- الحديث الشريف / ٠1شرح الحديث الشريف
- /
- ٠3أحاديث متفرقة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علِّمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
الترهيب من كثرة الكلام :
أيها الأخوة الكرام ، لازلنا في إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم ، واليوم الحديث عن الترهيب من كثرة الكلام ، القاعدة الذهبية : " من كثر كلامه كثر خطؤه " ، فيك يا فلان خصلتان يحبهما الله ورسوله : الصمت وحسن الخلق ، الساكت في سلامة ، والمتكلم إما له أو عليه .
احذر لسانك أيها الإنســان لا يلدغنك إنه ثعبـــان
كم في المقابر من قتيل لسانه كانت تهاب لقاءه الشجعان
***
أول حقيقة في هذا الدرس أنك حينما لا تعدّ كلامك من عملك فأنت في خطأ كبير، فعَنْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ سبعين خريفاً ))
كلمة ، كلمة تسبب طلاقاً ، كلمة تسبب فصم شركة ، كلمة تسبب شقاء أسرة ، كلمة تسبب عداء مستحكماً .
(( إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ سبعين خريفاً ))
أخطاء اللسان :
أيها الأخوة الكرام ، هناك وهم عند المسلمين خطير جداً ، وهو أن المسلم حينما يتوهم أنه لم يفعل الكبائر ، لا قتل ، ولا سرق ، ولا زنا ، ولا شرب خمراً ، كأنه نجا ، استمع إلى قول النبي عليه الصلاة والسلام :
(( أَلَا إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يُعْبَدَ فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَبَدًا ، وَلَكِنْ سَيَكُونُ لَهُ طَاعَةٌ فِي بَعْضِ مَا تَحْتَقِرُونَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ فَيَرْضَى بِهَا ))
أكثر المسلمين عنده قائمة طويلة يتوهم أن كل بنودها صغائر لا قيمة لها ، ولا تقدم ، ولا تؤخر ، ويقول لك : كلام في كلام ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ :
(( حَكَيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا ، فَقَالَ : مَا يَسُرُّنِي أَنِّي حَكَيْتُ رَجُلًا ، وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا ، قَالَتْ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ صَفِيَّةَ امْرَأَةٌ ، وَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا ، كَأَنَّهَا تَعْنِي قَصِيرَةً ، فَقَالَ : لَقَدْ مَزَجْتِ بِكَلِمَةٍ لَوْ مَزَجْتِ بِهَا مَاءَ الْبَحْرِ لَمُزِجَ ))
مع أن أكبر مدينة ساحلية مياهها آسنة ، تخوض غمار البحر عشرات الكيلو مترات والماء أسود ، والبحر لا ينجس ، البحر طهور ماؤه ، حل ميتته ، أما كلمة قصيرة فلو مزجت بمياه البحر لأفسدته .
هذا اللقاء وهذا الدرس حول أخطاء اللسان الكبيرة ، ترى المجتمع ممزقًا ، ترى الحي منقسماً ، بسبب هذا اللسان ، لذلك :
(( لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ ، وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ ، وَلَا يَدْخُلُ رَجُلٌ الْجَنَّةَ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ ))
المتكلمون المنقطعون عن الله شياطين :
أكبر كلمة ينبغي أن نذكرها في هذا الدرس يجب أن تعد كلامك من عملك ، أضرب لكم بعض الأمثلة .
امرأة مؤمنة طاهرة ، لها زوج تحبه ويحبها ، وتطيعه ويكرمها ، أنجبت مولوداً، زارتها جارة لها ، قالت لها : ماذا قدم لك في هذه المناسبة ؟ قالت : ما قدم لي شيئًا ، قالت : يا حسرة عليك ! كلمة ، تألمت ، صغرت أمامها ، يليق بك زوج يضعك في عينيه ، زوجها فقير ، وموظف ، ودخله من حلال ، وليس مستعدًا أن يمد يده للحرام ، فلما قالت لها هذه الكلمة اسود زوجها في عينيها ، جاء ظهرًا فإذا هي متغيرة ، لا ابتسامة ، ولا أهلاً وسهلاً ، منزعجة ، ما الذي حصل ؟ اسكت ، يعلو صوته عليها ، يعلو صوتها عليه ، يتكلم كلمة قاسية تبكي ، تذهب إلى بيت أهلها ، تأتيها خالتها وعمتها يغذيانها ، ألاّ تعودي إليه ، قد ينتهي هذا الزواج بالطلاق ، والله عندي آلاف الشواهد من كلمة قالتها جارة ، هذه التي قالت شيطانة .
