وضع داكن
07-04-2025
Logo
الدرس : 49 - سورة النساء - تفسير الآيات 105-110 علاقتنا مع الله وحده
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
 الحَمدُ لِلَّه ربِّ العالمينَ، والصّلاة والسّلام على سيِّدنا محمد الصّادقِ الوَعدِ الأمين، اللهُمَّ لا عِلمَ لنا إلا ما علّمْتَنا، إنّك أنت العليمُ الحكيمُ، اللهمَّ علِّمنا ما ينفعُنا، وانفعْنَا بما علَّمْتَنا، وزِدْنا عِلْماً، وأرِنَا الحقَّ حقًّا وارْزقْنَا اتِّباعه، وأرِنَا الباطِلَ باطلاً وارزُقْنا اجتِنابَه، واجعَلْنا ممَّن يسْتَمِعونَ القَولَ فيَتَّبِعون أحسنَه، وأَدْخِلْنَا برَحمَتِك في عبادِك الصَّالِحين.

ملخص لما ورد في الدرس الماضي:


 أيها الإخوة الكرام، مع الدرس التاسع والأربعين من دروس سورة النساء ومع الآية الخامسة بعد المئة وهي قوله تعالى: 

﴿ إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِتَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَىٰكَ ٱللَّهُۚ وَلَا تَكُن لِّلۡخَآئِنِينَ خَصِيمًا(105)﴾

[ سورة النساء ]

 أيها الإخوة الكرام، تحدثت في الدرس الماضي عن هذه الآية تحدثت عن أن الله سبحانه وتعالى حينما يتحدث عن ذاته العلية يأتي ضمير المفرد، قال تعالى: 

﴿ إِنَّنِىٓ أَنَا ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعْبُدْنِى وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكْرِىٓ(14)﴾

[ سورة طه ]

 وإن تحدث عن أفعاله فكل أسمائه الحسنى منطوية في أفعاله: ﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ﴾ وأما قوله تعالى: ﴿لِتَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ﴾ هذا الكتاب يسع المؤمنين وغير المؤمنين، وأنت حينما تتعامل مع الخلق ينبغي أن تكون معاملتك وفق منهج الله، بصرف النظر عن هويتهم، وعن انتمائهم، وعن إسلامهم، أو عن أي شيء آخر، ووقفت وقفةً متأنيةً عند قوله تعالى: ﴿وَلَا تَكُن لِّلۡخَآئِنِينَ خَصِيمًا﴾ وذكرت أن الأحداث التي تقع في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصودة لذاتها لتكون مُتكَأً لتشريع حي، فهناك قيمة هي قيمة العدل، هذه القيمة تبدو واضحةً جليةً في هذه القصة.

قصة الدرع المسروقة:


 أيها الإخوة، كان في بني ظُفَر واحد اسمه طُعمَة بن أُبَيرِق، بنو ظُفَر قوم من الأنصار يسكنون المدينة، وقد بيّنت في الدرس الماضي أن الأنصار نصروا رسول الله، آوَوه، نصروه، آمنوا به، عزروه، أكرموه، هم أهله، ومن أدعية النبي عليه الصلاة والسلام: 

(( لَولا الهجرةُ لَكُنتُ امرَأً منَ الأنصارِ ، ولو سلَكَ النَّاسُ شِعبًا لسلَكْتُ شِعبَ الأنصارِ، اللَّهمَّ ارحمِ الأنصارَ، وأبناءَ الأنصارِ، وأبناءَ أبناءِ الأنصارِ.  ))

[ تخريج المسند لشعيب ]

 هناك أحاديث كثيرة تتحدث عن الأنصار، وعن فضلهم، وعن إيمانهم، وسبقهم..إلخ 
 شاءت حكمة الله عز وجل أن واحداً من الأنصار من بني ظُفَر اسمه طُعمَة بن أُبَيرِق سرق درعاً، وهذا الدرع كان لقَتادة بن النعمان، وهو أنصاري، كان هذا الدرع في كيس فيه دقيق، وهذا الكيس فيه ثقبٌ بسيط، هذا الثقب رسم خطاً من ساحة المعركة إلى بيت طُعْمَة بن الأُبَيرِق، فلما تفقّد صاحب الدرع قَتادة بن النعمان درعه، أُشير بإصبع الاتهام إلى الأُبيرِق من آثار الطحين، لكن ابن الأُبَيرق خاف أن يحتفظ بالدرع في بيته فيعرف الناس أنه سرق الدرع، يبدو أنه كان منافقاً، ويبدو أنه كان سارقاً، فذهب إلى يهودي وأودع عنده الدرع، وتروي القصة أن الدرع كما قلت قبل قليل كان في جِراب دقيق، وحينما خرج به طُعمة بن الأُبيرق وحمله صار الدقيق ينتثر من خَرْقٍ في الجِراب، وتكوَّن من الدقيق أثراً في الأرض إلى بيت اليهودي، وهذا اليهودي اسمه زيد بن السُّمين، وعندما تتبعوا أثر الدقيق وجدوه إلى بيت طعمة، ولكنه حلف بالله أنه ما أخذها، وما له بها من علم فتركوه واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهى الأثر إلى منزل اليهودي، فأخذوها وقالوا: لقد سرق ابن السُّمين.
 الآن التهمة وجهت إلى اليهودي لأن الدرع وُجدت في بيته، ولأن أثر الدقيق انتهى إلى بيته، وهنا قال ابن السُّمين: أنا لم أسرق الدرع ولكن أودعه عندي طُعمة بن الأُبيرق، وذهبوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام في قضية، قضية درع مسروقة ويبدو أنها ثمينة، والتهمة بين اليهودي الذي وُجدت عنده الدرع وبين ابن الأبيرق الذي انتهى الخط إلى بيته، وجاء بنو ظُفَر وهم أهل ابن الأُبيرق وجاء بنو ظُفَر وهم مسلمون، ومن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام وطعمة بن الأبيرق منهم، وقالوا يا رسول الله لو حكمت على المسلم ضد اليهودي فستكون المسألة ضد المسلمين، وسيُوجَّه العار للمسلمين، دافعوا عن قريبهم ولعلهم ظنوا أنه لم يسرق. 
 قضية شائكة فهناك دليل يؤكد أنه عند اليهودي، ودليل آخر يؤكد أن خط الدقيق يصل إلى طعمة بن الأبيرق قضية شائكة. لو حكمت يا رسول الله على المسلم ضد اليهودي فستكون المسألة ضد المسلمين وسيُوجَّه العار إليهم.

أسباب هلاك الأمم:


 أيها الإخوة، والله الذي لا إله إلا هو لو أن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام فهموا الإسلام كما يفهمه المسلمون اليوم والله ما خرج الإسلام من مكة، إلى المدينة لا يصل، ولأنه وصل إلى أصقاع الدنيا وصل بقيم إنسانية رفيعة.
 الآن هناك إنسان ينتمي إلى أشد القوم عداوةً لرسول الله، إنسان ينتمي إلى أشد الناس عداوةً لرسول الله، ائتمروا على قتله وكذبوه، وفعلوا الأفاعيل من هذه التهمة بالذات، وهناك إنسان ينتمي إلى قوم النبي، إلى الأنصار الذين نصروه وأيدوه وآمنوا به وصدّقوه وعزّروه، والأنظار تتجه إلى اليهودي، فإذا كان اليهودي هو السارق فهذا نصر للمسلمين، وتبرئة لهم، ورفع لرؤوسهم، وإذا كان الأنصاري هو السارق فهذه وصمة عار بحق الأنصار، واليهودي يرفع رأسه عالياً، هل تصدقون أيها الإخوة أنه إذا سرق الشريف تُرِك، وإذا سرق الضعيف أقيم عليه الحد، هذا من أسباب هلاك الأمم لو تتبعتم أسباب هلاك الأمم. 

(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا ضَلَّ مَنْ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ فِيهِمْ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وأيم اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا. ))

[ متفق عليه عن عائشة ]

 إن من أسباب هلاك الأمم:

﴿ كَانُواْ لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍۢ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ(79)﴾

[ سورة المائدة ]

 إن من أسباب هلاك الأمم قوله تعالى: 

﴿ وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ فَدَمَّرْنَٰهَا تَدْمِيرًا(16)﴾

[ سورة الإسراء ]

 من أسباب هلاك الأمم ترْكُ الأمر بالمعروف وترْكُ النهي عن المنكر، من أسباب هلاك الأمم الظلم، وإن الله ينصر الأمة العادلة الكافرة على الأمة المسلمة الظالمة.

معظم أسباب هلاك الأمم موجودة في المسلمين اليوم:


 قال بعض العلماء: الدنيا تصلح بالكفر والعدل، ولا تصلح بالإيمان والظلم، يؤيد هذا قول الله عز وجل: 

﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِۦ عَلَيْكُمْ سُلْطَٰنًا ۚ فَأَىُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِٱلْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(81) ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ (82)﴾

[  سورة الأنعام  ]

 أما إذا ألبسَ المؤمن إيمانه بالظلم ليس آمناً، وليس ناجياً، وسوف يُعذَّب أشد العذاب، قال تعالى: 

﴿ وَتِلْكَ ٱلْقُرَىٰٓ أَهْلَكْنَٰهُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا(59)﴾

[ سورة الكهف ]

 ما قولكم أيها الإخوة، أن معظم أسباب هلاك الأمم موجودة في المسلمين، وأنا أعني ما أقول، الأقوام السابقون كان الله عز وجل يهلك الأمة لمعصية واحدة، فإذا اجتمعت كل المعاصي في المسلمين فشيء طبيعي جداً أن يتخلى الله عنا، لا يُلتَفَت إلى دعوانا، قال تعالى: 

﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(31)﴾

[  سورة آل عمران ]

 ما قبل الله دعوى محبته إلا بالدليل، والذين قالوا: 

﴿ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ وَٱلنَّصَٰرَىٰ نَحْنُ أَبْنَٰٓؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّٰٓؤُهُۥ ۚ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ۖ بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ ۚ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ ۚ وَلِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ(18)﴾

[ سورة المائدة ]

 رد الله عليهم وقال: ﴿قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ۖ بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ﴾

عدل الله المطلق:


 إذا قال المسلمون اليوم: نحن أمة محمد عليه الصلاة والسلام، نحن أمة سيد الخلق، نحن أمة حبيب الحق، نحن أمة خاتم الأنبياء، نحن أمة سيد الرسل، الجواب نفسه: ﴿قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ۖ بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ﴾ لا قيمة لكم إطلاقاً، أنتم مع دهماء الأمم، وأنت أيها المسلم إن لم تكن مطبقاً لمنهج الله عز وجل أنت مع دهماء الناس ولا يُلتَفت إليك، كل انتماءاتك لا قيمة لها، قال تعالى: 

﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ(13)﴾

[  سورة الحجرات ]

 ما الذي يحصل؟ موقف عصيب واحد ينتمي إلى أقرب الناس إلى رسول الله، ينتمي إلى الذين نصروه وعزّروه وآمنوا به وصدّقوه وبذلوا له كل شيء، وواحد ينتمي إلى ألدّ أعداء رسول الله، ويوجد أدلة متقاربة، اليهودي رفض هذه التهمة، والأُبَيرق جاء قومه إلى النبي، بني ظُفار: يا رسول الله نحن قومك أيعقل أن يسرق هذا؟ لعل النبي عليه الصلاة والسلام مالَ إلى تصديق الأنصار واتهام اليهودي، الآن ينزل من السماء وحيٌ يعاتب النبي على أنه مال إلى دعوى الأنصار، ويبرّئ اليهودي ألدّ أعداء رسول الله، هذا هو العدل.
 وأنا عقبت على هذا في الدرس السابق أنه والله الذي لا إله إلا هو لا يمكن أن نشم رائحة النصر إذا كان بعضنا يظلم بعضنا الآخر، دعك من الذين فوق الناس، خذ الناس، خذ عامة الناس، كم من زوج يظلم زوجته؟ وكم من رب عمل يظلم عمّاله؟ وكم من صاحب أرض يظلم فلاحه؟ وكم من قوي يأكل الضعيف؟ وكم من غني يستغل الفقير؟ وكمْ؟ وكم؟ حينما يظلم بعضنا بعضاً لا يمكن أن نشمّ رائحة النصر، أرأيت إلى هذا الدين العظيم؟ أرأيت إلى قرآن الله؟ يبرئ عدواً لرسول الله ويلوم النبي على أنه مال إلى دعوى الأنصار.

حينما يفهم الناس الدين فهماً صحيحاً يستحقون نصر الله عز وجل:


 قال تعالى: ﴿وَلَا تَكُن لِّلۡخَآئِنِينَ خَصِيمًا﴾ لا تكن مدافعاً عنهم، لا تحكم لصالحهم، الإسلام لا يرتفع بهذا، يرتفع الإسلام إذا أقيم الحق، يقول عليه الصلاة والسلام: 

((  يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا ضَلَّ مَنْ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ فِيهِمْ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وأيم اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا. ))

[ متفق عليه عن عائشة ]

 تروي الأخبار أن حدّ الرجم أُقيم على ولد أحد أصحاب رسول الله خاطبه وقال: إذا انتقلت إلى الدار الآخرة قل للنبي الكريم إن أبي أقام علي الحد. هذا هو الإسلام، هذا هو الدين، الدين عدل، وما لم يرجع المسلمون إلى دينهم حقيقةً، وما لم يكونوا صادقين، وما لم يكونوا أمناء، وما لم يكونوا أعِفّة، فإن النصر لا يأتي، لعل الناس يغترّون بعباداتهم، العبادات التي تُؤدَّى من دون استقامة ومن دون التزام لا قيمة لها عند الله، ربّ تال للقرآن والقرآن يلعنه، قم فصلِ إنك لم تصلِ: 

(( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه. ))

[ البخاري عن أبي هريرة ]

﴿ قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ ۖ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَٰسِقِينَ(53)﴾

[  سورة التوبة ]

(( من حج بمال حرام فقال: لبيك اللهم لبيك، قال الله له: لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك. ))

[ الألباني بسند ضعيف ]

 قال بعض العلماء: والله ترك دانقٍ من حرام خير من ثمانين حجة بعد حجة الإسلام، هذا هو الدين، درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، حينما يفهم الناس الإسلام هذا الفهم يستحقون نصر الله عز وجل.

لا يعقل ولا يقبل أن تنكشف الحقيقة ويحكم النبي بخلاف العدل:


 حينما جاء ابن رواحة إلى اليهود ليقدر تمرهم أغروه بحلي نسائهم فقال لهم: 

(( يا مَعشَرَ اليَهودِ، أنتُم أبغَضُ الخَلْقِ إليَّ، قتَلتُم أنبياءَ اللهِ عزَّ وجلَّ، وكَذَبتُم على اللهِ، وليس يَحمِلُني بُغْضي إيَّاكم على أنْ أَحيفَ عليكم، قد خَرَصتُ عِشرينَ ألْفَ وَسْقٍ مِن تَمرٍ، فإنْ شِئتُم فلكُم، وإنْ أبَيتُم فلي، فقالوا: بهذا قامَتِ السَّمَواتُ والأرضُ. ))

[ تخريج المسند لشعيب  ]

هذا هو الدين، الدين أن تعامل هذا الشاب الذي في محلك التجاري كما تعامل ابنك تماماً، الدين أن تعامل هذه الفتاة التي هي زوجة ابنك كما تعامل ابنتك تماماً، أما هذه التفرقة وهذا الكيل بمكيالَين هذا يُفقِدنا كل مِيزة نستحق بها النصر.
 أيها الإخوة الكرام، لا أجد من درس بليغ أدق من هذا الدرس الذي لقّنه الله لأصحاب رسول الله، قال تعالى: ﴿وَلَا تَكُن لِّلۡخَآئِنِينَ خَصِيمًا﴾ لا يُعقَل ولا يُقبَل أن تنكشف الحقيقة ويحكم النبي بخلاف العدل، ولكن لعل النبي قال: 

(( إنَّما أنا بَشَرٌ وإنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، ولَعَلَّ بَعْضَكُمْ أنْ يَكونَ ألْحَنَ بحُجَّتِهِ مِن بَعْضٍ، فأقْضِي علَى نَحْوِ ما أسْمَعُ، فمَن قَضَيْتُ له مِن حَقِّ أخِيهِ شيئًا، فلا يَأْخُذْهُ فإنَّما أقْطَعُ له قِطْعَةً مِنَ النَّارِ.  ))

[ البخاري عن أم سلمة ]

 أي مالَ إلى تصديق الأنصار وهو بشر، ورغِب أن تكون التهمة مُحققةً في اليهودي، فجاء العتاب الإلهي: ﴿وَلَا تَكُن لِّلۡخَآئِنِينَ خَصِيمًا﴾

النبي بشر ولولا أنه بشر تجري عليه كل خصائص البشر لما كان سيد البشر:


 أيها الإخوة الكرام: 

﴿ وَٱسۡتَغۡفِرِ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا(106)﴾

[ سورة النساء ]

((  كُلُّ بنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ. ))

[ رواه الترمذي ]

 حينما يعاتب الله سيد الخلق وحبيب الحق هذا العتاب من أجل أن يكون هناك فرق بين مقام النبوة ومقام الألوهية، مقام النبوة مقام عِصمة، وقد تُرِك للنبي الكريم هامش اجتهادي طفيف، فإذا أصاب باجتهاده أيّده الوحي في ذلك، وإن لم يصب صحّح الوحي له اجتهاده. 
﴿وَلَا تَكُن لِّلۡخَآئِنِينَ خَصِيمًا﴾ النبي بشر ولولا أنه بشر تجري عليه كل خصائص البشر لمَا كان سيد البشر، قال تعالى: 

﴿ قُلْ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰٓ إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَٰحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَٰلِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدًۢا(110)﴾

[ سورة الكهف ]

 أي إذا انتزعت من فم النبي الشريف فتوى لصالحك أو حكماً لصالحك ولم تكن محقاً لا تنجو من عذاب الله، فما بال أولئك المسلمون الذين يتكئون على فتوى ضعيفة لإنسان منتفع، أو موظف، أو جاهل، يعتمدون على هذه الفتوى وهم آمنون مطمئنون، لو أن النبي الكريم أفتى لك ولم تكن محقاً لا تنجو من عذاب الله. ﴿وَٱسۡتَغۡفِرِ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾
 علمنا النبي هذه الحقيقة: الحق أحق أن يتبع، لا تتصور أنك إذا اتهمت مسلماً وبرّأت كافراً هذا يضع من شأن المسلمين، لا، هذا يرفع من شأن المسلمين، وما أهلك الناس إلا التعصب الأعمى. 

وما أنا إلا من غزيّة إن غوتْ         غويتُ وإن ترشدْ غزيّة أرشُد 

[ دريد بن الصمة ]

 مع قومه، كم من أب وكم من أم مع ابنها ولو كان على باطل، كم من أب وكم من أم مع ابنهما على زوجته ولو كان ظالماً لها، وكم من إنسان مع شريكه ولو كان ظالماً، إذا ضاعت الحقوق فقد تُوِدِّع من هذه الأمة.

الذي يخون الناس يخون نفسه لأنه يوردها موارد الهلكة:


 أيها الإخوة الكرام، النبي عليه الصلاة والسلام بشر، وتجري عليه كل خصائص البشر، إذاً هو سيد البشر. 

﴿ وَلَا تُجَٰدِلۡ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخۡتَانُونَ أَنفُسَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا(107)﴾

[ سورة النساء ]

 أي لا تدافع، الجدْل غزْل الخيوط كي تصبح حبلاً مفتولاً قوياً، والجدال إظهار الحجج وإحكام الرأي دفاعاً عن جهة ما. 
﴿وَلَا تُجَٰدِلۡ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخۡتَانُونَ أَنفُسَهُمۡۚ﴾ من أدق المعاني لهذه الآية أن الذي يخون الناس يخون نفسه لأنه يُوردها موارد الهلَكة، الذي يخون الناس يخون نفسه بادئ ذي بدء لأنه يوصلها إلى الشقاء، إن أشد أنواع الظلم أن يظلم الإنسان نفسه، وإن أشد أنواع الخيانة أن يخون نفسه لذلك: ﴿وَلَا تُجَٰدِلۡ﴾ يا محمد ﴿عَنِ ٱلَّذِينَ﴾ أي لا تدافع ﴿عَنِ ٱلَّذِينَ يَخۡتَانُونَ أَنفُسَهُمۡۚ﴾ يختانُ لمَ لمْ يقل يخون؟ يخون من خان ثلاثي، أما يختانون من اختان، اختان خماسي، وكل زيادة في المبنى زيادة في المعنى، يوجد افتعال، إذا قلنا: فلان كتب، أي كتب مرة واحدة، أما إذا قلنا: فلان اكتتب، هو كاتب يعمل في الكتابة، فالإنسان حينما يخون الناس عن قصد، وعن تصميم، وعن تكرار، وعن معاودة، ويكذب ويحتال هذا يختان، أما إذا أخطأ مرةً واحدة نقول له: خان، أما إذا كانت الخيانة طبعاً وأسلوباً في حياته هذا يختان، الفعل مزيد وفي الزيادة معنى الافتعال والمبالغة.

من علامات الإخلاص:


 يختان أي أَلِف الخيانة، عاودها، كررها، جعلها طبعاً فيه، جعلها أسلوباً متميزاً في حياته ﴿وَلَا تُجَٰدِلۡ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخۡتَانُونَ أَنفُسَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾ مع الخيانة يوجد أثم، مستحيل وألف ألف مستحيل أن تقترف معصية دون أن تظلم إنساناً، لو أنك طبقت منهج الله عز وجل لا لك ولا عليك، أما عندما تأخذ ما ليس لك ظلمت إنساناً، حينما تعتدي على عِرض فتاة ظلمت فتاةً، فلذلك ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا﴾ شديد الخيانة، وخوّان صيغة مبالغة، وصيغة المبالغة تعني مبالغةً في الكَم أو مبالغة في العدد، إما أنه يرتكب خيانات كثيرة، أو أنه يخون أمته، يخون دينه. 
﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾ وفي كل أنظمة الأرض الخائن يُعدَم، يقولون: خيانة عظمى، فالذي يخون المسلمين أو الذي يتعاون مع أعداء المسلمين، أو الذي يُسلِم المسلمين إلى أعدائهم أو يعطيهم الأخبار التي تُضعِفهم هذه خيانة عظمى، هو في الحقيقة يخون نفسه، يوردها موارد الهلَكة. 

﴿ يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلَا يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمۡ إِذۡ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرۡضَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطًا(108)﴾

[ سورة النساء ]

 هذا من ضعف التوحيد، فهذا الذي يستخفي من الناس ولا يستخفي من الله ليس مخلصاً، من علامة إخلاصك أنّ عملك لا يختلف إذا كنت في جَلوتك أو إذا كنت في خلوتك، من علامة إخلاصك أن عملك لا يتأثر بمديح الناس أو بذمهم، بمكافأتهم أو بعقابهم، من عرف نفسه ما ضرته مقالة الناس به.

أفضل إيمان المرء أن يعلم أن الله معه حيث كان:


 ﴿يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلَا يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمۡ إِذۡ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرۡضَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطًا﴾ أيها الإخوة الكرام، أفضل إيمان المرء أن يعلم أن الله معه حيث كان، لمجرد أن تشعر أن الله معك تستحي منه، تستحي أن تقول قولاً لا تفعله، تستحي أن تعظ بما لست مُتَّعِظاً به، تستحي أن تبيّت خطةً فيها إساءةً لمسلم أو لغير مسلم والله مُطَّلع عليك.
 شخص سأل شيخاً عن معصية الله عز وجل، فقال له الشيخ مقولة غير مقبولة إطلاقاً، قال: اعصِ الله ما شئت ولكن إذا عصيت الله فاحرص على ألّا تسكن أرضه، قال له: وأين أسكن إذاً؟ قال له: أتسكن أرضه وتعصيه، قال له: هات الثانية، قال: إذا عصيته فلا تأكل شيئاً من نِعَمه، قال: وماذا آكل إذاً؟ قال: تسكن أرضه وتأكل نعمه وتعصيه! قال: هات الثالثة، قال: إن أردت أن تعصيه فاعصه في مكان لا يراك فيه، قال: هو معنا أين ما كنا، قال: تسكن أرضه وتأكل خيره وتعصيه وهو يراك! قال: هاتِ الرابعة، قال: إذا عصيته وجاءك ملك الموت فلا تذهب معه، لا ترضَ، قال: لا أستطيع، قال: تسكن أرضه وتأكل خيره وتعصيه وهو يراك ولا تستطيع أن تمتنع عن ملك الموت! قال: هات الخامسة، قال: إذا عصيت الله عز وجل وجئت يوم القيامة فلا تدخل النار، أيضاً لا ترضَ، قال: لا أستطيع، قال: تسكن أرضه وتأكل خيره وتعصيه وهو يراك ولا تستطيع أن تمتنع عن ملك الموت ولا عن زبانية جهنم! أين عقلك؟
 فلذلك بعض العلماء قرأ حديثاً قال: استغنيت به عن مئة ألف حديث، اعمل للدنيا بقدر بقائك فيها، واعمل للآخرة بقدر مُقامك فيها، واعمل لله بقدر حاجتك إليه، واتّقِ النار بقدر صبرك عليها. 

مقام الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك:


 قال تعالى: 

﴿ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلَٰلَةَ بِٱلْهُدَىٰ وَٱلْعَذَابَ بِٱلْمَغْفِرَةِ ۚ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى ٱلنَّارِ (175)﴾

[ سورة البقرة ]

﴿يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلَا يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمۡ إِذۡ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرۡضَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡلِۚ﴾ 

﴿ وَمِنَ ٱلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِۦ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰٓ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا(79) وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِى مُدْخَلَ صِدْقٍۢ وَأَخْرِجْنِى مُخْرَجَ صِدْقٍۢ وَٱجْعَل لِّى مِن لَّدُنكَ سُلْطَٰنًا نَّصِيرًا(80)﴾

[  سورة الإسراء ]

 ثم يقول الله عز وجل: 

﴿  فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ(213) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ(214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ(116) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ(117) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ(118)﴾

[ سورة الشعراء ]

 لذلك: مقام الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

كل إنسان مؤمن يجب أن يهيئ جواباً لله عز وجل عن كل أفعاله:


 قال تعالى: 

﴿ هَٰٓأَنتُمۡ هَٰٓؤُلَآءِ جَٰدَلۡتُمۡ عَنۡهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا فَمَن يُجَٰدِلُ ٱللَّهَ عَنۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيۡهِمۡ وَكِيلًا (109)﴾

[ سورة النساء ]

 أنت إذا جادلت عن هؤلاء مَن يجادل الله عنهم يوم القيامة؟ علاقتك مع الله ولا ينفعك بشر كائناً مَن كان: والدليل قل لهم يا محمد: 

﴿ قُلْ إِنِّى لَآ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا(21)﴾

[ سورة الجن ]

هناك أبلغ؟ قوله تعالى:

﴿ قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188)﴾

[ سورة الأعراف  ]

 فإذا كان عليه الصلاة والسلام لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فلأَن ألّا يملك لأحد من باب أَولى. 
﴿هَٰٓأَنتُمۡ هَٰٓؤُلَآءِ جَٰدَلۡتُمۡ عَنۡهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا فَمَن يُجَٰدِلُ ٱللَّهَ عَنۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيۡهِمۡ وَكِيلًا ﴾ موظف له عمَل حساس يستطيع أن يُوقِع الأذى بأناس كثيرين ضمن عمله، فمرةً استنصحني، قلت له: افعل ما تريد ولا تعبأ، ضع الناس في السجن، قال: هكذا تقول؟ قلت: هكذا أقول، ولكنك إذا كنت بطلاً تُهيِّئ لله جواباً عن كل فعل تفعله وكلهم عباده. المشكلة أن تهيِّئ لله جواباً لمَ فعلت كذا؟ لمَ ظلمت فلاناً؟ لمَ أعطيته؟ لمَ حرمته؟ لمَ ابتسمت في وجهه؟ لمَ عبست في وجهه؟ لمَ وصلته؟ لمَ قطعته؟ ما السبب؟ فكل إنسان مؤمن يجب أن يهيئ جواباً لله عز وجل عن كل أفعاله وإلا فالله شديد العقاب.

﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ(12)﴾

[ سورة البروج ]

﴿ وَمَن يَعۡمَلۡ سُوٓءًا أَوۡ يَظۡلِمۡ نَفۡسَهُۥ ثُمَّ يَسۡتَغۡفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا(110)﴾

[ سورة النساء ]

 أيها الإخوة الكرام، في درس قادم إن شاء الله نتابع تفسير هذه الآية. 

الملف مدقق

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

نص الدعاة

إخفاء الصور