- أحاديث رمضان
- /
- ٠02رمضان 1416 هـ - نظرات في آيات الله
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
من ازداد إيمانه ازداد توحيده :
أيها الأخوة ؛ في أواخر سورة الأنفال هاتان الآيتان:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ﴾
النسبة واحد إلى عشرة:
﴿ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً﴾
النسبة واحد إلى عشرة:
﴿ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ * الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾
ماذا نفهم من هاتين الآيتين؟ الحقيقة أن الإنسان بشر من لحم ودم، كلما ازداد إيمانه ازداد توحيده، كلما ازداد إيمانه رأى الله وليس معه أحد، هذا مستوى عال جداً من الإيمان كان فيه الصحابة الكرام الذين كانوا مع النبي، هذا الكلام يعني أن الإنسان إذا كان من الرعيل الأول وواجه عشرة وفر منهم ارتكب كبيرة من الكبائر، ما هي الكبيرة؟ التولي من الزحف، إن كنت من الطبقة الأولى وفررت من عشرة كفار فقد وقعت في كبيرة كبيرة، أما إذا كنت من الطبقة الثانية وفررت من شخصين فوقعت في كبيرة، معنى ذلك أن الإنسان ليس مكلفاً أن يجابه القوى التي لا يستطيع أن يواجهها، إنه إن فعل هذا انتحر وذهب رخيصاً.
الله عز وجل في المستوى الأول واحد لعشرة، في المستوى الثاني واحد على اثنين، فالمؤمن لا يلقي بنفسه إلى التهلكة، لكن كما قال الله عز وجل:
﴿ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً ﴾
به تعود على القرآن، إن فهمت معاني القرآن، ووضحت القرآن، ونشرت الحق بين الناس، فقد قمت بعمل عظيم، إلا أن الإنسان لا يستطيع أن يواجه فوق طاقته، واحد للعشرة من الصحابة، من بعد الصحابة واحد لاثنين، أما واحد لألف؟ لا تستطيع، هذا انتحار وإلقاء باليد إلى التهلكة، وليس بحكيم من لم يدارِ من لا بد من مداراته.
التعامل مع غير المسلمين :
يوجد نقطة مهمة جداً في التعامل مع غير المسلمين، استمعوا إلى هذه الآيات واحكموا أنتم، قال تعالى:
﴿ وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾
إذا واحد بالصلاة قال: ورسولِه، الصلاة فسدت،
﴿ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ﴾
الصلاة فسدت، لأن المعنى أصبح خطيراً، أي الله عز وجل تبرأ من المشركين وتبرأ من رسوله، أما الآية:
﴿ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾
ورسوله بريء أيضاً، ضمة وكسرة بين أن تكون الصلاة صحيحة أو فاسدة باطلة،
﴿ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾
﴿ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾
أي أنت لا تعامل الناس على أساس انتماءاتهم، على أساس أعمالهم، إذا شخص غير مسلم ما هاجمك، ولا انتقص من كرامتك، ولا طعن بدينك، وعاملك بالإحسان، وعاملك بالعدل، ليس لك حق لانتمائه فقد تسيء له، إطلاقاً، هذا سلوك غير إسلامي:
﴿ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾
ثم يقول الله عز وجل:
﴿ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾
لأنك أنت حينما تعامل المسلم وتسيء إليه يتهمك أنت بالذات، يقول: فلان أساء إليّ أما إن عاملت غير المسلم، وأسأت إليه فينساك ويتهم دينك، وفرق كبير، لذلك:
(( أنت على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبلك ))
والآية الكريمة الدقيقة:
﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا ﴾
يجرمنكم أي يحملنكم،
﴿ شَنَآنُ قَوْمٍ ﴾
؛ بغضكم لقوم، من هم أعداء المؤمنين؟ الكفار، لا تحملكم عداوتكم للكفار على أن تسيئوا إليهم. قال شخص لسيدنا عمر: أتحبني؟ قال له: والله لا أحبك، قال له: هل يمنعك بغضك لي من أن تعطيني حقي؟ قال له: لا والله، قال: إذاً إنما يأسف على الحب النساء، دقق في هذا الكلام: هل يمنعك بغضك لي من أن تعطيني حقي؟ قال: لا والله.
﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾
أي يا عبادي إذا توهمتم أنني أرضى عنكم بأن تسيئوا للكفار فأنتم واهمون، إنني لا أرضى عنكم، إن عدلتم معهم:
﴿ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾
وعندئذٍ تكونوا أنتم أقرب إليّ، عندئذٍ يكونون هم أقرب إليّ، أنت تقترب مني، والكافر يقرب، وهذا أكمل، وهذه هي التقوى، فهذا الوهم عند بعض الجهلة أن هذا غير مسلم سيئ له، هذا عين الجهل، وعين الإساءة:
﴿ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ ﴾
﴿ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾
المؤمن الصادق لا يكره أحداً و لا يحقد على أحد :
دائماً يوجد نقطة مهمة أن المؤمن الصادق لا يكره أحداً، فإذا كره كره عمل بعض الناس، فرق كبير أن تكره ذاته، أو أن تكره شخصه، وهذه عصبية عمياء، وجاهلية جهلاء، أن تكره شخص الرجل، أو ذاته، وبين أن تكره عمله فقط، لذلك الله عز وجل قال:
﴿ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾
يقول سيدنا عمر: لما جاء عمير بن وهب إلى النبي، وقد أراد أن يقتله، فسقى سيفه سماً، وعلقه على عاتقه وجاء إلى المدينة، رآه عمر، وبفراسته الصادقة عرف أنه ينوي شراً، قيده بحمالة سيفه وساقه إلى النبي، قال: هذا عدو الله عمير جاء يريد شراً، سيدنا رسول الله إشراق نفسه، وحبه للخلق يطغى على عداوة الأعداء، قال له: تعال إلي، ادنُ مني يا عمير، دنا منه، قال له: فكه يا عمر، فكه، ابتعدْ عنه، ابتعدَ عنه، ادنُ مني، دنا منه، قال له: ما الذي جاء بك إلينا؟ قال: جئت أفك ابني من الأسر، قال له: وهذه السيف التي على عاتقك؟ قال: قاتلها الله من سيوف، وهل نفعتنا يوم بدر؟ قال له: ألم تقل لصفوان في مكة لولا ديون لزمتني، وأولاد أخشى عليهم العنت لذهبت إلى محمد وقتله وأرحتكم منه؟ وقف! قال له: أشهد أنك رسول الله لأن هذا الذي جرى بيني وبين صفوان لا يعلمه أحد إلا الله، وأنت رسوله، طبعاً جاءه الوحي، قال له: سلم علينا، قال له: عمت صباحاً يا محمد، قال له: قل: السلام عليكم، قال له: لست بعيد عهد بسلام الجاهلية، هذا سلامنا، فظ، غليظ، بعدها أسلم، الشاهد سيدنا عمر يقول: دخل عمير إلى عند رسول الله، والخنزير أحبّ إليّ منه، وخرج من عنده بعدما أسلم وهو أحب إليّ من بعض أولادي، مئة وثمانون درجة.
هكذا المؤمن لا يوجد عنده حقد، إذا كره يكره العمل، لا يكره الشخص إطلاقاً، هذا عبد لله جاهل.
بربكم طبيب أمراض جلدية جاء شخص معه أكزما، يحقد عليه؟ يقول: أعانه الله، مسكين على هذا المرض، حال المؤمن دائماً الشفقة على غير المؤمنين، يراهم في جهل، وفي ضيق أفق، وتعلقوا بالدنيا، والدنيا زائلة، ونسوا الآخرة، والآخرة هي الباقية، لا يوجد عنده حقد، لكن عنده شفقة، فلذلك هذه النقطة:
﴿ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ﴾
انتهى الأمر، سيدنا الصديق من ذؤابة قريش، من قمة هذه القبيلة، التي هي أعلى قبيلة في الجزيرة، سيدنا بلال عبد حبشي، عذبه سيده صفوان، فذهب إليه، قال له: بعني بلالاً، قال له: والله لو دفعت درهماً لبعتكه، قال: والله لو طلبت مئة ألف درهم لأعطيتكها، اشتراه ووضع يده تحت إبط بلال، وقال: هذا أخي، فكان الصحابة الكرام إذا ذكروا سيدنا الصديق قالوا: هو سيدنا وأعتق سيدنا- بلال- بلال سيد، هل تصدقون أن سيدنا عمر خليفة المسلمين خرج إلى ظاهر المدنية لاستقبال بلال؟ هذا الإسلام، الإسلام لا يوجد فيه طبقية أبداً، كل المسلمين سواسية، لا فرق لأحد منهم على أحد.
هذه النقطة الدقيقة غير مسلم ما أساء لك، ما طعن بدينك، ما استخف بك، سالمك، يجب أن يظهر منك كل الكمال، كل الوفاء، كل الاستقامة، هذا الدين، أما لانتمائه فقط فيحقد عليه؟ هذه جاهلية جهلاء، وعصبية عمياء، وهذا سبب تخلف المسلمين.
الإيمان مرتبة علميّة و أخلاقيّة و جماليّة :
هناك نقطة مهمة جداً: أحياناً الإنسان يكون ميسور الحال وينفق، والله له أجر كبير لكن إنفاق المال، هذه الآية الدقيقة:
﴿ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾
ممكن تدفع مئة ألف، هذا عمل عظيم، أما إذا كنت مقيماً على المعاصي، تعطي نفسك هواها وأنت ميسور الحال، خذوا مئة ألف، واكتبوا لي لوحة، ساهم في هذه المئذنة المحسن الكبير فلان، يضع لك لوحة، جزاك الله خيراً، لكن مشكلتك مع الله، وليست معنا، مشكلتك مع الله إذا لم تكن منضبطاً، إذا لم تكن مستقيماً، إذا لم تكن مؤمناً، إذا لم تطلب العلم، إ ذا لم تجاهد نفسك وهواك، هذا لا يجدي، هناك إنسان يظن أنا محسن، أنا أدفع، أنا أعيل أسراً كثيرة، أنا أبني مساجد، هذا كله على العين والرأس، إياكم أنا لا أنتقص منهم أبداً، على العين والرأس، لكن هذا لا يكفي إذا لم يكن هناك استقامة.
﴿ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾
مثلاً: الشخص يستطيع أن ينظف البيت، لكن يستطيع أن يقدم أطروحة دكتوراه وهو جاهل؟ لا يستطيع، هذه تحتاج إلى جهد، هذه محصلة ثلاث وثلاثين سنة دراسة، حتى يؤلف كتاباً ويعرضه على أطباء مشرفين، ويناقشوه فيه، ويعطوه امتيازاً، ويمنحوه لقب الدكتوراه، ويضع أمام اسمه حرف الدال. هذه تحتاج إلى ثلاث وثلاثين سنة دراسة، أما أي إنسان يشطف بيتاً، يحمل أغراضاً، يدفع مالاً، فالإيمان عملية كبيرة جداً، أعلى مرتبة علمية أنت واصل، مرتبة أخلاقية، مرتبة جمالية، الإيمان درجة علمية، وقد منح درجة الدكتوراه، ونال كل امتيازاتها، وزير التعليم العالي، رئيس الجامعة، إلى آخره، وقد منح درجة الدكتوراه.
وأنت عندما تؤمن خلال سنوات، عشر سنوات، عشرون سنة، مجالس علم، واستقامة، وتلاوة قرآن، وحفظ كتاب الله، ودعوة إلى الله، وضبط البيت، وضبط العمل، هذا جهاد كبير، وإذا دعوت إلى الله هذا العمل عظيم، أخي ضع لي خمسين ألفاً، والله شيء جميل، والله أحياناً تجد أموالاً طائلة قد جمعت، والله المحسنون لهم عند الله أجر كبير، أنا أبداً بهذا الكلام لا أنتقص من الأخوة الأغنياء الذين يقدمون، أما إذا غنياً و ظن أنه يدفع فيقول: هل يريد الله مني شيئاً آخر ها قد دفعنا؟ نعم يريد منك كل شيء، يريدك أنت لا يريد مالك.
أحياناً الأب يقول: بابا لماذا لا نراك؟ فيبعث له سحارة تفاح، لا أريد تفاحاً، أريدك أنت، الأب يريد ابنه لا يريد التفاحات، إذا كان الأب ميسوراً ومشتاقاً لابنه لا يريد الهدية يريد الابن نفسه، أحياناً يقول لك: مجيئك هدية.
فالله عز وجل عندما الإنسان يدفع وهو معرض، يدفع وهو منغمس بالمعاصي، يدفع ويعطي نفسه هواها، الله يقول: لا أريد، أنا أريدك أنت، فلذلك:
﴿ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾
يوجد أشخاص يحبون أن يخدموا، عندهم نشاط، عندهم خدمة جيد، لكن هذا يرافقه استقامة، غض بصر، ضبط البيت، ضبط الأهل، التحجيب، ألا يكون هناك منكرات بالبيت، إذا كان هناك كل شيء في البيت، وفيه تسيب ومخالفة، ونحن نقدم للجوامع، ولطلاب العلم، ونحن محسنون، هذه لك أجر عليها لكن لا تكفي، هذه لا تنجي من عذاب الله يوم القيامة.
الحكمة من تحريم القتال في أربعة أشهر في السنة :
يوجد نقطة، آية قلّما يفطن الإنسان إلى فحواها الدقيق، تنشأ أحياناً حروب، يقال لك: الحروب ثماني سنوات، هناك حرب أهلية بإسبانيا بقيت أربعين سنة، منهج الله ماذا فيه في هذا الموضوع؟ منهج الله فيه أشهر حرم، القتال فيها محرم، وإذا كان الطرفان أوفقوا ليس معنى هذا أن أحد الطرفين مهزوم أبداً، لكن هذا منهج الله، المحاربان عندما يذوقون طعم السلام يرتاحون وفي الأعم الأغلب السلام يستمر، فالله عز وجل قال:
﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِاثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ﴾
هذه الأشهر حتى لا تجرح كرامة الإنسان، ويقول لك: أنا وقفت القتال لأنني انسحقت، لا، أي حرب نشبت في أي مكان بالعالم يجب أن تقف في هذه الأشهر، فإذا وقفت لا يوجد أحد مهزوم، ولا أحد غالب، لكن هذا فيه انصياع لأمر الله عز وجل، ويكون حقناً للدماء، الملاحظ الآن الحروب الأهلية بالعالم، عشر سنوات، خمس عشرة سنة، خمس وعشرون سنة، بإفريقيا بدولتين إفريقيتين مليون قتيل خلال شهر تقريباً، ومياه النيل أصبحت ملوثة بالجثث والدماء، انظر إلى المنهج الإلهي، يوجد أربعة أشهر القتال محرم فيها، مهما كان الخلاف.
﴿ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ﴾
الفرق بين المؤمن و الكافر و المنافق :
آخر نقطة:
﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾
﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾
يوجد فرق بينهم؟ بعضهم من بعض من جنس عاطل واحد:
﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾
أما المؤمنون:
﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾
يقول سيدنا عمر- يريد أن يعين أمير- : أريد أميراً، إن كان أميراً في أخوانه بدا وكأنه واحد منهم من تواضعه، وإن لم يكن أميراً بدا وكأنه أمير عليهم، من غيرته على المصلحة العامة، انظر إلى المقياس الدقيق، إن كان أميراً بدا وكأنه واحد منهم، وإن لم يكن أميراً من شدة غيرته يؤمر نفسه، هذا مقياس دقيق.
﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾
لا يوجد لا علاقة لي، لن أحرج نفسي معه، المؤمن ينصح، ويعين، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويشعر بالمسؤولية، هذا أخي، أخي زلت قدمه، انحرف سلوكه،
﴿ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾
أحياناً الشخص يتسرع بالقرآن، المؤمن للمؤمن في ولاية، أما المنافق فبعضهم من بعض، يوجد آية، والكفار بعضهم أولياء بعض، إذا جاءت الولاية مع الكفار، تعاونوا على الشر، المعنى خطير، إذا الكافر كان ولي الكافر تعاونوا على إيذاء المؤمنين، تعاونوا على نهب أموالهم، تعاونوا على قمع حركتهم، تعاونوا على إطفاء نور الله عز وجل.
على كل الفرق دقيق
﴿ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾
من جنس واحد،
﴿ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾
في تعاون.