وضع داكن
23-11-2024
Logo
المناسبات الدينية - المناسبة : 01 - الإسراء والمعراج - ماذا يعلمنا الإسراء والمعراج ؟ - بحضور السيد وزير الأوقاف ممثل السيد رئيس الجمهورية.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

تزكيته من قبل الحق :

السيد وزير الأوقاف ممثل السيد رئيس الجمهورية راعي هذا الاحتفال السيد محافظ دمشق ، السادة العلماء ، الأخوة الأكارم :
الحمد لله الذي أخرجنا بالإسلام من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ونقلنا بالإيمان ، من وحول الشهوات ، إلى جنات القربات ، والصلاة والسلام على سيد الخلق ، وحبيب الحق محمد صلى الله عليه وسلم الذي زكى عقله فقال :

﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾

[ سورة النجم الآية : 2 ]

وزكى لسانه فقال :

﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾

[ سورة النجم الآية : 3 ]

وزكى شرعه فقال :

﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾

[ سورة النجم الآية : 4 ]

وزكى جليسه فقال :

﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى﴾

[ سورة النجم الآية : 5 ]

وزكى فؤاد فقال :

﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾

[ سورة النجم الآية : 11 ]

وزكى بصره فقال :

﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾

[ سورة النجم الآية : 17 ]

وزكاه كله فقال :

﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾

[ سورة القلم الآية : 4 ]

الأسباب الموجبة للإسراء :

وبعد فيا أيها الأخوة المؤمنون :
في دنيا العروبة والإسلام يقول الحق جل وعل في سورة الإسراء :

﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾

[ سورة الإسراء الآية : 1 ]

حقاً إنه سميع بصير ، سميع لدعاء عباده ، بصير بأحوالهم ، لقد كان العام العاشر للبعثة بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم عام الحزن ... ففيه توفيت زوجته السيدة خديجة ، صديقة النساء ، التي حنت عليه ساعة العسرة ، والتي واسته في أيام الشدة ، بنفسها ومالها ، وفي هذا العام توفي عمه أبو طالب ، الذي أظهر من النبل في كفالته ومن البطولة في الدفاع عنه ، الشيء الكثير ، وقد نالت قريش من النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة عمه ، ما لم تنل منه في أي وقت مضى .
وفي هذا العام أيضاً خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ، يلتمس هداية أهلها ونصرتهم ، فردوا دعوته رداً منكرا ، وأغلظوا له في القول ، وأغروا به سفهاءهم .
لقد تحمل النبي صلى الله عليه وسلم من الشدائد ما لم يحتمله بشرٌ على الإطلاق إلا أن يكون نبياً .
هذه الشدائد ... ! حملت النبي صلى الله عليه وسلم على أن يشكو إلى الله ضعف قوته ، وقلة حيلته ، وهوانه على الناس ، والشكوى إلى الله من أجل مظاهر العبودية ، والضراعة إليه من أعظم القربات .
كانت رحلة الاسراء والمعراج مسحاً لجراح رسول الله
أيها الأخوة الأكارم :
حقاً إنه سميع بصير ، فما من مخلوق يعتصم بالله من دون خلقه ، فتكيده أهل السماوات والأرض ، إلا جعل الله له من بين ذلك مخرجا .
لقد أسرى الله بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس ، جسماً وروحاً ، وعُرِجَ به إلى السماء كذلك حيث :

﴿ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾

[ سورة النجم الآيات : 8-11 ]

﴿ لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾

[ سورة النجم الآية : 18 ]

أيها الأخوة الأكارم :
لقد كان الإسراء والمعراج ، مسحاً لجراح الماضي ، وتثبيتاً لقلب النبي صلى الله عليه وسلم ، وتطميناً على مستقبل الدعوة وتعويضاً عن جفوة الأرض بحفاوة السماء ، وعن قسوة عالم الناس بتكريم الملأ الأعلى .
لقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ، في الإسراء والمعراج أن الله معه بالرعاية والعناية ، وأنه كرمه تكريماً فريداً من نوعه وعرفه بأنه سيد ولد آدم ، وسيد الأنبياء والمرسلين ، لقد رأى ملكوت الأرض والسماوات ، وما تؤول إليه الخلائق بعد الممات ، لقد رأى من آيات ربه الكبرى .
لهذا تعد معجزة الإسراء والمعراج من أضخم أحداث الدعوة الإسلامية ، حيث سبقتها البعثة ، وجاءت من بعدها الهجرة والفتح .

ماذا يعلمنا الإسراء والمعراج ؟..

الدنيا دار ابتلاء
أيها الأخوة ، حضوراً ، ومشاهدين ، ومستمعين :
أما نحن ـ المسلمين ـ فماذا يعلمنا الإسراء والمعراج ؟.. وقد أُنزل فيه قرآن ، يتلى إلى يوم القيامة ، إن في الإسراء والمعراج دلالات كبرى ، ومنارات جُلَى ، ومواعظ بليغة ، أكثر من أن تحصى وأجل من تستقصى !...
إنه يعلمنا أن الدنيا دار التواء ، لا دار استواء ، ومنزل ترح لا منزل فرح ، فمن عرفها لم يفرح لرخاء ، ولم يحزن لشقاء ، وأن الله تبارك وتعالى قد جعلها دار بلوى ، وجعل الآخرة دار عقبى ، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا ، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا ، فيأخذ ليعطي ، ويبتلي ليجزي .
إن الإسراء والمعراج يعلمنا أن للمحن والمصائب حكماً جليلة ، منها أنها تسوق أصحابها إلى باب الله تعالى ، وتلبسهم رداء العبودية ، وتلجئهم إلى طلب العون من الله .
إن الإسراء والمعراج يعلمنا أنه لا ينبغي أن تصدنا المحن والعقبات عن متابعة السير في استقامة وثبات .
إن الإسراء والمعراج يعلمنا أنه مادام الله هو الآمر فلا شك أنه هو الضامن والحافظ والناصر .
إن الإسراء والمعراج يعلمنا أنه لولا الجهاد والصبر ما عُبد الله في الأرض ، ولا انتشر الإسلام في الخافقين ، ولما قمنا في هذا المكان نوحد الله ونسبحه وندعوا إليه .
إن الإسراء والمعراج يعلمنا أن اليسر مع العسر ، وأن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب .

في الإسراء والمعراج فرضت الصلاة .

أخوة الإيمان في كل مكان :
إن من أجل دروس الإسراء والمعراج ، أن الله تعالى كرم النبي محمداً صلى الله عليه وسلم ، بالعروج إليه ، لينال به أعلى درجات القربات ، وكرم أمته بأن فرض عليهم الصلوات ، لتكون معراجاً لها إلى رب الأرض والسماوات .
لقد فرضت الصلاة التي هي من أجل القرب ، في أعلى مستويات القرب .
فُرضت الصلاة في السماء
لقد فرضت الصلاة وحياً مباشرا ، والنبي صلى الله عليه وسلم في سدرة المنتهى ، وجنة المأوى ، حيث دنا فتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى .
لقد فرضت الصلاة ، لأنها عماد الدين ، فمن أقامها فقد أقام الدين ، ومن هدمها فقد هدم الدين ، لأن الدين أيها الأخوة في جوهره اتصال بالخالق ، وإحسان إلى المخلوق ، فالناس رجلان : شقي وسعيد شقي لأنه مقطوع عن الله ، متفلت من منهجه ، مسيء إلى خلقه وسعيد لأنه موصول بالله ، منضبط بشرعه ، محسن إلى خلقه .
لقد فرضت الصلاة أيها الأخوة : لأنها ترقى بالإنسان من عالم الأوهام إلى عالم الحقائق، ومن عالم المادة إلى عالم القيم ، ومن التمرغ في وحول الشهوات إلى التقلب في جنات القربات ، من سفاسف الأمور إلى معاليها ، من مدافعة التدني إلى متابعة الترقي ، إنها ترقى بالمصلي من حال إلى حال ، ومن منزلة إلى منزلة ، ومن مقام إلى مقام .
أيها الأخوة الأحباب :
النوع الإنساني من طبيعته التكوينية ، أنه هلوع ، والهلوع هو الجزوع المنوع ، والجزوع المنوع ، هو الحريص على سلامته الحريص على ما في يديه ، إن هذا الضعف في بناه النفسية يلجئه إلى باب الله تعالى ، فيسعد بهذا اللجوء وبهذا القرب ، ولو خلق الإنسان قوياً لاستغنى بقوته فشقي باستغنائه ، لهذا استثني المصلون من هذا الضعف الخلقي ، البشري ، قال تعالى :

﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾

[ سورة المعارج الآيات : 19-22 ]

ولقد أورد الإمام المناوي في كتابه " الإتحافات السنية " حديثاً قدسياً رواه البيهقي ، عن أبي الدرداء ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله عز وجل :

(( إني والإنس والجن في نبأ عظيم ، أخلق ويُعبد غيري ، وأرزق ويُشكر سواي ، خيري إلى العباد نازل ، وشرهم إليّ صاعد ، أتحبب إليهم بنعمي ، وأنا الغني عنهم ، ويتبغضون إليّ بالمعاصي وهم أفقر شيء إليّ ، من أقبل عليّ منهم تلقيته من بعيد ، ومن أعرض عني منهم ناديته من قريب ، أهل ذكري أهل مودتي ، أهل شكري أهل زيادتي ، أهل معصيتي لا أُقْنِطُهم من رحمتي ، إن تابوا فأنا حبيبهم ، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم ، أبتليهم بالمصائب ، لأطهرهم من الذنوب والمعايب ، الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد ، والسيئة بمثلها وأعفو ، وأنا أرأف بعبدي من الأم بولدها ))

الصلاة ليست مجرد حركات, انما قرب من الله تعالى
أيها الأخوة الأكارم :
الصلاة كما أرادها الله تعالى ، أجل وأعظم من أن تكون مجرد حركات وسكنات ، وقراءات ، ليس غير ...
إنها قرب من الله تعالى :

﴿ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾

[ سورة العلق الآية : 19 ]

ومع القرب خشوع ، إنها وعي .

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ﴾

[ سورة النساء الآية : 43 ]

ومع الوعي العقل .. ليس للمرء من صلاته إلا ما عقل منها .
إنها عروج .. " الصلاة معراج المؤمن ".. ومع العروج مناجاة .. " لو يعلم المصلي من يناجي ما انفتل " .

فلو شاهدت عيناك من حسننا الذي رأوه لـما وليت عنـا لغيرنـا
ولو سـمعت أذناك حسن خطابـنا خلعت عنك ثياب العجب وجئتنا
ولو نسـمت من قربنا لك نسـمة لـمت غريباً واشـتياقا لقربنـا
ولو ذقت من طعـم المحبـة ذرة عذرت الذي أضحى معنَى بحبنا
ولـو لاح من أنـوارنا لك لائح تركت جميـع الكائنات لأجلنـا
فمن جاءنـا طوعـاً رفعناه رتبة وعنه كشـفنا الهمً والغم والعنا
ومن حاد عنا ضل سـعيا ومذهبا وباء بحرمـان ولم يبـلغ المنى

المعصية حجاب بينك وبين الله تعالى
أيها السادة الأعزاء :
لن تكون الصلاة قرباً ، وخشوعاً ، ووعياً ، وعقلاً ، وعروجاً ، ومناجاةً إلا إذا بنيت على معرفة الله تعالى ، فكيف تذكر وتناجي من لا تعرفه ؟ ولن تكون الصلاة كذلك إلا إذا سبقتها استقامة على أمر الله ، واتباع لسنة نبيه ، فكيف تتقرب ممن تعصي أمره ؟ إن الجهل مانع ، وإن المعصية حجاب ، فإذا تفكرت أيها الأخ الكريم في خلق السماوات والأرض عرفته ، وإذا طبقت أمره الذي جاءك بالنقل الصحيح ، عبدته فإذا عرفته وعبدته ، فقد حققت الهدف من وجودك .

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾

[ سورة الذاريات الآية : 56 ]

إذا رجع العبد العاصي إلى الله ، نادى مناد في السماوات والأرض ، أن أيتها الخلائق هنئوا فلان فقد أصطلح مع الله .
أيها الأخوة الكرام :
لذلك تعد الصلاة ، ميزاناً دقيقاً لمستوى معرفتك بالله ، لمستوى عبادتك له ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(( مثل الصلاة المكتوبة كالميزان ، فمن أوفى استوفى ))

[ رواه الإمام أحمد في مسنده ]

أي من أوفى صلاته شروطها ، استوفى منها ثمارها التي وعد الله بها ، ولكن ما ثمارها التي وعد الله بها ؛ إنها تطهره نفس المصلي ، وتنهى صاحبها نهياً ذاتياً ، عن الفحشاء والمنكر على أساس الوازع الداخلي لا على أساس الرادع الخارجي ، قال تعالى :

﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾

[ سورة العنكبوت الآية : 45 ]

أي أن ذكر الله أكبر ما فيها .
سيدنا عمر رضي الله عن عمر ، أراد إن يمتحن راعياً يرعى غنمه في أطراف المدينة .
قال له : بعني هذه الشاة وخذ ثمنها .
قال الراعي : ليست لي .
قال : قل لصاحبها ماتت .
فلم يجبه الراعي .
قال : قل لصاحبها أكل الذئب ... وخذ ثمنها .
قال الراعي : والله إني لفي أشد الحاجة إلى ثمنها ، ولو قلت لصاحبها ماتت ، أو أكلها الذئب لصدقني ، فإني عنده صادق أمين ، ولكن أين الله ؟!!.
هذه العفة عن المطامع ثمرة من ثمرات الصلاة .
أيها الأخوة المؤمنون :
وفضلاً عن أن الصلاة طهورٌ ، فهي نور المؤمن ، كما قال عليه الصلاة والسلام ، قال تعالى :

﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ﴾

[ سورة الأنعام الآية : 122 ]

إن هذا النور من ثمار الصلاة ، وبهذا النور تصح الرؤية ومتى صحت الرؤية ، صح العمل .
وفضلاً عن أن الصلاة طهور ونور ، إنها تبعث في النفس السرور ، فالنفس لا تسعد ، والقلب لا يطمئن ، إلا بالاتصال بالله .

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾

[ سورة طه الآية : 14 ]

﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾

[ سورة الرعد الآية : 28 ]

وكان النبي صلى الله عليه وسلم ، إذا حزبه أمر بادر إلى الصلاة ، وكان يقول : أرحنا بها يا بلال ..
وعن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا ونحدثه ، فإذا حضرت الصلاة فكأنه لا يعرفنا ولا نعرفه ..
ورضي الله عن سيدنا سعد بن أبي وقاص إذ يقول :
ثلاثة أنا فيهن رجل ... وفي ما سوى ذلك ، فأنا واحد من الناس ، من هذه الثلاث أنه يقول ما صليت صلاة ، فشغلت نفسي بغيرها ، حتى أقضيها ....

عظمة الصلاة .

الصلاة معراج المؤمن الى رب السموات
أيها الأخوة الكرام :
وصفوة القول ما ورد في الحديث القدسي الذي رواه الديلمي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول الله عز وجل :

(( ليس كل مصلي يصلي ... إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي ، وكف شهواته عن محارمي ، ولم يصر على معصيتي ، وأطعم الجائع ، وكسا العريان ، ورحم المصاب ، وآوى الغريب ... كل ذلك لي وعزتي وجلالي إن نور وجهه لأضوأ عندي من نور الشمس ، على أن أجعل الجهالة له حلماً ، والظلمة نوراً ، يدعوني فألبيه ، ويسألني فأعطيه ، ويقسم عليه فأبره ، أكلؤه بقربي ، وأستحفظه ملائكتي ، مثله عندي كمثل الفردوس لا يمس ثمرها ولا يتغير حالها ))

أيها الأخوة الأحباب :
الصلاة عماد الدين ، وعصام اليقين ، وسيدة القربات ، وغرة الطاعات ، ومعراج المؤمن إلى رب الأرض والسماوات ، وهي الركن الوحيد المتكرر ، من أركان الإسلام ، الذي لا يسقط بحال ، إنها أس العبادات ، وأصل القربات ، ومبدأ الطاعات ، وهي ركن الأركان ، وأساس البنيان ، وهي أول ما يحاسب عنه المرء يوم القيامة ، ولا يفلح المؤمن إلا بها ، قال تعالى :

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾

[ سورة المؤمنون الآية : 1-2 ]

والخشوع كما قال العلماء ، ليس من فضائلها ، بل من فرائضها ... إنها الصلاة أيها الأخوة بركة من بركات الإسراء والمعراج .

مكانة المسجد الأقصى .

أيها العرب : أيها المسلمون :
المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله ، متعبد الأنبياء السابقين ، ومسرى خاتم النبيين ، مسجد نوه الله به في الآيات المفصلة ، وتليت فيه الكتب المنزل أولى القبلتين ، وثاني المسجدين ، وثالث الحرمين الشريفين ، لا تشد الرحال بعد المسجدين إلا إليه ، المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله ، ببركات الدين والدنيا أضحى بالإسراء إليه والمعراج منه ، وحث النبي صلى الله عليه وسلم ، على شد الرحال إليه ، أضحى رمزاً للشخصية المعنوية للمسلمين ، فكيف نشد الرحال إليه ؛ والطريق ليست سالكة ولا أمنه ، كيف نشد الرحال إليه ؛ وقد أصبحت عرضة للاستيلاء عليه ، وتدليس رحابه الطاهرة من قبل أعداء الله ، أعداء الحق الذين سلبوا الأرض ، ونهبوا الثروات ، و انتهكوا الحرومات ، وأفسدوا العقائد ، وأفرغوا القيم ، وزوروا التاريخ ، إنهم الصهاينة ، وفي ذكرى الإسراء والمعراج إيماء قوي إلى العرب حملة رسالة الإسلام ، وإلى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، أنه مفروض عليهم ، وقد بارك الله حوله ، أن يحفظوا له هذه البركة ، ومتى أعتدي عليها ، فعليهم إن يرجعوا إلى ربهم كي يستطيعوا إن يحرروه من أيدي الغزاة شذاذ الأفاق ، ويحيوا بتحرره سيرتا فاتحي عمر بن الخطاب ، وصلاح الدين الأيوبي .
وأنتم أيها الثائرون في الأراضي المحتلة بوركت سواعدكم ، وسلمت أيديكم لقد كنتم رمز البذل والعطاء ، ولقد ضربتم المثل في التضحية والفداء ، لقد تحركت فيكم معاني العزة والإباء ، فأقلقتم مضاجع الصهاينة الأعداء ، ولكن استمعوا معي إلى وصية سيدنا عمر بن الخطاب إلى سيدنا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما ، يقول عمر لسيدنا سعد ، أما بعد:
فإني آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله عز وجل ، فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو ، وأقوى المكيدة في الحرب ، وآمرك ومن معك ، أن تكونوا أشد احتراسا من المعاصي فإنها أضر عليكم من عدوكم ، وإنما تنصرون بمعصية عدوكم لله ، فإن استويتم في المعصية ، كان لهم الفضل عليكم بالقوة .

الدعاء :

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأعنا على أن ننتصر على أنفسنا ، حتى نستحق أن تنصرونا على أعدائنا ، فما النصر إلا من عندك ، فإذا كنت معنا يا رب فمن علينا ، وإذا كنت علينا فمن معنا .
أيها الأخوة الأكارم :
يقول الإمام مالك إمام دار الهجرة ، لو أن لي دعوة مستجابة لدخرتها لأولي الأمر ، لأن في صلاحهم صلاح الأمة .
اللهم وفق ولاة المسلمين ، في مشارق الأرض ومغاربها ، لما تحب وترضى ، اللهم وفق بينهم ، ووحد كلمتهم ، واجمعهم على الحق والخير والهدى وانصرهم على أعدائك ، وأعدائهم ، يا قوي يا متين اللهم وفق السيد رئيس الجمهورية حافظ الأسد لما فيه خير البلاد والعباد ، وهيئ له بطانة خير ، يا رب العالمين ، اللهم علمنا ما ينفعنا ونفعنا بما علمتنا وزدنا علماً .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور