- موضوعات متنوعة
- /
- ٠4موضوعات متفرقة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
حقائق هامة حول المولد النبوي الشريف:
أيها الأخوة الأكارم، نحن في ذكرى مولد النبي عليه الصلاة والسلام، هناك حقائق ينبغي أن أضعها بين أيديكم في مناسبة هذه الدروس.
الحقيقة الأولى أن المسلمين ألفوا الاحتفال بذكرى المولد، ومع أن الاحتفال بذكرى المولد موضوع خلافي فمنهم من يحرم الاحتفال بذكرى المولد ويقول: كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، أي أخذنا صاحبنا إلى جهنم إذا عملنا احتفالاً بذكرى المولد، ومنهم في بلاد أخرى ـ ليست في بلادنا والحمد لله ـ تقام احتفالات فيها اختلاط، وفيها رقص، وفيها بدع، لا يعلمها إلا الله، ولا يقبلها إنسان في الأرض، والحقيقة وسط بين طرفين، أول حقيقة أيها الأخوة الكرام، أريد أن أؤكد لكم أنك مهما مدحت رسول الله، و عملت مولداً له، و أحضرت سبعة علماء ليلقوا كلمات عن شمائل النبي عليه الصلاة والسلام، و أحضرت فرقة منشدين من الطراز الأول، و وزعت الحلويات، حينما نكتفي بمديح النبي عليه الصلاة والسلام والله ما فعلنا شيئاً إطلاقاً، هو أكبر من أن يحتاج إلى مديحنا، من نحن؟ إذا أقسم الله بعمره الثمين، من نحن؟ لكن أنا الذي أراه إن كان لهذا الاحتفال من مشروعية فهي أن يكون الاحتفال بذكرى المولد مناسبة لعقد العزم على تطبيق سنته، أنعم بهذا الاحتفال لأن الله عز وجل يقول:
﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي﴾
ما قبل الله دعوى محبته من دون دليل:
﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي﴾
ما يصيب العالم الإسلامي سببه عدم اتباع سنة النبي:
الشيء الأخطر هل تصدقون أن ما يصيب العالم الإسلامي من مآسٍ، واحتلال، ونهب ثروات، وحروب أهلية، وقتل، وسفك دماء، وقهر، سببه عدم اتباع سنة النبي عليه الصلاة والسلام، قل أين الدليل؟ بالدين لا يوجد رأي شخصي، لا
يجرؤ إنسان بالأرض أن يقول في الدين برأيه، من أنت؟
أحياناً يقول لك إنسان: هذه عندي غير مقبولة.
يقولون هذا عندنا غير جائز فمن أنتم حتى يكون لكم عندُ
***
من أنت حضرتك؟ بالدين لا يوجد رأي، رأيك بالأكل، هذه الأكلة لا أحبها، رأيك باللباس، رأيك بالسياسة، أما بالدين لا يوجد رأي:
﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾
هذا أمر أمر، فرض فرض، سنة سنة، واجب واجب، العبودية لله تعني أنه لا رأي لك فيما أمر الله به، والآية واضحة.
﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ ﴾
كلمة ما كان من أشد أنواع النفي.
﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾
أيها الأخوة الكرام:
﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (65)﴾
رأيك بالطعام، رأيك بالأثاث، رأيك بالبيوت، رأيك بأشياء كثيرة لا تعد ولا تحصى، بالدين لا يوجد رأي.
لا جدوى من أن نكتفي بمديح النبي لأنه يجب علينا:
1 ـ معرفة سير الأنبياء والمرسلين ليزداد إيمان المؤمن يقيناً:
أولاً: أيها الأخوة الكرام، النبي عليه الصلاة والسلام لا جدوى من أن نكتفي بمديحه بعبارة دقيقة، إن مدحته ترقى عند الله، أما إن مدحته وأنت مطبق لسنته جمعت الحسنيين، جمعت المجد من طرفيه، مدحته وأنت تطبق سنته، أنا ماذا
قلت؟
أن تكتفي بمديحه، أن تكتفي بالمديح شيء لا يقدم ولا يؤخر وأوضح مثل، ابن أمّي والأب عالم، أمضى هذا الابن حياته في مدح أبيه، يبقى هذا الابن أمياً والأب عالم، حتى لا تزل قدمنا، هناك وهم عند الناس، أن يعمل مولداً، يختار أفضل منشد، يدعو علماء كباراً، يحضر حلويات من الطراز الأول، يطبع بطاقات، ظن أنه فعل شيئاً، والله ما فعلت شيئاً إذا كان بيتك غير إسلامي، إذا لم تطبق المنهج، إذا كانت بناتك غير محجبات، إذا كانت زوجتك غير محجبة، إذا كانت تجارتك بضاعة محرمة، والله لو تعمل مليون احتفال لا تنتفع بكل هذا إطلاقاً، مع الله لا يوجد ذكي، مع الله يوجد مستقيم، هذه واحدة، لذلك الله عز وجل يقول:
﴿وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120) ﴾
إذا كان قلب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو سيد الخلق وحبيب الحق يزداد ثبوتاً بسماع قصة نبي دونه فلأن يمتلئ قلبنا إيماناً بسماع قصة سيد الأنبياء والمرسلين من باب أولى، أول غطاء قرآني:
﴿ وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾
2 ـ دعوة من الله عز وجل لمعرفة النبي عليه الصلاة و السلام:
الغطاء الثاني:
﴿أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾
دعوة من الله قرآنية لمعرفة رسول الله.
3 ـ أن نجتمع مثنى وفرادى ونتداول في رسالة النبي:
الغطاء الثالث:
﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّة﴾
ما لا يتم الفرض إلا به فهو فرض:
أيها الأخوة الكرام، لكن سؤال والإجابة عنه سهلة جداً وتتم بكلمة واحدة، لماذا تصلي؟
تقول لي: لأن الصلاة فرض، لماذا تتوضأ؟ تقول لي: لأن الوضوء فرض، لكن الوضوء ليس عبادة، غسيل، لأن الفرض إذا لم يتم إلا بالوضوء فالوضوء فرض، أي ما لا يتم الفرض إلا به فهو فرض، أنا سأقدم لكم دليلاً قطعياً؛ لا يقدر إنسان أن يقول كلمة إذا قال الله عز وجل:
﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾
هذا الأمر من لوازمه أن تعرف ما الذي آتاك وما الذي عنه نهاك، يمكن أن تنفذ هذا الأمر وأنت تجهل ما الذي آتاك؟ يمكن أن تنفذ هذا الأمر وأنت تجهل ما الذي عنه نهاك؟ فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ما لا يتم الفرض به فهو فرض، ما لا تتم السنة إلا به فهو سنة، بالمناسبة كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب ما لم تقم قرينة على خلاف ذلك، كيف؟ هذه قضية بلاغية، إذا قلت: في بيتنا زهرة، أي نبات، أي وردة، إذا قلت: في بيتنا زهرة تلعب، كلمة تلعب لا تدل على أن الزهرة زهرة، تعني أن الطفل كالزهرة، لأن هناك قرينة تمنع تصور المعنى الحقيقي، المعنى الحقيقي الزهرة نبات، فإذا قلت: تلعب معنى ذلك أن هذه ليست زهرة هذا طفل جميل كالزهرة.
كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب ما لم تقم قرينة على خلاف ذلك:
أيها الأخوة الكرام، كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب، اسمعوا الأمر في القرآن الكريم:
﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُر﴾
دعك من فليؤمن.
﴿ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾
هذه لام الأمر ما قولك؟ هناك أمر بالكفر؟ ممكن؟ قال علماء البلاغة: هذا أمر تهديد، أحياناً يقول الابن لأمه: سأكسرها، تقول له: اكسرها و انظر ماذا سأفعل بك؟ هذا أمر تهديد، إذا كان الأمر تهديداً يلغى التنفيذ، هناك أوامر تهديد:
﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُر﴾
اعملوا ما شئتم، هذا أمر خرج عن كونه أمراً، أمر تهديد، قال تعالى للمؤمنين:
﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا﴾
﴿ تُسْرِفُوا﴾
أنا لا أريد أن آكل، صيامه صحيح هذا ليس أمر وجوب أمر إباحة لك أن تأكل قبل الفجر ما شئت:
﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾
هذا أمر إباحة، أمر ثان:
﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ ﴾
لا يوجد عنده بيت، ولا معه مهر، هذا أمر ندب، هناك أمر ندب، و أمر تهديد، و أمر استفهام، أيها الأخوة الكرام، كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب ما لم تقم قرينة على خلاف ذلك.
معرفة سنة النبي القولية والعملية فرض عين على كل مسلم:
إذا الله عز وجل قال:
﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾
فخذوه أمر يقتضي الوجوب وما نهاكم عنه فانتهوا، والنهي يقتضي الانتهاء، بالضبط يمكن أن تنفذ أمر النبي وأنت لا تعرفه إطلاقاً؟ مستحيل، إذاً من لوازم طاعتك لله أن تأخذ ما جاء به النبي، ومن لوازم أن تأخذ ما جاء به النبي أن تعرف سنته القولية والعملية، إذاً معرفة سنة النبي القولية والعملية فرض عين على كل مسلم.
والشيء الذي أتمنى أن يكون واضحاً كيف استقر بذهن الناس خلال قرون متتالية أن الدين صوم وصلاة وحج وزكاة؟ الدين خمسمئة ألف بند، هناك أوامر بالبيوع والشراء، والوكالة، والكفالة، والإرث، أوامر في عرض البضاعة، ألا يكون هناك غشاً، لو تتبعت الأوامر الإلهية بالقرآن والسنة في شتى الموضوعات لوجدتها تزيد عن خمسمئة ألف بند، الدين منهج تفصيلي، النبي رأى إنساناً يذبح شاة أمام أختها فغضب و قال له: هلا حجبتها عن أختها؟ أتريد أن تميتها مرتين؟ هذا نهي، ما ذبح دابة حتى استقرت وسكنت هذا أمر ثان.
ذهبت لتشتري سمكاً من المسمكة، فقال لك صاحب المسمكة: هل أنظف لك السمك، قلت له: نعم، كيف تنظفها والسمكة طيبة؟ إذا ذبحتها وسحبت أمعاءها عذبتها، لا يمكن أن تنظفها قبل أن تسكن، تموت نهائياً.
من هذا الأمر مئات الألوف في البيع، في الشراء، في الإيجار، في الاستئجار، أنت حينما تعرف أمر الله التفصيلي وتستقيم عليه تسعد وتسلم.
ما لا يتم الأمر إلا به فهو أمر وما لا يتم النهي إلا به فهو نهي:
إذاً بمناسبة ذكرى المولد، معرفة سنة رسول الله القولية والعملية فرض عين على كل مسلم، لأن الله أمرنا أن نأخذ ما آتانا وأن ننتهي عما عنه نهانا، ما لا يتم الأمر إلا به فهو أمر، وما لا يتم النهي إلا به فهو نهي، أنت يأتي ذكرى المولد يجب أن يكون مناسبة كي تطّلع على أقوال هذا الإنسان العظيم، أقل ما يكون كتاب حديث في بيتك وليكن رياض الصالحين، كله أحاديث صحيحة، أقل ما يكون برنامج في الكومبيوتر، والله أيها الأخوة الكرام، العلم تطور، أنا أحياناً أسافر معي كومبيوتر صغير جداً، فيه برنامج على الهارد، فيه خمسة عشر ألف كتاب، فيه مئتان وثمانون تفسيراً، كل كتب الفقه على كل المذاهب، أصول الفقه، تاريخ الفقه، السير، التراجم، الحديث، القرآن، علوم القرآن، كل بند مئتان وثمانون، أربعمئة، أربعمئة وثمانون كتاباً، أضغط عليه يخرج الكتاب ثمانية عشر جزءاً، بالحرف الجميل، مشكل، العلم تطور، برنامج حديث اكتب كلمة منه يقول لك: ورد بأي كتاب صحيح، ضعيف، حسن، من رواه، شيء مذهل، العلم بلغ درجة يسمونها ثورة المعلومات.
كنت مرة بطريقي إلى مدينة لمؤتمر علمي، جالس إلى جانبي رئيس جامعة الأزهر، شخصية مهمة جداً، فأنا معي الكومبيوتر وهو إلى جانبي وأريه، وهو لا يستعمله إطلاقاً، قال لي معقول؟ خمسة عشر ألف كتاب، تفتح الكتاب مضبوط بالشكل، فيه بحث، الفصول، الأبواب، الفهرس، معقول إنسان يسافر مع خمسة عشر ألف كتاب؟ تحتاج إلى أربعة جدران إلى السقف، أحياناً إنسان يذهب نزهة، يأخذ معه هذا الجهاز، أنا ذاهب معي خمسة عشر ألف كتاب من الأرض إلى السقف، تفتح الانترنيت تطلب سؤالاً يأتيك ستة وعشرين ألف جواب، أحياناً يأتيك مئتين وستين ألف جواب، ليس معقولاً، ثورة المعلومات مذهلة.
الآن أيقظ إنساناً من قبره، وقل له: هذا فيه خمسة عشر ألف كتب، يقول لك: أنت مجنون، الذي عاشوا مع الكتب لا يصدقون هذا، كتاب أربعين جزءاً يحتاج إلى رف بأكبر خزانة.
كنا نذهب إلى المؤتمرات، ومن لوازم المؤتمرات أن يعطوك المحاضرات كلها، باللغة العربية، والإنكليزية، والفرنسية، وأنا عندما أحضر مؤتمراً كنت أخشى هذا، الآن تحضر مؤتمر يعطونك "CD"، ثلاثمئة وثمانين محاضرة، المحاضرة أربعمئة صفحة، CD واحد تضعه في جيبك، شيء مذهل.
كنت مرة في السعودية لا يوجد عندهم كتب، هناك مكتبة شاملة؛ خمسة عشر ألف كتاب تأخذه CDمن الحرم المكي مجاناً، من يستطيع أن يحضر لبيته خمسة عشر ألف كتاب مجاناً؟ لي صديق عنده مكتبة يقول لي: هذه الموسوعة البريطانية ثمنها خمسة وسبعون ألفاً، قلت له: ممتاز، الآن ثمنها خمسة وخمسون ليرة تذهب إلى البحصة تأخذ CDالموسوعة البريطانية، تجد أعمالاً عظيمة جداً، ثمنها بمئات الألوف الآن ثمنها خمسة وخمسون ليرة، التطور العلمي مذهل، استفيدوا منه، لأن كل إنسان يستطيع أن يكون عنده مكتبة.
العلم قوام حياتنا:
العلم قوام حياتنا، والعلم الديني ممتع نافع ومسعد، هناك علم ممتع لكن غير نافع، هناك علم ممتع نافع أنت طبيب و المرضى عندك كثر، كل واحد يدفع ألف ليرة مثلاً، أما هناك علم ممتع نافع مسعد، هو معرفة الله عز وجل، ومن خطأ الإنسان ألا يستفيد من تجارب العصر، الآن للتقريب أنا أسافر مثلاً إلى كندا أتوقع ألا يعرفني أحد،أتفاجأ كأني في الشام، الناس عرفتني من الانترنيت، يدخل إلى الموقع في اليوم مليون شخص من كندا، من البرازيل، من السويد، من النرويج، من الدانمرك، من فرنسا، من اليابان، من نيجيريا، من استراليا، العالم كله الآن سطح مكتب، كان العالم خمس قارات صار قارة واحدة، ثم بلداً واحداً، ثم مدينة، ثم قرية، ثم بيتاً، ثم غرفة، ثم سطح مكتب، أي شيء يقع في الأرض تراه بعد دقيقة، تراه رأي العين كما هو العالم الآن أصبح سطح مكتب، أينما تذهب تجد الأخبار واصلة بالتمام والكمال، تذهب إلى باريس تشاهد الأخبار بقناة عربية، كأنك بالشام، تذهب إلى أي مدينة في العالم كل شيء تجده باللغة العربية.
أنا أريد أن أقول: إن هذا العصر عصر ثورة المعلومات، الاتصالات، من كان يصدق أن الرسالة كانت تحتاج إلى ثلاثة أشهر من المدينة فرضاً لأذربيجان تركب خيلاً وأربعة وخمسة حتى تصل، الآن تكتب رسالة بالبريد الإلكتروني بثانية تكون في أمريكا، معك الهاتف المحمول تتكلم مع ابنك في أمريكا سبع عشرة ساعة طيران تختصرهم بثانية واحدة، هناك تطور مذهل الآن، تركب طائرة من دمشق إلى سيدني، تطير فوق الأردن والسعودية، وفوق الخليج، ثم فوق إيران وباكستان وماليزيا، حتى سنغافورة، ثم سيدني، أقصى مكان في الدنيا يحتاج إلى سبع عشرة ساعة، انظر الخارطة، فأنت استفد من ثورة المعلومات هذه.
أيها الأخوة الكرام، العلم مؤمن بأي مكان يوجد مكتبات، يوجد سيديات، يوجد فضائيات، يوجد مجلات، يوجد صحف، يوجد مراكز إسلامية، العبرة الآن بالتطبيق، تطبق فترقى عند الله عز وجل.
من طبق سنة النبي فهو في مأمن من عذاب الله عز وجل:
أيها الأخوة الكرام، القصد أن ذكرى المولد فقد أن يكون مناسبة لعقد العزم على اتباع منهج النبي عليه الصلاة والسلام، لكن أدق شيء قوله تعالى:
﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) ﴾
ما دامت سنة النبي صلى الله عليه وسلم مطبَّقة فينا فنحن في مأمن من عذاب الله، هذا الكلام عام، الناس لم يطبقوا ماذا تفعل أنت؟ تطبقها لوحدك، فتقطف ثمار الدين لوحدك، عظمة هذا الدين، هذا الدين هواء يجب أن يستنشقه كل إنسان من دون فاتورة، هل تستطيع أن تدخل إلى طبيب من دون مبلغ بجيبك؟ لا تقدر، تدفع سلفاً للسكرتيرة ثم تدخل، إلى عند محامي، محل تجاري، هل تستطيع أن تدخل لأي مكان في الأرض من دون مال؟ إلا الجوامع مجاناً، هل دفع أحد شيئاً، هل أخذتم إيصالات؟ هذا بيت الله العلم مبذول للجميع.
سبحان الله! موضوع الدين لأن هناك آخرة تجد الإنسان يتمنى أن يتعين خطيباً مجاناً، فموضوع الدعوة إلى الله أكبر شرف، أكبر منصب، أكبر عطاء، أمور الدين عليها تنافس مجاناً، مثلاً: ملك طلب من أستاذ رياضيات أن يعطي ابنه عدداً من الدروس، هذا الأستاذ أفقه ضيق أعطاه عشرة دروس و لم يحاسب فتضايق، قال: أين الأجرة؟ قال: كم تريد يا أستاذ؟ قال: كل درس ألفي ليرة، خلال دقيقة أحضر له عشرين ألفاً، لا يعرف الأستاذ كم كان سيعطيه الأب، حضّر له بيتاً وسيارة، فالإنسان عندما يعمل عملاً صالحاً ويطلب عليه أجراً أشعر أنه لا يعرف شيئاً إطلاقاً.
مرة يقول لي أخ قُطع في مكان و السيارة لا يوجد بها رافعة، والعجلة أصيبت بعطل، لكن المكان قبل طلعة شديدة، يقول لي: توقفنا ساعتين لا أحد يقف لنا، نحتاج فقط رافعة نستخدمها لمدة خمس دقائق، قال لي: ثم توقفت سيارة، قلنا له: هل معك رافعة؟ فأعطاني إياها، يقول لي: فلما انتهيت قال لي: اسمح لي بخمس ليرات، فقال له: والله لو طلبت مئة لأعطيتك لكن يا ليتك لم تطلب الخمس ليرات لأنك إنسان شهم.