قصة ثانية ، شابة نشأت في بيت مؤمن ، بيت فيه منهج ، فيه أدب ، فيه حياة ، همها قيام الليل ، همها صلاتها ، همها عبادتها ، همها دراستها ، همها تحصينها ، واثقة من نفسها ، واثقة من ربها عز وجل ، يأتي قريب لها من محارمها ، لماذا أنت سوداء ؟ من تشبهين ؟ لا يخطر في بالها إطلاقاً معنى لونها ، هذا بعيد عن عالمها كلياً ، فعلاً هي غامقة ، من يخطبك ؟ هذا الإنسان بحقها مجرم أدخلها في عقدة .
والله أيها الأخوة ، كل كلمة تقال في المجالس ، في السهرات ، في النزهات ، في الندوات ، أحياناً تقول : شيطان يتكلم ، تدخل إلى بيت صغير ، صاحبه فرح به ، مختل توازنه من فرحه ، عنده بيت ملك ، ما هذا البيت ؟ يقول له : هذا لا يسكن كيف اشتريته ، هو عنده بيت ثلاثمئة متر ، وهو تاجر ، وغني ، وهذا الذي زاره ابن أخيه موظف محترم ، مستقيم صادق ، أخذ بيتًا يقدر بستين مترًا ، يسوّده في عينيه ، ترى حياته نغصت ، لذلك يقول عليه الصلاة والسلام :
(( ليس منا من فرق ))
والله أيها الأخوة ، أنا لا أصدق أن مؤمنًا يسوّد حاجات إنسان مستقيم بعينه ، إما أن يسوّد بعينه عينه ، أو زوجته ، أو أولاده ، أو دخله ، أو وظيفته ، يكون موظفًا يعمل بمحل ، صاحب المحل إنسان كريم ، ويعطيه معاشًا معقولًا ، وفي ذهنه أشياء كثيرة له ، يزوجه فرضاً ، يأخذ له بيتًا ، وهما في تفاهم ، وفي إخلاص ، وفي ود ، يأتي عنده إنسان ، ماذا يعطيك ؟ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ ))
والله ثمانية آلاف ، ثمانية ؟ لا تكفيك ثلاثة أيام ، أنت مجنون ، أنت تستحق عشرين ، كبر رأسه ، بدأ ينتقم ، يعترض ، لا يكفي المعاش ، قال له صاحب العمل : مع السلامة ، ما وجد عملاً ، عنده زوجة ، أنت ماذا فعلت معه ؟
والله أيها الأخوة ، أكثر المتكلمين المنقطعين عن الله شياطين ، يفرقون بين المرء وأهله ، بين الأم وابنها ، بين الشريك وشريكه ، بين الجار وجاره ، ما عنده غير النقد ، ما عنده إلا الاستعلاء ، كأنه أكل أكلة حامضة ، دائماً مكشر ، ما عنده إلا النقد ، تصغير حاجات الناس في عيونهم ، فلذلك يقول عليه الصلاة والسلام:
(( ليس منا من فرق ))
وهذا الحديث أيها الأخوة والله ينخلع له القلب .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ لَا يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ))
أحيانا لا يتكلم ، ماذا قالوا : تزوجت ؟ نعم تزوجت ، من أخذت ؟ والله فلانة ، لا يتكلم ولا كلمة ، فقط يهز ثوبه ، يطلقها في اليوم الثاني ، ماذا قلت ؟
أقسم بذات الله ، أحياناً لا أرى في هؤلاء الأشخاص إلا شياطين من الإنس ، معلمة عندها طالبة متربية ، عندها خجل ، المدرسة لها رهبة عندها ، تقول لها : أنت غبية ، وهي في الصف السادس أو في السابع ، تنشئ عندها عقدة للموت ، أنها غبية لا تنجح ، تكون متفوقة ، قالت لها المعلمة : أنت غبية .
من كثر كلامه كثر خطؤه :
أنا أقول لكم أيها الأخوة : الشريحة الكبيرة من المسلمين لا تزني ، الشريحة العريضة في بلادنا لا تزني ، لا تشرب خمراً ، لا تقتل ، لا تسرق ، لكن هذا اللسان خطير ، كيفما تكلم ينتقد ، وكيفما تكلم يؤذي ، وكيفما يتكلم يستعلي ، وهذا الشيء بين النساء كبير جداً.
أحيانا تستعير سوارين أو ثلاثة للعرس ، تضع من هنا إلى هنا ، والله زوجي اشترى لي ، هذه التي تتفاخر بما ليس لها شيطانة ، همّها أن تكسر عين مَن حولها ، وتستعلي عليهم ، ترى مجتمع المسلمين مجتمعًا ممزقًا ، مجتمعًا فيه عداوات ، وفيه خصومات من هذا اللسان .
احذر لسانك أيها الإنســان لا يلدغنك إنه ثعبــــان
كم في المقابر من قتيل لسانه كانت تهاب لقاءه الشجعان
***
فلذلك الترهيب من كثرة الكلام ، من كثر كلامه كثر خطؤه ، نضر الله عبداً أوجز في كلامه ، واقتصر على حاجته ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( أَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ))
إذا كان عندك رغبة بدراسة اجتماعية فاجلس جلسة مع أقربائك ، وكن مستمعًا ، ولاحظ ماذا يقولون ، تسعون بالمئة من حوارهم حول كلمة قال فلان متجنياً على فلان ، وفلان رد عليه بكلمة أقسى ، وصاروا في قطيعة بينهما ، لا تزاور ، ولا تواصل ، من كلمة ، فلذلك النبي عليه الصلاة والسلام ما من شيء يقرب بيننا إلا ذكره ، وما من شيء يباعد بيننا إلا نهانا عنه ، فأنت اجمع الأحاديث الاجتماعية .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( لَا تَحَاسَدُوا ، وَلَا تَنَاجَشُوا ، وَلَا تَبَاغَضُوا ، وَلَا تَدَابَرُوا ، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ، لَا يَظْلِمُهُ ، وَلَا يَخْذُلُهُ ، وَلَا يَحْقِرُهُ ، التَّقْوَى هَاهُنَا ، وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ ، وَمَالُهُ ، وَعِرْضُهُ ))
الكبائر اللسانية تحول بين الإنسان و الجنة :
أنا أقول لكم : كلما تماسك الناس عن طريق الانضباط ، عدم الغيبة ، عدم النميمة، أقول لكم مرة ثانية : هناك كبائر لسانية ، كبائر لسانية تحول بينك وبين دخول الجنة، منها النميمة ، وهي متفشية بين المسلمين بشكل وبائي ، سمعت ما قال عنك ؟ قال : إنك لا تفهم شيئًا ، فعلاً قالها ، لكن أنت حينما قلت له ماذا فعلت ؟ ماذا حققت ؟ لو سكتت فهناك شعرة معاوية بينهما ، هناك بقية تواصل ، أما المؤمن فلا يمكن أن ينقل كلامًا سيّئًا قيل في فلان لفلان ، يحدث شرخًا ، وانهدامًا ، وحقدًا ، وتفكيرًا بالانتقام ، وأحدث فضيحة ، ونشر غسيلا ، مجتمع المسلمين مفتت ، مجتمع المسلمين متناحر ، متحاسد ، متنابز بالألقاب ، هناك استهزاء ، وسخرية ، واستعلاء .
من لم يكن مستقيماً فلا معنى لعباداته :
تقول لي : مؤمن تصلي ، مؤمن تصوم وتحج ، هذه عبادات شعائرية بينك وبين الله ، وهذه عبادات شعائرية فيها تقبض ثمن استقامتك ، فإن لم تكن مستقيماً فلا معنى لها إطلاقاً ، اسألني الدليل ، نبدأ بالصلاة .
النبي عليه الصلاة والسلام لما سأل أصحابه الكرام من هو المفلس ؟ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( أتَدْرُونَ مَنْ الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا لَهُ دِرْهَمَ ، وَلَا دِينَارَ ، وَلَا مَتَاعَ ، قَالَ : الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ يَأْتِي بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا ، فَيُقْعَدُ ، فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ، فَطُرِحَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ))
أين صلاته ؟ الإنسان حينما يفرق بين الناس بكلامه ، حينما يرتكب جريمة النميمة ، قَالَ حُذَيْفَةُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
(( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ ))
لا صلاة لك ، ولا صيام لك ، ولا حج لك ، ليس معقولاً ، دائماً كلامك فيه إساءة، فيه نقد ، فيه تجريح ، فيه قنص ، وأنت مرتاح ، السهرة إلى الساعة الواحدة كلها بالغيبة والنميمة ، والجماعة مسرورون ، بعد ذلك يقرؤون الفاتحة حينما ينتهون ، وكأنهم في عبادة .
الغنى والفقر بعد العرض على الله :
أيها الأخوة قال عليه الصلاة والسلام :
(( أَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ))
(( مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ ))
مرة زرت أحد إخواننا الكرام ، غرفة الضيوف صغيرة جداً ، إلى درجة أنها لا تتسع إلا لعدد من المقاعد ، وفيها طاولة في الوسط ، وبين المقاعد والطاولة مسافة صغيرة جداً ، فالأخ استحيا بهذه الغرفة ، قلت له : من أنت أمام سيد الخلق وحبيب الحق ؟ كانت غرفته التي ينام فيها لا تتسع لصلاته ونوم زوجته ، فكانت زوجته عائشة رضي الله عنها تنزاح جانباً كي يصلي ، هل هناك غرفة نوم لواحد منا لا تتسع لنوم امرأته وصلاته ؟ كم مساحتها ؟ قلت له هذا الكلام فَسُرّ .
أنا أرى - والله - وأطبق ذلك ، أينما تحركت ، أينما دخلت أحسن دنيا الناس في عيونهم ، العبرة بمعرفتك لله ، العبرة بطاعتك له ، العبرة غنى النفس ، الغنى والفقر بعد العرض على الله .
التقرب من الله يكون بالتخفيف عن الآخرين :
هناك حالات ثانية ، إنسان يشكو لك ابنه ، تقول له : والله أنا عندي ابن ما شاء الله ، قمة في الكمال ، حرقت قلبه بزيادة ، عندك ابن جيد ، اشكر ربك بينك وبين ربك على انفراد ، لكن ما وجدت مناسبًا أن تشكر الله على ابنك الصالح إلا أمام هذا الذي يتلوى من عقوق ابنه ؟ يجب أن تتكلم كلامًا طيبًا .
تريد دليلاً ؟ عَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ :
((... وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَرَّ بِأَبِي بَكْرٍ ، وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالَ : مَا لَكَ يَا حَنْظَلَةُ ؟ قَالَ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا أَبَا بَكْرٍ ، نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ كَأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ ، فَإِذَا رَجَعْنَا إِلَى الْأَزْوَاجِ وَالضَّيْعَةِ نَسِينَا كَثِيرًا ، قَالَ : فَوَاللَّهِ إِنَّا لَكَذَلِكَ ... ))
أنا أرى التقرب من الله إذا شكا إنسان لك شيئًا ألاّ تتركه مستوحشًا وحده ، والله قضية عامة ، يا أخي والله بلوى عامة ، الآن صعب جدًّا ، الأولاد صعاب جداً ، وسائل الإغراء كثيرة ، الله يعينني ويعينك على تربيتهم ، فيها جبر خواطر ، فيها طمأنينة ، كلما رأيت إنسانًا شكا لك قضية فأنت تستثني نفسك ، وأنت عندك زوجة ليس لها مثيل ، وما شاء الله ، طبخ ، ونفخ ، وأناقة ، وشكل ، ما علاقتهم بزوجتك ؟ هذا كلام من الشيطان ، يؤكد هذا لما شكا القبطي له مرة ثانية ، قال : هذا من عمل الشيطان .
أنا أحياناً لما أسمع عن إنسان مجرم ، ألقي القبض عليه ، وصُوّر بحالة ذل شديد، أقول : هذا من عمل الشيطان ، اضبط كلامك ، يمكن أن ترقى إلى أعلى عليين عن طريق لسانك ، هناك كلمة مطمئنة ، كلمة فيها تطييب قلب .
