- الفقه الإسلامي / ٠6العبادات التعاملية
- /
- ٠1القرض
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الترهيب من الدّين :
أيها الأخوة الكرام، مع الدرس الثالث من دروس القرض، والقرض كما نوهت في درس سابق من أوسع النشاطات المالية التي يمارسها الأفراد متعاونين فيما بينهم، لذلك وضع الشرع الحنيف قواعد وضوابط من أجل أن يرد القرض إلى صاحبه، ومن أجل أن تسري هذه العلاقة الطيبة بين الناس.
موضوع اليوم الترهيب من الدين، قد يقول أحدكم: كيف شجع النبي على الإقراض وكيف رهب منه؟ الإنسان أحياناً يستقرض من دون حاجة، فمن أراد أن يستقرض مبلغاً من المال ليتوسع، ليحقق بعض الكماليات، مثل هذا الإنسان أنبه النبي عليه الصلاة والسلام، فقد قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه الإمام أحمد والحاكم:
(( الدين راية الله في الأرض فإذا أراد أن يذل عبداً وضعه في عنقه))
الدين فيه ذل، لأنك مدين إلى إنسان، وهذا الذل يرهق النفس، وكل الشرائع التي شرعها الله عز وجل من أجل أن تضبط الأمور، وأن يكون الإنسان حراً من القيود، وأن يتفرغ إلى طاعة الله وعبادته.
حقوق العباد مبنية على المشاححة وحقوق الله مبنية على المسامحة :
بالمناسبة أي شيءٍ يشوش عليك حياتك، ويحملك ما لا تطيق، ويجعلك في اضطراب نفسي شديد، هذا الشيء يعيق عليك أن تعبد الله عز وجل، يبعدك عن طاعة الله، فلذلك الدَّين كما يقولون همّ في الليل وذل في النهار.
((جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ كَفَّرَ اللَّهُ بِهِ خَطَايَايَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ قُتِلْتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ كَفَّرَ اللَّهُ بِهِ خَطَايَاكَ ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ لَبِثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَفَّرَ اللَّهُ بِهِ خَطَايَايَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ قُتِلْتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ كَفَّرَ اللَّهُ بِهِ خَطَايَاكَ إِلا الدَّيْنَ كَذَلِكَ قَالَ لِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلام ))
إن قتل الإنسان في سبيل الله، إن أعطى كل ما يملك، إن جاد بنفسه، والجود بالنفس أقصى غاية الجود، ومع ذلك يكفر الله له بهذا الاستشهاد كل الخطايا إلا الدين، لأن حقوق العباد مبنية على المشاححة وحقوق الله عز وجل مبنية على المسامحة، هذا الحديث الثاني وهو في صحيح مسلم.
((يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلا الدَّيْنَ ))
شهيد قدم روحه، قدم نفسه ومع ذلك الدين لا يسقط عن الشهيد.
(( عنَ أَبِي مُوسَى الأشْعَرِيَّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ أَعْظَمَ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يَلْقَاهُ بِهَا عَبْدٌ بَعْدَ الْكَبَائِرِ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا أَنْ يَمُوتَ رَجُلٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لا يَدَعُ لَهُ قَضَاءً ))
إنسان يكون عنده محل تجاري ويستقرض، فإذا مات هذا المحل يغطي دينه، عنده ذهب لزوجته، امرأة عندها ذهب استقرضت، ماتت، الذهب الذي عندها يغطي دينها، إنسان استقرض عنده بضاعة، بضاعته تغطي دينه، فالإنسان عندما يستقرض ينبغي بادئ ذي بدء أن يفكر كيف يغطي هذا الدين.
والحقيقة هناك من يقول: الذي يستقرض ولا يهيئ ما يغطي هذا الدين يموت عاصياً، وقد وقع في الكبائر.
(( عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ مَاتَ وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ ثَلاثٍ الْكِبْرِ وَالْغُلُولِ وَالدَّيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ ))
المال قوام الحياة :
أيها الأخوة، لأن المال كما يقولون شقيق الروح، والمال قوام الحياة، والإنسان إذا استقرض و رد القرض كما استقرضه شجع العمل الصالح، دائماً وأبداً اعتقد مايلي: إما إن تكون محبباً لشرع الله، أو مبغضاً له، فإذا استقرضت وأديت هذا الدين أشعت هذا العمل الطيب، إن استقرضت ولم تؤدِ الدين، أكثر الناس يحرمون على أنفسهم قضاء حوائج بعضهم بعضاً، يقول: أنا حلفت يميناً ألا أدين، لأن أهل الدنيا حينما يستقرض يكون في ألطف حالاته فإذا طولب صار في أغلظ حالاته، يتكبر، ويسب، وقد يعنف، وقد يختفي، وقد لا يرد على الهاتف، وقد يطرق بابه ويقول: قولوا له لست هنا، فهذا ليس من أخلاق المؤمن.
يروى أن لقمان الحكيم قال: حملت الحديد والجندل- والجندل هو الصخر - فلم أحمل شيئاً أثقل من الدين.
تحذير النبي من الدَّين :
طبعاً مرةً ثانية: هذا الترهيب لمن يستقرض قرضاً لا لحاجة أساسية، لا لعملية جراحية، لا ليأكل ويشرب، بل يستقرض ليوسع معيشته، ليشتري بعض الكماليات ليظهر أمام الناس بمظهر الغنى، هنا جاء تحذير الدين.
((لا تُخِيفُوا أَنْفُسَكُمْ بَعْدَ أَمْنِهَا، قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الدَّيْنُ ))
الإنسان أحياناً قد لا ينتبه يوجد شيء في حياته أساسي وهو الأمن، قال تعالى:
﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾
الإنسان إذا ما كذب حر، رافع الرأس، إذا ما عليه دين طليق الحركة، والإنسان إذا تحمل شظف العيش وتخفف من الدين أفضل من أن يثقل كاهله بالدين، أنا أقول هذا الكلام أنطلق من واقع من أجل حفلة زفاف تنوء الأسرة تحت ثقل الدين خمس سنوات، من أجل حفلة لساعات معدودات، والشيء الذي تعرفونه أن إرضاء الناس شيء محال، رجل وضع في كل علبة ملبس ليرة ذهبية، الأغنياء احتقروه نحن فقراء ليضع لنا قطعة نقدية؟ والفقراء قالوا: يجعلهم اثنتان، لا يوجد أحد يرضي الناس، فالذي يبذخ ويترف من أجل انتزاع إعجاب الناس، ويتحمل ضغط الدين لسنوات معدودة، ليس هذا من الحكمة في شيء.
مقياس الحياة الأسرية :
شيء آخر لو أراد الإنسان أن يوسع على عياله، قال عليه الصلاة والسلام:
((ليس منا من وسع الله عليه ثم قتر على عياله))
أما إذا إنسان لم يوسع الله عليه فليس مضطراً أن يوسع على عياله، أي أجمل مقياس في الحياة الأسرية أطعمهم مما تأكل، وألبسهم مما تلبس، الله ما كلفك أن تطعمهم أطيب الطعام وأن تستقرض، وأن تكون ذليلاً، وأن تكون مرهقاً، وأن تكون تحت كابوس الدائن، لا الله ما كلفك، أطعمهم مما تأكل، وأنت في أعلى درجات الورع، وأنت في أعلى درجات الوفاء الزوجي أن تطعمها مما تأكل، طبعاً من الخيانة الزوجية أن تأكل ما لذّ وطاب في المطاعم، ومع أصدقائك، وفي السهرات، وأن تدع لهم طعاماً خشناً، هذا لا يجوز، أما لو كان دخلك محدوداً فلا تسمح لنفسك أن تستقرض من أجل أن توسع على عيالك، وكانت الصحابية الجليلة تقول لزوجها: نحن بك إن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا، تقول هذه الصحابية: نصبر على الجوع ولا نصبر على الحرام، اتق الله بنا، المرأة المؤمنة صابرة والمرأة المؤمنة تعين زوجها في ساعات الضيق، والحديث الشريف:
(( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَتْ عِيرٌ الْمَدِينَةَ فَاشْتَرَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا فَرَبِحَ أَوَاقِيَّ فَقَسَمَهَا فِي أَرَامِلِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَقَالَ لا أَشْتَرِي شَيْئًا لَيْسَ عِنْدِي ثَمَنُهُ))
الدَّين مجمع كل بؤس :
إنسان ملك ثمن شيء يشتريه، أي أن تحتاج، أن يقل مستوى معيشتك بافتقادك إلى هذه الآلة أهون ألف مرة من أن تشتري هذه الآلة ديناً، صار عندك عبء خارجي، ودائماً الحياة فيها مفاجآت، الآن يعاني الذي يعمل في التجارة كساداً في البيع، يوجد عنده التزامات، موقّع سندات، اشترى بضاعة بالملايين، يتمزق الإنسان، ليس هذا من الحكمة في شيء، أكثر الناس يكون معه مليون يعمل بعشرة ملايين، فلو بارت الأسواق صار هناك إفلاسات، هروب، مواقف صعبة جداً، وكان يقال: الأذلاء ثلاثة النمام والكذاب والمديان - كثير الدين لسبب أو لغير سبب- أنا أعرف أناساً كثيرين همه أن يستدين، لحاجة ولغير حاجة، لشيء أساسي، لشيء ثانوي، ليقيم حفلة، ليشتري ثياباً فخمة، ليصلح بيته، ليوسع غرفته، وإذا ضاقت عليه الأمور تحمل ضغطاً لا يحتمل، وقيل أيضاً: الدَّين رق فلينظر أحدكم أين يضع رقه.
ويوجد دائنون قساة يطالبونه مطالبة عنيفةً قاسية، مع أن الذي يطالب ينبغي أن يكون رفيقاً، و رقيقاً، ورحيماً، قال حكيم: الدين مجمع كل بؤس، همّ بالليل وذل بالنهار، وهو ساجور الله تعالى في أرضه، الساجور هو القيد الذي يوضع في رقبة الدواب، فإذا أراد الله أن يذل عبداً جعله طوقاً في عنقه.
(( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا شَهِدَ جَنَازَةً سَأَلَ هَلْ عَلَى صَاحِبِكُمْ دَيْنٌ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ قَالَ هَلْ لَهُ وَفَاءٌ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ صَلَّى عَلَيْهِ وَإِنْ قَالُوا لا قَالَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ قَالَ أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ وَمَنْ تَرَكَ مَالا فَلِوَرَثَتِهِ ))
في حديث آخر، صحابي جليل توفي فأراد النبي أن يصلي عليه فقال النبي: أعليه دين؟ قالوا: نعم درهمان، فقال: صلوا على صاحبكم:
(( أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَنَازَةٍ فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ صَلِّ عَلَيْهَا، قَالَ: هَلْ تَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: هَلْ تَرَكَ مِنْ شَيْءٍ، قَالُوا: لا، قَالَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ، قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو قَتَادَةَ: صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَيَّ دَيْنُهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ ))
وتتمة هذا الحديث في اليوم التالي سأل النبي عليه الصلاة والسلام ابن مسعود أدفعت الدين؟ قال: لا، سأله في اليوم التالي: أدفعت الدين؟ قال: لا، تعهد ضمنه ولم يؤده، في اليوم الثالث قال: أدفعت الدين؟ قال: نعم، فقال عليه الصلاة والسلام: الآن ابترد جلده، دققوا أي جلد المتوفى لم يبترد بضمان الدين، لكنه ابترد بأداء الدين، فرق بين الأداء والضمان، الذي ضمن صلى عليه النبي، لكنه حين أدى الدين ابترد جلده، والله أيها الأخوة من باب النصيحة الإنسان يراجع كل حساباته، يراجع ما عليه من ديون، ما عليه من حقوق، ينوي أداءها في لحظته، يوجد بحث سنصل إليه الآن حينما يعلم الله منك نية الأداء يؤدي عنك.
تعلق نفس المؤمن بدينه :
وفي موضوع آخر متعلق بهذا الموضوع الخطير، نفس المؤمن متعلقة بدينه:
(( نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ ))
أنا جاءني رجل وهذه القصة من عشرين عاماً تقريباً، كان أخوه وقد توفاه الله ناظر وصية، وعليه ثمانية آلاف ليرة لم يؤدها، أنفقها ولم يؤدها وأدركه الموت، هذا الأخ من أخواننا الكرام، أخوه تاجر كان ناظر وصية وفي رقبته ثمانية آلاف ليرة، رآه يحترق يقول له: أخي الثمانية آلاف أدها عني، وفعلاً في اليوم التالي أداها عنه، شيء مخيف أنا لا أحب أن يكون المنام أساس التدريس ولا أساس الدين، المنام إعلام شخصي من الله عز وجل.
المنام شيء عظيم لكن لصاحبه فقط، لكن مرةً أعرف رجلاً يروي هذه القصة له عمة، أو خالة يحبها حباً جماً توفاها الله عز وجل من حين إلى آخر يراها في المنام، وهي تشتعل، رآها خلال ثماني سنوات كل شهرين أو ثلاثة في منام مخيف، وهو قلق أشد القلق على عمته أو خالته، ثم رآها بعد ثماني سنوات بأبهى حلة، وجهها منير، متألق ترتدي ثياباً بيضاء وهي مشرقة، سألها كيف حالتك؟ قالت: الحمد لله، قال: ما الذي حل بك من قبل؟ قالت: بالتعبير العامي الحليبات- الحليب- ثم علم أن لهذه المرأة أولاداً من زوجها و أولاداً من زوجته السابقة، فكانت تسقي أولادها حليباً صرفاً وأولاد زوجها حليباً ممزوجاً بالماء حسب هذه الرؤيا ثماني سنوات تحترق بهذا الذنب العظيم، أحياناً كما قال عليه الصلاة والسلام:
(( إِنَّ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ ))
إعلام من الله عز وجل:
(( عَنْ سَمُرَةَ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي فُلانٍ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ ثُمَّ قَالَ: هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي فُلانٍ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ ثُمَّ قَالَ: هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي فُلانٍ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُجِيبَنِي فِي الْمَرَّتَيْنِ الأولَيَيْنِ أَمَا إِنِّي لَمْ أُنَوِّهْ بِكُمْ إِلا خَيْرًا إِنَّ صَاحِبَكُمْ مَأْسُورٌ بِدَيْنِهِ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ أَدَّى عَنْهُ حَتَّى مَا بَقِيَ أَحَدٌ يَطْلُبُهُ بِشَيْءٍ ))
(( عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْفَجْرَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: هَاهُنَا مِنْ بَنِي فُلانٍ أَحَدٌ مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ: رَجُلٌ هُوَ ذَا فَكَأَنِّي أَسْمَعُ صَوْتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ صَاحِبَكُمْ قَدْ حُبِسَ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ بِدَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ ))
الله عز وجل أطلع النبي أن أحد هؤلاء من بني جندب على باب الجنة حبس على دين، معنى هذا أن نفس المؤمن معلقة بدينه.
(( عن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ حَيْثُ تُوضَعُ الْجَنَائِزُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَيْنَا فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصَرَهُ قِبَلَ السَّمَاءِ فَنَظَرَ ثُمَّ طَأْطَأَ بَصَرَهُ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا نَزَلَ مِنَ التَّشْدِيدِ، قَالَ: فَسَكَتْنَا يَوْمَنَا وَلَيْلَتَنَا فَلَمْ نَرَهَا خَيْرًا حَتَّى أَصْبَحْنَا قَالَ مُحَمَّدٌ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا التَّشْدِيدُ الَّذِي نَزَلَ، قَالَ: فِي الدَّيْنِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ رَجُلاً قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ عَاشَ ثُمَّ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ عَاشَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مَا دَخَلَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَقْضِيَ دَيْنَهُ ))
من تدخل لمنع إحقاق الحق فقد أفسد على الله شريعته :
أنا أضعكم أمام نصوص صحيحة عن الذي لا ينطق عن الهوى، عن رسول الله المشرع، قال عليه الصلاة والسلام:
((عَنْ يَحْيَى بْنِ رَاشِدٍ قَالَ: خَرَجْنَا حُجَّاجًا عَشَرَةً مِنْ أَهْلِ الشَّأَمِ حَتَّى أَتَيْنَا مَكَّةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ فَأَتَيْنَاهُ فَخَرَجَ إِلَيْنَا يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ فِي أَمْرِهِ وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَيْسَ بِالدِّينَارِ وَلا بِالدِّرْهَمِ وَلَكِنَّهَا الْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ ))
ردغة الخبال مكان في النار، أن تقول في مؤمن ما ليس فيه، أن تفتري على المؤمن، أن تنسب إلى مؤمن قولاً ما قاله، أن تذكر للناس عيباً في المؤمن لا يتصف فيه، أن تنسب إلى مؤمن عملاً سيئاً ما فعله، أن تنسب إلى مؤمن عقيدةً زائغةً ما اعتقدها.
((... مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ فِي أَمْرِهِ ... ))
أي الله عز وجل شرع تشريعاً فأنت حاولت أن تعطل هذا التشريع، تعطيل هذا التشريع أنت أفسدت على الله شرعه وحكمته، مثلاً إنسان غش الناس في بضاعتهم أو في غذائهم، استخدم مادة فاسدة تسبب أمراض للناس، وطبعاً أولي الأمر من أولى واجباتهم ضبط هذا الغش، وتحرير ضبط وإيداع صاحبه بالسجن، يأتي إنسان يتدخل ويشفع ويدفع مالاً ويتكلم مع القاضي، يعمل وليمة، وترتيباً يخلصه، إذا كان مظلوماً لا يوجد مانع، وإذا كان ظالماً؟ بضاعة فيها مواد مسرطنة، لحوم فاسدة أحياناً، تسبب أمراضاً للناس وبيلة يتدخل، نحن إذا تدخلنا لمنع إحقاق الحق أو لمنع إقامة الحدود فقد أفسدنا على الله شريعته، أنا أرى إذا كان هناك موضوع يمس قوت المسلمين، مصالح المسلمين، يمس مستوى معيشة المسلمين، وإنسان ليس عنده رادع من دين، ولا من خلق، ولا خوف من الله، إذا اقترف شيئاً سبب للمسلمين ضرراً كبيراً لا ينبغي أن تدّعي الرحمة والشفقة والله سبحانه وتعالى يقول:
﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
عند الله حساب بالحسنات والسيئات :
ضبطوا أناساً يأخذون الدواب الميتة من الطرقات، يجعلونها طعاماً، ضبطوا أناساً يضعون أصبغة البلاط في سكاكر الأطفال، أصبغة رخيصة جداً ملونة، ضبطوا أناساً يبيعون لحم القطط، أي إنسان بهذا المستوى هل من الممكن أن تتدخل و تحميه من العقاب؟ هذه نقطة مهمة:
((... مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ فِي أَمْرِهِ ... ))
الآن تسمعون أن هذا البقر المجنون إذا أكل لحمه، أو شرب حليبه يؤدي إلى الوفاة، البارحة مات في اليونان رجل، طبعاً هذا موضوع آخر، كل إنسان غيّر خلق الله يدفع الثمن، لو أن إنساناً يوجد عنده بضاعة تؤذي المسلمين لا ينبغي أن يبيعها، وأن يخفي عيبها، هذا الشيء مدمر.
((... وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَيْسَ بِالدِّينَارِ وَلا بِالدِّرْهَمِ وَلَكِنَّهَا الْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ ... ))
عند الله عز وجل هناك حساب بالحسنات والسيئات، أنت اغتبت إنساناً، الذي اغتيب له عند المغتاب دين، وسوف يأخذه من حسناته فإن فنيت طرح عليه من سيئاته، عند الله يوجد حسابات غير الدرهم والدينار.
((... وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ ... ))
امرأة على ابن أختها دين - مبلغ ضخم- والدائن شرس قال لها: أعطيني عقداً لبيتك صورياً وأوقف عنكم المطالبة، وهي امرأة بسيطة بيتها ثمنه يقدر بعشرين مليوناً، قدمت له عقداً صورياً، هذا العقد قدم للمحكمة على أنه عقد بيع قطعي، والآن يطالبها بالتسليم، الآن ترى مجرى القضية يلفت النظر، كأن القاضي مع هذا المغتصب، كأن المحامي مع هذا المغتصب.
((... وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ ... ))
شيء مخيف أن تكون أنت طرفاً في قضية فيها ظلم، تدافع عن باطل، تدخل في قضية باطلة وهذا الكلام يحتاجه أخواننا المحامون، أي إذا كانت أتعاب الدعوى أتعابها مليوناً اركلهم بقدمك إن كانوا باطلاً، لو كان المحامون لا يتسلمون قضايا غير عادلة لكنا في حال غير هذا الحال:
((.... وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ ))
على الإنسان أن يسجل كل شيء عليه :
و:
((عن علي رضي الله عنه قال: كان عليه الصلاة والسلام إذا أوتي بالجنازة لم يسأل عن شيء من عمل الرجل، يسأل عن دينه، فإن قيل عليه دين كف عن الصلاة، وإن قيل ليس عليه دين صلى عليه، فأوتي بجنازة فلما قام ليكبر سأل النبي الكريم أصحابه قال: على صاحبكم دين؟ قالوا: نعم ديناران، فعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: صلوا على صاحبكم، فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: هما علي يا رسول الله، فتقدم وصلى عليه، ثم قال لعلي: جزاك الله خيراً، فك الله رهنك كما فككت رهان أخيك، إنه ليس من ميت يموت وعليه دين إلا وهو مرتهن بدينه، ومن فك رهان ميت فك الله رهانه يوم القيامة، فقال بعضهم: هذا لعلي خاصةً أم للمسلمين عامة؟ فقال الرسول: بل للمسلمين عامة ))
إذا مسلم فك رهان أخيه فهذا عمل عظيم، له قريب توفي وعليه دين فقال: علي دينه هذا عمل عظيم، هل تصدقون أن النبي عليه الصلاة والسلام قبيل وفاته صعد المنبر وقال: "أيها الناس من كنت أخذت له مالاً فليسألني إياه، ومن كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليقتد منه، ومن كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضي فليقتد منه، ومن كنت أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه ولا يخشى الشحناء فإنها ليست من شأني ولا طبيعتي" وهو سيد الخلق وحبيب الحق.
الإنسان قبل أن يحج، أن يبدأ بعمل، قبل أن يتزوج يعمل حسابات من حين إلى آخر، يسجل والتسجيل سُنة، رجل عليه دين ولم يسجل، هذا الدائن وقع بحرج استحى أن يطالبك، إن طالبك تنزعج، وإن لم يطالبك أكلت مالاً حراماً، وإن سكت مغبون، والمغبون لا أجر له، هذه الحالة تحير، هذا ورع، ما معنى قوله تعالى:
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾
أي أموره مسيبة بلا ضوابط، رجل يلزمه دفتر في جيبه دائماً، استقرض مبلغ يسجله فوراً، الحياة فيها متاعب كثيرة يأتي يوم عليك وتنسى، تنسى أن عليك ديناً نهائياً.
(( عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: صاحب الدين مغلول في قبره حتى يقضى دينه ))
(( عَنْ سَعْدِ بْنِ الأطْوَلِ قَالَ: مَاتَ أَخِي وَتَرَكَ ثَلاثَ مِائَةِ دِينَارٍ وَتَرَكَ وَلَدًا صِغَارًا فَأَرَدْتُ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَخَاكَ مَحْبُوسٌ بِدَيْنِهِ فَاذْهَبْ فَاقْضِ عَنْهُ، قَالَ: فَذَهَبْتُ فَقَضَيْتُ عَنْهُ ثُمَّ جِئْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ قَضَيْتُ عَنْهُ وَلَمْ يَبْقَ إِلا امْرَأَةً تَدَّعِي دِينَارَيْنِ وَلَيْسَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ، قَالَ: أَعْطِهَا فَإِنَّهَا صَادِقَةٌ ))
علاقة الدين بالزكاة :
أيها الأخوة الكرام، لهذا الموضوع تتمة رائعة جداً سوف نتابعها في درس قادم، ويوجد علاقة الدين بالزكاة هذا نبحثه في درس قادم.
تقول: أدينه بشرط أن يدفع زكاة ذلك المال الذي أخذه، هذا غير جائز، هذا المال مالك، وزكاة مالك عليك، وأنت إذا أقرضته أقرضته لله، وهو من أجلّ الأعمال الصالحة، أما إذا ألزمت المستقرض أن يدفع زكاة هذا المال فهذا لا يجوز، زكاة المال على صاحب المال، والله عز وجل يعطيك أضعافاً مضاعفة، أما أن تشترط على الذي استقرض هذا المبلغ أن يدفع زكاته فكأنما جررت نفعاً، وكل قرض جرّ نفعاً فهو ربا.
الشرط عند الإقراض :
يوجد موضوع أن إنساناً استقرض مبلغاً لأربع سنوات والعملة اختلفت أسعارها، الحقيقة حتى الآن إذا لم يكن هناك شرط فالمال يؤدى كما أخذ بالعملة نفسها، أما عند الأحناف إذا اشترط المقرض أن يكون تقييم القرض بالذهب، وأن يرد ذهباً فلا يوجد مانع، لأن المئة ألف يساوون مثلاً عشرين ليرة ذهبية
أنا أريد بعد سنة أو سنتين أن ترد لي عشرين ليرة ذهبية، لا يوجد مانع، ولابد من الشرط عند الإقراض، أما بلا شرط المئة ألف مئة ألف، وأن هذا الذي استقرض هذا المبلغ إذا نظر إلى فرق العملة و رده فهذا من إحسانه، وإذا لا يوجد شرط المئة ألف مئة ألف، يوجد حالات الآن قرض من ثلاثين سنة خمسة آلاف ثمن بيت، الآن ثمن خمس بلوكات، هذه نقطة مهمة جداً إذا القرض طال صار مشكلة كبيرة، والحقيقة مع تفاوت العملات الآن يوجد قروض في أساسها بضعة آلاف لو حسبتها على سعر الذهب أو العملات الصعبة لأصبحت نصف مليون، وهي أساسها خمسة آلاف ليرة، وإذا المقترض دفع أكثر فهذا إحسان منه، وإذا كان هناك شرط ممكن المئة ألف تساوي عشرين ليرة ذهبية أنا أقول له: رد لي المبلغ عشرين ليرة ذهبية، لا يوجد مانع، نكون يسرنا على الناس رواج القروض، وإذا هبط سعر الذهب، يقول: أنا أريد مئة ألف، نقول له: لا، تأخذ العشرين ليرة ذهبية، يوجد حالات السعر يهبط نلتزم بالشرط.
يمكن أن تشترط بالعملة التي تريدها، وأن تستردها بهذه العملة أو بالذهب لا يوجد مانع، ولكن لابد من الشرط، مرّ عليّ نمط غريب يريد أن يقرض مليون ليرة، ذكر له اسم اثنتي عشرة عملة صعبة، الجنيه الإسترليني، المارك، الدولار، الين، ترى أسعارهم اليوم وتجمعهم وتأخذ المتوسط وبعد سنوات تأخذ أسعار العملات كلها وتأخذ المتوسط وتؤدي لي الدين بهذه السعر، إذا عملة من العملات ارتفعت كسب، نحن نقول لمثل هذا: اجلس في بيتك ولا تقرض أحداً.
عدم تأدية الديون إلا ببينة أو شهود :
إنسان جاءه رجل قال له: لي دين مع والدك مئة ألف بلا بينة، لا تعطه شيئاً إلا إذا اقتنعت، وأحضر شهوداً وأشياء دقيقة، وإلا فلا، لماذا لم تطالبه وهو حي؟ لم يكن لدي وقت، هذا كلام غير مقبول، لا تؤدى الديون إلا ببينة أو شهود، أما بلا دليل فلا تؤدى إطلاقاً، إذا فعلنا ذلك صار لكل إنسان أن يدعي على الميت ما شاء من الديون.