- الفقه الإسلامي / ٠6العبادات التعاملية
- /
- ٠1القرض
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
ورود القرض الحسن في القرآن الكريم :
أيها الأخوة الكرام: مع الدرس الخامس من دروس القرض الحسن، القرض الحسن ورد في القرآن الكريم في خمس آيات، الآية الأولى في سورة البقرة:
﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾
وفي سورة المائدة:
﴿ وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾
وفي سورة الحديد:
﴿ إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ ﴾
وفي سورة التغابن:
﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ ﴾
وفي سورة المزمل:
﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ﴾
في خمس آيات في كتاب الله ربنا سبحانه وتعالى يأمر المؤمنين تارةً ويصفهم تارةً أخرى بأنهم يقرضون قرضاً حسناً.
أنواع التجارة :
الحقيقة أيها الأخوة التجارة نوعان: تجارة مع الناس وتجارة مع الله، التجارة مع الناس رابحة أو خاسرة، وإذا ربحتَ ربحت ربحاً معقولاً، عشرون بالمئة، ثلاثون بالمئة، أما إذا ربحت مئة بالمئة فتعد تاجراً فذاً، أما إذا ربحت مئتين بالمئة فشيء غير معقول، إلا أنك إذا تاجرت مع الله الربح ليس له حدود، التجارة نوعان تجارة مع العباد، وتجارة مع رب العباد، مع العباد تربح أو تخسر، وإذا ربحت فتربح بحدود معقولة، لكن التجارة مع الله عز وجل لا حدود لها، وكلها بالقرض الحسن، قال بعضهم: "القرض الحسن لا وفاء له إلا من خزائن رحمة الله".
كيفية تعامل أصحاب النبي مع القرآن الكريم :
لما نزل قوله تعالى:
﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾
قال أبو الدحداح: الآن دققوا كيف يتعامل أصحاب النبي مع القرآن الكريم.
قال زيد بن أسلم: لما نزل قوله تعالى
﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ﴾
قال أبو الدحداح: فداك أبي وأمي يا رسول الله إن الله يستقرضنا وهو غني عنا؟ قال: نعم، يريد أن يدخلكم به الجنة، الله سبحانه وتعالى جعل القرض الحسن ثمن الجنة، القرض الحسن بمفهومه الواسع، أي عمل صالح هو قرض حسن، ليس القرض الحسن هو إعطاء المال، أي عمل صالح مع أي مخلوق من مخلوقات الله عز وجل هو قرض حسن، هذا الصحابي ما استوعب خالق الكون يستقرضنا!!
فداك أبي وأمي يا رسول الله إن الله يستقرضنا وهو غني عنا؟ قال: نعم إنما يريد أن يدخلكم به الجنة، قال: فإني إن أقرضت ربي قرضاً حسناً يضمن لي ولصبيتي الجنة؟ فقال عليه الصلاة والسلام: نعم، فقال أبو الدحداح: يا رسول الله ناولني يدك، فناوله النبي الكريم يده، فقال: إن لي حديقتين إحداهما بالسافلة والأخرى بالعالية، والله لا أملك غيرهما قد جعلتهما قرضاً لله تعالى- هبة- فقال عليه الصلاة والسلام: اجعل أحدهما لله تعالى والأخرى دعها معيشةً لك ولعيالك، النبي اقترح عليه أن يجعل أحدها لله تعالى والثانية معيشةً له ولعياله، فقال أبو الدحداح: أشهدك يا رسول الله أني جعلت خيرهما لله تعالى، الأجمل الأكبر، وهو حائط فيه ستمئة نخلة. قال عليه الصلاة والسلام: إذاً يجزيك الله به الجنة.
القرض الحسن تجارة مع الله :
الآن وازنوا بين رجل معاصر أراد أن يعمل صالحاً وذهب إلى امرأته ليخبرها بهذا العمل الصالح، ماذا تقول له امرأته؟ وبين صحابية جليلة جاء زوجها ليخرجها من البستان.
قال: فانطلق أبو الدحداح حتى جاء أم الدحداح وهي مع صبيانها بالحديقة تدور تحت النخل، فناداها يا أم الدحداح: قالت لبيك، قال: اخرجي فقد أقرضت ربي حائطاً - والله لو أنها امرأة معاصرة لصرخت بالويل-، قالت أم الدحداح: ربح بيعك بارك الله لك فيما اشتريت، ثم أقبلت على أبنائها تخرج ما في أفواههم وتنفض ما بأكمامهم حتى أفضت إلى الحائط الآخر.. ، هكذا كان أصحاب النبي، نزلت آية:
﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾
أيها الأخوة، هذه تجارة مع الله القرض الحسن تجارة مع الله، مطلق العمل الصالح، قد تبذل من مالك، من وقتك، من جهدك، من خبرتك، من علمك، من جاهك، قد تعين مريضاً، قد تعين أرملةً، حيواناً مجروحاً، قد تعين مخلوقاً كائناً من كان، كله قرض حسن.
القرض الحسن أفضل من الصدقة :
الحقيقة ما سرّ أن القرض الحسن أفضل من الصدقة؟
السر أنه ما كل إنسان يقبل الصدقة، أما كل إنسان إذا كان محتاجاً إلى المال يقبل القرض الحسن، وتبقى نفسه عزيزة رافع الرأس، دائرة الصدقة تضيق، لكن دائرة القرض الحسن تتسع، كل إنسان يكون له عمل، له بيت يضطر إلى قرض حسن، فإذا شاع القرض الحسن بين الأخوة المؤمنين حلت مشكلاتهم، القرض الحسن أوسع من الصدقة، شيء آخر بالحديث القدسي المعروف:
((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي قَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي قَالَ يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي قَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي ))
هذا الحديث أصل وهو صحيح وقد ورد في الكتب التسع.
حقيقة الدَّين :
أخواننا الكرام هذا الحديث من أصول الدين:
(( والله لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر، واعتكافه في مسجده هذا ))
الاعتكاف أن تدع عملك ليلاً نهاراً في المسجد، صيام وصلاة والشهر ثلاثون يوماً، يقول النبي:
(( والله لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر، واعتكافه في مسجده هذا ))
أيها الأخوة: السلف الصالح كانوا يفقهون حقيقة الدين، سيدنا ابن عباس كما قلت لكم رأى رجلاً ركبه الهم، قال: مالك؟ قال: عليّ ديون لا أطيق سدادها، قال: لمن؟ قال: لفلان، قال: أتحب أن أكلمه لك؟ قال: إذا شئت، فخرج من معتكفه، فقال له رجل فضولي: أنسيت أنك معتكف؟ قال: لا، لكنني سمعت صاحب هذا القبر والعهد به قريب لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر واعتكافه في مسجدي هذا.
تعلق القرض الحسن بكل عمل صالح :
مرة ثانية أخواننا الكرام القرض الحسن لا يتعلق بالمال وحده يتعلق بكل عمل صالح، ابن سيدنا عمر رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية:
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾
قال عليه الصلاة والسلام: "ربي زد أمتي في كل سنبلة مئة حبة أي سبع سنابل، فنزل قوله تعالى:
﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾
هاتان الآيتان متكاملتان، سيدنا عثمان - والقصة معروفة- أتته بضاعة من الشام دفعوا له ضعف ثمنها، بالمئة مئة وصلوا معه إلى خمسة أضعاف، قال: دُفع أكثر، قالوا: من دفع لك أكثر من هذا؟ قال: إنها لله عز وجل، وعدني الحسنى بعشرة أمثالها.
سيدنا عمر رضي الله عنه كتب إلى ابنه عبد الله يوصيه قال: "أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله عز وجل فإنه من اتقاه وقاه، ومن أقرضه جزاه، ومن شكره زاده، واجعل التقوى نصب عينيك وزاد قلبك".
أيها الأخوة، القرض الحسن من أجلّ الأعمال الصالحة عند الله، الحقيقة القرض الحسن يؤكد صدق الإيمان.
أدعية عن رسول الله نصح بها الغرماء :
يوجد موضوع آخر في الدين، ولعل هذا من آخر دروس الدين، الإنسان أحياناً يكون عليه دين لا يطيق وفاءه، يوجد طائفة كبيرة جداً من الأدعية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلها نصح بها النبي الغرماء.
(( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ فَقَالَ: يَا أَبَا أُمَامَةَ مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلاةِ.. ))
كلكم يعلم المؤمن عملي، يوجد نص ورد عن سيدنا عمر رأى رجلاً يقرأ القرآن في وقت العمل، قال له: إنما أنزل هذا القرآن ليعمل به أفتخذت قراءته عملاً؟
(( ... مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلاةِ.. ))
يوجد وقت للصلاة، و وقت للتهجد.
((... قَالَ هُمُومٌ لَزِمَتْنِي وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَفَلا أُعَلِّمُكَ كَلامًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ، قَالَ: قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ، قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّي وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي ))
هذا الدعاء من أصح الأدعية.
(( عَنْ سُهَيْلٍ قَالَ: كَانَ أَبُو صَالِحٍ يَأْمُرُنَا إِذَا أَرَادَ أَحَدُنَا أَنْ يَنَامَ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الأيْمَنِ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الأرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الأوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ... ))
أنا أدعو أحياناً على المنبر: " الله صن وجوهنا باليسار ولا تبذلها بالإقتار، فنسأل شر خلقك، ونبتلى بحمد من أعطى وبذم من منع، وأنت من فوقهم ولي العطاء، وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء".
أحياناً الإنسان يكون على درجة عالية من الإيمان، على درجة عالية من الاستقامة، على درجة عالية من العمل الصالح، أنا أدعو وأقول:" اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم أقرر أعيننا من رضوانك"، يقول لك: عندي أرض تضاعفت مئة ضعف ويكشر، عندي وكالة، بيت، فيلا، كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم أقرر أعيننا من رضوانك.
(( عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: أَتَى عَلِيًّا رَضِي اللَّهُ عَنْهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي عَجَزْتُ عَنْ مُكَاتَبَتِي فَأَعِنِّي...))
أي عن وفاء ما عليّ لسيدي حتى يعتقني.
((... فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ دَنَانِيرَ لأدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ، قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: قُلِ اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلالِكَ عَنْ حَرَامِكَ وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ))
هذا دعاء مأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوجد دعاء آخر: "اللهم فارج الهم وكاشف الغم، مجيب دعوة المضطرين، رحماء الدنيا والآخرة أسألك أن ترحمني برحمةً من عندك تغنني بها عن رحمة من سواك".
الدعاء بإخلاص دعاء مستجاب :
والله قبل أيام التقيت برجل صالح وهو يعمل بالتجارة، أقرض رجلاً مبلغاً كبيراً، وهذا الإنسان ليس جيداً وهو محتال، وقد أخذ من أناس كثيرين أموالاً طائلة، ويبدو أن هذا المال هلك، قال لي: والله صليت قيام الليل ودعوت في وقت السحر وقلت: يا رب هذا المال تعلم أنه حلال فرده لي، على ثلاثة أيام، يقسم بالله العظيم أن الله تعالى ألهم هذا المحتال أن يعطيه الدين، أعطاه إياه على دفعات ثلاثة ولم يعطِ أحداً غيره، أنا أقول لكم قيام الليل.
((إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الأوَّلُ نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ هَلْ مِنْ تَائِبٍ هَلْ مِنْ سَائِلٍ هَلْ مِنْ دَاعٍ حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ))
إذا ضاقت الحيل ليس لك إلا الله، ليس لك إلا أن تقوم الليل وتنفذ دعوة الله عز وجل، هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ قال لي: والله بعد أن يئست أن أسترد من مالي درهماً واحداً وعلمت أنه نصاب محتال وقد أخذ أموالاً طائلة من أناس كثيرين وامتنع عن الدفع، ما وجدت من حيلة إلا أن أدعو الله عز وجل، ثلاث ليالي وأنا أدعو الله عز وجل ليرد لي المال، فما كان من هذا المحتال بشكل أو بآخر وبسبب لا يعلمه أن ردّ له الدين على ثلاث دفعات، ولم يعطِ أحداً سواه.
آلاف الشواهد أيها الأخوة، الله عز وجل يحب أن يريك آياته، وهذه من آياته، تدعوه ولا يستجيب لك؟ والدعاء في الدين، إذا رجل قال بإخلاص يا رب اقض عني الدين، يوجد إنسان ما عليه دين، ما أكثر الديون في هذا الزمان، ديون لا أطيق لها سداداً، والله عز وجل موجود، قلت لكم في الدرس الماضي: أحد أخواننا الكرام أصابه مصيبة في ماله، فذهب معظم رأس ماله، وعليه دين مليون وأكثر ولا يجد قوت يومه، أيضاً لا يوجد إلا الدعاء، الله عز وجل يسر له، بأقل من سنة قضى دينه، بظرف استثنائي وقلّما يقع، والقصة لها تفاصيل كثيرة، من أقل من عام مكنه الله أن يرد دينه، إذا كان لك دين اطلب من الله أن يرد لك إياه، وإذا عليك دين اطلب من الله أن يعينك على وفائه، والحديث الأساسي في هذا الموضوع:
((منْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ ))
المتوفى لا يبرأ من دَينه إلا بالأداء :
ذكرت لكم أن العام الماضي كنت في العمرة، بين المغرب والعشاء يوجد درس في الحرم النبوي قلت: أستمع إلى الدرس وسماع الدرس واجب، هذا المدرس ذكر حديثاً ذكرته لكم عدة مرات، أحد أصحاب النبي توفي فجاء النبي ليصلي عليه قال: أعليه دين؟
(( عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُصَلِّي عَلَى رَجُلٍ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَأُتِيَ بِمَيِّتٍ فَقَالَ: أَعَلَيْهِ دَيْنٌ قَالُوا نَعَمْ دِينَارَانِ قَالَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ الأنْصَارِيُّ هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ فَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ ))
هذه القصة لها تتمتها، أن النبي الكريم في اليوم التالي سأل ابن مسعود أدفعت الدين؟ قال: لا، سأله في اليوم الثالث أدفعت الدين؟ قال: لا، سأله في اليوم الرابع أدفعت الدين؟ قال: نعم، فقال عليه الصلاة والسلام: الآن ابترد جلده.
استنبط العلماء أن المتوفى لا يبرأ من دينه بالضمان بل يبرأ من دينه بالأداء، حكم شرعي لو كفل دينه رجل تبقى ذمة المتوفى معلقة إلى أن يؤدى الدين.
حقوق العباد مبنية على المشاححة :
الآن نحن في موسم الحج، يوجد وهم عند الناس شائع أن الإنسان إذا حج بيت الله الحرام رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، هذا الكلام صحيح وغير صحيح، هو حديث شريف، صحيح فيما بينك وبين الله، وليس صحيحاً فيما بينك وبين العباد، ما بينك وبين العباد لا يسقط إلا بحالتين بالأداء أو بالمسامحة، إذا حججت ألف حجة لابد من أن تؤدي ما عليك أو أن يسامحك الذي له عليك حق، أما تغتاب الناس، تأكل أموالهم، وتحج والله عز وجل يغفر لي، فهذا كلام فارغ، حقوق العباد مبنية على المشاححة.
دعاء أداء الدَّين :
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إني ذو عيال وعليّ دين وقد اشتدت حالتي فعلمني دعاء إذا دعوت به رزقني الله ما أقضي به ديني، وأستعين به على عيالي، فقال: يا عبد الله توضأ وأسبغ الوضوء ثم صلِّ ركعتين تتم فيهما الركوع والسجود ثم قل: يا ماجد، يا واجد، يا كريم، أتوجه إليك بمحمد نبيك نبي الرحمة، يا محمد يا رسول الله إني أتوجه بك إلى الله ربك ورب كل شيء أن تصلي على محمد، وعلى أهل بيته، وأسألك نفحةً من نفحاتك، وفتحاً يسيراً، ورزقاً واسعاً، ألم به شعثي، وأقضي به ديني، وأستعين به على عيالي، هذا أيضاً حديث في أداء الدين، وكان عليه الصلاة والسلام يدعو ويقول:
(( عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ فَالِقَ الإصْبَاحِ وَجَاعِلَ اللَّيْلِ سَكَنًا وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ حُسْبَانًا اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ وَأَغْنِنِي مِنَ الْفَقْرِ وَأَمْتِعْنِي بِسَمْعِي وَبَصَرِي وَقُوَّتِي فِي سَبِيلِكَ))
الدعاء الذي أدعوه دائماً: "اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا"، صلاح الدنيا يكون بالمال، المال قوام الحياة.
يوجد دعاء قوله تعالى:
﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ﴾
يقول سيدنا جعفر: بورك لعبد في حاجة أكثر فيها من دعاء ربه كائنة ما كانت.
أي إذا كان هناك مشكلة أصابتك ودعتك إلى أن تدعو الله كثيراً، هذه المشكلة بارك الله فيها، لماذا؟ لأنها سبب هذا الدعاء، أية مشكلة دعتك إلى أن تدعو الله بإخلاص، وبلهفة، وبإقبال، فهذه المشكلة مباركة لأنها سبب اتصالك بالله عز وجل.
حرية المسلم كرامته وذله دَينه :
قال أحدهم للآخر: أتحج وعليك دين؟ قال: نعم الحج أقضى للدين، كيف؟ الدعاء هناك مستجاب، العلماء يقولون: الإنسان إذا رأى الكعبة أول مرة له عند رؤيتها دعاء مستجاب، أنا أنصح أخواننا الذين ذهبوا إلى الحج أو العمرة أول مرة حينما تواجه الكعبة أول ما تواجهها ينبغي أن تدعو الله كثيراً، لأن لك عند الله دعاء مستجاباً، والحج كله دعاء.
يقول أحدهم: ما احتجت إلى شيء استقرضته إلا استقرضته من نفسي، قالوا كيف؟ قال: أصبر على نفسي حتى أجد ثمنه، بدل أن أستقرض ثمنه وأتحمل ذلّ الدين أصبر على نفسي و أستقرضه من نفسي.
قال بعض الشعراء:
وإذا غلا شيء عليّ تركته فيكون أرخص ما يكون إذا غلا
***
إذا الناس تعودوا كل شيء غلى يتركونه الأسعار تهبط، كل شيء على، الإنسان لا يعظم شيئاً، شيء ارتفع سعره بشكل غير طبيعي، إذا زاد إقبال الناس عليه كان الاحتكار وكان الاستغلال، فإذا ارتفع ثمن شيء ارتفاعاً فاحشاً المعالجة الواعية بترك هذا الشيء، سمعت في بعض البلاد يوجد جمعيات تجول الأسواق، وتدرس الأسعار، فإن رأت أن سلعةً زاد سعرها بشكل غير طبيعي دعت الناس إلى ترك شرائها، إذا دعي الناس إلى ترك شراء هذه السلعة رجعت إلى سعرها المعتاد.
قال بعض الشعراء:
لقد كان القريض سمير قلبي فألهتني القروض عن القريض
***
القريض الشعر، وألهته هذه الديون عن الشعر، بعضهم قال: حرية المسلم كرامته، وذله دينه، وعذابه سوء خلقه، وقال بعضهم: أربعة لا تستقل مهما كانت قليلة لها نتائج خطيرة، الدَّين، والنار، والعداوة، والمرض، الدين إذا كان قليلاً يدعو إلى مزيد من الدين، إذا إنسان استبرأ الدين يستدين أيضاً إلى درجة صار وفاؤه فوق طاقته، النار معظم النار من مستصغر الشرر، أحياناً دخينة تلقى في غابة تحرق خمسة وعشرين دونماً، أحياناً تحرق ثلاثمئة وخمسين دونماً.
كل قضية في البداية أمرها سهل :
هناك نقطة مهمة جداً، أحياناً تنشأ مشكلة أنت لا تبالي فيها تظن أنها ستبقى بهذا الحجم، بينك وبين صهرك، بينك وبين ابنتك، بينك وبين شريكك مثلاً، بينك وبين صديقك تنشأ مشكلة أنت تظن أن حجمها صغير وتعتقد أنها تبقى بهذا الحجم، لا، إذا أنت لم تعالجها سريعاً هذه المشكلة تتفاقم من مشكلة صغيرة جداً تصبح عداوة كبيرة جداً، العداوة تتفجر، والنار تتفاقم، والدَّين يكثر.
والمرض يقول أخواننا الأطباء: القضية في البداية أمرها سهل، لو فرضنا ورماً خبيثاً في أوله سهل معالجته بالأشعة، بالاستئصال، أما إذا انتشر صار صعباً، أكثر الأمراض في البدايات سهلة جداً، أربعة لا تستقل.
رجل شاعر كان مديناً فقال:
ألا ليت النهار يـعود ليلاً فإن الصبح يأتي بالهموم
حوائج لا تطيق لها قضاءً ولا رداً و روعات الغريم
***
الشاعر أحمد شوقي معروف عندكم، كان من فصحاء الشعراء، وكان أمير الشعراء، مرةً حضر حفل تكريم بطل عالمي في رفع الأثقال فأنشأ قصيدة قال فيها:
قل لي نصـير وأنت بر صادق أحملـــت إنساناً عليك ثقيلا
أحملـت ديناً في حياتـك مرةً أحملت يوماً في الضلوع غليلا
أحملت ظلماً من قريــب غادرٍ أو كاشح بالأمس كان خليـلا
أحملت منا من بالنهار مكـرراً والليل من مسد إليك جميـلا
أحمـلت طغيان اللئيم إذا اغتنى أو نال من جاه الأمور قليـلا
تلــك الحيــاة وهذه أثقالها وزن الحديد بها فعاد ضئيـلا
لمَ لا يَلِينُ لك الحـديدُ ولم تزَلْ تتلو عليه وتقرأ التنزيــلا؟
***
البطل لا الذي يحمل الأثقال هناك ديون لا تحتمل، هناك أغلال لا تحتمل، هناك ثقل لا يحتمل، هناك غدر لا يحتمل، هناك ظلم لا يحتمل، هناك قهر لا يحتمل، فحمل هذه الأثقال أشد على النفس من حمل الأثقال.
البطولة هذا الذي يتحمل قال:
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى عدواً له ما من صداقته بد
***
ما الذل؟ أن يقف الكريم بباب اللئيم ثم يرده، واللهِ والله مرتين لحفر بئرين بإبرتين، ونقل بحرين زاخرين بمنخلين، وكنس أرض الحجاز بريشتين، وغسل عبدين أسودين حتى يصيرا أبيضين، أهون علي من طلب حاجة من لئيم لوفاء دين.
أقوال في الدَّين :
سيدنا ابن عوف كان من أغنياء الصحابة، قيل له: بم نلت هذه الثروة؟ قال: لأني ما بعت ديناً ولا استقليت ربحاً، هذه خبرة في التجارة، تجارة الدين ليست تجارة، الدين هالك إلا ما رده الله.
قال ابن جريج رآه سيدنا عمر وهو متقنع، فقال يا أبا خالد إن لقمان كان يقول: القناع بالليل ريبة وبالنهار مذلة، فقلت: إن لقمان لم يكن عليه دين، هو تقنّع ليهرب من غرمائه.
سيدنا أبو عبيدة روى أن عمر بن الخطاب - وهذه قصة رهيبة جداً- أرسل إلى عبد الرحمن بن عوف يستسلفه أربعمئة درهم، سيدنا عمر يستلف من سيدنا ابن عوف أربعمئة درهم؟ فقال عبد الرحمن: أتستسلفني وعندك بيت المال ألا تأخذ منه ثم ترده؟ فقال عمر: إني أتخوف أن يصيبني قدري فتقول أنت وأصحابك اتركوا هذا لأمير المؤمنين حتى يأخذ من ميزاني يوم القيامة، ولكن أستسلفها منك لما أعلم من حرصك فإذا مت جئت واستوفيتها من ميراثي.
وقال ابن المسيب: لا خير فيمن لا يجمع المال فيقضي به دينه، ويصل به رحمه، ويكف به وجهه.
قال الطحاوي: ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم، رجل أعطى ماله سفيهاً وقد قال تعالى:
﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾
ورجل داين بدين ولم يشهد- لم يكتب إيصالاً فأنكر عليه الدين، هو المسؤول المقصر وهو أولى بالخسارة-.
وقال حاتم الأصم: العجلة من الشيطان إلا في خمسة أمور؛ إطعام الطعام إذا حضر الضيف، وتجهيز الميت إذا مات، وتزويج البكر إذا أدركت، وقضاء الدين إذا وجب، والتوبة من الذنب إذا أذنب، العجلة في هذه الخمسة محمودة.
كان عليه الصلاة والسلام جالساً وحياله جحر، ثقب في الأرض، فقال عليه الصلاة والسلام: "لو جاء العسر فدخل هذا الجحر لجاء اليسر حتى يدخل عليه فيخرجه فأنزل الله قوله تعالى: إن مع العسر يسراً".
قال: ثلاثة تذهب عن القلب الحزن: صحبة العالم، وقضاء الدين، ومشاهدة الحبيب، إذا الإنسان أدى ما عليه وأخذ الإيصال يشعر نفسه صار خفيفاً، انطلق.
أحد الحكماء قال: إني ذقت الطيبات كلها فلم أجد أطيب من العافية، وذقت المرارات كلها فلم أجد أمر من الحاجة إلى الناس، ونقلت الحديد والصخر فلم أجد أثقل من الدين.
القرض الحسن و جزاؤه عند الله :
أيها الأخوة، أرجو الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بهذه الموضوعات الخمس عن القرض الحسن، والقرض الحسن الناس الآن في أمس الحاجة إليه، إذا لك أخ تثق بدينه وبأمانته، وأنت ميسور وأحب أن يستقرض منك قرضاً، هذا القرض أعظم عند الله من الصدقة، وجزاء القرض الحسن أن الله يعطي الإنسان من خزائن رحمته، وخمس آيات أهمها قوله تعالى:
﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