الداعية إنسان لا يريد إلا وجه الله عز وجل:
أيها الأخوة الكرام، عندما تعرف الله عز وجل تجد أفقك ضيقاً إذا طلبت أجرة، مرة إنسان بعيد عن الدين دعاني لإلقاء كلمة في عقد قران، ثم قال كم تريد على هذه الكلمة؟ قلت: أعوذ بالله بحياتي لا أخذ قرشاً، ومرة قال لي إنسان غير
مسلم: صاحب هذا العقد غني؟
قلت له: لماذا؟ قال: انظر أحضر ثمانية عشر عالماً وكل عالم يريد خمسين ألفاً، قلت له: كل هذا مجاناً، نحن لا يوجد عندنا أحد يأخذ شيئاً، لا يعرف ما معنى داعية، يموت بالدعوة، لا يريد شيئاً يريد فقط الله عز وجل:
﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) ﴾
سبحان الله، هم في مساجدهم والله في حوائجهم، هناك حديث أنا قرأته منذ أربعين سنة وقد وصل إلى أعمق ما أملك:
(( من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته فوق ما أعطي السائلين ))
أنا أقول لإخواننا، اعمل بعمل صالح والله تأتيك الدنيا وهي راغمة:
(( من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته فوق ما أعطي السائلين ))
العمل الصالح يتألق بإطعام طعام أو إكرام إنسان أو معاونته:
بشكل أو بآخر يا أخوان تاجروا مع الله، فإذا وضع إنسان ماله بشركة، وأعطته ثمانية عشر بالمئة، يمشي بالعرض،
فكيف إذا أعطاك الله على المئة مليون؟
من يضع لقمة في فم زوجته يراها يوم القيامة كجبل أُحد، إذا اعتنيت بأخيك، جاء أخ لك من حلب دعوته إلى العَشاء يستأنس، اذهب إلى المطعم كُلْ واذهب إلى الفندق ونم، يقول لك: دمشق ترحب بكم كيف؟ لا يوجد شيء إطلاقاً، أما أخ من حلب، من حمص، أخذته إلى البيت، أطعمته، يشعر أنه قريب، يحس أنه مؤمن، ليس من الضروري أن تتكلف، لا نتكلف بالمفقود بل نجود بالموجود، أحياناً العمل الصالح يتألق بإطعام طعام، بإكرام إنسان، بمعاونة إنسان:
﴿وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾
نحن تألقنا في ذكرى المولد، بتطبيق سنة النبي عليه الصلاة والسلام، أي مثلاً:
(( أدبوا أولادكم على ثلاث خصال على حب نبيكم وعلى حب آل بيته وتلاوة القرآن ))
إذا إنسان عنده كتاب عن الصحابة، وجلس مع أهله بعد الطعام، قرأ لهم صفحتين عن صحابي جليل، تغير الجو، صار جواً مقدساً، جو حب، جو تعظيم، شيء جميل، مرة دخلت إلى بيت نراه لأخ يريد أن يشتريه، التلفزيون مفتوح وطفل مضطجع على الأرض ورجل فوق رجل، يتابع المسلسل، طبعاً دخلنا إلى الغرفة أنا ووالده، فلم يقف بل تابع المسلسل، اجعل البيت فيه روحانية، فيه قصة عن صحابي، قرآن، بيت يتلى فيه القرآن بيت مبارك.
في ذكرى المولد يجب أن نعقد العزم على تطبيق سنة النبي حتى ننتفع بهذه الذكرى:
أريد أن اصل إلى حقيقة؛ نحن في ذكرى المولد يجب أن نعقد العزم على تطبيق سنة النبي عليه الصلاة والسلام حتى ننتفع بهذه الذكرى، أما كل شيء بخلاف ذلك والله لا يقدم ولا يؤخر، والذين حرموا الاحتفال بذكرى المولد أحياناً معهم حق، على قدر ما شاهدوا في بعض البلاد من بدع ومعاص، ومن آثام، ومن اختلاط ورقص مختلط، نحن من فضل الله هذا الموضوع عندنا نظيف جداً.
مرة سكن إنسان في البناء الذي أسكن فيه، وهو من دول الخليج، حضر الدروس كلها، وكان وجهه متألقاً، وأنا أحببته، فزرته في البيت فرد لي الزيارة، عندما ردّ لي الزيارة كان عندي عقد قران، قلت له: هل تذهب معي؟ قال: أعوذ بالله هذه كلها بدع، قلت له: اذهب وأخذته غصباً، كان هذا العقد في صالة مضاءة بالأنوار، و هناك تلاوة قرآن، و نشيد عن أسماء الله الحسنى، وكلمة لي، وكأس من البوظة فطار عقله، قلت له: هذه عقود قراننا، هناك ضيافة وكلمة من عالم، وأناشيد منضبطة لا يوجد دف، ولا رقص، ولا اختلاط، الاحتفال بذكرى المولد يجب أن يكون مناسبة لعقد العمل على اتباع منهج النبي عليه الصلاة والسلام، وابحث عن سنته القولية والعملية، وحاول أن تقلده في بيتك، إذا دخل إلى البيت والطعام غير جاهز، ماذا يفعل؟
(( هل عندكم شيء ؟ قالوا: لا، قال: فإني صائم ))
أنت لست صائماً لكن انتظر نصف ساعة، تحتاج إلى بال طويل، كلما قرأت سنته تتأدب بأدبه، كان خلقه القرآن الكريم، مرة سئل ما هذا الأدب؟ قال:أدبني ربي فأحسن تأديبي.