وضع داكن
21-11-2024
Logo
تربية الأولاد إصدار 2008 - الدرس : 14 - التربية العقلية -4- طلب العلم فرض على كل مسلم
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

العلم الشرعي فريضة على كل مسلم:

 

أيها الأخوة الكرام، مع الدرس الرابع عشر من دروس تربية الأولاد في الإسلام ولازلنا في التربية العقلية، ولابدّ من مقدمة من موضوع من أدق الموضوعات في التربية العقلية.
هذه المقدمة: لو أن رجل دين، في أعلى المستويات، أعطيته تخطيط قلب لا يفهم منه شيئاً، نقول هذا الرجل رجل الدين، المتبحر، المتعمق، أُمّي في قراءة هذا التخطيط، أليس كذلك ؟ مهما كان متبحراً، مهما كان متفوقاًَ، هو في هذا الموضوع أُمّي انظر إلى تخطيط قلب، ترى خطوط بزوايا حادة، لكن الطبيب حينما يطلع عليه يكتشف أشياء كثيرة، في خوارج انقباض، في تسرع اشتدادي، أكثر أمراض القلب تظهر في التخطيط، لكن رجل الدين مهما كان متفوقاً في هذا الموضوع أُمّي، هذا تمهيد.
وأي إنسان آخر يحمل أعلى شهادة، الطب بورد، بأمريكا بورد، في بريطانيا ( إف آر إس )، بفرنسا ( أك ري جي )، عندنا بورد عربي والحمد لله.
فأعلى طبيب قد يكون في الدين أُمياً، فأنت إذا قلت علم، العلم مطلق، فطلب العلم فريضة على كل مسلم، العلم الشرعي فريضة، طبيب، مهندس، طيار، معك اختصاص نادر، معك دكتوراه بالفيزياء النووية، أنت في الدين إن لم تطلب العلم فأنت أمي في الدين.

الدين فرض عين على كل مسلم لتعلقه بسلامته وسعادته ومستقبله الأخروي:

لذلك: إذا قلنا التربية العقلية، العقل جهاز، مضمونه قد يكون معلومات بعيدة عن الدين، من هنا قيل: ما كل ذكي بعاقل، إنسان يتمتع بدرجة عالية جداً من الذكاء ويأتي بأعلى شهادة في العالم باختصاص نادر، وهذه الشهادة تدر عليه دخلاً فلكياً، ومعنى ذلك هو في الدين أُمّي، وليس بعاقل، لأنه ما عرف الله، ولا عرف سرّ وجوده، ولا عرف غاية وجوده.
أنا أريد من هذه المقدمة ألا يشعر المثقف أنا طبيب، أنا مهندس، أنا معي معلوماتية، دكتوراه في المعلوماتية، أنا اختصاصي نادر، هذه علوم أرضية، هي حرف راقية، أما الدين فرض عين على كل مسلم، لأن الدين متعلق بسلامتك وسعادتك، ومستقبلك الأخروي.
مرة رجل يحتل منصباً رفيعاً جداً في دولة عربية، فذهب إلى الحج، في طريق العودة يقول لصاحبه إلى جواره بالطائرة، قال له: والله لو كان الحج على خمس دورات على مدار السنة، والله أريح، لا يعرف ما هو الحج، لو كان على مدار السنة أفضل وأريح ما كان في ازدحام.
فتجد أحياناً إنسان يحمل شهادات عالية، هذه المقدمة ملخصها أنه لو حرصت على أن يكون ابنك في أفضل مدرسة، يقول لك: ثلاث لغات، فرنسي، إنكليزي، عربي، كمبيوتر، معلوماتية، ترجمة، مناشط، لكن ما فيه دين إطلاقاً، ما كل ذكي بعاقل، العقل شمولي، والذكاء جزئي، أي إنسان أوتي فكراً متألقاً، قدرات عامة، قد ينال أعلى شهادة ويبقى في الدين أُمّياً، يرتكب المبيقات، يرتكب المعاصي والآثام.

البعيد عن الله عز وجل يرتكب المعاصي و الآثام و هو لا يدري:

فلذلك الأب الذي يتصور إذا علّم ابنه، وأخذ دكتوراه، وتعب عليه، ووضع له مدرسين خاصين، وضعه بأفضل مدرسة، أتقن عدة لغات، أخذ اختصاصاً نادراً، إدارة أعمال، معلوماتية، حاسوب، يظن الأب أنه قدّم واجبه، لم تقدم له شيئاً، قدم له شيئاً متعلق بآخرته.
أنا أقول لابدّ من أن تتعلم، هذا العلم الآن من أجل أن تكون بعمل فيه بعض الراحة، وفيه دخل معقول.
أحياناً سمعت عن طبيب في بلد عربي مجاور، أجرى عملية زرع كلية، أخذ مليوني ليرة، في ساعتين الساعة بمليون، يأتي إنسان غير متعلم، يعمل ثماني ساعات بثلاثمئة ليرة، أربعمئة، خمسمئة، ثماني ساعات بخمسمئة ليرة، وساعة بمليون، فإنسان يأخذ دكتوراه بالطب، بالهندسة، بالمعلوماتية، هذه شهادات تدر عليه دخلاً كبيراً، هذه حرفة من الحرف، فلان تاجر، مهندس، محامي، طبيب، حرف راقية، راقية أي فيها جهد معقول، وفيها دخل كبير، هذه معنى راقية.
لكن عندما يكون الإنسان بعيداً عن الله عز وجل قد يرتكب المعاصي والآثام وهو لا يدري.

أنواع الذكاء عند الإنسان:

أنا من هذه المقدمة أريد أنت حينما تعتني بدراسة ابنك، هذا يسمونه الذكاء التحصيلي، هناك ذكاء فطري، و ذكاء تحصيلي، و ذكاء عاطفي، هناك إنسان علاقاته الاجتماعية في أعلى درجة من النجاح، نقول يتمتع بذكاء عاطفي، يحترم الناس، يرضيهم، لا يستفزهم، يحتويهم، يتكيف معهم، يتلاءم معهم، يلتفون حوله، هذا يتمتع بذكاء عاطفي وهناك إنسان عنده ذكاء مجرد، يصلح للرياضيات، علوم بحتة، رياضيات، فلك مثلاً، الذي يتمتع بذكاء مجرد يصلح لفروع فيها علوم بحتة، وهناك إنسان عنده ذكاء عملي، يبدع بتفكيك آلة، بتعديل آلة، هذا الذكاء العملي، والذكاء النظري، والذكاء العاطفي، وهناك ذكاء تحصيلي، إنسان درس، الدراسة ضرورية بسبب.
سمعت تعليقاً أعجبني أنه: يعد أينشتاين أعلى علماء الأرض في الفيزياء، جاء بالنظرية النسبية التي قلبت مفاهيم الفيزياء، الآن يرى بعض العلماء أن دماغ أنيشتاين يحتاج إلى دراسة، يعني يتمتع بذكاء يفوق حدّ الخيال، لو أنيشتاين ولد من أب بالبادية، ما في مدارس، في جمل، في خيمة، وفي صحراء، ماذا يكون أينشتاين ؟ يكون بدوياً، ذكياً قليلاً أعطاه أبوه الغنم ليرعاها مثلاً، يعرف كم غنمة بالضبط، يعرف كل غنمة وضعها الصحي تماماً، لكن يبقى راعي غنم فقط، أما أنيشتاين الذي أعطاه التفوق دراساته أيضاً.

الدين شيء عظيم ومن كان له مظهر ديني غير صحيح فهو لا يمثل الدين:

