- الحديث الشريف / ٠1شرح الحديث الشريف
- /
- ٠2دروس جامع الاحمدي
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
من استنباطات هذه الآية :
أيها الأخوة الكرام, فضل كلام الله على كلام خلقه, كفضل الله على خلقه .
حينما يمضي الإنسان وقتاً ثميناً في فهم كلام الله عز وجل, يصل من خلاله إلى حقائق دقيقة جداً, فالله سبحانه وتعالى يقول مخاطباً النبي عليه الصلاة والسلام:
﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾
في هذه الآية استنباطات دقيقة جداً؛ أولاً: كلمة خذ: فعل أمر, يأمر الله النبي أن يأخذ من أموال المؤمنين صدقة تطهرهم .
قد يسأل سائل :
قد يسأل أحدكم: لماذا لم يأمر الله المؤمنين أن يدفعوا زكاة مالهم؟ لم توجه إلى النبي وأمره أن يأخذ منهم صدقة تطهرهم؟ .
استنبط: أن النظام الاقتصادي في الإسلام محوره الزكاة, ويبنى على أداء الزكاة سلامة المجتمع, وفقر, كما قال الإمام علي:
((كاد الفقر أن يكون كفراً))
والمال قوام الحياة, فحينما تتجمع الأموال بأيد قليلة, وتحرم منها الكثرة الكثيرة, في الأعم الأغلب: أن أكثر مشكلات العالم سببها: أن واحداً يملك كل شيء, ومليون لا يملكون شيئاً, حينما تدفع الزكاة, يصبح المال متداولاً بين الأيدي:
﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾
لأن سلامة المجتمع الإسلامي, متوقفة على دفع الزكاة, كأن الأمر بأخذ الزكاة, وليس الأمر بدفعها .
تفسير معنى هذه الآية: -خذ من أموالهم- :
قال تعالى:
﴿خُذْ﴾
فالزكاة تُؤخذ ولا تُعطى, تُفترض ولا تُستجدى, ليست عملاً من أعمال البر, تفعله أو لا تفعله, ليست عملاً صالحاً, تتقرب إلى الله بعمله, أو أنت معفى من عمله, لا, الوضع آخر, قال تعالى:
﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾
أما كلمة من هذه, من: تفيد التبعيض, لم يقل الله عز وجل: خذ أموالهم, خذ بعض أموالهم, بالنسبة: الزكاة اثنان ونصف في المئة, يعني مبلغ لا يذكر, أما أصل المبلغ, فجاءت من هنا: للتبعيض:
﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾
أما صدقة, أما أموال, لم لم يقل: خذ من مالهم؟ جاء المال جمعاً, قال:
((لأن الزكاة مفروضة على كل أنواع المال من دون استثناء))
ما أنتجته الأرض؛ الأنعام, الإنتاج الصناعي, البضائع, الإنتاج الحيواني كالعسل, كل هذا اسمه في عرف الشرع مال .
لم جاءت (من) بضمير الجمع في هذه الآية؟ :
﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾
لم لم يقل: خذ من ماله؟ جاءت من: ضمير الجمع, قال:
((لأن جميع المسلمين مكلفون دفع الزكاة, لا يستثنى واحد منهم, ولا تخفض له النسبة, ولا تعفى, ولا تطوى هذه الزكاة عن أحد))
فمن كلمة خذ فُهم حكم, ومن كلمة من فهم حكم, ومن كلمة أموال فهم حكم, ومن كلمة فِ من أموال فهم حكم, أما الزكاة وردت في القرآن زكاة, أما هنا جاءت صدقة, جاءت صدقة هنا, ليُفهم منها: أن الزكاة تؤكد صدق الإنسان مع ربه, تؤكد تطابق أفعاله مع عقيدته, وتطابق عمله مع وعد ربه .
من صفات المتقين :
قال تعالى:
﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾
﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴾
بدأ ربنا عز وجل, حينما وصف المتقين بإنفاق مالهم, لأن إنفاق المال متناقض مع طبع الإنسان, طبع الإنسان يقتضي أن يقبض المال, والإنسان لا يرقى عند الله عز وجل, إلا بفعل يناقض طبعه, هذه حقيقة ثابتة .
هذا هو الفرق بين الطبع والتكليف :
الإنسان أُمر بغض البصر, لكن طبعه يدعوه إلى النظر, أُمر بصلاة الفجر, طبعه يدعوه إلى النوم, أُمر بضبط لسانه, طبعه يدعوه إلى الحديث عن الناس, وعن أخطائهم, وعن فضائحهم, وعن مشكلاتهم؛ فلولا أن التكليف ذو كلفة, لولا أن التكليف ذو كلفة, لما ارتقى به الإنسان, فقبض المال متوافق مع الطبع, أما إنفاق المال متناقض مع الطبع, لأن الله سبحانه وتعالى قال:
﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾
هذا معنى الصدقة في هذا الحديث :
أيها الأخوة, كلمة صدقة؛ تؤكد صدق إيمانك, وصدق اعتقادك, وتؤكد أنك مصدق لله عز وجل فيما وعدك الله به, لهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:
((الصدقة برهان))
برهان على إيمانك .
يعني: إنسان أحياناً يصوم نفلاً, أو يصوم صيام رمضان, ما الذي يمنعه إذا دخل بيته منفرداً؛ ألا يأكل أو ألا يشرب؟ خوفه من الله, فالصيام عبادة الإخلاص, لا أحد يستطيع أن يضبط إفطاره إلا الله, وهذا من عظمة الدين .
ما الفرق بين النظام الوضعي وبين الدين؟ :
أخواننا الكرام, النظم الوضعية كلها أساس الرادع الخارجي, أما الدين: أساسه الوازع الداخلي.
يعني: يوجد في الإسلام قضية: أن الإسلام ينمي في المسلم الوازع الداخلي, يصبح المسلم رقيب نفسه, من دون رقابة هو ملتزم, ولو وضعت للمنحرف ألف رقيب ورقيب يتفلت.
ما فائدة الزكاة؟ وما هي الأمراض التي تطهرها الزكاة؟ :
الله عز وجل سمى الزكاة في هذه الآية, سماها: صدقة, ما فائدة الزكاة؟ قال:
﴿تُطَهِّرُهُمْ﴾
معنى في أمراض, ما هي الأمراض التي تطهرها الزكاة؟ أولاً: مرض الشح, مرض الشح من أخطر الأمراض, والدليل: أن الله سبحانه وتعالى يقول:
﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾
((شر الناس أو أندم الناس, من دخل ورثته بماله الجنة, ودخل هو بماله النار))
((أندم الناس من عاش فقيراً ليموت غنياً))
يعني: ما أنفق ......
روح الميت ترفرف فوق النعش, تقول:
((يا أهلي, يا ولدي, لا تلعبن بكم الدنيا, كما لعبت بي, جمعت المال مما حل وحرم, فأنفقته في حله وفي غير حله, فالهناء لكم والتبعة علي))
فالزكاة تطهر نفس الغني من الشح, مرض خطير, فهذا المرض قد يجعل صاحبه محروماً كل شيء, ألا تعرفون أناساً يحرمون أنفسهم كل شيء, ومعهم أموال لا تأكلها النيران ليموتوا أغنياء فقط؟ هذا مرض يحتاج إلى معالجة, فالزكاة تشفي من مرض الشح .
هذا الدليل على أن من دفع زكاة ماله برىء من الشح :
وقد قال عليه الصلاة والسلام:
((برىء من الشح من أدى زكاة ماله))
وأي مبلغ من المال, لو أنه سبعة آلاف ليرة سورية, وهذا نصاب الفضة الذي تجب فيه الزكاة, السبعة آلاف ليرة سورية, تعد عند الله كنزاً, إن لم تؤد زكاته, والألف مليون إن أديت زكاتها, ليست في كنز, هذا كلام دقيق .
أي مال هو كنز يحمى على صاحبه في نار جهنم, فتكوى بها جبهته وجنبه, هو المال الذي لا تؤدى زكاته, وأي مال أديت زكاته, فهو ليس بكنز .
هل تطهر الزكاة نفس الغني؟ :
سؤال: هل تطهر الزكاة نفس الغني؟ لا, تطهر نفس الفقير, فقير محروم, يشعر بالحرمان, يشعر أنه هين على الناس, لا أحد يهتم به, الكل يأكلون, ويشربون, ويتمتعون, وهو ملقى في زوايا الإهمال, أما حينما يطرق الغني باب الفقير, خذ يا أخي, خذ اشتر طعاماً, اشتر ثياباً, فرح أولادك, ينتعش الفقير, يشعر أن مجتمعه لم ينسه, يشعر أنه عضو في المجتمع بارز, لذلك: تمتلىء نفس الفقير إخلاصاً للغني, إخلاص؛ بين أن يكون الغني حوله أعداء يحقدون عليه, ويتربصون به الدوائر, وبين أن يكون بين أحباب, فلذلك: يشفى المريض من مرض الحقد, الغني يشفى من مرض الشح, والفقير يشفى من مرض الحقد .
منعطف هام :
ماذا عن المال؟ قال:
((المال مطهر من تعلق حق الغير به))
إذا شخص والده ترك له بيت, وله أربعة أخوة, فهو سكن في البيت وحده, وتمتع فيه, بيت قبلي, واسع, بحي راق, بتدفئة مركزية, مفروش أحلى فرش, هو حينما تمتع بهذا البيت, هذا البيت تعلقت به حقوق أخوة له, هذا البيت يقول: الحجر المغصوبة في بيت رهن بخرابها, لذلك: تعلقت حقوق الغير بهذا المال, فإذا أديت زكاة المال, تطهر المال من تعلق حق الغير به.
لذلك قال النبي الكريم:
((من أدى زكاة ماله أذهب الله عنه شر))
لم يعد في خطر الحريق, خطر المصادرة, خطر الضياع, خطر الإتلاف, في مليون خطر, الحياة كلها مطبات .
دقق :
دققوا في هذه الآية:
﴿تُطَهِّرُهُمْ﴾
تطهر الغني من مرض الشح, وهو من أخطر الأمراض, تطهر الفقير من مرض الحقد, وهو من أخطر الأمراض, تطهر المال من تعلق حق الغير به.
كيف تنمي الزكاة نفس المزكي؟ :
قال تعالى:
﴿وَتُزَكِّيهِمْ﴾
﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ﴾
الزكاة هي النماء, فالغني فضلاً عن أنه يطهر من مرض الشح, تنمو نفسه, كيف تنمو؟.
لو فرضنا وزع زكاة ماله على من يلوذ به من المحتاجين والفقراء المعدومين, اعمل لهم زيارة في العيد, أنت أعطيته عشرة آلاف, في السابع والعشرين من رمضان, وفي العيد زرته: أهلاً وسهلاً, رحب ترحيب, بذل المستطاع, قدم لك فواكه, ماذا يوجد عنده قدم لك, أطال الله في عمرك, وأنت بركتنا, أنت فضلت علينا, بماذا يشعر الغني؟ .
أنني أنا مهم بالحياة, أنا الآن دخلت إلى قلوب الناس, فالآن نفسه تنمو, أول موضوع تطهر من الشح, أما الآن تنمو بمحبة الناس له, يشعر الغني أن له دوراً في المجتمع خطير, هو محسن, أصبح في قلوب الناس, حل مشكلات بعض الأسر, رسم البسمة على وجوه الأطفال, أكل الأطفال اللحم في العيد, أكلوا الحلويات, لبسوا الجديد, بفضل هذه الزكاة, فلما رأى عمله أمامه, رأى أسراً تسعد, تطرب, فالآن: نمت نفسه نمواً, طهرت, ونمت, قال:
﴿تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ﴾
كيف تنمو نفس الفقير حينما يدفع الغني زكاة ماله له؟:
أيها الأخوة, نفس الفقير كيف تنمو؟ طبعاً: الإنسان, الحرمان:, له مفعول سيء جداً, لبس بدلة جديدة, رفع رأسه, أكل طعاماً لذيذاً, ألبس زوجته ثياب جميلة على العيد, زوجته أحبته أكثر, لكن أولاده ... هو كان محروم, لا يوجد معي, اذهب عن وجهي, مشغول, متضايق, اتركوني بحالي, فلما أعطيته زكاة مالك, واشترى ثياباً لأولاده, واشترى تدفئة, واشترى طعاماً, واشترى شراباً, كله بفضل الزكاة .
فالآن: نفس الفقير نمت, شعرت بقيمتها, لبس, أكل, جار الناس .
إذاً: تنمو نفس الغني, وكأنه انتصر على نفسه, وتنمو نفس الفقير, وقد شعر بمكانته.
كيف ينمو المال حينما يدفع زكاته؟ :
فكيف ينمو المال؟ هنا الشيء الدقيق في هذه الآية:
الأغنياء حينما يؤدون زكاة أموالهم, ماذا يفعل الفقير بهذا المال؟ سينفقه على شراء طعامه, وشرابه, ولباسه, سوق تحرك, من حرك السوق؟ دفع الزكاة, الذي دفع الزكاة, نما ماله مرة ثانية, نما بطريقة القانون البشري, لأنه الآن يقول لك: لا يوجد قوة شرائية, تجد كل, لكن لا يوجد مال, الكيلو بخمس وثلاثين, لم يعد في ...... السلام عليكم, الكنزة ألف وثمانمئة السلام عليكم, كلما رأى السعر مرتفعاً ذهب, أما لما تعطي زكاة مالك, يشتري, ضع لي كيلين, فلما الفقير يأخذ زكاة الغني, يشتري فيها طعام, وشراب, ولباس, معنى: حرك السوق .
الآن: الدول الغنية جداً, المتقدمة, انطلاقاً من مصلحتها الصرفة, تدفع معونات للدول الفقيرة, هذه الدول الفقيرة: تشتري من عندها معدات, وأجهزة, وتصنيع, ومواد أولية, فيتحرك بلدها بالمساعدات, هذا منطق, منطق علمي هذا, فالغني إذا دفع زكاة ماله, ارتفع ربحه, وراجت بضاعته .
هذا ما قاله العلماء حول موضوع نماء مال المزكي :
العلماء قالوا:
((هناك طريقة لا نعلمها, الله يعلمها))
طريقة العناية الإلهية, الله يعلم, وأنت لا تعلم, ففي صفقة تفلس, يصرفها عنك, وفي صفقة تربح منها كثيراً, يلهمك إياها .
الآن بطريقة أخرى: أنت ملهم بما هو مربح, ومصروف عما هو مخسر, هذه طريقة أخرى في نماء المال, طريقة العناية الإلهية المباشرة, الله عز وجل يقذف في قلبك, اشترى بضاعة, يشتريها, يربح فيها, بضاعة أخرى, يقول لك: لا أريدها, يقول لك: ما انشرحت.
الذي أدى زكاة ماله, الله يقبض له قلبه عن بضاعة تخسره, يشرح له قلبه على بضاعة تربحه, يكون البضاعة ثمانية, الذي في الآلة الحاسبة تحير الأمور, ائت بآلة حاسبة, معك مثلاً مئة ألف, ناقص ألفين ونصف زكاة, بقي سبع وتسعون ونصف, لكن الله لم يقل هكذا, قال:
﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾
القرآن عكس ....., هذه ..... آلة حاسبة, الآلة الحاسبة إذا كان أقرضت المئة ألف قرض حسن, يأتيك آخر السنة ناقص, التضخم النقدي ناقص سبعة عشر بالمئة, أليس كذلك؟ .
إذا شخص أقرض إنساناً مئة ألف, وتركه سنة, ردهم إليه, يرجعون مئة ألف عداً ونقداً, أما كقوة شرائية انخفضوا سبعة عشر في المئة, فبالآلة الحاسبة القرض الحسن مخسر, أما القرض الربوي مربح, أما بالآية القرآنية:
﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾
بالعناية الإلهية المباشرة .
ما هي الآية التي هي أصل في الزكاة؟ وهل هناك أحاديث وردت في شأن الزكاة؟ :
فقال تعالى:
﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾
هذه الآية أصل في الزكاة .
لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
((حصنوا أموالكم بالزكاة))
وقال عليه الصلاة والسلام:
((ما تلف مال في بر ولا بحر إلا بحبس الزكاة))
بماذا فسر بعض العلماء هذا القول: -الأقربون أولى بالمعروف -:
إذا دخلنا في التفاصيل .....
أحياناً: الإنسان في رمضان, مثلاً: يفرز مال الزكاة, قد لا يجد في وقت قصير أناساً طيبين, مؤمنين, يستحقون هذا المال, فبعض أخواننا الكرام المؤمنين: يتوهمون أنه بمجرد أن تدفع زكاة مالك انتهى الأمر, نقول لكم: لا يا أخي ما انتهى الأمر, ولا بد من أن تجتهد غاية الاجتهاد في وضع المال في المكان الصحيح .
قالوا:
((الأقربون أولى بالمعروف))
بعض العلماء فسر هذه الكلمة على الشكل التالي, قال:
((الأقربون مثلاً, والأقربون إلى الفقر, والأقربون إلى الإيمان))
فأنت أمام مسكينين, أحدهما أفقر من الثاني, تعطي من؟ الفقير أمام فقيرين, أحدهما أكثر إيماناً من الثاني, تعطي من؟ الأكثر إيمان .
أنت أمام فقيرين مؤمنين في مستوى واحد, لكن واحد ابن خالتك, تعطي ابن خالتك, تعطي الأقرب .
يوجد عندك ثلاثة مقاييس؛ مقياس الفقر, مقياس الإيمان, مقياس القرابة .
والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:
((لا يقبل الله زكاة مال أحد, وفي أقربائه محاويج))
لأنه لما الشرع الحنيف كلف كل إنسان يتفقد أقرباءه, هذا نظام التكافل الاجتماعي, إذا كل إنسان تفقد أقرباءه .....
هذا ما تفعله بعض الأسر الملتزمة :
أسمع أشياء لطيفة جداً, يعني: بعض الأسر المنضبطة, المتماسكة, يؤلفون مجلس أسرة, يتبرعون من زكاة مالهم بصندوق, يتفقدون شباب الأسرة كلهم؛ يزوجون الشباب, يشترون بيوت للشباب, هذا عمل عظيم, الآن لا يوجد عمل, أعظم عمل على الإطلاق: من أن تزوج الشباب المؤمن .
يعني: ما الذي يمنع الإنسان يعمل بناء بمنطقة رخيصة قرب ببيلا, قرب عين ترمة؟.
يعني: بيت ستون متر, أقل كسوة ممكنة, يكلف البيت حوالي أربعمئة ألف, تعطيه برأس ماله للشاب تقسيطه, هذا عمل عظيم .
يعني: أنت لما تزوج شاب وشابة مؤمنة, أنشأت عرساً إسلامياً, جبرت خاطر فتاة, وحصنت فتى .
فأحياناً: تعطيه مئة, مئتين, خمسة, خذ, يصرفهم, أما لو عملنا مشروع تأسيس بيت مثلاً, إنسان إذا كان يستطيع يعمر كم بيت, هكذا ...... هذا عمل عظيم, تزوج شباب, تؤمن بيوت, تؤمن دخول, تؤمن أعمال, فنحن نريد أن تُدفع الزكاة بشكل صحيح .
فعندنا عامل القرابة, وعامل النسب, وعامل الإيمان .
نقطة مهمة :
في شيء آخر: أنت ممكن دفعت زكاة مالك بالتمام والكمال, واحد شوال جاءك, باثنين شوال, شخص مضطر أن يجري عملية جراحية لابنه, أنا دفعت, ليس لك علاقة عندي, نقول له: لا يا أخي, يقول عليه الصلاة والسلام:
((في المال حق سوى الزكاة))
ممكن تدفعهم صدقة, أو تدفع حساب جديد لزكاة العام القادم, فأنت على مدار العام, ائت بطلبات معقولة, طلبات إنسانية, قنعان فيها تماماً, أصحابها صادقين, فأنت لست محرجاً, معك سنة بكاملها, تفتح حساب زكاة العام القادم, وكلما جاءك طلب مشروع؛ عملية جراحية, طالب علم مثلاً, إنسان عليه دين, مشكلة إنسانية ساحقة, تؤديها من زكاة العام القادم سلفاً, جاء شهر رمضان الثاني, مثلاً: عليك ثمانية عشر, دفعت ستة عشر, بقي ألفان تدفعهم, أغلقت السنة الماضية, جاء شوال, افتح حساب جديد, بهذه الطريقة: يمكن أن تدفع الزكاة إلى المستحقين, إلى المؤمنين, إلى الذين تحسبهم أغنياء من التعفف, إلى الذين لا يسألون الناس إلحافا, يمكن أن تُدفع الزكاة إلى مثل هؤلاء .
خاتمة القول :
تحدثت في هذا الدرس عن آية الزكاة, وهناك حديث آخر عن الأحاديث الشريفة التي وردت فيها الزكاة, وأرجو الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لفعل الخير, والحمد لله رب العالمين, الفاتحة .