- ندوات تلفزيونية / ٠01برنامج ويتفكرون - قناة ندى
- /
- ٠2ويتفكرون 2
مقدمة :
الدكتور بلال:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أخوتي أخواتي أينما كنتم أسعد الله أوقاتكم بكل خير، بتحية الإسلام أحييكم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، باسمكم جميعاً أشرف أن أرحب بفضيلة أستاذنا وشيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الدكتور راتب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الدكتور بلال:
أستاذنا الفاضل نبدأ اليوم في العمق، لكن قبل أن نبدأ في آيات نتفكر بها لكم كلمة أسمعها منكم، تقولون: كمال الخلق يدل على كمال التصرف، وهذه خطرت لي في نهاية الحلقة السابقة يوم قلنا: ويتفكرون في خلق السموات فوصلوا ربنا فقنا عذاب النار، لو تشيرون إلى ذلك؟
كمال الخلق يدل على كمال التصرف :
الدكتور راتب :
الحقيقة يوجد مسلمات في الإنسان، مسلمات لا تحتاج إلى دليل، من هذه المسلمات أن كمال الخلق يدل على كمال التصرف، أي إذا كان هناك شركة كومبيوترات من أرقى الشركات في العالم، وهناك جهة حكومية اشترت منها مليون جهاز، معقول أن يكون الدفع عشوائياً، بلا قرار؟ بلا عقد؟ بلا شروط؟ بلا محاذير؟ بلا تسهيلات؟ كلما ارتفع مقام الجهة يكون لها تصرفات معقولة جداً، ملخص هذا الكلام: كمال الخلق يدل على كمال التصرف، أنا أرى أن هذا الكون فيه كمال مطلق، الاستنباط الأول المنطقي والحقيقي والدقيق والعميق أن هذا الكون الكامل له خالق عظيم، خالق كبير، خالق رحيم، خالق حكيم، خالق عدل، كمال الخلق يدل على كمال التصرف. الآن أي شيء في الدين مضاف عليه لا يدل على كمال الخالق، ينبغي أن يكون خارج الدين، أي الكمال المطلق نحن نقول لإنسان: أنت كريم، إذا أنفق أموالاً كثيرة، نقول لقاض: أنت عادل، إذا اتخذ ألف قرار عدا ثلاثة لم يكن فيهم دقة بالغة، نقول عنه: إنه عادل بشكل نسبي، أما الإله فمطلق، معنى مطلق أي مئة بالمئة، فكمال مطلق، رحمة مطلقة، لكن الله عز وجل مربّ، يربي الأب ابنه وهو يحبه حباً جماً من أجل مستقبله، أنا أرى أن المصائب جميعاً هي أدوات إلهية حكيمة لدفع الإنسان إلى طاعته، لا يوجد مصيبة من مصيبة هذا يتناقض مع وجود الله، ومع كماله، هناك مصيبة هادفة، فأنا عندما أفهم على الله عز وجل أن المصائب هادفة، المصيبة أحياناً تكون بنقص المال، بالصحة، بنقص الأمن، هذه كلها مصائب، رسائل من الله، رسالة من الله أن يا عبدي لا بد من لفت نظرك إلى خطأ ارتكبته.
شيء ثان؛ الإنسان يكبر، بعد الستين يصبح عنده ضعف بصر أحياناً، أو ضعف سمع، أو انحناء ظهر، إذاً عنده بعض التبدلات، هذه التبدلات أيضاً رسالة ثانية، هذه الرسالة الثانية أن يا عبدي قد اقترب اللقاء بيننا هل أنت مستعد له؟ لذلك موت الفجأة غير محمود، يأتي مرض مثلاً يستغفر ربه، يؤدي ديونه، يستسمح ممن ظلمه، يعطيك مرحلة تصفي علاقاتك قبل أن تقابله.
الدكتور بلال:
وهذا كله من كماله جلّ جلاله لأنه يستدل عليه من كمال خلقه.
أستاذنا الفاضل لو دخلنا الآن في آية من آيات الله عز وجل نتفكر فيها بصحبتكم جزاكم الله خيراً، يقولون: إن الإنسان الله عز وجل خلق له جهازاً للتكييف والتبريد من أجل أن تكون حرارته ثابتة في المعدل الطبيعي.
الله تعالى جعل للبشر معايش ليمتحنهم بذلك :
الدكتور راتب :
المخلوقات أنواع؛ هناك مخلوقات ذات حرارة متبدلة كالأفاعي من تحت الصفر إلى الستين والسبعين، فالأفعى لا تبرد، ولا تشعر بالحر، لأنها متكيفة مع الجو، الإنسان حرارته ثابتة، هي سبع وثلاثون درجة، إذا كانت الحرارة خمساً وأربعين يشعر بالحر، إذا كانت ثلاثين، خمس عشرة، عشر، صفر، يشعر بالبرد، الله جعل للبشر معايش، قال تعالى:
﴿ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ ﴾
أي وسائل كسب الرزق، كم مؤسسة بالعالم تعيش على التدفئة؟ وكم مؤسسة تعيش على التكييف؟ على طول الشعر كم حلاق في الأرض؟ على المرض كم طبيب في الأرض؟ الله جعل الدنيا معاييش، أي يوجد وسائل لكسب الرزق من خلال اختصاص، والإنسان يمتحن هنا، صادق أو غير صادق، متقن أو غير متقن، فالإنسان عندما دفع من قبل الله أساساً لعمل يحترفه، كي يعيش منه، امتحن في هذا العمل.
الدكتور بلال:
شيخنا قلتم: درجة حرارة الإنسان ثابتة هي سبع وثلاثون درجة، الجسم كيف يساهم؟
الغدد العرقية هي جهاز التكييف والتبريد في الجسم :
الدكتور راتب :
خمسة عشر ألف غدة عرقية، هذه الغدة تفرز ماء بكميات معقولة في الصيف، تبدأ من مئتين سنتمتراً تقريباً، هذا الماء يعمل حالة اسمها: تبادل حراري، الماء عندما يواجه حراً يتبخر، وعندما يتبخر يأخذ من حرارة الجلد، فكل إنسان عندما يعرق معنى هذا أن حرارته صارت أربع عشرة قد تكون أربعين أو خمسين، وهذا شيء خطير على حياته، فالتعرق جهاز وقائي ذاتي لتخفيض حرارته، هذا عندما يعرق يفرز العرق، العرق تبخر، عندما تبخر امتص حرارة الجلد، فكل إنسان يعرق حرارته خمس عشرة، لم تعد خمسين.
الدكتور بلال:
إذاً الغدد العرقية هي جهاز التكييف والتبريد في الجسم؟
الدكتور راتب :
جهاز دقيق جداً. الحقيقة أنه موزع بشكل حكيم، باطن اليد يوجد بالسنتمتر المربع أربعمئة وثمانون غدة عرقية، بالظهر يوجد غدد، في الصدر، في الأيدي، بالرأس، موزعة بشكل حكيم جداً هذه الغدد العرقية من أجل امتصاص الحرارة الزائدة في جسم الإنسان.
الدكتور بلال:
وتبقى الحرارة حول معدلاتها الطبيعية، والشعر، شعر الإنسان هل يساهم في هذا الموضوع؟
مساهمة الشعر و أوعية الدم في الأنف في تدفئة الجسم :
الدكتور راتب :
الشيء الذي يلفت النظر أن في جسم الإنسان تقريباً ثلاثمئة ألف شعرة، لكل شعرة شريان و وريد و عصب و عضلة و غدة دهنية وغدة صبغية، هذا الشعر، الإنسان إذا برد العضلة تشد الشعرة فتصبح واقفة، تحجز كمية هواء ساخن أكبر فيشعر بالدفء، الإنسان يقول: وقف شعر بدني، الإنسان شعر بالبرودة، العضلة شدت، الشعرة وقفت، عندما وقفت حجزت طبقة هواء ساخن أكبر، أدق من ذلك الإنسان عندما يبرد أوعية الأنف وحدها معها عضلات، يكون هناك برد شديد العضلات توسع قطر الأوعية الدموية بالأنف، عندما تتوسع يأتي الدم وحرارته تقدر بسبع وثلاثين فتسخن، فكلما كان الجو بارداً الأنف يصبح أحمر اللون، لأنه صار هناك عضلات للأوعية توسع قطر الوعاء، يأتي دم كثير، والدم الكثير حرارته تقدر بسبع وثلاثين دخل الهواء الساخن، لو دخل الهواء صفراً إلى الحنجرة ثم إلى القصبة الهوائية تصبح مشكلة كبيرة جداً، فلا بد من تدفئة الهواء من صفر إلى سبع وثلاثين، عن طريق هذه الأوعية الدموية، وعن طريق عضلات الأوعية الدموية، وعن طريق اتساع أقطار الأوعية الدموية، حتى يتدفق الدم الساخن فيدفئ الهواء الداخل إلى الرئتين.
الدكتور بلال:
وبالعكس سيدي ربما بقي جسم الإنسان غير الأنف يحجز الدم في الداخل للتدفئة في الداخل.
الحكمة من جعل الشرايين داخل الجسم و الأوردة خارجه :
الدكتور راتب :
طبعاً، الحقيقة عندنا شرايين وأوردة، مثلاً يقول لي طبيب جراح: صار هناك خطأ، فتحنا شرياناً وصل الدم لسقف الغرفة، الدم فيه اندفاع كبير، لأن الشريان يتلقى نبض القلب، الله عز وجل جعله داخل الجسم، والأوردة بالخارج، الإنسان بأي مكان جرح الأوردة بالخارج أما الشرايين فهي في الداخل.الدكتور بلال:
قال تعالى:
﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾
جسم الإنسان آية من آيات الله الدالة على عظمته :
الدكتور راتب :
الإنسان والله لا أبالغ في جسمه وحده لو أمضى كل حياته يتفكر بآيات الله عز وجل الدالة على عظمته من خلال جسمه لا ينتهي، العين تحتاج إلى سنوات، الأنف، اللسان، النطق، الحركة، جهاز الهضم، جهاز التنفس، الكليتان، العظام، شيء لا يصدق.
خاتمة و توديع :
الدكتور بلال:
جزاكم الله وأحسن إليكم على هذه اللفتات والإضافات الجميلة، وأنتم أخوتي الأكارم في نهاية هذه اللقاء بعد أن أشكر فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي على ما أ،فاد أشكر لكم حسن المتابعة، راجياً الله تعالى أن تكونوا في أحسن حال مع الله عز وجل، ومع خلقه، إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.