أنا مضطر أن أقول لكم: إن لم تضع ابنك في المدرسة لينال شهادة عليا سأقول كلمة قاسية: أنت في حقه مجرم، لأنه عطلت عليه كل منجزات العصر، لكن هذا من أجل كسب رزقه فقط، أما آخرته لابدّ من أن يكون جزء من تربيتك أن تربيه إيماناً، أن تعطيه حقائق دقيقة عن الكون، عن القرآن، عن النبي العدنان، عن سيرة الصحابة الكرام، عن العلماء الكبار، أن تجعله ينتمي لأمته، أن تجعله يعتز بدينه، أن تجعله يفرق بين الإسلام والمسلمين.
عندنا مشكلة هذه المشكلة مؤلمة جداً، تجد معظم المثقفين ما عنده إمكان أن يفرق بين إسلام عظيم، منهج حكيم، من عند رب العالمين، وبين مسلم مقصر، يرى الإسلام من خلال المسلمين، فيزهد في الإسلام، هذا خطأ كبير، مهمة الأب أن يكون وراء ابنه، هذا الموقف من هذا الإنسان الذي له مظهر ديني غير صحيح، لا يمثل الدين، الدين منهج آخر.
لذلك بعض العلماء قال: من دعا إلى الله بمضمون سطحي، مضمون غير متماسك، بمضمون ساذج، هناك دعوة أكثرها منامات، ومقامات، وشطحات، وقصص الدين منهج عظيم، قال من دعا إلى الله بمضمون سطحي غير متماسك، ليس فيه عمق وبأسلوب غير علمي، وغير تربوي، هذا المدعو بهذا المضمون، وبهذا الأسلوب لا يعد مبلغاً عند الله، وفي أعماق الإنسان الدين شيء عظيم.

العاقل من يوضح لابنه التناسب بين عظمة الله عز وجل وعظمة منهجه:

عفواً، هذا الدين من عند من ؟ من عند خالق السماوات والأرض، يجب أن يكون هناك تناسب بين عظمة الله عز وجل، وعظمة منهجه، التناسب يجب أن توضحه لابنك بين عظمة الخالق، وبين عظمة دينه، فلو رأيت موقفاً في غيبية، موقف في شطحة، موقف في كرامة غير منطقية، غير واقعية.
مثلاً: لما أنت تقرأ كتاباً قديماً أن فلان الفلاني، أبو حنيفة النعمان رحمه الله تعالى صلى الفجر بوضوء العشاء أربعين عاماً، هذه قصة، أنت بذهنك تثني على أبي حنيفة تقدمه لمن تُعلمه على أنه إنسان عظيم، لكن النبي كان ينام، قال:

((......أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي ))

[ البخاري عن أنس بن مالك ]

هذه قصة أنه أربعين سنة صلى الفجر بوضوء العشاء غير معقولة، صار الدين شيء غير واقعي، خيالي، من يستطيع ألا ينام يومين وراء بعضهم ؟ من يستطيع ؟ جربوا، النوم أساسي.

﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً ﴾

( سورة النبأ )

لا تجعل المؤمن سوبر مان، لا إنسان عادي، يأكل، ويشرب، وينام، يحتاج إلى زوجة، إلى أولاد، إلى بيت، يعمل بالتجارة، بالصناعة، مدرس، مهندس، طبيب، اجعل الإسلام واقعي، تفوق وأنت واقعي، الأنبياء عاشوا في أبراج عاجية أخلاقية، لكن عاشوا مع الناس.
كان عليه الصلاة والسلام يصغي لمحدثه، صغيراً كان أو كبيراً، كان يضحك مما يضحك منه أصحابه، عايش الحياة، عايش الظروف، عايش المعطيات، عايش الضغوط، عايش المغريات، عايش الصوارف، عايش العقبات.

على كل إنسان أن يضيف لاختصاص ابنه الدنيوي معرفة بالله عز وجل و معرفة بنبيه:

أتمنى أن تربي ابنك ليكون واقعياً، يدرس، يأخذ شهادة عليا، لكن وفق منهج الله، يتعلم دينه، يتعلم قرآنه، يتعلم سنة نبيه، ينتمي لأمته، لا تكتفي أيها الأب وأنت تربي ابنك تربية عقلانية أن تعتقد أنه مادام معه شهادة عليا، انتهى، أنا علمته، لا، ما علمتهُ علمته حرفة راقية، علمته اختصاصاً يدر عليه دخلاً كبيراً، لكن ما علمته الخوف من الله، ما علمته أن هناك آخرة، ما علمته أن هناك إله عظيم، ما علمته أن هناك منهج قويم، ما علمته أن هناك نبي كريم، هو قدوتنا.
فلذلك الذي أتمناه أنك إذا أردت أن تتوهم أنك حينما تعلم ابنك في جامعة راقية باختصاص نادر، طبيب من الناحية العلمية أديت واجبك، لم ينتهِ شيء، لابد من أن تضيف إلى اختصاصه الدنيوي معرفة بالله عز وجل، معرفة بنبيه، معرفة بآل بيت نبيه، ومعرفة بصحابته الكرام، هؤلاء أعلام.

على كل أب أن يستغل طاقة ابنه و يوجهه إلى مثل أعلى يقتدي به:

الآن الشباب في سن المراهقة، الشاب يتعلق بمثل أعلى، يكون المثل الأعلى لاعب كرة، أو ممثل، الآن أو يكون صحابي كبير، فالطاقة هذه، والتوجه إلى مثل أعلى يجب أن تستغل هذا التوجه إلى أن تجعل أمامه مثل عليا.
والله بالمناسبة: يمكن درست كتاباً مرات ثلاث، في جامع النابلسي، ثلاث مرات، صور من حياة الصحابة، رجل توفي رحمه الله أوتي قلماً رائعاً جداً، أسلوب أدبي رائع، و تدقيق بالتفاصيل، ولا يوجد أشياء لا يقبلها العقل، فابنك عندما يقرأ عن الصحابة صحابة شباب، صحابة كبار في السن، صحابة صغار، أطفالهم، نساؤهم، يختار الصحابة قدوة له، يعني مسافة كبيرة جداً بين أن يكون قدوة الشاب ممثلاً، أو لاعب كرة، وقد يكون منحرفاً أخلاقياً، في لاعبين كرة معهم انحراف أخلاقي، وضبطوا بحالات، وعوقبوا وحوكموا، وبينما أن يكون المثل الأعلى لابنك صحابي جليل، شاب نشأ في طاعة الله.

مسؤولية الآباء عن تربية أبنائهم العقلية و الدينية:

إذاً أريد بهذه المقدمة أن أؤكد لكم: لا تعفى أبداً من مسؤولية التربية العقلية إذا اكتفيت بتحصيل شهادة عليا تدر عليه دخلاً كبيراً، لابدّ من أن تعلمه أمور دينه، لذلك:

(( أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب آل بيته، وتلاوة القرآن))

[رواه الطبراني عن علي]

أيها الأخوة، مرة ثانية: نحن عندنا بالمصطلحات الشرعية، فرض عين وفرض كفاية، فرض الكفاية إذا قام به البعض سقط عن الكل، من فروض الكفاية أن يكون في الأمة علماء كبار، علماء متعمقون، علماء متفرغون، علماء متبحرون، علماء يستطيعون أن يردوا على كل شبهة تطرح في الساحة العامة، يستطيعون أن يقدموا الأدلة الناصعة القوية على وجود الله، ووحدانيته، وكماله، وعلى أحقية هذا الوحي، وعلى أحقية هذا القرآن، وعلى عصمة النبي العدنان، هؤلاء العلماء المتبحرون، المتفرغون ، المتعمقون، وجودهم فرض كفاية، إذا قام به البعض، سقط عن الكل.

لكن طلب العلم فرض عين على كل مسلم، وجود عالم متبحر فرض كفاية، أما طلب العلم فرض عين على كل مسلم، من أي اختصاص، معه اختصاص أدبي، علمي، طب، هندسة، لابد من أن يعرف دينه فطلب العلم واجب على كل مسلم.

العقيدة أخطر ما في الدين الإسلامي:

 

الآن هذا الدين مما يتألف ؟ طبعاً في ملايين، ملايين المؤلفات الإسلامية، لكن لو أردت أن أجمعها في مخطط، هذا الدين يبدأ بالعقيدة، والعقيدة أخطر ما في الدين، إن صحت العقيدة صحّ العمل، وإن لم تصح لم يصح العمل.
كيف أن الطيار إذا أخطأ في تحديد الهدف بميلي في جهاز الطائرة، هذا الميلي في جهاز الطائرة ينعكس في الأرض كيلو متر، الميلي بتحديد الهدف بجهاز الرادار الذي في الطائرة ينقلب على الأرض واحد كيلو متر.
وكذلك الإنسان بالعقيدة، إذا في خطأ بالعقيدة يكون في خطأ بالسلوك مئة ضعف تقريباً، يعني يكفي أن تتوهم مفهوم الشفاعة بشكل ساذج، أن النبي يشفع لأمته يوم القيامة، فلا يوجد أي داعٍ لاستقامة الإنسان، هذه الفكرة الساذجة الغير الصحيحة تدعوه إلى عدم الاستقامة، لذلك: أي إنسان يغش في البيع والشراء يتلق بهذا الحديث، يقول لك:

(( شفاعتي لأهل الكبائر مِنّ أمَّتي ))

[ أخرجه أبو داود والترمذي عن أنس بن مالك ]

إذاً أعمل كم كبيرة، هذا خطأ كبير، أنا أقول لكم كلمة: لو كان ممكناً أن تعتقد شيئاً دون أن ينعكس هذا الاعتقاد سلوكاً اعتقد ما شئت، لكن لأنني متأكد مئة بالمئة ما من شيء تعتقده إلا وينعكس سلوكاً على صاحبه.
مثلاً: في عالم الطلاب، لو طالب توهم أن هذا الأستاذ قبل الامتحان بيومين يطرق بابه، يقدم له هدية ثمينة، والده غني، هذا المعلم يعطيه الأسئلة، هذه الفكرة هل تجعله يدرس أثناء العام الدراسي ؟ فكرة خطيرة جداً، هي فكرة، سمع من طالب أن هذا الأستاذ بهدية ثمينة يعطيه السؤال، لا داعي لئن يدرس، كل يوم في وظائف، وفي مطالعة، وفي مراجعة، وفي قراءة، أمضى العام الدراسي كله باللعب مع أصدقائه، في حضور بعض الأفلام، في الطرقات يتسكع، يتابع الفتيات، ارتاح، لأنه لا يوجد عنده دراسة، الأستاذ يعطي السؤال، قبل الامتحان بيومين طرق باب المعلم، وقدم له الهدية، وطلب منه الأسئلة، فتلقى صفعتين على خديه أنسته والديه، فهذه الفترة كانت سبب هلاكه.

العقيدة لا تقبل عند الله تقليداً بل تحقيقاً:

 

أقسم لكم بالله هناك آلاف الأفكار تطرح في الحقل الديني ليس لها أصل، وتسبب شللاً، ما في داعي يستقيم، يعني:

(( إن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ))

[متفق عليه عن عبد الله بن مسعود]

جيد أقضي حياتي كلها بالمعصية، يأتي حديث:

(( لو لم تكونوا تذنبون لخشيت عليكم ما هو أكبر منه ))

[ أخرجه البزار عن أنس بن مالك ]

(( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم ))

[ أخرجه البزار عن أبي سعيد الخدري ].

جيد لحق حالك بكم ذنب، هناك نصوص إذا فهمتها خطأ تنشل حركتك، يكفي أن تعتقد أن الله أجبر عباده على أعمالهم.

 

ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء

* * *

انتهيت، أي فكرة منعكس سلوكي، لو لم يكن هناك منعكس سلوكي للأفكار يقول لك اعتقد ما شئت، لكن لا يمكن أن تتوهم شيئاً إلا وأن ينعكس على سلوكك سلوكاً منحرفاً من هنا كان أخطر شيء في الدين العقيدة، إن صحت العقيدة صح العمل، إذا في مثلث مقسم إلى أربعة أقسام القسم العلوي هو العقيدة، إن صحت صح العمل، لذلك الآية الكريمة:

﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾

( سورة محمد الآية: 19 )

﴿ فَاعْلَمْ ـ ما قال فقل قال ـ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾

أكد العلماء أن العقيدة لا تقبل عند الله إلا تحقيقاً، لا تقليداً، لا تقبل العقيدة تقليداً ولو أنها صحيحة، لو أن الله قبل اعتقاداً تقليداً لكانت كل الفرق الضالة ناجية عند الله، وأنهم سمعوا ممن يعلمهم كلاماً فرددوه تقليداً، العقيدة لا تقبل عند الله إلا تحقيقاً

﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾

الصلاة عماد الدين من أقامها فقد أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين:

عندي مثلث أول قسم العقيدة، القسم الثاني العبادات، أركان الإسلام، الصلاة، يعني ممكن هذا الإله العظيم الذي خلق السماوات والأرض يطلب منك أن تغسل أعضاءك، وتقف، وتقرأ الفاتحة، وشيء من القرآن، وتركع، وتسجد، وأنت تعمل حساب الصندوق الذي يخصك ؟ هناك فرق ثمانية آلاف أين ذهبوا ؟ ولا الضالين، تجد شخصاً صلاته كلها خواطر متعلقة بدنياه، بمشاكله، بامتحانه، بتجارته، بمستودعاته، وهو بالصلاة.
قال له: أنت صليت المغرب ركعتين، قال له: أبداً ثلاثة، متأكد، قال له: ما الدليل ؟ أنا عندي ثلاثة صناديق، فيهم مشاكل حللت في كل ركعة صندوق، ثلاثة صلى.
ممكن الإله العظيم يطلب منك الصلاة هذه الشكلية ؟ تتناسب مع عظمته ؟.
مدير مؤسسة يقول لك اذهب إلى حمص وقف بالساحة ربع ساعة وارجع إلى الشام فقط، ما هذا الأمر ؟! تقبلها أنت من مدير عام ؟.
قبلت من الله عز وجل تكون الصلاة هكذا بهذا الشكل الساذج ؟ يجب أن تعرف أن الصلاة اتصال.

﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾

( سورة العنكبوت الآية: 45 )

أنت في الصلاة تذكره، والله عز وجل إذا أقبلت عليه يذكرك، يا الله ! ذكر الله لك أكبر من ذكرك له، إنك إن ذكرته أديت واجب العبودية، لكن إذا ذكرك الله منحك الحكمة، منحك الأمن، منحك الرضا، منحك التوفيق، منحك سداد الرأي، منحك صواب القول، أودع في قلب الناس محبتك، ثمار مذهلة من الصلاة، فلذلك:

(( الصلاة عماد الدين فمن أقامها فقد أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين ))

[ رواه الطبراني عن معاذ ]

الصلاة عماد الدين من أقامها فقد أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين:

أول شيء العقيدة، الله موجود، واحد، كامل، بعض الأمثلة:
بأوربا فكرة شائعة جداً ومريحة، بالمناسبة: ما كل شيء صحيح مريح قد يكون الغلط هو المريح، فكل شخص معه شذوذ متوهم بأوربا أن عنده جينات شاذة، أنه هو إنسان سوي، يستحق أن يكون له مكانة اجتماعية، فالآن ببعض البلاد مسموح الزواج المثلي، لذلك يكون بمنصب رفيع، وزير مثلاً، سفير معه شريك، ما معه زوجة، المنطلق الغير صحيح أن جيناته خاصة، لكن إيماناً أنت تقبل إله عظيم يخلق جينات خاصة تدعو صاحبها للشذوذ ثم يحاسبه في جهنم ؟ أنت تتوازن بهذه الفكرة ؟ الفكرة ما لها أصل.
لما كلينتون بآخر أيامه في رئاسته أعلن (أنا أسميها قنبلة علمية)، أعلن الخارطة الجينية، أهم شيء في هذه الخارطة لا علاقة بين السلوك والجينات إطلاقاً، هذا شيء مذهل.
أحياناً الإنسان يعتقد أشياء مريحة لكن غير صحيحة، كمثل أوضح:
إذا شخص رغب أن يشتري سيارة و لم يشترِ، وله صديق رغب أن يشتري واشترى، بعد فترة سمع الاثنان إشاعة: هناك تخفيض للرسوم بالـ%50، الذي اشترى يكذب الإشاعة من دون تحقيق، لأنه إذا كذبها يرتاح، والذي لم يشترِ يصدقها من دون تحقيق.
فأنت بحالات كثيرة تصدق شيئاً غير صحيح، لكن يريحك، وتكذب شيئاً صحيحاً لكن يزعجك، فالإنسان يميل لحديث أنه:

(( شفاعتي لأهل الكبائر مِنّ أمَّتي ))

[ الترمذي و أبو داود عن أنس بن مالك]

هذا مريح الحديث، وافعل ما تشاء، وغش الناس، واكذب عليهم، ابتز أموالهم، والنبي يشفع لك، الخطأ بالعقيدة، انقلبت سلوكاً منحرفاً، أو أنه:

(( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ))

[ رَوَاهُ مُسلِمٌ عن أبي أيوب خالد بن يزيد]

معناها الذنب شيء من خصائص الإنسان، اختلاط، مصافحة، يملأ عينيه من محاسن المرأة، يأكل مالاً حراماً، يكذب، يغش، لأنه هكذا سمع.
والوفاء بالوعد، وإنجاز العهد، والرحمة، والإنصاف، ماذا قال سيدنا جعفر للنجاشي ؟ قال له أيها الملك:

(( كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه، فدعانا إلى الله لتوحيده، ولنعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء ))

[أخرجه الإمام أحمد عن أم سلمة أم المؤمنين ]

هذا الإسلام منهج أخلاقي.

العقيدة العبادة المعاملة و الأدب أربعة أشياء من طبقها كان راقياً في حياته:

 

عندنا العبادات، والمعاملات، والحقيقة التي ألح عليها كثيراً: ما لم تصح العبادات التعاملية من صدق، وأمانة، وإنصاف، وعفة، لا تقبل ولا تصح العبادات الشعائرية، صار في عقيدة، عبادات، معاملات.
آخر شيء الآداب، آداب الضيافة، آداب السفر، آداب الزوج، آداب الزوجة، آداب الابن، آداب الأب، بحث الآداب بحث رائع جداً، تجد المسلم كاملاً، لطيفاً، صادقاً، أميناً، عفيفاً، متواضعاً، منصفاً، يحب الخير.
والله أيها الأخوة، للتقريب أحياناً، تموت غنمة في طرق السفر أحياناً، و لا أحد يزيلها من مكانها، بعد فترة تنشأ رائحة لخمسين أو مئة متر من هذه الجيفة، الإنسان يخرج من جلده منها، والعياذ بالله رائحة اللحم المتفسخ، رائحة الجيف لا تقابل، هذا لحم، وأحياناً تكون جائعاً جداً وتأكل لحماً طازجاً مشوياً تقول أكلت أكلة لا أنسها مدى الحياة، هذا لحم وذاك لحم.
الإنسان الذي لم يعرف الله عز وجل يصبح مثل الجيفة، نتن، كلامه بذيء، مزحه سيء، مزحه قاسٍ، لئيم، أناني، يحب ذاته، شهواني، كذاب، دجال، منافق، تجد كتلة أخطاء، شيء لا يحتمل، يدعو للقرف.
المؤمن إن لم تعشقه فليس مؤمناً، من تواضعه، من إنصافه، منصف، من محبته للناس، من استقامته، من صدقه، من أمانته، إن لم تعشقه فليس مؤمناً.
بالعقيدة الصحيحة، والعبادات الصحيحة، والمعاملات الصحيحة، والآداب، هذا الإسلام شَكّل إنساناً راقياً جداً.

من لم يربِ ابنه تربية إيمانية صحيحة ليس مقبولاً عند الله عز وجل:

نحن نريد في التربية العقلية ألا تتوهم إذا ابنك صار طبيباً انتهى، ما انتهى شيء.
والله أيها الأخوة، الإنسان إذا ما عرف الله، يفعل أشياء يندى لها الجبين، تصدق يكون هناك دواء للورم الخبيث، يعطى في المستشفيات العامة مجاناً للفقراء، يقدم للفقير ماء مقطر على أنه دواء السرطان، وهذا الدواء يؤخذ إلى عيادة خاصة ويباع بمئة ألف، تصور إنساناً يفعل هذا ؟ ممكن، ومعه أعلى شهادة، ممكن.
الإنسان إذا ما عرف الله وحش، أناني، يريد أن يعيش وحده، أن يجمع أموالاً طائلة، والله هناك قصص يندى لها الجبين تظهر من مثقفين، فإذا أنت ما تربيت تربية إيمانية، عقيدتك سليمة، عباداتك صحيحة، معاملاتك منضبطة، تطبق آداب الإسلام، لا تقبل عند الله عز وجل.

من يحب ابنه يضيف إلى اختصاصه الجامعي مرجعاً دينياً:

الذي أريد في هذا الدرس الأخير من التربية العقلية: إياك أن تظن أن ابنك إذا علمته أخذ شهادة عليا، طبيب، مهندس، درس ببريطانيا، ما معك شهادة ؟

والله ( إف آر إس )، لا يتكلم العربية، بورد، ما انتهى شيء.

قد يكون طبيباً ومعه بورد وليس مستقيماً طبعاً، تريد أن تصل لله عز وجل، وتؤدي واجبك تجاه هذا الدين العظيم ؟ هل تكتفي أن يحصل ابنك علماً كونياً يعد الآن ؟ أحد وسائل كسب الرزق الراقية، أضف إلى اختصاصه الجامعي أن يعرف الله، يكون له مرجع ديني، يكون له مسجد، يكون له درس علم، هذه دروس العلم، ماذا يوجد في الجامعة ؟ مُحاضر، وكلام يلقى، دروس المساجد دروس علم، وعلم عميق، ومتين، وله أصول، ومسجل الدرس وممكن أن تراجعه.
لذلك ما لم تلحق ابنك بمسجد تثق بخطيبه، بمدرسه، مسجد نظيف، عقيدة سليمة، علاقات واضحة، نظيفة، لا تطمع أن يكون ابنك يكون صاحب دين إذا ما له مرجع
أنت تصدق إنساناً ينام يستيقظ معه دكتوراه بالطب، يقول لك أنا 33 سنة درست و تعبت حتى أخذت الشهادة، يحتاج إيمان وجنة من دون درس علم، من أين يأتي العلم ؟ تجد خرافات الناس مذهلة، ما في علم، لا يعرف الحلال والحرام إطلاقاً.

كل إنسان عليه أن يعرف الله و أن تستقيم على أمره و لو حصل على أعلى شهادة:

على كلٍ نحن بحاجة ماسة إلى أن نعطي الابن العلم الديني الصحيح، إذا أنت عالم دين أيها الأب بارك الله بك أنت علّمه، لك ثقة بمسجد، تعرف الدعوة واضحة تماماً مؤصلة، مدللة بالأدلة الصحيحة، ما في شطح، ما في انحراف، ما في اهتزاز، تعرف مسجداً فيه خطيب ممتاز، فيه مدرس ممتاز ضعه فيه، يكون له أصدقاء مؤمنين، أما يهمك شهادته، يهمك معه ليسانس، معه دكتوراه، فقط، لا يتعلم.
بصراحة الذين معهم ثقافة عالية يستطيعون أن ينحرفوا مليون ضعف عن أناس لا يحملون هذه الشهادة، إذا أنت مثلاً زرت طبيباً لا يعرف الله أبداً، كتب لك اثني عشر تحليلاً، وأنت بحاجة إلى واحد، متفق مع مخبر، أول واحد تحلله، والباقي اكتب أجوبة خلبية، الربح بيننا أنا وأنت، هل تستطيع أن تكشفه أنت كمريض ؟ لا تستطيع، لا يستطيع إنسان أن يكشف طبيب قلب يضع دساماً صينياً ثمنه 35 ألفاً، وكتب بالفاتورة أمريكي ثمنه 65 ألفاً بعدما العملية انتهت، والدسام صار داخل القلب، وخيطه فيك هل تستطيع أن تكشف الحقيقة أنت ؟.
أحياناً الذي معه شهادة عليا يستطيع أن ينحرف انحرافاً مذهلاً، ولا أحد يكشفه أبداً لا يكفي أن يكون معك دكتوراه، وأنت بحاجة أن تعرف الله، أن تستقيم على أمره، أن تكون وقافاً عند حدود الله.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور