وضع داكن
26-02-2025
Logo
أحكام التجويد - الحلقة ( 041 - 113 ) - علم الوقف والابتداء - المحاضرة(06-12) : الفرق بين الوقف والقطع والسكت.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
  الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين وعلى آله وصحبه أجمعين، إخواننا الكرام، في الحلقات الماضيات تكلمنا عن الوقف في القرآن العظيم وعن أنواعه وأشكاله، وبقي اليوم أن نختم الحديث عنه ببيان فوارق ضئيلة بين ثلاث مصطلحات موجودة عند القراء.
المصطلح الأول هو كلمة الوقف، والمصطلح الثاني هو كلمة القطع، والمصطلح الثالث هو كلمة السكت، الوقف: هو أن يكون القارئ يقرأ فيقف على كلمة قرآنية ليتنفس بنية استئناف القراءة، إذاً الوقف هو قطعُ الصوت على كلمة قرآنية بزمن يتنفس فيه عادة بنية استئناف القراءة، هذا الذي نفعله أثناء قراءتنا.
أما القطع مصطلح القطع معناه إنهاء التلاوة، قارئ يريد أن ينهي التلاوة سواء كان يقرأ في محفل في مجلس في حفل أو كان يقرأ إماماً في الصلاة أو يقرأ هو لنفسه في الصلاة، فأين يقطع الإنسان قراءة القرآن؟ لا بد أن يكون قطع القراءة على كلمة قرآنية وأن تكون هذه الكلمة رأس آية، فلا يصح القطع على وسط آية، مثلاً إمام يقرأ وفي وسط آية يسكت ثم يركع، هذا لا يصح فعله لا بد أن يكمل إلى آخر الآية، ولذلك هذا المصطلح مصطلح القطع تعريفه: هو قطع الصوت على كلمة قرآنية بزمن يتنفس فيه عادة بنية الإعراض عن القراءة، يعني الإعراض عنها إلى شيء آخر، ومحله رؤوس الآي.
أما مصطلح السكت، فالسكت هو أيضا قطعٌ الصوت ولكنه مصطلح قرآني ليس فيه تنفس لأنه سكت قليل ثم متابعة للقراءة، لذلك قال علماءنا: السكت هو قطع الصوت على حرف قرآني بزمن لا يتنفس فيه عادة بنية استئناف القراءة.
نلاحظ على اللوحة التالية هذه الفروق بين التعريفات الثلاثة، الوقف: هو قطع الصوت على كلمة قرآنية بزمن يتنفس فيه عادة بنية استئناف القراءة.
بينما القطع: هو قطع الصوت على كلمة قرآنية بنية الإعراض عن القراءة ومحله رؤوس الآي، كما أسلفت قبل قليل.
أيضاً نلاحظ على الشاشة، السكت: هو قطع الصوت على حرف قرآني بزمن لا يتنفس فيه عادة بنية استئناف القراءة.
 قد يسأل سائل لماذا قلنا في تعريف الوقف على كلمة قرآنية، وفي القطع قلنا على كلمة قرآنية، بينما لما تكلمنا على السكت قلنا على حرف قرآني؟ هذه دقة من العلماء لأن هناك نوع من السكت غير موجود على رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية قد يسكت القارئ على حرف يعني مثلا يقول: ( من، آمن بالله واليوم ال، آخر وعمل صالحا ) هذا السكت قد يكون على حرف ولا يكون على كلمة، لذلك يتناوله التعريف، السكتات التي برواية حفص عن عاصم، مر معنا لما وصلنا إلى سورة الكهف أول واحدة من السكتات الواجبة عند حفص من طريق الشاطبية، حفص رحمه الله كان يسكت وهذا روي لنا من طريق منظومة الشاطبية للأمام الشاطبي، روي أنه كان يسكت على أربع كلمات في القرآن الكريم يسكت بمعنى كما أسلفنا يقطع الصوت قليلاً من غير تنفس ثم يتابع التلاوة، كان يسكت على أربع كلمات أولاها ما مر معنا في سورة الكهف وهو قوله تعالى:

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا*قَيِّمًا لِيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ﴾

[ سورة الكهف: عمران: 1-2 ]

 فهذا المكان فيه سكت، السكت هنا كما لاحظتم: ( ولم يجعل له عوجا* قيما لينذر)، قطعٌ للصوت قليلاً دون زمن التنفس ثم متابعة القراءة، ولكن لاحظوا بارك الله فيكم أني لما سكت قلت ( عوجا )، ولم أقل ( عوجاً )، بالتنوين يعني نعامل الكلمة المسكوت عليها عند حفص هنا معاملة الكلمة الموقوف عليها فقلبنا التنوين إلى مد عوض.
السكتة الثانية التي كان يسكت حفص عليها في ( يس )، وهي قوله تعالى:

﴿ مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا * هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَانُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ﴾

[ سورة يس: 52]

 أيضا هذه سكتة ثانية والسكتة الثالثة عند قوله تعالى:

﴿ وَقِيلَ مَنْ * رَاقٍ*وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ ﴾

[ سورة القيامة: 27-28]

 ( وقيل من* راق )، عند النون على كلمة ( من ).
السكتة الرابعة في سورة المطففين وهي قوله تعالى:

﴿ كَلَّا بَلْ * رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾

[ سورة المطففين: 14]

 على لام بل من كلمة ( ران )، نلاحظ على الشاشة هذه السكتات الواجبة عند حفص من طريق الشاطبية:
أولاً: قوله تعالى:

﴿ عِوَجَا*قَيِّمًا ﴾

[ سورة الكهف: عمران: 1-2 ]

 الموضع الثاني في قوله تعالى:

﴿ مِنْ مَرْقَدِنَا * هَذَا ﴾

[ سورة يس: 52]

 الموضع الثالث في قوله تعالى:

﴿ وَقِيلَ مَنْ * رَاقٍ ﴾

[ سورة القيامة: 27]

 لاحظوا السين الصغيرة الموضوعة فوق حرف النون، الموضع الرابع، قوله تعالى:

﴿ كَلَّا بَلْ * رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾

[ سورة المطففين: 14]

على لام بل من كلمة ( ران ).
 هذه هي السكتات الأربعة التي كان حفص رحمه الله يسكت عليها، والمراد من هذه السكتات هو يعني عدم ذهاب ذهن القارئ إلى معان غير مقصودة، مثلاً لو وصل لعل سامعاً يتوهم ( ولم يجعل له عوجا قيما )، يتوهم بأن كلمة ( قيما )، صفة لعوجا والعوج لا يكون قيماً وإنما كلمة قيما حال: ( الحمد لله الذي أنزل الكتاب على عبده قيما ولم يجعل له عوجا أيضاً في سورة يس: ( من بعثنا من مرقدنا )، هؤلاء الذين يبعثون يوم القيامة لما يخرجون من القبور يستغربون فيقولون من بعثنا من مرقدنا، فإذا تنبهوا قالوا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون، أو تقول لهم الملائكة هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون، قد يتوهم سامع من بعثنا من مرقدنا هذا، لأن هذا إشارة إلى المرقد وليس ذلك مقصود.
الموضع الثالث الذي يخشى منه ( وقيل من راق )، لولا السكت لوصلنا النون بالراء فأدغمنا النون في الراء فصار النطق هكذا ( مرَّاق )، وقيل مرَّاق قد يتوهمها سامع أنها ( مرَّاق )، على وزن فعال من المروق يعني صفة مبالغة من مروق، أيضاً لدفع هذا التوهم كان حفص يسكت على النون في ( مَنْ ).
الموضع الرابع والأخير ( كلا بل ران )، لو وصلنا لا بد من إدغام اللام في الراء فنقول ( برَّان، كلا برَّان ) فقد يتوهم سامع أنهما مثنى ( بر ) برٌ، و، بر يصيران (بران )، هكذا ذكر بعض العلماء.
ومع ذلك فإن حفصاً من غير طريق الشاطبية روي عنه أيضاً عدم السكت على هذه المواضع الأربعة ولم يسكت عليها أحدٌ من القراء العشرة إلا حفصاً رحمه الله تعالى، هذه هي السكتات الأربعة الواجبة عند حفص.
 بقي عندنا سكتتان هما لحفص ولغيره سكتتان هما لحفص ولغيره، موجودتان في القرآن، مرت معنا واحدة يا أخوتي لما انتهينا من سورة الأنفال وبدأنا بسورة التوبة، تعلمون أن سورة التوبة ليس في أولها بسملة، فلما ننتهي من سورة الأنفال ونريد أن نتابع التلاوة فندخل على سورة براءة سورة التوبة لنا ثلاثة أوجه، آخر سورة الأنفال قوله تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾

[ سورة الأنفال: 75]

 فلنا أن نقف هذا هو الوجه الأول، أن نقول ( إن الله بكل شيء عليم )، ثم نبدأ بعد أن نتنفس ثم نقول:

﴿ بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾

[ سورة التوبة: 1]

 والوجه الثاني بدل أن نقف نسكت، أن نسكت يعني بدون التنفس هكذا ( إن الله بكل شيء عليم* براءة من الله ورسوله ).
 الوجه الثالث أن نصل فنقول ( إن الله بكل شيء عليمٌ براءة من الله ورسوله )، إذاً هذه الأوجه الثلاثة جائزة سائغة لكل القراء بما فيهم حفص رحمه الله.
إذاً هذه السكتة الأولى الجائزة بين الأنفال وبراءة، وهناك سكتة جائزة ثانية وهي في سورة الحاقة عند قوله تعالى:

﴿ مَالِي ﴾

[ سورة الحاقة: 28]

يقول ذلك الرجل في جهنم نسأل الله العافية لنا ولكم ( ما أغنى عني ماليهْ )، فآخرها هاء ساكنة ثم يقول:

﴿ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِي ﴾

[ سورة الحاقة: 29]

 فهنا للقارئ وجهان إما أن يدغم الهاء الأولى في الهاء الثانية فيقول: ( ما أغنى عنِّي ماليهَّلك عني سلطانية )، فيدغم الهاء بالهاء هذا وجه، والوجه الثاني أن يسكت كما أسلفنا منذ قليل من غير تنفس هكذا ( ما أغنى عني ماليه* هلك عني سلطانية)، إذاً هاتان هما السكتتان الجائزتان في القرآن لكل القراء.
نلاحظ ذلك على الشاشة التي تبين لنا اللوحة التي فيها هاتين السكتتين، السكتتان الجائزتان:
أولاً، بين آخر الأنفال أول التوبة.
ثانياً: ماليه * هلك عني.
اللوحة الخيرة، تبين لكم ما ذكرته من بيان الأوجه الثلاثة الجائزة بين سورتي الأنفال والتوبة، فالوجه الأول هو الوقف على آخر الأنفال ثم البدء بالتوبة، الثاني هو السكت على آخر الأنفال بدون تنفس، ثم البدء بالتوبة، والثالث هو الوصل، وصل آخر الأنفال بأول التوبة بنفس واحد.
بهذا أخوتي الكرام نكون قد أنهينا الكلام إنشاء الله تعالى على الوقف وما يتعلق به من أحكام وإنشاء الله عز وجل في الحلقة القادمة نتكلم على أحكام الابتداء، لأن عنوان البحث الوقف والابتداء فتكلمنا عن الوقف ونتابع الحديث عن كيفية الابتداء، وعن قواعده في الحلقة القادمة بإذنه تعالى، وصلى اللهم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور