- محاضرات خارجية / ٠01دروس صباحية - جامع التقوى
- /
- دروس صباحية جامع التقوى - الجزء أول
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين .
اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
الحركة متنوعة :
أيها الأخوة الكرام ؛ في قوله تعالى :
﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾
أخوانا الكرام ؛ الأرض تدور نحو نفسها ، دورة كل يوم ، كل أربع وعشرين ساعة والأرض تدور حول الشمس دورة كل عام ، لكن دققوا في هذه الحقيقة العلمية :
لو أن الأرض ذات محور عامودي على مستوى الدوران لكان الصيف في مكان ما إلى أبد الآبدين ، والشتاء إلى أبد الآبدين ، هذه الشمس وهذه الأرض والمحور قائم وعامودي على مستوى الدوران ، فهنا أشعة الشمس عامودية ، وهنا مائلة ، يعني في أماكن بالأرض صيف دائم ، وأماكن شتاء دائم .
لذلك الله عز وجل خلق الأرض في يومين ليل ونهار ، وقدر أقواتها في أربعة أيام الفصول ، بميل المحور تنشأ الفصول ، هنا الأشعة مائلة الشتاء ، تأتي إلى الأرض هنا الأشعة عامودية ، صيف ، فمن دورة الأرض حول الشمس تنشأ الفصول الأربعة ، فمن دورة الأرض حول نفسها يكون الليل والنهار ، ومن دورة الأرض حول الشمس تكون الفصول الأربعة .
﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾
يعني في على سطح الأرض سبعة مليارات ومئتي مليون إنسان تقريباً ، كل واحد يتحرك لهدف .
﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾
هذا يبحث عن عمل ، هذا يبحث عن ربح عالي جداً ، هذا يبحث ليؤسس شركة هذا لينال دكتوراه .
﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾
حركة الإنسان ضمن حقلين :
في سبع مليارات ومئتي مليون إنسان كل إنسان يتحرك بهدف ، لكن الله جل جلاله جعل هذه الحركة من قبل البشر داخلة في حقلين اثنين لا ثالث لهما ، قال :
الأول : أعطى واتقى وصدق بالحسنى .
﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾
يعني بنى حياته على العطاء يعطي من وقته ، من ماله ، من علمه ، من خبرته يعطي من عضلاته ، يعطي جهداً مادياً ، وعلماً ، وجاهاً ، أعطى .
لذلك أحدهم ألف كتاباً عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فقال :
يا من جئت الحياة فأعطيت ولم تأخذ ، يا من قدست الوجود كله ، ورعيت قضية الإنسان ، يا من زكيت سيادة العقل ، ونهنهت غريزة القطيع ، يا من هيئك تفوقك لتكون واحداً فوق الجميع ، فعشت واحداً بين الجميع ، يامن كانت الرحمة مهجتك ، والعدل شريعتك ، والحب فطرتك والسمو حرفتك ، ومشكلات الناس عبادتك .
﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ﴾
اتقى أن يعصي الله ، لماذا اتقى ، ولماذا أعطى ؟ لأنه صدق بالحسنى ، ما الحسنى ؟ هي الجنة .
﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾
إذاً لأنه آمن بالجنة ، وأن الإنسان مخلوق للجنة ، والجنة :
(( ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطرَ على قلب بَشَر ))
مرئيات الإنسان محدودة ، مسموعاته مليون ضعف ، أما خواطره مليار مليار مليار ضعف ، فيها :
(( ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطرَ على قلب بَشَر ))
﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾
لأنه صدق بالحسنى اتقى أن يعصي الله أولاً ، وبنى حياته على العطاء ثانياً ، هذه زمرة ، يقابلها :
الثاني : بخل واستغنى وكذب بالحسنى .
﴿ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ﴾
لأنه كذب بالحسنى ، يعني كذب بالجنة ، لأنه آمن بالدنيا ، استغنى عن طاعة الله ولأنه استغنى عن طاعة الله بنى حياته على الأخذ ، فلذلك الأقوياء في الأرض أخذوا ولم يعطوا والأنبياء أعطوا ولم يأخذوا ، ونحن نأخذ ونعطي ، الأقوياء أخذوا ولم يعطوا ، والأنبياء أعطوا ولم يأخذوا ، فإن كان الذي يسعدك أن يعطي فأنت من أتباع الأنبياء ، وإن كان الذي يسعدك أن تأخذ فأنت من أتباع الأقوياء .
﴿ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾
والثاني :
﴿ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ﴾
لذلك أيها الأخوة هؤلاء البشر على اختلاف مللهم ، ونحلهم ، وانتماءاتهم ، وأعراقهم وأنسابهم ، وطوائفهم ، وتياراتهم ، وتقويماتهم حدث ما شئت ، لا يزيدون عند الله نموذجين .
الأول :
﴿ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾
والثاني :
﴿ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ﴾
فالبطولة ، والذكاء ، والتوفيق أن نكون من الصنف الأول ، لذلك :
﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ﴾
يعني تصور إنسان عنده أولاد ودخله محدود ، ووضعه صعب جداً ، وتصور إنسان معه ملايين مملينة ، وما عنده أولاد ، لمن هذه الثروة ؟
﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ ﴾
العلماء قالوا :
الباقيات الصالحات : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر .
يعني إذا سبحته ، وحمدته ، ووحدته ، وكبرته ، فقد عرفته ، فمعرفة الله عز وجل هي الأصل ، لذلك أنا أقول دائماً :
لو أن طفل عقب أحد الأعياد ، الفطر أو الأضحى زاره خاله ، قال له : أنا معي مبلغ عظيم ، إذا طفل عمره عشر سنوات قال لك أنا معي مبلغ عظيم ، كم تقدر هذا المبلغ ؟ أنا أقول مئة دينار ، من أقرباءه ، عدياته ، وإذا كان مسؤول بالبنتاغون كبير ، قال : أعددنا لحرب العراق مبلغاً عظيماً أنا أقدره مئتين مليار دولار ، وإذا قال الله عز وجل :
﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾
طفل قال عظيم مئة دينار ، مسؤول بالبنتاغون حرب العراق قال أعددنا لها مبلغاً عظيماً ، مئتي مليار ، ملك الملوك ، ومالك الملوك قال :
﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾
فلذلك أعظم عطاء إلهي أن تعرفه ، أعظم عطاء إلهي أن تأتي إلى الله يوم القيامة بقلب سليم ، ما القلب السليم ؟ قال : القلب الذي لا يشتهي شهوة لا ترضي الله ، والقلب السليم هو القلب الذي لا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله ، والقلب السليم هو القلب الذي لا يعبد إلا الله لا يشتهي شهوة لا ترضي الله ، ولا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله ، ولا يعبد إلا الله ، فلذلك الآية أصبحت :
﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ﴾
حركة الأرض .
أنت تصور أن الأرض محورها موازي لمستوى الدوران ، تدور هكذا ، والشمس هنا معنى ذلك نصف الأرض شمس إلى أبد الآبدين ، والنصف الثاني ظلام إلى أبد الآبدين ، انتهت الحياة ، لكن الله جعل لها محور ، لو كان عامودي على مستوى الدوران صيف إلى أبد الآبدين وشتاء إلى أبد الآبدين
لكن من جعل هذا المحور مائلاً ؟ هذا الميل جعل الفصول الأربعة وقدر أقواتها في أربعة أيام ، خلق في يومين ليل ونهار ، وأربعة فصول ، ميل المحور من آيات الله الدالة على عظمته ، الآن الأرض تدور حول الشمس ، هي الآن بمسار إهليلجي ، يعني بيضوي ، ما معنى مسار بيضوي ؟ يعني دائرة ممطوطة بيضوي كالبيضة ، لهذا قطران قطر أطول ، وقطر أصغر ، فالأرض هنا في القطر الأطول ، حينما تتجه إلى القطر الأصغر بقانون الجاذبية المتعلق بالكتلة والمسافة ، المسافة قلت ، والجاذبية ازدادت ، إذاً لابد من أن تنجذب إلى الشمس وإذا انجذبت إلى الشمس تبخرت في ثانية واحدة ، لذلك قال ترفع الأرض سرعتها هنا ، لينشأ من رفع السرعة قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة فتبقى على مسارها .
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾
أن تنحرف ، تابعت الأرض سيرها حول الشمس ، وصلت إلى القطر الأطول ، المسافة طالت ، والجاذبية ضعفت ، هناك احتمال أن تتفلت الأرض من جاذبية الشمس ، تدخل بالفضاء الكوني ، والحرارة 260 تحت الصفر ، هذا الصفر المطلق ، إذاً تنتهي الحياة إذا انجذبت ، وتنتهي الحياة إذا تفلتت ، فمن الذي الأرض في قبضته ؟ يرفع سرعتها هنا ، ويخفض سرعتها هنا ، هنا تخفض سرعتها ، لينشأ من خفض السرعة قوة نابذة أقل ، تكافئ القوة الجاذبية الأقل فتبقى على مسارها .
أخوانا الكرام ؛ الله عز وجل يأمرنا .
﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
يأمرنا ، النظر في الكون من أوامر الله عز وجل ، وبالمناسبة كل أمر بالقرآن يقتضي الوجوب ، نحن بعصور التخلف توهمنا أن الأمر والنهي أن تصلي ، وتصوم ، وتحج ، وتزكي ، هذه العبادات الشعائرية ، أما كل أمر في القرآن يقتضي الوجوب ، هكذا ، بل إن علة كل أمر أنه أمر ، لو ما فهمت حكمته ، علة الأمر أنه أمر .
عالم دمشقي كان بأمريكا ، كان بحديقة ، جلس إلى جانبه واحد غربي أمريكي ، جاء موضوع الإسلام ، وموضوع لحم الخنزير ، فهذا العالم الدمشقي ألقى ساعة كاملة في شرح مضار لحم الخنزير ، بعد مضي ساعة قال له هذا الأمريكي المؤمن مسلم : كان يكفيك أن تقول لي الله حرمه فقط ، إله ، أنت يقول لك طبيب قلب : بيتك بالطابق الرابع لا يناسبك ، ثاني يوم تبيعه ، وقد لا يخطر في بالك السبب ، مع إنسان توقن بعلمه ، تنفذ أمره .
فلذلك الله عز وجل ، أعطانا الأمر لكن رحمة بنا ، وإكراماً لنا أعطانا التعليل ، قال :
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾
تعني القوي لا يحتاج إلى تعليل يعطي أمره فقط .
مرة أحد رؤساء أمريكا قال : نحن في علاقتنا مع الدول ، هذا بعد 11 أيلول ، لا نتحاور مع أحد ، لكن نملي أوامرنا على من حولنا فقط ، أمر .
الله قوي أعطى أمر لكن علله لك .
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ﴾
اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارضَ عنا وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم .