- تفسير القرآن الكريم / ٠1التفسير المختصر
- /
- (018) سورة الكهف
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
ضرورة فهم القرآن الكريم وتدبر آياته :
أيها الأخوة المؤمنون ؛ في سورة الكهف آية كريمة هي الآية السابعة والعشرون ، يقول الله عز وجل :
﴿ وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (27) ﴾
كلمات الله عز وجل في أرجح الأقوال هي سننه ، وبالتعبير المعاصر القوانين التي يعامل الله بها عباده ، وحينما نقرأ القرآن الكريم ينبغي أن نفهمه ، وينبغي أن نتدبره ، والتدبر أن تدرس هذا القرآن الكريم دراسة نوعية ، هناك آيات أمر ، وهناك آيات نهي ، وهناك آيات وعد ، وهناك آيات وعيد ، وهناك وصف للجنة ، وهناك وصف للنار ، وهناك غيب الماضي ، وهناك غيب الحاضر ، وهناك غيب المستقبل ، وهناك قصص الأنبياء السابقين ، وهناك حلال ، وهناك حرام ، وهناك قوانين ، حبذا لو أن المؤمن وهو يقرأ القرآن يكتشف هذه القوانين ، أو حبذا أن تقرأ القرآن مرتين ، مرةً قراءةً تعبديةً تتلوه ، ومرةً قراءة تدبر تقف عند آياته آية آية .
قوانين الله عز وجل :
الآن هذه الآية :
﴿ وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ
ما هذه الكلمات ؟ مثلاً :
﴿ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ
هذا قانون ، أية خيانة على وجه الأرض لا بد من أن يفضحها الله عز وجل في أي موضوع ، وفي أي زمان ، وفي أي مكان .
﴿ كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) ﴾
الفاسق لا يؤمن .
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)﴾
قانون .
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) ﴾
قانون .
﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151) ﴾
قانون .
﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (61) ﴾
المتقي يفوز وينجو دائماً ، قانون .
﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ
قانون .
آيات كثيرة جداً ، لكن المطلوب أنك إذا قرأت القرآن أن تكتشف هذه القوانين ، وحبذا لو تكتبها ، هذه المدارسة ، هذا التدبر ، إذا عندك مجموعة قوانين من قبل خالق الكون .
﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ
قانون .
﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً (142) ﴾
أية مخادعة لله تعود على الإنسان .
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ
قانون ، ممكن أن نستنبط القوانين ، الحقيقة قد تكون صياغة ، صيغتها شرط ، من يفعل كذا يلق كذا ، صياغة شرطية .
﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِيناً (36) ﴾
قانون ، بمجرد أن تضع قضية بتّ فيها الشرع ، الله عز وجل قضى فيها حكمه على بساط البحث فأنت لست مؤمناً ، لمجرد ، أي إذا الله حرم شيئاً إذاً هذا الشيء حرام ، هذه قانون .
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19)﴾
ما فعل شيئاً ، ما تكلم ، فقط أراد أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ، وضع نفسه مع المنافقين ، لا أريد أن أستقصي ، لكن ذكرت بعض الأمثلة ، حبذا لو أننا قرأنا بعض الآيات ، وتفهمناها ، وكتبناها على دفتر خاص ، وتأملنا بها ، فهذه القوانين التي يتعامل الله بها معنا ، الله عز وجل يتعامل مع عباده وفق سنن ، ممكن نسميها سنناً ، ممكن نسميها قوانين ، القرآن سماها كلمات .
﴿ وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (27) ﴾
أي زوال الكون أهون من أن يبدل قانون الله عز وجل ، أي إذا قال الله لك :
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً
إذا كان هناك إنسان واحد بالأرض من آدم إلى يوم القيامة أعرض عن ذكر الله ، وكان سعيداً ، فالقرآن ليس كلام الله ، مستحيل ، قد يكون غنياً ويعاني من ضيق القلب ، ليس شرط المعيشة الضنك هو الفقر ، لا ، قد يكون غنياً ، وقد يكون قوياً ، لكنه ليس سعيداً ، يوجد ضيق بقلب الكافر ، ولو كان غنياً ، أو قوياً لو وزع على أهل بلد لكفاهم ، ما هذا القانون ؟
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)﴾
أي مؤمن إذا عمل صالحاً ، وآمن بالله عز وجل له عند الله حياة طيبة بأي عصر ، بأي قطر ، بأي زمان ، بأي مكان ، بظروف صعبة ، غير صعبة ، بالحرب ، بالسلم ، المعرض:
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِيفَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً
والمؤمن .
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
قانون ، فالله سبحانه وتعالى نسأله أن يلهمنا كشف القوانين ، والقضية سهلة .
﴿ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ
الخيانة مصيرها الفضيحة :
يوجد ألف قصة ، مليون قصة ، إنسان رسم خطة مبنية على الخيانة ، الله عز وجل في وقت مناسب يمكن أن يعطيه مجال فترة ، لكن في وقت معين تكشف هذه الخيانة ، يفتضح ، يسقط ، ولو سمعت القصص التي تداولها الناس تجد مصداقاً لهذه الآية ، على أتفه سبب كشفت خيانته .
سمعت في بعض الأقطار العربية عن تاجر يأتي بلحوم مستوردة ، ومنته مفعولها ، يغير اللصاقة عليها ، وقد ربح الملايين ، العمال نسوا أن يبدلوا علبة واحدة كشفت العملية ، صدر قانون في مصر الآن عن الغش التجاري ، وافتضح الإنسان ، وأودع في السجن لأنه يغش المسلمين ، يأتي ببضاعة فاسدة ويغير لصاقتها ، هذه خيانة لا يمكن إلا وأن يفتضح ، فإذا الإنسان فهم على الله ، الخيانة مصيرها الفضيحة ، إذاً عليه ألا يخون .
﴿ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ
إذا فهم أن الفاسق لا يؤمن .
﴿ كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) ﴾
معنى ذلك عندما تقرأ الآية صنفها هذه أمر ، هذه نهي ، هذه حلال ، هذه حرام ، هذه وعد ، هذه وعيد ، هذه بشرى ، هذه نذير ، هذه غيب الماضي ، هذه غيب الحاضر ، هذه غيب المستقبل ، هذه مشاهد يوم القيامة ، هذه موضوعات إخبارية ، هذه موضوعات عقلانية ، هذا قانون مستقل .
﴿ وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (27) ﴾
تثبيت الله المؤمن بالقول الثابت في الحياة الدنيا :
إذا كان هناك قانون إيجابي ينطبق عليك فأنت من أسعد الناس ، هذا القول الثابت ، أحياناً يقول لك : هذه القضية لا يمكن أن تقبل بها الواسطة ، أحياناً يكون هناك قاعدة معينة ، مثلاً العلامات الفلانية طب ، لا يوجد واسطة ، أحياناً يكون أستاذاً بالجامعة ، ليس مسموحاً له في القوانين ، تأخذ القاعدة الحتم والاطراد فأنت إذا رأيت نفسك القانون ينطبق عليك ، رأيت نفسك مستقيماً ، وتخشى الله ، والله وعد المستقيم بالدنيا بحياة طيبة ، هذا القول الثابت ، ألم يقل الله :
﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)﴾
هذا القول الثابت ، أحياناً يكون الشخص معتمداً على مادة بالقانون يقول لك : سوف أخرجه من البيت ، أحياناً يعتمد بالاجتهاد على محكمة النقد تجده شديداً ، من أين جاء بالثقة بنفسه ؟ من الاجتهاد بمحكمة النقد ، إذا القانون لصالحة تجده يمشي بالعرض ، إذا كانت آية قرآنية تنطبق عليك ، أنت دخلك حلال ، فالله وعدك بالتوفيق ، إذا كان تتحرج أن تعصي الله عز وجل ، وهناك مشكلة ثانية إذا كان القانون ينطبق عليك سلبياً هذا شيء كبير جداً ، إذا كان هناك إنسان يخالف أمر الله عز وجل ، والله وعد العاصي بالتدمير ، مثلاً :
﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) ﴾
وماله بعد لم يمحق ، هذا الشيء خطير ، ينطبق على هذا الإنسان القانون السلبي ، والله توعده بمحق ماله ، فأصبح عندنا نقطتان ، أن تكشف القانون ، وتقول : أين أنا من هذا القانون ؟
السعيد من تنطبق عليه قوانين الله إيجاباً :
عندنا نقطتان ، أن تكتشف القوانين من كتاب الله ، ثم أن تضع نفسك بشكل موضوعي، يا ترى أنا ينطبق عليّ هذا القانون أم هذا القانون ؟
﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً
المنافقون ، أنا ينطبق عليّ هذا القانون ؟
﴿ وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ
أما المؤمن :
﴿ وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ
انظر هذه قاعدة ، المؤمن إذا لم يتمكن أن ينفق يتألم ، يبكي ، والمنافق إذا أخذت منه مبلغاً لله ينزعج ، تجده ينزعج انزعاجاً شديداً ، انزعاج الإنسان هو قانون النفاق ، إذا شخص قام إلى الصلاة بنشاط فهذا دليل إيمانه ، قام بتكاسل دليل نفاقه ، إذا كان المؤمن أصابه خير وفرح دليل إيمانه ، أصابه شر وفرح دليل نفاقه .
