- موضوعات متنوعة
- /
- ٠4موضوعات متفرقة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة الكرام، هذا الدرس إن شاء الله سيكون في موضوع دقيق جداً، وهو أن الإنسان في رمضان أكرمه الله بالصيام، وفي أول شوال أفطر.
يجب علينا أن نتابع المكتسبات التي حققناها في رمضان
(( للصّائِمِ فَرْحَتانِ: فرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ، وفَرْحَةٌ حِينَ يَلْقى رَبّهُ ))
لكن المشكلة أن المكتسبات التي حققتها في رمضان ينبغي أن تحافظ عليها بعد رمضان، وما رمضان في حقيقته إلا تقوية للإرادة، فأي شيء أكرمك الله به في رمضان ينبغي أن يستمر بعد رمضان، حتى يغدو الصيام قفزة نوعية في علاقتك مع الله.
جميع المعاصي والآثام التي تركتها في رمضان ينبغي أن تتابعها بعد رمضان، لكن بشكل أو بآخر الله عز وجل جعل هذا الشهر تقوية للإرادة، لكن الله في كل الشهور والأعوام، لو أن إنسان ندم أو فاتته طاعة، أو فاتته عزيمة في رمضان فبإمكانه أن يعقد العزم بعد رمضان أن يتابعها، الله عز وجل موجود، وهو مع الإنسان في كل دقيقة، والله عز وجل:
(( يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِه ))
والنبي عليه الصلاة والسلام علمنا أن أحب الأعمال إلى الله أدومها، وإن قلّت، الديمومة تحدث تراكمًا، والفورات التي تتلاشى، وبعد حين تحدث إحباطا، وهناك أشخاص ألفوا أن يفوروا، ثم ينطفئوا، أما المؤمن فكان عمل النبي صلى الله عليه وسلم ديمة، يعني أنه مستمر، فإذا أنت قررت أن تدفع صدقة فحاول أن تستمر بها دائماً، إذا ألفت أن تصلي في مسجد حاول أن تتابع هذه الطاعة، إن حملت نفسك على غض البصر فحاول أن تغض البصر دائماً، إن حاولت أن تضبط لسانك عن الغيبة والنميمة فحاول أن تتابع هذا دائماً،
لم يفصل الدين بين العبادات الشعائرية و التعاملية
لأن مشكلة المؤمن أن علاقته مع الله عز وجل مبنية على استقامته، ولما يفصل الدين عن الدنيا، ولما تفصل العبادات الشعائرية عن العبادات التعاملية يقع المسلم في إحباط شديد، وأخطر شيء في الحياة أن تفصل الأحكام الدينية عن نظم الحياة، فالشخص قد يصلي، ويصوم، ويحج، ويزكي، أما في حياته اليومية، في بيته، في عمله، يعيش كما يعيش بعض الناس، في انقطاع عن الله، في تصحر، في تعب من العبادة، قال الله عز وجل:
﴿وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45)﴾
الصلاة كبيرة وصعبة إلا على من خشع قلبه لله، وعلى من استقام على أمر الله،
المؤمن و مسلم المناسبات
والحقيقة أن المواسم رائعة، ولها فائدة لطيفة، تحدث حركة، يقال لك: دورة مكثفة، فرمضان دورة مكثفة، وشيء لطيف، لكن في الأصل المؤمن عمله مستمر.
في الشعر والأدب يقال: هذا شاعر مناسبات، كأن مرتبته أدنى، وكل مناسبة، وفي كل عرس له قرص، هو شاعر مناسبات فقط، أما الأديب الملتزم فهو الذي حمل قضية أمته، وجعل كل وقته من أجلها، هذا هو الأديب الكبير.
الآن في الإيمان هناك مؤمن مناسبات، يصوم ليلة 27، ويصوم 15 من شعبان، يصوم الأيام الفضيلة، و يجتهد في رمضان، لكن ما سوى ذلك فهو واحد من هؤلاء الناس، ولا وزن له عند الله، أيضاً كما أن هناك شاعر مناسبات هناك مؤمن مناسبات، أما أنت كمؤمن فأصيل، أنت مؤمن ديمومة، في مبدئك ومنهجك، واستقامتك، وورعك.
﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162)﴾
أنت كمؤمن ملتزم، عملك ديمة، أو دائم، أو مستمر، فلذلك كما قال عليه الصلاة والسلام يصف المنافق كالناقة حبسها أهلها، فلا تدرِي لا لمَ حبست، ولا لمَ أطلقت، ترك الطعام والشراب، ثم جاء شهر شوال فأفطر، عاد إلى ما كنا عليه، فأنت حينما تلتزم أن تكون مؤمنًا دائمًا، ملتزمًا دائمًا، مستقيمًل دائما، صادقًا دائماً، عفيفًا دائماً، أمينًا دائماً، تؤدي الصلاة دائماً، أنت الآن مؤمن، مؤمن كبير، أما أحيانا فتجد امرأة ما في معصية ما، تفعلها، أما في اليوم 27 من رجب فهي صائمة، لا تستطيع، لأنه يوم فضيل !!! أنتِ لست صائمة ؟ هذه المشكلة التي نعاني منها، مشكلة مؤمن مناسبات، أنت مؤمن رسمت هدفًا، وسلكت له الوسيلة، وعندك منظومة قيم، منظومة مبادئ، عندك نظام دقيق، فأنت في السراء والضراء، وإقبال الدنيا وإدبارها، قبل الزواج، وبعد الزواج، في رمضان، وخارج رمضان، أنت تنتظمك قيم ثابتة، وتسعى لمبادئ ثابتة، هذه نقطة دقيقة جداً.
طبعاً ثمة مناسبة مهمة جداً أن تطرح الآن، مضى رمضان، يا ترى بعد رمضان هل من الممكن أن أكذب ؟ هل من الممكن أن أتساهل بالبيع والشراء ؟ هل من الممكن أن أطلق جوارحي لما لا يرضي الله عز وجل ؟ لما حملت نفسي على تركه في رمضان أتابعه بعد رمضان، فصار رمضان لرمضان كالدرج، في كل رمضان قفزة، تمشي 11 شهرًا، في رمضان الثاني قفزة ثانية، 11 شهرًا، رمضان قفزة ثالثة فصارت درجة، وهناك صعود، ونمو، ومن لم يكن في زيادة فهو في نقصان دائماً وأبداً.
الإنسان وقت
إخواننا الكرام، قضية أن تفهم حقيقة الإنسان شيء مهم جداً، من يصدق أنك زمن، كلك زمن، وأدق تعريف جامع مانع للإنسان أنه زمن، هو بضعة أيام، كلما انقضى يوم انقضى بضع منه، هو مجموعة أيام، وثمة برنامج كمبيوتري تكتب تاريخ ولادتك، يقول لك عمرك فرضاً 37 سنة، و11 شهرًا، و6 أيام، و7 ساعات، و5 دقائق، و3 ثوان، فأنت في الأصل بضعة أيام، كلما انقضى يوم انقضى بضع منك، فأنت وقت، والوقت أخطر شيء في حياتك، والوقت هو أنت، والوقت هو رأس مالك، وكل بطولتك في إدارة الوقت، وأكبر صفة يتصف بها المتخلفون البلاد النامية أن الوقت لا قيمة له عندهم إطلاقاً،
كيف يتاجرالإنسان بوقته؟
مع أن الوقت هو أنت، هو رأس مالك، هذا الوقت يمكن أن تنفقه إنفاقاً مربحاً.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11)﴾
هناك مع الله تجارة، رأس مالك الوقت، أما حينما لا تستغل الوقت يضيع رأس مالك، الآن معظم الناس يفاجأ بالموت، يقول:
﴿يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24)﴾
﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً (29)﴾
العبرة أنك إذا ندمت فقد ضعف عقلك، العاقل لا يندم، الندم معناه أنك مقصر، ضيعت فرصاً ثمينة، وفاتتك أرباح كثيرة فندمت، ورد في بعض الأحاديث في الجامع الصغير:
(( إن العار ليلزم المرءَ يوم القيامة حتى يقول: يا رب لإرسالك بي إلى النار أيسر علي مما ألقى، وإنه ليعلم ما فيها من شدة العذاب ))
الماضي – الحاضر - المستقبل
إخواننا الكرام، كل بطولتك أن تعيش المستقبل، دائماً الأغبياء يعيشون الماضي، يتغنون بالماضي.
ألهى بني تغلبَ عن كل مكرمة قصيدةٌ قالها عمرو بن كلثوم
***
أنا أقول، لكن بكلمة صريحة وقاسية: الغبي يتغنى بالماضي، والأقل غباء يعيش الحاضر، لكن أذكى الأذكياء، وأعقل العقلاء الذين يعيشون المستقبل، الآن الفرق بين دول متقدمة جداً ودول متخلفة، أن المتقدمة تخطط لعشرين سنة قادمة، والمتخلفة كل حركتها رد فعل، الطرف الآخر يفعل، هي تنتظر ماذا تفعل، فبين أن تكون فاعلاً وبين أن تكون منفعلاً فرق كبير، والمؤمن حينما يعيش المستقبل أقول لكم بكل صراحة: ما هو أخطر حدث في المستقبل، ليس على أمتنا، عليك بالذات ؟ الموت، مغادرة الدنيا، هذا أخطر حدث من كل شيء إلى لا شيء، من بيت مئة متر إلى قبر، من ثياب فخمة إلى قماش خام، لذلك من هم العظماء ؟ هم الذين يبدؤون من النهاية، النهاية الموت، ضع هذا الموت هدفاً، والآن توافق معه.
سألوا مرة طالبًا نال الدرجة الأولى في الشهادة الثانوية: ما سر نجاحك وتفوقك ؟ فقال: لأن لحظة الامتحان لم تغادر ذهني ثانية.
المؤمن يجب أن يحاسب نفسه
الآن المؤمن يقول: هذه الكلمة سأحاسب عليها، أدعها، هذا المبلغ من المال فيه شبهة، دعه، هذه السهرة مختلطة لا تناسبني، أدعها، فالمؤمن دائماً كلما أقدم على عمل سأل هذا السؤال: ماذا أجيب الله عنه.
والله أيها الإخوة، الإمام الغزالي له مناقشة مع نفسه، شهد الله ما سمعت في حياتي أبلغ منها، قال: " يا نفس، لو أن طبيباً منعك من أكلت تحبينها، لا شك أنك تمتنعين ـ الذي معه ـ لا سمح الله ـ مرض قلب قال له الطبيب: هذه الأكلة لا تناسبك، ولو أكلتها قد تكون القاضية، لو أن طبيباً منعك من أكلة تحبينها ـ لا شك أنك تمتنعين، أيكون الطبيب أصدق عندك من الله ؟ خالق الكون منعك من هذا الشيء، لستَ مهتمًّا كثيراً، أمّا طبيب القلب الذي معه بورد إذا قال لك: هذا الملح توقف عنه، فإنك توقفه فوراً، والأكل من دون ملح لا يؤكل، فقدت أجمل ما في الطعام، انتهى ـ هكذا قال الطبيب، أيكون الطبيب أصدق عندك من الله ؟ إذاً ما أكفرك ـ الآن الإله بماذا توعد ؟ بجهنم، الطبيب بماذا توعد ؟ بمرض ـ أيكون وعيد الطبيب أشد عندك من وعيد الله، إذاً ما أجهلك ".
فأي إنسان يعصي الله فهو مدموغ بالجهل وبالكفر، الكفر طبعاً دون الكفر، هناك كفر دون كفر، لما لم يأخذ بحكم شرعي لم يعبأ به، ولم يستجب له فقد كفر به، بالمعنى الدقيق للكفر.
أيها الإخوة، أحد الصحابة الكرام كان زعيم غطفان، اسمه نعيم بن مسعود، كان مشركاً، وكان مدمناً على شرب الخمر، وكان زعيم قبيلة، جاءت غطفان لمحاربة النبي عليه الصلاة والسلام في الخندق، أنا لا أنسى هذا الحوار، وهو جالس في خيمته خاطب نفسه، هذا يسمونه حوارًا ذاتيًّا، بالتعبير الفني ( مونولوج )، حوار ذاتي، الآن يقول أحدهم حين يدعى مثلاً إلى دعوة: ماذا يغني هذا الذهاب إلى ذلك المكان ؟! يفكر فيقول: والله المكان بعيد، والناس المدعوون ليسوا من مستواي، قلت في نفسك: لا ألبّي هذه الدعوة، هذا حوار ذاتي، الآن يركب أحدهم إلى حلب، وهو ساكت، هل قلبه يسكت ؟ لا، من دمشق إلى حلب وهو يحاور نفسه، فلان أريد ألا أزوره، لا، لماذا ؟ يجب أن أزوره، أزوره، وأسكت له انتقاده، لكن إذا زرته لا تحدثه شيء، اسكت، يمكن أن تحاور نفسك مع فلان، وعلان، وتريد أن تعمل وتترك، وتشارك، وتقسم شركة، يمكن من دمشق إلى حلب في خمس ساعات لا تكف عن المحاورة مع نفسك ولا دقيقة، هذا الحوار الداخلي، هذا يقع فيه كل إنسان.
قصة سيدنا نعيم
فسيدنا نعيم زعيم قبيلة جاء ليحارب محمداً، وهو جالس في الخيمة بالليل قال: يا نعيم، لماذا جئت تحارب هذا الإنسان ؟ هل سفك دماً ؟ لا، هل انتهك عرضاً ؟ لا، هل نهب مالاً ؟ لا، هذا رجل صالح، أين عقلك يا نعيم ؟ وهؤلاء الذين معه أناس طيبون، لمَ تحاربهم ؟ أين تمشي ؟
والله أيها الإخوة، لما يكون تفكير واحد منا نظيفًا، يفكر تفكيرًا متقنًا، ويصل إلى نتيجة، ويأخذ قرارًا يكون بطلا، لكن الناس نيام، إذا ماتوا انتبهوا، متى يذكر ؟ كما ذكر فرعون:
﴿آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ﴾
ما عرف الحقيقة إلا بعد فوات الأوان، قال الله تعالى له:
﴿آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91)﴾
فهذا نعيم بن مسعود وقف، وأخذ قرارًا أن ينسحب من هذه الحرب، واتجه إلى معسكر النبي صلى الله عليه و سلم، وبحث عن خيمته، ودخل عليه، فالنبي استغرب، قال له: نعيم ؟! قال له: نعيم، قال له: ما الذي جاء بك إلينا ؟ قال له: جئت مسلماً، والله شيء جميل، أخذ قرارًا، قائد جيش مُعادٍ أخذ قرارً، قال له: مُرني، قال له: أنت واحد، قال له: مرني ما تشاء، قال له: خذّل عنا، والله شيء لا يكاد يصدق، لأنه أسلم سراً، ولا تعلم قريش أنه أسلم، ولا يعلم اليهود أنه أسلم، فمارس أسلوب أنا أعدّه أعلى درجة الذكاء، جاء لليهود وقال لهم: إن قريشاً إذا حاربوا محمداً، ولم ينجحوا تركوكم وحدهم كي تواجهوه، وأنتم لا تقوون عليه وحدكم، فأنا أنصحكم أن تطلبوا رهائن من قريش، حتى لا يغادرون، هم يغدرون، ويذهبون إلى بلادهم وأهلهم وأولادهم ونسائهم، ويتركونكم معه، والنبي يقضي عليكم، اطلبوا رهائن، ذهب إلى اليهود، وقال إن قريشاً ندموا في حربهم لمحمد، لذلك أرادوا أن يأخذوا من عندكم رهائن كي يقدموها للنبي نظير عودتهم لمعاهدته، وانسحب، فلما طلبت قريش الرهائن من اليهود واليهود طلبوا رهائن وقع الخصام، وأعان الله برياح هدمت خيامهم، وقلبت قدورهم، وكفى الله المؤمنين القتال، أنت اتخذت قرارًا جريئًا بطوليًّا، فأجرى الله هذا النصر على يديك.
سيدنا نعيم بن مسعود 90% من النصر بيده، لمَ لا يأخذ الإنسان قرارًا ؟ يتعامل مع الله تعاملا جديدًا، يفتح مع الله صفحة جديدة، يتوب إلى الله توبة نصوحًا، هذا القرار بيدك، ودائماً وأبداً
المُتع الحسية و السعادة
هناك شيء أتمنى أن يكون واضحًا عندكم، في الحياة لذائذ وسعادة، اللذائذ طابعها حسي، تأتي اللذة من طعام طيب، هناك طعام خشن، تأتي من بيت مريح واسع له إطلالة جميلة، فيه شمس، فيه أثاث، فيه أجهزة، فيه تدفئة، فيه تكييف، كل شيء فيه، تأتي من مناظر جميلة، تأتي من مركبة فارهة، تأتي من زوجة جميلة، هذه اللذائذ، لكن مع الأسف الشديد هذه اللذائذ لا تنبع من الداخل، بل تأتي من الخارج، تأتي من طعام، من بيت، من مركبة، من موقع، من إطلالة، من منظر، وتحتاج إلى مال، أموال طائلة، بيت واسع له إطلالة، ثمنه بالمليين، مركبة فخمة جداً ثمنها بالمليين، فالمشكلة باللذة أنها تأتيك من الخارج، وتحتاج إلى مال، وتريد وقتًا، وتريد صحة، ولحكمة بالغة بالغةٍ باللغة دائماً تنقصك واحدة، في البداية هناك وقت وصحة، لكن ليس لك مال، ما معك قرش، ضمن الحياة في الوسط عندك صحة ومال، لكن ليس لك وقت، أنت مشغول بالعمل، وفي خريف العمر هناك مال، ووقت، لكن ليس هناك صحة، هذه اللذة، أولاً متناقصة، ثانياً تنتهي بكآبة، لو أنها في معصية، إذا لك يكن فيها كآبة ففيها ملل، إذا كانت في معصية ففيها كآبة، هذه هي اللذة، أما السعادة فتنبع من الداخل، ولا تحتاج إلى شرط خارجي إطلاقاً، تنبع من الداخل وتتنامى، وكل إنسان يملك أسبابها، فقير أو غني، قوي أو ضعيف، تملك بيتًا بالأجرة، عاليًا أم متدنيًّا، غاليًا أم رخيصًا، كل إنسان يملك أسباب السعادة، أما أسباب السعادة ففي طاعة الله.
﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)﴾
أسباب السعادة بتوفيق الله:
﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ﴾
أسباب السعادة أن الله يدافع عنك:
﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾
أسباب السعادة الأمن:
﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)﴾
هذه أسباب السعادة.