- أحاديث رمضان
- /
- ٠11رمضان 1425هـ - ومضات ايمانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
من الأحوال التي تلازم المؤمن :
أيها الأخوة الكرام، من الأحوال التي تلازم المؤمن حال المراقبة، فالله سبحانه و تعالى يقول:
﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ﴾
أن تشعر أن الله مطلع على ما في نفسك، أي خاطر يأتيك، وأي حديث نفس داخلي يجري, الله عز وجل مطلع عليه، ويقول الله عز وجل:
﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾
رقيب على كل شيء، ونحن أحياناً نراقب ظاهر الإنسان، لكنه جل جلاله يراقب ظاهره و باطنه، أي: هذا الإنسان إذا بقي ساكتاً وساكناً مطلع على قلبه، إذا تحرك مطلع على حركته، إذا نطق مطلع على نطقه، إن كنت ساكتاً ساكناً مطلع على قلبك، إن تحركت يرى حركتك، إن نطقت يسمع كلامك.
ما هي المعية العامة وما هي المعية الخاصة؟ :
والآية الثالثة:
﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾
في أشد حالاتك الخاصة هو معك، في أشد علاقاتك الحميمة هو معك، في خلوتك وفي جلوتك، في سرك وفي علانيتك، في حركاتك وفي سكناتك، هنا معكم بعلمه:
﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾
بعلمه، لأن المعية العامة تعني العلم، بينما المعية الخاصة تعني التوفيق والحفظ والتأييد والنصر.
ما فحوى هاتين الآيتين؟ :
وفي آية أخرى يقول الله عز وجل:
﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى﴾
أي: هذا الذي أعطاك عينين ترى بهما، الذي خلق نعمة البصر هو لا يراك، وقوله تعالى:
﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾
فالإنسان في كل حركاته وسكناته تحت عين الله عز وجل، بل إن هناك حالات لا يمكن لإنسان على وجه الأرض أن يكشفها، أنت راكب في سيارة، وهي تمشي في طريق مزدحمة, من الذي يكشف أنك تغض البصر عن محاسن النساء، أو أنك تملأ عينيك من محاسنهن؟ لا يمكن لإنسان أن يكشف هذه الحقيقة.
ما هي أعلى مرتبة في الإيمان؟ :
طبيب يفحص امرأة تشير إلى مكان يؤلمها, من الذي يكشف أنك اختلست نظراً إلى مكان آخر؟ هذا الشيء فوق طاقة البشر، لكن الله سبحانه وتعالى يقول:
﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾
من حديث جبريل -عليه السلام-:
((أنه سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الإحسان، فقال: أن تعبد الله كأنك تراه, فإن لم تكن تراه فإنه يراك))
وهذه أعلى مرتبة في الإيمان، هناك مرتبة الإسلام، وهناك مرتبة الإيمان، وهناك مرتبة الإحسان, أي: ذروة إيمان المرء: أن يشعر أن الله معه دائماً.
انظر إلى هذا القول لبعض أهل العلم :
في الحقيقة أيها الأخوة: أنت مع إنسان من وجهاء قومك، زارك إلى البيت في العيد رجل من وجهاء القوم، لأنك تشعر أنه معك؛ جلستك مؤدبة، ثيابك منتظم، كلامك مدروس، حركتك، سكنتك، لا يعقل أن تتثاءب أمامه هكذا، تضع يدك على فمك، تجلس أمامه بأدب، لا يعقل أن تستقبله بثياب داخلية، مستحيل، أنت أمام إنسان من وجهاء القوم، لأنك موقن أنه معك ، ومراقبك؛ تضبط حركاتك, وسكناتك, وثيابك، فكيف إذا أيقنت دائماً أن الله معك؟.
قال بعض العلماء: من راقب الله في خواطره, عصمه في حركات جوارحه.
الإنسان له أن تأتيه الخواطر ما شاء له أن تأتيه، لكن لو أنه راقب الله في خواطره, قد ينظر إلى امرأة مثلاً، هناك من يتصور أنه يجامعها فرضاً، هذا خاطر لا يليق بالمؤمن فرضاً، الخاطرة قد تنقلب إلى فكرة، والفكرة قد تنقلب إلى عزيمة، والعزيمة قد تقترب إلى الشهوة، والشهوة يأتيها الإصرار فتكون فعلاً، والفعل إذا داومت عليه أصبح عادة، ومن أصعب الحالات مفارقة العادات.
إذاً: حينما لا تعالج القضية في مستوى الخواطر فالأمور تزداد.
وقال الجنيد -رحمه الله تعالى-: من تحقق في المراقبة, خاف على فوات لحظة من ربه لا غير.
ينبغي أن تكون مع الله دائماً.
من علامة المراقبة :
قال بعض العلماء: علامة المراقبة: إيثار ما أنزل الله، وتعظيم ما عظم الله، وصغير ما صغر الله.
مقياس دقيق، الله عز وجل يقول:
﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾
إن لم تعظم هذه الشعائر فأنت لا تراقب الله، والشيء الذي ذمه الله, ينبغي أن يكون عندك صغيراً ليس كبيراً، هذا مقياس دقيق أيضاً، الشيء الذي تراه كبيراً وهو عند الله صغير, هذه مشكلة كبيرة، الدنيا عند الله صغيرة, لو أنها تعدل عند الله جناح بعوضة, ما سقى الكافر منها شربة ماء.
ما قيل عن المراقبة :
قال بعضهم: المراقبة: خلوص السر والعلانية لله عز وجل.
-أي علانيتك كلها لله, وسرك كله لله
يوجد كلام دقيق: إذا جلست إلى الناس, فكن واعظاً لقلبك ونفسك، ولا يغرنك اجتماعهم عليك، فإنهم يراقبون ظاهرك، والله يراقب باطنك، لذلك:
لما دخل عبد الله بن المبارك على أخوانه، وكانوا جمعاً غفيراً، وبالغوا في تكريمه بكى، وقال: يا رب, لا تحجبني عنك بهم، ولا تحجبهم عنك بي.
أحياناً الإنسان إذا بلغ مرتبة عالية، وتمكن من قلوب الناس, ينسى أن هذا من فضل الله عليه، فيحجب عن الله بهم، والناس أحياناً يعظمون هؤلاء, إلى درجة أنهم على حساب طاعتهم لله عز وجل، فالناس مجتمعين, قد يحجبون عن الله بشخص، والشخص قد يحجب عن الله عز وجل بهذا الجمع الغفير-.
والمراقبة: أن تعبد الله بأسمائه:
﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾
أي: أن تعبده باسم الرقيب، وأن تعبده باسم الحفيظ، وأن تعبده باسم العليم، وأن تعبده باسم السميع، وأن تعبده باسم البصير، سميع, بصير, عليم, حفيظ, رقيب.
ما معنى: تعظيم مذهل ومداناة حاملة وسرور باعث؟ :
أخواننا الكرام، حينما تعلم أن الله يعلم, تكون قد قطعت إلى الله أربعة أخماس الطريق.
من ألطف ما وصف به حال المراقبة هي: تعظيم مذهل, ومداناة حاملة, وسرور باعث، فأما التعظيم المذهل: فهو امتلاء القلب من عظمة الله عز وجل, بحيث يذهله ذلك عن تعظيم غيره.
إذا كان القلب فارغًا من تعظيم الله, فأيّ شيء صغير يراه الإنسان عظيماً، أما إذا كان القلب ممتلئ بتعظيم الله, أي شيء عظيم يراه القلب صغيراً، مقياس دقيق جداً، أي إنسان قد يرى آلة بالغة في تعقيدها, وفي وظائفها, وفي أدائها، ونحن -كما تعلمون- في عصر الأشياء، العصور التي مرت بها البشرية على أنواع عديدة من هذه الأنواع عصور المبادئ، ويوجد عصور الأشخاص، ويوجد عصور الأشياء، مجتمع ليس فيه إلا تعظيم هذا الإنسان هذا مجتمع، مجتمع فيه مبادئ مطبقة على الجميع, مهما كان الإنسان عظيماً, هذا مجتمع المبادئ ، ويوجد مجتمع الأشياء، الإنسان قيمته في متاعه، يستمد قيمته الاجتماعية من نوع مركبته، بل من رقم يضاف إلى مركبته.
أحياناً: أنا لا أصدق أن لوحة مركبة إذا كان الرقم قليلاً خمسة، ستة، عشرة، ثمن هذه اللوحة عشرة أضعاف ثمن المركبة، هذا شخص مهم جداً، اللوحة لسيارته ثمانية رقمها فقط, هذا شخص مهم جداً، يدفع ثمن الثمانية عشرة أضعاف ثمن المركبة، هذا عصر الأشياء، يستمد قيمته من مساحة بيته، من مكان بيته، من إطلالة بيته، من نوع مركبته، يوجد مركبات من نوع واحد, لكن لها أرقام بين المئة وعشرين بين الستمئة، مسافة كبيرة جداً, هذا عصر الأشياء، فلذلك: حينما يذهل الإنسان المؤمن بتعظيم الله عز وجل, كل شيء ما سوى الله صغير عنده.
أحياناً الإنسان يتحدث عن حامل الطائرات, تجده انتهى، يقول لك: مدينة عائمة، يوجد فيها عشرة آلاف إنسان، يوجد بها مطاعم، فيها ملاعب، فيها ... يصف وصفاً تجده ذهب، يعظم صنع إنسان، بينما الله عز وجل يوجد بصنعته أشياء لا يصدقها العقل، فنقطة أنه حينما يمتلئ قلبك بتعظيم الله, تصغر الدنيا في عينيك، وحينما يضعف تعظيم الله عز وجل, أي شيء تجده صعق، بالتعبير العامي: تجده التوى، هذا جاء من ضعف تعظيم الله في نفس الإنسان، هذا التعظيم المذهل، يوجد إنسان يضطرب من موظف بسيط، لكن يوجد علماء كبار لا يرون أحداً أمامهم إلا الله عز وجل, لذلك: هذا التعظيم يدعو إلى السير إلى الله, وإلى استدامة هذا السير، وإلى حضور القلب معه، وإلى تعظيمه، وإلى الذهول بعظمته عن غيره, أما الدنو الحامل على هذه الأمور, فالدنو من الله عز وجل الذي يملأ القلب سعادة وأمناً وسكينة، هذا الغنى الذي في قلب الإنسان, يغنيه عن أن يلتفت إلى سوى الله عز وجل.
من أحوال أهل الجنة :
الآن يوجد نقطة دقيقة: السرور الذي يتولد من إحكام الصلة بالله عز وجل, والفرح بقربه, وقرة العين به: لا يشبهه شيء من نعيم الدنيا البتة.
ماذا يوجد بالدنيا نعيم؟ تكون له زوجة ملكة جمال العالم مثلاً؟ يكون له بيت ألف متر بأجمل مكان بالعالم؟ تكون له مركبة لا نظير لها مثلاً؟ هذه شهوات الدنيا، امرأة, ومركبة, وبيت, وبستان, وطعام نفيس، هذه شهوات الدنيا, القرب من الله يورث حالة لا يشبهها شيء من نعيم الدنيا، هذا نوع من أحوال أهل الجنة، يؤكد هذا المعنى قول الله عز وجل:
﴿وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ﴾
أي: أذاقهم طعمها في الدنيا, لذلك قال بعض العلماء:
في الدنيا جنة, من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة.
جنة القرب من الله عز وجل.
ويقول أيضاً: ماذا يفعل أعدائي بي؛ بستاني في صدري، إن أبعدوني فإبعادي سياحة، وإن حبسوني فحبسي خلوة، وإن قتلوني فقتلي شهادة، فماذا يفعل أعدائي بي؟.
يقول بعض العارفين -دققوا في هذا الكلام-: إنه لتمر بي أوقات أقول فيها: إن كان أهل الجنة في مثل هذا, إنهم لفي عيش طيب.
أي أنا عبرت عن هذا مرة بهذه العبارة: إن لم تقل أنا أسعد الناس, ففي الإيمان خلل، مع إيمانك بالله لا يمكن أن يكون هناك شقاء، بيده كل شيء، وأحياناً يتجلى على قلبك بسكينة تسعد بها, ولو كنت في المنفردة، ويحجب عنك هذه السكينة فتشقى بحجبها، ولو كنت في قصر، هذه السكينة تسعد بها ولو فقدت كل شيء، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء.
ما هو روح العبادات في الإسلام؟ :
يوجد في الإيمان حقائق أيها الأخوة، لكن الناس حجبوا عن الإيمان بمظاهر الإيمان، بصراحة مؤلمة: مظاهر الإيمان وحدها مملة، الصلاة مثلاً:
﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾
أي: صعبة، مظاهر الإسلام، العبادات الشكلية من دون اتصال بالله متعبة، وصعبة على النفس، الإسلام فيه ثمرات كبيرة جداً، حينما ضاعت هذه الثمرات, شكلياته ليس معتنى بها من قبل المسلمين.
الإنسان من نوع التحذير، حينما لا يجد هذه السعادة في قلبه, ولا هذا السرور، ولا شيئاً منه, فليتهم إيمانه وأعماله، فإن للإيمان حلاوة, من لم يذقها فليرجع، وليحاسب نفسه حساباً عسيراً.
عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ, أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ:
(( ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ؛ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا, وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا))
متى يذوق العبد حلاوة الإيمان؟ :
آخر حديث وهو جامع مانع: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-, عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
(( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ؛ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ))
أي إذا كان الله في قرآنه في الأمر والنهي، وكان الرسول في سنته في الأمر والنهي, أحب إليه مما سواهما, هذا بند أول.
(( وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ))
هذا البند الثاني, أما البند الثالث:
((وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ))
أشياء ثلاثة: الولاء والبراء، والخوض في أعماق الدين، وأن يكون الله في أمره ونهيه، والرسول في أمره ونهيه أحب إلى الإنسان مما سواهما من الدنيا كلها، فإذا تناقض الحكم الشرعي مع مصلحته, وضع مصلحته تحت قدمه، ولزم الحكم الشرعي، عندئذ يقول الله له: دفعت ثمن حلاوة الإيمان، وسأذيقك إياها.
حلاوة الإيمان شيء، وحقائق الإيمان شيء آخر، حقائق الإيمان يعرفها مليار وثلاثمئة مليون مسلم، وهم لا وزن لهم في الأرض الآن.
لسان حال المسلمين اليوم :
حدثني أحد خطباء دمشق -من فمه إلى أذني, لا يوجد وسيط-: ذهب إلى ألبانيا، وألقى خطبة في أكبر مسجد, هناك أمامه عشرون ألفاً، وألقى خطبة رائعة جداً, من شدة الخشوع والبكاء: ما من واحد إلا وانهمرت دموعه، ومع هذا التأثر الشديد, كل شخص معه زجاجة خمر أخرجها وشرب، لم يتحمل, صار له خشوع كبير.
هذا حال المسلمين: يشرب الخمر في المسجد، تقول: يوجد مليار وثلاثمئة مليون مسلم، من أجل مغنيتين: ستة وثمانون مليون اتصال، من أجل برنامج آخر: خمسة وستون مليون اتصال خلال عشرين يوماً، مكلفين مليارات الدولارات، والأمة تموت من الجوع.
يقول لك: مليار وثلاثمئة مليون مسلم، خير إن شاء الله، لا وزن لهم عند الله، أين أمة محمد ؟ أين أمة التراحم؟ أين أمة العدل؟ أين أمة الإحسان؟ أين أمة الطاعة لله عز وجل؟ كما يقول اليهود:
﴿سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾
هذا لسان حال المسلمين.
خاتمة القول :
فلذلك أيها الأخوة: يوجد في الإيمان مراتب عالية جداً، يوجد بالإيمان والله سعادة لا تستطيع أن تقوضها سبائك الذهب اللامعة.
المؤمن التبر والتراب يستويان عنده، ولا تستطيع أن تقوضها سياط الجلادين اللاذعة ، أَحد أَحَد، هذا الإيمان، أما إيمان فولكلوري، إيمان شكليات، إيمان عادات وتقاليد، إيمان بعيد عن البذخ والتضحية، بعيد عن الالتزام كما ترى، كأن الله تخلى عنا، لأننا محسوبون نحن عدداً، نحن رقم لا معنى له، تجد جماهير مشغولة بشهواتها، يقول لك: على رمضان، لنرى أن هذا للتلفاز ليس جيداً، لا همّ له إلا أن يصلح الصحن من أجل رمضان، وكل المعاصي والآثام إكراماً لشهر رمضان المبارك كلها، وشاع في العالم الإسلامي الخيام الرمضانية، تبدأ بميلوية، وتنتهي برقص النساء قبل السحور، فندق من المغرب حتى السحور في كل ألوان الفنون المحرمة، كلهم مسلمون.
فيا أيها الأخوة, العدد لا قيمة له أبداً، البطولة ألا ينفرد الباطل بالساحة, ولو هناك بقعة ضوء صغيرة, هذه تنمو.