إذاً الإنسان يقرأ كلام الله قراءة جادة ، يفهم أبعاده ، ويقيّم نفسه ، نقرأ نكتشف القوانين، نقيّم أنفسنا من خلال هذه القوانين ، فإذا كانت القوانين تنطبق عليك إيجابياً فأنت من أهل السعادة ، لذلك :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) ﴾
وهذه من قوانين ربنا عز وجل :
﴿ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى
﴿ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
هذا قانون ، شخص سار على منهج الله ، لا يضل عقله ، ولا تشقى نفسه ، ولا يندم على ما فات ، ولا يخشى مما هو آت ، إذاً المفضل أن نقرأ القرآن مرتين ، مرة قراءة تعبد ، ومرة قراءة تدبر ، قراءة التعبد مسعدة ، لكن قراءة التدبر عميقة جداً ، اقرأ كل يوم خمس صفحات تعبداً ، واقرأ باليوم آيتين فقط تدبراً ، اقرأ الآية مرتين ، ثلاث ، توقف عند كلماتها مثلاً :
﴿ قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء
من هم الخلطاء ؟ الشركاء ، الأزواج ، الأصدقاء ، كل إنسان خالط إنسان هؤلاء هم الخلطاء .
﴿ قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ
معنى هذا أنك إذا أخذت حصة شريكك بأسلوب احتيال فلست مؤمناً ، أما إذا وقفت عند حدودك فأنت مؤمن ، يا ترى على مستوى زواج ، على مستوى جوار ، على مستوى شراكة ، أي خليطين إذا بغى أحدهما على الآخر هذا عدم إيمانه بالآية الكريمة :
﴿ قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ
معنى هذا أن المؤمنين لا يبغي بعضهم على بعض ، هذا قانون ، كثير شيء ممتع أن تكشف قوانين ربنا بالقرآن الكريم ، شيء دقيق جداً أن تكتشف القوانين وتقيّم نفسك ، وإذا كان هناك قوانين تنطبق عليك إيجابياً فأنت من أسعد الناس ، هذا القول الثابت .
﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)﴾
أحياناً يكون هناك مادة لمصلحتك بالقانون تجد نفسك مطمئناً ، يا ترى أيهما أشد طمأنينةً أن تطمئنك مادة ويمكن لا تطبق عليك ، يقول لك : والله ما بقي شاغر ، أو والله لم يوافقوا لا نعرف لماذا ، أما آية قرآنية تطبق عليك ؟
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) ﴾
قانون ، ما ذكرت إلا بعض الذي خطر في بالي ، لمجرد أن تنصر دين الله ينصرك الله ، قاعدة .
رأس الحكمة مخافة الله :
قانون ثان :
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ
قانون الاستخلاف .
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
هذا قانون .
أيها الأخوة الكرام ؛ الإنسان إذا اكتشف شيئاً بذاته يسعد به ، الآن النظرية الحديثة ليست هي التعليم ، بل هي التعلم ، الواحد يقرأ ، إذا قرأ كل يوم صفحة أو صفحتين قراءة تدبر كشف القوانين ، وكتبها على دفتر ، وقرأها مراراً ، وتفاعل معها ، وفهم أبعادها ، عندئذٍ طبقها خائفاً ، والخوف أحد أسبابه الشرك .
﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا
وأحد أسبابه معرفة الله عز وجل ، ورأس الحكمة مخافة الله ، انظر خوفك من أي نوع خوف معرفة أم خوف شرك ، الذي يعرف الله يخافه كثيراً ، لأنه يعرف عدالته ، والذي أشرك به يخافه .
والحمد لله رب العالمين