- موضوعات متنوعة
- /
- ٠4موضوعات متفرقة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من صحت علاقته مع الله صحّ عنده كل شيء :
أيها الأخوة الكرام، مراجعة شاملة ودرس للتوجيهات الإدارية.
الإنسان يمضي وقتاً طويلاً في حضور دروس العلم، لا شك أن طالب العلم تضع له الملائكة أجنحتها، حديث صحيح:
(( من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع ))
أنا أقول لكم: لا يوجد عمل يفوق أن تتابع أمر دينك، لأن دينك قوام حياتك، لأنه إذا صحت علاقتك مع الله صحّ كل شيء، لأنه إذا عرفت سرّ وجودك وغاية وجودك جاءت الحركة متسقة مع هدف وجودك، للتقريب إنسان سافر لمدينة في أوربا قال: إلى أين أذهب؟ نزل بفندق بباريس، واستيقظ أول يوم فسأل: إلى أين أذهب؟ نقول: عجيب هذا السؤال، أنت لمَ أتيت إلى هنا؟ إن جئت طالب علم فاذهب إلى المعاهد والجامعات، وإن جئت سائحاً فاذهب إلى المقاصف والمتنزهات، وإن جئت تاجراً فاذهب إلى المعامل والمؤسسات، هذا الكلام مفاده أنت كائن متحرك، أما هذه الطاولة فكائن ثابت لو تركتها على حالها مئة عام هي هي، هذا كائن ثابت، أما أنت كإنسان كائن متحرك فما الذي يدفعك إلى الحركة؟ عندك حاجات، أودع الله فيك حاجات، أودع الله فيك حاجة إلى الطعام والشراب حفاظاً على بقائك كفرد، وعندك حاجة إلى زوجة حفاظاً على بقاء النوع، لولا شهوة الإنسان إلى الطرف الآخر لانقرض النوع البشري، وحاجة إلى تأكيد الذات، الإنسان بعد أن أكل، وشرب، وأنجب أولادا،ً وتزوج، عنده حاجة ثالثة، الحاجة الثالثة هي حاجته إلى أن يشار إليه بالبنان، يكون إنساناً متفوقاً يقول لك: أنا أول طبيب، أنا معي بورد، أنا معي الشهادة الفلانية، أنا ربحت السنة الماضية كذا مليون، فالإنسان بعد أن يؤمّن حاجاته الأساسية، عنده حاجة ملحة هذه سماها علماء النفس تأكيد الذات، أي التفوق، أنت لا تحب أن تكون طالباً عادياً، تحب أن تكون طالباً أولاً، لا تحب أن تكون تاجراً عادياً بل تاجراً أولاً، لا تحب أن تكون مصنعاً عادياً بل مصنعاً أولاً، فالتفوق حاجة ثالثة، الطعام والشراب لبقائك كفرد، وحاجة الزوجة إلى الزوج لبقاء النوع، والحاجة إلى تأكيد الذات لبقاء الذكر، فالحاجات الثلاثة جعلتك كائناً متحركاً.
من جاءت حركته موافقة لمنهج الله سلم و سعد في الدنيا و الآخرة :
الآن ملخص الملخص، إن جاءت حركتك وفق منهج الله سلمت وسعدت في الدنيا والآخرة، أربع كلمات، سلمت وسعدت في الدنيا والآخرة، وإن لم تأت هذه الحركة وفق منهج الله شقيت وهلكت في الدنيا والآخرة، فالقضية مصيرية، أي حضور درس علم ليس كشراء باقة ورد، لا، حضور درس علم تلبية لحاجة مصيرية في حياتك، يأتي إنسان لا يطلب العلم يأكل مالاً حراماً يدمر ماله، يأتي إنسان آخر لا يعرف الأحكام المتعلقة بالمرأة يتساهل مع زوجته تقع بالخيانة فيطلقها، الأسرة تشردت، الإنسان إذا لم يطبق منهج الله عز وجل وقع في أشياء مدمرة، ليس قضية ثانوية أن تحضر درس علم أو لا تحضر، يسمونها قضية مصيرية، أي نجاحك في الدنيا نجاحك في زواجك، نجاحك في تربية أولادك، نجاحك في عملك، نجاحك في حياتك، متعلق بمعرفتك بالله عز وجل، فلا شيء يعلو على طلب العلم، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، و إذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل.
الأوامر الإلهية ليست حداً لحرية الإنسان لكنها ضمان لسلامته :
أيها الأخوة الكرام، الذي أتمناه أن يكون واضحاً لديكم أن الأوامر الإلهية القرآنية والنبوية ليست حداً لحريتك لكنها ضمان لسلامتك، تماماً كما لو أنك كنت تمشي في فلاة وجدت لوحة مكتوب عليها: حقل ألغام، ممنوع التجاوز، بربكم هل يشعر أحدكم لو قرأ هذه اللوحة بحقد على واضعها؟ بالعكس يشعر بامتنان، هل العاقل يرى هذه اللوحة حداً لحريتك؟ لا أبداً يراها ضماناً لسلامته، في اللحظة التي توقن بها قطعاً أن كل الأوامر والنواهي التي أمرك الله بها في الكتاب والسنة ليست حداً لحريتك لكنها ضمان لسلامتك هذا هو الفقه، الفقه أن تتحرك بوعي أن هذا الدين لمصلحتي، بشكل أو بآخر ولو كان كلمة غير مألوفة انطلاقاً من أنانية الإنسان ينبغي أن يطيع الله عز وجل، هو آلة معقدة جداً، ولهذه الآلة بالغة التعقيد صانع حكيم، ولهذا الصانع الحكيم تعليمات التشغيل والصيانة، فانطلاقاً من حبك لذاتك، ومن حرصك على سلامتك، ومن حرصك على سعادتك، ومن حرصك على استمرارك، ينبغي أن تطيع الله عز وجل، أهل الدنيا أحياناً حينما يتجاوزون الخمسين يقعون في قلق عام، بعد الخمسين اسأل أي إنسان توفي قريبه، كم عمره؟ يقول لك: تسعة وخمسون، اثنان وستون، واحد وخمسون، ثلاثة وستون، تسعة وسبعون:
((أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين ))
وقلّما من يجاوز ذلك، أكثر الوفيات بين الستين والسبعين، أو من الخمسة والخمسين للخامسة والستين، معنى هذا من دخل في الأربعين دخل في أسواق الآخرة، إذا إنسان سافر سفرة لمدة عشرة أيام، لا شك أنه في اليوم الثامن تنعكس النشاطات، في اليوم الثامن يقطع تذاكر العودة، في اليوم الثامن يشتري الهدايا، في اليوم الثامن يبلغ أهله، آتي في اليوم كذا في الساعة كذا، هناك نشاط باليومين الأخيرين يتناقض مع نشاط الثمانية أيام الأولى، ورد في بعض الآثار أنه من دخل في الأربعين دخل في أسواق الآخرة، ومن دخل في الستين صار أقرب إلى الموت، أي إنسان يموت اعمل هذه هوايتك كم سنة عمره؟ اليوم توفي إنسان، عمره سبعون سنة، له منصب رفيع بالعالم الغربي، ستون، خمسة وخمسون، أربعة وثمانون هذا شيء نادر، إذاً من دخل في الأربعين دخل في أسواق الآخرة، فالبطولة أن تتوقع ما سوف يأتي في المستقبل، ما هو العقل؟ من أدق تعريفاته أن تصل إلى الشيء قبل أن تصل إليه، أن تصل إليه بعقلك قبل أن تصل إليه بجسمك.
العاقل من يصل إلي الشيء بعقله قبل أن يصل إليه بجسمه :
أيها الأخوة الكرام، هناك فكرة سأشرحها لكم، الفكرة شيء والواقع شيء آخر، أنا مرة دعيت إلى أستراليا فتحت الانترنيت، الحرارة واحد، اثنان، خمس، لكن في الشام كانت الحرارة أربعين، أنا أعيش الحر، أعيش أربعين درجة، والناس خرجوا من جلدهم، أما الخبر بالانترنيت أن الحرارة بسيدني من درجة إلى خمس درجات، لكن أنا الذي أثر بي جو الشام، جو حار، لذلك الجو غلب على قناعتي، فأخذت ثياباً رقيقة جداً، عباءة خفيفة، وصلت إلى سيدني كان عندي درس صباحاً بجامع لكامبا، فأنا لم أشعر بالبرد كهذا اليوم، أدركت الفرق بين الواقع والخبر، هذا المثل سأستخدمه الآن بفكرة ثانية، الموت فكرة لكن لا سمح الله ولا قدر عندما يصيب أزمة قلبية أصبح أقرب إلى الموت، يدخل بحالة صعبة جداً، أنا أعبر عنها ينسى حليب أمه، يرى نفسه أنه سوف يموت باحتشاء في قلبه لا سمح الله ولا قدر، هناك أزمة قلبية حادة احتمال الموت كبير جداً يدخل بحالة صعبة جداً، من هو العاقل؟ الذي يصل لهذا الواقع القلق مبكراً قبل أن يصل إليه، يهيئ، كل شيء إذا توقعه الإنسان خفّ أثره، توقع غير المتوقع، فالإنسان إذا أدخل الموت في حساباته اليومية كان أشد انضباطاً.
مرة أحد أخواننا توفاه الله، أنا شيعت الجنازة حتى القبر، عندما فتحوا النعش، أنا أعرف مستوى حياته، أعرف مستوى أذواقه، فتحوا القبر، وضعوه بالقبر، لكن البلاطة أقصر من الفتحة بعشرة سنتمترات، فجاء الحفار ووضع بعض الأحجار بهذا الفراغ، أحجار غير متساوية، ولما أهال التراب أنا توقعت أنه نزل فوقه الكثير من التراب، أعرف بيته في المالكي، أعرف أثاث بيته، الفاز ثمنه يقدر بمليوني ليرة، الحرامات تأتي من باريس موهير بالطائرة.
والله هناك إنسان آخر أبلغ من ذلك، صاحب معمل وابنه صديقي، من باب اللياقة طلعت بالجنازة في باب صغير، فقال له الحفار والله هناك ماء سوداء في الأرض، فقال ابنه: ضعوه ماذا نفعل؟ تذكرت إنساناً ساكناً في المالكي، الحياة تفوق حدّ الخيال، ثمن بيته مئة وثمانون مليوناً، الرفاه الذي في بيته يفوق حدّ الخيال، القبر فيه مياه مجاري سوداء، استأذنوا ابنه فقال: ماذا نفعل؟ ضعوه.
الموت قضية خطيرة جداً :
أيها الأخوة الكرام، الموت قضية ليست سهلة، قضية خطيرة جداً، إذا ما أدخلت الموت في حساباتك اليومية، يكون هناك خطأ استراتيجي في حياتك، ليس معنى ذلك ألا تشتغل، فكر بالموت وخذ دكتوراه، فكر بالموت وأسس شركة، يجب أن تعمل، يجب أن تقدم للأمة شيئاً ثميناً، لكن مع الموت يكون هناك هدف واضح، مرة كنت في مطار بأمريكا شيكاغو، الآن هناك الكثير من الأشرطة المتحركة التي يقف عليها الإنسان وتمشي، أما في ذلك الوقت فكانت القضية نادرة، توقفت على الشريط والشريط يمشي، مشيت عليه السرعة مضاعفة وعلى اليمين حاجز وعلى اليسار حاجز، ما علاقة هذا المنظر بالموت لا أعرف؟ فكرت أن التفكر بالموت كهذا الشريط المتحرك، يسرع خطاك إلى الله، يمنعك أن تنحرف يمنة أو يسرة، الشريط المتحرك إن توقفت عليه يمشي، وإن مشيت عليه السرعة مضاعفة، وهناك سور يميني وسور يساريي، وهذان السوران يمنعانك من أن تنحرف يمنة ويسرة، هذا التفكر بالموت، النبي عليه الصلاة والسلام سنّ لنا التفكر في الموت كل يوم بين سنة الفجر وبين صلاة الفجر، يقول أحدهم: أنا أين أموت؟ يا ترى أموت في البلد؟ في بيتي؟ في عملي؟ في السفر؟ لا أعرف.
العاقل من يدخل الموت في حساباته اليومية :
والله أيها الأخوة الكرام هناك قصص فيها عبر كبيرة جداً، لي قريب له أصدقاء مدرسون، عندهم سهرة أسبوعية منذ عشرين سنة، مرة واحد منهم من باب الدعابة قال: أنا لن أموت سريعاً، فسألوه ما السبب؟ فعلاً كلامه صح، هو رشيق، أكله معتدل، أكله يحتوي على الكثير من الفاكهة والخضراوات، يمشي كل يوم ساعة، يأكل خبز النخالة، بحسب العلوم الأكل جيد جداً، وعنده حركة يومية، هذا الكلام تكلم به يوم السبت، والسهرة يوم السبت، السبت الثاني كان مدفوناً تحت الأرض.
أذكر مرة أخاً من أخواننا عنده مزرعة بصيدنايا، دعاني على الغداء، قال لي: اختر عشرة من أخوانك، عندنا أخ يحضر هنا أمام المنبر، كان رئيس المحكمة الدستورية العليا، أعلى منصب قضائي بالقطر، أنا أوده كثيراً، ذكي، وملتزم، فأنا هيأت أسماء ووضعت هذا الأخ على رأس القائمة، ودعوته فقال لي: حاضر، دعوته الثلاثاء والدعوة الخميس، الأربعاء كان مدفوناً تحت الأرض، لم يتح له أن يكون معنا في هذا الطعام.
الإنسان لحظة صار خبراً.
والله أيها الأخوة الكرام، ما من نصيحة أقدمها لكم أغلى من إدخال الموت بحساباتك اليومية ولو كنت شاباً، الموت لا يعرف عمراً إطلاقاً، يموت شاب، يموت شيخ، يموت بالخمسين، يموت بالأربعين، بالثلاثين.
الآن هناك ظاهرة عجيبة، قبل عشرين أو ثلاثين سنة موضوع الجلطة والأزمة القلبية كانت للسبعين وما فوق، الآن أسأل طبيب قلب، شيء عجيب جداً، إنسان بالخامسة والثلاثين معه جلطة، معه أزمة قلبية، هناك ضغوط بالحياة قوية جداً، ضغوط ومقلقات.
الراحة النفسية أحد أكبر أسباب الصحة :
أقول لكم كلمة حاسمة: سبب أن أجدادنا يتمتعون بصحة عالية جداً كان عندهم جهد عضلي كبير، وراحة نفسية، الجهد العضلي العالي والراحة النفسية أحد أكبر أسباب الصحة، ماذا تغير الآن؟ هناك كسل عضلي، أي لا يوجد عنده إمكانية لأن يرفع بلور السيارة يريدها أوتوماتيك، لا يريد أن يصعد خمس درجات يريد مصعداً، فنحن عندنا كسل عضلي، كل حياتنا أوتوماتيك، شريط متحرك درج يمشي، يصعد عشر درجات يسأل ألا يوجد درج أوتوماتيكي؟ ماذا حدث الآن؟ هناك كسل عضلي وشدة نفسية، دخل قليل، متطلبات كثيرة جداً، ضغوط اجتماعية، ضغوط عامة، أزمة دولية، تهديدات من أعدائنا مثلاً، تجد الإنسان يعيش أزمات عامة.
سلبيات التواصل بين العالم :
بعد ذلك هناك شيء ثان هذا التواصل بين العالم ما سلبياته؟ لا تكفيك همومك كل هموم أهل الأرض تسمعها كل يوم في الأخبار، كان كل بلد يعيش لوحده، عنده قليل من الهموم، أما أنت فعندك هموم ما يجري في الصين، هموم ماليزيا، هموم الشرق الأوسط، هموم العالم الغربي، الأزمة المالية، مئة وخمسون مصرفاً أعلنوا إفلاسهم، تعيش دوماً بهموم مستمرة، وهناك أعمال عنف مستمرة، وأخبار مستمرة، والله أتمنى على أخواننا أن يمنعوا أولادهم من مشاهدة الأخبار، كل يوم هناك دم، كل يوم هناك قتل، نحن بالخمسينات كل خمس أو ست سنوات يشنق مجرم في المرجة، تزحف دمشق كلها لأن هناك شخصاً سيشنق اليوم، الشام تزحف كلها ليشاهدوا قتل إنسان، أما الآن باليوم هناك مئة قتيل دائماً بالأخبار، تفجير، ألغام، الآن الوضع غير طبيعي، كل يوم هناك دم، كل يوم هناك قتل، كل يوم هناك تفجر، والطفل يشاهد هذا فأصبح عنده عنف، دخل العنف في حياته اليومية.
حدثني قاض قال لي: هناك جرائم ترتكب الآن من الأطفال تقليد للكبار، دون أن نشعر، فحياتنا استثنائية، لكن هذا الدين في آخر الزمان فيه أجر كبير:
(( إِنَّ الإِسْلامَ بَدَأَ غَرِيباً وَسَيَعُودُ غَرِيباً فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ))
الآن هناك غربة.
عظمة الدين الإسلامي أنه دين فردي و دين جماعي في آن واحد :
أخواننا الكرام انطلاقاً من حبنا جميعاً لسلامتنا ولسعادتنا ينبغي أن نتحرك كي نطبق منهج الله، هو الضمان الوحيد، والإنسان عندما يصطلح مع الله عز وجل له حياة من نوع خاص، أريد أن أطمئنكم أن هذا الدين عظمته أنه دين فردي و دين جماعي في آن واحد، تطبقه الأمة تنتصر، يطبقه إنسان ضمن فساد عام له معاملة خاصة، ظلم لا يوجد إن طبقته وحدك، دخلت إلى بيتك بيتك إسلامي، دخلك حلال، إنفاقك حلال، أولادك مؤمنون، ربيتهم تربية عالية، لك معاملة خاصة تتميز بها من الله عز وجل، أنت تستطيع أن تأخذ كل ثمار الدين بمفردك لو طبقته، لا تعبأ بالمجموع العام، المجموع العام متفلت، طبق منهج الله في بيتك وعملك، بالمناسبة لا تتوقع أن منهج الله عز وجل غير واقعي، ما كلفك الله فوق طاقتك، بماذا كلفك؟ بنفسك، وبيتك، وعملك فقط، الباقي مشاعر، أتمنى الناس أن يهتدوا، أتمنى الناس أن يطبقوا منهج الله، أسعى إلى ذلك، أدعو إلى الله، هذا موضوع ثان لكن بالنهاية الحساب على أشياء ثلاثة، هل أقمت الإسلام في بيتك؟ هل أقمته في عملك؟ من يمنعك أن تكون صادقاً؟ الآن في عصور الفساد من يمنعك أن تكون متقناً لعملك؟ قيم الدين بإمكانك أن تطبقها في كل زمان وفي كل مكان، وأنت في أعلى مستوى.
والله لا أكتمكم في أي مجتمع تطبق الدين لك مكانة فيه، لي صديق أنا أظنه صالحاً ولا أزكي على الله أحداً، أعرفه مستقيماً، له رئيس في الدائرة بعيد عن الدين كثيراً، ولسان، ومواقف، هناك مهمة وهو كان معه، هو خاف أن يكون بهذا السفر تجاوزات، وإذ به قد وجد أن رئيسه في الدائرة منضبط في السفر أشد الانضباط إكراماً له، بعدما سافروا ودخلوا إلى مطاعم طبعاً لم يحضر مشروباً أحضر عصيراً، قال له: أنت لاحظت أننا لم نغلط في السفر من أجلك، لأن دينك أصلي، معلمه قليل الدين و لكنه شعر أن هذا الإنسان يمشي صح فلم يغلط أمامه أبداً.
كل من حولك يحترمك إذا أنت مشيت بشكل صحيح حتى-سامحوني بهذه الكلمة- من يحارب الدين يحترم الدين احتراماً كبيراً، هذا الدين يرفع الله به أقواماً و يضع به آخرين، أينما ذهب المؤمن له مكانته، المؤمن محترم، من هاب الله هابه كل شيء ومن لم يهب الله أهابه الله من كل شيء، فبدائرتك، بحيك، لك مكانة كبيرة عند الله، وعند الناس، لأن الناس لا يتعلمون بآذانهم يتعلمون بعيونهم، شاهدك مستقيماً، شاهدك عفيفاً، شاهدك ورعاً.
من استخدمه الله عز وجل في الدعوة إليه رفع له ذكره و شأنه :
إذاً أيها الأخوة، بالمناسبة لا تهتم بالكم إطلاقاً، أي إنسان مؤمن له مكانة عند الله بمليون إنسان، لا تهتم بالعدد اهتم بالنوع، أنت مؤمن اجعل بيتك إسلامياً، اجعل عملك إسلامياً وطبق منهج الله عز وجل، قال تعالى:
﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾
والله يا أخوان هناك عطاءات كثيرة، مرة زرت عالماً بحلب، أنا أظنه صالحاً توفي رحمه الله، بيته متواضع، يسكن في بيت عربي، هو فقير، لكن له باع طويل في الدعوة وله مؤلفات، وصالح جداً ، تأثرت تأثراً بالغاً، انظر إلى المؤمن، هذه المكانة، أخوانه حوله، حياته نظيفة، حياته راقية، حياته فيها اتصال بالله عز وجل، أنا أقول لم لا تكون كذلك؟ ما الذي يمنعك أن تكون متفوقاً؟ لمَ تقبل أن تكون وراء الباب؟ نريد وراء الباب في الجنة، لا نريد الصدر، الطموح ضروري جداً، تفوق، ادع إلى الله عز وجل، اطلب العلم، وكل شيء بحسابه، مثلاً يمكن أن تدرس الحقوق لكن لا يوجد لك وظيفة، هذه الشهادة يوجد منها مئات الألوف، لكن عند الله عز وجل مستحيل أن تطلب العلم و لا يعمل لك وظيفة، الله يستخدمك في الدعوة إليه، وإذا استخدمك في الدعوة إلى الله رفع لك ذكرك، رفع لك شأنك، لأنه:
﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾
زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين :
العلماء قالوا: أية آية تنطبق على النبي عليه الصلاة والسلام تنطبق بشكل أو بآخر على المؤمنين، كما أن الله رفع ذكر النبي عليه الصلاة والسلام وكل مؤمن مستقيم يرفع الله ذكره، دخلت مرة إلى دائرة، وجدت هناك إنساناً مستقيماً له مكانة كبيرة جداً، لا يأكل قرشاً حراماً، مرة هناك شرطي أمام المحافظة عندما أكون ماشياً يقطع السير من أجلي، فأخجل من هذا، وعندما أكون راكباً بسيارتي يسهل لي المرور، مرة قلت له: من أين تعرفني أنت؟ قال: أنا أحضر عندك في جامع الطاووسية كل يوم درس الظهر، قلت له: أهلاً وسهلاً، قال لي: أنا أستاذ بهذا المكان أمام المحافظة منذ ثلاثين سنة، والله ما آذيت إنساناً بحياتي، ظاهره صالح جداً، قال لي: سبحان الله! وأنا دخلي لا يكفي، تقف سيارة أمامي تعطيني ظرفاً فيه عشرة آلاف، لأنه لا يأكل مالاً حراماً ألهم الله المحسنين ليعطوه، أخذ دخلاً حلالاً، قال: والله لا أعرف الشخص، يبدو أنهم يرونه إنساناً صالحاً، شرطي سير عادي، فيعطونه هذا المبلغ.
أنا أذكر هذه القصة أبكتني، كنت في طرابلس، هناك رجل صالح جداً، لكن لا يوجد عنده بيت ملك، بيته بالأجرة، يبدو صاحب البيت يريد أن يبيعه، فأخرجه من البيت أو أعطاه إنذاراً، المفاجأة أن أحد أكبر أغنياء طرابلس، رأى رسول الله في المنام قال له: اشترِ لفلان بيتاً، ركض إلى عنده ثم قال له: اختر أجمل بيت، هذه القصة نادرة، لكن الله عنده خيارات، والله اشتروا له أجمل بيت، إنسان غني رأى النبي عليه الصلاة والسلام ويريد أن يقدم شيئاً لله، اختار أحلى بيت واشتراه له، إذا كنت مع الله عز وجل لا تضام أبداً، أقسم لكم بالله زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين، وعد الله قائم، لا تخف:
﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
الإيمان مرتبة علمية و أخلاقية و جمالية :
لا تخف، لا تقلق، دائماً توكل على الله عز وجل، أنا فقط أقول مع العمل، تفوق في دراستك، تفوق في طلب العلم، لا تقلق، أقسم لكم بالله يتنزل على قلب المؤمن سكينة هذه السكينة يفتقر إليها معظم الناس، لو وزعت على أهل بلد لكفتهم، إذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك؟ ويا رب ماذا فقد من وجدك؟ وماذا وجد من فقدك؟ فلذلك لا تكن تقليدياً في الدين كن متفوقاً، اطلب العلم، طبق المنهج واعمل برنامجاً يومياً لنفسك، وقت لله، وقت لزوجتك، لأولادك، وقت لعلمك، وقت لإخوانك، طبق منهج الله عز وجل.
يقول لي إنسان ما أجمل شيء في الدين؟ والله هذه الكلمة ملخص دعوة عمرها يقدر بخمس وثلاثين سنة، أجمل شيء بالدين معاملة الله لك بعد أن اصطلحت معه، ترى العجب العجاب، توفيق عجيب، سعادة عجيبة، طمأنينة عجيبة، حكمة عجيبة، عندما تصطلح معه يصير معك، أنت معه وهو معك، يلهمك الصواب، يعطيك الحكمة، يعطيك السكينة و السعادة، تسعد بها ولو فقدت كل شيء، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء، المؤمن شخصية فذة، عنده جزء أخلاقي، عنده مرتبة إيمانية أخلاقية، وعنده مرتبة علمية، وعنده مرتبة جمالية، يذهبون إلى مقهى أو قهوة عامة، يحبون أن يتنزهوا، هناك خمسون طاولة، وأغاني صاخبة، وكل واحد ينظر إلى زوجة الثاني، ما هذا السيران؟ والله لا يوجد ذوق إطلاقاً، يأتي المؤمن بمكان جميل لوحده يأكل طعامه أمام زوجته وأولاده، هذا عنده أذواق عالية جداً، دعك من الآخرة، أذواق المؤمن عالية جداً، نمط حياته، نمط ثيابه، نمط أكله وشربه، أذواقه عالية جداً، الله هذبه، غير المؤمن تجد ما هذا الصخب؟ ليس معقولاً، جو مشحون بلعب الطاولة، اختلاط بين النساء والرجال، النساء سافرات وكل مفاتنهم ظاهرة، يذهب الإنسان ويعود معكراً، هكذا أهل الدنيا، المؤمن أي مكان بعيد عن الناس فيه شيء من الجمال يشعر بسكينة مذهلة.
المؤمن الصادق وعده الله بالجنة وهذا الوعد يمتص كل متاعب الحياة عنده :
فيا أخوان بشكل ملخص الإيمان مرتبة علمية، ما اتخذ الله ولياً جاهلاً لو اتخذه لعلمه، والإيمان مرتبة أخلاقية لا يوجد مؤمن يكذب، لا يوجد مؤمن يحتال، لا يوجد مؤمن يتآمر على آخر، والإيمان مرتبة جمالية، أذواق المؤمن عالية جداً، الإيمان مرتبة علمية ومرتبة أخلاقية ومرتبة جمالية، أذواقك عالية، أخلاقياتك عالية، وعندك علم عال، هذه الحياة محدودة، يعيش الإنسان سنوات محدودة في الحياة سمعته طيبة، بيته إسلامي، عنده شعور أن هناك جنة أمامه.
مرة إنسان بجلسة، فيها ثلاثون شخصاً، وهو بعيد عن الدين، أحب أن يستفزني، قال لي: تقول المؤمن سعيد، والله ليس سعيداً مثله مثل الناس، وهذا الكلام يقوله بشكل مضحك، مثله مثل الناس، قلت له: اشرح لي؟ قال: إذا كان هناك حرب الحرب مطبقة عليه، وإذا كان هناك أمطار غزيرة الأمطار تتساقط عليه، وإذا كان هناك غلاء أسعار الغلاء مطبق عليه، ما ميزته؟ أنا خطر لي مثل، قلت له: إذا إنسان عنده ثمانية أولاد، ودخله خمسة آلاف، هذا كيف يعيش؟ قال لي: ليس معقولاً، قلت له: وعليه دعوى إخلاء وبيته بالأجرة، قال: معقول! قلت له: هكذا، هذا الشخص الفقير الذي عنده ثمانية أولاد، وعليه دعوى إخلاء، وبيته بالأجرة، له عم معه خمسمئة مليون، وليس له أولاد، وهو وريثه الوحيد، ومات بحادث، قلت له: خلال ثانية عندما أبلغوه وفاة عمه صار معه خمسمئة مليون، هذا حتى يأخذ المال يحتاج إلى سنة بالمالية، لماذا هو بهذه السنة أسعد إنسان مع أنه لم يقبض قرشاً واحداً؟ ما أكل لقمة زائدة؟ دخل بالوعد، قال تعالى:
﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾
أنت من؟ أنت مؤمن وعدك الله بالجنة، الجنة تمتص كل متاعبنا، أنت موعود بالجنة:
﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾
أنا أقول كلمة: إذا أنت مؤمن صادق، الله وعدك بالجنة، وهذا الوعد يمتص كل متاعب الحياة، فهذا الفقير الذي معاشه خمسة آلاف، وعنده ثمانية أولاد، وبيته بالأجرة، وعليه دعوى إخلاء، خلال ثانية تملّك خمسمئة مليون، لكن حتى قبضهم بعد سنة، بهذه السنة هو أسعد إنسان، إذا رأى سيارة فخمة يقول: إن شاء الله سوف آخذ مثل هذه، وإن وجد فيلا بمصيف يقول: سنأخذ مثل هذه، دخل بالوعد، هذا حال المؤمن، وعده الله بالجنة، الوعد ليس قليلاً، من وعده؟ خالق السماوات والأرض، زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين.