وضع داكن
26-02-2025
Logo
أحكام التجويد - الحلقة ( 039 - 113 ) - علم الوقف والابتداء - المحاضرة(04-12) : الوقف والابتداء2.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين، أخواني الكرام، تحدثنا في المرة الماضية عن أنواع الوقوف الجائزة في القرآن العظيم بل حتى غير الجائزة الذي هو الوقف القبيح، وبينا تعاريفها وبينا أمثلتها، أيضا ذكرنا قاعدتين من قواعد الوقف والابتداء القاعدة الأولى قلنا بأن الوقف على رؤوس الآي سنة مطلقة وقلنا أيضاً ليس ثمة وقف واجب في القرآن العظيم شرعاً وجوباً شرعياً بحيث يأثم القارئ إذا وصل، ولا العكس ليس هناك كلمة في القرآن يحرم الوقف عليها بحيث إذا وصل القارئ يأثم.
 أيضا علماءنا رحمهم الله، نبهوا على قواعد تتعلق بالوقف القبيح، بينا في المرة الماضية بأن الوقف القبيح هو أن يقف القارئ على كلمة بينها وبين ما بعدها تعلق لفظي ومعنوي والوقف عليها يعطي معنىً ناقصاً أو معنىً خاطئاً، فلذلك علماءنا وضعوا لنا قواعد ولاحظوا بارك الله فيكم، بأن علم الوقف والابتداء شديد الصلة بعلم النحو، لأنه مبني على معرفة معاني الآيات كما بينا في الحلقة الأولى، أن فائدة هذا العلم هو صون النص القرآني من أن تنسب فيه كلمة إلى غير جملتها، لذلك قال علماءنا قواعد على الطالب أن يحفظها على تالي القرآن أن يعرفها، قالوا لا يوقف على الفعل دون فاعله، نحن نعلم بأن اللغة العربية تتألف من جمل، والجمل فيها نوعان جمل فعلية وجمل اسمية، فالجمل الفعلية ركناها الفعل والفاعل وقد يأتي في آخرها مفعول به أو جار ومجرور، والجملة الاسمية ركناها المبتدأ والخبر، فقال علماءنا: لا يوقف على الفعل دون الفاعل، ولا على الفاعل دون المفعول به، ولا على حرف الجر دون الاسم المجرور، ولا على المضاف دون المضاف إليه، ولا على المبتدأ دون خبره، ولا على صاحب الحال دون الحال، ولا على الاسم المعطوف عليه دون المعطوف، ولا على العدد دون المعدود، ذكروا لنا قواعد لخصتها في هاتين اللوحتين اللتين نراهما، واللتان تبينان لنا هذه القواعد التي لخصها علماؤنا.
 نلاحظ على الشاشة تنبيهات، لا يوقف على الفعل دون فاعله ولا على الفاعل دون مفعوله ولا على حرف الجر دون مجروره، ولا على المضاف دون المضاف إليه، ولا على المبتدأ دون خبره، ولا يوقف على الموصوف دون صفته، ولا على المعطوف عليه دون المعطوف، ولا على صاحب الحال دون الحال، ولا على العدد دون المعدود، ولا على المؤكد دون التوكيد، يعني مثلاً:

﴿ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ﴾

[ سورة الحجر: 30 ]

 لا تقول فسجد الملائكة ثم نبدأ كلهم أجمعون، لا يصح أن تفصل المؤكد عن التوكيد الذي جاء بعده، هذه قواعد ذكرها علماءنا تكون بمثابة خطوط عريضة لمن يريد أن يقرأ القرآن فيلاحظها أثناء تلاوته.
أعظم الصيانة هي من كلام الله عز وجل، وحتى المتكلم العادي، وكم من خلافات تحدث بين الناس بسبب سوء وقف أو سوء ابتداء، وأذكر لكم قصة من باب الترفيه كنا مرة ف يالصف الخامس الابتدائي وكان عندنا أستاذ الله يذكره بالخير كنا نحبه جداً، مرة لم يأتي، فبعد حصتين ونحن جالسون، دخل أستاذ آخر وقال الأستاذ محمود مات، وسكت ثم قال عمه، نحن منذ أن قال مات إلى أن قال عمه نحن قلوبنا صارت بحلقومنا كما قال الله عز وجل بلغت القلوب الحناجر، بسبب سوء هذا الوقف، كان عليه أن يقول عنده ظرف توفي عمه، لكن أساء الفصل والوصل ووقف وقفاً قبيحاً جداً، تأذينا كلنا في هذا، حتى الكلام العادي لا يحسن إلا أن يطبق الإنسان قواعد الوقف والابتداء ما استطاع سبيلاً، وكثيراً ما نسمع خصومات هذا يقول ما قصدت هذا أنا فهمت كذا، بسبب سوء والوقف.
وهذا يتيح فرصة لبراعة المحامين في التلاعب بالنصوص.
 إخواننا الكرام، عندنا في المصحف قد يقول قائل أنت تكلمت في الحلقة الماضية عن وقف اسمه التام ووقف اسمه الكافي ووقف اسمه الحسن ووقف اسمه القبيح، لكننا لا نجد هذا في المصحف، المصحف الذي بين أيدينا نجد مثلاً حرف الجيم:

﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ﴾

[ سورة الحج: 56 ]

 ونجد مثلاً عندنا في الصفحة الثانية،( قلى )، وعندنا أيضا ( صلى )، عندنا هذه الرموز ما معناها وما علاقتها ببحثنا الماضي؟ قلنا في الدرس الماضي الوقف الكافي هو الوقف على كلمة قرآنية بينها وبين ما بعدها تعلق معنوي لا لفظي، تعلق فقط من حيث المعنى الإعراب مكتمل لكن القصة لم تنته الموضوع لم يتغير إلى موضوع جديد، هذا الوقف الكافي بعض العلماء وضعوا لها قاعدة عامة سموه الوقف الكافي، وبعض العلماء كانوا أكثر دقة وقالوا لا نفرق بين أنواع من الوقوف الكافية التي نقف فيها على كلمة ليس بينها وبين ما بعدها تعلق من حيث الإعراب فقط من ناحية المعنى، هذا التعلق المعنوي قد يكون ضئيلاً جداً فيكون الوصل كالوقف، فلذلك رمزوا له بحرف الجيم الذي سنأتي فنتكلم عليه.
 إذاً الجيم التي نراها في المصحف القارئ مخير إما أن يصل وإما أن يقف كأنهم يقولون وقف جائز يستوي الطرفان، أحياناً يكون التعلق المعنوي ضئيلاً جداً أو قوياً جداً فإن كان التعلق قوياً جداً الوصل أولى يجوز أن نقف ولكن الوصل أولى، فإن ضعف هذا التعلق بين الجملتين جاز الوصل ولكن كان الوقف أولى لضعف التعلق، أحياناً يكون الوقف على كلمة يعطي معنىً ناقصاً كما أسلفت وهي كثيرة جداً لو أراد علماءنا أن يضعوا على كل كلمة يقبح الوقف عليها علامة لملئوا المصحف بالإشارات ( لا، لا )، ولكنهم أحياناً يضعون فيما يشتد القبح عندهم يضعون نادراً هذه العلامة علامة ( لا )، أما علامة الميم التي نراها في بعض الآيات لو مثلنا لعلامة ( لا )، التي تكلمت عنها، نحن نقرأ يا أخوتي، صفحة 343 من المصحف الشريف قوله تعالى:

﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنْ اصْنَعْ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ ﴾

[ سورة المؤمنون: 27 ]

 لاحظوا التنور عليها ( لا )، لماذا؟ ما جاء جواب إذا، إذا جاء أمرنا وفار التنور ماذا يحدث؟ ما جاء جواب لا، لذلك وضع علماءنا إشارة ( لا )، يعني لا تقف الجواب:

﴿ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ﴾

[ سورة المؤمنون: 27 ]

 إذاً هذه إشارة ( لا )، يضعونها في النادر، عندما يشتد القبح إن وقف القارئ، أما الميم فتذكرون في الصفحة الثانية من سورة الإسراء عندما مر معنا قوله تعالى:

﴿ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ ﴾

[ سورة الإسراء: 8]

إذاً
 في صفحة ( 283 ) أولها:

﴿ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ ﴾

[ سورة الإسراء: 8]

 ثم قال الله عز وجل:

﴿ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا ﴾

[ سورة الإسراء: 8]

 لاحظوا الميم ثم قال:

﴿ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ﴾

[ سورة الإسراء: 8]

 يكلم الله بني إسرائيل بأنه سوف يعاقبهم وبعد أن تنتهي العقوبة عسى الله أن يرحمهم فإن عادوا إلى المعصية عاد الله إلى عقوبتهم، هذا معنى وإن عدتم عدنا، أما جملة ( وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا )، فهي جملة جديدة مستأنفة لم يقل الله وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا، جهنم للكافرين حصيرا إن عادوا وإن لم يعودوا لذلك وضع علماءنا على كلمة عدنا ميما كما ترونها ميم ليس لها إشارة إلى الأسفل ميماً آخرها تأتي على السطر هذه العلامة علامة الوقف اللازم، وأعود فأقول لزوماً اصطلاحياً لا لزوماً شرعياً، فلما أقول وقف لازم لا تظن بأنه من وصل فهو آثم لكن معنى الكلام إن أردت معنى جميلاً واضحاً في أذهان السامعين فقف على هذه الكلمة حتى تتضح المعالم.
 بقي عندنا إشارة نراها في القرآن العظيم وهي ثلاثة نقاط على كلمة وثلاثة نقاط على الكلمة التي تليها، هذا الوقف يسميه علماءنا الوقف المتعانق، وبعضهم سماه وقف المراقبة، ما معنى هذا؟ الموضع يكون له إعرابان، إن أعربته بالطريقة الفلانية فإعرابك صحيح ويعطي معناً جميلاً جيداً مقبولاً وإن أعربته بطريقة أخرى أعطى معنى آخر وهو معنى أيضاً صحيح لذلك يجوز أن نقف هنا ويجوز أن نقف هنا بشرط ألا تجمع بين الوقفين إما أن تقف على الأولى وإما أن تقف على الثانية، نلاحظ ذلك في فاتحة سورة البقرة في قوله تعالى:

﴿ الم*ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾

[ سورة البقرة: 1-2]

 نلاحظ في الآية الكريمة كلمة ( ريب )، عليها ثلاثة نقاط وكلمة ( فيه )، عليها ثلاثة نقاط بمعنى لك أيها القارئ أن تقول( ذلك الكتاب لا ريب )، ثم تبدأ ( فيه هدىً للمتقين)، هذا وجه ولك أن تقول ( ذلك الكتاب لا ريب فيه )، ثم تبدأ ( هدىً للمتقين )، أما أن تقف على الأولى والثانية معاً فهذا لا يصح يعني مثلاً ( ذلك الكتاب لا ريب )، تقف ثم تقول (فيه)، ثم تقف ثم تقرأ ( هدىً للمتقين )، هذا لا يصح إما أن يقف القارئ على الأولى أو على الثانية، قلت هذا يسميه علماءنا وقف المراقبة أو وقف التعانق، المراقبة بمعنى راقب أيها القارئ الإعراب إن وقفت على الأولى فلا تقف على الثانية، إن أردت أن تقف على الثانية فلا تقف على الأولى.
نلاحظ على الشاشة اللوحة التعليمية التي تلخص لنا مصطلحات، المصحف الشريف المطبوع في مجمع الملك فهد في المدينة المنورة، نلاحظ على الشاشة، ( ﻣ )، وكما قلت ليست نازلة إلى أسفل وإنما ممطوطة على مستوى السطر، علامة الوقف اللازم يعني لزوماً اصطلاحياً كما مثلنا في سورة الإسراء.
إشارة ( لا )، علامة الوقف الممنوع يعني لا تقف أيها القارئ هنا لأن الوقف عند هذه الكلمة لم يكتمل بعد المعنى.
إشارة ( ج )، علامة الوقف الجائز جوازا مستوي الطرفين يعني لك أن تقف ولك أن تصل أنت مخير.
 (صلى)، هذه كلمة منحوتة معناها يجوز الوقف والوصل أولى، فنحتوا منها كلمة سموها (صلى)، إذاً هي علامة الوقف الجائز مع كون الوصل أولى.
والكلمة التالية (قلى)، وهي كلمة منحوتة من جملة وهي يجوز الوصل والوقف أولى، فقال العلماء (قلى) علامة الوقف الجائز مع كون الوقف أولى.
ثم نرى علامة التعانق وهي ثلاثة أصفار على الكلمة وثلاثة أصفار على الكلمة التي تليها، علامة تعانق الوقف بحيث إذا وقف على أحد الموضعين لا يوقف على الآخر.
 هذه هي العلامات التي عندنا في المصحف، وحظنا بأن أغلبها دائر حول الوقف الكافي الذي شرحناه في المرة الماضية، والوقف الابتدائي بحاجة إلى دربة، إخواننا عامة القراء أنصحهم أن يتبعوا علامات المصحف، وهي بمثابة علامات المرور في الطرقات للسيارات، يا أخي القارئ قف على هذه العلامات وتجنب الوقوف على إشارة ( لا )، فإن ضاقت نفسك ولو كان مكتوب ( لا )، قف ولكن لا تبتدئ خذ نفساً وعد فصل الكلام بعضه ببعض، وصلى اللهم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور