- التربية الإسلامية / ٠7موضوعات مختلفة في التربية
- /
- ٠2دروس حوارية
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
توهمات والرد عليها من كتاب الله :
التوهم الأول و الرد عليه :
أيها الإخوة ، ذكرت أنه لا يستقيم إيمان عبد إذا توهم أن الله لا يعلم ما يجري في الأرض ، ألا يعقل لإله بيده كل شيء ، ويعلم كل شيء ، ألا يعلم ما يجري على سطح الأرض مما ترون وتسمعون ؟ إذاً الله يعلم ، ولا يستقيم إيمان عبد يتوهم أن الله لا يقدر أن يفعل شيئاً حاسماً بين عباده ، الله يقدر ، وتوهم أنه لا يعلم يرده قوله تعالى :
﴿ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا ﴾
فكيف بصاروخ مدمر ؟
التوهم الثاني و الرد عليه :
ويرد التوهم بأنه لا يقدر تعلقُ قدرة الله بكل شيء ، تصادم لوحين سبّب قوة تساوي مليون قنبلة ذرية في زلزال تسونامي ، مليون قنبلة تصادم لوحين : لوح استراليا ولوح آسيا .
وأبيد في هذا الزلزال ثلاثمئة ألف وشرد خمسة ملايين وبلاد بأكملها دمرت ، ولم تقف على قدميها قبل عشر سنوات ، إذاً الله قادر ، في أي مكان هناك طغيان ، وعدوان ، إذاً الله قادر أن ينهي وجود هذا الكيان ، شيء بديهي ، كن فيكون .
التوهم الثالث و الرد عليه :
ذكرت أيضاً أنه لا يستقيم إيمان عبد إذا توهم أن الله لا يعنيه ما يجري على سطح الأرض ، هو يعلم وقادر ، ويعنيه ما يجري على سطح الأرض .
أحياناً ـ ولله المثل الأعلى ـ إنسان يعلم ما يجري بين شخصين ، وبإمكانه أن يوقف هذا النزاع ، لكن لا يبالي بما يجري بينهما ، هذا أيضاً لا يستقيم به إيمان ، إذاً : إذا آمنا أن الله يعلم ، وقادر ، ويعنيه ما يجري ، فهو الإيمان الحق ، لأنه في السماء إله ، فكيف نفسر ما يجري ؟
هذا التفسير يحتاج إلى قوة إيمان ، يجب أن تؤمن أن الذي يجري وفق خطة الله ، لأنه ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، قال تعالى :
﴿ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ﴾
ومستحيل وألف ألف ألف مستحيل أن يظلم الله مخلوقاً كائناً ما كان ، قال تعالى :
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾
أحياناً الإيمان يتزلزل ، أحياناً لسان القال أو لسان الحال يسأل : أين الله ؟ ابتلاء صعب جداً ، الكافر يقوى ويقوى إلى درجة أنه يفعل ما يريد ، ولا أحد يراجعه ، ولا أحد يعترض على سطح الأرض عليه ، بل يقول : من حقه أن يدافع عن نفسه ، وهو يتفنن بتدمير كل شيء ، وقتل الأبرياء والأطفال والنساء ، والمنشآت والجسور ، كيف نتوازن ؟ الله يعلم ، وقادر ، ويعنيه ما يجري في الأرض .
ليس هناك إلا تفسير واحد ؛ أن الذي يجري وفق خطة الله .
من هو القوي ؟
طيب ؛ من هو القوي ؟ هذا كلام دقيق ، القوي هو الذي سمح له الله أن يكون قوياً ، لأن أقوى الأقوياء بكلمة زل يزول ، والكيان الذي كان يملك من القنابل النووية ما يدمر بها خمس قارات خمس مرات من دون حرب ، من دون قتال تداعى من الداخل ، وصار في مؤخرة الدول ، أليس كذلك ؟
إذاً مع الله ليس هناك قوي ، أول تفسير الله يعلم ، ثاني تنويه الله قادر ، ثالث تنويه الله يعنيه ما يجري ، وهناك تفسير واحد : أن الذي يجري يجري وفق خطة الله ، لماذا ؟ لأن قوة الأقوياء لا ترد بالسيوف وحدها ، بل ترد بالإنابة ، والتوبة ، وبالسيوف ، هذا هو الفرق بين أن ترد ظلم الظالم بالسيف ، وبينك وبينه فرق في الأسلحة يفوق حد الخيال ، وبين أن ترد ظلم الظالم بالعودة إلى الله ، والصلح معه ، والإنابة إليه ، ثم بإعداد القوة ، هذا هو الفرق .
من شروط النصر : التوبة إلى الله :
إذا قال قائل : ما العمل ؟ أقول : للنصر شرطان لا ثالث لهما ، ومهما ذهبت ، ومهما درست ، ومهما تأملت ، ومهما حللت فللنصر شرطان ، كل واحد منهما شرط لازم غير كاف ، وهذان الشرطان يطبقان على سيد الأنبياء والمرسلين ، وصحابته الغر الميامين ، وعلى من في آخر الزمان ، إنه قانون واحد ، النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه لم ينتصروا في أحد ، مع أن النبي سيد الخلق ، وأصحابه نخبة الخلق ، لم ينتصروا ، لأن هناك معصية للرسول ، فلو انتصروا لسقطت طاعة رسول الله ، ولم ينتصروا في حنين ، لم ينتصروا في أحد لسبب سلوكي ، ولم ينتصروا في حنين لسبب اعتقادي ، قالوا : لن نغلب من قلة .
فإذا كان في أمة في آخر الزمان ألف سبب وسبب ، وألف ذنب وذنب ، وألف معصية ومعصية ، وألف انحراف عقدي وسلوكي ، وألف فاحشة وفاحشة فأين النصر ؟
إن أمة تعج بالمعاصي والكذب والدجل ، والربا والقسوة والظلم ينبغي ألا تنتظر من الله أن ترد سيوف الأقوياء إلا بإنابتك إلى الله أولاً ، وبطاعتك له ثانياً ، هذه ملاحظة مهمة جداً .
أيها الإخوة الكرام ، لذلك في هذه الأحوال الصعبة ، في هذه الظروف المخيفة ، في هذه المحن الشديدة ، في هذا العدوان الغاشم ، في هذا التهديد المستمر ، لا ينفعنا أولاً إلا التوبة ، وثانياً أن تقوي نفسك ، أن تقوي علمك ، أن تقوي خبرتك ، أن تخلص لأمتك ، أن تقدم شيئاً ثميناً ، أن ترحم الناس ، أن تحمل من همومهم .
مثلاً : لو تمكنت أن تستورد مادة غذائية لا تصلح في بلاد أخرى إلا لغير البشر ، واستورتدها بثمن بخس ، واستطعت بطريقة أو بأخرى أن تدخلها ، وأن تأخذ موافقة على إدخالها ، مقابل شيء ، هل تعلم أن مثل هذا الإنسان الذي يطعم الناس غذاءً فاسداً يسبب لهم أمراضاً خبيثة هو يمشي بطريقة معاكسة لانتصار الأمة ، لو أن كل تاجر ، أو كل مستورد ، أو كل زارع ، أو كل طبيب ، أو كل مهندس ، أو كل محام حرص أن يطبق منهج الله في حياته لكنا أقوياء جداً ، ولكانت هذه القوة من المنعة بحيث لا تخترق .
في هذه الأيام يقفز الموضوع الأول بعد الإيمان ، إنه موضوع التوبة ، لذلك لا أنا ولا أنتم نستطيع أن نزيح الضلالة والمعاصي عن كل الناس ، لكن ابدأ بنفسك فانهها عن غيها ، فإذا انتهت عنه فأنت حكيم .
عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ))
من الأحاديث الصحيحة أن النبي عليه الصلاة والسلام يقول :
(( إذا كان ثلث الليل الأخير نزل ربكم إلى السماء الدنيا فيقول : هل من تائب فأتوب عليه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من سائل فأعطيه ؟ هل من طالب حاجة فأقضيها له ؟ حتى ينفجر الفجر ))
أنت لست مكلفاً إلا بنفسك ، لست مكلفاً إلا أن تقيم الإسلام في نفسك ، وفي بيتك ، وفي عملك ، فإن أفلحت في هذا فقد أديت الذي عليك ، وبقي لك من الله الذي لك ، فإن الله عز وجل يحب التوابين ، وما أمرنا أن نتوب إليه إلا ليتوب علينا ، وما أمرنا أن نستغفره إلا ليغفر لنا ، وما أمرنا أن ندعوه إلا ليستجيب لنا :
(( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ))
خاطر من الخواطر الإيمانبة :
هذه العبارة وردت كثيراً في بعض الأحاديث خاطر إيماني حولها لا تعدوه تفسيراً دقيقاً : حينما ترى أن العالم الغربي هو العالم الحقيقي ،عنده القيم ،عنده المبادئ ، عالم الحرية والديمقراطية ، ترونها رأي العين ، الحمد لله شيء قريب منا ، ديمقراطية أن يدخل جندي يغتصب بنتا أمام أمها وأبيها مع رفاقه ، ثم يقتلها ، ثم يقتل أمها وأباها ، ثم يقتل إخوتها ، ثم يحرق البيت ، لماذا جاءوا إلى العراق ؟ من أجل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ، فلذلك لما يرى الإنسان أن العالم الغربي هو العالم الحقيقي ، منه القيم ، منه المبادئ ، الاختلاط حضارة ، وتعري النساء حضارة ، والمال الربوي والبنوك حضارة ، وكل الأشياء التي نفاها الإسلام هي في الحقيقة جزء من هذه الحضارة ، يجب أن يتعلم الطفل الموسيقا ، والعزف على البيانو ، وإلا ليس متحضراً بل هو متخلف .
حينما ترى أن شمس المعرفة من الغرب ، وأن القيم من الغرب ، وأن الذوق من الغرب ، وأن اللباقة من الغرب فأنت لا يمكن أن تتوب ، لا يمكن أن تتوب ، بل ترى أن الدين تخلف ، والدين قتل ، والدين إرهاب ، والدين فقر ، والدين تعصب ، والدين ضبابية ، والدين سوداوية ، والدين جمود ، والدين تزمت ، إذا ظننت الدين كذلك فلا يمكن أن تتوب ، وهناك خطأ كبير واستراتيجي ، لذلك :
(( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ))
بعد أن تطلع الشمس من مغربها لا يتوب الله عز وجل على أحد ، ترى الشخص همه الجنس ، همه التعري .
والله قالت لي زوجة رجل على الهاتف ، وهي محجبة : اغتنى في بلد نفطي بشكل جيد ، أمرها أن تقدم إليه ، فإن لم تكوني بشكل فاضح لا أقبلكِ ، بل تعودين من المطار ، وهي محجبة .
إذا كانت الحضارة بتعري المرأة ، وبالكسب الربوي ، وبالاختلاط ، وبالنفاق ، وبالفنون الجميلة فإن الموت ما دخل في الحسابات إطلاقاً ، إذا ظننت أن شمس المعرفة ، وشمس القيم ، وشمس الحضارة هي من الغرب فقد أغلق باب التوبة ، ومن هوي الكفرة حشر معهم ، ولا ينفعه عمله شيئاً .
الكفر بالطاغوت ثم الإيمان بالله :
أنا أقول لكم أيها الأخوة الكرام : لا يمكن أن تؤمن قبل أن تكفر ، لا يمكن أن تؤمن بالله قبل أن تكفر بالطاغوت ، مادام الطاغوت كبيرًا في نظرك ، وعنده تقنية ، وعنده حضارة ، وبلاده جميلة ، وفي تعامله دقيق جداً ، وعنده حقوق إنسان ، وعنده اتفاقيات التمييز ضد المرأة ، واتفاقيات ضد تمييز الطفل ، وعنده مؤتمرات السكان ، مادامت الشمس تراها من الغرب فاقرأ على الأمة السلام ، الشمس هي في الحقيقة من بلاد المسلمين ، والذي قاله بعض العلماء : أنا لا أصدق أن يستطيع العالم الإسلامي اللحاق بالغرب على الأقل في المدى المنظور ، لاتساع الهوة بينهما ، ولكنني مؤمن أشد الإيمان أن العالم كله سيركع أمام أقدام المسلمين ، لا لأنهم أقوياء ، ولكن لأن خلاص العالم بالإسلام .
القضية عميقة جداً ، إن رأيت أن هذا الدين حق ، وأن هذا الدين وحي السماء ، وأن هذا النبي حق ، وأن منهجه حق ، وأن القرآن حق ، وأن الجنة حق ، وأن النار حق ، يمكن أن تتوب ، إن اعتقدت بالآخرة تتب ، أما الآخرة إن لم تدخل في حساباتك إطلاقاً فوالله الذي لا إله إلا هو معظم المسلمون في تعاملهم ، في كسب أموالهم ، في إنفاق أموالهم ، في احتفالاتهم ، في زواجهم ، في تطليقهم ، في سفرهم ، في حلهم ، في ترحالهم ، والله لا يدخلون الآخرة في حساباتهم إطلاقاً ، أنت كمؤمن هل تستطيع أن تدوس على نملة قصداً ، وأن تسحقها بحذائك ؟ كيف تنهب معملا ؟ تنهب شركة ؟ تنهب بيتًا ؟ يكون لك إخوة صغار فتأخذ منهم وكالة عامة ، وتجمع كل ثروة الأب لك ، كيف ؟ كيف تضر بالوصية ؟ كم من دعوى كيدية في قصر العدل ؟ سبعة آلاف دعوة كيدية ، والذين يقيمونها من رواد المساجد .
ولذلك أيها الإخوة ، هذا الوقت المناسب للتوبة ، إن أردتم أن ينزاح عنا هذا العدو ، والله إنه عدو ما مرّ في تاريخ البشرية من عدو أقسى منه ، ولا أشد حقداً ، ولا أكثر بطشاً ، ترون مليون ضعف مليار ضعف عما يستحق أسر جنديين ، أمة تهدم كل ممتلكاتها ، كل منشآتها ، كل بنيتها التحتية ، بلا رحمة ، ومعظم القتلى أطفال ونساء ومدنيون ، فإذا أردتم أن ينزاح هذا الخطر ، وأن يحفظ الله بلادنا ، ويحفظ مدينتنا ، وأن يحفظ منشآتنا ، ويحفظ علينا بنيتنا التحتية ، ويحفظ علينا تربية أولادنا ، فتوبوا إلى الله ، وهذا الوقت المناسب جداً للتوبة .
إذاً التعليق الأول : حتى تطلع الشمس من مغربها ، أشهد الله من شدة ما أرى أنهم يكذبون ، ويزورون ، ويبطشون أكاد أنهار ، هم أول الكيانات في العالم إرهاباً ، وأول الكيانات في العالم كذباً ، يتمنى إنسان أن يسكن في خيمة ، وفيها رحمة للصغار ، أن يسكن بيتاً متواضعاً بسيطاً ، أن يسكن كوخاً ، وفيه كلمة صدق ، كل الكلام الآن كذب ، كل الذي يقال من أخبار من عند الغربيين كذب ، بعد تدمير خمسة أيام ، وكل شيء هدم ، ولا طريق سالكًا ، ولا كهرباء ، يصدر تصريح كم شعرت براحة ، قال : أعمال إسرائيل ليست مبررة ، وزير خارجية السويد قال : أعمال إسرائيل ليست مبررة فقط ، وانتهى كل شيء .
أيها الإخوة الكرام ، نحن في أي عصر نعيش ؟ العالم كله ينافق للقوي ، العالم كله ينافق للقوي ، لا قيم ، ولا مبادئ ، ولا وطنية ، ولا قومية ، ولا إنسانية ، ولا دين ، ولا حياء ، ولا شيء ، هناك قوي يتفنن بإذلال الضعيف ، وغني يتفنن باستغلال الفقير ، والكذب في أعلى مستوى .
الحديث الأول رواه مسلم .
والحديث الثاني :
(( من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه ))
هذا هو الغرب !!!
في وقت الثقافة الغربية هي السائدة في العالم كله ، طبيب نفسي عادي جداً ، لو أن مريضاً شاباً زاره ، أول سؤال : ألك صاحبة ؟ يقول له : لا ، فيقول : عليك أن تصاحب فتاة ، ما قولك في طبيب عالم نفس أول نصيحة له أنه يأمرك بمعصية ، هكذا ثقافته ، أن تصاحب فتاةً قبل الزواج ، وأن يكون لك تجارب قبل الزواج .
والله حدثني أخ سافر إلى بلد غربي في إنسان من هولندا أقام في مصر سنوات طويلة أعجبه النمط الإسلامي ، أقسم بالله بحث عن فتاة عذراء أربع سنوات لم يصل إليها ، أربع سنوات يبحث في كل هولندا عن فتاة واحدة عذراء .
وزير السياحة في تايوان يفتخر قبل زلزال تسونامي أنه ليس في بلاده كلها فتاة عذراء واحدة ، ومونديال كأس العالم مليون زائر لألمانيا ، هؤلاء لهم حاجات في الزنا ، إذاً بنوا بناء ضخماً كلف سبعة ملايين أورو ، وعندهم أربعمئة فتاة معهم ترخيص ، وبطاقة رسمة ، وشهادة صحية ، ولها أسعار ، هذه أمة !!؟
أين أنتم يا أيها الإخوة الكرام ، أين الإسلام العظيم ؟ أين العفة ؟ أين الاستقامة ؟ لذلك حينما تطلع الشمس من مغربها ، حينما يرى المسلم أن الغرب هو كل شيء ، وأن حضارته هي الحضارة ، وأن قيمه هي القيم ، وأن نمط حياته هو النمط ، فمستحيل أن تعطى رخصة لفندق خمس نجوم من دون خمر ، الخمر حضارة ، مستحيل أن يقام احتفال من دون اختلاط ، والمرأة شبه عارية ، هذا نمط غربي ، النمط الغربي معمم في العالم كله ، فلذلك أيها الإخوة الكرام ،
(( من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه ))
إذا أوى الإنسان إلى مسجد ، وتعلم حقيقة هذا الدين ، وحقيقة الكتاب الكريم ، وحقيقة سيد المرسلين ، وانغرس في قلبه مبادئ الإسلام ، وقيم الإسلام ، وعرف الواحد الديان ، وعرف سر وجوده ، وغاية وجوده ، لعل الله يرحمنا جميعاً بهذه المجالس
(( ما جلس قوم ذكروا الله فيه إلا غشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده وحفتهم الملائكة ))
لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ ))
الحديث طبعاً على ظاهره غير معقول ، وإذا ورد المنقول بخلاف المعقول وجب أن نؤول المنقول بما لا يخالف المعقول :
معنى : تذنبوا أي لو لم تحسوا بذنوبكم .
إنسان قذر جداً ، وثيابه قذرة جداً ، قلت له : انظر إلى ثيابك ، ما فيها شيء أبداً ، ما فيها غلط ، ليست فقط ثيابه قذرة ، لا يشعر أنها قذرة إطلاقاً ، وحينما لا يشعر الإنسان بذنب ، وهو يرتكب الذنوب معنى ذلك أنه ميت .
الطبيب أحياناً في حالة الموت أولاً : يمسك النبض ، ولا حركة ، لعل هناك ضعفًا جداً بالنبض ، يطلب مرآة ويضعها أمام أنف المريض ، إذا ظهر بخار ماء على المرآة فهناك بقية تنفس ، وإذا لم يجد يأتي بمصباح ، ويفتح عينيه ، ويشعل المصباح ، فإذا تحركت حدقة العين في حياة ، لا في نبض ولا في نفس ولا في استجابة للضوء يقول لهم عظم الله أجركم ، فإذا الإنسان ما شعر بذنب أبداً نقول له عظم الله أجركم ، يقول لك ماذا فعلت ؟ جلسة كلها غيبة ونميمة وفسق وفجور وأكل مال حرام ومال ربوي ودخل ، ماذا نفعل ? لا نؤذي أحداً ، هكذا كلام الناس ، لا نؤذي أحداً ، وإن كان زير نساء ، إن الله جميل يحب الجمال ، مثل هذا الإنسان انتهى عند الله ،
(( لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا ))
المؤمن يتكلم كلمة غلط لا ينام ، يقسو على إنسان يتألم ، علامة صحتك النفسية ألمك من ذنبك ، وذنب المؤمن كالجبل جاثمًا على صدره ، وذنب المنافق كالذبابة ، فأنت تقيس إيمانك بعظم الذنب عندك ، كلما صغر الذنب عندك كبر عند الله ، وكلما كبر الذنب عندك صغر عند الله .
(( لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا ))
يقول لك : ما فعلنا شيئا ، وهو جالس يملأ عينيه من محاسن امرأة ، هل أكلناها ؟ متعة فقط ، فالذي يرتكب الذنوب ولا يشعر بها إطلاقاً هذا الذي ذكره النبي عليه الصلاة والسلام :
(( لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ ))
لازلنا في التوبة ، الحل الآن الذي ينبغي أن نفعله جميعاً أن نتوب إلى الله ، لأن التوبة حصن ، ولأن الله يحفظ عباده إذا تابوا ، قال تعالى :
﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً* مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً ﴾
فرح الله بتوبة العبد :
الآن يجب أن تعلم أن الله عز وجل لو تبت إليه ما الذي يحصل ؟ في رواية لمسلم :
عن أَنَس بْن مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ ، وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ ، فَأَيِسَ مِنْهَا ، فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا ، قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ : اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي ، وَأَنَا رَبُّكَ ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ ))
حدثنا مرة أستاذ بالجامعة ، أستاذ الأدب العربي الجاهلي قال : هذا الشعر كله لا يمكن أن تتذوقه إلا إذا زرت الصحراء ، ونمت فيها ليلتين ، كل أوصاف الصحراء ، والصفاء في الصحراء ، والسماء في الصحراء ، والخوف في الصحراء ، وقيمة الكرم في الصحراء ، وقيمة الشجاعة في الصحراء ، كل الشعر الذي يتحدث عن الصحراء ، والشعر الجاهلي كله شعر صحراوي ، لا يمكن أن تذوق هذا الشعر إلا إذا ذهبت إلى الصحراء ، كل كلمة يقولها الشاعر صار لها مرتكز عندك ، لو أن واحداً منا كان في الصحراء ، وضلت عنه الناقة فموته بالمئة مليون موت محقق ، طبعاً ليس هناك خلوي ، ولا هاتف ، ولا استراحة ، ولا مراكز معالجة ، ولا شرطة مرور ، صحراء ،
(( .... كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ ، وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ ، فَأَيِسَ مِنْهَا ، فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا ، قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ : اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي ، وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ ))
تكلم بالكفر ، لأنه اختل توازنه ، أخطأ من شدة الفرح ، لله أفرح بتوبة عبده من ذلك البدوي بناقته ، كان موقناً بالموت ، فوهبت له الحياة ، لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ من ذلك البدوي بناقته .
التوبة ، التوبة ، التوبة :
أيها الإخوة الكرام ، ليس لنا في هذه الظروف إلا التوبة ، وإلا أن يكون البيت بيتاً مسلماً ، وأن يكون العمل عملاً إسلامياً ، وأن يكون الإسلام مطبقاً في حياة الإنسان ، وفي بيته ، وفي عمله ، فلعل الله يحفظ بلادنا ، ويحفظ مدينتنا ، ويحفظ ممتلكاتنا ، التشرد صعب ، والآن في العالم نزوح مخيف ، إنسان يخرج بثيابه فقط ، ينام في الطريق ، شيء مخيف ، التوبة ، التوبة ، التوبة .