- أحاديث رمضان
- /
- ٠02رمضان 1416 هـ - نظرات في آيات الله
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
معرفة الله في وقت مبكر من خصائصها أن يبني الإنسان بناءه على تقوى الله :
أيها الأخوة الكرام؛ آية في سورة التوبة، الآية التاسعة بعد المئة، وهي قوله تعالى:
﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾
الإنسان له بناء، أولاً: عمله من بنائه، زواجه من بنائه، إذا عرف الإنسان ربه في وقت مبكر، اختار الزوجة المؤمنة، واختار العمل المشروع، فألصق شيء بحياة الإنسان زواجه وعمله، فإذا كان عمله مبنياً على معصية، أو مبنياً على عدوان، وإذا كان اختار زواجه اختار زوجته من غير المؤمنات القانتات، هذا الشيئان لصيقان به أشدّ اللصوق، فلذلك البناء:
﴿ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾
فلذلك معرفة الله في وقت مبكر من خصائصها ومن لوازمها أن يبني الإنسان بناءه الأساسي:
﴿ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ ﴾
الإنسان يبني بيته، يبني علاقاته، يبني نشاطاته، يبني أحياناً أوقات مرحه وفق منهج الله عز وجل، تماماً كالبناء الذي له أساس متين يبقى شامخاً مستقراً، أما البناء الذي يبنى على معصية فهذه المعصية سوف تسبب انهيار البناء، انهياره في نار جهنم، فالإنسان يدقق في شؤون حياته كلها كيف بنى حياته، أحياناً يوجد حرفة أساسها معصية، حرفة أساسها العدوان على أموال الناس، أساسها الكذب، أساسها الاحتيال، أساسها إلقاء الرعب في قلوب الناس، فاختيار الحرفة مهم جداً، وهذا الكلام للشباب، واختيار الزوجة مهم جداً، لأن هذا بناء، إذا الإنسان بناؤه صحيح من الداخل ومن الخارج، المهم بيته في بناء صحيح، عمله في بناء صحيح، هذا البناء يبقى شامخاً ومستقراً، إذا كان وفق منهج الله، لأن الكلمة الطيبة:
﴿ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ﴾
مبنية على واقع، مبنية على منطق، مبنية على نقل صحيح، مبنية على عقل، مبنية على فطرة.
لذلك هذا المسجد الذي سميَّ مسجد الضرار، وقد أمر النبي بهدمه، لم يؤسس
﴿ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ ﴾
توسع قليلاً، أحياناً تعمل وليمة ليس الهدف منها إرضاء الله عز وجل، ولا إطعام الفقراء، ولا تأليف القلوب، ولا إكرام الناس، قضية استعراضية، هذا بناء خطأ، أحياناً الإنسان يعمل حفلاً يرتدي ثياباً هدفه الزهو بها، تفصيلات كثيرة جداً، فالإنسان كلما عرف الله أكثر كان بناؤه أصح، وكانت علاقاته أصح،
﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ ﴾
التقوى على طاعة.
اتباع الهوى وفق منهج الله لا شيء عليه :
يوجد نقطة دقيقة، الآية الكريمة:
﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ﴾
بالآية يوجد إشارة لطيفة جداً، إلى أن اتباع الهوى وفق منهج الله لا شيء عليه، إنسان اشتهى النساء فتزوج، هذا اتبع الله وفق منهج الله، اشتهى المال فكسب كسباً حلالاً، فالعبرة أن تبني بناءك على تقوى من الله، التقوى على طاعة الله، أي يوجد منهج تفصيلي، والمشكلة الإسلام لا يؤخذ بعضه، إن أخذت بعضه لا تقطف ثماره، لا تقطف ثماره إلا إذا أخذته كمنهج متكامل، أحياناً الإنسان يأخذ ببعض منهج الله، وينسى بعض منهج الله، الأخذ للبعض وترك البعض هذا لا يعطيك ثمرة لأن هذا منهج متكامل، ضمن البيت، مع العمل.
بالمناسبة يقولون: الفضيلة لا تجزأ، لا يوجد إنسان أخلاقه التجارية عالية جداً أما أخلاقه الاجتماعية فمتفلتة، إذاً أخلاقه التجارية سلوك ذكي وليست فضيلة، لأن أصل الفضيلة لا تجزأ، إنسان أمين على أموال الناس لكن ليس على أعراضهم أميناً، الاستقامة لا تجزأ، الفضائل لا تجزأ، الدقة في كل شيء، الانضباط في كل شيء، الورع في كل شيء.
هذه نقطة ينبغي أن تكون واضحة، لذلك ورد في الحديث:
(( أفضل شيء بعد التقوى زوجة صالحة))
من بعد التقوى سوف تحسن اختيار الزوجة، أما قبل التقوى فليس هناك اختيار صحيح.
من أفضل العبادات أن تكون فقيهاً في الدين :
آخر آية تقريباً وردت فيها كلمة فقه:
﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾
نحن الآن استعمال الفقه يعني معرفة الحكم الشرعي، أما معنى الكلمة في الأصل فغير هذا المعنى، معنى الكلمة في الأصل معرفة سر الحكم الشرعي، معرفة الحكمة، فلان فقيه، النبي عليه الصلاة والسلام عندما سأله أعرابي قال له: عظني ولا تطل، قال:
﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾
قال له: كفيت، فقال عليه الصلاة والسلام: فقه الرجل، فقه الرجل لا تعني أنه عرف الحكم، تعني أنه عرف سر الحكم، أصبح فقيهاً، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول:
((ما عُبد الله بشيء أفضل من فقه في دين))
إذا كان أخذت الأمور هكذا من دون فقه، من دون فهم، ربما لأدنى ضغط، أو أدنى إغراء تدعها، أما إن أخذتها عن فقه فمهما اشتد الضغط، ومهما تألق الإغراء لن تدعها.
((ما عُبد الله بشيء أفضل من فقه في دين))
أن تفهم سرّ الدين، أن تفهم سرّ التشريع، سرّ وجودك، غاية وجودك، الحكمة من خلقك، حقيقة الحياة الدنيا، حقيقة اليوم الآخر، أن تفهم الدين فهماً عميقاً، هناك فهم سطحي، فهم غير عميق، فهم سريع، العبرة أن تكون فقيهاً من أجل أن تكون متمكناً في استقامتك، وفي أعمالك الطيبة، من أفضل العبادات أن تكون فقيهاً في الدين.
يبدو أن هذا الأعرابي حينما رأى أن هناك حساباً دقيقاً جداً، كفته هذه الآية، قال: كفيت، فالنبي كشف له أن هذا الأعرابي وصل إلى أعمق ما في هذه الآية، فقال: فقه الرجل، فإذا كانت آية واحد كفت ذلك الأعرابي، نحن أمامنا ستمئة صفحة، وكل آية شهد الله تكفي الإنسان طوال حياته.
ومن أحاديث رسول الله في موضوع الفقه، يقول عليه الصلاة والسلام:
((مِن فقْه الرجل رفقه في معيشته))
أي اقتصاده في إنفاقه.
﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً ﴾
لأن المال قوام الحياة.
((مِن فقْه الرجل رفقه في معيشته))
المال قوام الحياة، إذا الإنسان أنفقه إنفاقاً عشوائياً بعدها فقده، إذا الإنسان افتقد المال تشوش، إقباله على الدين أساسه الاستقرار الداخلي، الإنفاق المعتدل يدعك بوضع متصاعد، أما الإنفاق العشوائي فيعمل هزات بحياة الإنسان، صعود وهبوط مفاجئ، هذا التذبذب في وفرة المال وفي فقد المال ينعكس على النفس اضطراباً.
مهمة التشريع الدقيق أن يفرغ الإنسان للعبادة :
يوجد سؤال دقيق جداً: لماذا هذا التشريع الدقيق الذي أنزله الله على النبي الكريم؟ التشريع الدقيق مهمته أن يفرغك للعبادة، إذا الإنسان اقترض، أو أقرض، أو عمل شراكة، إذا خالف الشرع ما سجل، ما كتب، ما وثق، ما طبق الأحكام التفصيلية، تنشأ معه مشكلات، هذا ما اعترف، هذا أخرجه من الشركة، هذا أكل عليه مال، عدم الأخذ بأسباب التشريع، عدم الأخذ بالمنهج الإلهي يشوش الإنسان بحياته، فالعبرة أن يكون الإنسان مستقراً نفسياً لأن الدنيا تحتاج إلى استقرار، مما يضعف هذا الاستقرار إنفاق المال عشوائياً.
عندنا دافع أخلاقي آخر: الإنسان عندما يرى حاجة الناس إلى المال، وكيف أن بعض الناس لا يجد ما يأكل، إذا كان عنده حس أخلاقي، وعنده خوف من الله عز وجل لا يتحمل، لا يقبل، لا يستطيع أن ينفق المال جزافاً وغيره يتمنى أن يأكل لقمة طعام محروم منها، فلذلك:
((مِن فقْه الرجل رفقه في معيشته))
﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً ﴾
﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ﴾
أي تلف المادة مؤلم جداً، أناس لا يجدون ما يأكلون، وأناس يلقون الطعام في القمامة، هذا شيء بعيد جداً عن جوهر الدين، إذاً الإنفاق جزء من الدين.
﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً ﴾
السر أن الإنسان إذا فقد المال اضطرب، إذاً ضعفت عبادته، ضعف إقباله، ضعف توازنه، إذا أنفقه باعتدال صار المال مستقراً، وفي صعود، وإذا الإنسان تعود الإسراف ولسبب أو لآخر خف دخله، الآن عند بعض التجار خطأ كبير، يأتي موسم طيب يقيس المستقبل على الماضي يستورد كمية ضخمة يجد أنه لا يوجد سوق، والبضاعة متراكمة في المستودعات، فعندما يقيس المستقبل على الماضي يكون إدراكه ضعيفاً جداً، البضاعة موجودة، ولا يوجد بيع، وعليه ديون، أين بقيت صلاته؟ تشوش، فإذا الإنسان اعتدل بتجارته، بحجم مبيعاته، بمستورداته، اعتدل بمصروفه، بإنفاقه، حتى يوفر الصفاء لنفسه، إذا كان هناك هزات مالية، أو طفرات، أو مطالب لا يحتملها انشغل انشغالاً أبعده عن ربه، فالحديث دقيق جداً:
((مِن فقْه الرجل رفقه في معيشته))
من فقه الرجل أن يصلح معيشته :
من فقه الرجل أن يصلح معيشته، وليس من حب الدنيا طلب ما يصلحك، إذا الإنسان ضبط أموره، نظم بيته، نظم عمله التجاري، نظم أوقاته، نظم مواعيده، هذا ليس من حب الدنيا، المؤمن الكامل ليست أموره مسيبة، ليس:
﴿ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾
كما قال الله عز وجل، هذا المنافق، وكان:
﴿ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾
أما المؤمن فأموره منضبطة.
((مِن فقْه الرجل رفقه في معيشته))
أحياناً القضية تحل بجهاز معين، تحل بتعديل معين في البيت، يوجد اختلاط، يوجد مشكلة، يوجد شباب، عنده شباب وشابات، اترك البنات في غرفة و الشباب بغرفة، هذا من الدين، إذا اضطررت أن تعمر غرفة ثانية، أو أن تقسم الغرفة نصفين، أو تعمل باباً معيناً هذا من الدين، أن تقيم الشباب في غرفة، والبنات في غرفة، هذا من الدين، هناك أشخاص أمورهم كلها سائبة، ليس من حب الدنيا طلب ما يصلحك، إصلاح شأن المنزل، إصلاح شأن الأولاد، إصلاح شأن دراستهم مثلاً، تأمين حاجاتهم، تأمين معيشتهم، تجد أحياناً أباً مثالياً هدفه تزويج أولاده، يسعى إلى تزويجهم، يقتر أحياناً، أحياناً يبيع بيته بالشام يأخذ بيتين بحرستا، يقول: أنا زوجت أولادي، هذا إصلاح هذا ليس حب الدنيا، خرج كل يوم وسأل عن بيوت، وفصل، واشترى، وباع، طبعاً شيء متعب، لكن عندما يسكن هو و زوجته ببيت كبير وعنده ولدان في سن الزواج، فباع بيته واشترى أربعة بيوت في مكان بعيد، هذا الجهد في إصلاح شؤونك، إصلاح مستقبل أولادك هذا من الدين.
((مِن فقْه الرجل رفقه في معيشته))
وليس من طلب الدنيا ما يصلحك.
من أكرمه الله بهداية الناس سعد في الدنيا و الآخرة :
ومن أحاديث الفقه:
((نَضَّرَ الله امرأ سمع منَّا حديثاً فحفظه، حتى يُبلِّغَه غيرَه، فَرُبَّ حاملِ فقْه إِلى مَن هو أفْقَهُ منه، ورُبَّ حامل فقْه ليس بِفَقيه))
أنت أحياناً تنقل حديثاً لإنسان، هذا الحديث سبب سعادته، أنا أحياناً أسمع قصصاً أن إنساناً اهتدى بشريط واحد، اهتدى بخطبة واحدة، أنت بلغ.
((نَضَّرَ الله امرأ سمع منَّا حديثاً فحفظه، حتى يُبلِّغَه غيرَه، فَرُبَّ حاملِ فقْه إِلى مَن هو أفْقَهُ منه، ورُبَّ حامل فقْه ليس بِفَقيه))
فإذا الواحد أكرمه الله عز وجل بأن جعل هداية الناس على يده، قد يجد في الناس من هو أفقه منه، لكنه هو السبب، ما دمت أنت السبب لك الأجر كله، وكل أعمال هؤلاء الذين اهتدوا في صحيفتك.
الإنسان العاقل إنسان معتدل في كل شيء :
إذاً:
((الرفق في المعيشة خير من بعض التجارة))
تجارة واسعة جداً، هموم، مطاليب، لا يوجد تصريف، هو يتاجر باتساع حتى ينفق إنفاقاً كبيراً، أنت خفف إنفاقك، وقلص تجارتك، وأرح نفسك أحسن من تجارة واسعة مشحونة بالهموم، أحياناً أصحاب الدخل المحدود يتألمون لدخلهم المحدود، لكن أحياناً أصحاب الدخل الغير المحدود تأتيهم هموم لا يعلمها إلا الله، تسحقهم سحقاً، فإذا الواحد عود نفسه على الإنفاق المعتدل أحسن من النمو السريع جداً في تجارته، هذه من لوازمها الهموم والآلام والديون والمطاليب، وأحياناً يسافر، وأحياناً يهرب، وأحياناً يفلس.
((الرفق في المعيشة خير من بعض التجارة))
بالمناسبة يوجد نقطة مهمة جداً: بين الشيء المعقول، والشيء الذي فيه فخامة، وفيه ترف، الفرق عشرة بالمئة، أما بالمبلغ فالفرق فوق الخمسين بالمئة، الإنسان يأكل أكلاً معتدلاً، إذا أراد أن يأكل في المطعم يدفع أربعة أضعاف، أما الأكل أكل، فإذا الإنسان اعتدل بإنفاقه يكون قد خفف همومه ومتاعبه، وعود نفسه الخشونة، والنبي قال:
((اخشوشنوا، فإن النعم لا تدوم))
وقال أيضاً:
((اخشوشنوا، وتمعددوا، فإن النعم لا تدوم))
فالترف والإسراف هذا يسبب هزات نفسية لا يحتملها الإنسان.
((الرفق في المعيشة خير من بعض التجارة))
تجد كثيراً أن بعض الأشخاص أصيبوا بجلطة وماتوا، لا يستطيع أن يدفع، عليه دفع كثير ولم يستطع أن يدفع، كبر تجارته، طمع بالثروة الطائلة، طمع بالرفاه الشديد، هذا من عقل الإنسان أن يكون معتدلاً بكل شيء.
الدين شيء أساسي بحياة الإنسان :
ويقول عليه الصلاة والسلام:
((رب حامل فقه غير فقيه ومن لم ينفعه علمه ضره جهله))
لا يوجد حل وسط، إن لم تكن عالماً فأنت جاهل، والجاهل في خطر كبير، تصور لو إنسان جالس على كرسي، وكان جاهلاً لا شيء عليه، أما إذا كان راكباً سيارة وماشي على المئة وهو جاهل بالقيادة، ما دام هناك حركة فهناك أخطار و مفاجآت.
تصور الشهوات مثل إنسان راكب سيارة والسيارة تمشي، إن توقف لا يوجد مشكلة، جاهل أن عالم، أما مادامت السيارة منطلقة بسرعة مئة أنت وراء المقود، وتجهل القيادة، فالحادث حتمي، أنا عبرت عن السير بسيارة، بسرعة، الشهوة قوة دافعة، يوجد اندفاع إلى الطعام، إلى الشراب، إلى المتع، فإذا لم يكن عالماً فالسكوت لا بد منه، فمن لم ينفعه علمه ضره جهله، العلم ليس وردة نضعها على صدرونا نتزين بها، لا، العلم شيء مصيري، هناك أشياء تزيينية، أشياء أساسية، الآن ممكن أن تضع للسيارة أشياء تزينية كثيرة، أما المحرك فأساسي، فإذا أنت فهمت الدين شيئاً تزيينياً فهذا غلط كبير، الدين شيء أساسي بحياة الإنسان، إن لم تكن عالماً ضرك جهلك.
من السنة تعجيل الفطور و تأخير السحور :
((إن من فقه الرجل تعجيل فطره، وتأخير سحوره))
تأخير السحور من أجل أن تصلي الفجر، يقول الساعة الثانية عشرة تسحرنا ونمنا، استيقظ الساعة الثامنة أو التاسعة، تسحر ونام، أين بقي الفجر؟
((إن من فقه الرجل تعجيل فطره، وتأخير سحوره))
أيضاً المغرب أذن، يجب أن تأكل، هذه السنة، جمال رمضان هذا النظام الاجتماعي، تجد المغرب الناس جميعاً على مائدة الإفطار، ثانياً هناك أشخاص لا يحتملون التأخير، فالسنة أن تعجل الفطر، وأن تؤخر السحور.
وهناك حديث تابع للبيئة في الجزيرة العربية:
((تغطية الرأس بالنهار فقه))
الشمس حارة جداً في الحجاز.
((تغطية الرأس في النهار فقه، وفي الليل ريبة))
إذا شخص تلثم في الليل معنى هذا أنه إنسان مشبوه.
((تغطية الرأس في النهار فقه، وفي الليل ريبة))
الإنسان بالدين حكيم و متوازن :
((خَصْلَتَانِ لا تجتمعانِ في منافق. حُسْن سَمْت، ولا فقه في الدين))
النقطة دقيقة هنا، إذا كان الشخص ليس ديناً فمن غير المعقول أن يكون حكيماً إلى أقصى درجة، إذا كان حكيماً، ومتزناً، وسمته حسن، ولا يوجد عنده فقه، إذاً الدين لم يعد له فائدة، يستغنى عنه، لا، لا يوجد عنده فقه في مواقف حمقاء، له تصرفات مريبة، له أعمال غير معقولة، له تجاوزات مزعجة، لو كان من الممكن أن تكون كاملاً من دون دين، يصبح الدين لا فائدة له، الدين أساسي، أنت بالدين تكون متوازناً، بالدين تكون حليماً، بالدين تكون معتدلاً.
((خَصْلَتَانِ لا تجتمعانِ في منافق. حُسْن سَمْت، ولا فقه في الدين))
لا يجتمعان، هذا لا يكون.
ضرورة قراءة القرآن الكريم و تدبر آياته :
ويقول عليه الصلاة والسلام:
((اقرأ القرآن ما نهاك فإن لم ينهك فلست تقرؤه))
إذا ما نهاك إذاً أنت لا تقرأ القرآن، برمضان كلنا يقرأ القرآن، أما إذا أنت قرأت القرآن وما أخذت بأمره ونهيه اعلم علم اليقين أنك لا تقرؤه ولو قرأته.
مثلاً، لو فرضنا لا يوجد إذاعة، وهناك منع تجول ببلاغات على الحائط، شخص لفت نظره البلاغ، لفت نظره الخط، هنا ديواني، هنا ثلثي، والله شيء جميل، قرار منع التجول تحت طائلة إطلاق الرصاص، هنا الطبع، انظر الحبر لميع، رائع، انظر الورق مبرغل ممتاز، نظر إلى التوقيع، نظر إلى الحبر والخط، وهو ما نفذ المضمون ففقد حياته فجأة، وقد كان يلزمه أن يفهم المضمون ويدخل إلى بيته.
إذا الإنسان لم يأخذ بما في القرآن من أمر ونهي، هذا ما قرأه، أبداً ما قرأه، لفت نظره أشياء أخرى في القرآن الكريم، ما قرأه، إذا اعتبرت القرآن شفاء، وصفة طبية، قراءة الوصفة لا تشفي، ولا حفظها، ولا قراءتها بنغم، ولا فهم مضمونها، ولا شراء الدواء، إلى أن تستعمل الدواء، إذاً:
((اقرأ القرآن ما نهاك فإن لم ينهك فلست تقرؤه))
الدين هو الحياة وهو منهج تفصيلي :
وفي حديث أخير قاله النبي عليه الصلاة والسلام:
((المتعبد بغير فقه كالحمار في الطاحون))
أحياناً بالحج يوجد نساء من بعض بلاد شرقي آسيا، جاءت إلى الحج، انتهى الإحرام، انتهى طواف الإفاضة تجدها من دون شيء، بطنها نصفه مكشوف، انتهى الحج، إذا لم يكن هناك فقه تجد تناقضات واسعة جداً.
والآن تجد أشخاصاً المسبح مختلط و يريد أن يعمل مولداً، ويدعو عدداً من العلماء، ليتبارك بهم، اذهب وأغلق المسبح أول شيء، بعد ذلك اعمل المولد، تجد تناقضات كبيرة جداً بالمجتمع أساسها أنه لا يوجد فقه، بذهنه أن الدين عبارة عن طقوس إذا انتهت انتهى كل شيء، الدين منهج كامل، الدين يدخل لبيتك، يدخل لعملك، بتجارتك، يدخل بنزهاتك، فإذا شخص فصل الدين عن الحياة، بقي الدين عبارة عن طقوس ليس له معنى، الدين هو الحياة، الدين منهج تفصيلي، إن لم تأخذ به لا قيمة لهذه العبادات الجوفاء التي لا تقدم ولا تؤخر.
((المتعبد بغير فقه كالحمار في الطاحون))
كالناقة حبسها أهلها في رمضان لا تدري لا لما عقلت، ولا لما أطلقت، لذلك إذا أردت أن تقطف ثمار الدين فتفقه في أحكامه، والعلم أساس.