وضع داكن
26-12-2025
Logo
أسماء الله الحسنى - إصدار 2008 - الدرس : 042 أ - اسم الله الأول 1
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
 

مِن أسماء الله الحسنى الأوّل:


أيها الإخوة الكرام؛ مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم الأوّل، وقد ورد هذا الاسم في قوله تعالى:

﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)﴾

[ سورة الحديد ]

وهذا الاسم أيضاً ورد في السنة الصحيحة، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:

(( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كانَ أَبُو صَالِحٍ يَأْمُرُنَا إذَا أَرَادَ أَحَدُنَا أَنْ يَنَامَ، أَنْ يَضْطَجِعَ علَى شِقِّهِ الأيْمَنِ، ثُمَّ يقولَ: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الأرْضِ وَرَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيءٍ، فَالِقَ الحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بكَ مِن شَرِّ كُلِّ شَيءٍ أَنْتَ آخِذٌ بنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الأوَّلُ فليسَ قَبْلَكَ شَيءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فليسَ بَعْدَكَ شَيءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فليسَ فَوْقَكَ شَيءٌ، وَأَنْتَ البَاطِنُ فليسَ دُونَكَ شَيءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الفَقْرِ، وَكانَ يَرْوِي ذلكَ عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ. ))

[ صحيح مسلم ]

 

حقوق العباد مبنية على المشاححة وحقوق الله مبنية على المسامحة:


بالمناسبة

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ. ))

[ صحيح البخاري  ]

أي وَفَّقه لوفاء الدين، إذا ملكت رغبة صادقة أن تؤدي هذا الدين، ((من أخذ أَموال الناس يُريدُ أَداءها أدَّى الله عنه)) أي وفَّقه لرزق وفير مكنه أن يفي دينه، ((ومن أخذ أَموال الناس يُرِيدُ إِتْلافها)) أن هذا غني، لا أرد له الدين، ((أتلفه الله)) قد تتوقع أن يكون  الحديث أتلفها ((أتلفه)) .
أيها الإخوة؛

(( عن عبد الله بن عمر بن العاص: يُغْفَرُ للشهيد كلُّ ذَنْب إلا الدَّيْنَ. ))

[ صحيح مسلم  ]

الذي قدّم أثمن ما يملك، قدّم حياته، ((يُغْفَرُ للشهيد كلُّ ذَنْب إلا الدَّيْنَ)) لأن حقوق العباد مبنية على المشاححة، بينما حقوق الله مبنية على المسامحة.
أيها الإخوة؛ أحد أصحاب النبي توفاه الله عز وجل، فجاء النبي ليصلي عليه قال: أعليه دين؟ قالوا: نعم، قال: صلوا على صاحبكم، ما صلى عليه، فلما قال أحد الصحابة: يا رسول الله عليّ دينه، فصلى عليه، لكن في اليوم التالي سأل هذا الضامن: أأديت الدين؟ قال: لا، في اليوم الثالث سأل هذا الضامن: أأديت الدين؟ قال: لا، في اليوم الرابع سأل هذا الضامن: أأديت الدين؟ قال: نعم، فقال عليه الصلاة والسلام: الآن ابترد جلده، أي ابترد جلده وهو صحابي جليل، وخاض مع رسول الله كل المعارك، وقدّم كل ما يملك، ومات شهيداً، فلم يُغفر له ما تعلق بذمته من الدين، فما بال الملايين من المسلمين يقترضون وفي نيتهم ألا يؤدون؟
 

الذنوب ثلاثة أنواع؛ ذنب يُغفر وذنب لا يُغفر وذنب لا يُترك:


أيها الإخوة؛ ذنب يغفر، وذنب لا يغفر، وذنب لا يُترك، الذنب الذي يُغفر ما كان بينك وبين الله، والذنب الذي لا يُغفر هو الشرك بالله، والذنب الذي لا يُترك هو ما كان بينك وبين العباد.
لابدّ من توضيح دقيق للإخوة الكرام؛ النصوص التي يتوهمها المسلمون أنها تغطي كل الذنوب هم واهمون،

(( عن أبي هريرة: سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ ولَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ. ))

[ صحيح البخاري  ]

أية ذنوب؟ ما كانت بينه وبين الله وحدها، لكن ما كان بينك وبين العباد لا يُغفر إلا بالأداء أو المسامحة،

(( عن أبي هريرة: من صام رمضانَ إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذَنْبِهِ. ))

[ صحيح البخاري ]  

ما كان بينك وبين الله فقط، لكن ما بينك وبين العبادة لا يُغفر إلا بالأداء أو المسامحة، هذه حقيقة مرة، لكنها أفضل ألف مرة من الوهم المريح، حتى الإنسان لا يكون ساذجاً يحجّ ويتوهم كل ما عليه من حقوق قبل الحج غفرها الله، حقوق العباد لا تُغفر إلا بالأداء أو المسامحة: ((يُغْفَرُ للشهيد كلُّ ذَنْب إلا الدَّيْنَ)) .
مرة ثانية: ((من أخذ أَموال الناس يُريدُ أَداءها أدَّى الله عنه، ومن أخذ أَموال الناس يُرِيدُ إِتْلافها)) لم يكن الحديث أتلفها الله، الحديث عن هذه الأموال، إما أن الله أدى عنه هذه الأموال أو أتلفها، قال: ((أتلفه)) .
 

الله عز وجل أوّل لأنه لم يسبقه بالوجود شيء:


أيها الإخوة؛ الله أوّل، لأنه لم يسبقه في الوجود شيء، وهو الذي علا بذاته وشأنه مبتدأ فوق كل شيء، وهو الذي لا يحتاج إلى غيره في شيء، يحتاجه كل شيء في كل شيء، وهو لا يحتاج إلى غيره في شيء، وهو المستغني بنفسه عن كل شيء، هذا الإله العظيم ألا يُخطب وده؟ ألا تُرجى جنته؟ ألا تُخشى ناره؟ أيغفل الإنسان عنه؟ لم يسبقه في الوجود شيء، وهو الذي علا بذاته وشأنه-رواية أخرى-فوق كل شيء، وهو الذي لا يحتاج إلى غيره في شيء، وهو المستغني بنفسه عن كل شيء.
هو الأوّل، كن مع الأوّل لا تكن مع المتأخر، لا تكن مع فرع، لا تكن مع إنسان قوي، كن مع أقوى الأقوياء، لا تكن مع إنسان يبدو لك غنياً، كن مع أغنى الأغنياء، لا تكن مع إنسان يدّعي العلم، كن مع العلم المطلق، هو الله عز وجل، لا تكن مع الجميل، وقد ضحيت من أجله بكل شيء، كن مع مانح الجمال،

(( عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر قال رجل إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس.  ))

[ رواه مسلم  ]

 

من معاني الأوّل:

 

1 ـ الله سبحانه وتعالى سبب كل شيء:

إخواننا الكرام؛ هذا الاسم يحتاج إلى شرح كثير، الأوّل من معاني الأوّل الذي يترتب عليه غيره، أي إنشاء بناء يحتاج إلى مال، المال أول، معك مال تفكر بإنشاء بناء، بالمعنى الفلسفي الأوّل هو الشيء الذي يترتب عليه غيره، بل هو الشيء الذي يبنى على شيء، بل هو الشيء الذي يبنى عليه شيء، الأول هو الذي يترتب عليه غيره، بل هو الشيء الذي يبنى عليه شيء، بل هو النتيجة التي تُؤسس على مقدمة، هذا المعنى سببي، أي الله عز وجل أوّل أي سبب كل شيء.
الدجاجة من البيضة، والبيضة من الدجاجة، هذا التسلسل لا ينتهي، في النهاية من خلق الدجاجة الأولى؟ الله عز وجل، أول، أي حدث، أي شيء تتبّعه إلى بداياته في النهاية تصل إلى الله، هو الأوّل.
إذاً هذا المعنى الأوّل للأول أن الله سبحانه وتعالى سبب كل شيء، بل هو مُسبب الأسباب، فالمعنى الأول سببي، وبالتالي معنى زمني، سببي زمني. 

2 ـ الله عز وجل الأوّل في كل شيء:

المعنى الثاني، الأول رتبي، أوضح شيء، مثلاً فلان الأول في التجارة، فلان الأول في العلم، فلان الأول في الحكمة، معنى رتبي، أي من حيث النوع هو فوق كل شيء، أعلى شيء، الأوّل على كل شيء، هذا الطالب هو الأول، قد يكون أصغر طالب بالصف، الأول لا يعني هنا الزمن إطلاقاً، المعنى الأول سببي زمني، لا شك أن الأب قبل الابن، لأن الأب سبب ابنه، فالأب سبب الابن، وفي الوقت نفسه ولد قبل الابن، لأنه أصل، الآية التي تؤكد هذا المعنى قوله تعالى:

﴿ الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)﴾

[ سورة الرحمن ]

هناك تساؤل أن يا رب أيعقل أن تُعَلِّم الإنسان القرآن قبل أن تخلقه؟ ﴿الرَّحْمَنُ*عَلَّمَ الْقُرْآنَ*خَلَقَ الْإِنْسَانَ﴾ نقول نحن: هذا الترتيب في الآية ليس ترتيباً زمنياً، لأنه لو كان ترتيباً زمنياً الفكرة غير معقولة، إنسان يُعَلّم قبل أن يُخلق؟ لا، يُخلق ثم يُعَلّم، هذا الترتيب رتبي بمعنى أن وجود الإنسان لا معنى له من دون منهج يسير عليه، وللتوضيح: يوجد الآن حواسيب صناعية غالية جداً بمئات الملايين، لو إنسان استورد حاسباً لمعمله، وهناك خطأ بالتصدير، الشركة نسيت أن تُرسل تعليمات التشغيل والصيانة، التعليمات كتاب، هذا الكتاب لم يُرسل مع الآلة، والآلة غالية الثمن، معقدة التركيب، عظيمة النفع، فإن خِفنا على الآلة من العطب، ولم نستخدمها جمّدنا ثمنها، وإن استخدمناها من دون هذه التعليمات أتلفناها، أليست في هذه الحالة التعليمات أهم من الآلة؟ من دون تعليمات تعطبها، خوفاً عليها لا تستخدمها، فهذه التعليمات أخطر من الآلة نفسها، وهذا كلام ينسحب على الإنسان.
 

وجود الإنسان من دون منهج يسير عليه لا معنى له إطلاقاً:


وجودك أيها الإنسان من دون منهج تسير عليه لا معنى له، الإنسان من دون منهج سوف يقع في إثم كبير، لأنه يوجد شهوات، هناك حبّ المرأة، وحبّ المال، وحبّ العلو في الأرض، هذه الشهوات تدفعه بعنف إلى حتفه أحياناً، الإنسان أحياناً يهلك بحبه للمال، يُقتل في النهاية، يهلك بحبه للشهوة، يغرق في شهوات ثم ينتهي مصيره إلى الهلاك، فالإنسان لابد له من منهج يسير عليه، هذا معنى قول الله عز وجل: ﴿الرَّحْمَنُ*عَلَّمَ الْقُرْآنَ*خَلَقَ الْإِنْسَانَ*عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ المعنى الأول للأول أنه معنى سببي زمني، والأصح معنى سببي، هو مُسبب الأسباب، المعنى الثاني للأول معنى رتبي، الأول في كل شيء، الأول في علمه، الأول في حلمه، الأول في رحمته، الأول في عدله، الأول في قوته، الأول في غناه، الأول، وبكل مجتمع، بجامعة يقول لك: هذا الأستاذ الأول، بمؤسسة: هذا العقل الأول في هذه المؤسسة، هو الذي يديرها، بأي مكان، بأي مجال، بأي زمن، بأي عصر هناك إنسان ضمن مجتمع معين هو الأول، أحياناً يقول لك: هذا الرجل القوي، قد يكون معاون المدير العام، لكنه أقوى منه، هو الأول، فالمعنى الأول للأول معنى سببي، المعنى الآخر للأول معنى رتبي.

 3 ـ الله عز وجل الأوّل رتبة وزماناً ليس قبله شيء:

المعنى الثالث للأول: الأول المتقدم زماناً، ربيع الأول، ربيع الثاني، هذا تقدم زمني، شعبان أولاً، رمضان بعده، وهناك المتقدم مكاناً، أنت في الطريق إلى حلب، حمص أولاً، ثم حماة، ثم حلب، الآن في الصناعة الأول الذي تبدأ به، إنشاء بناء، أول شيء فيه حفر الأساسات، حفر الأرض، في صناعة سيارة أول شيء الهيكل، وهكذا، هناك معنى ترتيبي، ومعنى مكاني، ومعنى زماني، ومعنى رُتبي، ومعنى سببي، هذا معنى الأوّل، الله عز وجل جلّ جلاله واحد أحد، فرد صمد:

﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)﴾

[  سورة الإخلاص ]

الأول سبباً، والأول رتبة، والأول زماناً ليس قبله شيء، بل الزمان من خلقه، الزمان من خلقه، الزمان لا يحيط به، هو يحيط بالزمان، هو الأول مكاناً، الكون كله من خلقه، الأول في الترتيب، كان الله ولم يكن معه شيء، هو الأول، هنيئاً لمن كان مع الأول، هنيئاً لمن كان ولياً للأول.
 

من كان مع الله كان الله معه:


إخواننا الكرام؛ يوجد بالحياة أقوياء، ويوجد أغنياء، ويوجد أناس لامعون جداً، لكن الإنسان إذا ربط مصيره مع هؤلاء، ولسبب أو لآخر انتهى هؤلاء ينتهي معهم، أبداً، المؤمن مع الله، لا يُحسب على غير الله، ولا يُجَيّر لغير الله، مع الله. 

كـن مع الله ترَ الله معك               واترك الكل وحاذر طمعك

وإذا أعطاك من يمنعه؟               ثم من يعطي إذا ما منعك؟ 

[ عبد الغني النابلسي ]

* * *

الآن يوجد مصائب كثيرة بالأرض، يوجد مصائب صحية، يوجد مصائب مالية، يوجد مصائب إدارية، كان بمنصب رفيع أُزيح عنه، يوجد مصائب أسرية زوجة خائنة، يوجد مصائب لا تُعد ولا تحصى، ولكن البطولة أن تكون موحداً في فهم هذه المصائب،

(( عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لكلِّ شيءٍ حقيقةٌ، وما بلغ عبدٌ حقيقةَ الإيمانِ حتى يعلمَ أنَّ ما أصابَه لم يكن لِيُخطِئَه، وما أخطأه لم يكن لِيُصيبَه. ))

[ السلسلة الصحيح: خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن رجاله ثقات ]

التوحيد بالمصائب تصل من خلالها إلى الله، أي هل يعقل أن إنساناً ضرب إنساناً بعصا أن يحقِد هذا المضروب على العصا؟ مستحيل! يكون أحمق، الحقد على الضارب، فإذا كان كل الطغاة والأقوياء عِصي بيد الله، أنت وحينما تعلم علم اليقين أن الله سمح لهم معنى هذا يوجد مشكلة مع نفسك، التوحيد في المصيبة يُلغي الحقد، الأول، من سمح لهذا الإنسان أن يصل إليك؟ هذا الكلام لا يعني أن تستسلم، معاذ الله أن يُفهم هذا المعنى، لكن هذا المعنى ينبغي ألا تشرك، ألا تحقد، هذا الإنسان سمح الله له أن ينال منك لحكمة بالغة وهناك مشكلة، طبعاً رُدّ عليه، وأزِل هذا الظلم عنك، وراجع نفسك لماذا سلطه الله عليّ؟ 
 

على كل إنسان أن يراجع نفسه إذا أصابته مصيبة لا أن يحقد لأن الحقد دليل الشرك:


أنت حينما تُوَحّد في فهم المصيبة لا تحقد، لكن تقاوم، أنت حينما تُوَحّد في فهم المصيبة لا تجبُن بل تكن شجاعاً في ردها، قال تعالى: 

﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39)﴾

[ سورة الشورى ]

أي ينبغي ألا تحقد، لأن الحقد قاتل، الحقد دليل الشرك، أما التوحيد، هذا القوي وصل إليّ، ونال مني، وسمح الله له بذلك، لحكمة بالغةٍ بالغة قد أعلمها، وقد لا أعلمها، لكنني واثق أن الله حكيم، لذلك أرُدّ عليها، آخذ بحقي، والدليل الآية واضحة: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾ والله معك، لكن لا تحقد، لا تحقد لأنك موحد، ما كان لهذا القوي أن ينال منك لولا أن الله سمح له.

﴿ إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90)﴾

[ سورة النساء ]

 

المسلمون ينقصهم التوحيد لأنهم بالتوحيد تُحَلّ مشكلاتهم ويزول إحباطهم:


إخواننا الكرام؛ المسلمون ينقصهم التوحيد، بالتوحيد تُحَلّ مشكلاتهم، بالتوحيد يزول هذا الحقد من نفوسهم، بالتوحيد يزول هذا الإحباط، هذا الشعور أنهم دون بقية الشعوب، وَحِّد، ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، دقق:

﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17)﴾

[ سورة لقمان ]

اصبر، هذا القضاء الذي يأتي الإنسان من الله مباشرة، للتقريب: شخص له ابن يحبه حباً جماً، وقف على الشرفة، تطاول عليها فسقط فنزل ميتاً، هل هناك جهة يصب عليها جام غضبه؟ هذا قضاء وقدر من الله مباشرة، أما حينما يدهس سائق هذا الابن، هناك شخص أمامك يمكن أن تحقد عليه، يمكن أن تتمنى أن تمزقه.
 

كل إنسان بحاجة إلى التوحيد لو جاء القضاء والقدر على يد إنسان:


هناك آية ثانية قال تعالى:

﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)﴾

[ سورة الشورى ]

﴿صَبَرَ﴾ على قضاء الله وقدره، ﴿وَغَفَرَ﴾ لمن كان هذا القضاء على يده، ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ يوجد لام المزحلقة، لام التوكيد، أي أنت بحاجة إلى التوحيد ألف مرة زيادة فيما لو جاء القضاء والقدر على يد إنسان، دققوا في هذه الآية: 

﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65)﴾

[ سورة الأنعام ]

هذه الصواعق والصواريخ الآن، ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾ هذه الزلازل، أو الألغام، ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾ الثالثة: ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾ براوندا أحدث رقم خلال أيام تمّ إبادة ثمانمئة ألف، والعالم يتفرج، يبدو أنه ليس هناك بترول، لا يوجد بترول، ثمانمئة ألف أُبيدوا في أيام. 
 

التوحيد في فهم المصيبة يُخفف وقعها:


أيها الإخوة؛ التوحيد نحن في أمس الحاجة إليه في فهم ما يجري حولنا، لا نحقد لكن نكون شجعاناً، نأخذ الحق، ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾ فالتوحيد في فهم المصيبة يخفف وقْعها، بل يجعلك شجاعاً في ردها، إذا شخص دخل إلى بيته سارق، يقول سبحان الله! أمر الله عز وجل، هذه مشيئة الله، يكون أحمق، يجب أن يقاومه، أن يأخذه ويسلمه إلى المسؤولين عن الأمن، فإنسان مستسلم هذا إنسان غير مؤمن، المؤمن لا يستسلم، بل يقاوم، يأخذ بحقه، والآية واضحة جداً، ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾ إلا أن المؤمن لا يحقد لأنه موحد، ((لكل شيء حقيقة، وما بلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه)) .
 

من كان مع الأوّل كان الأوّل دائماً:


هو الأوّل، هذا الذي نال منك مَنْ خَلَقه؟ الله عز وجل، من أعطاه القوة؟ الله عز وجل، من سمح أن يصل إليك؟ الله عز وجل، والله عزّ وجل رحيم، وعليم، وقدير، وحكيم، وعدل، إذاً الكرة في ملعبي.
أيها الإخوة الكرام؛ اسم الأول اسم دقيق جداً، كن مع الأول تكن أولاً، ولا تكن مع الآخَر والآخِر تكن آخراً.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

الملف مدقق

والحمد لله رب العالمين

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

نص الدعاة

إخفاء الصور