- التربية الإسلامية / ٠4تربية الأولاد في الإسلام
- /
- ٠2تربية الأولاد 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
أيها الأخوة الكرام، مع الدرس الرابع من دروس تربية الأولاد في الإسلام واليوم ننتقل إلى التربية الخلقية.
العلاقة الوثيقة بين الإيمان و الخلق:
بادئ ذي بدء: الإيمان هو الخلق، فمن زاد عليه في الخلق زاد عليك في الإيمان، الإيمان بتعريف جامع مانع هو الخلق، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان.
الآن أضعكم بين عدد من أصح الأحاديث، مما اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم بتبيان علاقة الإيمان بالخلق، يقول عليه الصلاة والسلام:
((أحسن الناس إسلاماً أحسنهم خُلقاً))
وأنَّ:
(( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقاً ))
(( أحب عباد الله إلى الله تعالى ؟ قال: أحسنهم أخلاقاً ))
(( وإن من أقرب المؤمنين مجلساً من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة أحسنهم خلقاً ))
(( خير ما أعطي الناس قال خلق حسن ))
(( مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي مِيزانِ المؤمِنِ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ ))
(( إِنَّ المؤمنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ القَائِمِ ))
(( إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة ))
(( الخلق الحسن يذيب الخطايا كما يذيب الماء الجليد، والخلق السوء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل ))
الأحاديث التي تؤكد أن الخُلق الحسن هو كل شيءٍ في الدين:
جمعت لكم طائفة من أصحّ الأحاديث الشريفة في علاقة الإيمان بالخلق، والله ما في مانع أن نعيد هذه الأحاديث مرة ثانية:
(( إن أحسن الإسلام إسلاماً ))
عني أعلى مسلم
(( أحسنهم أخلاقاً ))
(( وإن أكملهم إيماناً أكملهم خلقاً ))
(( أحب عباد الله إلى الله تعالى ؟ قال: أحسنهم أخلاقاً ))
(( وإن من أقرب المؤمنين مجلساً من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة أحسنهم خلقاً ))
(( خير ما أعطي الناس قال خلق حسن ))
(( مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي مِيزانِ المؤمِنِ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ ))
(( إِنَّ المؤمنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ القَائِمِ ))
(( إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة ))
(( الخلق الحسن يذيب الخطايا كما يذيب الماء الجليد، والخلق السوء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل ))
المعاملة الطيبة تشد الآخرين إلى الدين لا عباداتك و صيامك و صلاتك:
الآن النبي عليه الصلاة والسلام كان خطيباً، وكان فصيحاً، وكان متكلماً وبالتعبير المعاصر متحدثاً لبقاً، وكان حكيماً، وكان جميل الصورة، وكان فصيح النطق، وقد تمتع بخصائص لا تعد ولا تحصى، فلما أراد الله أن يمدحه مدحه بخلق حسن.
قاضٍ، وزعيم، وقائد جيش، وزعيم أمة، ونبي، ورسول، وأفصح العرب وجميل الصورة.
﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾
وحينما تلغى الأخلاق يلغى الدين.
أخوانا الكرام، لا أحد يُشد إلى الدين من عباداتك، لا أحد يُشد إلى الدين من صيامك، من صلاتك، ولا من قيام الليل، يُشد إلى الدين من الخلق الحسن.
أنا حدثني أخ كان بتركيا، في أثناء الموسم السياحي، في زحمة الموسم السياحي في إنسان يوناني، يتجول في أجمل منطقة في تركيا، يبدو الفنادق ممتلئة، فنادق الأربع نجوم ممتلئة، والثلاث نجوم ممتلئة، النجمتان ممتلئة، الذي ما في ولا نجمة ممتلئة، أين ينام ؟ طرق أحد الأبواب، يوناني غير مسلم، فتح له رجل مسلم، قال له: هل يوجد عندكم مكان أنام فيه ؟ قال له: عندي، معه زوجته وأولاده، أدخله إلى البيت، هيأ له طعاماً، قال له: أنا عندي بيت آخر، تناول طعام العشاء وارتاح، وهذه غرفة النوم، وهذا المطبخ، أنا عندي بيت آخر، استيقظ هذا اليوناني صباحاً رأى صاحب البيت ينام تحت الشجرة هو وأهله، ما عنده بيت آخر، لكن لو قال له ما عندي ما رضي أن ينام عنده، قال له: عندي بيت ثان، و في الصباح أحضر له الطعام، الآن حدثوني الآن أكبر داعية إسلامي هو نفسه، أسلم.
ما شدّ هذا التركي إلى الدين بصلاته، ولا بصيامه، ولا بأذكاره، ولا من حفظ القرآن، شده إلى الدين هذه المعاملة الطيبة.
المعاملة الطيبة أساس في دخول الناس في دين الله أفواجاً:
والله أيها الأخوة، بالإمكان أن يدخل غير المسلمين في الإسلام أفواجاً بالمعاملة الطيبة، ما الذي شَد الناس إلى رسول الله ؟ المعاملة الطيبة، التواضع.
دخل أعرابي إلى مجلس النبي، قال: أيكم محمد ؟ ولا ميزة ؟ ولا ثياب خاصة ؟ ولا مكان خاص جالس فيه ؟ واحد من أصحابه.
رحمته، تواضعه، حلمه، وفاؤه، أدبه، ما هذا الأدب يا رسول الله ؟ أنا أتمنى أن أقول لكم هذه الحقيقة: والله ما لم نكن أخلاقيين بكل معاني الكلمة، لا أحد يفكر أن يدخل في هذا الدين، قسوة، توزيع ألقاب، وعنف " بالبر يستعبد الحر " والله يوجد قصص لا تعد ولا تحصى.
حدثني أخ: طفل دخل ليصلي في مسجد، المصلون سبعة، أين يصلي ؟ أول صف طبعاً، لا يوجد صف ثان أساساً، لا يوجد غير صف واحد، إنسان عنيف سمع أن الأطفال في الصف الثاني فدفعه، يقسم بالله العظيم أنه خرج من المسجد وترك الصلاة لخمسة و خمسين عاماً، من هذا الموقف العنيف.
وحدثني أخ آخر: طفل دخل للمسجد ليصلي، سُرق حذاءه والحذاء جديد، بكى بكاءً مراً، أخذه إلى محل أحذية، رجل وقور محسن، اشترى له حذاء جديداً أجمل من حذائه الذي سُرق، يقسم بالله العظيم أن هذا الطفل ما فاته فرض صلاة في حياته، موقفين.
الإيمان هو الخلق، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان، لا يوجد أب يستطيع أن يقنع أولاده بالصلاة إذا كان عنيفاً معهم، ضرب، وسُباب، قم صلِ، يصلي بلا وضوء، طبعاً.
الإنسان عبد الإحسان:
أتحب أن تكون داعية كبيراً من دون أن تكون عالماً ؟ أحسن إلى الناس، الإنسان عبد الإحسان، أحسن إلى الناس، والله الذي لا إله إلا هو لو أن الجاليات الإسلامية في العالم الغربي طبقوا دينهم فقط لدخل الغربيون في دين الله أفواجاً.
الآن من أكبر الداعيات في بريطانيا، هي نفسها الإسلاميات، أنا الذي أراه طريقاً واضحاً، كن صادقاً.
﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾
إن عدلت مع عدوك يحترمك، الكلام طويل، أب تريد من ابنك أن يكون مصلياً، متابعاً لأوامر الدين ؟ كن أخلاقياً أمامه فقط، تريدي أيتها الأم من ابنتك أن تكون مسلمة طاهرة، عفيفة، محجبة، كوني أخلاقية أمامها فقط.
لا يوجد طريق للتأثير بالناس كحسن الخلق، كالتواضع، كالإنصاف، كالرحمة كالعدل، طبعاً أنا أتكلم عن أصول هذا الموضوع، التفاصيل لا تنتهي، لكن كم حديث ؟ أكثر من تسعة أحاديث صحيحة، من أصح الأحاديث يربط النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان الصحيح بالخلق الحسن.
علينا أن نحسن فهم هذا الدين و تطبيقه ثم عرضه على الطرف الآخر:
أما حينما نفهم الدين نصوص، وأدلة، وتحليلات، وتوزيع ألقاب الكفر والشرك والابتداع على الناس يزداد الناس نفوراً من هذا الدين.
الآن نحن مهمتنا أن نحسن فهم هذا الدين، وأن نحسن تطبيقه، وأن نحسن عرضه على الطرف الآخر.
قال سهل بن عبد الله التستري: كنت ابن ثلاث سنين، أقوم بالليل، فأنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار، قال لي يوماً: ألا تذكر الله الذي خلقك ؟ قلت: كيف أذكره ؟ قال: قل بقلبك عند تقلبك في فراشك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك: الله معي، الله ناظر إلي، الله شاهدي، فقلت ذلك ليالٍ، ثم أعلمته، فقال: قل في كل ليلة سبع مرات، فقلت، ذلك ثم أعلمته، فقال: قل في كل ليلة 11 مرة، فقلته، ففي الليلة الثالثة قال: وقع في قلبي حلاوة الذكر، فلما كان بعد سنة قال لي خالي: احفظ ما علمتك، وأدم عليه إلى أن تدخل القبر، فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة، قال: فلم أزل على ذلك سنين فوجدت لذلك حلاوة في سري، ثم قال لي خالي يوماً: يا سهل من كان الله معه، ومن كان الله ناظراً إليه، ومن كان الله شاهده، أيعصيه ؟ إياك والمعصية.
السلوك العنيف يبعد الناس عنك لا يقربهم منك:
تلطف، الضرب، والإهانة، والدفع نحو الوضوء، هذا السلوك العنيف لا يجذب الابن إليك، انظر التلطف، النعومة، أول أيام ثلاثة قل في سرك، دون أن تحرك شفتيك، ثم قل بلسانك، ثم اجعلها عشر مرات، ثم قل الله ناظري، هل يمكن أن أعصيه ؟
قال: في شاب له شيخ، قال له شيخه: يا بني إن لكل سيئة عقاباً، يبدو وقع في خطأ، زلت قدمه في معصية، بحسب كلام الشيخ انتظر العقاب، انتظر أياماً، أسبوعاً أسبوعين، ثلاثة أسابيع، أثناء الصلاة ناجى ربه، قال: يا رب لقد عصيتك ولم تعاقبني قال وقع في قلبه أن يا عبدي لقد عاقبتك ولم تدرِ، ألم أحرمك لذة مناجاتي ؟.
بالتلطف، بالنعومة، بالرقة، وبالحنان، والعطف، والطفل ينجذب، بدل أن تقول له إن لم تصلّ الفجر في جماعة سأضربك، لا، إن صليت الفجر في جماعة سأكافئك فرق كبير، دعك من العقوبات، دعك من التعنيف.
(( علموا ولا تعنفوا، فإن المعلم خير من المعنف ))
ما من سبيل لجذب الناس إلا بالتواضع والحلم و التلطف والأدب:
كان النبي الكريم يصلي بأصحابه، أحد الصحابة تأخر فلما رأى النبي قد نوى الركعة الأولى فأسرع في مشيه حتى أحدث جلبة في المسجد (ضجيجاً)، وقد شوش على الصحابة صلاتهم، والتحق، وأدرك مع رسول الله هذه الركعة، فلما انتهى النبي من صلاته ماذا قال له ؟ قال: يا أخي شوشت علينا صلاتنا، قال له: زادك الله حرصاً، ولا تعد أرأيت إلى هذا الأدب الرفيع ؟.
أنا الذي أراه إن كنت أباً، أو معلماً، أو داعية، أو كنتِ أماً، أو آنسة، أو داعية، ما من سبيل لجذب الناس إلا بالتواضع، والحلم، والتلطف، والأدب، والرقة والعطف.
أدب القرآن الكريم في تعليم الناس:
أيها الأخوة، يجب أن تعلم أنه يمكن أن يضغط الدين كله بكلمة واحدة، بالخلق الحسن، وأصحاب رسول الله ما تركوا هذا الأثر الطيب في أنحاء المعمورة إلا بالخلق الحسن، والمسلمون اليوم بقسوتهم، أنا أقول لا نريد داعية ينطح، ولا داعية يشطح، بل نريد داعية ينصح، لا يمدح، ولا يفضح، كأب، كمعلم، كجار، كصديق، لا تستخدم العنف، الاستعلاء، أنت مخالف، أرأيتم إلى أدب القرآن الكريم، لو شخص سألني ما أدب القرآن الكريم في الحوار ؟ والله شيء لا يصدق:
﴿ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾
يعني الحق كرة عندنا أو عندكم، تعالوا نتحاور، ما في استعلاء، ليس أنا مؤمن وأنت كافر، ليس أنا عالم وأنت جاهل، هذا أدب القرآن الكريم، وهل بعد هذا الأدب من أدب
﴿ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾
هذا الذي علمنا إياه القرآن الكريم في أدب آخر:
﴿ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾
ما قولك ؟ هذا كلام من ؟ كلام خالق السماوات والأرض، علمنا القرآن فن الحوار
﴿ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾
الذي يحب أن يكون داعية يتلطف، يكون رقيقاً.
﴿ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾
أحسن اسم تفضيل، إذا كان هناك ألف عبارة حسنة ينبغي أن تختار العبارة الأحسن.
مرّ سيدنا عمر على أناس يقيدون ناراً، فقال: السلام عليكم يا أهل الضوء، ولم يقل السلام عليكم يا أهل النار، في رقة.
هل أنت مريض ؟ قال له: لا عافاك الله، هو يقصد لا، العلماء قالوا: ينبغي أن تقول: لا، وعافاك الله، تضيف واواً، لئلا تفهم لا عافاك الله، لا وعافاك الله.
على كل مسلم أن تكون أخلاقه حسنة مع غيره:
الآن في ملاحظة مهمة جداً، أحد أدباء الغربيين يقول: لمَ تشككون في الله فلولا الله لخانتني زوجتي، ولولا الله لسرقني خادمي، ماذا نفهم من هذا الكلام ؟ يعني الله أمرك أن تكون صادقاً، جيد، لكن أمر مليار و خمسمئة مليون مسلم أن يصدقوا معك، أنت الرابح الأول، أمرك أن تكون أميناً، لكن أمر مليار وخمسمئة مليون مسلم إذا عاملوك أن يكونوا أمناء معك، فأي قيد خلقي فأنت المنتفع الأول منه.
عفواً، لو فرضنا أن شخصاً منا ذهب لعند أخ كريم، صالح، مستقيم، من رواد المسجد، يخاف الله عز وجل، ألا تطمئن له ؟ ألا تشعر أنه لن يكذب عليك ؟ لن يغشك ؟ لن يأخذ ما ليس له ؟ فكما أن الله أمرك أن تكون حسن الخلق أمر مليار و خمسمئة مليون مسلم إذا عاملتهم أن يكونوا معك أخلاقهم حسنة.
مستحيل أن تعصي الله عز وجل عندما تؤمن أن علمه يطولك وقدرته تطولك:
هناك نقطة دقيقة: أن الأخلاق الرضية تحتاج إلى ثلاث نقاط، وهذا الكلام دقيق تحتاج إلى أن تؤمن إلى أن الله موجود، وأن هناك حياة بعد الموت، وأن هناك حساباً دقيقاً بهذه الكلمات الثلاث تكون أخلاقياً، الله موجود، وسيحاسب، وسيعاقب، لا تصدق أن يتفلت الإنسان من منهج الله إلا إذا غفل عن هذه النقاط الثلاث.
وكنت أقول دائماً: أنت راكب سيارتك والإشارة حمراء، والشرطي واقف وفي شرطي على دراجة نارية، احتياط، وفي سيارة فيها ضابط شرطة سير، وأنت مواطن عادي، أو من الدرجة الثانية، ممكن تخالف ؟ مستحيل ! لماذا ؟ لأنه عندك شعور أن واضع قانون السير إنسان قوي، وزير، وفي مخالفات فيها سجن حتى السنة، فإذا أنت ترى أن هذا الشرطي عين واضع القانون، يعني علم واضع القانون يطولك من خلال هذا الشرطي، وأن قدرته تطولك من خلال سلطته، هل يمكن أن تعصيه ؟ مستحيل ! لو درت بلاد العالم مواطن عادي، أمام إشارة حمراء، في شرطي، وشرطي على دراجة، وسيارة فيها ضابط مرور وأنت مواطن من الدرجة الثانية، لا يمكن أن تعصي، لأنك تعتقد أن علم واضع القانون يطولك، وأن قدرته تطولك، اسمع الآية:
﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً ﴾
عندما تؤمن أن علم الله يطولك، وأن قدرته تطولك، مستحيل أن تعصيه.
الله عز وجل موجود وسيعاقب كل إنسان على عمله فعلينا ألا نعصيه:
إخوانا التجار المستوردين، إذا كان في نسخة ذات لون أحمر من مستورداتك تذهب إلى المالية آلياً، من الجمارك للمالية، وأنت الآن تقدم حساباتك للمالية، هل بإمكانك أن تغفل هذه الصفقة ؟ إن أغفلتها أهدرت حساباتك، وكلفت أرقاماً فلكية، بشكل بديهي لا يمكن أن تعمي على هذه الصفقة، لأن علم وزارة المالية يصل إليها من خلال هذه الوثيقة.
لاحظ نفسك ليس مع الواحد الديان، مع إنسان عادي، أقوى منك، لاحظ نفسك ليس مع الله، ليس مع خالق السماوات والأرض، ليس مع الذي يعلم السر وأخفى، مع إنسان مثلك، لكنه أقوى منك، إذا كان علمه يطولك، وقدرته تطولك لا يمكن أن تعصيه.
أنا أقدم لكم أسباب التخلق بالخلق الحسن، يوجد أسباب أخلاقية، و أسباب مادية، أنت حين تعلم أن الله موجود، ويعلم، وهناك حياة بعد الموت، وسيحاسب، وسيعاقب، لا يمكن أن تعصيه، موجود، ويعلم، وسيحاسب، وسيعاقب، لا يمكن أن تعصيه، راقب نفسك.
من لم تحدث المصيبة فيه موعظة فمصيبته في نفسه أكبر:
هناك شيء آخر: لو شخص تأمل معاملة الله له، كلما أخطأ جاء التأديب، ألا يمكن أن يستنبط بعد حين أنه ما من معصية إلا ولها عقاب، فلماذا أعصي الله ؟ الله عز وجل رب العالمين، ليس القصد أن يحصي عليك أخطاءك، القصد أن يربيك، فكلما زلت قدمك، كل خطأ، كل انحراف، يوجد درس من الله بليغ.
شخص جاء رمضان، واستحقت عليه الزكاة، قصة واقعية، زكاة ماله 10750 زوجته ضغطت عليه، أنه بحاجة إلى تجديد الأثاث، بضغط شديد، بإلحاح شديد فاستجاب لها، وألغى دفع الزكاة، ونفذ رغبتها.
بالمناسبة في صحابي جليل، ضغطت عليه زوجته لحاجات تريدها، لا يملك ثمنها، فلما بالغت في الضغط عليه قال لها: أيتها المرأة إن في الجنة من الحور العين ما لو أطلت إحداهن على الأرض لغلب نور وجهها ضوء الشمس والقمر، فلأن أضحي بك من أجلهن، أهون من أضحي بهن من أجلك، هذا موقف حاسم.
هذه ضغطت على زوجها، وتمكنت أن تصرفه عن دفع الزكاة، وأن ينفذ لها رغبتها في البيت، يقسم لي بالله: سيارته وقع فيها حادث، قال لي: ذهبت إلى الصواج، ثم البخاخ، ثم القطع المكسورة، قال لي: بقدرة قادر مجموع النفقات 10750 ليرة، درس من الله، الله عز وجل يربينا.
هل أقول لكم من هو أسوأ إنسان في التعامل مع الله ؟ هو الذي لا يستفيد من تأديب الله له، قالوا: من لم تحدث المصيبة فيه موعظة، فمصيبته في نفسه أكبر.
من وجد قلباً كبيراً يستوعبه استقام على أمر الله:
إذاً أنت حينما تعلم أن الله موجود، ويعلم، وسيحاسب، وسيعاقب، وأن علمه يطولك، وأن قدرته تطولك، هذه أكبر دوافع كي تستقيم على أمره، وكي تكون صادقاً وأميناً.
الآن شخص كأبي حنيفة النعمان، من أعلم الفقهاء، له جار مغنٍّ أقلقه لسنوات طويلة، لا يحلو له الغناء إلا وقت النوم، وقت نوم الناس، وله أغنية مفضلة:
أضاعوني وأيَّ فتًى أضاعوا لِيَوم كريهةٍ وطِعانِ خلس
* * *
مرة افتقد صوت المغني في إحدى الليالي ما الأمر ؟ معنى ذلك هو محبوس فذهب أبو حنيفة بمكانته العلية إلى صاحب الشرطة، وصاحب الشرطة ما صدق أن يأتي أبو حنيفة إليه، فأطلق هذا المغني، وأطلق معه كل من اعتقل في ذلك اليوم، إكراماً له، أركبه على دابته، قال له: يا فتى، هل أضعناك ؟ تقول أنت: أضاعوني وأي فتىً أضاعوا، قال له: وعهد الله عز وجل ألا أغني إكراماً لك.
لو أن الشاب المخطئ وجد قلباً كبيراً يستوعبه، يعاونه، يذوب خجلاً، لا تكن عنيفاً، أبو حنيفة النعمان بمكانته العلية ذهب بنفسه ليسهم في الإفراج عن هذا المغني الجار، الجار له حق، ولو لم يكن مسلماً، ولو لم يكن مستقيماً.
الخلق الحسن أثمن شيء في الوجود:
يا أيها الأخوة، أول تربية لأولادك التربية الخلقية، تجد طالباً لطيفاً مؤدباً حيياً خجولاً، زارنا شاب من تركيا، لكن يتمتع بتربية عجيبة، اتصل بوالده، قام ووقف لا يمكن أن يتصل بوالده وهو قاعد، هو في الشام، والده في أضنة، تعلم الأدب مع والده نحن لفت نظرنا قاعد يتصل، لما فتح الخط وقف، سألناه، قال أنا غير معقول أكلم والدي وأنا جالس، على الهاتف.
أيها الأخوة، لا يوجد شيء أثمن من حسن الخلق، لما تربي ابنك على الأدب والاعتذار، النبي علمنا كيف يكون الابن مؤدباً مع أبيه.
(( فلا تمش أمامه، ولا تجلس قبله، ولا تدعه باسمه، ولا تستسب له ))
مرة نفحص بيتاً دخلت أنا مع صاحب البيت إلى غرفة، شاب مضجع على ظهره، رجل فوق رجل يتابع فيلماً، ولا تحرك، مع التفلت في وقاحة، مع التفلت في سوء أدب، مع التفلت في عدم احترام الآخر.
فيا أيها الأخوة، نحن بالتربية عنا التربية الخلقية، والإيمانية، والعلمية والنفسية، والاجتماعية، والجسمية، والجنسية، أول تربية التربية الخلقية.
تربية الأب لابنه تكون بعدة أمور:
1 ـ الإحسان إليه:
أيها الأخوة الأكارم، بعض الأحاديث الشريفة التي تتحدث عن حسن الخلق، في تربية الأب لابنه، يقول عليه الصلاة والسلام:
(( ما نَحَلَ وَالِدٌ وَلَداً من نَحْلٍ أفضل من أدبٍ حَسَنٍ ))
حديث آخر:
(( أَكْرِمُوا أَوْلَادَكُمْ وَأَحْسِنُوا أَدَبَهُمْ ))
ولعل في الحديث ملمحاً دقيقاً، لن تستطيع أن تحسن أدبهم إلا إذا أكرمتهم، أي الإحسان قبل البيان، أنت بالإحسان تفتح قلب ابنك.
2 ـ البيان له:
ثم بالبيان تفتح عقله، ابدأ بالإحسان الإحسان قبل البيان، يعني بصراحة بالثقافة الإسلامية كل أب يُحترم، في ثقافة المسلمين، في ثقافة هذه المنطقة، لكن ما كل أب يُحب، كل أب محترم لكن بطولتك لا أن تنتزع احترام أولادك، البطولة أن تنتزع محبتهم، لذلك:
(( أَكْرِمُوا أَوْلَادَكُمْ وَأَحْسِنُوا أَدَبَهُمْ ))
أي لن تستطيع إحسان أدبهم إلا إذا أكرمتهم، في ملمح يشابه هذا الملمح:
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾
سبيل حفظ الفرج غض البصر، لن تستطيع أن تمتنع، أو أن تبتعد بعد الأرض عن السماء عن الزنا إلا إذا غضضت بصرك هنا:
﴿ ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾ ﴾
(( أَكْرِمُوا أَوْلَادَكُمْ وَأَحْسِنُوا أَدَبَهُمْ ))
افتح قلب ابنك بالإحسان ثم افتح عقله بالبيان.
3 ـ التوجيه و المحاسبة ثم المعاتبة:
توجيه ثالث:
(( علموا ولا تعنفوا، فإن المعلم خير من المعنف ))
الأب أحياناً يغضب، يريحه يضرب ضرباً مبرحاً، لكن عندئذٍ ليس مربياً، وفي حلّ آخر يسيب، التسيب ليس حلاً، والضرب المبرح ليس حلاً، ولكن الحل أن توجهه وأن تحاسبه، وأن تعاتبه، وأن تُعرض عنه، ومن أطاع عصاك فقد عصاك.
(( علموا ولا تعنفوا، فإن المعلم خير من المعنف ))
4 ـ تعليمه المنهج الصحيح ثم تأديبه:
التوجيه الرابع:
(( علموا أولادكم الخير وأدبوهم ))
علموهم، يا بني هذا العمل لا يجوز نهى الله عنه في القرآن، هذا العمل نهى عنه النبي، علمه أولاً ثم حاسبه، في آباء يحاسب قبل أن يعلم، في ظلم، الطفل ما عنده معلومات، علمه أولا المنهج، ثم أدبه، هذا ملمح رابع.
(( إن من حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه، وأن يحسن أدبه ))
هذه توجيهات النبي عليه الصلاة والسلام، لذلك إذا أردت أن تكون مطبقاً لمنهج النبي طبق هذه التوجيهات.