- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (007)سورة الأعراف
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أصابته وسوسة من دفع إلى عمل ما لمجرد أن يستعيذ بالله يحترق الشيطان :
أيها الإخوة الكرام، مع الدرس التاسع والخمسين من دروس سورة الأعراف، ومع الآية المئتين، وهي قوله تعالى:
﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(200)﴾
أيها الإخوة، نزغَ تشبه نخسَ، يعني هناك مسافة بينك وبين إنسان آخر نخسته بعصا، أو نخسته بيدك، دفعته هكذا، أو دفعته إلى شيء، أو أغريته بشيء، واستخدمت يدك، نزغ ونخس.
﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ﴾
(( ما منكم من أحد إلا وقد وكلّ به قرينه من الجن ، وقرينه من الملائكة ))
كل واحد من نبي البشر معه ملك يلهمه الصواب، ومعه شيطان من الجن يوسوس له بالمعصية.
فالآية الكريمة الآن: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ﴾
﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ﴾
لذلك إن أصابتك أيها المؤمن وسوسة مع دفع إلى عمل ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾
الشيطان والملك لا يملكان شيئاً إلا الإلهام أو الوسوسة :
يقابل ذلك إذا ألهمك ملك اذهب واحضر درس التفسير مثلاً، دعك من هذا اللقاء، دعك من هذه النزهة، دعك من هذا الصديق، هذا يغريك بالمعاصي، دعك من هذه التجارة، فيها مادة محرمة، دعك من هذا اللقاء، دعك من هذه السفرة، الشيطان يوسوس والملك يلهم، والشيطان والملك لا يملكان شيئاً إلا الإلهام أو الوسوسة.
﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ
كلام الله، كلام خالق الأكوان، آية صريحة رائعة:
﴿وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ﴾
كل إنسان أوكل الله به قريناً من الملائكة يلهمه الخير وقريناً من الجن يوسوس له بالشر:
﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ
﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ
الله -عز وجل- هو الخالق، بيده كل شيء، فلذلك ما منا واحد إلا وقد أوكل الله به قريناً من الملائكة يلهمه الخير، وقريناً من الجن يوسوس له بالشر، لكنهما لا يملكان إلا الإلهام والوسوسة، فلما قال عليه الصلاة والسلام :
(( ما منكم من أحدٍ إلا وقد وكلّ له قرينه من الجن ، وقرينه من الملائكة ، فقالوا وإياك يا رسول الله ؟ قال : وإياي ، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم ))
الجني الذي أُوكِل برسول الله أسلم على يديه.
إذاً: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ﴾
إنسان ركب بالسيارة إلى حلب خمس ساعات ساكتاً، لا يفتر عن حديث نفسه ولا دقيقة، من موضوع لموضوع، لموضوع، لموضوع، فهذا الحديث حديث النفس، بعضه من الشيطان وبعضه من الملائكة، بعضه إلهام ملائكي، بعضه وسوسة شيطانية، فبطولتك ألا تصغي للشيطان.
عدم اقتراب الشيطان من الإنسان العاصي لأنه امتداد له يحقق أهدافه :
لكن أيها الإخوة، الشيطان لا يتعب إطلاقاً مع أهل الضلالة، لأنهم في أعمالهم يحققون هدف الشيطان، يعني شاب لا يصلي، ولا ينضبط، ولا يستقيم على أمر الله يقول لك: ما عندي ولا مشكلة، طبعاً لا توجد مشكلة لأنك تحقق هدف الشيطان، لا توجد مشكلة لأنك تفعل ما يريد منك الشيطان، لا توجد مشكلة لأنك غارق في الملاهي، في المعاصي والآثام، طبعاً الشيطان لا يقترب منك لأنك امتداد له، لأنك محقق لأهدافه، أما حينما يتوب هذا الشاب، ويعقد التوبة مع الله، ويصطلح مع الله، يأتي دور الشيطان .
﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ
ما داموا في طريق منحرفة أدعهم وشأنهم لأنني أريدهم هكذا، أما إذا سلكوا الطريق إليك، أما إذا اصطلحوا معك، أما إذا استقاموا على أمرك ﴿لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾
احتجاج الشيطان بما أمام الإنسان أو خلفه ليبعده عن الطريق المستقيم :
﴿ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ
يعني من أمامهم، التقدم، عصر الفضائيات، الكومبيوتر، المرأة نصف المجتمع، من حقها أن تبدي كل زينتها، هذا من حقها الطبيعي، لابدّ من إيداع الأموال ببنوك ربوية، هذا مال له قيمة ﴿لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ﴾
﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ﴾
وسوسة الشيطان للإنسان من النواحي الدينية :
الآن :
﴿وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ﴾
مرة دخل شخص إلى المسجد -قصة قديمة جداً- قال: كل واحد ليس على رأسه قبعة فصلاته باطلة، بهذه البساطة؟ هذه ﴿وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ﴾
في الفاتحة أربع عشرة شدة، إن لم تأتِ بها فالصلاة باطلة، كلام غير معقول، والله كتاب اطلعت عليه قبل أيام كُتيب صغير؛ أن كل إنسان أثناء الحج سعى في الطابق الثاني، أو رجم في الطابق الثاني حجه باطل، ويبقى محرماً إلى يوم القيامة، وكل لقاءاته مع زوجته بالحرام، شيء جميل والله ؟! هذه ﴿وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ﴾ ييئِسك، يعطيك اليأس.
القصص التي ما أنزل الله بها من سلطان تبعد الإنسان عن الدين :
يقول لك: فلان الفلاني يقرأ القرآن كل ليلة، لا تستطيع، 600 صفحة! لو قرأت بأسرع طريقة لا تستطيع، أو يصلي بخمس ركعات القرآن كله، أو الإمام الفلاني صلى لأربعين عاماً الفجر في وضوء العشاء، أنت تستطيع أن لا تنام؟ هذا العالم أليس من بني البشر؟ .
﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً(10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً(11)﴾
لما تقدم الإسلام على أشكال تعجيزية، لا، لا، كما قال عليه الصلاة والسلام:
(( أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ ـ أنام ، وهو سيد الخلق وحبيب الحق ـ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي ))
﴿وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ﴾
ديننا دين منهج وعقيدة وعمل لا دين تبرك و أشياء لا تقدم ولا تؤخر :
لذلك: ﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ﴾
إنسان سأل عن طالب علم عند عالم، قال له: هذا هو، بضع من الماء بالأرض قال: من شدة محبته لنا ذاب، من شدة محبته فذاب.
قصص غير معقولة، خرافات، سحبات، دجل، شطحات، الدين علم، لما الصحابة الكرام توهموا أن الشمس كسفت لموت إبراهيم، وقف النبي -عليه الصلاة والسلام- مصححاً لهم، قال:
(( إِن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، لا يَخسِفَان لموت أحد ، ولا لحياته ))
مرة كنت في مكة المكرمة -حفظها الله- فسمعت أخباراً غير معقولة، أن هناك أنواراً ساطعة من القبة الخضراء باتجاه السماء، أنوار النبي -اللهم صلِّ عليه-، سمعت هذه القصة من أشخاص عديدين، فلما وصلت إلى المدينة كان هناك درس علم حضرته، فقال المدرس -جزاه الله خيراً- : أعلمني أمير المدينة أن هناك أشعة ليزر وضعت على سطح المسجد النبوي لإرشاد الطائرات، أشعة ليزر أصبحت أنواراً! هذه مبالغات دعك من هذا.
أو تأتيك أحياناً رسائل إلكترونية أن بلغيت أسلم، غير صحيح ما أسلم، الغابة على شكل لا إله إلا الله، ليست صحيحة، هذه المرأة داست على المصحف فمُسخت إلى قرد، من صنع الكومبيوتر، مركز إلحادي يصمم هذه الصور ليضحك علينا بها، وإن شاء الله بدرس معين، أكثر من سبعين حالة، خلية نحل عليها اسم الله، موج البحر على شكل اسم الله -عز وجل-، يشغلوننا بأشياء لا تقدم ولا تؤخر، نحن ديننا دين منهج، دين عقيدة، دين حركة، دين عمل، لا دين تبرُّك، دين أشياء لا تقدم ولا تؤخر.
إخفاء الله جهة العلو و الدنو لأن العلو يشير إلى الله و الدنو طريق الافتقار إلى الله :
أيها الإخوة
دائماً يشكو، هذه من علامات من مشى مع الشيطان، أما النبي الكريم كانت تعظم عنده النعمة مهما دقت، تتمتع بحواسك الكاملة، تتمتع بصحة جيدة، لك بيت تؤوي إليه، لك زوجة وأولاد وانتهى الأمر، المؤمن شاكر، والآخر ساخط ﴿وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾
على الإنسان أن يلجأ إلى الله تعالى الذي يسمعه ويقدر على تلبية طلبه ويرحمه :
أيها الإخوة، الشيء الدقيق أن الله سبحانه وتعالى حينما أمرك أن تستعيذ به ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾
﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾
﴿إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾
﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً(78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً(79) وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً(80)﴾
القرآن الكريم سبيل الإنسان للخلاص من وسوسة الشيطان :
أيها الإخوة، الآن :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ
الآن عندنا النزغ ، النزغ: نخس عن بعد (هناك مسافة) أما المس: أحياناً تضع يدك بيد صديقك تقول له: يدك بادرة جداً، يقول لك: أنا والله معي أعراض نقص تروية، لما مسسته شعرت بالحرارة، أما إذا لمسته شعرت بالحرارة والنعومة، فصار عندنا نزغ، ومس، ولمس.
﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ﴾
المؤمن:
سيدنا يوسف، عظمة هذا النبي الكريم أنه حينما دعته امرأة ذات منصب وجمال قال:
﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ
فأصبح سيدنا يوسف.
الشياطين نوعان : شياطين الإنس وشياطين الجن :
لذلك: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾
أما المؤمنون: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ﴾
﴿فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾
مرة ذكرت أن إنساناً سيئاً جداً التقى مع الشيطان، قال له: ماذا أفعل؟ قال له: افعل كذا، قال له: فعلته، أعطاه حلاً ثانياً، قال له: فعلته، الثالث، الرابع، الخامس، السادس، السابع، الثامن، التاسع، العاشر، قال له: كله فعلته، قال له: والله أنا هذا الذي عندي، ماذا تريد أن تفعل أيها الإنسي؟ قال له: أريد أن أفعل كذا وكذا، قال له: خف الله يا رجل.
يعني شيطان الإنس يخوف، والدليل الله -عز وجل- قدم شياطين الإنس على شياطين الجن، والله ما يفعله العالم الغربي يحتلون، يسفكون الدماء، يقتلون الشباب، يهدمون البيوت، ينهبون الثروات، تحت شعارات براقة، من أجل الحرية والديمقراطية، وحقوق الإنسان عندهم حقوق الحيوان، أما ألف وثلاثمئة قتيلاً، معظمهم من النساء والأطفال ولا تعليق ولا كلمة أبداً.
شياطين الإنس أشرّ من شياطين الجن :
لذلك شياطين الإنس أشرّ من شياطين الجن، أما إخوانهم شياطين الإنس.
﴿ وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ(202)﴾
لا يمسكون عن إغوائهم، مثلاً لماذا قال الله -عز وجل-:
﴿ الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا
يوسوس الشيطان، أما لماذا قال تعالى :
﴿ فَلَمَّا رَأَىٰ قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ ۖ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ
هذه شيطانة لكن على شكل إنسان، لك حاجة عندها تثير شهوتك، لذلك: ﴿إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ﴾
أكبر فتنة تصيب المسلمين فتنة النساء في آخر الزمان :
لذلك أنا أقول كما قال -عليه الصلاة والسلام-، أكبر فتنة تصيب المسلمين فتنة النساء في آخر الزمان، وقال بعض العلماء: كان الغرب يجبرنا-دقق- بالقوة المسلحة على أن نفعل ما يريدون، لكنهم الآن يجبروننا بالقوة الناعمة، بالمرأة على أن نريد ما يريدون، لذلك جاءت آيات غض البصر، في القرآن:
﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ
﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ
آيات الاستعاذة بالله ﴿تَذَكَّرُوا﴾
﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ
﴿فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾
النبي الكريم بشر يتبع ما يوحى إليه :
﴿ وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ
قال تعالى :
﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً(89) وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً(90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيراً(91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلاً(92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً(93)﴾
هذا ليس بيدي لذلك: ﴿وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ﴾
﴿ وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ ـ من هذه الآيات ـ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا﴾
النبي عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب وأي إنسان يدّعي علم الغيب إنسان كاذب :
لذلك قال تعالى :
﴿ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ
النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يعلم الغيب، وأي إنسان يدعي علم الغيب فهو كاذب.
(( لا أملك لكم من اللّه ضَرّاً ولا نفعاً ))
﴿ قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا
﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ(13)﴾
أربع آيات: لا يعلم الغيب، لا يملك النفع ولا الضر، لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً
علم اليقين وعين اليقين وحقّ اليقين :
أيها الإخوة، الله -عز وجل- في بعض الآيات حينما جاءت كلمة يقين ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾
﴿ فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ(88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ(89) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ(90) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ(91) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ(92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ(93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ(94) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ(95) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ(96)﴾
هناك علم اليقين، وهناك عين اليقين، وهناك حق اليقين، جدار وراؤه دخان، والقاعدة المنطقية لا دخان بلا نار، فهذا علم اليقين، فإذا أتيت وراء الجدار، ورأيت النار بعينك، هذا عين اليقين، فإذا اقتربت من النار وشعرت بالوهج الشديد فهذا حق اليقين.
فينبغي أن ينتقل المؤمن من علم اليقين، إلى عين اليقين، إلى حق اليقين.
﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ(5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ(6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ(7)﴾
أما حق اليقين فجاءت في قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾
أيها الإخوة، من بلغ علم اليقين، أو عين اليقين، أو حق اليقين كما قال سيدنا علي: والله لو كُشف الغطاء ما ازددت يقيناً، وقال في قول آخر: والله لو علمت أن غداً أجلي ما قدرت أن أزيد في عملي، هذا علم اليقين، مع حق اليقين، مع عين اليقين.
القرآن يهدي الإنسان إلى سبل السلام والرحمة التي هي قمة العطاء الإلهي :
أيها الإخوة، حينما قال الله -عز وجل-:
﴿وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ﴾
﴿هَذَا بَصَائِرُ﴾
﴿وَهُدًى وَرَحْمَةٌ﴾
﴿إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ﴾
الحارث بن مالك الأنصاري، مرّ برسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له:
(( كيف أصبحت يا حارثة ؟ قال : أصبحت مؤمناً حقاً ، قال : انظر ما تقول فإن لكل قول حقيقة ، فما حقيقة إيمانك ؟ قال: عزفت نفسي عن الدنيا، فأسهرت ليلي، وأظمأت نهاري، وكأني أنظر عرش ربي بارزاً، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها، وكأني أنظر إلى أهل النار يتضاغون فيها ـ أي يرفعون صوتهم بالبكاء والعون ـ قال عليه الصلاة والسلام: يا حارثة عرفت فالزم ))
أيها الإخوة الكرام، بقي درس أخير في سورة الأعراف نشرحه في الدرس القادم إن شاء الله.
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين.