الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة الكرام؛ مع الدرس الأول من سورة القيامة:
﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)﴾
النفس اللوَّامة أيها الإخوة نفسٌ أثنى الله عليها ومدحها.
وهناك نفسٌ مطمئنة، قال تعالى:
﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28)﴾
3 ـ النفس الأمّارة بالسوء:
وهناك نفسٌ أمَّارةٌ بالسوء.
النفس المطمئنة نفسٌ اطمأنت إلى رحمة الله، واطمأنت إلى استقامتها وإلى محبتها له، فنالت سعادة الدنيا والآخرة.
﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)﴾
هناك نفس أخرى نفس لوامة، أي النفس المطمئنة بلَغت مرتبة الرؤية، ترى الحق حقاً والباطل باطلاً، مصداق قوله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)﴾
مصداق قوله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(28)﴾
الإنسان المتصل بربه لا يُضَحِّي بصِلته بالله ولو أن الدنيا كلها ملكه:
إنسان يركب مركبة، والضوء ساطع، والمركبة يملكها وحريصٌ على سلامتها، وحريصٌ على سلامته، فإن رأى حفرةً حاد عنها، وإن رأى أكَمةً حاد عنها، وإن رأى طريقاً معبَّداً سار فيه، فالسلامة ناتجة من صحة الرؤية، ومن الحرص على السلامة، فأيُّ إنسانٍ اتصل بالله عزَّ وجل، وألقى الله في قلبه نوراً رأى به الحق حقاً والباطل باطلاً، فهذا نفسه مطمئنة، الأمور واضحة جداً، لا يُضَحِّي بصِلته بالله ولو أن الدنيا كلها ملكه إطلاقاً.
لكن الذي تُشْرِقُ أنوار الله في قلبه تارةً ويغفل تارةً، في ساعة الغفلة في ساعة فتور العلاقة بالله قد يُخطئ وقد لا يُخطئ، فهو في حسابٍ عسير مع نفسه، قال: يا رب هل قبلت توبتي فأهنِّئ نفسي أم رددتها فأعزيها؟
ارتقاء المسلم عند ربه دليل محاسبته لنفسه:
سيدنا عمر كان مع سيدنا عبد الرحمن بن عوف في طرق المدينة فرأوا قافلةً قد استقرت في أطرافها، قال له: تعال يا عبد الرحمن نحرس هذه القافلة، جلس عملاق الإسلام مع سيدنا عبد الرحمن بن عوف يحرسان هذه القافلة، فبكى طفلٌ صغير، لمَّا طال بكاؤه ذهب عمر إلى أمه وقال: أرضعيه، فأرضعته فسكت، ثم بكى ثانيةً، فقال: أرضعيه، أرضعته فسكت، ثم بكى ثالثةً -سيدنا عمر عصبي المزاج-قال: يا أمة السوء ألا تُرضعيه؟ قالت له بحدةٍ: وما شأنك بنا أنت؟ إنني أفطمه، قال: ولم تفطميه؟ قالت: لأن عمر لا يعطينا العطاء إلا بعد الفِطام -أي التعويض العائلي-فضرب جبهته وقال: يا عُمر كم قتلت من أطفال المسلمين؟ وحينما صلَّى بأصحابه الفجر ما استطاع أصحابه أن يفهموا قراءته من شدَّة بكائه قال: يا رب هل قبلت توبتي فأهنِّئ نفسي أم رددتها فأعزيها؟
فالإنسان يصيب ويُخطئ، يحاسب نفسه حساباً عسيراً، يتهم نفسه دائماً، سيدنا عمر هذا الإنسان العظيم الذي أثنى عليه النبي، والذي بشَّره بالجنة جاء لسيدنا حذيفة قال: يا حذيفة أُناشدك الله اسمي مع المنافقين؟ لأن رسول الله أعطى حذيفة أسماء المنافقين، وكان أمين سرِّ رسول الله، فكلما ارتقى مقامك عند الله تحاسب نفسك أشد الحساب، لعلَّ هذه الابتسامة كان فيها سُخرية، لعل هذه الكلمة فيها اعتزاز، لعل هذا التصرُّف جرح شعور فلان، لعل عدم تلبية هذه الدعوة انكمش لها فلان، فالمؤمن يتقلَّب في اليوم الواحد بأربعين حالاً ؛ بين أنَّه يرضى، بين أنه لا يرضى عن نفسه، بين أنه يستبشر، بين أنه يخاف، فهذا الوضع الحريص على رضاء الله، والحريص على طاعة الله، والحريص على استقامته مع الله، هذا الحرص الشديد يجعله بحالة محاسبةٍ نفسيةٍ شديدة، هذا الذي يُحاسب نفسه حساباً عسيراً أثنى الله عليه قال: ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)﴾ .
علامة حياة قلبك حسابك لنفسك محاسبة شديدة:
لذلك ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ . ))
إيَّاكم، ثم إياكم، ثم إياكم أن تأخذوا هذا الحديث على ظاهره، المعنى الدقيق والعميق الذي أراده النبي من هذا الحديث أنَّك إن لم تشعر بذنبك فأنت ميِّت، والدليل: اذهب إلى إنسان مات حديثاً وأمسك بسكين واجرحه، لا يتألم، ولا يصيح، ولا يسحب يده، ولا يعترض، ولا يلومك.
من يهُن يسهل الهوان عليه ما لجــرحٍ بميتٍ إيلامُ
فإذا الإنسان ارتكب ذنباً وقال لك: ماذا فعلت؟ ماذا حدث؟ منته، ميت.
﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21)﴾
علامة حياة قلبك أن تحاسب نفسك حساباً عسيراً، أحياناً كلمة قاسية لا تنيمك الليل، أحياناً موقف غير مدروس من مؤمن قد تبكي طوال الليل، فهذا الذي يبكي، ويتألَّم، ويحاسب نفسه حساباً عسيراً، ويخشى الله عزَّ وجل، يخشى ألا يكون الله راضياً عنه، يخشى ألا يكون متبعاً لسنة النبي هذه نفسٌ طيبةٌ طاهرةٌ أنعم بها من نفس -جعلنا الله من هؤلاء-أقسم الله بها: ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)﴾ .
عدم الشعور بالذنب دليل موت قلبك:
لذلك المنافق يبقى أربعين عاماً في حالٍ واحد، بينما المؤمن الصادق يتقلَّب في اليوم الواحد بأربعين حالاً، مادام الله عزَّ وجل أنت حريصٌ على إرضائه، وأنت حريصٌ على طاعته، وحريصٌ على نيل رضوانه، لذلك تُحاسب نفسك، هذه الصلاة لم تعجبني، اليوم لم أقرأ قرآناً، اليوم نظري ليس مضبوطاً مئة في المئة، اليوم لساني زَلَّ وتكلَّم عن إنسان، وهذا نوع من الغيبة، أما هذا الذي يقول: ماذا فعلت؟ هذا ميت: ﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ﴾ .
﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44)﴾
﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176)﴾
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5)﴾
أموات، بهائم، فإذا أكرمك الله عزَّ وجل وكنت يقظاً، وكنت شديد المحاسبة لنفسك، فأرجو الله سبحانه وتعالى أن نكون جميعاً ممن تنطبق علينا هذه الآية: ﴿وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)﴾ .
لذلك المؤمن يعتذر، مهما كان مقامه كبيراً، يعتذر من طفل لعله أساء إليه، يُقَدِّم اعتذاراً، يقدم أحياناً هدية إذا كان أخوه وجد عليه في نفسه، قيل: "تهادوا فإن الهدية تذهب وَحَرِ الصدر" ، فإذا تكلَّمت كلمة مع أخيك قاسية فأعرض عنك يجب أن تقدِّم له شيئاً تستميل قلبه به.
تطبيق سنة النبي الكريم تُبعد الإنسان عن العذاب:
على كل: نقطة دقيقة أضعها بين أيديكم، هو أن الله عزَّ وجل يقول:
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)﴾
الآية واضحة، إلا أن فيها إشكالاً هو بين ظهرانيهم ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ ﴾ ، أما حينما ينتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربِّه ما معنى الآية؟ هو بين ظهرانيهم يبلِّغهم، هم في بحبوحة التبليغ، في أثناء التبليغ، كما أن الطلاب في أثناء العام الدراسي في بحبوحة، الطالب لن يُفصل ما دام ضمن العام الدراسي، يُفصل متى؟ بعد الامتحان، وبعد رسوبه سنتان يُفصل، أما في أثناء العام الدراسي في بحبوحة العام الدراسي، وما دام النبي عليه الصلاة والسلام بين ظهراني أمته فهم في بحبوحة، بحبوحة وجود النبي بين ظهرانيهم، أما حينما ينتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، معنى الآية أنَّه إذا كانت سُنة النبي عليه الصلاة والسلام مطبقةً في حياتهم هم في أمنٍ من عذاب الله.
علامة حبك لله اتباعك لسنة النبي:
إذا بيتك إسلامي، إذا عملك إسلامي، حركتك إسلامية، سفرك إسلامي، أفراحك إسلامية، حتى المآسي إسلامية؛ يوجد معها صبر، يوجد معها ضبط لسان، يوجد معها كلام طيب عن الله عزَّ وجل، أنت في بحبوحة، لأن سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام كان يُرْدِفُ سيدنا معاذ بن جبل خلفه على دابة، قال:
(( عن معاذ بن جبل : كنتُ رَدِيفَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على حمارٍ، فقال لي: يا مُعاذُ، أتدري ما حَقُّ اللهِ على العِبادِ، وما حَقُّ العِبادِ على اللهِ؟ قُلتُ: اللهُ ورَسولُه أعلَمُ، قال: حَقُّ اللهِ على العِبادِ أن يَعبُدوه ولا يُشرِكوا به شَيئًا، وحَقُّ العِبادِ على اللهِ ألَّا يُعَذِّبَ مَن لا يُشرِكُ به شيئًا. ))
هذا الكلام لنا جميعاً، خالق الكون على لسان رسوله الذي لا ينطق عن الهوى أكبر ضمانة لك هذا الحديث، إن عبدته حقَّ العبادة أنشأ لك حقاً عليه ألا يعذبك، لذلك معنى قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾ إذا كنت متبعاً سنة النبي، إذا كنت تدّعي أنك تحب الله، فالله جلَّ جلاله لا يرضى منك هذا الإدعاء إلا بالدليل، والدليل اتباع سنة النبي، قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)﴾
علامة حبك لله اتباعك لسنة النبي، هذه بحبوحة، هذه البحبوحة تمهيدٌ لشيءٍ آخر، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)﴾ المعنى دقيق جداً، هذا معنى النفس اللوَّامة، إنسان زلَّت قدمه تكلم كلمة غير صحيحة، صار هناك خطأ ماذا يفعل؟ يستغفر، يتوب، يعمل عملاً صالحاً:
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)﴾
الاستغفار والخوف من الله يبعد الإنسان عن التأديب:
أب عالِم وله ابن يعلِّق عليه أمالاً كبيرة، ويحرص على تفوقه الدراسي حرصاً لا حدود له، هذا الابن دخل الامتحان ونال صفراً بالرياضيات، فالأب امتلأ غيظاً من ابنه على إهماله فأراد أن يؤدِّبه تأديباً شديداً، نظر إلى ابنه الذي سيؤدِّبه على تقصيره رآه مُصْفَرَّ اللون، لم يأكل الطعام، أصابه همّ شديد، معه مبلغٌ بسيط جمعه في العيد، أراد أن يأخذ درساً خصوصياً في الرياضيات من هذا المبلغ الذي معه، فلما رأى الأبُ ابنه على هذا الحال اهتم اهتماماً شديداً، تألم ألماً شديداً، خاف خوفاً شديداً، لم يعد يأكل، لم يعد ينام، وسينفق كل شيء يملكه على دروس خصوصية مثلاً، فهذا الموقف جعل الأب يؤخِّر تأديبه، لذلك: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ أنت يوجد خطأ لا سمح الله ولا قدر، مع الغلط يوجد ندم، مع الندم يوجد توبة، يوجد استغفار، يوجد رجاء من الله عزَّ وجل، يوجد تذلل، يوجد بكاء، أيضاً أنت في بحبوحةٍ ثانية، بحبوحة الطاعة، وبحبوحة الاستغفار، وهذا المعنى الدقيق لقوله تعالى: ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)﴾ .
النفس الأمّارة بالسوء هي نفس انقطعت عن الله:
النفس نفس مطمئنة، ونفس لوامة، أما النفس الثالثة الأمارة بالسوء، أقول لكم مرة ثانية: إياكم، ثم إياكم، ثم إياكم أن تعتقدوا أن الله خلقها أمَّارةً بالسوء، لو أن الله خلقها أمارةً بالسوء ما ذنبها؟ ليس لها ذنب، وما حيلتها؟
ألقاه في اليمِّ مكتوفاً وقال له: إياك إياك أن تبتل بالماء
هذا المعنى الجبري مرفوض، هي النفس الأمّارة بالسوء نفس عادية كأي نفس أخرى، هذه النفس -فلسفة الشر الآن-أودع الله فيها الشهوات، هذه الشهوات لابدَّ منها للجنة، لا يمكن أن ندخل الجنة بلا شهوات، الجنة تحتاج إلى عمل فإذا كنت لا تشتهي شيئاً، ولا تحبُّ شيئاً، ولا تكره شيئاً فكيف السبيل إلى أن تعمل صالحاً؟ هذه الطاولة لا تحب ولا تكره، ولا تجوع ولا تبرد، ولا تتعرَّى، ولا تشتكي ولا تتألم، جمود، أما أنت تشتهي المرأة، ترى امرأةً في الطريق مُتَبَذِّلة تخشى الله عزَّ وجل مع أن كل القوانين لا تمنعك أن تنظر إليها، تغضُّ بصرك عنها، يأتيك مالٌ فيه شبهة ترفضه، تنام بالليل يؤذِّن الفجر فتصلي، تعاون إخوانك المؤمنين، الجنة تحتاج إلى عمل، فلذلك العمل هو أساس الجنة، فالنفس الأمّارة بالسوء هي نفس أودع الله فيها الشهوات لكنها انقطعت عن الله عزَّ وجل ولم تأخذ بمنهجه، فهناك شهوة عمياء.
الشر ينتج عن وجود الشهوة مع انعدام الرؤية:
أحضر حيواناً جائعاً جداً، ضع أمامه كيلو من اللحم، ماذا يفعل؟ يأكله، تقول: حرام يأكله، ما هذا الحرام؟ ما معنى الحرام؟ جائع أمامه طعام يريد أن يأكله، فإذا الإنسان كان بمستوى البهيمة همه الوحيد إرواء شهواته؛ حرام حلال، يجوز لا يجوز، مكروه، الهم الأول أن يقضي هذه الشهوة، أما إذا مؤمن فيوجد معه منهج مكتوب، يوجد معه نور بقلبه، يوجد معه خوف من الآخرة، فالنفس الأمارة بالسوء نفسٌ كأية نفس، أودع الله فيها الشهوات لكن لانقطاعها عن الله، ولعدم صلتها به، ولعدم استنارتها بنور الله تحرَّكت حركةً عشوائية فكان عملها سيئاً، فالسوء ناتج عن وجود شهوة مع انعدام الرؤية، تماماً كالمحرك يقود المركبة، لابدَّ من مقود، بلا مقود الحادث حتمي، ببساطةٍ بالغة، محرك يندفع بالسيَّارة بسرعةٍ عالية والطريق متعرِّج ولا يوجد مقود فالحادث حتمي، فكل إنسان أودع الله فيه الشهوات لم يعتمد منهج الله في حياته فلابدَّ من أن يأخذ المال الحرام، ولابدَّ من أن يعتدي على أعراض الناس، ولابدَّ من أن يأخذ ما ليس له، لابدَّ من أن يستعلي على خلق الله، فالنفس الأمَّارة بالسوء هي كأية نفسٍ أخرى فيها كل الشهوات ولكنها انقطعت عن الله عزَّ وجل، فكانت في عمى:
﴿ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40)﴾
﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)﴾
طاعة الله ترفع ذكر الإنسان:
الله لم يخلُّق نفساً أمّارة بالسوء، خلق نفساً طاهرة ذات فطرةٍ عالية، إلا أنَّ هذه النفس فيها شهوات، شيء طبيعي، كل واحد منا يشتهي المال، يشتهي المرأة، يشتهي العلو في الأرض، لكن الله جعل لهذه الشهوات قنوات نظيفة، المال اكسبه من طريقٍ مشروع، والمرأة اقترن بها بعقد زواج، وطاعتك لله عزَّ وجل ترفع ذكرك عند الناس، فهذه الميول الأساسية في الإنسان تُروى عن طريق الطاعات، فتجمع بين إرواء هذه الميول وبين علوِّك وبين راحتك النفسية.
مثلاً: لو العلاقة مع المرأة غير مشروعة، يقول لك: أخاف، يخاف من الفضيحة، يخاف من مداهمة بيت فيه دعارة، يخاف، هو دائماً خائف، أما إذا الإنسان تزوَّج، يطلقون أبواق السيارات لتصمَّ الآذان: نحن متزوجون ولا يستحيون بهذا، لأنه شيء مشروع، فلا توجد شهوة الله أودعها بالإنسان إلا ويوجد لها قناة نظيفة، لذلك النفس الأمّارة بالسوء نفس فيها شهواتٌ كغيرها من النفوس، لكن انقطاعها عن الله عزَّ وجل جعلها تتحرك بلا نور، وحركة بلا نور والطريق متعرج الحادث حتمي، وهذا كل ما في الأمر: ﴿وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ .
النفس الأمارة بالسوء هي نفس تحركت بلا نور:
قال النبي:
(( عن أبي مالك الأشعري: الصلاة نور. ))
الاتصال بالله يعطيك رؤية صحيحة، لذلك العقل وحده لا يكفي وأكبر دليل العالَم الغربي، أي العقل محكَّم في كل شيء، عقلهم أودى بهم إلى الشقاء، شقاء كبير، هناك أحد رؤساء الدول العظمى، يقول: أربعة أخطار تتهدد أمريكا، لعلك تظنُّها الصين، أو أوروبا المتحدة، أو اليابان، لا، تفكك الأسرة، وشيوع الجريمة، والمخدرات، والإيدز، هذه هي الأخطار، لأنهم خرجوا عن منهج الله، تفلَّتوا من دون قيد، إذاً النفس الأمّارة بالسوء نفس عادية إلا أن هذه النفس تحرَّكت بلا نور، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)﴾
دعوة الله إلى الحياة الحقيقية، وهناك آية ثانية:
﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)﴾
هذه هي النفس الأمارة بالسوء، نفسٌ اتبعت هواها من غير هدىً من الله، حركة عشوائية.
محاسبة النفس وظيفة النفس اللوامة:
هذه النفس اللوَّامة نفسٌ كثيرةُ الحساب لذاتها، شديدة التضييق على ذاتها، تحاسب نفسها على الخطرات، والحركات، والسكنات، حتى على الابتسامة، حتى على الإعطاء، لعلَّ هذا الإعطاء غير مناسب، لعل هذه الوساطة غير صحيحة، لعلَّ هذا الدخل غير مشروع، لعلَّ هذه الحفلة لا تُرضي الله، لعلَّ هذا الزواج لا يرضي الله، دائماً يوجد حساب، هذه إذا كان صحَّ التعبير: الهموم المقدَّسة، المؤمن بهذا المستوى يحمل هموماً مقدسة، هموم علاقته بالله، أما هموم الخلق من نوع آخر، هموم الرِزق، هموم الكَسب، هموم حلّ المشاكل، إلا أن المؤمن يحمل أكبر همّ يُشَرِّفُهُ وهو همُّ العلاقة بالله.
﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1)﴾ يوم القيامة هذا أخطر يوم بحياة الإنسان، يوم الحساب، يوم الدينونة، يوم تسوية الحسابات، يوم خافضةٌ رافعة.
﴿ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3)﴾
الدنيا قِوامُها المال، وقِوامها القوة، وقِوامها الذكاء، وطلاقة اللسان، والوسامة، هذه مقاييس الدنيا، إلا أن الله جلَّ جلاله عنده مقاييس أخرى، المقياس الذي يُعتمد يوم القيامة طاعتك لله، المقياس الذي يُعتمد عند الله يوم القيامة إحسانك للخلق، فإذا شخص معه ثروة طائلة بعملة مزيَّفة، أو عملة أُلغيت، ما قيمتها؟ أو انتقل من بلد إلى بلد، معه عملة البلد الأول، وهذه العملة غير رائجة هناك ولا يوجد صرَّافون، معك مئة مليون وتتمنى أن تأكل شطيرة، لا تستطيع لأن العملة غير مقبولة هناك، فإذا الإنسان مكتسباته في الدنيا؛ المال، والصحة، والجاه، وجاءه ملك الموت، والموت قريب يا إخوان، قريب جداً جداً، بعد انتهائنا من صلاة الجمعة اليوم جاء أخ كريم قال لي: يوجد رجل بالقاعة توفي أثناء الصلاة، وطبعاً وفاة جيدة جداً في مسجد ويوم الجمعة وفي أثناء الصلاة، لكن الموت قريب جداً، هو لم يخرج من بيته حتى يموت، هو مات في القاعة، توفي، فالموت قريب وليس له سبب.
يوم القيامة يوم تسوية الحسابات:
أحياناً إنسان يعاني مرضاً مدة ثلاثين سنة ولا يموت، أحياناً يموت خطفاً، فمادام هذا الموت يأتي فجأةً، وهذا مغادرة بلا عودة، فلا يوجد أعقل ممن يستعد له، فيوم القيامة يوم الدينونة، يوم تسوية الحسابات، أنا لا أعتقد إنساناً يعصي الله -وكلامي دقيق وخطير-أنا لا أصدِّق إنساناً يعصي الله أو يأخذ ما ليس له وهو مؤمن أنَّ هناك يوم قيامة سيُحَاسب به عن كل شيء، ألا تقرأ قوله تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ (8)﴾ مثقال ذرة، إذا أنت كنت تتوضأ وجدت نملة على المغسلة وانتظرت حتى صعدت ولم تُغرقها بالماء، هذا عمل صالح، هذا عمل مُسَجَّل لك، فما فوقه.
(( عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبي بَكْرٍ : حديث الكسوف وقد تقدم، وفي هذه الرواية: قَالَتْ: قَالَ: «قَدْ دَنَتْ مِنِّي الْجَنَّةُ حَتَّى لَوِ اجْتَرَأْتُ عَلَيْهَا لَجِئْتُكُمْ بِقِطَافٍ مِنْ قِطَافِهَا، وَدَنَتْ مِنِّي النَّارُ حَتَّى قُلْتُ: أَيْ رَبِّ، وَأَنَا مَعَهُمْ؟ فَإِذَا امْرَأَةٌ -حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ- تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ قُلْتُ: «مَا شَأْنُ هَذِهِ؟» قَالُوا: حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، لا أَطْعَمَتْهَا وَلا أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ - قَالَ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: «مِنْ خَشِيشِ، أَوْ خَشَاشِ الأَرْضِ». ))
قالت له: قصيرة، قال لها:
(( عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: حَكَيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَقَالَ: ما يسرُّني أني حكيتُ رجلًا وإنَّ لي كذا وكذا. قالت : فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ صفيَّةَ امرأةٌ وقالت بيدِها هكذا! كأنها تعني: قصيرةٌ، فقال: لقد مُزِجَتْ بكلمةٍ لو مُزِجَ بها ماءُ البحرِ لَمُزِجَ. ))
[ سنن الترمذي، حسن صحيح، أخرجه أبو داود ]
نسيان أمر الله سبب هوان المسلمين:
سهرات إلى الساعة الواحدة كلَّها غيبة ونميمة، ومعاص، ومشاهدة أفلام ساقطة، وانحراف، وأكل مال بالحرام، وثمانية آلاف قضية في قصر العدل، أين المسلمون اليوم؟ أين هم من أحكام دينهم؟ لذلك دققوا في هذه الكلمة: هان أمر الله على المسلمين فهانوا على الله، ألف كأُف، لا نقيم لهم يوم القيامة وزناً.
(( عن ثوبان بن مولى: يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا، قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ يَنْتَزِعُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ، قَالَ: قُلْنَا وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ. ))
فيا أيها الإخوة الكرام؛ يوم القيامة إذا ما أدخلناه بحساباتنا اليومية والساعية، بكل حركة، بكل سكنة، بكل صفقة، لبسته إياها، هل أنت شاطر بذلك؟! لا، لست شاطراً، سوف تدفع الثمن مضاعفاً في الدنيا قبل الآخرة، إذا كان هناك بائع باع شيئاً مغشوشاً وأخذ فيه سعراً عالياً يظن نفسه أنه شاطر، يظن نفسه أنه تاجر ماهر، لا، التجارة أساسها الصدق، أخ كبير وعنده خمسة إخوة وتوفي الأب، استطاع الكبير أن يأخذ كل شيء، يعد نفسه أنه قوي، لا، لست قوياً سوف تغدو ضعيفاً يوم القيامة، وسيدنا علي يقول: "الغنى والفقر بعد العرض على الله" الغنى لا قيمة له.
أنا جالس مع طبيب قلب من يومين أو ثلاثة، سألته: هذا الشريان الأبهر الذي شاغل الدنيا والذي يعد أكبر مشكلة يعاني منها الإنسان بالعصر الحديث، تضيُّق هذا الشريان، والقسطرة تكلف خمسة وثلاثين ألفاً، بعد ذلك زرع شريان، بعد ذلك بالون، بعد ذلك راصور، هذا الشريان كم قطره؟ قال لي: ميليمتر واحد، أي كل آمالك، وكل قوتك، وكل عظمتك إن صح التعبير على ميليمتر فراغ، إذا صغر تعاني ما تعاني، إذا هذا الميليمتر يضيق إلى نصف ميليمتر، تعاني أشياء كثيرة لا تحتمل، فكل شيء تملكه على بقاء هذا الشريان مفتوحاً ميليمتراً، هذه هي كل القصة، وكل شيء تملكه على بقاء الدم سائلاً فإذا صار لزجاً انتهت الحياة.
ما هي الجلطة؟ خثرة دم بمكان في الدماغ، وكل حركتك ونشاطك على بقاء الدم في الدماغ سيَّال، إذا تجمد في الدماغ، بمكان شلل، بمكان عمى، بمكان فقد ذاكرة، وكل حركتك ونشاطك على نمو الخلايا نمواً منضبطاً، فإذا لم يعد النمو منضبطاً انتهت الحياة، وكل مكتسباتك على عمل الكليتين، إذا توقفتا انتهت الحياة، شيء مخيف، كلية لو توقفت أصبحت الحياة جحيماً لا يطاق، أين؟ تحتاج لزرع كلية، الإنسان يبحث. أين؟ يقول لك: لكي نؤمِّن كلية تقوم مكان الكلية الطبيعية.
ما هو الإنسان؟ الإنسان ضعيف جداً إذا قال: أنا، فإنه يكون أحمق، من أنت؟ أنت على ميليمتر لمعة شريان وعلى سيولة الدم، وعلى نمو خلايا منضبط، كل شيء تملكه، لو تجمد هذا الدم فإنَّ النعوة تُعَلَّق، كان شخصاً أصبح خبراً على الجدران، لو ضاق هذا الشريان قليلاً وانسد تُعلق النعوة، لو هذه الخلايا نمَّت نمواً عشوائياً تُعلق النعوة، وكلنا نودع بعضنا.
مغادرة الدنيا تباعاً ليتعظ بعضنا ببعض:
في اليوم توجد ستون أو سبعون حالة موت في الشام، توجد حوالي أربعين نعوة، ويوجد ستون حالة وفاة، والناس هكذا، وشاءت حكمة الله أن نغادر الدنيا تباعاً ليتعظ بعضنا ببعض، أما أخطر شيء بحياتنا يوم القيامة، تُحَاسَب عنه حِسَاباً عسيراً، القرآن ستمئة صفحة، نقرؤه، نسمع تفسير آية في ساعة، يقول لك: ما شاء الله ما هذا الدرس؟ نحفظه، نسمعه على شريط، نقرأ تفسيره.
أعرابي قال للنبي عليه الصلاة والسلام: عظني ولا تُطِل، فقرأ له آية واحدة، فقال له: كفيت، قال له: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ (8)﴾ فقال له: كُفيت، فقال: فقُهَ الرجل، يا ترى تكفينا آية واحدة فقط؟
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)﴾
الله معك دائماً ألا تستحي منه؟
(( عن أبي عمرو سفيان بن عبد الله الثقفي، رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدا غيرك، قال: قل آمنت بالله ثم استقم. ))
قال: أريد أخف من ذلك؟ قال: إذاً فاستعد للبلاء.
أخطر قضية قضيةُ يوم القيامة:
يوم القيامة موضوع خطير جداً، الآن الامتحان في الجامعة أخطر شيء، من الممكن أن ترتدي ثياباً أنيقة وتذهب إلى الجامعة، تريد أن تزهو فترتدي ثوباً أبيض، أنا طالب طب، تضعه هكذا، تمشي هكذا، يمكن أن تجد ندوة فيها طاولات، وفيها زميلات، لكن أهم شيء الآن في الجامعة هو الامتحان، إذا لم تنجح، التجارة أهم شيء فيها الربح، وهذه الحياة أخطر شيء ينتظرنا جميعاً هذا اليوم، يوم الدينونة، يوم الحساب، يوم السؤال لماذا فعلت؟
قال لي أحدهم: انصحني؟ يعمل في عمل رسمي لكن معه قوة كبيرة، أي ممكن إذا شخص أسعاره غير صحيحة يضعه في السجن، يكتب ضبط فوراً، قال لي: انصحني؟ قلت له: افعل ما تشاء، فنظر إليّ مستغرباً!! قلت له: افعل ما تشاء ولكنك إذا كنت بطلاً هيئ لله جواباً عن كل ضبط، الله سيحاسبك، كلَّهم عباده، والله هو الذي سيُحَاسب.
فهذه قضية القيامة، أنا والله أيها الإخوة أشعر وأنا متألم أن هناك مسلمين كثيرين جداً من خلال حركاتهم بالحياة وكأن هذا اليوم ليس داخلاً في حساباتهم إطلاقاً، الذي يأكل مال أخيه غصباً هل هذا مسلم؟! يخاف الله عزّ وجل؟! المسلم يخاف من الله على كلمة، على نظرة، على شيء.
سيدنا رسول الله انقطع الوحي أسبوعين فقال: يا عائشة –غريب-لعلها تمرةٌ وجدتها على السرير فأكلتها، لعلها من تمر الصدقة، تمرة واحدة، أي هذا الذي لا يحلل ولا يحرم، كله ماش، لا تدقق، ما هذا؟ هؤلاء المسلمون هذا حالهم الآن، يوجد تقصير، توجد تجاوزات.
لَا أُقْسِمُ: آية لها عدة تفاسير:
1 ـ الله إذا لم يقسم فبالنسبة إليه فإذا أقسم فبالنسبة إلينا:
إذاً: ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1)﴾ هذه أقسم أي الله عزّ وجل يُقسم بهذا اليوم، بعضهم قال: "لا أقسم أي أقسم" ، ويوجد توجيه لطيف: أن الله إذا لم يقسم فبالنسبة إليه فإذا أقسم فبالنسبة إلينا، إذا قال:
﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)﴾
أقسم، لكن الشمس بالنسبة إلينا شيء عظيم جداً، وإذا لم يقسم فبالنسبة إليه، هذا معنى.
ويوجد تفسير آخر: لا، يعني أقسم.
3 ـ وضوح الشيء لا يحتاج إلى قسم:
ويوجد تفسير ثالث: أي هذا الشيء لشدة وضوحه لا يحتاج إلى قسم، الشمس ساطعة في رابعة النهار، هل تقول لمن يراها معك: والله هذه شمسٌ ساطعة؟ كلام ليس له معنى، لأنه يراها معك ساطعة فالقسم ليس له معنى، لذلك: ﴿لَا أُقْسِمُ﴾ أي أُقسم، ﴿لَا أُقْسِمُ﴾ هذا الأمر لشدة وضوحه لا يحتاج إلى قسم.
قسم الله بأن يبعث عباده ليحاسبهم:
الله عزّ وجل أقسم بيوم القيامة وبالنفس اللوامة، أين جواب القسم؟ والله، أكمل؟ سكت، القسم ليس له معنى من دون جواب، والله لأفعلنَّ كذا وكذا هذا جواب القسم، والله لا أفعل كذا (جواب القسم).
جواب القسم قدَّره علماء التفسير: يقسم الله عزّ وجل بيوم القيامة وبالنفس اللوامة على أن يبعث عباده يوم القيامة ليحاسبهم، أي:
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)﴾
[ سورة الحجر ]
الحياة هكذا تمشي؛ غني وفقير، صحيح ومريض، قوي وضعيف، مستغِل ومستَغَل، تنتهي الحياة هكذا؟ مرة سمعت مثلاً أعجبني من رجل يعمل في الدعوة، طبعاً نحن لا نتعامل معه لكن الفكرة لطيفة: أناس في مسرحية، مُثِّل الفصل الأول لكن يوجد مشكلة في المسرحية، وأُرخي الستار، لا أحد يقوم، يقول لك: لم تنته المسرحية، لم تنتهِ بعد، لنرى ماذا حلَّ بالذي قتل؟ فممكن أن تنتهي الحياة هكذا؟! دول كبرى تسحق الدول الصغرى، تعيش على أنقاض الشعوب، غنى فاحش وفقر مدقع، وتنتهي الحياة هكذا؟ الذي معه سلاح أقوى هو المنتصِر دائماً وإرادته نافذة؟ ولن يُحَاسَب؟ هذا يتناقض مع وجود الله.
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)﴾
ذكاء الإنسان وقوته لن ينجياه من يوم القيامة:
الآن في الدنيا يقول لك: إعصار كلَّف ثلاثين ملياراً، إعصار ثان، إعصار ثالث، إعصار رابع، الله كبير، هؤلاء الذين يتحكَّمون بالشعوب ويبنون مجد شعبهم على أنقاض كلَّ الشعوب سيُحَاسبون حساباً عسيراً، ذكاء الإنسان لا يُنجيه يوم القيامة، ذكاؤه وقوته وفلسفته وكلامه الباطل.
﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65)﴾
أحياناً يفتعلون مشكلات في العالَم فيذهب ضحيتها مليون قتيل من أجل رواج الصناعة فقط، لترويج صناعتهم ورفع مستوى دخل شعبهم، دول كُبرى تضحي بملايين القتلى والجرحى، هؤلاء لن يُحاسبوا؟ معنى هذا لا يوجد إله: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)﴾ .
كل إنسان مسؤول عن نفسه يوم القيامة:
إياك أن تظن أنك تفلح إذا أخذت ما ليس لك، لأنه يوجد حساب دقيق، يوجد دفع ثمن باهظ، هذا معنى يوم القيامة، يوم الدينونة، زوج يظلم زوجته يقول لك: هذه مقطوعة، يسحقها سحقاً، يستخدمها ولن يُحَاسب؟ شريك يأكل مال شريكه ولن يُحَاسب؟ ورثة شخص قوي يأخذ كل المال له ولن يُحَاسب؟ عالِم يصنع أسلحة كيماوية لتدمير الإنسان ولن يُحَاسب؟ قوة غاشمة تأخذ ثروات أمم أخرى ولن تُحَاسب؟ هذا مستحيل، هذا يوم القيامة يوم الدينونة، ترى الأم ابنها في الآخرة، تقع عين الأم على ابنها فتقول له: يا بني جعلت لك صدري سقاءً، وحجري وطاءً، وبطني وعاءً، فهل من حسنةٍ يعود عليَّ خيرها اليوم؟ تعطيني من عندك حسنة؟ يقول ابنها: ليتني أستطيع ذلك يا أمَّاه إنني أشكو مما أنتِ منه تشكين.
﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101)﴾
﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (94)﴾
﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)﴾
تجاوز الإنسان لحدوده عند جهله بعظمة الله:
خطأ طبيب يؤدِّي إلى وفاة إنسان ولن يُحَاسب؟! ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ محام يوهم الموكِّل أن الدعوى رابحة ويبتز ماله ثماني سنوات ولن يُحَاسب هذا؟ هناك أخطاء كثيرة جداً، فكلما جهل الإنسان عظمة الله عزّ وجل تجاوز حدوده، وكلما عرف عظمة الله عزّ وجل وقف عند حدَّه ولم يتعدَّ طَورَه، فيوم القيامة يومٌ عظيم، قال:
﴿ فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10)﴾
﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً (27) نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً (28)﴾
علم الله ومحاسبته للإنسان سبب استقامته:
مرَّة سألوا طالباً نال الدرجة الأولى في الامتحان: بمَ نلت هذه الدرجة؟ قال: لأن لحظة الامتحان لم تغادر مُخَيِّلتي إطلاقاً، وأنا أقول لكم: لا ينجو الإنسان من حساب هذا اليوم العسير إلا إذا كان هذا اليوم ماثلاً أمامك طوال الحياة، قبل أن تقول له: سعرها كذا، ليس سعراً فاحشاً، قبل أن تبيعه بضاعة فاسدة، قبل أن تخفي عنه العيب، قبل أن تغش البضاعة، قبل أن تضع لإنسان فخاً، ألا ترى أن الله سيُحَاسبك حساباً شديداً؟
إذاً أيُّها الإخوة؛ أركان الإيمان خمسة، أكثر ركنين جاءا معاً في القرآن الكريم: الإيمان بالله واليوم الآخر، لأنك لن تستقم إلا إذا آمنت أن الله يعلم وسيُحَاسب، الله موجود ويعلم وسيُحاسب، لابدَّ إلا أن تستقيم، مستحيل، بل تستقيم مع إنسان إذا كان يعلم وسيُحَاسبك، ولن تخطئ معه أبداً:
﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3)﴾
أي ألّن نعيد خلَّقه مرَّةً ثانية؟
بعث الإنسان ثانية يوم القيامة للحساب:
﴿ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4)﴾
الإبهام له شكل، خطوط وجُزر ونتوءات وفروع وشعب، ممكن نستنبط من الإبهام شكل الإبهام مئة نقطة، فلا يوجد إنسان يشبه إبهامه إبهام إنسان آخر، صوروا الإبهام وكبَّروه بحجم متر مربع وعرضوا عليه مليون صورة فما اتفقت صورة مع الإبهام أبداً، لذلك إبهامك هويتك، وإذا وجدنا سبع نقاط مشتركة بين إبهامين يكونان لشخص واحد، سبعة لا يوجد اشتراك، حتى بعض المجرمين في أمريكا أحضروا لحماً من أعضائهم الأخرى ووضعوه فوق الإبهام وخيَّطوه لكي يخفوا معالم جرائمهم، بعد أربعة أشهر ظهرت الخطوط على اللحم الجديد، فهذه الخطوط الدقيقة؛ جُزر، نتوءات، فروع، شُعَب، هذه سوف تعود يوم القيامة، تسوّى مرَّة ثانية: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4)﴾ .
صفات الإنسان مشابهة لصفات الإله لكرامته على الله:
مادام الموضوع بُحِث، شكل الإبهام، خطوط الإبهام هوية، وقُزحية العين هوية، ليس في الأرض كلِّها إنسان له قُزحية عين تشبه قزحية عينك إطلاقاً، ورائحة الجلد هوية، ونبرة الصوت هوية، وبلازما الدم هوية، والزمرة النسيجية هوية، أنت فرد لكرامتك عند الله عزّ وجل جعل لك صفات مُشابهة لصفات الإله عزّ وجل، الله فرد وجعلك فرداً، فشكل وجهك تتميَّز به، رائحة الجلد تتميز بها، قُزحية العين تتميز بها، نبرة الصوت تتميز بها، شكل الإبهام تتميز به، بلازما الدم، الزمرة النسيجية: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4)﴾ هذه الخطوط الدقيقة جداً التي لا تُرى بالعين المجرَّدة إلا بمكبر، وعبارة عن دوائر ومنحنيات وجزر وتفريعات، هذه سوف تعود ملامحها يوم القيامة كما كانت في الدنيا.
أعقل إنسان من يطبق منهج الله ويرجو رحمته:
طبعاً من باب أولى إذاً أن يعود الإنسان كلُّه إلى ما كان عليه ليُحاسب، وتُعرض عليه أعماله كلُّها على شريط:
﴿ اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (14)﴾
أعقل إنسان، أذكى إنسان، هو الذي يطبِّق منهج الله، ويرجو رحمته، ويخشى عذابه.
الملف مدقق