أودع الله في الإنسان قوة إدراكية وميّزه بهذه القوة عن بقية المخلوقات، فأصل الدين معرفة الله، وفضلً معرفة الله على معرفة خَلقه كفضل الله على خلقه، إذا عرفت الآمر ثم عرفت الأمر تفانيت في طاعة الآمر، بينما إذا عرفت الأمر ولم تعرف الآمر تفننت في التفلت من الأمر، العلم بالله عز وجل والعلم بأمره وبخلقه يحتاج إلى مدارسة، من طرق معرفة الله تعالى الطريق الأولى النظرُ في الآيات الكونية والطريق الثانية النظرُ في أفعالِ الله تعالى، هناك أربع مساحات في الإسلام،أولا العقيدة وهي أخطر المساحات الأربع، ثانيا مساحة العبادة، ثالثا مساحة المعاملات، رابعا مساحة الأخلاق .
الإحصاء شيء والعد شيء آخر، المال والبنين شيء زائل، كل مخلوق يموت ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت، في أدق تعاريف الإنسان أنه بضعة أيام كلما انقضى يوم انقضى بضع منه، الإنسان خاسر لا محالة لماذا ؟ لأن مضي الزمن وحده يستهلك الإنسان لكنه يستطيع تلافي هذه الخسارة إذا تعرف على الله وتعرف إلى منهجه وحمل نفسه على طاعته وتقرب إليه بالأعمال الصالحة موقع أسماء الله الحسنى من العقيدة موقع كبير، معرفة الله لابد أن تكون مصحوبة برحمة مستقرة في قلب المؤمن .
طلب العلم فريضة على كل مسلم، العلم مرتبط بالإيمان وما لم ينقلك العلم إلى الإيمان فليس علماً وقد يكون ذكاءً ليس غير، ما لم تتعرف إلى الله وما لم تتحرك وفق منهجه فأنت خاسر وبإمكانك أن تتلافى هذه الخسارة بأن تعمل في هذا الوقت الذي سيمضي عملاً ينفعك بعد الموت، بالبيان يتواصل الناس أرقى تواصل، بالبيان تتكلم فتعبر عن أفكارك وعن مشاعرك، أكرمك الله بأن منحك نعمة الإيجاد ومنحك نعمة الإمداد ومنحك نعمة الهدى والرشاد، أقرب آية إليك للتفكر في خلق الله تعالى نفسك التي بين جنبيك فمن آمن و شكر الله عز وجل حقق الغاية من وجوده و الهدى أنواع : هداية المصالح و هداية الوحي و هداية التوفيق و هداية الجنة.
إن الله سبحانه وتعالى منح الإنسان نعمة الإيجاد ومنحه نعمة الإمداد ومنحه نعمة الهدى والرشاد، فمن وظّف عطاء الله في طاعته أصبح نعمةً حقيقية و ما دام الإنسان يصلي ويقرأ القرآن الكريم ويطلب العلم يمتعه الله بعقله حتى يموت، الله عز وجل هو الأكرم لكن ومن يهن الله فماله من مكرم، يعني إذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له و إذا أحبّ الله عبده ابتلاه، إذا أحب الله عبده عجّل له بالعقوبة فما دمت ضمن المتابعة فهذه نعمة كبرى لذلك يجب أن تعامل من حولك بقدر عال جداً من الهيبة وبقدر عال جداً من الإكرام .
نظام الأبوة من أكبر الآيات الدالة على عظمة الله يمكن أن نفهم معنى اسم الله الرب ببساطة من أب عالم من أب رحيم من أب يسعى لإمداد أولاده بكل ما يحتاجون ويسعى لتربية أجسامهم، من أدق معاني الربوبية أن الله أعطى كل شيء خلقه التام ثم هدى، البعوضة من آيات الله الدالة على عظمته حيث زودها تعالى بعدة أجهزة منها جهاز استقبال حراري و جهاز تحليل للدم و جهاز تمييع و جهاز تخدير، والله سبحانه وتعالى خلق الإنسان بأحسن تقويم فمن عظمة الله عز وجل خلق الجنين و التفكر في خلق السماوات والأرض أقرب طريق إلى الله، كمال الخلق يدل على كمال التصرف، وفي هذا الكون آيات باهرات دالة على قيوم الأرض والسماوات .
أكبر مصيبة أن تأتي المصيبة وأن تفهمها فهماً على خلاف ما أراد الله عز وجل، سياسة الله في معاملة عباده تبدأ بـ الهدى البياني ثم التأديب التربوي ثم الإكرام الاستدراجي ثم القصم مصائب المؤمنين مصائب دفع ورفع و مصائب الذين شردوا عنه مصائب ردع أو قصم أما مصائب الأنبياء فهي مصائب كشف، العاقل من عرف حكمة المصيبة التي ساقها الله له، فالمصيبة ليست عشوائية إنما هي من جنس العمل و بطولة الإنسان أن يحسن فهم المصيبة لأنه إذا أحسن فهمها استفاد منها وإن لم يحسن فهمها لم ينتفع بها، بطولة المؤمن أن يعتمد التفسير القرآني في تفسير المصائب فمن آمن بالله يكتشف الحكمة من وراء المصيبة التي أصابته .
ضعفُ الإنسان لصالحه لأنه لو خلق قوياً لاستغنى بقوته، فشقي باستغنائه والنقطة الثانية العَجَل والنقطة الثالثة الهلع، فالإنسان بحاجة إلى مولى بحاجة إلى مرجع بحاجة إلى مربٍّ بحاجة إلى سند بحاجة إلى من يدعمه، من نعم الله الكبرى أن يكون الله عز وجل وليك، تولِّى الله حفظ ونصرَ أنبيائه، الإنسان الذي تولاّه الله يتمتع بالأمن و الحكمة و الرضى، مادمت خاضعاً للعناية الإلهية فأنت في نعمة كبرى لأن الله مولاك نعم المولى ونعم النصير هو مولانا وعلى الله فليتوكل المتوكلون .
فرّق العلماء بين معية الله العامة ومعيته الخاصة، المعية الخاصة تستلزم الولاية الربانية، المفهوم القرآني للولي أن الوليُّ هو المؤمن بالله و الوليُّ هو المتَّقي لله، معرفةُ الله مقرونة بالتقرب إليه وطاعته، الإيمان من دون عمل قد يوصف أحياناً بأنه إيمان من نوع إيمان إبليس، التقرُّبِ إلى الله لنيلِ منزلةِ الولاية له مراتب، التقرُّب إلى الله عز وجل سهلٌ جدا، المؤمن تحت رعاية الله وحفظه وتأييده ونصره، يتولاه بالرعاية يتولاه بالحفظ يتولاه بالتأييد يتولاه بالمعالجة، فلذلك من أقرب أسماء الله الحسنى إلى المؤمن اسم الولي .
النصر من عند الله عز وجل و للنصر أنواع الأول : النصر الاستحقاقي وهذا النصر ثمنه الإيمان الصحيح والإعداد، ثانيا : النصر التفضُّلي و هذا النصر يعني أن المنتصر ليس كما ينبغي لكن حكمة الله اقتضت أن ينتصر، وثالثا : النصر المبدئي ، وهناك درسين بليغان يستنبطان من وقعة أحد ووقعة حنين الأول: حينما تقول الله يتولاك الله عز وجل والثاني حينما تقول أنا يتخلى عنك ولذلك هناك امتحانان صعبان الامتحان الأول أن يقوِّي اللهُ الكافر حتى يقول ضعاف الإيمان أين الله ؟ وأحيانا يظهِر الله آياته حتى يقول الكافر لا إله إلا الله .
للنصر شرطان كل منهما شرط لازم غير كاف فلابد من الإيمان الذي يحمل على طاعة الله ولابد من الإعداد، المسلمون في معظمهم لا يأخذون بالأسباب بل يتوكلون توكلا لا يرضي الله عز وجل، فإذا أردت أن تنتصر في أي معركة حقيقة فلابد أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء وأن تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء، الله موجود ويسمع إذا نطقتم ويرى إن تحركتم ويعلم ما في القلب إن أضمرتم وهو على كل شيء قدير،الله أكبر من كل شيء فلا تقطع الأمل مهما حدث الطاعة مع الصبر سبيل إلى النصر أما المعصية مع الصبر فليس بعدها إلا القبر.
الرفيق هو اللطيف والرفيق هو الذي يرافقك والرفيق هو الذي يتصرف برفق وعلى الإنسان أن يتخلق دائما بالكمال الإلهي لذلك كاد الحليم أن يكون نبياً والحلم سيد الأخلاق والحلم رفق، البيت الذي فيه رفق فيه حب وهدوء فيه راحة نفسية فيه أولاد ينشؤون نشأة صحية يرون أباهم وأمهم على وفاق، والعفو من الرفق والمغفرة من الرفق والتسامح من الرفق، من صفات المؤمن أنه رفيق لطيف وإذا كان معك فظله خفيف، لا تكن فظاً غليظ القلب ،الرفيق هو اللطيف بعباده القريب منهم وهو معكم أينما كنتم، لابد من الرفق للوصول إلى الأهداف .
ينبغي أن يكون الإنسان رفيقاً بنفسه، من التخلق بكمال الله أن تكون رفيقاً فإن كنت رفيقاً كان الرفق وسيلة إلى الدخول على الله عز وجل، تتقرب إلى الله بالتخلق بكماله، ينبغي أن ترفق بزوجتك فهي أقرب الناس إليك و شريكة العمر وهي أولى الناس بحسن معاملتك، ليست المعاشرة بالمعروف أن تمتنع عن إيقاع الأذى بها بل أن تحتمل الأذى منها وينبغي أن تكون رفيقاً بأولادك، لابد من الترفق في معاملة الوالدين حتى لو عصيتهما في معصية لله ينبغي أن تترفق في عدم تلبية رغبتهما لا بعنف ولا بقسوة .