- أحاديث رمضان
- /
- ٠01رمضان 1415 هـ - قراءات قرآنية
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
تشريع صلاة الجماعة في الحرب :
أيها الأخوة الكرام ؛ آية في سورة النساء ، لها دلالة كبيرة جداً :
﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً﴾
هذه الآيات تشرع لنا الصلاة في الحرب ، أما السؤال الدقيق : هذه الآيات لا تشرع الصلاة الفردية في الحرب ، صلاة الجماعة في الحرب ، أي وفي أثناء التحام الجيشين ، وفي خط المواجهة الأول ، يجب أن نصلي جماعة ، المغزى من هذه الآيات كم هي صلاة الجماعة ثمينة جداً ؟ حتى إن القرآن يشرع كيفيتها في أثناء الحرب ، وفي أثناء المواجهة ، وفي خط القتال الأول ، لو أن القضية قضية فردية ، لا يوجد مشكلة أبداً ، جيش فيه عشرة آلاف مقاتل ، كل واحد يصلي ثلاث دقائق ، وراء شجرة - مكان - هذه صلاة الجماعة في أثناء القتال ، في أثناء المواجهة ، في خط المواجهة الأول ، شرع لنا الله عز وجل في القرآن الكريم وفي آيات قطعية الدلالة صلاة الجماعة ، فإذا كان لا يوجد عذر لترك صلاة الجماعة والجيش يلتحم مع جيش العدو وجهاً لوجه فما القول في السلم؟
هنا الملاحظة ، إذا كنت في الحرب ، والعدو أمامك ، شرع الله لنا صلاة الجماعة على نحو دقيق خاص .
إذاً :
(( عليكم بالجماعةِ ، وإِيَّاكُم والفُرْقَةَ ، فَإِنَّ الشيطانَ مع الواحد ، وهو من الاثنين أبعدُ ، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاسية ))
أندم إنسان من باع آخرته بدنيا غيره :
هذه نقطة . النقطة الثانية :
﴿وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ﴾
الحياة لها طبيعة واحدة ، متاعب الحياة مشتركة بين الناس جميعاً ، متاعب العمل، متاعب الزواج ، متاعب الدعوة إلى الله ، إلا أن الفرق الكبير هو بين أن تكون في خندق المؤمنين ، وبين أن تكون في خندق الكافرين ، فرق كبير جداً ، ومسافة شاسعة جداً ، السبب : الكافر يتألم ، ويشعر بالتعب أحياناً ، وبالجهد أحياناً ، لكن ليس له أجر ، أما المؤمن فمأجور :
﴿إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ﴾
أنا عجبت لأمر الكافرين ؛ يتعبون ، ويجهدون ، ويخططون ، وفي النهاية يغلبون ، ويخذلون ، أما المؤمن :
﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ﴾
﴿إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ﴾
فالمؤمن تعبه محفوظ ، جهده محفوظ ، بذله محفوظ أضعاف مضاعفة ، أما الكافر فهذا أندم إنسان في الأرض ، رجل باع آخرته بدنيا غيره .
المؤمن أجره محفوظ عند الله عز وجل :
المؤمن يجب ألا يشعر بالخسارة ؛ لو بذل ، لو ضحى ، كل هذا البذل ، وكل هذه التضحية ، أجرها محفوظ عند الله عز وجل :
﴿وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ﴾
إلا أن أخطر شيء بالموضوع أن الإنسان يبتغي بعمله الصالح الدنيا ، ليس له شيء عند الله عز وجل .
((يا رب تعلمت العلم ، يقال له : تعلمت العلم ، ليقال عنك عالم وقد قيل))
أما إذا ابتغيت بعملك الصالح الدار الآخرة فالتعب كله محفوظ .
الأماني بضائع الحمقى :
أيها الأخوة ؛
﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً﴾
الإنسان إذا تعامل مع القرآن تعاملاً دقيقاً ، وعلمياً هناك آيات تنبئه أن الحساب يوم القيامة حساب عادل ، فكل إنسان يتمنى ، التمني لا قيمة له عند الله أبداً ، عند الله عز وجل الحساب بالأعمال :
﴿مَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً﴾
﴿كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً﴾
فالأماني بضائع الحمقى ، و كل إنسان يتمنى أن يكون من أهل الجنة ، يتمنى أن يكون من الفائزين ، وهناك أدعية يرددها العامة ، لكن هذا الدعاء ، أو هذا التمني ، لا يقابله عمل يكافئه ، إذاً : تمني لا قيمة له ، متى يصبح التمني سعياً ؟ إذا رافقه العمل :
﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً﴾