وضع داكن
24-11-2024
Logo
سنريهم آياتنا - الندوة : 05 - الليل والنهار ـ عجائب القندس
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، نتابع مشاهدينا الكرام لقاءنا معكم عبر برنامج: "سنريهم آياتنا" ، الذي يتناول الإعجاز العلمي في كتاب الله الكريم ، وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، ويسعدني أن أرحب بضيفي في الأستوديو الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين ، مرحباً بكم .
الدكتور راتب :
 بكم أستاذ معتز جزاك الله خيراً .
الأستاذ معتز:
 أستاذ راتب مازلنا نتابع في حديثنا عن الإعجاز العلمي في آيات الله ما يتعلق بالكون ، كنا قد تناولنا حجوم الكواكب ، مداراتها ، والعلاقة بينها ، اليوم حبذا لو ننتقل إلى آيةٍ جديدة من آيات الله في خلق هذا الكون ، وهي الليل والنهار .

الليل و النهار من آيات الله الدالة على عظمته :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، الحقيقة أن آيات الله لا تعد ولا تحصى .

﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾

( سورة فصلت الآية : 53 )

 ولكن شاءت حكمة الله أن يعدد لنا في كتابه الكريم آيات ، أنا أرى أن هذه الآيات التي أدرجت في كتاب الله هي منهج البحث بالنسبة لنا ، منهجٌ لنا للتفكر , وكأن الله اختار لنا هذه الآيات ، من هذه الآيات التي يمكن أن تكون محوراً في هذا اللقاء الطيب قوله تعالى:

 

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ﴾

( سورة فصلت الآية : 37 )

 كيف يكون الليل والنهار ؟ لولا أن الأرض تدور لما كان ليل ولا نهار ، من الذي صمم أن تدور الأرض ؟ تدور أمام منبعٍ ضوئيٍ كبير ، أمام الشمس ، لولا أن الأرض كوكب منطفئ ، والشمس نجم ملتهب ، وأن الأرض تدور حول نفسها أمام الشمس لما كان ليل ولا نهار.
 أستاذ معتز ، لو تصورنا أن الأرض تدور على محورٍ موازٍ لمستوي دورانها ، لكان النهار أبدياً ، والليل أبدياً ، ما معنى أن يكون النهار أبدياً ؟ أي الحرارة تقدر بثلاثمئة وخمسين فوق الصفر فتنتهي الحياة ، ما معنى أن يكون الليل أبدياً ؟ الحرارة تقدر بمئتين وسبعين تحت الصفر ، فتنتهي الحياة ، لو أن الأرض تدور حول محورها الذي يوازي مستوي دورانها لكان الوجه المقابل للشمس يدوم هكذا نهاراً دائماً ، والوجه الآخر ليل دائم ، ولكن شاءت حكمة الله أن يكون محور الأرض الذي تدور حوله ليس موازياً لمستوي دورانها بل هو عموديٌ بشكلٍ أو بآخر على مستوي دورانها فما دامت تدور إذاً هناك ليل ونهار متعاقبان ، ولأن الأرض كرة هناك تداخلٌ بين الليل والنهار ، بين وقت الفجر و طلوع الشمس وقتٌ متداخل ، فيه ضوءٌ و ظلام في وقتٍ واحد ، و بين المغرب و العشاء وقتٌ متداخل ، الأرض تدور حول محورٍ ليس متوازياً مع مستوي دورانها إذاً كان الليل و النهار .

 

الليل والنهار يتشكلان من دوران الأرض حول الشمس :

 لكن الشيء الذي يلفت النظر أن الإنسان له طاقة في العمل ، يعمل بساعات تتناسب مع طاقته ، هناك كواكب ليلها ست سنوات ونهارها ست سنوات ، و كواكب ليلها مئة يوم وهكذا ، لكن الليل اثنتا عشرة ساعة والنهار كذلك تقريباً ، ويطول ويقصر بحسب اختلاف الليل والنهار .

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ﴾

( سورة فصلت الآية : 37 )

 ومن آياته :

 

﴿ اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ﴾

( سورة يونس الآية : 6 )

 النهار في الصيف طويل و الليل قصير ، و الليل في الشتاء طويل و النهار قصير ، فاختلاف الليل والنهار و وجود الليل و النهار من آيات الله الدالة على عظمتهِ ، فالأرضُ تدور على محور ليس موازياً لمستوي دورانها ، فلو كان موازياً لمستوي دورانها لكان ليلٌ أبدي و نهارٌ أبدي .

 

﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾

(سورة القصص الآية : 71 )

 هذه الآية تشير إلى هذا التفكر ، وكأن الله في هذه الآية بيّن لنا طريقة التفكر ، أن تتفكر بالشيء وخلاف ما هو عليه ، أو بالشيء وأصله ، أو بالشيء وسببه ، أو بالشيء وأحواله المتعددة .
 إذاًً الليل والنهار يتشكلان من دورة الأرض حول الشمس .
الأستاذ معتز:
 فالآيات تتعلق كلها ببعضها ، الليل والنهار يتعلق بالشمس والقمر.

 

دوران الأرض آية من آيات الله الدالة على عظمته :

الدكتور راتب :
 نعم ، لكن لو تصورنا أن الأرض تدور على محورٍ عموديٍ تماماً على مستوي دورانها ، قلنا : إذا كان المحور هكذا هذا مستوي الدوران والمحور هكذا يصبح الليل أبدياً والنهار أبدياً ، لكن لو أن المحور عمودي تماماً على مستوي الدوران الشمس هنا ، هنا أشعة الشمس عمودية ، صيفٌ إلى أبد الآبدين ، وهناك شتاءٌ إلى أبد الآبدين ، لا يمكن أن تتبدل الفصول إلا بمحورٍ ليس عمودياً على مستوي الدوران ، المحور المائل هكذا ، الأرض تدور هكذا ، أشعة الشمس هنا عمودية على قسمها الأعلى ، فنصف الكرة الأعلى صيف لأن أشعة الشمس عموديةٌ عليه ، فإذا انتقلت الأرض إلى الجانب الآخر أصبحت الشمس عمودية على قسم الأرض الأسفل ، فكان الصيف في الجنوب هذا شيء ثابت ، في استراليا عندما يكون الصيف عندنا يكون الشتاء عندهم ، وعندما يكون الشتاء عندنا يكون الصيف عندهم .
 فلذلك لولا ميل المحور ثلاث وثلاثون درجة إلى سبع وعشرين درجة على مستوي الدوران لما كانت الفصول الأربعة ، فالفصول الأربعة تحقق حياة الإنسان الرغيدة ، هناك صيف فيه شمس فتُنضج الفواكه والثمار والمحاصيل ، وهناك شتاء تأتي بالأمطار ، وهناك فصول انتقالية كالربيع والخريف ، ولولا ميل المحور في أثناء دوران الأرض حول نفسها لما كان فصل شتاء ولا ربيعٍ ولا خريفٍ ولا صيف . ما هذه الحكمة ؟ .

من نعم الله علينا أننا نعبد الله خالق السموات والأرض :

 بالمناسبة الأرض تدور حول الشمس كما قلنا في حلقةٍ سابقة بسرعة ثلاثين كم في الثانية ، منها لقاؤنا الطيب المقدر بعشرين دقيقة ، بالثانية ثلاثون كم ، بالعشر ثواني ثلاثمئة ، المئة ثانية أي مئات بل ألوف الكيلو مترات تقطع الأرض في وقتٍ قصير كهذه الحلقة ، إذاً هذا من آيات الله الدالة على عظمته .

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ ﴾

(سورة القصص الآية : 37 )

 نحن ينبغي أن نفكر في خلق السموات والأرض ، ومن نعم الله علينا أننا نعبد الله، نعبد خالق السموات والأرض ، هناك من يعبد الحجر ، وهناك من يعبد الشمس والقمر ، وهناك من يعبد موج البحر ، وهناك من يعبد بقراً ، أو حجراً ، أو مدراً .

 

الله تعالى كرمنا برسالة الإسلام بشرط أن نأمر بالمعروف و ننهى عن المنكر و نؤمن بالله :

 لكن الله كرمنا بهذه الرسالة فال :

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾

( سورة آل عمران الآية : 110 )

 لابد من وقفةٍ متأنية عند هذه الآية ، نحن خير أمة بشرط أن نأمر بالمعروف وأن ننهى عن المنكر وأن نؤمن بالله ، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح :

(( كيف بكم إذ فَسَقَ فِتْيانُكم ، وطغى نِساؤُكم ؟ قالوا : يا رسول الله ، وإنَّ ذلك لكائن ؟ قال : نعم ، وأشدُّ ، كيف بكم إذا لمْ تأمروا بالمعروفِ ولم تَنْهَوْا عن المنكر ؟ قالوا : يا رسول الله ، وإنَّ ذلك لكائن ؟ قال : نعم ، وأشدُ ، كيف بكم إذا أمرتُم بالمنكر ، ونهيُتم عن المعروف ؟ قالوا : يا رسول الله وإنَّ ذلك لكائن ؟ قال : نعم ، وأَشدُّ كيف بكم إذا رأيتُمُ المعروفَ منكراً والمنكرَ معروفاً ))

[ أخرجه زيادات رزين عن علي بن أبي طالب ]

 عندئذٍ لسنا خير أمةٍ ، عندئذٍ نحن أمةٌ كأي أمةٍ خلقها الله ، وهذه الحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح الذين قالوا :

 

﴿ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾

(سورة آل عمران الآية : 18 )

 فقال الله لهم :

 

﴿ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ﴾

( سورة آل عمران الآية : 18 )

 وإذا قال المسلمون تباهياً : نحن أمة سيدنا محمد ، فالرد الإلهي جاهز :

﴿ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ﴾

آيات الله عز وجل لا تنتهي و لا تنقضي :

 إذاً:

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ﴾

 فكيف أن الأرض لولا دورتها حول محورها لما كان الليل والنهار ، ولولا دورتها على محورٍ ليس موازياً لمستوي دورانها ما كان ليل ولا نهار ، ولو دارت على محورٍ عموديٍ مع مستوي دورانها لانعدمت الفصول :

 

﴿ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾

( سورة المؤمنون الآية : 14 )

 ليل و نهار ، و شمسٌ و قمر ، وقد قال الله عز و جل :

 

﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

( سورة يونس الآية:101 )

 انظروا ماذا في السموات والأرض ، هذه بعض آيات الله الدالة على عظمته في شأن الليل والنهار ، والشمس والقمر ، وهذه معلومات بسيطة جداً ، أنا أقربها للأخوة المشاهدين ، ولكن لو دخلنا في متاهات علم الفضاء لوجدنا العجب العجاب لوجدنا آياتٍ لا تنتهي ولا تنقضي ، لأن الله سبحانه وتعالى يقول :

 

﴿ قُلْ لَوْكَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي ﴾

( سورة الكهف الآية :109 )

الأستاذ معتز:
 هل في البحر آية من آيات خلق الله ؟

 

التفكر في خلق السماوات والأرض أسرع طريقٍ إلى الله وأوسع بابٍ ندخل منه على الله :

الدكتور راتب :
 نحن أحياناً نستخدم لتر حبر طوال الحياة ، لو أن البحر بأكمله مداد ما نفذت كلمات الله ، هذا من عظمة الله عزوجل ، وعظمة خلقه .

﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾

( سورة فاطر الآية : 28 )

 والتفكر في خلق السماوات والأرض أسرع طريقٍ إلى الله ، بل هو أقصر طريقٍ إلى الله ، وأوسع بابٍ ندخل منه على الله ، لأن الله سبحانه وتعالى علمنا من خلال هذا الكون فقال :

 

﴿ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

(سورة يونس الآية : 101 )

 بل لام الغافلين فقال :

 

﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ * وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴾

( سورة يوسف )

الأستاذ معتز:
 وهو ما يعيدنا إلى بداية برنامجنا عندما قلنا : بل المطلوب من الإنسان أن يعبد الله عز و جل عن طريق معرفته به.
الدكتور راتب :
 نعم ، نحن على مشارف أن ننتقل إلى موضوعٍ علمي.
الأستاذ معتز:
 نعم هذا ما أريد أن أتحدث عنه ، كنا قد انتهينا من المادة العلمية في الحلقات السابقة ، والتي تناولت الإعجاز في خلق الإنسان ماذا لدينا لهذا اليوم ؟

عجائب القندس :

الدكتور راتب :
 الآن ننتقل إلى حيوان اسمه القندس ، يقوم القندس بشيء لا يصدق ، سنري الأخوة المشاهدين عجائب لهذا الحيوان الذي اسمه القندس ، هذه البحيرة التي ترونها كانت مكاناً مختلفاً قبل فترة قصيرة ، بل لم يكن هناك بحيرةٌ أصلاً ، كانت هناك حصىً مفروشة على التراب الجاف ، إلا أن عمالاً في غاية النشاط عملوا كثيراً ، وبذلوا جهداً كبيراً حتى أنشؤوا هذه البحيرة ، العمال النشيطون هؤلاء هم هذه الحيوانات المحببة التي تسمى القنادس .
تبني القنادس بيوتها إلى جانب هذه البحيرة التي أنشأتها ، تبدأ حكاية القنادس برحلة ذكرٍ وأنثى لبناء مأوى جديد لهما ، سيبني زوجا القنادس هذان بيتهما على الماء الجاري ، إلا أنهما قبل هذا العمل يجب عليهما إيقاف جريان الماء ، ولقطع هذا الجريان يستخدمان الأسلوب نفسه الذي استخدمه الناس منذ مئات السنين في إنشاء السدود ، يلزم للبدء في إنشاء السد أولاً إيجاد المواد اللازمة ، إنها جذوع الأشجار وأغصانها ، تبدأ القنادس عملها بذهابها إلى غابة الأشجار قرب الماء الجاري ، وتأكل قليلاً من أوراق الأشجار التي تجدها في طريقها ، وبعد ذلك تأتي على قطع هذه الأشجار ، أما عملها الأساسي فهو قطع الأشجار وإسقاطها ، وتفعل هذا بقضم جذع الشجرة بمهارة ، الجانب المحير في الأمر أنها تقضم الأشجار بحيث أن الشجرة التي تنتهي من العمل بها تقع في اتجاه الماء حصراً ، وهذه مهارةٌ بالغة ، قضم الأشجار وإسقاطها هو المرحلة الأولى للإنشاء ، وتقوم القنادس بعد ذلك بتفريع أغصانها واحدة واحدة ، وترتيبها أمام أكبر جذعٍ أسقطته ، وتبدأ ببناء السد أمام الماء الجاري، لاحظوا كيف أنها تقضم الشجرة بحيث تسقط إلى جهة النهر ، جميع ما استخدمته أثناء هذا العمل فمها وأيديها ، تدأب على هذا العمل بصبرٍ ، يسقط زوج القنادس في السنة أربعمئة شجرةٍ تقريباً ، أما الأشجار البعيدة عن الماء فتنسق أغصانها واحدةً واحدة ثم تجرها إلى السد الذي أنشأته .

بنية القنادس من آيات الله الدالة على عظمته :

 تستخدم القنادس أثناء قضم الشجرة أسنانها الأمامية ، تتآكل هذه الأسنان بسبب استخدامها الدائم وتتكسر أحياناً مع مرور الزمن ، غير أن فك القندس خلق بشكلٍ عجيب متناسبٍ مع هذا العمل ، الأسنان الأمامية الحادة كأظافر الإنسان تماماً تطول باستمرار ، الله تعالى خالق هذا الحيوان أوجد لها أسناناً متناسبةً مع العمل الذي تقوم به ، ومن الغريب أن الأشجار تسقط باتجاه البحيرة تماماً ، وهذا من آيات الله الدالة على عظمته .
 وأما أجسام القنادس فقد خلقت بتصميمٍ خاص يسهل عليها السباحة في الماء ، طبعاً هذه الشجرة سقطت تجرها الآن إلى البحيرة التي سوف تنشئ عليها سداً ، وأما أجسام القنادس فقد خلقت بتصميمٍ عجيبٍ خاص يسهل عليها السباحة في الماء ، ما بين أصابعها مغطى وبفضل هذا تستطيع دفع الماء بسهولة .
 أما ذيلها الخلفي كمجداف ضخمٍ ، وبفضل هذا تسبح في الماء بسهولة تامة ، وتستمر القنادس في إنشائها بعملٍ دؤوب ، وتنسق القنادس جذوع الأشجار وقطع الأغصان الصغيرة بمهارة ، وتعمل على توسيع السد في الوقت نفسه ، وكلما ارتفع السد ترتفع معه بركة الماء ، وبعد نشاطٍ يدوم أشهراً عديدة تتكون بحيرةٌ كبيرة من خلال هذا السد ، إلا أنه كلما كبرت البركة يجب على القنادس تثبيت وتصليح شقوق السد ، وتقوم بهذه المهمة الصعبة بصبر وجلد ، المنظر الذي يظهر نتاج تعبٍ ، تعب أشهرٍ عديدةٍ وبكلمةٍ واحدة هذا عملٌ رائع، يظهر سدٌ حقيقيٌ شبيهٌ بما يصنعه الإنسان ، إذا دققنا صنع القنادس لهذا السد على شكل قوسٍ مقعر إلى الداخل ، هذا ليس شكلاً عشوائياً لأن أكثر السدود تحملاً لضغط الماء هو السد المقام بشكلٍ مقعرٍ إلى الداخل.
الأستاذ معتز:
 هل نستطيع أن نقول إن الفطرة هي من تساعد القنادس على بناء هذه السدود ؟

تقعر السّد الذي تنشئه القنادس نحو الداخل مهارة خلقت مع القندس بقدرة الله عز وجل :

الدكتور راتب :
 قال :

﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾

( سورة طه )

 هذه هداية الله ، هذه غريزةٌ ، مهاراتٌ عاليةٌ جداً ، وإدراكٌ دقيقٌ وعميق خلق مع الحيوان ، أما الإنسان فخبرته مكتسبة ، و الحيوان خبرته مخلوقة معه.
 شيءٌ آخر : يظهر سدٌ حقيقيٌ شبيهٌ بما يصنعه الإنسان ، إذا دققنا صنع القنادس هذا السد على شكل قوسٍ مقعرٍ إلى الداخل هذا ليس شكلاً عشوائياً لأن أكثر السدود تحملاً اتجاه جريان الماء هو السد المقام بشكلٍ مقعرٍ إلى الداخل كما نرى .
 وكذلك تنشأ السدود الحديثة لإنتاج الطاقة الكهربائية ، وباختصار القنادس ملهمةٌ منذ ولادتها إلى هذا الإنشاء الذي لم يصل إليه البشر إلا بعد زمنٍ طويل ، من لقنها هذه المعلومات ؟ بلا شك لا يمكن أن يكتسب كائنٌ خبرة إنشاء سدٍ كهذا مصادفةً ، ولا يمكن أن نرى سداً صمم بأفضل السبل لمقاومة الماء مصادفةً ، ولا تستطيع القنادس نقل هذه الخبرات إلى الجيل التالي لها .
 الله تعالى هو الذي وهب القنادس هذه الخبرات ، هو خالق الكائنات الذي ألهمها أعمالها ، هذه البحيرة الرائعة كانت قبل حين جدولاً صغيراً ، عن طريق هذه القنادس التي قطعت مئات الأشجار وشذبتها من أغصانها وأوراقها ، وأنشأت هذا السد تمهيداً لبناء بيتٍ لها في هذه البركة ، وقد نقول الآية مرةً ثانية :

﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾

 ويظهر هنا كيف أن السد مقعرٌ نحو الداخل ، وهذا من عظمة الله جلّ جلاله .

 

خاتمة و توديع :

الأستاذ معتز:
 سبحان الخالق العظيم الذي قال :

﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾

( سورة لقمان الآية : 11 )

 الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين ، شكراً جزيلاً لك على أن نلتقي بك في حلقةٍ قادمة ، وأنتم مشاهدينا حتى نلتقي بكم في حلقة قادمة دمتم في أمان الله ورعايته . 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور