- تفسير القرآن الكريم / ٠1التفسير المختصر
- /
- (020) سورة طه
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ،
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين . . .
ضرورة عبادة الله لأن الأمر كله بيده :
أيها الإخوة المؤمنون ؛ ذكرت لكم البارحة أن الله سبحانه وتعالى لخص الدين كله بكلمات قال :
﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا
لا يوجد غيره ، لا يوجد إلا الله .( إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي )
﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ
ما أمرك أن تعبده إلا بعد طمأنك أن أمرك كله ، صغيره وكبيره ، جليله وحقيره ، قريبه وبعيده ، ما بدا لك وما لم يبدُ لك كله بيد الله ، فإذا يئست مما سوى الله ، اتجهت إلى الله عز وجل ، ما دام أنه لا إله إلا أنا فاعبدني إذاً لا تعبد أحداً معي ( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14))
لكل شيء حساب :
الآن اليوم الآخر .
﴿ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ
قولاً واحداً ، لكن ( أَكَادُ أُخْفِيهَا )
الحكمة من إخفاء الساعة :
لكن : ( أَكَادُ أُخْفِيهَا)
﴿ وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60)﴾
انظر الطلاب أثناء العام الدراسي كلهم مثل بعض ، لكن هناك طالب يرسب ، وطالب ينجح الأول ، طالب قوي بالرياضيات ، وآخر ضعيف ، كلهم مثل بعض ، يلبس البذلة النظامية ويأتي إلى المدرسة متى يصير في الخزي والافتخار ؟ بعد الامتحان . ( أَكَادُ أُخْفِيهَا)
قلت : كدت أقع . معناها ما وقعت . إذا قلت : كدت أقع ؛ أي أنك لم تقع . أما إذا قلت : لم أكد أقع حتى وقفت ، أي وقعت ( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا )
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)﴾
يوجد أدق من ذلك .
﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ (8)﴾
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)﴾
﴿ وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ(47)﴾
﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ
﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيراً
رأس النواة المدبب .
﴿ يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77)﴾
خيط بين الفلقتين ( وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيراً )
﴿ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ
﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ
﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً
﴿ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى )
حاجة كل إنسان إلى حاضنة إيمانية :
الآن دققوا أيها الإخوة ؛ الله عز وجل ينصحنا ، قال :
﴿ فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا
لا تجلس مع أناس كفروا بالآخرة ، وعاشوا للدنيا ، إن جلست معهم تزهد بالآخرة وتحب الدنيا ، تزهد بالطاعة وتتمنى المال ، فأنت قل لي من تصاحب أقل لك من أنت ، لا تصاحب إلا مؤمناً ، لا تصاحب إلا من ينهض بك إلى الله حاله ، ويدلك على الله مقاله ، تكلمت بهذا من يومين ، لا يمكن للإنسان أن يستقيم إذا كان له أصدقاء متفلتون ، له أصدقاء من أهل الدنيا ، له أصدقاء لا يصلون ، له أصدقاء غير ملتزمين بالدين ، هؤلاء الأصدقاء حجاب بينك وبين الله .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) ﴾
أمر إلهي . ( اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)﴾
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ
﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
في آية ، ولو كان آباؤهم .
﴿ لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ
حتى تستقيم تحتاج إلى مجلس علم ، حتى تستقيم تحتاج إلى أصدقاء مؤمنين ، وحتى تستقيم تحتاج إلى صديق إذا نسيت يذكرك ، قم لنصلِّ ، أمش معي لنحضر الدرس ، تحتاج إلى صديق إذا غفلت يصحيك ، إذا نسيت يذكرك ، لذلك العلاج يجب أن تبحث عن طقم جديد من المؤمنين ، تقيم علاقات طيبة معهم ، المؤمن يذكرك بالله عز وجل ، هكذا قال النبي قال :
(( أولياء أمتي إذا رؤوا ذكر الله بهم ))
إن رأيته تذكر الله عز وجل ، هو مع الله عز وجل ، فنحن نحتاج أن نصاحب أهل الإيمان ، لا تصاحب من لا يرى لك من الفضل مثل ما ترى له .
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً
حليبه غير جيد ، هو شرق ، وامرأته غرب ، وأولاده شمال ، وبناته جنوب ، شيء فيه دين ، وشيء لا يوجد فيه دين ، شيء جاء الساعة الثانية عشرة ، جاء الساعة الواحدة ، هكذا أسرة لا تصاحبها ، أي أسرة متفلتة لا تصاحبها ، لا تقم علاقة معها ، لا بد من حمية اجتماعية ، هذا الجواب الذي أقترحه ، وأنا والله أكبرت صراحته وجرأته ، أحياناً إنسان يتكلم مضطراً يعرف الجواب ( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ( 15 ) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16))
﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) ﴾
آية ثالثة .
﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ
أي كل إنسان يكذب بالدين انظر إلى سلوكه .
﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) ﴾
انتهت الآية .
الفرق بين المؤمن والكافر :
إذاً أين الجواب ؟ هذا الذي ينهاك عن الصلاة ، دعك من كلامه انظر إلى أخلاقه ، انظر إلى أنانيته ، انظر إلى قذارته ، انظر إلى استعلائه ، انظر إلى جشعه ، انظر إلى كذبه ، انظر إلى إخلاف موعده ، انظر إلى خيانته ( أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى )
﴿ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12)﴾
انظر إلى أخلاقه ، انظر إلى طاعته لله ، انظر إلى وفائه ، انظر إلى إنصافه ، انظر إلى رحمته بقلبه ، انظر إلى صدقه ، أحياناً لا تحتاج إلى دليل ، أخلاق المؤمن دليل ، ولا تحتاج إلى دليل على الكفر ، أخلاق الكافر دليل ، حدث ولا حرج حاوية ، كل شيء يقرف ، لا يوجد أخلاق راقية إطلاقاً ( فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى )
سعادة سيدنا موسى لا توصف أثناء مناجاته لربه :
﴿ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) ﴾
سيدنا موسى يناجي الله عز وجل ، أي هو في سعادة لا توصف ، لا توصف ، أنت مع مؤمن موصول بالله إذا قعدت معه تسعد ، إذا قعدت معه تأنس أشد الإيناس ، ينطلق قلبك بمعرفة الله ، كيف إذا جلست مع صديق ؟ كيف إذا جلست مع نبي ؟ كان النبي الكريم ينام على عتبة الباب من شدة تعلقه به ، من شدة حبه له ، فكيف إذا ناجاك الله عز وجل ؟ شيء لا يوصف ( وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى )
﴿ قَالَ هِيَ عَصَايَ
ثم قال : ( أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي )
﴿ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18) قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21)﴾
إنسان يقول لك : أنا رسول الله ، تقول له أنت : أين الدليل ؟ فهذه المعجزة ، المعجزات التي يأتي بها الأنبياء هي الدليل على أنهم رسل الله عز وجل ، والمعجزات ينبغي أن تكون مما تفوق به القوم ، لو كان سيدنا موسى مختصاً بالإلكترون ، وبعصره يوجد سحر ، لا يصدقونه ، لكن بعصره يوجد سحر ، وجاءهم بشيء يفوق السحر ، يجب أن تكون المعجزة مما تفوق به قوم النبي ، سيدنا رسول الله قومه تفوقوا بالبلاغة ، فجاء القرآن بليغاً ، سيدنا عيسى قومه تفوقوا بالطب أحيا الميت ، دائماً النبي يأتي بمعجزة مما تفوق بها القوم ، ويزيد على أعلى من تفوق فيه ، قال : ( وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18) قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21))
﴿ وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى (22)﴾
يده كالكوكب الدري ، معه عصا إذا ألقاها تصبح أفعى ويده بيضاء للناظرين .
﴿ لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى (23)﴾
وكل مؤمن يرى من آيات ربه الشيء الكثير .
الكون من دون خرق للعادات هو أكبر معجزة على الإطلاق :
لكن أقول لكم : الكون من دون خرق للعادات هو أكبر معجزة على الإطلاق ، بكأس الماء هذا ، العذب الفرات ، سمعك ، بصرك ، طلاقة لسانك ، كل حرف تنطق به تسهم في صنعه سبع عشرة عضلة ، إذا كلمة من خمسة حروف ، وإذا كان جملة من خمس كلمات ، وإذا خطبة خمس ساعات ، كم عضلة تحركت ؟ الإنسان في وضعه الراهن هو معجزة ، لكن لضعف عقول الأقوام السابقة كانت المعجزات خرقاً للعادات والنواميس ، أما أنت فمعك مليون معجزة ، أليس ابنك معجزة ؟ باللقاء الزوجي يوجد خمسمئة مليون حوين ، حوين واحد تختاره البويضة ليلقحها ، وهذا الحوين بعد حين يغدو طفلاً ، فيه دماغ ، مئة وأربعون مليار خلية استنادية ، وأربعة عشر مليار خلية قشرية ، وتسعمئة ألف عصب بصري ، ومئة وثلاثون مليون مخروط عصبي بالعين في شبكية العين ، وثلاثمئة ألف شعرة ، لكل شعرة وريد وشريان وعصب وعضلة وغدة دهنية وغدد صبغية ، والقلب بضخ ثمانية أمتار مكعبة كل يوم دماً ، ثمانية أمتار ، أنت تستخدم وقوداً سائلاً بالسنة كلها عبارة عن مترين مكعبة ، كل السنة ، القلب كل يوم يضخ لك ثمانية أمتار مكعبة ، المعجزات بين أيديكم وفي أنفسكم وما تشعرون ، وقد ورد في الأثر : حسبكم الكون معجزة .
شي لا يصدق ، لا تقل : أنا لم أر العصا الخاصة بسيدنا موسى ، يوجد مليون شيء أهم منها ، كله بين يديك ، ميناء الأسنان ثاني أقسى مادة بالكون بعد الألماس ، وأصل الإنسان من ماء مهين ، عظم عنق الفخذ ، الفخذ هكذا ، عظم الفخذ هكذا من أجل أن يكون شكل الإنسان جميلاً ، له توسع بالوسط ، ثم هكذا ، يكون هناك عظم له عنق ، هذا العنق يحمل مئتين وخمسين كيلو ، الإنسان القوي الشديد يحمل نصف طن على ظهره ولا ينكسر عظمه ، ألم يكن هذا ماء ؟ ألم يكن ماء مهيناً أنى له هذه القسوة ؟ في جسم الإنسان آيات لا يعلمها إلا الله ، المعجزات موجودة وقائمة ، وابنك الذي أمامك تعرف ما أصله ، صار طفلاً يتكلم ، يتحرك ، يضحك ، يعطس ، يأكل ، يشرب ، ويمشي ، ثم يتعلم القرآن ، هذا كان نقطة ماء كيف صار هكذا ؟! الآيات بين أيديكم ، وطعامك انظر إلى الحليب ، الحليب ، واللبن ، والقشدة ، والزبدة كل من :
﴿ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ (66) ﴾
انظر إلى الدجاج ماذا يأكل ، تأكل وسخاً تعطيك بيضة ، كلما كان بلدياً كلما كان أغلى ، معنى هذا تأكل أشياء لا تأكلها أنت ، والبيضة غذاء كامل لأنها ستصير دجاجة بعد حين ، موضوع الآيات حدث ولا حرج . لذلك ( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى(16)
والحمد لله رب العالمين