- التربية الإسلامية
- /
- ٠9سبل الوصول وعلامات القبول
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الكبائر :
أيها الأخوة الكرام، مع موضوعٍ جديد من موضوعات: "سبل الوصول وعلامات القبول"، ولكن طبيعة هذا الموضوع طبيعة سلبية، بمعنى أن هناك موضوعات تعد أصلاً في الوصول، وهناك موضوعات أخرى تعد في أصلاً في عدم الوصول، فما دام الحديث في اللقاءات السابقة عن التوبة، فهناك موضوع الكبائر، الكبائر من أخطر الموضوعات التي تتناقض مع الوصول إلى الله عز وجل.
نحن في النظام المدني عندنا مخالفات، مخالفة سير، وجريمة قتل، فرقٌ كبير بين مخالفة السير، وبين جريمة القتل، نسمي بالمصطلح الشرعي جريمة القتل كبيرة، ونسمي مخالفة السير صغيرة، فالموضوع اليوم هو "الكبائر"، لذلك من أدق الآيات في هذا المعنى قوله تعالى:
﴿ وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾
للتقريب: إنسان حُكم عليه بالإعدام، وعليه مخالفة سير، يعفى من مخالفة السير، لأنه سيعدم.
﴿ وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾
في الإسلام مخالفات بسيطة، صغائر، مخالفات أكبر أكبر أكبر إلى أن نصل إلى الكبائر.
أساليب الشيطان لإبعاد الإنسان عن الرحمن :
لكن بالمناسبة: الشيطان يوسوس للإنسان، يوسوس له بالكفر، فإن وجده على إيمان يوسوس له بالشرك، فإن وجده على توحيد يوسوس له بالكبائر، فإذا وجده على طاعة يوسوس له بالصغائر، فإذا وجده على ورع، بقي معه ورقتان رابحتان، يوسوس له بالتحريش بين المؤمنين
فالخلافات، وتراشق التهم، والتكفير، والتبديع، والتشريك، هذا من عمل الشيطان، وعندنا قاعدة مهمة جداً، حدث خطير وقع، لصالح من؟ إذا عرفنا لصالح من نتهم هذه الجهة التي كان هذا العمل لصالحها، إذاً التفرقة بين المؤمنين لصالح من؟ لصالح الشيطان، وأعداء الدين، فأي إنسان يشق صفوف المسلمين، يفرق بينهم، يجعلهم شيعاً وأحزاباً، يضعف قوتهم، فهو يعمل لصالح الشيطان.
إذاً هناك موضوعات تتناقض مع الوصول إلى الله، فإذا لم يستطع الشيطان أن يوسوس، وأن يقنع، وأن يحمل الإنسان على الكفر، وعلى الشرك، وعلى الكبائر، وعلى الصغائر، بقي معه ورقتان رابحتان، الأولى: التحريش بين المؤمنين، والثانية: المباحات، يغرق في المباحات، إلى أن يوافيه الأجل، وهو غارقٌ في المباحات، هذه من أساليب الشيطان لإبعاد الإنسان عن الرحمن.
تفاوت المعاصي من صغيرةٍ إلى كبيرة :
إذاً تتفاوت المعاصي من صغيرةٍ إلى كبيرة، الآن بالضبط كيف نفهم الكبائر والصغائر؟ أقول: طريقٌ عرضه ستون متراً، عن يمينه وادٍ سحيق، وعن يساره وادٍ سحيق، والإنسان يركب مركبة على هذا الطريق، ما الصغيرة؟ أن تحرف المقود سنتمتر، هذا الانحراف لو استمر لكان المصير إلى الوادي، هذه الصغيرة، لذلك ورد في بعض الأحاديث:
(( لا صغيرة مع الإصرار ))
لو أن حرف المقود سنتيمتراً واحداً وثبته، فالمركبة تنتقل من وسط الطريق إلى اليمين إلى اليمين إلى اليمين، إلى الوادي.
(( لا صغيرة مع الإصرار ))
أما الكبيرة أن تحرف المقود تسعين درجة، إلى الوادي فوراً، لكن لأن الطريق عريض، بإمكانك أن تتلافى السقوط في الوادي بإرجاعه.
(( لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار ))
الكبائر إذا تبت منها أصبحت صغائر، والصغائر إذا أصررت عليها أصبحت كبائر،
(( لا صغيرة مع الإصرار ))
السنتيمتر الواحد لو ثبت إلى الوادي، والكبيرة إذا أدركت أنها كبيرة، فأرجعت المقود كما كان بقيت على الطريق.
الصغائر و الكبائر تحجب الإنسان عن الله عز وجل :
أيها الأخوة، الحقيقة الدقيقة والثابتة أن أية مخالفةٍ تحجبك عن الله، لكن دقق في هذا المثل: بيت فيه عشرات الأجهزة الكهربائية، ثلاجة، مكيف، مسجلة، مروحة، ميكروويف، كل هذه الأجهزة إذا قُطع التيار لا معنى لها إطلاقاً، لو قُطع التيار ميلي متراً واحداً جميع الأجهزة معطلة، ولو قُطع متراً جميع الأجهزة معطلة، فالقطع قطع، بصغيرةٍ أو بكبيرة، والوصل وصل.
فالبطولة أن تكون موصولاً بالله عز وجل، لا أن تحجب عن الله بالصغائر، لذلك كان عليه الصلاة والسلام يخشى على أمته من الصغائر، من:
(( محقرات الذنوب ))
بصراحة معظم المسلمين لا يقتلون، ولا يزنون، ولا يشربون الخمر، لكن ما الذي يحجبهم عن الله؟
(( محقرات الذنوب ))
الصغائر إذا أصروا عليها، فإذا أصروا عليها انقلبت إلى كبائر.
الكبائر هي :
1 ـ الإشراك بالله :
أيها الأخوة، كم هي الكبائر؟ هذا موضوع خلافي، بعضهم عدها سبعاً إلى سبعين إلى سبعمئة، هناك كتاب مشهور للإمام الذهبي، وهو من كبار علماء الحديث، عنوانه: "الكبائر"، طبعاً هو استنبطها من الكتاب، وما صحّ من السنة، الآية الأصل في هذا الموضوع قوله تعالى:
﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً ﴾
هذا هو الأصل، فإلى الأحاديث الشريفة الصحيحة التي تتحدث عن الكبائر، فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((الكبائر: الإشراك بالله ))
للتقريب: إنسان له مبلغ كبير في حلب، نحن في دمشق، وحلب من أكبر مدن الشمال، له مبلغ كبير، وسوف يأخذه يوم السبت، الساعة الواحدة ركب قطار حلب، قطع في الدرجة الأولى، وارتكب خطأ، فركب في الدرجة الثالثة، هذا خطأ، لكن القطار في طريقه إلى حلب، وسيأخذ المبلغ، الخطأ الثاني أنه جلس مع شباب منحرفين، أزعجوه كثيراً في الطريق، هذا خطأ ثان، لكن القطار منطلقٌ إلى حلب، وسيأخذ المبلغ، ارتكب خطأ ثالثاً، أنه جلس بعكس اتجاه القطار، فأصابه دوار، ارتكب خطأ ثالثاً، لكن القطار في طريقه إلى حلب، وسيأخذ المبلغ، ارتكب خطأ رابعاً، أنه كان يتلوى من الجوع، ولم يعلم أن في القطار عربةً فيها مطعم، هذا خطأ رابع، لكن القطار في طريقه إلى حلب، وسيأخذ هذا المبلغ، أما هناك خطأ لا يغفر، أن يركب قطار الجنوب المتجه إلى درعا، هذا القطار لا يصل إلى حلب، يصل إلى مدينة ليس فيها مبلغ.
لذلك هناك ذنبٌ لا يغفر، هو الشرك، تتجه إلى غير الله، ليس معه شيء، صفر، وذنبٌ لا يترك، ما كان بينك وبين العباد، حقوق العباد مبنيةٌ على المشاححة، وحقوق الله مبنيةٌ على المسامحة، ذنبٌ لا يغفر، الشرك بالله، وذنبٌ لا يترك، ما كان بينك وبين العباد، وذنبٌ يغفر، ما كان بينك وبين الله، لذلك الشرك من أكبر الكبائر.
2 ـ عقوق الوالدين :
((الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين ))
الله عز وجل رفع بر الوالدين إلى مستوى عبادة الله، قال تعالى:
﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾
هذه الواو حرف عطف، ومن لوازم العطف التجانس، أي لا يوجد إنسان يقول: أنا اشتريت أرضاً وملعقة، بل يقول: اشتريت أرضاً وبيتاً، أو بيتاً وسيارة، فالعطف من لوازمه التماثل، فإذا قال الله عز وجل:
﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾
رفع الله عز وجل مستوى بر الوالدين إلى مستوى عبادته، لأن الله سبحانه وتعالى منحك نعمة الإيجاد، ونعمة الإمداد، ونعمة الهدى والرشاد، والأبوان كانا سبباً في وجودك في الدنيا، لذلك أنا أنصح أي أخ كريم ألا يشارك عاقاً، لأنه إذا لم يكن فيه خير لوالديه لم يكن فيه خيرٌ لك.
3 ـ قتل النفس :
((الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس ))
يظل المسلم بخير ما لم يسفك دماً، لأنه ما من قطرة دمٍ تراق من آدم إلى يوم القيامة إلا وسيتحملها إنسان يوم القيامة، لابدّ من أن يتحملها إنسان، إلا دم المقتول بحد يتحمله الله جلّ جلاله.
4 ـ اليمين الغموس :
(( ....واليمينُ الغموسُ، قلت وما اليمين الغموس؟ قال: الذي يقْتطِعُ مال امرئ مسلم بيمين هو فيها كاذب))
وهي اليمين الكاذبة التي تغمس صاحبها في النار، هي اليمين الكاذبة، الفاجرة التي:
(( تذر الديار بلاقع ))
يمين مدمرة، تسمى في القضاء اليمين الحاسمة، فإذا حلف الإنسان كاذباً ليتوقع أنه دمر نفسه.
الرد الإلهي قد يأتي سريعاً أو بطيئاً جداً :
أيها الأخوة، قال تعالى:
﴿ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ﴾
دقق الآن:
﴿ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا ﴾
الفاء تفيد الترتيب على التعقيب:
﴿ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كيفَ كانَ عاقبةُ المكذبينَ﴾
هناك برنامج شهير جداً في الإذاعة ـ حكم العدالة ـ مرة التقيت بمعد هذا البرنامج، حدثنا عن قصة، قال: عمارة يزيد ثمنها عن خمسين مليوناً، بدعوى كاذبة سوف تنتقل إلى صاحبٍ آخر يدّعي ملكيتها، لكن يحتاج إلى شاهد، جاؤوا بشاهد زور، وقد دفعوا له مبلغاً فلكياً، أقسم لي بالله أنه رأى الحادث أمامه، فجاء القاضي وقال لهذا الشاهد الزور الذي سينقل بناء، ثمنه خمسون مليوناً ـ والقصة قديمة جداً، الآن خمسمئة مليون ـ من مالك حقيقي متوفى، إلى مالك مزور، هذه الدعوى الباطلة تحتاج إلى شاهد زور، جاؤوا بهذا الشاهد، وضع يده على المصحف وأقسم، وأبقى يده مرفوعةً، فانزعج القاضي، قال له: أنزل يدك، كان ميتاً، قال لي: كان يمسك طرف الطاولة بيده، إلى أن وقع، حوالي نصف دقيقة، قال له: أنزل يدك، كان ميتاً، انظر الآية قل:
﴿ َفسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا ﴾
هذه الفاء للترتيب على التعقيب،
﴿ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا ﴾
هناك آية ثانية:
﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا ﴾
ثم تفيد الترتيب على التراخي، هو نفسه أقسم لي بالله، قال لي: هناك إنسان متهم بجريمة قتل، فأبلغه المحامي أن حكماً بالإعدام صدر عليه، قال لي هذا المحامي: بحياتي يوجد حوادث كثيرة، إبلاغ حكم الإعدام، أما هذا الإنسان فلم ينزعج، أي تلقى الحكم بأعصاب باردة، فأنا استغربت، صار عندي رغبة أن أشهد إعدامه، بعد أسابيع أعتقد بالقلعة قال لي: ذهبت لأشهد إعدامه، وقف على طاولة الإعدام، وضع حبل المشنقة وقال: الآن سأموت، هذا الذي قُتل، واتُهمت به، أنا لم أقتله، لكنني قتلت إنساناً قبل ثلاثين عاماً، كان رئيس مخفر بعهد فرنسا، وضابط فرنسي أعطاه إنساناً ليُقتل، وضعه في الإسطبل، وأقفل الباب، فهرب بالليل لا يعرف كيف، لئلا يكون مسؤولاً أمام هذا الضابط، جاء بإنسان معه جمل، باع الجمل، وضع الثمن في جيبه، وأدخله مكانه، وثاني يوم أُعدم، قال: أنا من ثلاثين سنة تسببت بقتل إنسان بريء، وهأنذا أُقتل مكانه، هذه الآية الثانية:
﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾
فإما أن يأتي الرد الإلهي سريعاً، وإما لحكمةٍ بالغةٍ بالغة يأتي بطيئاً، أي قد يحلف إنسان يميناً كاذبة غموساً، ويعاقب بعد عشر سنوات، إذاً:
(( الكبائرُ: الإشراكُ بالله، وعُقوقُ الوالدين، وقتْلُ النفس، واليمينُ الغموسُ ))
الغش و قول الزور سبب هلاك الإنسان في دنياه :
حديث آخر: قال النبي صلى الله عليه و سلم:
(( ألا أُنبِّئكم بأكبر الكبائر، ثلاثاً قلنا : بلى يا رسولَ الله، قال: الإشراكُ بالله، وعقوقُ الوالدين، ألا وشهادةُ الزور، وقولُ الزور، وكان متَّكئاً فجلس، فما زال يكرّرُها حتى قلنا: ليته سكتَ ))
طبعاً هناك إضافة بهذا الحديث، شهادة الزور، أنت تشتري قماشاً من دولة شرقية، من آسيا، من تايوان، هناك شريط ذهبي عن طريق المكواة مكتوب صنع في فرنسا أو انكلترا، تستطيع أن توهم المشتري أن هذا القماش مصنوع بدولة أوروبية، تأخذ الثمن مضاعفاً، هذه شهادة زور، كل أنواع الغش شهادة زور، لذلك:
(( من غش فليس منا ))
نفى عنه انتماءه للإسلام، فالغش من الكبائر، تغيير الصفات، أن توهم الشاري أن هذه البضاعة من الطراز الأول، وهي من الطراز الخامس، أن تغير في صفاتها، في منشئها، في موادها الأساسية، أنواع الغش لا تعد ولا تحصى، وكل أنواع الغش تنطوي تحت كلمة شهادة الزور.
فلذلك أيها الأخوة، الذي أهلك المسلمين في بيعهم وشرائهم الغش، يحلف يميناً كاذبة، واليمين الكاذبة منفقةٌ للسلعة، ممحقةٌ للبركة، لذلك المؤمن مستقيم، وقد ورد أن عدل ساعةٍ خيرٌ من عبادة سبعين عاماً.
