الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة المؤمنون؛ وصلنا في موضوع العقيدة إلى الإجابة عن ثلاثة أسئلة؛ الأول: لماذا خلقنا الله سبحانه وتعالى؟ ولماذا جاء بنا إلى الدنيا؟ وماذا بعد الدنيا؟ لماذا خُلِقنا هنا؟ وماذا يجب أن نعمل هنا؟ وماذا بعد هنا؟ وقد أجبت عن هذه الأسئلة بالقدر الذي سمح الله به في الدرس الماضي.
واليوم ننتقل إلى بعض المصطلحات التي يكثُر ورودها في القرآن الكريم، لأن معرفة حدود المصطلحات جزء من العقيدة، أي ما تعريف الإسلام؟ ما تعريف الإيمان؟ ما تعريف التقوى؟ ما تعريف الإحسان؟ ما تعريف الفقه؟ الفجور؟ النفاق؟ الكفر؟ العمى عمى القلب؟ الإساءة؟ الذنب؟ الخطيئة؟ المعصية؟ السيئة؟ ما غفران الذنب وما تكفير السيئة؟ وما تصحيح الخطيئة؟ هذه مصطلحات لابدّ من أن يعرفها المسلم بشكل واضح.
فأولاً: الإسلام، هناك انتماء للإسلام صوريٌّ وهناك انتماء حقيقي، كل المسلمين في شتى بقاع الأرض يقولون عن أنفسهم إنهم مسلمون، هذا انتماء صوري، كمن يرتدي ثوباً أبيض ويضع على عينيه نظّارة، ويضع على أذنيه سمّاعة، وهو لا يقرأ ولا يكتب، هل هذا طبيب؟ هذا انتماء صوري إلى الطب؟ الطبيب رجل أمضى عشرين أو ثلاثين عاماً في دراسة الطب، أن يرتدي الإنسان ثوباً، وأن يضع نظارة، وأن يضع على أذنيه سماعة، ليس هذا هو الطب، هذا انتماء صوري والانتماء الحقيقي شيء آخر.
كلّ يدّعي وصلاً بليلى وليلى لا تقرُّ لهم بذاكا
فبين أن تدّعي أنك مسلم شيء، وبين أن تكون مسلماً حقيقة شيء آخر.
أيها الإخوة الأكارم؛ بشكل مختصر المسلم بحسب ما ورد في القرآن الكريم ينقاد إلى أوامر الله بالتمام والكمال، جملةً وتفصيلاً، معنى أنه مسلم أي استسلم لهذا الأمر وانقاد له، فهذا المسلم كيف يستسلم؟ لابد من أن يسبق الإسلام قناعة فكرية، تحدثنا عنها في الأسابيع الماضية، إذا الفكرة انتقلت من الأذن إلى الدماغ، أخذت مكانها في البحث العلمي، صُنِفت مع اليقينيات أو مع غلبة الظن، ثم انقلبت إلى إرادة، والإرادة إلى السلوك، هذا هو الإسلام.
الإسلام انقياد تام لأوامر الله عز وجل، وهذا الانقياد التام لابد من أن تسبقه قناعة، مثلاً لمّا يبلغ الطبيب المريض بأن هذا الطابق الرابع يضرُّ صحته، بما أن كلام الطبيب مقنع، بما أن المريض يخشى على نفسه تفاقم المرض، مع أنه بيت جميل أمضى في كسوته سنوات طويلة، وأمضى في تزيينه أيضاً جهداً كبيراً ومالاً وفيراً تراه في اليوم التالي يَعرضه للبيع ليشتري طابقاً أرضياً يتوافق مع صحته، إذاً إذا حصلت القناعة انقلبت إلى سلوك، وما لم يكن الإنسان منقاداً لأوامر الله فأغلب الظن أنه لن يقنع بها بعد، هذا الذي يأكل المال الحرام لن يقنع أن الله عز وجل لابد من أن يقصِمه، لابد من أن يفجعه بماله، لابد من أن يذهب المال وصاحبه، لو قنعت لأحجمت، لكنك لم تقنع، لم تصل هذه الفكرة إلى مركز اليقين، لم تصل هذه الفكرة إلى غلبة الظن، ولا إلى قطعية الثبوت، ولا إلى قطعية الدلالة.
إذاً الإسلام انقياد كامل شامل دقيق لأوامر الدين جملةً وتفصيلاً، ظاهراً وباطناً، في الرخاء وفي الشدة، في الصحة والمرض، في القوة والضعف، قبل الزواج وبعد الزواج، قبل الاستقرار وبعد الاستقرار، قبل أن يكون في هذا العمل وبعد أن يكون في هذا العمل، هذا هو الإسلام، الإسلام انقياد لأوامر الدين، يسبق الإسلام قناعة فكرية صحيحة، عقيدة صحيحة.
ماذا بعد الإسلام؟
﴿ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)﴾
بَعْد الإسلام الإيمان، الإسلام سلوك أما الإيمان وجهة إلى الله عزّ وجل، مَن استسلم لأوامر الله وانقاد إلى تشريعه لابد من أن يحصل له اتصال بالله عز وجل، هذا الاتصال هو الإيمان، يُمسي الرجل مؤمناً ويصبح كافراً أي أمسى متصلاً وقع في شهوة فانقطع عن الله عز وجل فصار كافراً، الإسلام انقياد أما الإيمان وجهة.