المؤمن محبوب يطيّب قلوب الناس :
الآن في الإيجابيات ، يدخل إنسان موظف كبير ، حوله موظفون صغار ، لا يتكلم كلمة ، ولا يسلم ، ولا يسأل ، يظن أن هذا يعلو بمقامه ، لا ، لو سألت هذا الحاجب : كيف حالك يا بني إن شاء الله بخير ؟ صحتك طيبة ، أولادك بخير ، يمكن أن يبقى شهرًا يترنم بكلامك ، ماذا كلفك هذا ؟ كلمة طيبة ، والكلمة الطيبة صدقة ، ترى المؤمن موفقًا محبوبًا متواضعًا ، يطيّب قلوب الناس .
أيها الأخوة ، إما أن تمدح أهلك مدحًا غير معقول ، أو أن تمدح أولادك ، كيفما جلست تتكلم المرأة عن أولادها ، وأولادها دون الوسط ، وقد يكونون أقرب إلى الضعف ، هوس ، مديح الأهل ، مديح الزوج ، مديح الأولاد ، مديح البيت من أجل الاستعلاء ، ترى هذا الكلام كله كلامًا شيطانيًّاً ، لذلك قال الله عز وجل :
﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾
المعنى المخالف : أن معظم كلام الناس أحياناً وهم في غفلة عن الناس ينطقون عن الهوى ، النبي e لا ينطق عن الهوى ، لا يتكلم كلامًا لإحراج إنسان ، حتى إنه في بعض الآثار : " لا تحمروا الوجوه " ، لا تحرج إنسانًا ، قال له : السعر فرضاً كذا ، وهو لا ينتبه ، وأمام عشرين شخصًا ، معقول هذا السعر ؟ أين أنت ؟ القضية ليست متعلقة بالعقيدة ، ولا متعلقة بالدين ، متعلقة بدرجة حرارة ، أو بخبر سمعه ، يحرجه ، هناك أشخاص قناصون يحب أن يحرج الناس ، وفي الأثر : " لا تحمروا الوجوه " ، لا تخجله ، قال كلمة لا علاقة لها بالدين ولا بالعقيدة ، اسكت عنها .
ضبط اللسان يحتاج إلى جهد كبير :
أيها الأخوة :
(( أَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ))
يده موضوع آخر ، اليوم درسنا ( بلسانه ) فقط ، من الصور الرائعة التي وردت في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ ))
لحييه لسانه ، ما بين رجليه فرجه ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ : كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ فَقُلْتُ :
(( يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ ، وَيُبَاعِدُنِي عَنْ النَّارِ ، قَالَ : لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ، تَعْبُدُ اللَّهَ ، وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا ، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ ، ثُمَّ قَالَ : أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ ، قَالَ : ثُمَّ تَلَا : ]تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ[ حَتَّى بَلَغَ ]يَعْمَلُونَ[ ، ثُمَّ قَالَ : أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ كُلِّهِ ، وَعَمُودِهِ ، وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ ؟ قُلْتُ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ، ثُمَّ قَالَ : أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ؟ قُلْتُ : بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ ، قَالَ : كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا ، فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَقَالَ : ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ، أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ))
حينما تعلم أن كلامك من عملك فلك حال مع الله راقٍ جداً ، ضبط اللسان يحتاج إلى جهد كبير ، لأن الكلمة إلقاؤها سهل جداً ، إن أردت أن تقيم وليمة تحتاج إلى وقت ، تفرغ ، إعداد الأعمال ، كلها تحتاج إلى جهد ، إلا الكلام ، كلمة ، قال كلمة ومشى ، وهذه الكلمة فعلت فعل القنبلة في هذه الأسرة ، فلذلك يجب أن نعد كلامنا من عملنا :
(( مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ ))
لذلك هناك تعريض ، وتوبيخ ، وازدراء ، وسخرية ، وتهكم ، وتمطٍّ ، ومناوشة، ومهاترة ، وتنابز بالألقاب .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
(( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ))
كلمة ، لذلك في بعض الأقوال : " قذف محصنة يهدم عمل مئة سنة " .
العاقل من يتأكد مما وصله من الكلام قبل أن يندم :
هناك أشخاص أيها الأخوة أسهل شيء عليهم إلقاء التهم ، يلقون هذه التهم وكأنها قنابل ، وينصرفون ، صدقوا في هذا الأسبوع سمعت تهجمات على بعض الأشخاص ، والله كلام لا أصل له ، لا أصل له إطلاقاً ، وتحققت من ذلك ، قال تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾
أتمنى أن أضع بين أيديكم قاعدة ، لك أخ محب ، تحبه ويحبك ، وتقدره ويقدرك، وتعظمه ويعظمك ، بلغك عنه قصة سيئة جداً ، ماذا تفعل ؟ سأقول لكم ماذا سيجري ، تحتقره احتقارًا ، وتسقطه من حسابك ، وبالتعبير العامي قطعت له ورقة ، ما تحققت ، ما سألت ، ما بحثت ، ما دققت ، هذا عمل خطير جداً ، وعمل فيه مؤاخذة كبيرة من الله ، تأتي إليه ، يا أخي بلغني عنك كذا وكذا ، بينك وبينه ، وأنت غال علي ، أنا أخ وفيّ لك ، حدثني عن حقيقة هذه التهمة ، أول احتمال رائع ، تكون التهمة لا أساس لها من الصحة ، والله مئات التهم تصل إلى سمعي أنا لا أصدقها ، لما أتحقق فعلاً أجد أنه لا أصل لها ، لو أنني تورطت، واتهمت هذا الإنسان في دينه ، أو في علاقاته ، وأنا غير منصف ، أنا أؤاخذ ، لذلك الإمام الغزالي حدثنا عن غيبة القلب ، القلب يغتاب من هنا : الذنب شؤم على غير صاحبه إن ذكره فقد اغتابه ، وإن رضيه شاركه في الإثم ، وإن عيره ابتلي به ، تصور أنت لم تذنب ، لكن غيرك أذنب ، أنت أمام ثلاثة مزالق ، أول مزلق أن تقع في الغيبة ، والثاني أن تقع في مشاركة الإثم ، والثالث أن تقع في التعيير ، ومن عيّر أخاه بشيء ابتلاه الله به .
لكن هناك حالة ثانية ، تعرف أن أخاك إنسان ورع جداً ، ومستقيم ، وتعرف له خصوم ، فجاءتك عنه تهمة ، أنت موقن أنها غير صحيحة ، فإذا ما سألته فلا مانع ، إذا لم تهز هذه الفكرة أو هذه التهمة مكانة أخيك عندك فما مِن داعٍ أن تقول له.
اختيار أفضل كلمة في المجادلة :
لكن هذه التهمة غيرت قلبك اتجاهه ، هناك استفهام ، ينبغي أن تفاتحه ، تفاتحه ، أو لا تفاتحه ، تفاتحه إن تغير قلبك تجاهه ، ولا تفاتحه إن كنت متأكداً من استقامته ومن عفافه ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
(( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ))
قال تعالى :
﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ﴾
نأخذ الناحية الإيجابية ، قال تعالى :
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾
الآية الثانية :
﴿ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾
( أحسن ) اسم تفضيل ، ففي المجادلة يجب أن تختار أفضل كلمة ، أحسن كلمة ، أحسن عبارة ، قال تعالى :
﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾
في الدعوة إلى الله الموعظة الحسنة ، أما في المجادلة ]
وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [ ، في أثناء المجادلة هناك جرح ، إذا كان عندك عشر جمل يجب أن تختار أحسنها ، أما في الدعوة على الله فينبغي أن تكون الدعوة حسنة ، أما في المجادلة فيجب أن تكون أحسن.
ضبط اللسان :
ثم دققوا في هذا الكلام ، المنهج في الحوار من أجل ضبط اللسان ، قال تعالى :
﴿ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾
الحق كرة عندنا أو عندكم ، هذا فيه تواضع ، لا يوجد فيه استعلاء ، الإمام الشافعي يقول : " أنا على حق ، وخصمي على باطل ، وقد أكون مخطئاً ، وخصمي على باطل ، وقد يكون مصيباً " .
هذه النفسية المتواضعة تحبب الناس إليك ، والنفسية المتعجرفة التي فيها استعلاء هذه تبغض الناس منك ، لو تجاوزنا ذلك إلى أنه يمكن أن تكذب برخصة من النبي صلى الله عليه وسلم للتقريب بين المؤمنين ، هناك خصومة ، وشحناء بين اثنين ، التقيت بأحدهما ، قلت له : البارحة كنت عند خصمك ، البارحة فعلاً جاءت سيرتك ، أثنى عليك كثيراً ، ما شاء الله يعرف قيمتك ، يلين قلبه ويرتاح ، والله أنا غلطان ، هذا مطلوب منك ، طبعاً مطلوب، لا تنقل شيئاً سيئاً ، هذا سلبي ، الإيجابي مطلوب ، أن تنقل أجمل صورة ، أحياناً الأب والأم ، يغضب الأب تكون الأم غائبة ، يسب أحياناً ، ماما سبك في غيابك ، شيطان ، أحياناً أحد أسباب الشقاق الزوجي الأولاد ، يعرف أن والده يرضيه أن يحدثه عن أخطاء أمه، ويعرف أن الأم ترضى إذا حدثها عن أخطاء أبيه ، ترى الزوجين في حرب ، والسبب هؤلاء الأولاد .
الابتعاد عن فساد ذات البين :
أيها الأخوة ، إياكم وفساد ذات البين ، إياكم ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ ، وَالصَّلَاةِ ، وَالصَّدَقَةِ ؟ قَالُوا : بَلَى ، قَالَ : صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ ، لَا أَقُولُ : تَحْلِقُ الشَّعَرَ ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ ))
هل هناك حديث أوضح من هذا الحديث ؟
(( عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ ، وَالصَّلَاةِ ، وَالصَّدَقَةِ ؟ قَالُوا : بَلَى ، قَالَ : صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ ، لَا أَقُولُ : تَحْلِقُ الشَّعَرَ ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ ))
الآية الكريمة :
﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ﴾
أمر إلهي وكل أمر في القرآن يقتضي الوجوب :
﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ﴾
بالاستقامة يقطف الإنسان كل ثمار الإسلام :
شيء آخر ، تحدثنا قبل قليل عن الصلاة ، أنها إن رافقها سباب وشتائم ، وعدوان وضرب ، وأكل مال حرام ، هذه الصلاة لا قيمة لها ، قد تنتهي بصاحبها في النار .
الصيام : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ))
كأنه لم يصم ، و رُبّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش .
الزكاة ، قال تعالى :
﴿ قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ ﴾
بقي الحج ، من حج بمال حرام ، و وضع رجله في الركاب ، و قال : لبيك اللهم لبيك ، ينادى : أن لا لبيك ، ولا سعديك ، وحجك مردود عليك .
بالدليل القطعي الثابت ، لا الصلاة ، ولا الصيام ، ولا الحج ، ولا الزكاة تنفع صاحبها إن لم يكن مستقيماً على أمر الله ، بالتعبير المهني ضربة المعلم أن أدعوكم إلى الاستقامة ، بالاستقامة تقطف كل ثمار الإسلام ، من دون استقامة الإسلام ثقافة ، معلومات ، وكتب ، ومجلات ، ومحاضرات ، وندوات ، ومؤتمرات ، ومساجد ، لكن هذا كله لا يقدم ولا يؤخر ، لأن الله عز وجل يقول :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾
الكلمة الصادقة ترفع الإنسان إلى أعلى عليين :
آخر حديث ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ ))
كلمة فيها تطييب قلب ، كلمة فيها احترام ، كلمة فيها دعوة للصبر ، كلمة فيها أن يرضى عن ربه .
أحياناً إنسان يشكو لك أمره مع الله ، الله عز وجل غفور رحيم ، الله عز وجل سميع عليم ، الله يمتحنك ، إذا أحبّ الله عبداً ابتلاه ، إذا أحب الله عبداً جعل حوائج الناس عنده، هناك كلمات تملأ القلب سروراً ، هذا الحديث إيجابي :
(( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ ))
كم من كلمة مخلصة سببت هداية إنسان ، كم من كلمة حانية دفعت إنساناً إلى طريق الخير ، كم من كلمة صادقة رفعت حال إنسان إلى أعلى عليين ، كما أن هناك أحاديث فيها ترهيب هناك أحاديث فيها ترغيب .