(( وترك دانقٍ من حرام خيرٌ من ثمانين حجةً بعد حجة الإسلام ))
الدين في الأسواق، في البيع والشراء، الدين في العيادة، الدين في الصيدلية، الدين في المستشفى، الدين في الحقل، إياك أن تضع مادة مسرطنة، إياك أن تضيف مادة مبيضة للمادة الغذائية، المادة المبيضة مسرطنة، إياك أن تستخدم شيئاً تؤذي المسلمين، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
(( اتقوا دعوة المظلوم ولو كان كافراً ))
مرة إنسان يطوف حول الكعبة، يقول: ربي اغفر لي ذنبي، ولا أظنك تفعل، كان وراءه إنسان صالح، قال له: يا هذا ما أشد يأسك من رحمة الله! قال له: ذنبي كبير، قال له: ما ذنبك؟ قال له: كنت جندياً في قمع فتنة، فلما قُمعت أبيحت لنا المدينة، دخلت أحد البيوت، رأيت فيه رجلاً وامرأة وولدين، فقتلت الرجل، وقلت لزوجته: أعطني كل ما عندك، أعطته كل ما عندها، فقتل ولدها الأول، فلما رأته جاداً في قتل الثاني أعطته درعاً مذهبة ـ من الذهب ـ تأملها فأعجبته، فإذا عليها بيتان من الشعر، قرأهما فوقع مغشياً عليه:
إذا جار الأمير وحــاجباه وقاضي الأرض أسرف في القضاء
فـــويل ثم ويل ثم ويل لقاضي الأرض من قاضي السماء
* * *
من الكبائر أيضاً :
1 ـ أن يجعل الإنسان لله نداً :
أيها الأخوة، عن عبد الله قال: سألت النبي صلى الله عليه و سلم:
(( أيُّ الذنب أعظم عند الله؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك ))
أي تقول: مصيري بيد فلان، فلان يرفعني، فلان يدمرني، هذا شرك كبير:
(( أن تجعل لله ندا وهو خلقك ))
وإذا قلت: الدولة الفلانية، إن أقمنا معها علاقات طيبة نجونا، وإلا هلكنا، لا، هذا شرك أيضاً، الضار والنافع هو الله، المعطي والمانع هو الله، المعز والمذل هو الله، فحينما
(( تجعل لله نداً وهو خلقك ))
فهذا أيضاً من الكبائر، وهو يندرج مع الشرك بالله.
2 ـ قتل الولد :
(( أن تقْتُلَ ولدَكَ مخافة أن يطْعمَ مَعَك ))
أحياناً إنسان يقذف بابنه إلى أتون الفتن من أجل مستقبله، يرجع زانياً، يرجع كافراً بدينه، لكن يا أخي أخذ شهادة عليا، لا، الإيمان أولاً، أنا مع العلم، مع التفوق، مع الاختصاص، لكن لابد من أن تنتبه.
قال لي مرة شاب جاء بأعلى شهادة من أمريكا: والدي زوجني وأرسلني مع زوجتي، قال لي: زوجتي كانت حصناً.
أنا مع العلم، مع تلقي العلم من أكبر الدول، مع تقوية المسلمين، لكن إذا كان هذا العلم على حساب دينك، ومستقبلك، فعندنا مشكلة كبيرة:
(( أن تقْتُلَ ولدَكَ ))
﴿ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ﴾
صدق أيها الأخ الكريم، هذه الموءودة التي قال الله عنها:
﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾
طفلة كالشمعة، توضع في الرمل، ويهال عليها الرمل، وتموت، جريمة كبيرة، والذي يطلق لابنته العنان، تثير الفتن، كاسيةٌ عارية في الطريق، هذه يوم القيامة تقف أمام ربها وتقول: يا رب لا أدخل النار حتى أدخل أبي قبلي، لأن:
﴿ َالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ﴾
هذه التي وئدت إلى الجنة، صح، أما هذه التي كبرت، وانحرفت، وأثارت الشبهات، والفتن، وأفسدت الشباب، في صحيفة والدها الذي أطلق لها العنان.
3 ـ أن يزني الإنسان بحليلة جاره :
(( وأنْ تُزَاني حَلِيلَةَ جارِك ))
بلغ النبي الكريم أن هناك إنساناً ذهب إلى الجهاد، وأوصى جاره بزوجته، فزنى بها، فجاء الكلب وقتله، فقال: خان صاحبه، والكلب قتله، والكلب خيرٌ منه.
(( وأنْ تُزَاني حَلِيلَةَ جارِك ))
أيها الأخوة، للموضوع تتمة إن شاء الله، الكبائر قضية خطيرة جداً، الأصل في هذا الموضوع:
﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً ﴾