- الفقه الإسلامي
- /
- ٠3موضوعات متفرقة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
طلب العلم :
في موضوع طلب العلم ، الذي لاحظته أن أكثر الإخوة الأكارم يحضرون هذه المجالس ويستمتعون بها أولاً ، وينتفعون بها ثانياً ، لكنهم إذا أرادوا أن ينفعوا غيرهم بهذه المجالس ، فإن قدرتهم على نفع الآخرين تبدو محدودة ، لسبب أن هذا الذي استمعوا إليه وتأثروا به في الجلسة هذه مثلاً ، أو يوم الجمعة لا يستطيعون أن ينقلوا هذا التأثير إلى من حولهم إذا ما أرادوا ذلك ، لأن كل ما ليس في القرطاس ضاع .
مثلاً : نحن يوم الأحد منذ أكثر من خمس سنين نعطي بعض الأحاديث من كتاب الجامع الصغير ، هذا الكتاب متوافر في الأسواق ، فلو أن إنساناً اقتنى هذا الكتاب ، وحينما حضر إلى هذا المجلس ، وعاد إلى البيت ، فتح الكتاب ووضع خطاً أحمر تحت الأحاديث التي تمَّ شرحها ، هو إذا ألقى على هذا الكتاب نظرة أو على هذا الحديث يذكر كل ما قيل حوله ، قد نقول حوله ساعة ، أو نصف ساعة ، أو عشر دقائق . إذا قرأ الحديث الشريف تذكر كل شيءٍ قيل حول هذا الحديث .
فلو جلست مع زوجتك ، لو جعلت لأولادك وزوجتك درساً أسبوعياً رسمياً ، لو أن لك أخواتٍ متزوجات ، وجمعتهن في الأسبوع مرة وألقيت عليهن هذه الأحاديث وما بقي في ذاكرتك من شرحها ، هذا الذي تعلَّمته ينتفع به الآخرون ، أما إذا حضرت ، واستمعت ، واستفدت ، وتأثَّرت ، وأعجبت ، كل هذا الخير انصب عليك ، وأنت لم تستطع أن تنقل هذا الخير إلى الآخرين .
إذاً الكتاب الذي ندرسه ، طبعاً هذا الكلام ليس لكل من يحضر ؛ لكن من كان طالباً للعلم ، ومن أراد أن يستفيد من طلب العلم ، ومن أراد أن يؤثِّر في الآخرين لا بد له من وسائل ، أن يقول : والله هناك دروس رائعة جداً . قد لا يرضى فلان أن يأتي معك إلى الدرس، ألا تستطيع أن تنقل له شيئاً مما تعلمته ؟! هذا الشيء لا بد منه .
فالإنسان عندما يقتني كتاب الجامع الصغير ، يستطيع أن يتذكر عشرات أو مئات الأحاديث التي تمّ شرحها في هذا المسجد ، طبعاً هذا الحديث الشريف بالمناسبة هناك حديث واضح جميل جداً ، وحديث قد لا تعرف تفسيره ، و هناك أشخاص إذا وجد حديثاً يأخذه على ظاهره ، ويسأل كيف يقول عليه الصلاة والسلام هذا الحديث وهذا الحديث يتناقض مع هذا الحديث؟! إن كنت تريد أن تدخل في هذه المتاهة لا تشتري هذا الكتاب ، لكن إذا أردت أن تقرأ الأحاديث التي اخترتها أنا لك ، في الصفحة قد أختار حديثاً أو حديثين أو ثلاثة ، كل ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام حق لكن هناك حديث معناه ظاهر ، وأثره ظاهر ، وله علاقة بحياتنا اليومية ، وأحاديث قد لا نستطيع فهمها ، وإذا فُهمت لا تتصل بحياتنا اليومية ، ونحن حينما لا نعرف أن نوجه هذا الأحاديث - هذا الكلام أقوله لكم - دعه أوقفه ، إما أن تسأل عنه وإما أن توقفه .
الأحاديث كثيرة منها واضح المعنى و منها ما يحتاج إلى تفسير :
مرة أنا مرة قرأت حديثاً : " اطلعت على أهل الجنة فرأيت أكثر أهلها البله " .
والله هذا الحديث لم أستوعبه ، كيف يكون أهل الجنة بلهاً ؟ المؤمن كيسٌ فطنٌ حذر ، المؤمن كيِّس ، فطن ، حذر ، المؤمن صاحب فطنة ، ذكي ، يقظ ، صاحب ملاحظة " ما اتخذ الله ولياً جاهلاً لو اتخذه لعلمه "
مئات الأحاديث تؤكِّد أن المؤمن ذكي ، فكيف نفسر هذا الحديث ؟ موقوف الحديث حتى يفتح الله لنا معناه .
مرة سألني إنسان عن هذا الحديث ، استطعت أن أفهم منه شيئاً ، إذا الآن إنسان جاءته فرصة صفقة فيها ربح مليون ليرة مثلاً هو طبيب شرعي ، وجاءته حالة تسمم ، أخذ عينة من المعدة ، وجد فيها سماً ، جاءه سين من الناس . قال له : يا دكتور اكتب لنا أن الوفاة كانت طبيعية ، وخذ هذه الملايين الخمسة لأن هذا الإنسان الميت خلّف وراءه مئة مليون اكتب الوفاة طبيعية ، وخذ هذه الملايين الخمسة .
فهذا رفض إحقاقاً للحق ، قال : الموت تسمم ، وفي الأمر جريمة . ألا يقول له معظم أصدقائه : أنت مجنون ، يا أخي مات وانتهى ماذا تريد منه ؟ خذ خمسة ملايين ، خذ بيت بالمالكي بمليوني ليرة وبيت بحاليا بمليون ، ثلاثة ملايين ، خذ سيارة بمئتين وخمسين ألفاً - مازدا - خذ شاليه على البحر ، ماذا تريد من وجع الرأس ، واكتب الوفاة طبيعية ؟!! ألا يتهم هذا الإنسان المستقيم النزيه أنه أبله ؟
فهذا البله إن صح التعبير من نوع آخر ، قد تعرض له صفقة رابحة، فيها شبهة ، تقول : إني أخاف الله رب العالمين . سيدنا يوسف حينما دعته امرأة العزيز ، ألا يقيّمه أراذل الناس بأنه أبله ؟ هذه فرصةٌ لا تعوَّض :
﴿ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ﴾
هناك حديث لا يكون معناه ظاهراً أمامك ، لكن لو تعمَّقت فيه تجد له معنى عميقاً جداً مثلاً : لو لم تذنبوا لخفت عليكم ما هو أكبر ....
((لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ))
لو مر معك حديث هكذا توقف عنه وقل : لا أعرف ، ليس من المعقول أن يكون معناه الظاهري هكذا ؟!
((لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ تَعالى فَيَغفِرُ لَهُم ))
اسأل عنه ، إذا سألت عنه وأبلغوك ، هذا الذنب هو الشعور بالذنب ، إذا الإنسان ما شعر بذنبه فهو هالك وميت القلب ، إذا اغتاب إنساناً وذهب لينام ، وصدر منه صوت الشخير وقال لك : ماذا فعلنا ؟ لم نفعل شيئاً ، لم نقتل ولم نضرب . هذا ميِّت ، هذا هالك ، هذا لم يذنب بمعنى أنه ما شعر بالذنب ، هنا معنى تذنبوا بمعنى تشعروا بذنوبكم ، فهناك أحاديث واضحة و أحاديث تحتاج إلى تفسير .
أهمية الكتب التي نقتنيها :
على كلٍّ إذا اقتنيت كتاب الجامع الصغير واكتفيت بالأحاديث التي أنتقيها لك ، وإذا سألتني عن بعض الأحاديث أعطيك معناها إن شاء الله تعالى ، صار عندك بالبيت نواة مكتبة عندك الجامع الصغير ، كتاب في الحديث ، وهناك طبعاً أحاديث ضعيفة في الجامع الصغير مكتوب " ض" قد يكون الحديث ضعيفاً في مَتْنِهِ ، وقد يكون ضعيفاً في سنده ، مثلاً، بعض الأحاديث الضعيفة .
﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾
هذه آية قرآنية ، ورسول الله قالها ، هناك أحد الرواة لم يكن عدلاً ، فالحديث ضعيف ، وهذا الحديث رغم أنه ضعيف من قواه ؟ القرآن ، فهذه آية قرآنية ، لو أنه ضعيفٌ يجب أن نقرأه ، لأن القرآن هو الذي قوَّاه وصحَّحه .
إذاً نريد من أجل أن يصبح هذا العلم واسع الانتشار ، كل واحد حوله خمسين شخصاً أو خمسة وعشرين ، ما بين زوجته ، وأولاده ، وجيرانه ، وعدلاته ، وأصهاره ، وإخوته، وأصدقاء إخوته ، وزملائه في العمل يصبحون خمسين ، فإذا حضر درس الأحد ، وعنده بالبيت الجامع الصغير ، الحديث تأثر فيه تماماً ولكن لم يحفظ نصه ، فتح الكتاب هذا نصه ، كتبه على ورقة ، وضعه بجيبته ، التقى بأخ مؤمن ، بصديق ، بصاحب ، أحسن من حديث لا طائل منه ؛ من حديث الأكل والشرب ، حديث النساء ، من أحاديث تبعث في النفس الضيق والاشمئزاز وضِّح له معنى هذا الحديث .
نحن مثلاً أمضينا سنة أو أكثر في كتاب بالفقه الحنفي مختصر مفيد "مراقي الفلاح" كتاب بالأسواق موجود ، إذا الإنسان اشتراه كذلك كون مكتبة فقه ، كتاب بالفقه أساسي، أراد أن يعرف شروط الصلاة ، مكروهات الصلاة ، سنن الصلاة ، الأركان ، يا ترى تكبيرة الإحرام رُكن أم شرط ؟ إذا الإنسان مثلاً نزل دم من يده هل يتوضأ أم لا يتوضأ ؟ إذا الدم سال يتوضأ إذا لم يسل لا يتوضأ ، كتاب قرأناه كُلَّه خلال سنة أو أكثر " مراقي الفلاح " أيضاً كتاب نقتنيه أحياناً إنسان يسأل نفسه سؤالاً ، يكون معه الجواب في الكتاب .
فأنا أريد أن هذا الشيء الذي نتعلمه أن يبقى له أثر ، والله درِّسنا فيه عشر سنوات تقريباً ، آلمني شخص قال لي : إنسان جاء لعندي لكي أفحصه ، هو خطيب مسجد سألته عدداً من الأسئلة فلم يعرف الجواب . قلت له : هذا الذي سألته عنه درسته خلال سنة ، موضوع النكاح ، سنة بكاملها . قال له : ما هو الطلاق البِدعي والطلاق السني ؟ قال لي : لم يعرف الجواب . مع أننا وقفنا في هذا الموضوع سنة بأكملها ، فالإنسان إذا لم يراجع الموضوع لا يقدر أن يحفظ ، إذاً كتاب مراقي الفلاح ببيوتنا ، كتاب الجامع الصغير ، فمن باب إذا سمعت شيئاً لطيفاً تتذكره ، أما القرآن فسهل ، تفتح سورة :
﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى ﴾
يمكن تتذكر شيئاً كثيراً عن :
﴿ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ﴾
التسوية ، وشيئاً كثيراً جداً عن :
﴿ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ﴾
وعن :
﴿ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ﴾
يمكن سورة الأعلى تكون هذه الجمعة كلها مدار حديثك مع إخوانك ، مع أصحابك، مع أصدقائك ، مع جيرانك ، مع زوجتك ، مع أولادك ، والشيء اللطيف في العلم أنه يزكو على الإنفاق ، المال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الإنفاق - أي يزداد - .
اصطفاء الكتب المفيدة تفادياً لإضاعة العمر :
لكن هناك موضوع دقيق أحب أن أطرحه أمامكم : إذا إنسان عنده مكتبة لوالده ، وهذه المكتبة فيها ألف كتاب ، وعنده امتحان و هو في السنة الثالثة في الجامعة بعد أسبوع ، بكتاب مقرر هو مثلاً : الأحوال الشخصية في القانون المدني . أي كتابٍ إذا قرأه يستفد ؟ الكتاب المُقرر . لكن المكتبة فيها كتب كثيرة ؛ فيها قصص ، فيها مسرحيات ، فيها كتب علمية، ، فيها كتب بالتاريخ ، فيها كتب بالفلسفة ، كله نافع ومفيد، لكن الذي ينفعك أكثر من غيره أن تقرأ الكتاب المقرر لتؤدي به امتحاناً وتنجح .
فالآن الأخ المؤمن إذا الله وفقه يعرف أيْ كتاب في الحياة مقرر من قبل الله عز وجل ، فالكتاب المقرر : القرآن الكريم . فإذا أمضى حياته كلها في فهم كتاب الله وسنة رسول الله فقد نجح إلى الدار الآخرة ، ودخل جنةً عرضها السموات والأرض .
فلا تظن أن كل إنسان يقرأ يستفيد ، هناك كتب لا تقدِّم فائدة ، ممتعة، تُمتع ولا تنفع ، و هناك كتب تنفع ولا تُمتع ، وهناك كتب تُمْتِع وتنفع ، كمعرفة كتاب الله عز وجل .
شيء آخر ... الآن أريد أن أضرب أمثلة لأن الموضوع دقيق جداً، مثلاً يجوز أن يعطي تلامذته أكبر كتاب بالفقه " حاشية ابن عابدين " هذا الكتاب يعد أضخم كتاب في فروع الفقه لا في أصوله ، في فروعه ، حالات نادرة لا تقع ، تسعون بالمئة من حالات هذا الكتاب لا تقع ولم تقع ، فإذا أمضى الإنسان عمره كلَّه في معرفة هذا الكتاب وفهم دقائقه ، هل يكون قد ربح أم خسر ؟ خسر ، نافع لكنه ضيَّع معرفة الله ، ضيَّع معرفة نفسه ، ضيَّع العمل الصالح ، ضيع تطهير قلبه .
فالإنسان إذا كان يملك مئة ألف ، يريد أن يتزوج ، فاشترى مخرطة ووضعها ببيته هذه مفيدة ، لا تلزمك بكل عمرك ولا مرة ، تستعملها ربع ساعة ، حجزت غرفة بالبيت ، وثمنها مئة ألف ، استهلكت ثمنها ولم تستفد منها ، أما إذا كنت حكيماً فتأخذ غرفة ضيوف ، وغرفة نوم ، وتأخذ برَّاد ، وغسالة ، ومكواة ، و أداوت أساسية ، وأدوات مطبخ ، وتعيش حياة معقولة بهذه المئة ألف ، أما أن تأخذ بهذا المبلغ مخرطة وتضعها بغرفة الضيوف وتقف ، آلة عظيمة ، صح عظيمة ، مفيدة ؟ مفيدة ، أما هل هي مفيدة لك ؟ لا ليست مفيدة لك .
هذا المثل ضربته ، كذلك إذا إنسان أراد أن يغادر هذا البيت خلال ربع ساعة ، ومعه سيارة صغيرة ، عبِّئها ما شئت ، هل تضع فيها كنباية ؟ لا ؛ بل تضع فيها أجهزة ثمينة ، عندي آلة تسجيل ، فرن ، عندي جهاز ، حقيبة سمسونايت ، صيغة ، لا ، املأها كنباية واحدة وأمشي ؟ يجب أن تختار الشيء المفيد والنافع ، لأنه لا يوجد أوسع من الكتب المؤلفة !! فما يطبع في اليوم من كتب لا تكفي السنوات الطويلة لقراءته ، سنوات ، رقم لم أحفظه قد يحتاج إلى ثمانين سنة ، ما يطبع في العالم من كتب يومياً حتى يقرأه إنسان واحد يحتاج لثمانين سنة ، شيء مستحيل تحتاج اصطفاء .
فلذلك يجوز أن يكون هناك فصلاً بإحياء علوم الدين أنا أتجاوزه بكامله ، لا يتصل بحياتنا اليومية اتصالاً شديداً ، فهناك اصطفاء من قِبَل الذي يدرِّس ، هذا الاصطفاء مبني على معرفة أن هذا الموضوع له علاقة ماسة بحياة الإخوة الحاضرين اليومية .
حكم الصلاة داخل الكعبة . اذهب للحج ، لا يسمح لك أن تدخل داخل الكعبة ، فهذا الشيء مستحيل ، أحياناً هناك موضوعات بالمياه غير مجدية كثيراً ، في بيوتنا مياه نقية وطاهرة ، فالإنسان يجب أن يصطفي ، إذا ما اصطفى يضيع عمره سُدى ، لأن الموضوع دقيق جداً .
* * *
أنواع العلوم :
الإمام الغزالي يقسم العلوم - وأنا هذا الشيء قلته سابقاً - إلى ثلاثة أنواع : علومٌ بأمر الله ، وعلومٌ بمخلوقات الله ، وعلومٌ بالله .
العلم بمخلوقات الله برعت به أوروبا . أخي هذا مختص مثلاً بالأنف ، جاره مريض قال له : أنا أنفي هنا فيه ألم . قال له : أنا مختص بالشق الأيمن بالأنف ، هذه لا أعرف عنها شيئاً . المبالغة بالاختصاص لدرجة أن الإنسان يقضي حياته كلها في فرع دقيق دقيق دقيق من فروع المعرفة يكسب منه قوته ، عند الناس هذا عالم ، أما عند الله فليس بعالم ، لم يعرف آخرته، ولو معه بورد باختصاص معيَّن ، أما الإنسان عندما يعرف ربه ، يعرف لماذا خلقه ؟ يعرف ما الشيء المجدي في الحياة ؟ لا بد من عمل صالح ، لا بد من استقامة ، لا بد من فهمٍ لكتاب الله ، لا بد من تطبيق كتاب الله في الزواج ، في البيع ، في الشراء ، إذا عرف هذه المعرفة استفاد من علمه .
الحديث الشريف هو أرقى أنواع الفهم لكتاب الله :
إذاً الشيء الذي أود أن أقوله لكم ثانياً : كتابنا المقرر هو القرآن الكريم .
(( منْ أُوتِيَ الْقُرْآنَ فَظَنَّ أَنَّ أَحَداً مِنَ النَّاسِ أُوتِيَ أَفْضَلَ مِمَّا أُوتِيَ فَقَدْ عَظَّمَ مَا حَقَّرَ اللَّهُ))
(( لا يحزن قارئ القرآن ))
(( ومن جمع القرآن متعه الله بعقله حتى يموت ))
الحديث الشريف هو أرقى أنواع الفهم لكتاب الله ، قد يُسأل إنسان هذا السؤال : رسول الله ألم يترك تفسيراً لكتاب الله ؟ لو ترك تفسيراً لارتحنا من خلافات المفسرين ؟ نعم رسول الله ترك تفسيراً يقدر بألف أو ألفي صفحة ، تفسير النبي عليه الصلاة والسلام هو الحديث الشريف ..