يقابل الإسلام الفسق، أيّ خروج عن أوامر الشرع، أي انحراف عما أمر الله، أي انتهاك لِما نهى الله عنه، أيّ تجاوز هو فسق.
بالمناسبة أنا أُردد هذه الفكرة كثيراً، بين أن تظن أن أوامر الله ضمانات لسلامتك وبين أن تظنها حدّاً لحريتك، شتان بين النظرتين، وشتان بين الفكرتين، وما أبعد الثرى عن الثريا! إن رأيت على عمود الكهرباء لوحة كُتِب عليها: خطر الموت، هذه اللوحة تعني ضمان سلامتك، إن رأيتها حدّاً لحريتك فهذا هو الضلال المبين، إنها ضمان لسلامتك، فأوامر الشرع ضمان لسلامتك.
والوقت أيها الإخوة لا يتسع لضرب الأمثلة التي لا تُعدّ ولا تحصى، إنسان قال لي: إن زوجتي تخونني منذ سنتين وأنا لا أدري، تقصيت الأسباب، فإذا هو السبب، له جار زاره مرة، فارتأى هذا الجاهل أن يجلس هو وجاره وزوجته معاً، الفصل شتاء والغرفة دافئة، تعاليْ يا أم فلان اجلسي معنا هذا مثل أخيك، لأنه جاهل، فدفع الثمن أن له خمسة أولاد منها وقد خانته مع هذا الجار، الإسلام لا يوجد فيه حلّ وسط، أي المُشرّع هو الله عز وجل، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)﴾
أنا متأكد أنه ما من مأساة تقع على وجه الأرض في أي مكان في بلاد العالم إلا وراء المأساة معصية، وما من معصية إلا وراءها جهل، جهل معصية مأساة، يقول لك رجل المباحث الجنائية: في أية جريمة ابحث عن المرأة، لابد من امرأة وراء هذه الجريمة، لابد من علاقة خارج العلاقة التي سمح الله بها، فالإسلام انقياد تام لأوامر الشرع، أما الفسق فخروج عن هذا الأمر، إن كان خروجاً بالمال، بكسب المال، أو بإنفاق المال، هلاك المال وهلاك صاحبه معه نتيجة حتمية لهذا الكسب الحرام، وإن كانت المخالفة في العلاقات مع النساء أية علاقة ليست وفق الشرع لابد من أن تنتهي بكارثة، بمشكلة، بضياع أولاد، فالإسلام انقياد والفسق خروج عن هذا الأمر، وهذا الأمر ليس اعتباطياً، ليس عشوائياً، ليس متعنتاً، إنه أمر ينطلق من العلم، والخبرة، والواقع، والحقيقة، والحكمة، إما أن تكون مع أوامر الدين فأنت في سلام، وإما أن تشذّ عنها فتحمل الثمن الباهظ، يا رسول الله عظني وأوجز؟ فقال النبي الكريم: قل آمنت بالله ثم استقم، قال: أريد أخف من ذلك؟ هذه ثقيلة قليلاً، قال: إذاً فاستعد للبلاء.
الذي خلق المنطق هو الله، والذي خلق هذا الكون الذي تحكمه قوانين بالغة الدقة هو الله، ألا ينبغي أن يكون دينه فيه قوانين بالغة الدقة؟ كيف أن القوانين البالغة الدقة تحكُم المادة والطاقة، يقول لك: كيمياء، فيزياء، كيمياء نووية، فيزياء كيميائية، فلك، هذا الكون تحكمه قوانين دقيقة لأنه من خلق الله، وهذا الدين من عند الله، والله واحد.
فالذي جعل لهذا الكون قوانين بالغة الدقة لابد من أن يكون في دينه علاقات بالغة الدقة، أتمنى عليكم أن تكون هذه الفكرة واضحة عندكم.
العلاقة بين الطاعة وبين نتائجها علاقة علمية، والعلاقة بين المعصية ونتائجها علاقة علمية، أي إذا وضع الإنسان إصبعه على مدفأة مشتعلة تحترق الإصبع، احتراق الإصبع جزاء أم نتيجة؟ نتيجة، نتيجة حتمية لمقدمة هي وضع الإصبع على المدفأة، ليس عقاباً، نتيجة، وأي مشكلة تنشأ في حياة الإنسان الحقيقة ليست عقاباً إنما هي نتيجة حتمية لمقدمة من صنع يديك، يداك أوكتا وفوك نفخ، إنسان نفخ قُربة نفخها بفمه وربطها بيديه وركب عليها في الماء، ولا يُحْسِن السباحة، في وسط النهر لم يكن النفخ كثيراً ولا الربط محكماً انفلت الهواء وكاد يغرق فقال له أحدهم: يداك أوكتا وفوك نفخ، هذا من صنعك، قال تعالى:
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112)﴾
العلاقة المترابطة بين مصطلحي الإسلام والفسق:
موضوع الإسلام موضوع مصيري، إما أن تطبقه فتسلم، قال تعالى:
﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25)﴾
وإما أن تخرج عنه فتدفع الثمن، أبداً، حينما يغفل سائق السيارة عن الطريق ماذا يحدث؟ هل تستطيع أن تلوم الشركة الصانعة للسيارة؟ هل يجوز أن يفعلوا هكذا بالناس؟ السائق نائم ماذا أصنع لك؟ حينما يغفل الإنسان عن الطريق يتدهور، وحينما يغفل الإنسان عن الله عز وجل لابد من أن يسقط، فالإسلام انصياع لأوامر الله، هذه الأوامر واقعية، أي الذي خلق النفس الإنسانية أدرى بها، قال لك: غضَّ بصرك، فإذا أردت أن تهتدي بهدي آخر، بتشريع آخر، بنصيحة إنسان فاسق، أخي انظر إلى الجمال وسبّح الخالق، هذا كلام شيطاني، أما الرحمن فيقول:
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)﴾
تدفع الثمن، افعل ما شئت، قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40)﴾
من باب التهديد، افعل ما شئت، الإسلام انقياد، الفسق خروج، الإسلام تسبقه قناعة فكرية، اعتقاد صحيح، الفسق يسبقه اعتقاد فاسد، لماذا كان درس العقيدة؟ لأن الاعتقاد الصحيح يؤدي إلى الإسلام، والاعتقاد الفاسد يؤدي إلى الفسق، إذا الإنسان اعتقد أنّه ليس هناك حساب دقيق يوم القيامة، إذا اعتقد بسذاجة أن الحسنة بعشرة أمثالها، فإذا فعل تسع سيئات وحسنة يتعادلون، كأنه فَهِم القضية قضية أرقام تعادل ثلاثة واحد، خمسة ستة، ثم كانوا تعادلاً، تسع سيئات، أو عشر سيئات وحسنة، الحسنة بعشرة قالوا عشرة بعشرة فصاروا تعادلاً، الاعتقاد الفاسد يسبب فسقاً، والاعتقاد الصحيح يسبب إسلاماً.
بالمناسبة الاعتقاد الفاسد أي كل شيء يأتيك عن طريق السماع، أنت ما كلفت نفسك أن تبحث فيه، لا دققت ولا تحققت، ولا صدقت ولا كذبت، إنما جاءتك هذه العقائد من إنسان، من صديق، من أخ، من مدرّس، من خطيب أحياناً، تراكمت عندك اعتقادات بعضها صحيح، بعضها غير صحيح، لمّا أنت عطلت تفكيرك وما بحثت فيها، وما درستها، وما قيّمتها، وما دققت فيها، ترسبت في اللاوعي، إذا أنت سمعت من شخصين أو ثلاثة أو أربعة أنه مهما الإنسان فعل ذنوباً:
(( عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : شفاعتي لأهلِ الكبائرِ مِن أمتي. ))
[ صحيح أبي داود والترمذي وأحمد ]
الله عز وجل يوم القيامة يقول للنبي الكريم قم اشفع تشفع وأدخل أمتك الجنة، وانتهى الأمر، هذه إذا سمعتها من اثنين أو ثلاثة وما دققت فيها، ما حققت، ما محّصت، ما سألت، ما درست، قبلتها، هذه العقيدة الزائغة هذه تنقلب كسب مال حرام، أخي نحن أمة مرحومة، عندي أولاد، هذه العقيدة تحملك على الفسق، على النظر إلى النساء، على انتهاك الحرمات، ظناً منك أن القضية في النهاية محسومة، ما دام أنا لي انتماء لهذه الأمة ولهذا النبي فأنا سوف يشفع لي النبي عليه الصلاة والسلام، وتأخذ الحديث على ظاهره من دون أن تفهم حقيقته، وبواعثه ومؤداه، ((شفاعتي لأهلِ الكبائرِ مِن أمتي)) وتكون عندئذ الطامة الكبرى.
فالذي يتأتى إليك من دون دراسة، من دون بحث، من دون تفكير، من دون تدقيق، تسمعه من الناس، وتعطل فكرك مقابله، هذه العقيدة الفاسدة، قد يكون فيها متناقضات، سمعت مرة أن شخصاً يُعلِّم تلاميذه، قال له: سيدي أنا اشتريت حليباً ولم أبع، ما استفتحت، فلما خلطته بالماء استفتحت وبعت، قال له: صح يا ولدي، هؤلاء الناس كل مالهم حرام، هذا صح يا ولدي خرب بيته، هذا جاهل، المال صار مالاً حراماً، لما أنت بعت شيئاً مغشوشاً كسبت مالاً حراماً، كيف تعللت؟ أن الناس مالهم حرام فإذا لم تغشهم لا يشترون منك، ما هذا الكلام؟ هذا كلام فاسد، هذا كلام خلاف الدين،
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى صُبْرَةٍ مِنْ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلا فَقَالَ يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ مَا هَذَا قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَفَلا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ ثُمَّ قَالَ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا. ))
من غشّ ليس من غشنا، لو غششت مجوسياً، لو غششت ملحداً، لو غششت كافراً، مشركاً، ليس منا، ليس من غشنا، من غشّ، من غشّ حيواناً ليس منا.
إذاً العقيدة الصحيحة تفضي إلى الإسلام، العقيدة الفاسدة تؤدي إلى الفسق، الآن بعد الإسلام هناك وجهة إلى الله هي الإيمان، بعد الفسق يوجد إعراض عن الله عز وجل هو الكفر، قال تعالى:
﴿ وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54)﴾
كافر يصلي، معنى هذا له معاص، له انحرافات، مقطوع عن الله عز وجل، ما دام فاسقاً فهو مقطوع، ما دام مقطوعاً فهو مُعْرِض، مُعرِض كافر، أبداً، هذا هو مفهوم الكفر، الإعراض عن الله عز وجل بسبب المعصية، معصية، انقطاع، إعراض، كفر.
فالفسق مظهر سلوكي للكفر، الكفر مظهر نفسي للفسق، شيئان مثل العملة لها وجهان: الوجه الأول فسق الثاني كفر، المعصية تُسَبّب الكفر والطاعة تُسبّب الإيمان، الإيمان إقبال الكفر إعراض، الإسلام انقياد الفسق معصية، الإسلام يحتاج إلى عقيدة صحيحة الفسق يُبنى على عقيدة فاسدة، لا بد من أن يُحب بعضهما بعضاً، لا يمكن، لقاء المؤمنين في طريق الإيمان حتمي، قطعاً قولاً واحداً، لا يمكن لمؤمن أن يعادي مؤمناً قال تعالى:
﴿ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)﴾
هذا العداء بين بعض المسلمين هو عداء له تفسير، إما أنهم جميعاً منحرفون فعِداء مصالح، تصبح عداوة كار، أخي لماذا فلان يتكلم على فلان؟ لأنها صارت عداوة كار، لم يعد موضوع إيمان واستقامة ووجهة إلى الله، هؤلاء زبائن إذا كثروا زبائن الأول يغار منه الثاني يتكلم عليه، يتهمه بعقيدته، يتهمه بكلامه، إذا لم يكن هناك إيمان صار هناك زبائن وصار هناك عداوة كار، وصار هناك حسد وبغضاء وضغينة، أما إذا هناك إيمان صحيح هناك لقاء، هناك محبة، هناك مودة، ﴿لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ﴾ أي هذا الذي أُلح عليه في العقيدة مهم جداً، ترون معي أن العقيدة الصحيحة لابد من أن تنتهي بصاحبها إلى أن يكون مسلماً حقاً، وإذا كنت مسلماً حقاً لابد من أن تكون في المستقبل مؤمناً حقاً، وإذا كنت مؤمناً حقاً لابد من أن تنتقل إلى التقوى، وإذا كنت متقياً لابد من أن تكون محسناً، وإذا كنت محسناً لابد من أن تدخل الجنة.
عقيدة صحيحة، إسلام صحيح، إيمان صحيح، تقوى، إحسان، جنة عرضها السماوات والأرض، عقيدة زائغة يُبنى عليها الفسق والفجور، إذا كان إنسان قال لك قصة أن القضية ليست بالعمل،
(( فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ، قَالُوا : وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لَا، وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ. ))
حديث عظيم لكن أحياناً يُساء فهمه، يُوَجه توجيهاً خاطئاً، حديث صحيح رواه البخاري إلا أن بعض الناس يُسيئون فهم هذا الحديث فيفهمون من هذا أن الجنة ليست بالعمل، أنا أضرب مثلاً دائماً بهذا المعنى، إذا وعَد الأب ابنه بدراجة ثمينة إذا نجح، فهذا الابن إذا خرج من المدرسة آخر يوم ومعه الجلاء أنه ناجح، إذا توجّه إلى بائع الدراجات، وأعطاه الجلاء، هل يعطيه بائع الدراجات دراجة؟ هكذا قال لي أبي، ها قد نجحت، يقول له: اذهب وأعطني ثمن الدراجة، إلا أن يدفع الأب ثمنها، هذا معنى إلا أن يتغمدني الله برحمته، الجنة بفضل الله لكن هذا الفضل مبني على عمل الإنسان، هناك تكامل لا يوجد تعارض.
ادخلوا الجنة برحمتي واقتسموها بأعمالكم، الأب لا يدفع ثمن هذه الدراجة إذا كان الابن راسباً، وإذا الابن نجح لن يأخذ هذه الدراجة إلا إذا دفع الأب ثمنها، ليس هناك، هناك تكامل في الأفكار.
﴿ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (32)﴾
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92)عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)﴾
الجنة بالعمل وبرحمة الله سبحانه وتعالى، هذا هو التوفيق بين القرآن والحديث، التوفيق يحتاج إلى علم عميق، أما على ظاهر الحديث أُلغي العمل، أخي لا تُغَلب نفسك القضية ليست بالعمل، نحن أمة محمد مرحومة، يعمل الفسق، والفجور، ويأكل المال الحرام، ويسهر مع نساء أجنبيات لا يحللن له، يعمل سياحات، يذهب إلى أماكن رخيصة، يسبح على سواحل البحار بأماكن موبوءة، يدخل شوارع منحطة في بعض الدول الجنبية يقول لك: أنا فقط أطلع إطلاعاً، أخونا بالله يطّلع فقط لأنه يعرف القضية ليست بالعمل بل بالأمل بقيت:
﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123)﴾
آية واضحة كالشمس: ﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾ سلسلة؛ عقيدة صحيحة، إسلام صحيح، إيمان صحيح، عقيدة فاسدة، فسق، كفر.
الإيمان وجهة إلى الله بصحبة رسول الله:
الآن بعد الإيمان، الإيمان وجهة إلى الله بصحبة رسول الله، بصحبة نائب رسول الله عليه الصلاة والسلام، من ينوب عنه في تبليغ الناس الحق.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)﴾
كن معهم.
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)﴾
التقِ مع إنسان ليس له مجلس علم، يُحلل بعض المعاصي، يتهاون ببعض العبادات، يفتي لنفسه، يتساهل بأشياء لابد من الأخذ منها بعزم، يتشدد بأشياء لا قيمة لها، لأنه ضائع.
التقوى أن تنتقل من مرتبة الذوق إلى مرتبة الرؤية، التقوى أن تنظر بنور الله، وأن تنطق بتوفيق الله، في القرآن الكريم مئتا آية تتحدث عن التقوى، التقوى نور يقذفه الله في القلب، قال الله:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)﴾
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)﴾
التقوى بشكل مبسط، إنسان يقود سيارته في الليل، مصابيح متألقة من أعلى مستوى يقول لك: لمبات غاز مع بروجكترين، واضح الطريق وضوح الشمس، أما إذا انطفأ هذا الضوء فجأة، والظلام دامس، والمنعطفات كثيرة، على جوانب الطريق وديان سحيقة فالحادث حتمي،
(( عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأ الْمِيزَانَ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأَنِ أَوْ تَمْلأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالصَّلاةُ نُورٌ وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ. ))
فكل إنسان مقطوع عن الله أعمى، قال تعالى:
﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)﴾
بعد التقوى لا يوجد معصية، حينما ترى حشرة مؤذية تدعو إلى الاشمئزاز فوق صحن الطعام لا تأكله أبداً، إذا رأيت أما إن لم ترَ فإنك تأكل، إذا رأيت لن تعصي الله أبداً:
(( عن عبد الرحمن بن سمرة: ما ضرَّ عثمانَ ما عَمِلَ بعدَ اليومِ. ))
(( عن أبي هريرة: إنَّ اللَّهَ اطَّلعَ على أَهلِ بدرٍ فقالَ: اعملوا ما شئتُم فقد غفرتُ لَكم. ))
[ المباركفوري :تحفة الأحوذي: حكم المحدث: صحيح ]
انتهى بلغوا التقوى أي أصبحوا يرون الحقيقة:
﴿ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75)﴾
﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)﴾
إذا بلغت مرتبة التقوى، والله الذي لا إله إلا هو لو ملّكوك الأرض بأكملها -دقق بالكلمة-كل الشركات الضخمة بالعالم ملكك، وكل الأساطيل التجارية في البحر والبر والجو ملكك، وكل البنوك، وكل الفنادق، وكل أسواق الذهب، وكل الأرصدة ملكك، وفقدت التقوى فأنت أكبر خاسر، وإذا بلغت مرتبة التقوى، ورأيت الحق حقاً، والباطل باطلاً، رأيت كل شيء، رأيت ملكوت السماوات والأرض، رأيت الله في كل شيء، رأيت حقيقة الدنيا، رأيت حقيقة ما قبل الدنيا، ما بعد الدنيا، رأيت الأبدية، عندئذ تعرف أن المؤمن أسعد إنسان على وجه الأرض.
الناس نيام، هذه ساعة الموت ساعة رهيبة جداً، ساعة يعرف الإنسان فيها أنه في جنة يدوم نعيمها أو في نار لا ينفذ عذابها، هذه التقوى، أن ترى الحقيقة، أن تملك رؤية صحيحة، لذلك من الصعب على التقي أن يغلط، لا لأنه معصوم، الأنبياء معصومون، كيف هم معصومون؟ يتصور الإنسان هذا المعنى خاطئاً، أن الله عز وجل منعهم من المعصية، جيد، يا رب امنعني أنا أيضاً من المعصية، ما دامت القضية بيدك امنع الناس كلهم من المعاصي وأَرِحْهُم وأغلق جهنم أفضل لهم، ليست هذه هي العصمة، العصمة الأنبياء بإقبال إلى الله مستمر، هذا الاتصال المستمر فيه استنارة مستمرة، وما دام هناك استنارة مستمرة لن يقع الإنسان بمعصية، هنا صارت العصمة معناها دقيق جداً أي أنت بحكم فطرتك لن تقبل الأذى لنفسك.
إنسان يقود سيارة ملكه، دفع ثمنها ويرتفع ثمنها، إن وجد حفرة ينزل فيها؟ إذا نزل فيها يحتاج كم ألف تصليح، إذا الحفرة عميقة وعريضة، ينزل بها في اختياره؟ مستحيل، لا يوجد إنسان على وجه الأرض والسيارة تكون ملك له طبعاً والضوء شديد والحفرة واضحة ينزل فيها باختياره؟ فمن أين جاءت عصمة الأنبياء؟ من اتصالهم الدائم بالله عز وجل:
(( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ يُحَدِّثُ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ ﷺ مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ قَالَ: جَاءَهُ ثَلاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ نَائمٌ فِي مَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَالَ أَوَّلُهُمْ: أَيُّهُمْ هُوَ؟ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ: هُوَ خَيْرُهُمْ، وَقَالَ آخِرُهُمْ: خُذُوا خَيْرَهُمْ، فَكَانَتْ تِلْكَ، فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى جَاءُوا لَيْلَةً أُخْرَى فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ، وَالنَّبِيُّ ﷺ نَائمَةٌ عَيْنَاهُ وَلا يَنَامُ قَلْبُهُ، وَكَذَلِكَ الأنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ، فَتَوَلَّاهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ. ))
اتصال دائم، استنارة دائمة، صحوة دائمة، يقظة دائمة، حفظ، من أين تأتي المعصية؟ من ساعة غفلة، والعوام لهم دعوة أحبُّها يقولون:
"الله يجيرنا من ساعة الغفلة" عندما تقول هذا الدعاء يتصور أحدهم أنه فجأة صار معه حادث، ولكن ليس هذا هو القصد، ساعة الغفلة عن الله، الله يجيرنا من ساعة الغفلة عن الله، لأن في هذه الساعة التي نحن فيها غافلون لابد من أن نخطئ، قد يُطلّق الإنسان زوجته في ساعة الغفلة، وقد يزني الإنسان في ساعة الغفلة،
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ». ))
مادام مؤمناً فهو متصل، مقبل، مادام مقطوعاً يزني، ولا يكذب الإنسان في ساعة الغفلة، إذاً هذه هي الرؤية لذلك: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ﴾ معنى هذا التقوى غير الإيمان، الإيمان مرتبة، قال تعالى:
﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3)﴾
معنى الإيمان إذا قال لك إنسان: أنا مؤمن، الله يثبتك، كلام صحيح، أنا مؤمن، الإيمان مُعرَّض للكفر، يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، أما إذا بلغ مرتبة التقوى، هنا: ((اعملوا ما شئتُم فقد غفرتُ لَكم)) ، ((ما ضرَّ عثمانَ ما عَمِلَ بعدَ اليومِ)) هذه التقوى، ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ عقيدة صحيحة، إسلام صحيح، إيمان، تقوى، إذا نظرت بنور الله ماذا ترى؟ ترى أن الدنيا خُلِقْت فيها من أجل ان تعمل صالحاً يسعدك في الأبد.
كيف يكون لك مقعد صدق عند مليك مقتدر؟ كيف تستطيع أن تنظر إلى وجه الله في الآخرة؟ بوجه أبيض أساسه العمل الصالح فمرتبة الإحسان تأتي بعد التقوى، أي هي النتيجة الحتمية للتقوى، رأيت الحق حقا والباطل باطلاً، رأيت حقيقة الدنيا فجعلت الإحسان إلى الخلق دَيْدَنَك، يقابل الكفر عمى، التقوى بعد الإيمان، العمى بعد الكفر، بعد أن كفر أي أعرض، أعرض لأنه فسق، فسق لأنه اعتقد اعتقاداً فاسداً، فسق، كفر، أصيب بالعمى، فلما أصيب بالعمى، شهواته يقظى يريد أن يأكل وحده، وأن يسكن في البيوت وحده، وأن يتنعم وحده، فحينما كان أعمى أخذ ما له وما ليس له، وقع في الإساءة، الإساءة قبْلها يوجد عمى، والعمى قبله يوجد كفر، والكفر قبله يوجد فسق، والفسق قبله يوجد عقيدة فاسدة.
عقيدة صحيحة، إسلام، إيمان، رؤية، إحسان، الإحسان يقابله إساءة، الكافر مسيء أبداً، كيفما تحرك، كيفما تكلم، إن لم يكن مسيئاً شعر أن هذا اليوم غير طبيعي، هناك شخص يحب الأذى كثيراً، يقول: اليوم ليس طبيعياً، ما عملنا كثيراً، لم نؤذ أحداً، إذا لم يؤذ يكون غير طبيعي، من بعده عن الله عز وجل يحب أن يؤكد ذاته بالأذى، أنا موجود، أنا أستطيع أن أؤذي، لذلك إذا أردت أن تعرف مقامك عند الله فانظر فيم استعملك؟ ما نوع عملك؟ أهذا العمل مبني على خدمة الناس أم على إيقاع الأذى بهم؟ هذه المصطلحات ضرورية، الكفر إعراض، ممكن يكون هناك شخص حضر مجالس علم لسنوات طويلة، وغلبته نفسه فوقع في معصية، هذه المعصية قادته إلى الكفر، معنى الكفر البعد عن الله عز وجل، في آخر الزمان نساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، فالعنوهن لأنهم ملعونات، الكفر لعن، لعنهم الله أي أبعدهم عنه، لفسقهم وفجورهم.
الإحسان مبني على الرؤية،
(( فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَبِلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ، قَالَ: مَا الإِسْلامُ؟ قَالَ: الإِسْلامُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمَ الصَّلاةَ وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ، قَالَ: مَا الإِحْسَانُ؟ قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ. ))
النبي الكريم سئل: (( مَا الإِحْسَانُ؟ قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ)) فالإحسان أساسه التقوى، والتقوى أساسها الإيمان، والإيمان أساسه الإسلام، وأساس كل شيء العقيدة الصحيحة.
الآن ما هو النفاق؟ هناك مصطلحات جانبية أما تلك فأساسيات، خطان متوازيان، عقيدة صحيحة فاسدة، إسلام فسق، إيمان كفر، رؤية تقوى عمى، إحسان إساءة، جنة نار.
النفاق باطنه كفر وظاهره إسلام، أي إنسان كافر وُجِد في بيئته مسلمة، فمن أجل تحقيق مصالحه يتزيَّا بزي المسلمين، يحج معهم ليقال عنه: الحاج فلان، لينصب على الناس بأموالهم، يصلي رياء، يصوم رياءً، فالنفاق حالة هي كفر، إن المنافقين هم الكافرون، لكن يوجد كفر مغلف بغلاف إسلامي، هذا سببه رجل كافر موجود ببلد مسلم، يجوز في بعض البلاد العربية الإسلامية الصلاة إجباري، يقوم ويصلي لأنه يوجد عصا، قال لي: أكلت ضربة بالخيزرانة إلى الآن وأنا أعاني من ألم ظهري، كانت عنده في مكة فوراً أغلق المحل، قال لي: أذن المغرب، قلت له: هيا، أنا أعجبني هذا الاهتمام بالصلاة، قال لي: لا تظن من أجل الصلاة والله أكلت ضرباً، أعانني الله، طبعاً إذا إنسان يكره الصلاة وإذا ما صلى يأكل ضرباً بالعصا هذا النفاق، يخرج من هذه البلاد إلى أوروبا له سهرات حمراء لا يعلمها إلا الله، هذا النفاق، المظهر إسلامي المخبر كفر، ازدواجية، موقف حقيقي، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15)﴾
﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا﴾ والله مثل الدين لا يوجد سبحان الله! أنا أحياناً أنام أشاهد منامات حلوة يا أخي، أنا البارحة كنت صائماً يوم الاثنين وعلق بين أسناني سمسمة هل هذه تفطر؟ نكشتها وأكلتها، ما هذا الورع؟! يكون له خمسون معصية، ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ*اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ .
فالنفاق حالة كفر مغلفة بغلاف ديني، بسبب وجود كافر في بيئة يُطَبّق الإسلام فيها بالقهر، لذلك قال الله تعالى:
﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)﴾
جاء شخص من الحجاز في الصيف إلى الشام، صلّى في مسجد، لفت نظره ظاهرة أنا لم أنتبه لها إطلاقاً، قال: الدليل أن كل هؤلاء المصلين يصلون باختيارهم أنه في أثناء الصلاة كان هناك بائع يبيع ويصيح على بضاعته في أثناء الصلاة، إذاً كل هؤلاء الذين هم في المسجد قد دخلوا باختيارهم وطواعية، هذه الظاهرة نحن قد لا ننتبه إليها، فالنفاق أن يكون الإنسان كافراً في بلد يُطَبّق فيه الدين قهراً، فإما يُطبق الدين خوفاً أو طمعاً، إما تُغريه مصالحه فيطبق بعض مظاهر الدين أو تُخيفه العقوبات الرادعة فيلتزم خوفاً من أن يقع العقاب به، هذا المنافق، ألا إن المنافقين هم الكافرون، بل:
﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145)﴾
لماذا؟ كافر، لا، في الدرك الأسفل، إذا كان هناك طالب ترك المدرسة نهائياً، أما طالب داوم حتى البكالوريا، صار ينجح بأساليب ملتوية، ينجح بالغش، لا يدرس إطلاقاً، وجوده مع جو علمي، كل رفاقه صاروا أطباء ومهندسين وهو بقي وراء الناس، هو دخل إلى المدارس، وأضاع وقته، وأمضى وقتاً طويلاً في المدارس، هذا ألمه وندمه أشد من الذي ترك المدرسة نهائياً، عاش مع طلاب، دخلوا عليه مدرسين، سمع، قرأ، لكن ما اهتم نجح بالغش ثم ترك الدراسة، ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾ .
مَن هو الفاجر؟ الفاجر هو فاسق يتباهى بفسقه، أي الذي يُفطر في رمضان في الطريق هذا ليس فاسقاً لكنه فاجر، يقول لك: البارحة فعلت كذا وكذا، فاجر، الفاجر هو الذي يُعلن معصيته أي يفتخر بمعصيته، لذلك قيل: لا غيبة للفاجر، أنت تتكلم عنه؟ هو يتكلم عن نفسه، إذا إنسان فسق وستر نفسه، هذه هي القاعدة، إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا، أما إذا افتخر بالمعصية صار فاجراً لم يعد له غيبة، انتهى، لو تكلمت عنه لا يوجد مانع، بالعكس تكلم عنه، اذكروا الفاجر بما فيه يحذره الناس.
الملحد غير الكافر، الكافر، الله عز وجل قال على الشيطان:
﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50)﴾
معنى هذا الشيطان فسق عن أمر ربه، وقال عنه الله عز وجل كافراً، وقال بآيات أخرى:
﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82)﴾
إذاً هذا الشيطان آمن بوجود الله وآمن بعزته ومع ذلك هو عند الله كافر، بل أكْفَرُ الكفار، وعند الله فاسق.
إذاً الإلحاد إنكار وجود الله عز وجل، الكفر إعراض أما الإلحاد فإنكار، قد يكون الطالب وراء مقعده والأستاذ أمامه ملء سمعه وبصره وهو لا ينتبه إليه، ولا يقبض كلامه، ويتلهى عنه، هذا الطالب يكفر بأستاذه مع أن أستاذه أمامه يراه رأي العين، ويسمع صوته، ويرى صورته، فالكفر إعراض أما الإلحاد فإنكار، هناك إنكار للذات وهناك إنكار للصفات، إذا قال لك أحدهم: أين رحمة الله؟ هناك مجاعات بإفريقيا، هذا يُنكر رحمته، من أنكر رحمته فهو ملحد بأسمائه، من أنكر حكمته، يقول لك: سبحان الله! الله يعطي الحلاوة للذي ليس له أضراس، هذه كلمة خطيرة جداً، أنت بهذا تشك في حكمة الله عز وجل، إنكار الحكمة، إنكار الرحمة، إنكار العلم الله لا يعلم، هذا إلحاد بالأسماء.
علم ما كان، وعلم ما يكون، وعلم ما سيكون، وعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون، إلحاد في الأسماء أن تقول: لا يعلم، أو لا يرحم، أو ليس هناك حكمة، ليس هناك عدل، قبضة إلى الجنة ولا أبالي، وقبضة إلى النار ولا أبالي، لا على التعيين، وقفوا الطلاب في الباحة قال: الذين على اليمين ناجحون وهؤلاء راسبون، هم يحتاجون إلى فحص، الذين بجانب الجدار هؤلاء راسبون وهؤلاء ناجحون، هذا إنكار لحكمته.
الحديث له تفسير آخر أما هذا المعنى الذي يأخذه الناس من ظاهر الحديث، ويعدونه أنه لا يوجد قاعدة فأنا قد أكون بالقبضة التي إلى النار، ما من داع لأن أعمل، القضية منته أمرها، السعيد سعيد والشقي شقي، وانتهى الأمر، فالإلحاد بذاته أن تنكر وجوده، والإلحاد بصفاته أن تُنكر أسماءه، رحمته، علمه، عدالته وهكذا.
صار عندنا إلحاد، وفجور، ونفاق، وصار عندنا الآن نأخذ المصطلحات الجانبية، الأساسية عرفناها بدءاً من العقيدة الصحيحة فالفاسدة، الإسلام فالفسوق، الإيمان فالكفر، التقوى فالعمى، الإحسان فالإساءة، الجنة فالنار.
كيف أن الإسلام قطعي والفسق نسبي، وكيف أن الكفر إعراض عن الله وليس إنكاراً لوجود الله، وكيف أن النفاق موقف مزدوج باطنه فيه الكفر وظاهره فيه الإسلام، كيف أن الإلحاد في الأسماء أو بالصفات، هذه المصطلحات جزء أساسي من عقيدة المسلم:
﴿ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)﴾
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136)﴾
أي هذا المؤمن إيماناً شكلياً يدّعي انه مؤمن، يتوهم أنه مؤمن، عليه أن يؤمن إيماناً حقيقياً، آمن إيماناً حقيقياً:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)﴾
مرتبة أعلى، اتّقى، التقوى درجات، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ ثم الإحسان ثم الجنة.
إن شاء الله هذا آخر درس في المقدمات، وفي الدرس القادم ندخل في صُلب موضوعات العقيدة وهي الحديث في الإلهيات، أي الإيمان بوجوده، أسماء الذات، أسماء الصفات، أسماء الأفعال، أسماؤه الحسنى اسماً اسْماً، حالةً حَالةً، هذا نأخذه في الدرس القادم، في هذه الدروس العدة التي مرت بنا كلها مقدمات لموضوع العقيدة، الدرس القادم ندخل في صلب العقيدة، عرفنا لماذا خُلقنا، لماذا نحن على هذه الأرض، ماذا بعد هذه الأرض، قبل ذلك عرفنا الإنسان مما يتألف وما مقومات وجوده، عرفنا كيف يفكر، كيف يدرك، كيف يعتقد اعتقاداً صحيحاً، ما هي مسالك العقيدة الصحيحة، اليقين الإخباري، اليقين الحسي، اليقين الاستدلالي، اليقين الإشراقي، هذا كله درسناه، الذي أتمناه عليكم أن ترجعوا إن كنتم قد كتبتم شيئاً أو أن تتذاكروا بهذه الموضوعات وسوف نبدأ في الدرس القادم إن شاء الله بالإلهيات.
الملف مدقق