- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (010)سورة يونس
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
شأن الإنسان مكشوفٌ أمام الله عزَّ وجل :
أيها الإخوة المؤمنون ؛ وصلنا في الدرس الماضي إلى قوله تعالى :
من خلال هذه الآية بدا أن للإنسان حالاً ومقالاً وعملاً ، وقد قالوا عن النبي عليه الصلاة والسلام :
سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبيّنا أفضل الصلاة والسلام حينما أزمع قومه أن يلقوه في النار جاءه جبريل فقال : يا إبراهيم ألك حاجة ؟ قال : منك ؟! قال : لا ، من الله عزَّ وجل .
وإذا كنت في كل حالٍ معي فعن حمل زادي أنا في غنى
***
﴿ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
أي شأنه مع العبد متبدِّلٌ بشأن العبد ، إن كان شأن العبد إقبالٌ فشأن الله مع العبد إكرامٌ ، وإن كان شأن العبد مع الله إعراض فشأن الله مع العبد معالجةٌ ، فلك شأنٌ ولله شأن ، شأن الله متبدِّل بتبدُّل أحوالك ..
﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ
﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ
﴿ بَلْ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ(14)وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ(15) ﴾
والله سبحانه وتعالى يعلم سرَّكم وجهركم ..
﴿ وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ
السر ما تخفيه عن الناس ، ولكنَّ الأخفى هو الذي يخفى عنك أنت بالذَّات ..
﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ
﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ
هذه الآية :
الله تعالى شهيدٌ على كل الخلق وحالتهم مكشوفة عنده :
ربَّ كلمةٍ صالحةٍ أنبتت نباتاً طيّباً ..
﴿
لكل إنسان كتاب عند الله فيه أحواله وأقواله وأعماله :
(( عن ميمون الكردي عن أبيه : من تزوَّج امرأةً على صداقٍ وهو ينوي ألا يؤدّيه لها ـ من يعلم هذا ؟ لا يعلم هذا إلا الله ـ لقي الله وهو زانٍ ، ومن أخذ مالاً وهو ينوي ألا يؤديَّه لقي الله عزَّ وجل وهو سارق . ))
هذه الحالة من يكشفها ؟ الله سبحانه وتعالى وحده ،هنا شيءٌ دقيقٌ جداً ، أي أحوالك وأقوالك وأعمالك مسطورةٌ في كتابٍ مبين ، كأنَّه لك عند الله إضبارة .. كما يقولون .. فيها صفحةٌ لأحوالك ، وصفحةٌ لأقوالك ، وصفحةٌ لأعمالك ، وفي ضوء هذا الكتاب المبين الذي كُتِبَ فيه كل شيء يعاملك الله سبحانه وتعالى بالإكرام أو بالمعالجة ..
﴿
هذه المصيبة ليست ارتجاليَّة ، في كتاب ، لك عند الله كتاب فيه أحوالك وأقوالك وأعمالك ، في ضوء هذا الكتاب المبين الذي سُطِّرت فيه كل أقوالك وأحوالك وأفعالك قضى لك الله قضاءً ما ، إما تشجيعاً ، وإما تحذيراً ، وإما تأديباً ، وإما قصماً ، وإما تصحيحاً ، وإما دفعاً ، وإنا كشفاً ، في ضوء هذا الكتاب المبين الذي سُطِّرت فيه أقوالك وأحوالك وأعمالك الله سبحانه وتعالى يقضي لك ، لذلك كل شيء بقضاء من الله وقدر .
﴿ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
من استسلم لله تولى الله هدايته وإرشاده وإسعاده :
ما معنى الوليّ لله ؟ أي أنه استسلم لله فتولَّى الله هدايته ، وتولَّى الله إرشاده ، وتولَّى الله إسعاده ، وتولَّى الله حفظه ، وتولَّى الله الأخذ بيده من خيرٍ إلى خير ، ولا ينتهي به المطاف إلا في الجنَّة ، استسلموا لله ، هذه هي حقيقة الإسلام أن تستسلم لله ، أن تُفَوِّضَ له ، أن تتوكَّل عليه ، إذا استسلمت له تولَّى الله شأنك..
﴿
لا يزال الشيطان يتولَّى أولياءه ، ويغريهم بالمعاصي ، ويورِّطهم بالجرائم إلى أن يصعدوا سُلَّم المشنقة ، هذا من عمل الشيطان ، ولا يزال الله سبحانه وتعالى يتولَّى أولياءه بالحفظ ، والهداية ، وتنوير القلب ، والإرشاد ، والإسعاد حتى يأخذ بيدهم إلى الجنَّة ، فليس هناك حالٌ ثالثة ، إما أن يكون الرجل وليَّاً لله عزَّ وجل ، وإما أن يكون وليَّاً للشيطان ، إذا استسلمت لله عزَّ وجل تولَّى الله إرشادك ، وحفظك ، وهدايتك ، وإسعادك..
آيات قرآنية تصف سيِّد الأنبياء :
ولكن أتلو على مسامعكم بعض الآيات القرآنية التي تصف سيِّد الأنبياء ، وهو النبي عليه الصلاة والسلام ، سيد الأولياء قال الله عنه :
﴿
إذاً لا يحقُّ لمن يدَّعي أنه وليٌّ على وجه الأرض أن يدَّعي أنه يملك النفع والضُر ، الولي الفلاني نَظَرَ في فلان فاهتدى ، هذه ليست لرسول الله :
﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56) ﴾
الولي الفلاني تجاوز مرحلة التكليف .
﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) ﴾
سيِّد الأولياء يخاف إن عصى الله عذاب يومٍ عظيم .
سيد الأولياء لا يعلم الغيب ..
﴿
سيِّد الأولياء لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضُراً ، إذا كان سيد الأولياء لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ، وإن كان سيد الأولياء لا يعلم الغيب ، وإن كان سيد الأولياء يخاف إن عصى الله عذاب يومٍ عظيم ، فهل يستطيع وليٌّ على وجه الأرض أن يدَّعي خلاف ذلك ؟ هذا هو الحجم الحقيقي ، سُئل الإمام الجنيد رضي الله عنه : " من ولي الله ؟ أهو الذي يطير في الهواء ؟ قال : لا ، قال : أهو الذي يمشي على وجه الماء ؟ ، قال : لا ، فقالوا : من هو ولي الله إذاً ؟ قال : هو الذي تجده عند الحلال والحرام " ، حتى إن ولي الله لو قال لك : إنني رأيت المصطفى عليه الصلاة والسلام ، وقال لي : كذا وكذا ، فإن كان في هذه الرؤيا تطابقاً مع الشرع نقبلها منه ، وإلا يثْبتُ الشرع ، وتردُّ الرؤيا ، بعد النبي عليه الصلاة والسلام لا يحقُّ لأحدٍ كائناً من كان أن يبتدع ، إنما أنا متَّبعٌ ولست بمُبْتَدِع .
علامات أولياء الله :
أحد العلماء الكبار قال : نحن مُقَيَّدون بكتاب الله ، مقيَّدون ، إذا سمحنا بالشطحات والاجتهادات من دون ضبطٍ من كتاب الله فقد ضاع الدين ، وتلاشت معالمه ، وتخلَّف المسلمون
عن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال:
﴿ إنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ ، وَلا شُهَدَاءَ ، يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى . ﴾
هذا تعريفٌ آخر .
عن عمر بن الخطَّاب عن النبي صلى الله عليه وسلم :
(( هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ ، عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ ، وَلا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا ، فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ ، وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ ، لا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ ، وَلا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ وقرأ هذه الآية
مقياسٌ دقيقٌ جداً ، إذا خاف الناس جميعاً لا يخافون ..
﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا(19)إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا(20)وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا(21)إِلا الْمُصَلِّينَ(22) ﴾
المصلي لا يخاف ، ولا يحزن ، الله سبحانه وتعالى خالق السماوات والأرض ، الغني ، القوي ، العزيز ، الرحيم ، السميع ، المجيب ، معك .
﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ
﴿
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96) ﴾
من علامات أولياء الله أنهم لا يخافون إذا خاف الناس ، ولا يحزنون إذا حزن الناس ، إذاً ولي الله هو الرجل الذي استسلم لله عزَّ وجل ، حينما استسلم لله عزَّ وجل تولَّى الله هدايته ، وإسعاده ، وحفظه ، وما يزال الله سبحانه وتعالى يأخذ بيد وليه حتى يدخله الجنَّة ، وحجم وليّ الله لا ينبغي أن يزيد عن حجم سيد الأولياء ، النبي عليه السلام ، لا يملك للناس نفعاً ولا ضرَّاً ، ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً .
أحد الأولياء توفي أحد تلاميذه ، فقال له : قم ، فقام ، ما هذه الخرافة ؟ رجل توفي فدخل في القبر ، فجاءه الملكان ، فإذا بشيخه يدفع الملكين من صدرهما ، ويقول لهما : قوما عنه ، أمثل هذا يُسأل ؟ هذا تلميذي ، لا ، ليس هذا صحيحاً ، سيد الأولياء لا يملك نفعاً ولا ضراً ، سيد الأولياء لا يعلم الغيب ، سيد الأولياء يخاف إن عصى الله ..
فأحبابنا اختاروا المحبَّة مذهباً وما خالفوا عن مذهب الحُبِّ شرعنا
***
لئلا تضيع معالم الدين ، كي يكون الدين كما بدأ ناصعاً واضحاً ..
(( عن العرباض بن سارية : وعظَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّمَ مَوعظةً ذَرَفَتْ منها العيونُ ووجِلَتْ منها القلوبُ فقلنا يا رسولَ اللهِ إنَّ هذه لموعِظَةَ مُوَدِّعٍ فماذا تعهَدُ إلينا ؟ فقال : تركتُكم على البيضاءِ ليلِها كنهارِها لا يزيغُ عنها بعدي إلا هالِكٌ ، ومن يَعِشْ منكم فسَيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بما عرَفتُم من سُنَّتي وسُنَّةِ الخلفاءِ المهدِيِّينَ الرَّاشدينَ . وعليكم بالطاعةِ وإن كان عبدًا حبشيًّا عَضُّوا عليها بالنَّواجذِ فإنما المؤمنُ كالجملِ الأَنِفِ كلما قِيدَ انقَادَ . ))
هذا الدين ، عودوا إلى ينابيعه الأولى ، عودوا إلى كتاب الله ، إلى سنَّة النبي عليه الصلاة والسلام ، أما هذه القصص ، وهذه الخرافات التي يذكرها بعض الناس عن أولياء الله هذه ما أنزل الله بها من سلطان .
للولي كرامة هذه لا تُنكر ، أما أن يملك الولي هداية الناس ، نظر إليه فاهتدى ، لِمَ لم ينظر النبي إلى أبي جهل كي يهتدي وهو عمّه ؟ لمَ لم ينظر لأبي لهب كي يهتدي ؟ ما هو الضلال ؟ أن تعطي الإنسان حجماً أكبر من حجمه ، أو أن تُقلِّل من حجمه ، أناسٌ أعطوا الأولياء أكبر من حجمهم هداهم الله ، وأناسٌ أعطوا الأولياء أقلَّ من حجمهم هداهم الله عزَّ وجل ..
من علامات المؤمن الصادق أن يقول لك : والله الذي لا إله إلا هو إنني أسعد الناس ، على دخله المحدود ، وعلى بيته الصغير ، وعلى متاعبه الكثيرة ، لأنه سعد بالله عزّ وجل .
مرَّة أخ كريم قال لي : ليس في الأرض من هو أسعد منّي إلا أن يكون أتقى مني ، والله أعجبتني هذه الكلمة ، صادق ، لذلك :
علامات البعد عن الله :
﴿
من علامة البعد عن الله الخوف من غير الله ، من علامة الشرك الخوف من غير الله ، أنت تقول : لا إله إلا الله ، تقولها مئات المرَّات ، ما معنى لا إله إلا الله ؟ أي لا مسيّر في الكون إلا الله ، أي إليه يرجع الأمر كلُّه ..
﴿
﴿
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا
﴿ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ
هذا هو التوحيد ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد ..
﴿ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ
إذا ابتعد الإنسان عن الله عزَّ وجل ألقى الله الخوف في قلبه فانقلبت حياته جحيماً ، وانقلب غناه فقراً ، أنت من خوف الفقر في فقر ، أنت من خوف المرض في مرض ، توقُّع المصيبة مصيبةٌ أكبر منها ، ما من مرضٍ يفتك بالناس اليوم في بقاع الأرض كالقلق .
كتابٌ أُلِف في أمريكا عنوانه
علامات الإيمان الصادق :
أما الولي فلا خوفٌ عليهم ، لا يخاف ..
إذا كنت في كل حالٍ معي فعن حمل زادي أنا في غنى
***
إذا كان الله معك فمن عليك ؟! ..
﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ
(( عن أبو بكر الصديق قلتُ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ونحن في الغارِ لو أنَّ أحدَهم ينظرُ إلى قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنا تحتَ قَدَمَيْهِ فقال :
هذا الإيمان ..
صحابي جليل ألحَّت عليه زوجته بشيءٍ لم يفعله النبي عليه الصلاة والسلام فغضِبَت فقال لها : اعلمي يا فلانة أن في الجنَّة من الحور العين ما لو أطلَّت إحداهن على الأرض لغلب نور وجهها ضوء الشمس والقمر ، فلأن أُضَحِّي بكِ من أجلهن أهون من أن أضحي بهنَّ من أجلكِ ، يأخذ الزوج موقفاً حازماً..
من علامة الإيمان الصادق أنك لا تخاف في الدنيا ، وإذا لاح شبح الموت ، شعرت بألم في الصدر ، جاءت جلطة ، وكنت مؤمناً مرحباً بلقاء الله ، تسعد بها :
واكربتاه يا أبتِ ، قال : " لا كرب على أبيكِ بعد اليوم غداً نلقى الأحبَّة محمَّداً وصحبه " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ اللَّهُ :
(( عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قالَ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى : أعْدَدْتُ لِعِبادِي الصَّالِحِينَ ، ما لا عَيْنٌ رَأَتْ ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ ، ولا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ . قالَ أبو هُرَيْرَةَ : اقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ :
﴿ وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ
من الأموال الطائلة ، من البيوت الفاخرة ، من النساء الجميلات ، من البساتين المُزْدانة .
من أطاع الله طاعةً تامَّة فهو من أولياء الله :
بالمناسبة لا يوجد بالدين نحن رجال دين ، يجب أن يكون كل منكم وليَّاً لله ، يجب أن تكون أنت من أولياء الله ، إذا أطعت الله طاعةً تامَّة فأنت من أولياء الله الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون ..
من ضيَّع ساعةً من حياته لم يذكر الله فيها فحياته خسارة :
والمضارع يفيد الاستمرار، أي طوال حياته يتقي الله ، يتقي أن يعصيه ، هذه مرتبة ، يتقي أن ينقطع عنه هذه مرتبة أعلى ، يتقي أن يكون في قلبه سواه ، مرتبة ثالثة ، عندنا صيام عامَّة الناس عن الطعام والشراب ، وصيام المؤمنين صيام الجوارح عن المعاصي ، وصيام الأتقياء صيام القلب عمَّا سوى الله ، فهذه يتقون فعل مضارع مستمر ، يتقي أن يعصي الله ، ويتقي أن ينقطع عن الله ، ويتقي أن يكون في قلبه غير الله ..
﴿
تتجافى أي لا يرتاح في نومه بحياته ، يخاف أن يفوته الصبح ، لا يرتاح العصر بنومه لأنه يخاف أن تفوته صلاة العصر ، إذا جلس وسهر ولم يتكلم عن الله يشعر أن السهرة بلا طعم فارغة ، إذا لم يكن هناك ذكر لله عزَّ وجل ، أي إن ضيَّع ساعةً من حياته لم يذكر الله فيها فحياته خسارة ..
للمؤمن بشارة من الله في الدنيا وفي الآخرة :
لكن الله رحيم بالمؤمنين ،
﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابيه(19)إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيه(20)فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ(21)فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ(22)قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ(23)كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ(24) ﴾
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ(15)آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ(16)كَانُوا قَلِيلا مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ(17)وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ(18)وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ(19) ﴾
إلى آخر الآية ، إذاً يوجد بشارة في القرآن الكريم ، والنبي عليه الصلاة والسلام بشَّر المؤمنين بالجنَّة ، عن عمر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَذَلِكُمُ الْمُؤْمِنُ . ))
عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم :
(( مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ ، وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَة . ))
أي أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام كثيرةٌ جداً وكلُّها فيها بِشارة للمؤمن ، والله سبحانه وتعالى أحياناً يتولَّى مباشرةً تبشير المؤمن بالجنَّة عن طريق الرؤيا الصالحة ، المؤمن أحياناً يكون مكسور القلب حزيناً ، يحزن على شيء واحد ؛ ألا يكون عند الله مرضياً ، هذا سبب حزنه الوحيد ، الذي يغلب عليه الحزن بسبب قلقه حول ما إذا كان الله راضياً عنه أو غير راضٍ ، يتولى بشارته برؤيا صالحة ، يرى النبي عليه الصلاة والسلام يناديه باسمه ، يثني عليه ، يصافحه ، وأحياناً يقبِّله ، أحياناً يرى سيدنا الصدِّيق في المنام ، سيدنا عمر ، هؤلاء الأناس الأكارم الأولياء ، أحياناً يرى مرشده في المنام يبتسم له ، يهش له ، هذه البشرى ..
في الآخرة كيف تكون البشرى ؟ قال : إذا بُعِثَ مَن في القبور بشَّر الله المؤمنين بالجنَّة ، أي بين البعث وبين دخول الجنَّة هناك مسافة ، لئلا يبقى هؤلاء قلقين تأتيهم البشرى من الله عزَّ وجل فور بعثهم من مراقدهم .
زوال الكون أهون عند الله من تبديل كلماته :
﴿ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى
هذه إحدى كلمات الله الثابتات .
﴿
أي في الستة آلاف مليون إنسان إذا كان فيهم شخصٌ عمله طيّبٌ ، وكان مستقيماً ، ولم يكن سعيداً ، لا يكون هذا الكلام قرآناً ، لو أن حالة واحدة من ستة آلاف مليون حالة لم تنطبق على هذا الإنسان فهذا الكلام ليس كلام الله ، لكن :
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(124)قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا(125) ﴾
هذه من كلمات الله .
﴿
هذه من كلمات الله ..
﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) ﴾
هل يُعْقَل أن ترى الكافر حكيماً ؟ رقيقاً ؟ منصفاً ؟ متواضعاً ؟ لا يُعْقَل ..
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) ﴾
هذه من كلمات الله .
﴿
هذه من كلمات الله ..
﴿ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ
هذه من كلمات الله ، أي القواعد الثابتة والوعد والوعيد ، كلمات الله تعني تلك القواعد الثابتة التي لا تتبدَّل ، ولا تتغيَّر ، ولا تُعدَّل ، ولا تُعطَّل ، ولا تُغَيَّر ، هذه كلمات الله..
﴿ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61) ﴾
﴿ خِتَامُهُ مِسْكٌ
سبحانك إنه لا يذلُّ من واليت ولا يعزُّ من عاديت ، العزَّة لله جميعاً..
اجعل لــربِّك كل عزِّك يستقر ويثـبت فإذا اعتززت بمن يموتُ فإنَّ عزَّك ميِّتُ
***
الله سبحانه وتعالى لا شريك له :
أي هؤلاء الذين يدعون من دون الله لا يتَّبعون شركاء حقيقيين ، الله سبحانه وتعالى لا شريك له .
﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) ﴾
قيمة الرجل ما يُحْسِنه ، يجب أن يكون لك عمل تنفع به المسلمين ، اختصاص تقضي به حاجة المسلمين ..
الابن استمرار لأبيه :
﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ(30) ﴾
أو تريد ولداً يعينك إذا كبرت سنّك ، وشاب شعرك ، وضعف بصرك ، وانحنى ظهرك ، حينئذ تحتاج إلى ولد يعينك .
﴿ وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
هو الحي الباقي ..
﴿ وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا
ما من مؤمنٍ صادق إلا ومعه حجَّة يُفْحِمُ بها الخصوم ويُهَدِّم بها الباطل :
﴿
السلطان هو الحجَّة ، الحجَّة تعطي صاحبها سلطاناً ، قال النمرود لسيدنا إبراهيم : من ربك ؟ قال :
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ
أعفو عن شخصٍ فأحييه ، وآمر بقتله فأميته ، سيدنا إبراهيم كان فَطِناً ، متابعة النقاش في هذا الموضوع طريق مسدود ، قال :
﴿
ولكل مؤمنٍ نصيبٌ من هذه الآية .. ما اتخذ الله ولياً جاهلاً لو اتخذه لعلَّمه .. ما من مؤمنٍ صادق إلا ومعه حجَّة يُفْحِمُ بها الخصوم ، يُهَدِّم بها الباطل ..﴿ إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَـذَا ﴾ أي ما عندكم من سلطانٍ بهذا ، بدون حجَّة ..
كل حالٍ يزول ولا يبقى إلا الحساب في الآخرة :
***
النخيل آية من آيات الله الكونية :
الآن إلى آية من آيات الله الكونيّة ، تعدّ النخلة من أطول الأشجار عمراً ، وقال بعض العلماء : ثمار النخيل ليس ثماراً إنما هو منجم معادن ، المنغنيز والفوسفور والكالسيوم واليود ، مجموعة كبيرة جداً من المعادن موجودة في التمر.
وربنا عز وجل حينما أطعم السيدة مريم التمر في أثناء المخاض إشارة طبية إلى أن في التمر مادة تعين على المخاضوفي التمر مادة تمنع النزيف ، فإذا قطعت شرايين الرحم مئة ألف شريان ، التمر مادة تعين على التئام جروح الشرايين ، وعلى منع النزيف .
وفي التمر مادة ملينة للأمعاء تعين على الولادة ، وفي التمر سكريات سهلة الهضم تنتقل إلى الدم في عشرين دقيقة ، وقالوا : في التمر عامل النمو للأطفال ، والتمر مغذ للدماغ ، والتمر مغذ للعظام ،
والتمر مقوّ للقلب ، والتمر ملين للشرايين ، والتمر يجلو البصر ، ويرهف السمع ، سبحان الله ! لكن الشيء الجديد أن في ثمرة النخيل ثمان وأربعين مادة غذائية دوائية ومعدنية وأن النبي عليه الصلاة والسلام قال : عن سلمة بن قيس الأشجعي :
(( أطعموا نسائكم في نفاسهن التمر ، فانه من كان طعامها في نفاسها التمر خرج ولدها حليماً . ))
حليماً ، هكذا قال النبي قبل ألف وأربعمئة عام .
لكن مقالات علمية كتبها أناس لا يعلمون عن الإسلام شيئاً ، قالوا فيها : إن في التمر مواد مهدئة للأعصاب ، كيف عرف النبي هذه الحقيقة ? ربنا عز وجل قال :
﴿
وفي التمر مواد مهدئة للأعصاب ، أي الإنسان يتخذ من كل شيء موعظة ، وأحد الشعراء قال :
كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً بالطوب يرمى فيلقي أطيب الثمر
***
والحمد لله رب العالمين