﴿ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ﴾
هذا هو الحديث ، إذاً الكتاب الأول الموجز المُعْجِز هو القرآن ، كتاب التفسير الأول الذي فَسَّره النبي عليه الصلاة والسلام الحديث الشريف ، هناك فقهاء كبار كالإمام أبي حنيفة ، والإمام الشافعي ، وأحمد بن حنبل ، والإمام المالكي ، فهموا فهماً دقيقاً من أحاديث رسول الله ، واستنبطوا منها أحكاماً في المعاملات ، في العبادات ، في الزواج ، في الطلاق ، في الإرث ، هذا هو الفقه .
إذاً لا بد من فهمٍ لكتاب الله ، وفهمٍ لحديث رسول الله ، وفهمٍ لبعض أحكام الفقه التي نحن بحاجةٍ ماسةٍ إليها ، ولا بدَّ من قراءة بعض سير الصحابة الكرام لماذا ؟ لأنك إذا قرأت سِيَرَهم تأكَّدت هذه القيم الأخلاقية السامية عن طريق الواقع ، أي أن هذه المُثُل العليا أصبحت وقائع عُليا . فالناس إذا قلت له : افعل كذا ، لا تفعل كذا . يقول لك : كفانا مثاليات ، الواقع هكذا ، فإذا قرأت عن الصحابة قصةً ترى أن واقعهم كان مثالياً ، لذلك يمكن أن نسمي " المثالية الواقعية " فالإنسان بالقصة يرى أن هذه المُثُل قد تجسَّدت ، والإنسان يتمنى أن يكون له قدوة بالحياة ..
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾
مضمون دروس الأحد و الجمعة من أصول العلوم الشرعية الكبرى :
من هذه المُنطلقات جعلت درسي الجمعة والأحد بين التفسير والتفكير، وبين الحديث والفقه والسيرة ، هذه أصول العلوم الشرعية الكبرى ، لكن لا أعرف مدى استيعاب هذه الحقائق عند الإخوة الحاضرين ، يا ترى هناك فهم دقيق ؟ هناك استيعاب ؟ هناك تمثُّل ؟! أما موضوع تباركنا بحضور الدرس وانتهى الأمر؟ فهذه الكلمات التي لا معنى لها ، لا أحبها كثيراً ، كلمة :
﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ﴾
كلمة قرآنية ؛ لكن هذه الكلمة القرآنية العظيمة المقدَّسة استخدمها الناس استخداماً مفرغاً من مضمونه ، فإذا أحب أن يجاملك يقول لك : تباركنا ، كيف تباركت ؟ البركة حصلت، الله يبارك فيك ، تباركنا سيدنا. هذا كلام ليس له معنى ، ما معنى تباركت ؟ هل هناك آية فهمتها وتأثرت بها وذكرتها وطبقتها ووجدت نتائجها ؟ كلامك صحيح ، الآن أنت تباركت ، إذا كنت قاعداً مثلاً وسمعت آية غض البصر ، في اليوم الثاني غضضت من بصرك ، دخلت لبيتك وجدت نفسك سعيداً ، هذه الشحناء والبغضاء والخصام ، وأنك ترى الزوجة بشكلٍ لا يرضيك ، وهي تتحدَّاك دائماً وتستعلي عليك ، حينما غضضت بصرك عن محارم الله ، دخلت إلى البيت فرأيت زوجتك امرأةٌ أخرى وديعة ، راقت لك في نظرك ، بقي الجو بينكما أليفاً ، لطيفاً مقدساً ، فيه احترام ، ومودة . والله جميل ، هذا كتاب الله ، هذه قاعدة من قواعد الحق ، الآن تباركت يا أخي ، تعلمت آية وطبقتها ، وقطفت ثمارها ، الآن تباركت ، أما قبل أن تطبق فليس هناك بركة ، هذه بركة موهومة ليس فيها شيء .
الانتقال بالناس من الاستماع إلى التطبيق :
لذلك خطر في بالي أن نعمل لقاء إما هنا أو في جامع آخر ، أنا عندي ثلاث رخص في ثلاثة جوامع ، بالنابلسي ، والحاجبية ، والعفيف ، فهذا اللقاء لا يوجد كلام من طرفي أبداً ، إجابات من طرفكم ، مثلاً نعمل مذاكرة بدرس الجمعة لنرى كلمة مثلاً:
﴿ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ﴾
﴿ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ﴾
ما معنى التسوية ؟ إذا إنسان استوعب التسوية ، فالكون كله فيه تسوية ، الشمس فيها تسوية ، القمر فيه تسوية ، النجوم فيها تسوية ، الماء فيه تسوية ، الهواء فيه تسوية ، الجبال فيها تسوية ، السهول فيها تسوية ، الصحارى فيها تسوية ، فوضحت معنى :
﴿ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ﴾
خلال ثلث الساعة تقريباً ، و إذا عملنا لقاء ثانياً فلا يوجد من قبلي شيء أبداً ، من قبلي أسئلة فقط ، ما معنى :
﴿ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ﴾
يجوز أن نسأل :
﴿ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ﴾
ما معنى ؟
﴿ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ﴾
ما معنى ؟
﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾
لما لم يقل : سبح ربك الأعلى . لماذا : سبِّح اسمَ ؟! هذه أيضاً وضحتها ، وما معنى ربك ؟ ولماذا الأعلى ؟ ماذا تعني سبِّح ؟ أيْ نَزِّه ، كيف أنزِّه ؟ هذا أمر ضمنه أمر، خذ شهادة ، أيْ ادرس ، هل عرفت الله كي تسبِّحه ؟ معنى التسبيح التوجيه ، معناه الإيجابي التعظيم ، فإذا حصلت مذاكرة في درس الجمعة ، ومذاكرة في درس الأحد ، وسؤال عن تفكير الإنسان اليومي في آيات الله الكونية ، فإن الإنسان ينتقل من مستمع.
نحن كنا في الجامعة بالستينات كان يوجد نظام ألغي الآن ، نظام مستمع ، وطالب نظامي ، المستمع ليس له شيء ، له حق أن يدخل ليحضر محاضرة ، لكن له شهادة خاصة لا تؤهِّله أن يعيَّن بموجبها ، أما الطالب النظامي فهذا الطالب يعطى شهادة تؤهِّله أن يعين بموجبها، يخطر ببالي أحياناً أنه بموسم الشتاء الإخوة الحاضرون يزدادون ، أنا أسميت هذا القسم : زبائن شتوية طلاب العلم شتويون . في الصيف يكونون سارحين خارج البلد ، في الشتاء يقول لك : والله لا يوجد شيء ، الدنيا برد ، أحسن شيء أن نذهب إلى الجامع . العمَّال الموسميون ليس لهم تقاعدية ، وليس لهم تأمينات اجتماعية ، لأنه عامل موسمي ، أما العامل الدائم فله تقاعدية ، وله تأمينات اجتماعية ، فإذا الإنسان كان مريداً موسمياً شتوياً مثلاً ، هذه مشكلة ، نحن نريد مريداً دائماً ، نريد طالباً نظامياً ليس طالباً مستمعاً .
فإذا أكرمنا الله بلقاء ، وحاولنا فيه أن نتذاكر درس الجمعة ودرس الأحد والتفكير اليومي والحديث منكم فقط ، ليس مني ، لعل هذه الحقائق تثبت ، لعل الإنسان قبل أن يأتي إلى الدرس يقول : ماذا أخذنا في درس الجمعة ؟ يفتح المصحف ، يتذكر ، لعله يجلس مع أخيه يقول له : انظر إلى تلك الآية :
﴿ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ﴾
تكلمت عنها عشر دقائق ، أيْ هناك موضوعات خلافية بين الناس ، المرأة نصف المجتمع ، فهل تشتغل أم لا تشتغل ؟ بهذه الموضوعات ، ربنا قال :
﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾
﴿ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ﴾
يا ترى إذا كان هناك ربا بنسبة قليلة ، هل هناك مانع ؟ أم لا يوجد مانع ؟ هل ندع المال مجمداً ؟ نستفيد ، يعطونا شيئاً من الفائدة !!
﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾
حقائق .
﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾
إذا الإنسان طبَّق كلام الخبير يستقيم ، هذا خبير ، كلام ربنا كلام خبير ..
﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ﴾
على كل مسلم أن يكون له أثر إيجابي في حياته :
هناك طموح بنفسي أن يكون كل واحد منكم عالماً ، فلست فرحاً أن أتكلم والكل يستمعون ، ويتأثرون ، وليس هناك أثراً إيجابياً بحياتهم اليومية ، يجب أن يكون كل واحد منكم أمة ، كل واحد خمسون ، رقمه خمسين عند الله عز وجل ، فالواحد بين زوجته ، وأولاده، وأصهاره ، وبين إخوانه ، وأصدقائه ، وأحبابه ، وجيرانه ، وزملائه ، وعدلاته ، ومن تعرَّف عليهم ، ومن لم يتعرَّف عليهم ، هؤلاء نسبة كبيرة ، إذا درس حديثاً شريفاً وبلَّغ الناس فله أجر كبير .
مثلاً :
(( الذنب شؤم على غير صاحبه ))
والله شيء جميل ، الذنب كله شؤم ، ليس على صاحبه فحسب بل على غير صاحبه . إن عيره ابتلي به ، وإن اغتابه أثم ، وإن رضي به شاركه.
صار هناك مشكلة ثانية الآن ، فلان أذنب ، أنت إياك من ذنبه ، إياك أن تتكلم عنه وقعت في غيبته ، إياك أن تشمت فيه ، تقع بنفس الذنب ، إياك أن ترضى بذنبه ، شاركته في الإثم . هذا حديث يُحكى ؛ يحكى للأهل ، للأولاد ، للأصدقاء .
فهذه المقدمة أردت منها أن الإنسان يتطور ، من لم يكن في زيادة فهو في نقصان، المغبون من تساوى يوماه أي من كان يومه كأمسه .
وهناك ملاحظة ثالثة : إذا كان يعمل في مصلحة واحدة أخوان أو ثلاثة ، جيران ، أقارب، التقوا بين بعضهم أثناء الجمعة لقاء ، وتذاكروا درس الجمعة والأحد ، ما الذي يحصل ؟ مثلاً أحدهم لا سمح الله والدته مريضة قعد في درس الجمعة ، وصلت عند قوله تعالى :
﴿ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ﴾
يا ترى آخذ لها هدية ؟ آخذ لها وردة أم فواكه ؟ هو يفكر ، فمرَّت الآية :
﴿ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ﴾
فشرد . إذا كان له جلسة مذاكرة مع صديقه ، أو مع أخيه ، أو مع جاره بهذا الموضوع ، هو غاب عن هذه الآية ، يقول له أخوه : ماذا قال الأستاذ عن آية :
﴿ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ﴾
يقول له .. معنى هذا أنه استجمع كل الموضوع ، ففي المذاكرة فائدة كبيرة جداُ ، فإذا كنا نريد الانتقال للاستماع من طلاب غير نظاميين ، من مريدين شتويين فقط ، من عمال موسميِّن ، إلى طلاَّب نظاميين ، إلى طلاب علم حقيقتين ، إلى إنسان يتعلَّم ويعلم :
(( خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ))
خيركم . إذا أردت أن تكون - وهذه صنعة الأنبياء - أن تدعو إلى الله عز وجل هذه صنعة الأنبياء ، إذا أردت ذلك فتحتاج إلى أن تذاكر ، وأن تقرأ ، وتحتاج إلى أن تراجع ما سمعته في درس الجمعة ، لا بد أن تجلس مع نفسك وتفتح المصحف ، تكلم عن :
﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾
والله أشياء جميلة جداً ، إذا تكلمنا عن الامتصاص الشعري ، تكلمنا عن أن الشجرة إذا منع عنها الماء كأن فيها عقلاً ، تتخلى عن أوراقها أولاً - تأخذ ماء الأوراق - تتخلى عن الأغصان الصغير تأخذ ماءها فتيبس ، تتخلى عن الأغصان الكبيرة تأخذ ماءها تيبس الأغصان ، تتخلى عن جذعها ، ييبس الجذع ، حفاظاً على جذرها الذي هو أصل حياتها ، لو لم يكن هناك خالقاً كان أول شيء يموت الجذر مكان انقطاع الماء ، لكن ربنا عز وجل قال :
﴿ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ﴾
من الذي هدى الشجرة أن تسلك في الحفاظ على جذرها هذا السلوك ؟ من هدى النحلة ؟ من هدى النملة أن تأكل رشيم القمحة ؟ إذا كانت تخزن القمح مع الرشيم ينمو ، وكرها من تراب وفيه رطوبة ، ينمو القمح يخرب لها عشها ، من الذي قدَّر ذلك ؟ نحن إذا كنا نبذل جهداً كبيراً في توضيح آيات القرآن الكريم ، والإنسان لم يراجعها في بيته ، ينساها، أما إذا فتح المصحف فتحة ، ورأى ما قيل ، وأحب أن يسجل كلمتين في البيت ، وجلس مع أخيه ، مع صديقه ، لكي يتذاكروا هذا الكلام، حتى إذا أتى إلى الجلسة الثالثة وسألناه عن:
﴿ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ﴾
عن معنى :
﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾
عن معنى :
﴿ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ﴾
كيف أن الله يكيد ؟ ..
