- موضوعات علمية
- /
- ٠1موضوعات علمية من الخطب
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
بماذا فسر العلماء كثرة الزلازل في الأرض ؟
أيها الأخوة المؤمنون, ما دام الحديث في الخطبة الأولى عن زلزال الأرض الذي حدَّثنا الله عنه, قال تعالى:
﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا﴾
فماذا عن الزلازل الذي نراه من حينٍ إلى آخر، أو نستمع إلى أخباره؟ إن هذه الزلازل من وظائفها أنها تعطينا معنى الزلزلة الكبرى التي وعد الله بها .
يقول العلماء: إن الأرض أكثرُّ الكواكب في المجموعة الشمسية كثافةً، فكثافة الأرض تزيد عن كثافة الماء بخمسة أضعاف، وإنه يحدث في العام الواحد ما يزيد عن عشرين زلزلة على سطح الأرض، وفي قيعان البحار، أما الزلزلات الدقيقة التي لا تؤذي، فهي تزيد عن مليون زلزلة في العام، بمعدَّل زلزلة في كل دقيقتين، اهتزاز طفيف .
يفسِّر العلماء الزلزلة، بأنها حركةٌ في باطن الأرض، بحيث ينشأ عنها ضغطٌ هائل، لا تحتمله قشرة الأرض، عندئذٍ تتصدَّع هذه القشرة, هو الزلزال الذي نستمع إلى أخباره من حينٍ إلى آخر .
يزيد سمك هذه القشرة عن تسعين كيلو متراً، ومع ذلك تتصدع، يزيد عمق هذه الطبقة عن تسعين كيلو متراً من صخور البازلت، وهي أقصى أنواع الصخور، ومع ذلك يأتيها ضغوطٌ من باطن الأرض لا تحتملها فتتصدع، وهذا طرفٌ من معنى أن الله قوي, قال تعالى:
﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾
هناك ثقوب سوداء في الفضاء، لو دخلتها الأرض لأصبحت كالبيضة تماماً مع المحافظة على وزنها، وزن الأرض مجموعٌ في حجمٍ لا يزيد عن بيضة دجاج، هذا معنى قول الله عزَّ وجل:
﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾
اليكم الزلازل التي حدثت في سنين خلت كما ذكرها العلماء :
يقول بعض العلماء: إنَّ هناك زلازل سجلتها بعض التواريخ، ففي عام ألف وخمسمئة وستة وخمسين, حدث زلزال في الصين، أودى بحياة ثمانمئة وثلاثين ألفاً في ثوانٍ، وفي عام ألف و سبعمئة وسبعة وثلاثين, حدث زلزال في الهند، أودى بحياة مئة وثمانين ألفاً، وفي عام ثلاثة وعشرين بعد تسعمئة، حدث زلزال في اليابان، أودى بحياة مئة ألف، وفي عام ألف وتسعمئة وستة وسبعين، حدث زلزال في الصين، أودى بحياة مئة ألف، وحدث زلزال بإيطاليا أودى بحياة خمسة وثلاثين ألفاً بثوانٍ معدودة, قال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾
حصل فيضان في قطر عربي شقيق، أودى بمليون شريد، فالله سبحانه وتعالى يقول:
﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ﴾
فلنعد إليه قبل أن يلجئنا إليه قصراً .
إليكم هذه النعمة :
أيها الأخوة المؤمنون, نعمة كبرى أن تستيقظ صباحاً, وترى الأرض مستقرَّة، لا تعرف هذه النعمة إلا إذا شهدت زلزالاً, الله سبحانه وتعالى يلفت نظرنا, ويقول :
﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً﴾
هذا الاستقرار لولا أنها مستقرة، لم يبقَ بناءٌ على وجه الأرض، لانهارت الأبنية، ولتصدَّعت الجسور، ولتعطَّلت الطرق، أن تنعم ببيت تسكنه منذ عشرين عاماً في الطابق السابع أو الثامن، لولا أن الأرض مستقرَّة لما نعمت بهذا البيت, قال تعالى:
﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً﴾
تسير بسرعة ثلاثين كيلو متر في الثانية، الأرض تنطلق, قال تعالى:
﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾
الأرض المستقرة مع هذه السرعة البالغة، ما الذي يعرِّفنا باستقرارها؟ هي شواهد, وأدلَّة، وأداة تعريف، ووسائل إيضاح .
أيها الأخوة المؤمنون, يقول الله سبحانه وتعالى:
﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾
من لوازمها التصدُّع، والتصدُّع أداةٌ لتخويف الناس من معصية الله عزَّ وجل .