذا مات شيعته... ))
أنت إذا لبيت دعوته، وسلمت عليه، وبششت له، وعدته إذا مرض، وهنأته إذا أصابه خير، وعزيته إذا أصابه شر، أنت قمت بأسباب الحب في الله، فالنبي سمى الحب في الله عمل لأنه تارةً ينقلب إلى عمل، وتارةً يكون العمل سبيلاً له، أنت حينما تلبي دعوة أخيك وحينما تسلم عليه، وحينما تبش له، وحينما تواسيه، وحينما تعاونه، وحينما تهنئه، وحينما تعزيه، متنت علاقتك معه فكان الحب في الله، وحينما تحبه في الله تقتفي أثره، فالنبي عليه الصلاة والسلام عبر عن الحب بالعمل لأن العمل نتيجة أو سبب.
يوجد نقطة دقيقة إنسان لا يبغض أحداً هذا منافق، لابد من أن تبغض في الله، إنسان يرتكب معصية أمامك لا يصلي يشرب الخمر أنت تحبه وتجامله، ومستحيل، قال: من أرضى الناس جميعاً فهو منافق. كما أنه لابد من أن تحب في الله لابد من أن تبغض في الله أنا لا أقول لابد أن تقاتل في الله، أنا أقول لابد من أن تبغض إنسان ولو كان أقرب الناس إليك إذا كان مقيماً على معصية مصراً عليها ينبغي أن تبغضه ولو أعطاك بيتاً، أساساً من علامات الحب في الله أن هذا الحب لا يتزعزع حينما الذي تحبه في الله يصل إليك منه أذى غير مقصود، ومن علامة البغض في الله أن هذا البغض لا ينقلب إلى حب إذا نالك من هذا الذي أبغضته في الله خير، الخير لا يلغي البغض في الله، والإيذاء غير المتعمد لا يلغي الحب في الله، هذا الحب المتين في الله لا يتأثر لا بالعطاء ولا بالمنع، أما أكثر الناس إذا إنسان أعطاهم شيء يعبدونه من دون الله، وإذا حجب عنهم شيئاً يتهمونه بالكفر وهو من كبار المؤمنين، يعني الذي يحبك لعطائك هذا لا يحبك هو يحب ما عندك، والذي يبغضك لمنعك هذا لا يحبك في الأصل إنما كان يعلق الأمل على عطائك فلما خاب ظنه أبغضك هذه علاقات مادية بين الناس.
أما علاقات المؤمنين، يعني سمعت قصة تأثرت لها أن رجلاً صالحاً جداً في العصور الوسطى في بغداد، له دعوة يبدو أن بعض علماء الظاهر أنكروا عليه بعض الأشياء فتوسطوا إلى أولي الأمر بمنعه من التدريس، حينما منع من التدريس بسعي من هؤلاء العلماء علماء الظاهر قيل له أدعو عليهم، قال: الله لا يستجيب لي، قيل له لما ؟ قال: لأن نيتهم تحرسهم. نيتهم الطيبة تحرسهم، يعني أصابه ضرر، توقفت دعوته لكنه يعلم علم اليقين أن الطرف الآخر ما أراد بهذا العمل إلا وجه الله، وأنا لا أقر أن الإنسان يكون في دعوته خلل أو خطأ، إلا أن هذا الإنسان يعرف أن الذي منعه من هذه الدعوة يبتغي بذلك وجه الله.
أخواننا الكرام:
بحسب ما أرى أن المسلمين الآن في أمس الحاجة في الحب في الله، كتلة واحدة وإن كان شيء من الخيال، تصور العالم الإسلامي وحده الذي يعد مليار ومائتي مليون لو قاطع بضائع الدول المعتدية على المسلمين والله لركعت هذه الدول، والله لركعت ركوع، ولكن لا يوجد تعاون، لا يوجد وحدة، لو أن البلاد الإسلامية وحدها امتنعت عن شراء الكماليات من الدول المعتدية على المسلمين لركعت هذه الدول ولكن التفرق هو الذي يسهل لهؤلاء مصالحهم.
الحب في الله أن تشعر أن أخوك أقرب الناس إليك، يعني حملته أو حملك لا يهم، أيام تحمله أضعف منك، أفقر منك، تحمله أو يحملك، هكذا ربى النبي أصحابه الكرام، وهكذا ينبغي أن نكون يعني أنا من طموحي أن يكون الكل لواحد وأن يكون الواحد للكل كل المؤمنين ينهضون نهضة رجل واحد إذا ألم بأخيهم مكروه والواحد إذا أكرمه الله بشيء هو للمؤمنين، هذه مشاعر الحب مشاعر التعاون، الحديث القدسي المعروف:
(( قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ ))
لا تقيس إيمانك بمعلوماتك يعني إنسان قد يكون غير مسلم وذكي جداً يحصل معلومات في الدين تتيح له أن يمنح دكتوراه وغير مسلم في جامعة باريس قسم الشريعة الإسلامية هناك من يمنح دكتوراه في الشريعة وهو يهودي، لا تقيس إيمانك بالمعلومات.
مرة كنت في جلسة أخوة كرام يعملون في الحقل الديني في الحج كنا ننتظر صلاة الفجر في منى، قال له: كم فرعون وردت في القرآن، يعني تناقشوا مناقشة لطيفة ممتعة لكن هذه حل محلها ديسك برنامج قرآن كريم، إذا العلم كم قد، وكم لو، وكم كلمة فرعون وردت، قضية سهلة جداً، ديسك ثمنه مائة وخمسين ليرة، تسأله أي سؤال تأخذ الجواب خلال ثانية ليس هذا العلم، العلم أن تفهم حقيقة هذا القرآن وأن تعمل به.
فيا أيها الأخوة:
الذي أتمناه أن يكون في كل مكان في العالم الإسلامي مساحة صغيرة تطبق الدين ولو أنها صغيرة هذه تنمو، ولكن لابد من مساحة لابد من حيز، لابد من مسجد ولو واحد العلاقات فيه طيبة جداً، أنا والله أعتز، أحياناً أسمع ثناء على أخوانا والله كأني مالك الدنيا العلاقات طيبة، في حب، في تعاون، في مآثره كأنه رجل واحد كأنه إنسان واحد، هذا كلام طيب جداً وطبعاً هذه من آثار المنهج الإلهي الصحيح، الصحابة الكرام الذين فتحوا العالم وهم عشرة آلاف شخص، والله شيء لا يصدق، ولكن بحبهم، هل من الممكن سيدنا خالد بن الوليد يطلب نجدة من سيدنا الصديق ؟ طبعاً هو كان معه ثلاثين ألف والفرس كانوا مائة وثلاثون ألف فطلب مدد، سيدنا الصديق كم يرسل له ؟ إنسان عنده ثلاثين واجه مائة وثلاثين يجب أن يرسل له ثلاثين ألف، وإذا بسيدنا الصديق يرسل له واحد، واحد ! القعقاع بن عمرو، وصل إلى عنده، نظر إليه سيدنا خالد قال له: أين المدد، قال: أنا، قال له: أنت المدد، معه كتاب من سيدنا الصديق فتحه، طبعاً بعد السلام والكلام... قال له: يا خالد لا تعجب أن يكون القعقاع هو المدد فو الذي نفس محمد بيده إن جيشاً فيه القعقاع لا يهزم. وفعلاً لم يهزم وانتصر، ما هذا الحب.
يعني هل من الممكن جيش طويل عريض فيه صحابة كبار كسيدنا عمر، وعثمان، وعلي، يكون قائده شاب في السابعة عشر من عمره، ممكن ؟ ما هذا النظام، سيدنا أسامة بن زيد قائد جيش راكب الناقة وسيدنا الصديق يمشي بركابه، قال له: والله يا خليفة المؤمنين لتركبن أو لأنزلن، شيء فوق طاقتي، قال له: ما علي والله لا ركبت ولا نزلت، وما علي أن تغبر قدماي ساعة في سبيل الله، ممكن ؟
ممكن سيدنا الصديق يأتي إلى سيدنا عمر يقول له: مد يدك لأبايعك، سيدنا الصديق أول إنسان بعد رسول الله يطلب من عمر أن يبايعه خليفةً، يقول له سيدنا عمر: أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إن كنت أميراً على قوم فيهم أبو بكر، هذه فوق طاقتي، فقال له: لكنك أقوى مني يا عمر، قال له: ولكنك أفضل مني، ما الحل؟ قال له: قوتي إلى فضلك نتعاون.
إنسان جاء من بلد والله على علم عالي وأنا أحسن الظن به كثيراً قلت له: هل تحب أن نهيئ منبر لك، قال: لا أنا أحب ان أساعدك. أنا كثير تأثرت لهذا الموقف الأخلاقي نحن واحد، لا يهم من في الواجهة، يهم أننا نحن نتعاون، يوجد عندك هذه النفسية أن تنكر ذاتك من أجل ان تحقق الهدف، الحق واحد إذا أنت كنت قائد في الجيش أو جندي الحق واحد، العبرة أن الجيش ينتصر، هذا الإخلاص، إذا عز أخوك فهن أنت.
((أَفْضَلُ الأَعْمَالِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ ))
نحن في أمس الحاجة إلى هذا الحديث، يوجد مواقف من الصحابة أنا أطرب لها كثيراً النبي صلى الله عليه وسلم سأل عن رجل في تبوك أين فلان ؟ يوجد إنسان طعن به، قال: أعجبه بستانه ماذا يريد بالجهاد والدنيا حر وصيف، فقال صحابي: لا والله، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيراً، والله يا رسول الله لقد تخلف عنك أناس ما نحن بأشد حباً لك منهم ولو علموا أنك تلقى عدواً ما تخلفوا عنك، النبي ابتسم وسر سروراً كبيراً، هذا الحب.
أنت لا تذهب بعيداً، الذي منكم أب إذا رأى أولاده يتقاتلون ويتسابون، ويهبجون من بعضهم الطعام، وأب وجد أولاده يتعاونون، ويتناصحوا، يعاونوا بعضهم، ويآثروا أنفسهم بالطعام والشراب، هل يوجد أب في الأرض يحب أولاده متخاصمين ؟ مستحيل، هل يوجد أب لا يطرب أشد الطرب لأبناء متعاونين، ولله المثل الأعلى، الله لا يحبنا أن نتقاتل، لا يحبنا أن نتشاتم، لا يحبنا أن نتهم بعضنا، هذا أشرك، وهذا كفر.
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ ))
أَهْلَكُهُمْ، أي أشدهم هلاكاً، أَهْلَكَهُمْ هو وصفهم بأنهم هلكى هم ليسوا هلكى.
أخوانا الكرام:
هذا الحديث مهم جداً مع أنه بسيط، ومألوف، ومطروق ومسموع، وكل إنسان يعرفه:
((أَفْضَلُ الأَعْمَالِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ))
يعني الملخص اعمل عمل تمتن علاقتك بأخيك، سلم عليه بحرارة مرض عوده، مات أحد أقرباءه عزيه، طلب معاونة عاونه، طبعاً مستحيل أن يكون شيء من طرف واحد، بعد هذا يمل، أما من طرفين باستمرار لا يمل، يعني أنت قدمت له وقدم لك، أهديت له وأهدى لك، زرته وزارك، عدته وعادك، نصحته ونصحك، وقفت معه ووقف معك، وأكثر هذه الأفعال مشاركة تزاوروا، يعني زرته وزارك، تبادلا، تناصحا، أكثر الأفعال التي تؤدي إلى تمتين العلاقة بين المؤمنين فيها صيغة المشاركة.
(( عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ عَبْدِ اللَّهِ الْخُرَاسَانِيِّ قَال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَصَافَحُوا يَذْهَبِ الْغِلُّ وَتَهَادَوْا تَحَابُّوا وَتَذْهَبِ الشَّحْنَاء ))
معنى تهادوا أي قدم له هدية ويقدم لك هدية، سبحان الله في أدوية ناجعة ولكن الناس لا ينتبهوا لها، جار سيء جداً بذيء اللسان شرس، قال لي شخص: سكنت إلى جانبه وندمت على شراء البيت قدم له هدية، قال: جاءني صندوق تفاح قلت في نفسي أسترضيه بها فانقلب مئة وثمانين درجة، هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: تَهَادَوْا فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ ))
ومرة سمعت أن النبي قال لأحد أصحابه من يقطع لسانه، أحدهم فهم أنه يحتاج إلى مقص، من يقطع لسانه بالإحسان إليه.
أيام تحسن إلى إنسان تسكته ويكون لسانه طويل جداً، تحسن له فيسكت.
فالنبي قال:
ذبوا عن أعراضكم بأموالكم.
((ذُبُّوا عَنْ حُرَمِ أَغْيَابِكُمْ وَكُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ عَنْهُمْ إِلا مِنْ خَيْر...))
هذه حكمة بالغة، ذبوا أي دافعوا عن أعراضكم بأموالكم، حديث آخر يقول عليه الصلاة والسلام:
(( عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ بَيْنَمَا أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَارِجَانِ مِنَ الْمَسْجِدِ فَلَقِيَنَا رَجُلٌ عِنْدَ سُدَّةِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَعْدَدْتَ... ))
فَلَقِيَنَا رَجُلٌ، فاعل مؤخر، طبعاً هذا أسلوب رائع في الخروج من الموقف الحرج، رجل سألك وأراد أن يحرجك، فأنت لا تكون مطية له رد له الكرة إلى ملعبه، رد له الإحراج بإحراج مثله يقولوا أنا أبا حنيفة كان ذكي جداً رحمه الله تعالى، دخل على المنصور يوجد قاضي عند المنصور من أعدائه، والعداوة قد تكون غيرة حسد، وقد تكون بغي وعدوان، أراد القاضي أن يشفي غليله من أبي حنيفة، قال له: يا إمام إذا أمرني الخليفة بقتل امرئ أأقتله أم أتريث فلعله مظلوم، والخليفة جالس، إذا قال له لا ترد عليه مشكلة، إذا قال له اقتله مشكلة، فقال له: الخليفة على الحق أم على الباطل ؟ تفضل وتكلم والخليفة جالس، قال: على الحق طبعاً، فقال له: كن مع الحق، فلما خرج قال أبو حنيفة: أراد أن يقيدني فربطته.
يوجد مواقف ذكية جداً، متى الساعة ؟ في رواية النبي على المنبر وهو يخطب قال له: وماذا أعددت لها ؟ نقل الكرة إلى ملعبه، رد على سؤاله بسؤال آخر، هذا أسلوب.
(( فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَعْدَدْتَ لَهَا، فَكَأَنَّ الرَّجُلَ اسْتَكَانَ ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صِيَامٍ وَلا صَلاةٍ وَلا صَدَقَةٍ وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ))
يقولون أن النبي عليه الصلاة والسلام أن رجل مر فقال: هذا الرجل يحب الله ورسوله، فأحب أن يرى ماذا يفعل في الليل افتعل مشكلة أنه أنا يوجد مشكلة مع زوجتي وأريد أن أنام عندك الليلة، هذا جاء نام عنده فوجد شيء عادي، العشاء صلى وذهب ونام إلى الفجر، استيقظ صلى الفجر وعاد ونام، أين أوراده، أين قيام الليل، فلما سأل، قال له: أنا لا يوجد في قلبي غل لمؤمن.
سر تفوقه عند الله أن قلبه سليم، أيام الإنسان يحصل مكان عند الله بعبادة كثيرة، وأيام يحصل مكان عند الله بمكانة عالية، قد يكون الخلق العالي لا يقل عن العبادة الكثيفة، يوجد إنسان يصل إلى مقام بعبادة، والعبادة ضرورية، القرآن الكريم يقول:
﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً (79)﴾
العبادة مطلوبة لكن إذا إنسان أخلاقه عالية جداً يؤدي الفرائض هذا الذي يتمتع بخلق عالي جداً قد لا يقل شأناً عند الله عن هذا العاب
((... قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صِيَامٍ وَلا صَلاةٍ وَلا صَدَقَةٍ وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ))
ترى شخص عبادته من أعلى درجة لكن حاقد، يتمنى أن تقع مشكلة بين المؤمنين.
أخوانا الكرام:
بالمناسبة يعني إذا أنت فرحت لمشكلة وقعت بين المؤمنين عد نفسك منافق ولا تغلط، لأن الله عز وجل قال:
﴿ إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (50)﴾
وإذا تألمت ألم حقيقي، إذا أخوك أصابه ضرر عد نفسك من المؤمنين، هذا مقياس دقيق ولا يخيب أبداً، إذا أخوك صار معه دكتوراه ماذا حصل ؟ أنت لا تتحمل، إذا أخوك أخذ منصب رفيع إذا أخوك دعا إلى الله ونجح في الدعوة لا تتحمل.
لذلك الشافعي رضي الله عنه قال: أنا أتمنى أن يهتدي الناس بعلمي دون أن يعزى إلي مرة قال لي أخ أنه ذهب إلى بلدة في الشمال قال لي: حضرت خطبة منقولة من كتابك كلمة كلمة، قلت له: والله هذا يسعدني، ما هو المانع إذا كان هذا الكتاب أكثر ما فيه صار على ألسنة خطباء المساجد، لا يقول ولا كلمة عن أصل الخطبة لا يهمني، العبرة أن هذا الكلام وصل إلى الناس، هكذا يجب أن يكون المؤمن.
(( قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صِيَامٍ وَلا صَلاةٍ وَلا صَدَقَةٍ وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ ))
أنت مع أحببت هذا الحديث ورد خمسين رواية تقريباً، معنى هذا الحب مهم جداً، الإنسان يحب المؤمنين معهم، إنسان يحب الكفار يقول يعيشون حياة، أمورهم مرتبة، يثني عليهم وينسى كل أخطائهم من هوي الكفرة حشر معهم ولا ينفعه عمله شيئا، إذا زار بلدة أنيقة جداً نظيفة يقول: أناس راقين جداً، وإذا زار بلدة إسلامية متخلفة المسلم يكون فقير أحياناً، ينزعج كثير.
الولاء، يجب أن توالي المؤمنين ولو كانوا ضعافاً ولو كانوا متخلفين، أنت ساعدهم، والله يا أخوان يوجد أخ عندما كنت في أمريكا ألقيت محاضرات في ـ ديترويت ـ يوجد وجه أمامي طبيب لفت نظري جداً بإقباله على الدروس، من حوالي شهر أو أقل طرق بابي قبل المغرب، قال لي: أنا كنت في ـ ديترويت ـ وكنت أحضر دروسك وأنا قررت أن آتي إلى الشام واستقريت في الشام وفتحت عيادة أتأمل أن تزورني، وعملت افتتاح للعيادة، ذهبت إلى العيادة ما شاء الله كأنك في أمريكا عيادة فخمة جداً، أحدث الأجهزة، كلها غرف كالنمط الغربي، عيادة هضمية، باطنية، قلبية، نسائية شيء أنيق فسألته فقال: أنا يوجد عندي عذاب دائماً هناك أنا، أنا أعالج أعداء المسلمين، أحببت هذا العلم الذي حصلته أن أعالج به المسلمين.
صدقوني بقيت أسبوعين وأنا في نشوة، والله إنسان عظيم لم يستطع يجعل علمه في خدمة أعداء المسلمين، أراد أن يكون علمه للمسلمين، هذا هو الولاء والبراء، طبعاً قلت له هنا سوف تجد متاعب مثل كل بلد نامي، ليس الأمور ميسرة كما كنت، ولكن ألا ينبغي أن نضحي ؟ ألا ينبغي أن نعمل عمل يرضي الله عز وجل ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ولو كنت في بلد المركبة رخيصة والفيلا رخيصة، والأمور كلها ميسرة لا تشعر باختلال توازن والله أنا حاولت أن أبارك له عمله وأن أشجعه، وقدم له أي معاونة ولكن لفت نظري وقال: أنا أحب أن أعالج المؤمنين، أحب أن أجعل من علمي في خدمة المسلمين، ونقل أحدث أجهزة ونقلها إلى الشام وتعاونوا أربع خمس أطباء هذا نمط مريح جداً تدخل إلى مركز طبي كل شيء فيه هضمية، صدرية، قلبة، نسائية، نحن نريد هكذا شباب، ممكن أن تدرس في أمريكا ولكن أن تعود إلى بلدك، أن تستقر في بلدك، أن تقدم العلم إلى أمتك، لا إلى أعداء أمتك.
يوجد عدد من إخواننا سافروا إلى أمريكا ليدرسوا قلت عنهم غيابياً ولا أعرف مدى صحة كلامي ولكن أنا يغلب على ظني أنهم كذلك قلت: والله الذي لا إله إلا هو عودتهم إلى بلدهم بعد أن ينهوا الدراسة بالمائة مليار، لأنهم أصحاب مبدأ يحملون رسالة، لا قضية الحياة مريحة فاستقر ونسي أهله، لا ذهب ليتمكن من علم يعود نفعه به على المسلمين هم ثلاثة ذهبوا من أخوانا يحصلون البورد من أمريكا، قلت والله يقيني بعودتهم إلى بلدهم وخدمتهم لأمتهم بالمائة مليار لأنهم يحملون مبدأ وأصحاب رسالة، والإنسان عندما يعرف الله عز وجل هذا الرفاه كله تحت قدمه، هو يعيش لمبدأ لا يعيش لمصلحة.
((قالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صِيَامٍ وَلا صَلاةٍ وَلا صَدَقَةٍ وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ))
الطبيب، يوجد حديث يغطيه:
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الآخِرَةِ))
إنسان مريض جاء طبيب مختص اختصاص عالي متعمق بالعلم عالجه بتؤدة وصف له دواء ناجح وشفي، هذا نفس عنه كربة من كرب الدنيا، لذلك الله عز وجل الطبيب يكافئه يوم القيامة بعطاء كبير.
يوجد معنى أنا أعيده منذ مدة كثيراً وأنا متأثر به ومؤمن به وإن كان هذا المعنى ليس بصالح الدعاة إلى الله: الجنة إخواننا الكرام يستحقها كل من عمل عملاً يرضي الله مهما كان نوع العمل، أنا سوف أصورها بمدينة جميلة جداً، وكل إنسان دخلها أصبحت مباحةً له بقصورها، ومطاعمها، وحدائقها، ومسابحها، ومراكبها، وكل ما فيها من جمال وحدائق، إنسان دخلها بدراجة، إنسان دخلها بشاحنة، إنسان دخلها بسيارة سياحية، إنسان دخلها بطائرة، إنسان دخلها بأفخر سيارة، إنسان دخلها ماشياً، بعد أن دخلوها الوسائل ليس لها قيمة.
دخلوا إليها فأنت أي عمل، أنت طبيب، مهندس، محامي مدرس، صاحب مصلحة صاحب مهنة، أتقنتها، خدمت بها المسلمين، مثلك مثل أكبر داعية، لأن القضية أن تعمل عملاً خالصاً لوجه الله، كانوا أجدادنا إذا فتح المحل التجاري يقول: نويت خدمة المسلمين. من يصدق أن عملك، حرفتك اليومية هذا العمل التجاري الروتيني اليومي من يصدق أنه ينقلب إلى عبادة إذا نويت به خدمة المسلمين، هذا المؤمن، حتى حرفته، مهنته، تربية أولاده، في بيته، إذا أدخل على قلب أولاده السرور هذا عمل صالح، حتى لو أخذ أولاده نزهة هذا عمل صالح، حتى إذا اشترى لأولاده ثياب جميلة هذا عمل صالح، يوجد أشياء أصبحت عادات عند الناس لا يرقون بها، المؤمن العادات عنده عبادات ما قولك، ولا سمح الله المنافق العبادات المحضة يعاقب عليها لأنها نفاق، يعني إذا حج، أو صلى أو صام قد يحاسب عليها لأنه فعلها رياءً، أو سمعةً، فإذا أنت مؤمن إيماناً كبير يمكن أن تكون عاداتك عبادات عند الله عز وجل.
(( قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صِيَامٍ وَلا صَلاةٍ وَلا صَدَقَةٍ وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ))
آخر حديث:
(( عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ، قَالَ: هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ لا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَلا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ))
والله الذي لا إله إلا هو من علامة إيمانك أن تحب شخصاً من قارة ثانية لا يجمعك معه شيء إلا إيمانك، لا مهنتك كمهنته، مرة أستاذ الإلهيات في جامعة السوربون كلف ببحث موازنة القرآن بالإنجيل، قرأ القرآن تأثر فأسلم وأقام بتونس سنوات عديدة ثم جاء إلى دمشق ونزل بضيافة أحد أخوانا، هذا الأخ الكريم أكرمه إكراماً شديداً أعطاه بيت فخم ورعاه رعاية كافية، فمرة جاء به إلى مسجدنا وأنا دعوته إلى بيتي يعني شعرت بحب عجيب، إنسان من سكان باريس يحمل دكتوراه بالإلهيات ـ اللاهوت ـ لا يوجد شيء يجمعني معه، فلما صار مسلم وعرف الله كأني وجدت نفسي به.
من مدة كتابه اطلعت عليه، رجل أمريكي ملحد أستاذ رياضيات في سان فرانسيسكو إنسان ملحد هل يوجد شيء يجمعك معه، لا عربي، ولا مسلم، ولا مؤمن، ولا شيء، لا يوجد أي شيء يجمعك معه، أسلم والآن هو الآن من كبار الدعاة في أمريكا ما تمكنت أن ألتقي به، من كبار الدعاة قرأت كتابه، شيء تقرأه تبكي عملت أربع دروس في العثمان من كتابه، ما هو السر ؟
قال: دخل عمير على رسول الله والخنزير أحب إلي منه، وخرج من عنده أحب إلي من بعض أولادي. هذا الدين لما عرف الله عز وجل كأنه أخوك، مرة سمعت مناقشة رجل أساسه من السند مقيم في جنوب إفريقيا ولا يتكلم العربية ولكنه مؤمن كبير ناظر بعض رجال الدين، كانت مناظرته عالية جداً، قلت: والله أقرب لي من أخي النسبي، أقسمت بالله لما سمعت محاضرته أقرب إلي من أخي النسبي، هذا هو الدين، الدين يجمع ولا يفرق، الدين يقيم علاقة ود تفوق حد الخيال، والدليل قوله تعالى:
﴾وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)﴿
((قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ، قَالَ: هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا..))
إنسان أحياناً وكيل شركة يأتي مدير عام الشركة يحتفل به احتفال يفوق حد الخيال، يقدم له هدايا، قطع ذهبية، وفولكلور، وفنون دمشقية، ويطعمه في أفضل مطعم، لأنه يوجد نفع كبير، لو أن هذه الشركة سحبت الوكالة منه وجاء إلى الشام زيارة ثانية لا ينظر إليه إطلاقاً، بالعكس يعاديه، اليوم تمدح البضاعة لا يوجد منها، لما سحبت منه الوكالة أصبحت هذه البضاعة غير جيدة، ثاني يوم يغير كلامه، هذه مصالح.
(( هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا، فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ لا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَلا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ))
هذا درسنا اليوم أن تحب إخوانك المؤمنين، أن تحبهم حباً عميقاً أن تفرح لنجاحهم، لفوزهم، لتفوقهم، أن تفرح لهم عند نجاحهم وعند حل مشكلاتهم، أن تكون عوناً لهم، أن يكون الجميع للواحد والواحد للجميع، هكذا ربى النبي أصحابه، أما المظاهر الصارخة الإسلامية هذه لا تقدم ولا تؤخر، الدين ليس برقص، عرضوا بهذا الجامع فولكلور إسلامي، رقص، ونحن على عكس ذلك نسير على الكتاب والسنة، فالدين ليس رقص، ولا فولكلور، ولا غناء، ولا طرب، ولا نقوش، ولا زينة، الدين منهج يطبق بين المؤمنين.