﴿ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً ﴾
الله يكيد ؟ هل يسمَّى الله الكائد ؟ لا ، لا يسمى الله الكائد ، كيف يكيد ؟ هذه لها تفصيل لطيف جداً ، وهكذا .
مطلوب منك التطور من مستمع إلى منتج ومن متعلم إلى عالم:
إن شاء الله أنا أسعى جهدي أن أختار لكم أجمل ما في الكتب ، وأجمل ما قاله المفسِّرون ، وأجمل ما فسَّره المفسرون عن حديث رسول الله ، بقي عليكم إذا كان الكتاب قيِّماً أن تقتنوه ، فأنا أرى أن الكتاب مهما كان ثمنه مرتفعاً هو أرخص شيءٍ في الحياة ، السبب : هناك كتاب نحو ، مؤلفه أمضى في تدريس النحو في جامعة القاهرة أربعين عاماً ، خُلاصة خبرته ، وعلمه ، وتعمُّقه ، وفهمه في النحو والصرف ألفه في كتاب ، أربعة أجزاء ضخمة ، أنا أخذته بستين ليرة قديماً . الآن ثمنه : مئة وأربعون . هذا إذا كانت اللغة عربية اختصاصك فرضاً ، ألا تشتري عقل من بذل جهد مضنٍ مدة أربعين سنة ، وصبَّه بكتاب بمئة وعشرين ورقة؟!! الكتاب رخيص وليس غالياً ، كتاب أحاديث رسول الله مثلاً عشرة آلاف حديث بخمسة وثلاثين ليرة ، ثمنه ثمن غداء واحد ، أوقية ونصف لحمة بخمسة وأربعين ، بعد ساعتين أين الغداء ؟ راح . أما هذا الكتاب فباقٍ .
إذاً هذه مقدمة وهي طموح من قبلي إلى تطوير الإخوة الحاضرين من مستمعين إلى منتجين ، من متعلِّمين إلى علماء ، من مهديين إلى هاديين ، اللهم اهدنا واهد بنا ـ هكذا الدعاءـ وأنت عندما ترى شخصاً أثّر فيك ، واستقام بعد توجيهك ، وصلى صلاة صحيحة ، وصارت له وجهة إلى الله عز وجل ، وأخلاقه سمت ، هو وزوجته وأولاده ، يمكن أن تأتيك سعادة لا يعلمها إلا الله !!
ألا تقولون أنتم في الأوراد : اللهم صلِّ على أسعدنا محمد ؟ ما معنى أسعدنا ؟ أي أسعد خلق الله قاطبةً ، وإذا دعوت إلى الله فأنت تعمل عمله ، صنعتك من صنعته ، لذلك شعور الذي يدعو إلى الله بأن الناس استفادوا منه ، واستقاموا على أمر الله ، وتمثَّلوا كتاب الله، وفهموا سنة رسول الله ، هذا شعور لا يوصف .
أقول لك أنا مرة قرأت أربع كلمات في مجلة مترجمة ، تركت في نفسي أثراً كبيراً " إذا أردت أن تسعد فأسعد الآخرين " .
تجلس مع شخص ممل ، متشائم ، منقبض ، يقرف ويقرِّف ، تكون حالته المادية جيدة ، ومعه شهادات عُليا ، لكن كونه أنانياً يستقطب ذاته في كل شيء ، يحب نفسه فقط ، هذا إنسان لا قيمة له . تجلس مع إنسان آخر يحب الآخرين ، يحب أن يهديهم ، يقول لك : والله جلسنا ساعة لم نشبع منه ، انبسطنا كثيراً ، لماذا انبسطت كثيراً ؟ لأنه غيري ليس ذاتياً ، ليس يبحث عن ذاته ، يبحث عن سعادة الآخرين . فمن هذا المنطلق أريد إن شاء الله تعالى أن نرتقي . من لم يكن في زيادة فهو في نقصان ، المغبون من تساوى يوماه ، كل إنسان يحاسب نفسه .
(( حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا... ))
فإذا طالب ذهب إلى المدرسة ، ولبس هذا اللباس النظامي المدرسي ، أو لبس لباساً جامعياً ، هناك لباس موحد ، أين ذاهب ؟ إلى الجامعة . من أين أتيت ؟ من الجامعة . أول سنة بالجامعة ، الثانية بالجامعة ، الثالثة بالجامعة ، الرابعة بالجامعة . معنى ذلك أنك ستتخرج مدرساً أو طبيباً ، بعد عشر سنوات أخي لم تأخذ شهادة ؟ لا والله لم آخذ شهادة . محسوب على الناس أنك طالب جامعي ، أين الشهادة ؟
أما إذا كنت طالباً جامعياً فعلياً ، بالأخير ستكون طبيباً ، تفتح عيادة ، تختص بالقلب ، يأتي عندك مريض ، تشغل الجهاز دقيقتين ، يظهر شريط طويل عليه حركات . ماذا تريد ؟! والله أريد مئة وخمسة وسبعين ، مئة تخطيط والباقي معاينة ، عشرون زبوناً تأخذ باليوم ألفي ليرة ، إذا كان طالباً جامعياً و تخرج سيحصل على خمسمئات في المساء ، أما رحنا على الجامعة ، وأتينا من الجامعة ، ولم نأخذ شهادة ماذا استفدنا ؟
فإذا إنسان جاء إلى الجامع ، وراح من الجامع ، والله عندي درس بالجامع . بارك الله ، نفعنا الله ببركتك . من أين أتيت ؟ كنت بالجامع . أهلاً وسهلاً . إلى أين ذاهب ؟ إلى الجامع . بعد عشر سنوات ماذا حصل معك ؟ أنت أنت ، لم نستفد ، لكن بعد عشر سنوات هديت عشرة ، أنت سعيد ، أسعدت الآخرين ، عرفت ربَّك ، عرَّفت الناس بالله عز وجل ، كنت كوكباً دُرِّياً ، صرت مصدر سعادة الآخرين ، والله شيء جميل ، معنى هذا أن الجامع أثمر ، على كل حال الجامع مُذَكَّر والجامعة مؤنَّث ، وتعليم الجامع خيرٌ من تعليم الجامعة .
* * *
طلب العلم فريضة :
لا زلنا مع إحياء علوم الدين ومع فصولٍ مختارة من هذا الكتاب .
روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وآله أنه قال :
((طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ ...))
دائماً افهم المعنى اللغوي للكلمات . أنا أقول لك : تنفُّس الهواء فريضة . هل فهمت معنى الفريضة ؟ تنفّس الهواء فريضة ، شُرب الماء فريضة ، أكل الكرز ليس فريضة . فما معنى أكل الكرز ليس بفريضة ؟ تعيش من غيره ولا يحدث شيء ، ولا نشتريه إذا كان غالي الثمن ، أما تنفس الهواء ففريضة ، تناول الطعام فريضة ، شُرب الماء فريضة ، قال عليه الصلاة والسلام :
((طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ ...))
أي من دون هواء يموت الإنسان ، من دون ماء يموت ، من دون طعام يموت ، من دون علم تموت نفسه ، قال تعالى :
﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾
ميِّت لا يفهم شيئاً ، واقع بالحرام ، ماله حرام ، مُنحرف ، بيته مسيَّب ، زوجته تقوده إلى جهنم ، تجارته تقوده إلى جهنم ، يدخل جهنم من أبوابها كلها ، فجهنم لها سبعة أبواب، يقول لك : ماذا ينقصني ؟ أنا مؤمن أكثر منك ؟! لأنه لم يحضر مجلس علم .
أحدهم ذكر لي بالغرفة بعد الخطبة قصة من ثماني سنوات وصار يبكي ، قال لي موضوعي كبيرة جداً . ما قصتك قل لي خير إن شاء الله ؟ إذا كان الرجل يبكي فليس هذا الشيء سهلاً ، أنت تقبل بكاء طفل ، قد يكون زعبرة ، تقبل بكاء امرأة ؛ المرأة تبكي وتبقى مكانتها هي هي ، أما إذا كان الرجل بكى !! طبعاً بكاء العاشقين هذا لوحده ، هذا يرقى لأعلى عليين ، دعونا من بكاء العاشقين فهذا نادر الآن ، أما رجل يبكي لأمور الدنيا ، فما القصة ؟
قال لي : عندي زوجة ، وأنا لا أعرف ، عندنا جار صار يدخل لعندنا أكثر من سنتين ، وأنا أحضر من عملي ، وآكل الأكل المعد لي ، وأغط في النوم ، مرة الكأس لم أشربه، ودخل جارنا لعندنا ، وعندي منها خمسة أولاد ، وهي تخونه من سنتين ، كل يوم ، كل يوم وهي تسقيه مادة مخدرة .
ـ قلت له : من أين تعرفت على جارك هذا ؟
ـ قال : والله أنا أدخلته إلى البيت ، قلت له مرة : تفضل لعندنا ، أم فلان هذا مثل أخيك تعالِي .
مثل أخيها ، هو أمرها لكي تسهر معهم ، هذا لو كان حاضراً مجلس علم هل يفعلها ؟ لا ، لا يفعلها ، هذه بالعلاقات الاجتماعية .
بالتجارة ، كل غلطة يرتكبها التاجر يفلِّس من ورائها ، يكون عمله غير شرعي، أحدهم أخذ له كذا مليون ، ضرب أخماس بأسداس ، يأخذ قرضاً بفائدة ، يشتري بضاعة ، يأخذ رعبونها ، ويبيعها ، يربح مليونين أو ثلاثة . لكن الله قال :
﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا ﴾
قال :
﴿ فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾
باع سيارته ، وباع أول بيت بالمَيْسات ، وباع البيت الثاني ، وبقي عليه خمسة ملايين وهو مفلِّس ، وباع معمله كذلك ، اقترض خمسة عشر مليوناً كي يربحوا خمسة ملايين ، فبيعوه المعمل والبيتين والسيارة ومازال عليه خمسة ملايين . هذا لو كان حاضر مجلس علم كان حصل معه ذلك ؟ لا لم يحصل هكذا .
أحدهم أتى من الكويت معه نقود يريد شراء بيت ثمنه مئة ألف ، أعطاهم لشخص قال له : دعهم معك . أعطاهم لعمه والد زوجته ، هذا عمه لا يوجد عنده دين ، أخذهم ووضعهم بالبنك باسمه . أين النقود ؟ ليس لك عندي شيء ، هذه ضمانة للمرأة . أنتم أخذتم متأخر ومهر وكل شيء . لا. فهل كتب لك إيصال بذلك ؟
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ﴾
و هناك شخص آخر اتفق هو و شريكه على صفقة بعشرة آلاف ، أخذوها شراكة بينهم ، صار ثمنها ستمئة ألف ، قال له : ليس لك عندي شيء خذ هذه عشرة آلاف . لم يكتبوها ، هذا العقد لم يكتبوه لو كان حاضر مجلس علم هل صار معه ذلك ؟
أنا أسمع فجائع ، أسمع مصائب كبرى بسبب الجهل ، فطلب العلم سُنّةٌ أم فريضة؟ فريضة . ليس لك خيار ، إيَّاك أن تظن أنك صاحب مصلحة لماذا أكون عالماً ؟ هذا العلم فرض عين على الناس ، طبيب ، مهندس ، صاحب مصلحة ، نجَّار ، لحَّام ، هذا فرض عين على كل إنسان .
العلوم بعضها فرض عين و بعضها فرض كفاية :
(( طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ))
اختلف الناس في هذا العلم ، بعضهم قال : علم الفقه ، إذ به يعرف الحلال والحرام، هذا الكلام فيه شيء من الصحة ، وليس فيه الصحة كلها .
وبعضهم قال : علم الكتاب والسنة إذ بهما يتوصل إلى العلوم كلها . وبعضهم قال والصوفية قالت : علم الإخلاص وآفات النفوس .
والفلاسفة قالت : علم الفلسفة .
الفلاسفة قالوا : الفلسفة . الصوفيون : علم الإخلاص . المفسرون : علم الكتاب . الفقهاء : الفقه . المحدثون : علم الحديث . صار هناك اختلافاً ، كل هذه الأقوال صحيحة جزئياً ، والصحة المطلقة أن تأخذ بها جميعاً لأنها علوم يُكّمِّلُ بعضها بعضاً .
فإذا الإنسان أمضى كل حياته بفهم أوسع كتاب بالفقه ، وما عمل عملاً صالحاً ، وما تعرف إلى الله عز وجل ، وما استقام على أمره ، هل أفلح ؟ لا لم يفلح . هذا الكلام فيه جزء من الصحة وليس الصحة كلها .
لكن الإمام الغزالي يقول : والصحيح أنه علم معاملة العبد لربه . العلم المُجدي زائد مجموعة أعمال تقوم بها كل يوم ، زائد مجموعة أعمال تنتهي عنها كل يوم . فإذا فعلت ذلك فقد نجحت وأفلحت .
هذه العلوم فرض عين كما أقول لكم ، لا أحد يقول : أنا معفى منها ، فرض عين. أما فرض الكفاية فهو كل علم لا يستغنى عنه في قوام علوم الدنيا ، كالطب ، الطب فرض كفاية ، فإذا لم يتعلم المسلمون الطب أثموا جميعاً ، فإذا تعلم الطب بعضهم رفع عنهم الإثم هذا معنى فرض كفاية .
والحساب ، فهذه العلوم لو خلا بلدٌ ممن يقوم بها لأثم أهل البلد كلهم ، وإذا قام بها واحدٌ كفى وسقط الفرض عن الباقين ، أما التعميق في دقائق الحساب ودقائق الطب وغير ذلك فهذا يعد فضلاً لأنه يستغنى عنه .
طبعاً هناك تعليق على هذا الكلام ، الآن لا بد من التعمُّق ، كان فيما مضى يستغنى عن التعمُّق ، الآن الأمور معقدة جداً لا بد من أن تتعمق ، صار التعمق بهذا العلوم يجب أن يكون فرض كفاية .
العلم قد يكون مباحاً كالعلم بالأسعار التي لا تخفى فيها ، وتواريخ الأخبار ، علم التاريخ مباح ، علم الجغرافية مباح ، الأدب العربي غير السخيف غير الساقط مباح تعلُّمه ، وقد يكون بعضها مذموماً كعلم السحر والطلسمات والتلبيسات ، أما العلوم الشرعية فمحمودةٌ كلُّها وتنقسم إلى أصولٍ وفروعٍ ومقدِّماتٍ ومتممات ، فالأصول كتاب الله تعالى ، كتاب الحياة ، هذا كتابك المقرر طوال الحياة ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، والله الذي لا إله إلا هو ، آية تقرأها ألف مرة لا تحس إلا أنها جديدة ، وكل مرة الله عز وجل يكشف لك طرفاً من معناها.
كل آية يقرأها الإنسان ثانية يحس أنها آية جديدة :
إذا قرأت كتاب الله اقرأ معه هذه الآية :
﴿ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي ﴾
كل واحد منا يعرف القلم والدواية ، إذا عنده دواية ، وكان طالباً جامعياً تكفيه سنتين، يعبئ فيها مسودات كثيرة كما يقولون ، يقول لك : انظر هذه كلها دفاتر السنة الثالثة ، كلها بالحبر الأزرق ، وهذه السنة الرابعة ، كلها من دواية حبر ، الذي عنده لتر من الحبر ، إلى متى تكفيه هذه ؟!! منذ أن بدأ بالكتابة إلى آخر صف بالجامعة ، لتر حبر يكفي الطالب منذ أن بدأ بالكتابة وحتى آخر صف في الجامعة ، هذا اللتر يكفي لخمسة شباب ، إذا عنده مستودع متر بمتر من الحبر ، اشترى مستودعاً مساحته متر بمتر وعبَّأه بالحبر ، هذا إلى متى يكفيه ؟ هذا يكفي الأسرة كلها ولعشرة أجيال ، إذا عنده مستودع تحت الأرض خمسة أمتار مكعبة ، مئة متر مكعب من الحبر ، إذا عندنا نهر بردى حبر ، كله حبر ، إذا عندنا بحيرة قطينة كلها حبر، فهذه ماذا تكفي ؟ تكفي أبناء القطر ليوم القيامة .
﴿ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي ﴾
لو كان البحر كله حبراً لتفسير كلمات الله ..
﴿ لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً ﴾
فهذا الكتاب كتاب العُمر ، اقرأ سورة لكن بإخلاص ، هذه المرة الواو ، هذه المرة الفاء ، هذه المرة التقديم ، التأخير ، التنكير ، التعريف ، الإيجاد ، التفصيل ، كلما قرأت كتاب الله ، يمكن كلمة :
﴿ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ﴾
أعتقد أنه يكتب عندنا ألف صفحة ، كلمة :
﴿ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ﴾
يحكى عنها ألف صفحة .
العلوم الشرعية كلها محمودة وتنقسم إلى أصولٍ وفروعٍ :
لذلك العلوم الشرعية كلها محمودة ، وتنقسم إلى : أصولٍ وفروعٍ ، ومقدماتٍ ومتممات . فالأصول كتاب الله تعالى ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . والفروع ما فهم من هذه الأصول من معانٍ تنبَّهت لها العقول حتى فهم من اللفظ الملفوظ وغيره ، كما فهم من قوله :
(( لا يَقْضِي الْقَاضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ ))
هذا قول لسيدنا رسول الله : " لا يَقْضِي الْقَاضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ " بعض العلماء استنبط من القول : لا يقضي القاضِ وهو جائع كذلك ، لأن أثر الغضب مشابه لأثر الجوع ، إذا إنسان جائع ولم يأكل صباحاً ، ويريد أن يفصل القضية الساعة الثانية ، لم يعد يدقق بالدعوى نرفز من أحد المدعيين ، إذاً استنباط .
والمقدمات هي التي تجرى مجرى الآلات ، كعلم النحو ، والصرف ، واللغة ، فإنها آلات تعد كالمُقدمات لفهم كتاب الله ، ومتممات كعلم القراءات ، وتجويد قراءة القرآن ، ومخارج الحروف ، والعلم بأسماء رجال الحديث وعدالتهم وأحوالهم فهذه علوم متممات .
عندنا أصول ؛ كتاب الله وسنة رسوله . عندنا فروع ؛ ما فهم من كتاب الله . عندنا مقدمات ؛ كعلم اللغة والنحو والصرف . عندنا متممات ؛ كعلم القراءات والتجويد ومخارج الحروف وما شاكل ذلك ، هذه علوم شرعية كلها .
وسوف نفصل الحديث عن بعض العلوم الأخرى في الدرس القادم إن شاء الله تعالى فسبحان الله هذه المرة الرابعة أحاول أن أقرأ لكم قصة صحابي جليل والوقت لا يتسع لذلك ، إن شاء الله نعود إلى سيرتنا الأولى في قراءة قصةٍ في كل درس .