الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
على المؤمن أن يتخلّق بكمالات الله عز وجل فيستر القبيح ويُظهِر الحسن:
أيها الإخوة الأكارم؛ لازلنا مع اسم الستّير، وقد قيل: الرب رب والعبد عبد، من شأن الرب أن يستر القبيح وأن يُظهِر الحسن، ومن شأن العبد غير المؤمن أن يُظهِر القبيح وأن يكتم الحسن، أما المؤمن فمن شأنه أن يتخلّق بكمالات الله عز وجل فيستر القبيح ويُظهِر الحسن، وهذا خلق كريم، وهذا رقي إنساني، أن تُظهر الحسن وأن تستر القبيح، بينما غير المؤمن يُظهِر القبيح ويستر الحسن، لذلك ورد في بعض الأحاديث أن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: لله أفرح بتوبة عبده المؤمن من الضّال الواجد، ضيّعت شيئاً ثميناً جداً وأنت في حيرة من أمرك ثم وجدته، لله أفرح بتوبة عبده المؤمن من الضّال الواجد، ومن العقيم الوالد، بعد عشر سنوات جاءه غلام، بعد اليأس والإحباط، ومن الظمآن الوارد، الظمآن الذي كان على مشارف الهلاك، فرأى ماء فشرب، لله أفرح بتوبة عبده المؤمن من العقيم الوالد، والضّال الواجد، والظمآن الوارد، وإذا تاب العبد توبة نصوحة-هنا الشاهد-هنا اسم الستّير، فإذا تاب العبد توبة نصوحة أنسى الله حافِظَيه والملائكة وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه، هذا شأن الستّير، إذا تاب العبد توبة نصوحة أنسى الله حافِظَيه والملائكة وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه.
التائب من الذنب كمن لا ذنب له:
لذلك التائب من الذنب كمن لا ذنب له، قال تعالى:
﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27)﴾
وما أمرك أن تتوب إليه إلا ليتوب عليك، وما أمرك أن تستغفره إلا ليغفر لك، وما أمرك أن تسأله إلا ليعطيك، لكن الإنسان غير المؤمن شأنه العكس، هو يُظهِر القبيح ويستر المليح، لذلك ورد في بعض الأحاديث الشريفة: تعوذوا بالله من ثلاث فواقر: من جار سوء، إن رأى خيراً كتمه وإن رأى شراً أذاعه.
هناك إنسان أنا أسميه قناصاً، يتعامى عن كل الفضائل، فإذا ضبط تقصيراً أو مخالفة أو عيباً أو عورة فضحها ونشرها وبالغ في الحديث عنها، هذه اسمه: قناص، وهناك نماذج بشرية في كل المجتمعات موجودة، يتعامى عن كل الفضائل وعن كل الإيجابيات وعن كل الخيرات، ويُظهِر العيوب والنقائص، لذلك تعوذوا بالله من ثلاث فواقر: من جار سوء، إن رأى خيراً كتمه وإن رأى شراً أذاعه، ومن إمام سوء، إن أحسنت لم يقبل، وإن أسأت لم يغفر، ومن امرأة سوء، إن دخلت عليها لسنتك، وإن غبت عنها خانتك، هذه فواقر ثلاثة.
من ستر مؤمناً رضي الله عنه وقربه منه:
صدق أيها الأخ الكريم، أنت حين تستر مسلماً وتدفن قصته تحت الأرض، ولا تبوح بها أبداً، تشعر بقرب من الله كبير، وحدثتكم في اللقاء السابق عن هذه التي زلت قدمها فأصلحها زوجها، وجعلها تتوب توبة نصوحة حتى إن هناك بشارات تبشره برضوان الله عز وجل.
القاضي شُريح لقيه صديقة الفُضيل قال: يا شريح كيف حالك في بيتك؟ قال: والله منذ عشرين عاماً لم أجد ما يُعَكّر صفائي، شيء جميل، أحياناً الإنسان يقول: من عشرين عاماً ما نمت يوماً مرتاحاً معها، يقول: والله من عشرين عاماً ما وجدت من زوجتي ما يُعكّر صفائي، قال: وكيف ذلك يا شُريح؟ قال: خطبت امرأة من أسرة صالحة، فلما كان يوم الزفاف وجدت صلاحاً وكمالاً، يقصد صلاحاً في دينها وكمالاً في خلقها، فصليت ركعتين شكراً لله على نعمة الزوجة الصالحة، فلما سلّمت من صلاتي وجدت زوجتي تصلي بصلاتي وتسلم بسلامي وتشكر بشكري، فلما خلا البيت من الأهل والأحباب دنوت منها، فقالت لي: على رسلك يا أبا أمية-أي انتظر-وقامت فخطبت، قوية في دينها، كاملة في خلقها، قالت: أما بعد فيا أبا أمية إنني امرأة غريبة لا أعرف ما تُحب ولا ما تكره، فقل لي ما تحب حتى آتيه وما تكره حتى أجتنبه، ويا أبا أمية لقد كان لك من نساء قومك من هي كفء لك، وكان لي من رجال قومي من هو كفء لي، ولكن كنت لك زوجة على كتاب الله وسنة رسوله ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، فاتقِ الله فيّ وامتثل قوله تعالى:
﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)﴾
ثم قعدت، قال: فألجأتني إلى أن أخطب، أي اضطر أن يلقي خطبة أمامها، وقف وقال: أما بعد فقد قلت كلاماً إن تصدقي فيه وتثبتي عليه يكن لك ذخراً وأجراً، وإن تدعيه يكن حجة عليك، أحبّ كذا وكذا وأكره كذا وكذا، أعطاها قائمتين.
نحن عندنا قاعدة: لا معصية قبل التكليف، تكلف، تُبَيّن، توضح ثم تحاسب، أزواج كثيرون لا ينطق بكلمة فإذا أخطأت في ميزانه هو يقيم عليها الدنيا ولا يُقعِدها، ما بلغتها، قال لها: أحب كذا وكذا وأكره كذا وكذا، شاهد القصة في اسم الستير قال لها: وما وجدت من حسنة فانشريها وما وجدت من سيئة فاستريها.
صفة الستر أول صفة من صفات المرأة المؤمنة:
لذلك النبي عليه الصلاة والسلام وصف المرأة المؤمنة بأنها ستّيرة، ليست فضّاحة، لا تفضح زوجها، الإنسان في البيت يوجد عليه ضغوط عمل أحياناً، أحياناً يَقِلّ المال بين يديه، أحياناً يُصبح سريع الاستثارة، فالمرأة الصالحة تُقَدّر هذا الظرف، هناك متاعب بالحياة كبيرة جداً، أحياناً بالتجارة يوجد مشكلات كبيرة، بالوظيفة يوجد صعوبات بالغة، قال لها: وما وجدت من حسنة فانشريها وما وجدت من سيئة فاستريها.
لذلك تكاد صفة السَّتر تكون صفة أولى في المرأة المؤمنة، من هنا ورد: إني أكره المرأة تخرج من بيتها تشتكي على زوجها، لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر زوجها وهي لا تستغني عنه، فشاهدنا في موضوع اسم الستير أنه قال لزوجته: وما وجدت من حسنة فانشريها وما وجدت من سيئة فاستريها.
من أراد معاتبة من حوله عليه أن يبدأ بذكر إيجابياته لا سلبياته:
إخواننا الكرام؛ الإنسان أحياناً يأخذ من كل جهة إيجابيتها ويبتعد عن سلبياتها، هناك أشخاص بالعكس يأخذون من كل جهة سلبياتها ويبتعدون عن إيجابيتها، أي أحياناً يكون لك صديق له إيجابيات كثيرة جداً، وله سلبيات، يقتبس من سلبياته ومن سلبيات هذا وهذا فإذا هو كتلة من العيوب والنقائص، هناك إنسان آخر يأخذ من كل شيء إيجابياته، يجمع محاسن كل شيء، فعوِّد نفسك أن ترى في الإنسان الجانب الإيجابي، لا يوجد إنسان كله شر، ولا يوجد إنسان كله خير، أنت حينما تُوَطّن نفسك أن ترى فيمن حولك النواحي الإيجابية، كيف؟
(( النبي عليه الصلاة والسلام يؤم أصحابه في صلاة من صلوات الفرائض، صحابي تأخر عن إدراك الركعة الأولى فدخل إلى المسجد وأسرع ليلحق مع النبي الركعة الأولى، أحدث جلبة وضجيجاً وشوّش على الصحابة الكرام صلاتهم، لما انتهت الصلاة ماذا قال له النبي عليه الصلاة والسلام؟ قال له: عن أبي بكرة نفيع بن الحارث: زادك الله حرصاً ولا تَعُد. ))
بدأ بالإيجابيات ((زادك الله حرصاً ولا تَعُد)) أنت كمدير مؤسسة، كأب، كمعلم، مدير مستشفى، مدير جامعة، مدير مدرسة، حولك موظفون لهم إيجابيات ولهم سلبيات، إياك ثم إياك ثم إياك أن تبدأ بسلبياتهم، عندك موظف يتأخر لكنه أمين إن أردت أن تُعَاتبه يجب أن تبدأ بالحديث عن أمانته، أنا مُعجب بأمانتك، وأنا مُمتن من إخلاصك، لكن هناك مأخذ طفيف لابد من تلافيه هكذا علمنا النبي عليه الصلاة والسلام.
لذلك هناك عالم نفس أمريكي ألّف كتاباً، كيف تؤثر في الناس وتكسب الأصدقاء؟ الكتاب الطبعة الأولى كانت خمسة ملايين نسخة، جاء عالم محمد الغزالي رحمه الله، أخذ هذه القواعد وذكر ما يُقابلها في القرآن والسنة، فإذا كنت مدير مدرسة، أو مدير مشروع، أو مدير جامعة، أو أب، أو معلم، وأردت أن تعاتب بعض من حولك ابدأ بإيجابياتهم، فجاء بالحديث هذا: ((زادك الله حرصاً ولا تَعُد)) .
على كل إنسان أن يرسم لزوجته سياسته في كل شيء للابتعاد عما يعكر صفوهما:
إذاً الشاهد: إني أكره المرأة تخرج من بيتها تشتكي على زوجها، وما وجدت من حسنة فانشريها وما وجدت من سيئة فاستريها، قالت: كيف نزور أهلي وأهلك؟ قال: نزورهم غباً مع انقطاع بين الحين والحين لئلا يملونا، رسم سياسة، وأنا أقول دائماً: فترة الخطبة فترة مهمة جداً، يجب أن يرسم الخاطب أو الزوج مستقبلاً لزوجته سياسته في كل شيء، قالت: كيف نزور أهلي وأهلك؟ قال: نزورهم غباً مع انقطاع بين الحين والحين لئلا يملونا، وقد ورد: زُر غباً تزدد حباً.
قالت: فمن من الجيران تحب أن أسمح لهم بدخول بيتك ومن تكره؟ قال: بنو فلان قوم صالحون وبنو فلان قوم غير ذلك، ثم قال: ومضى عليّ عام عدت فيه إلى البيت فإذا أم زوجتي عندنا، رحبت بها أجمل ترحيب، وكانت قد علمت من ابنتها أنها في أهنأ حال، قالت له أم زوجته: يا أبا أمية كيف وجدت زوجتك؟ قلت: والله هي خير زوجة، قالت: يا أبا أمية ما أوتي الرجال شراً من المرأة المدللة فوق الحدود، فأدِّب ما شئت أن تؤدب، وهذِّب ما شئت أن تهذب، ثم التفتت إلى ابنتها تأمرها بحسن السمع والطاعة.
شاهدنا، وما وجدت من حسنة فانشريها وما وجدت من سيئة فاستريها، والمرأة المؤمنة ستيرة والزوج المؤمن ستير، لا يفضح زوجته، لا يمدحها أمام الناس مدحاً يُغري الناس أن يلتقوا بها، كما أن هناك عادة سيئة جداً، يُثني على جمال زوجته وعلى حكمتها وعلى طبخها وعلى وعلى، ليس هذا من الكمال، لكن ليس من الكمال أيضاً أن تَذُمّ زوجتك، كما أن النبي عليه الصلاة والسلام أثنى على المرأة الستيرة، وأنت أيها الزوج الكريم يجب أن تكون ستّيراً، قال: ومضى عليّ عشرون عاماً لم أجد ما يُعكر صفائي إلا ليلة واحدة كنت فيها أنا الظالم.
طاعة الله عز وجل تُنَظّم العلاقة بين الزوجين:
لذلك أنا أقول: مما ينْظِم علاقة الزوجين هذا الحديث الشريف:
(( عن أنس بن مالك: ما توادَّ اثنانِ في اللهِ فيُفَرَّقُ بينهما إلَّا بذنْبٍ يُحْدِثُهُ أحدُهما. ))
[ البخاري في الأدب المفرد: صحيح الجامع ]
وأقول دائماً: إذا بُنِي الزواج على طاعة الله ولو افتقر إلى معظم مقومات نجاحه يتولى الله في عليائه التوفيق بين الزوجين، أما إذا بُنِي الزواج على معصية الله ولو توافرت له كل أسباب النجاح يتولى الشيطان التفريق بينهما.
من معاني الاستتار التي ينبغي للمؤمن أن يتخلق بها:
1 ـ على المؤمن ألا يفتخر بالمعصية:
الآن من معاني الاستتار التي ينبغي للمؤمن أن يتخلّق بها، المقولة الشهيرة: إذا بليتم بالمعاصي فاستتروا، أي إنسان غلبته نفسه لا ينبغي أن يفتخر بهذه المعصية، السؤال الآن: ما الفرق بين العاصي والفاجر؟ العاصي عاصي أما الفاجر يُجاهر بمعصيته ولا يعبأ بها، يفتخر بها أحياناً، لذلك ذنب الفاجر كبير جداً لأنه إنسان مستعل، مستكبر، لأنه يذكر ذنبه أمام الناس ولا يستحيي به فهو فاجر، أما العاصي قد يكون مغلوباً، وربّ معصية أورثت ذلاً وانكساراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً، لذلك فرّق العلماء بين معصية غلبة الشهوة وبين معصية الاستكبار، إبليس أبى واستكبر أن يكون مع الساجدين، هناك معاصي استكبار، وهناك معاصي غلبة شهوة:
﴿ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106)﴾
لذلك الفرق كبير جداً بين أن تُغلَب وبين أن تستعلي، لذلك إذا بُليتم بالمعاصي فاستتروا، مقولة: إذا بليتم بالمعاصي فاستتروا، والذي لا يستتر لا يُصَنف مع العصاة، يُصنَف مع الفجّار.
البوح بأخطاء سترها الله عز وجل استخفافٌ بستر الله:
هناك شيء آخر؛ نحن في إسلامنا ممنوع أشدّ المنع أن تبوح بمعاصيك لرجل الدين، هذا ليس وارداً في إسلامنا، إنسان زلت قدمه وارتكب معصية والله ستره، ممنوع منعاً باتاً أن تذهب إلى شيخ وأن تبوح له بما فعلت، الله سترك، استر نفسك، والإنسان لا يغفر، وهناك أزواج كثر بعد الزواج يُحَدّثها عن أخطائه قبل الزواج، أو هي من حمقها تُحَدّثه عن أخطائها قبل الزواج، فالإنسان لا يغفر، الله تعالى سترك وما فضحك تفضح نفسك؟ هذا موقف فيه حمق كبير جداً، لذلك البوح بالأخطاء وقد سترها الله عز وجل استخفافٌ بستر الله، البوح بأخطاء وقد سترها الله عز وجل استخفاف بستر الله.
2 ـ أن يستر الإنسان عورته:
الآن يدخل في باب الاستتار أن يستُر الإنسان عورته، النبي عليه الصلاة والسلام استأجر أجيراً فاغتسل عُرياناً فقال له: خُذ أجارتك لا حاجة لنا بك إني رأيتك لا تستحيي من الله، سبحان الله، العالم الآن انقسم إلى مؤمن وغير مؤمن، أهل الإيمان يستترون وأهل الضلال يكشفون عوراتهم، لذلك الآية الكريمة:
﴿ يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27)﴾
شأن الشيطان التعري.
أنا أقول لكم-والشيء مؤلم-هناك شباب يقومون في البيت بثيابهم الداخلية أمام أخواتهم، وهناك شابات يرتدين ثياباً شفافة أمام آبائهن وأخواتهن، هذا لا يجوز إطلاقاً، لذلك إذا كان هناك فواحش ضمن الأسرة الواحدة سببها التعري هذا، حتى الإنسان لو دخل على ابنته ينبغي أن يستأذن عليها، والنبي عليه الصلاة والسلام علّمنا أن نستأذن على أمهاتنا، فهناك صحابي تعجّب قال: كيف نستأذن على أمهاتنا؟ قال: أتحب أن تراها عُريانة؟ المرأة لها خصوصيات، فلذلك من شأن الشيطان أن ينزعِ عن الإنسان لباسه، هذا الشيء يوجد تفلت في البيوت، تفلت في الطرقات، المرأة تبدو كما خلقها الله كاسية عارية بينما المؤمن يرتدي ثياباً سابغة والمؤمنة كذلك، الأبلغ من ذلك يجب أن تستر خصوصيات الزوجة، كل إنسان له زوجة، هناك خصوصيات، نسمي العلاقة بالزوجة علاقة حميمة جداً، هذه العلاقات الحميمة ينبغي ألا يبوح بها الزوج، وينبغي ألا تبوح بها الزوجة أبداً، ينبغي ألا يبوح بها الزوج وينبغي ألا تبوح بها الزوجة، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام أشار إلى هذا المعنى إشارة واضحة جداً فكهذا الذي يلتقي مع زوجته ثم يُحدِّث الناس بما كان البارحة وكأن الناس يرون هذين الزوجين عُريانين، هذا أيضاً من نقائص المجتمع.
3 ـ ستر ما بين الزوجين من خصوصيات:
هناك شيء آخر؛ ستر ما بين الزوجين من خصوصيات، وهناك إنسانة بفرنسا تعمل في التمثيل سئلت وقد لفت نظري إجابتها، سُئِلت: ما شعورك وأنت على خشبة المسرح؟ قالت: شعور الخزي والعار، وهذا شعور كل أنثى تَعرِض مفاتنها على الجمهور، إن الحبّ يجب أن يبقى بين الزوجين وفي غرف مُغلّقة.
شخص كان لا يصلي الفجر في وقته فشكا للنبي أنه نؤوم، فقال له عمر: ويحك! فضحت نفسك، قال له: دعه يا عمر، فضوح الدنيا خير من فضوح الآخرة، ثم دعا له وقال: يا رب أذهب عنه النوم إذا شاء، معنى ذلك الإنسان إذا شاء استيقظ، أذهب عنه النوم إذا شاء.
من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة:
إخواننا الكرام؛ أهم ما في هذا الدرس من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة، اجعل ستر المسلمين عملاً صالحاً تلقاه يوم القيامة، من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة لأن المؤمن عليه أن يتخلّق بكمالات الله، الآن قصة فيها فُحش:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19)﴾
قصة تعطي فكرة سيئة عن المجتمع لا ترويها كثيراً، إذا رويتها لمن لا يحتاجها استسهل المعصية، هناك قصص تقع، لكن ليس من المستحسن أن تُكثِر من رواية هذه القصص، لذلك: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ لا تؤذوا عباد الله، ولا تُعيّروهم، ولا تطلبوا عوراتهم، فإنه من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في عُقر بيته، كل إنسان يتتبع عورات الناس الله عز وجل توعده بأن يفضحه في عقر داره.
وآخر شيء في هذا اللقاء الطيب:
(( عن أبي هريرة رضي الله عنه: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. ))
الملف مدقق