- أحاديث رمضان / ٠10رمضان 1424هـ - موضوعات مختلفة
- /
- 1- رمضان 1424 - مكارم الأخلاق
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا بما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
إن لم تنشأ لجارك حق عليك فقد تدابرته:
أيها الأخوة الكرام, في سلسلة دروس مكارم الأخلاق, ننتقل إلى موضوع هو: حق الجار، حق الجار ينطلق من تعريف الجار، حد الجوار من سمع النداء فهو جار، مؤذن أذن، أين ينتهي صوت المؤذن بالمكبر فهو من جيرانك، يوجد أربعون بيتًا، أو بناء يميناً، وأربعون يساراً وشمالاً وجنوباً، وإذا كنا في بناء ناطحات السحاب, أربعون بناء نحو الأعلى, وإذا كنا في بلد في أقبية كثيرة، فنقول: وأربعون تحت الأرض، أربعون بيت بكل جهة، هذا بعض مصطلحات الجار، من سمع النداء فهو جار.
وقيل: من صلى معك الصبح فهو جار.
لو كان ساكن بمساكن برزة جار, ما دام صلى معك صلاة الفجر فهو جار، وفي رأي ثالث, هذا عن عائشة -رضي الله عنها- قالت:
حق الجوار أربعون داراً من كل جانب.
لكن: لو لك جار مسلم له عليك حقان؛ حق الجار وحق الإسلام، لك جار مسلم قريب له عليك حقوق ثلاثة؛ حق الجوار، وحق الإسلام، وحق القرابة، طبعاً الآيات الكريمة:
﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾
يوجد جار قريب نسباً، وجار قريب مكاناً، وجار قريب في العمل، وهو الزميل.
عَنْ سُرَيْجٍ وَلَهُ صُحْبَةٌ قَالَ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَلَهُ, قِيلَ: وَمَا عَسَلُهُ؟ قَالَ: يَفْتَحُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ عَمَلًا صَالِحًا قَبْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ))
من علامة قربك من الله: أن من حولك يحبونك، ومن علامة بعدك عن الله: أن من حولك يبغضونك.
قال: إذا طبخت مرقاً فأكثر ماءه، ثم انظر أهل بيت من جيرانك, فأصبهم منها بمعروف.
السلف الصالح كان فيه عادة في البلدة الطيبة اسمها: السكبة، كل جار يقدم صحنًا من طعامه إلى جاره تنشأ مودة، وأحياناً نوع من الانفراج، وأنا سمعت ببعض أحياء دمشق القديمة, إذا لمح الجيران أن جارهم معه ضيف, يأتي إلى هذا البيت بعشرات من الصحون, الضيف يذهل, أين هذا الطعام؟ متى صنع هذا؟ لمح الجيران أن جارهم معه ضيف, كانت العلاقات متينة جداً.
مرة أردت أن أزور زميل لي قديماً في التدريس, دلني على بناء في ركن الدين, صعدت إلى البناء, لم أعرف البيت, طرقت الباب, سألت عن الأستاذ فلان، وساكن في البناء من أربع سنوات, قال: لم نعرفه، فلما عاتبته قال: أنا أسكن فوق هؤلاء, طابق واحد بينهما, هذا من التدابر.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: خَيْرُ الْأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ, وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ))
قدسية الجار في الإسلام:
دققوا في هذا الكلام: عن الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ يَقُولُ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَصْحَابِهِ: مَا تَقُولُونَ فِي الزِّنَا؟ قَالُوا: حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ, فَهُوَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ, قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَصْحَابِهِ: لَأَنْ يَزْنِيَ الرَّجُلُ بِعَشْرَةِ نِسْوَةٍ, أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةِ جَارِهِ, قَالَ: فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي السَّرِقَةِ؟ قَالُوا: حَرَّمَهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَهِيَ حَرَامٌ, قَالَ: لَأَنْ يَسْرِقَ الرَّجُلُ مِنْ عَشْرَةِ أَبْيَاتٍ, أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَسْرِقَ مِنْ جَارِهِ))
حرمة الجار كأن الذنب يضاعف أضعافاً كثيرة، وهذا الجار الذي خان جاره في امرأته فأكله الكلب, فبلغ ذلك النبي -عليه الصلاة والسلام-, فقال: خان صاحبه، والكلب قتله، والكلب خير منه.
وعنترة قال:
أغض طرفي إن بدت لي جارتي .................................
يقول عليه الصلاة والسلام مستعيذاً من جار السوء ........
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَارِ السَّوْءِ فِي دَارِ الْمُقَامِ, فَإِنَّ جَارَ الْبَادِيَةِ يَتَحَوَّلُ عَنْكَ))
جار البادية مؤقت, أما جار البناء ثابت، لذلك: كم من جار يرخص البيوت التي حوله بسوء معاملته؟ وكم من جار يرفع أسعار البيوت التي حوله من طيب معاملته؟.
ويروى: أن الأمير عبد القادر الجزائري -رحمه الله تعالى- بطل الجزائر كان مدفونًا في دمشق، وقد اختار أن يقيم في دمشق, له جار أراد أن يبيع بيته, عرضه للبيع, فدفع له مبلغًا قليلا، فغضب، وقال: والله لا أبيع جيرة الأمير بثلاثمائة ليرة ذهبية، بلغ الأمير هذا الكلام فاستدعاه، وقال له: هذه الثلاثمائة ليرة ذهبية خذها، وابق جارنا!.
الجار مقدس، بل عن التضامن الاجتماعي أساسه: علاقات النسب، وعلاقات الجوار، إذا في الإسلام تضامن اجتماعي أساسه: علاقات النسب.
باب حفظ الجار والنهي عن إيذائه:
يقول عليه الصلاة والسلام:
((ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع))
وفي حديث آخر:
((ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جانبه وهو يعلم))
عَنْ عَائِشَةَ -رَضِي اللَّه عَنْهَا-, عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
((مَا زَالَ يُوصِينِي جِبْرِيلُ بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ))
من سعادة المرء الجار الصالح، والمركب الهنيء، والمسكن الواسع، أحد أكبر أسباب السعادة الجار الصالح.
لنا أخ -جزاه الله خير- أقام عدة أبنية, فله طبع في بيع البيوت عجيب, لا يبيع البيوت إلا لمن حسنت سيرته، فتجد سكان البناء على مودة ما بعدها مودة، لأنه ما باع إلا ما صلح بين الناس، وكأنه يخطب ابنته, يسأل عنه؛ عن أخلاقه, عن صلاته, عن دينه، فإن ثبت له أنه صالح باعه البيت.
عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْعَدَوِيِّ قَالَ:
((سَمِعَتْ أُذُنَايَ وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ, وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ, جَائِزَتَهُ قَالَ: وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ, وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ, فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ, فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ, وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ))
كأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ربط إكرام الجار بالإيمان، أنت مؤمن يمكنك أن تكرم جارك في دعاء:
اللهم إني أعوذ بك من جار السوء؛ إن رأى خيراً كتمه، وإن رأى شراً أذاعه, اللهم إني أعوذ بك من إمام سوء؛ إن أحسنت لم يقبل، وإن أسأت لم يغفر.
أيها الأخوة, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
((قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا, غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا, قَالَ: هِيَ فِي النَّارِ, قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا, وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ, وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا, قَالَ: هِيَ فِي الْجَنَّةِ))
خمس صلوات، والضحى، والأوابين، والزكاة، ومثلها صدقة، كلام الصادق المصدوق، كلام سيد الخلق في النار، تكثر من صلاتها وصيامها، لكنها تؤذي جيرانها، قال:
((هي في النار، وذكرت عنده امرأة أخرى قيل: مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا, وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ, وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا, قَالَ: هِيَ فِي الْجَنَّةِ))
هل هناك كلام أبلغ من هذا الكلام؟.
((يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا, غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا, قَالَ: هِيَ فِي النَّار))
تقل من صلاتها الفرض فقط المفروضات، وصدقتها الزكاة، وصيامها رمضان, غير أنها تحسن لجيرانها, قال:
((هي في الجنة))
لذلك: الدين المعاملة.
عَنْ عَائِشَةَ -رَضِي اللَّه عَنْهَا- قُلْتُ:
((يَا رَسُولَ اللَّهِ, إِنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ: إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا))
يوجد جار أقرب إليك باباً، وجار أقرب إليك نسباً، وجار أقرب إليك إيماناً، فلذلك القاعدة: الأقربون أولى بالمعروف.
عندك ثلاثة محاور؛ محور النسب، محور الفقر، محور الإيمان.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو, أَنَّهُ ذَبَحَ شَاةً فَقَالَ:
((أَهْدَيْتُمْ لِجَارِي الْيَهُودِيِّ, فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ))
الجار في المعنى الدقيق العام: قبل أن تعرف ما إذا كان مسلماً أو غير مسلم، إذا مسلم له عليك حقان، وإذا كان قريباً له عليك ثلاثة حقوق، لكن أي جار ولو كان غير مسلم له حق عليك، فهذا الجار كن يهودي.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِي اللَّه عَنْه-, عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
((يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ, لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ))
لو قدمت عظماً عليه بعض اللحم, تنمي المودة بين الجارين، الهدية بين الجوار رائعة جداً.
طبعاً الحديث:
((أتدرون ما حق الجار؟ إذا استعان بك أعنته، وإذا استقرضك أقرضته، وإذا افتقر عدت عليه، وإذا افتقدته عدته، وإذا أصابه خير هنأته، وإذا أصابته مصيبة عزيته، وإذا مات تبعت جنازته، ولا تستطل عليه بالبنيان فتحجب الريح عنه إلا بإذنه، ولا تؤذيه بريح قتار قدرك))
يوجد أكلات لها رائحة نفاذة وشهية كشي اللحم، يجب أن يكون الأكل النفيس الذي له رائحة يجب أن تقدم منه شيئاً، أو أن تسعى جهدك كي لا تنتقل الرائحة لبيت آخر, هذا من السنة، أو تبعث له منها، وإذا اشتريت فاكهة فأهدي له، فإن لم تفعل فأدخلها سراً، ولا يخرج بها ولدك ليغيظ ولده، ما هذه الآداب؟.
لن تعرف البشرية قيمة الحضارة إلا إذا ازدهرت بأخلاقها:
الإسلام يجعل المجتمع كتلة واحدة، من باب التفاؤل تنتهي إلي قصص عن جيران مؤمنين لهم مع بعضهم أعمال بطولية.
في بناء في هذه المنطقة عجيب أمره، بناء مؤلف من طوابق كثيرة جداً، وكل طابق أربع شقق، هؤلاء الجيران جميعاً لهم جلسة كل اثنين، يستضيفون أحد العلماء، كل اثنين لهم جلسة مع عالم من علماء دمشق، هيئوا للبناء في أيام أزمات الكهرباء مولدة، وحديقة لأطفالهم، وفي الطابق الأرضي دار لاستقبال الضيوف جميعاً ، وإقامة الولائم، والحفلات، وألعاب لأطفالهم.
جعلت من هذا البناء نموذج، كأنه بعيد عن مشكلات المدينة؛ مولدة خاصة, وحديقة للأطفال، وألعاب, وصالة استقبال للأفراح والأتراح, والولائم تواصل أسبوعي, حتى إنهم كانوا يحضرون جميعاً خطبة واحدة في جامع واحد، وهم على تباين في ثقافاتهم، ومشاربهم، واختصاصاتهم، لكنهم جميعاً من الطبقة الأخلاقية، فإذا كان للإنسان جار رائع, تصبح الحياة جنة.
حدثني أخ قال: والله بمنطقة يسكنها أناس مؤمنون، مستحيل أن امرأة خرجت إلى الشرفة أن يوجد رجل في شرفة ينسحبون أو بالعكس، هذا الجار أراد أن يبقى في الشرفة، لا يبقى رجل واقف في هذه الشرفة المقابلة، هكذا الإسلام.
أخواننا الكرام، حياتنا فيها متاعب، لكن بالمحبة تغدو جنة ومريحة, العبرة أن تكون مع من يحبك، ويقدرك، ويرعى مشاعرك، ومع من يأخذ بيدك، ومع من ينهض معك عند الشدة.
((مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ))
فأسأل الله أن نكون جميعاً في هذا المستوى الرفيع:
إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم, فسعوهم بأخلاقكم.
أحياناً إنسان يبالغ في إيذاء جاره، لا يحلو له إلا أن ينظف شرفته ونوافذه بالماء الغزير، وهذا الماء ينزل على جاره في الطابق الأرضي، وعلى غسيله الأبيض، وعلى فسحته التي رتبها، ونظمها، ولا يعبأ بجاره.
الحضارة ليست باستعمال الهاتف الخلوي، ولا بالدخول على الإنترنت، ولا بركوب سيارة فارهة, الحضارة في هذه الأخلاق، وما عرف البشر حضارة أخلاقية أرقى من هذه الأخلاق.
كم إنسان يعطي ابنه للمدرسة قطعة حلويات غالية جداً, هو في بحبوحة، يوجد قطع ثمنها ثمانون ليرة، يجب أن تعطي ابنك الشيء الطبيعي المقبول الذي يستطيعه كل الناس، أما إن أردت أن تطعمه إطعاماً نفيساً, أطعمه في البيت، يجب أن تراعي حق الجار.
مرة كنت راكباً في سفر, الذي إلى جانبي لم يترك شيئًا إلا وأكله من فستق حلبي, موز، ....., وجانبه امرأة معها طفل, لم أجد رجل أقل ذوقاً منه، أطعم هذا الطفل، لأنه يشتهي، فيوجد إنسان عديم الذوق، وإنسان يلاحظ ملاحظة كبيرة جداً.
قال لي أخ: والله ما دخل بيتي طعام, إلا وأضفت منه كمية كبيرة, من جاء بهذا الطعام فقد يشتهيه.
هناك إنسان فضّاح, لو أن الجار اختلف مع زوجته ليلاً وتشاجروا, لا يترك إنسانًا إلا ويقول له: البارحة وصلوا للشيطان الرجيم! أنت لا تقدر أن تسكت!!؟ هذا من سوء الأدب مع الله عز وجل, لذلك: النبي الكريم كان عالماً، وخطيباً، وقائداً، وزعيماً، ومفتياً، ومجتهداً، وكان، وكان, و.... كان قمة البشر، فلما أراد الله أن يمدحه قال:
﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