- أحاديث رمضان
- /
- ٠02رمضان 1416 هـ - نظرات في آيات الله
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
الحبّ أساس الدين :
أيها الأخوة ؛ كلكم يعلم أن من بين الأنبياء والرسل سيدنا سليمان عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ، هذا النبي الكريم آتاه الله ملكاً ، كان نبياً ملكاً ، وليس الناس وحدهم خاضعين إليه ، بل إن الجن كانوا خاضعين إليه ، وسخرت له الرياح ، وعلم لغة الطير ، وآتاه الله من كل شيء .
ألم يسأل أحدكم نفسه هذا السؤال : ما الحكمة من أن هذا النبي كان ملكاً بينما بقية الأنبياء كانوا فقراء ، كانوا رعاة غنم ، كانوا ضعفاء ؟
النقطة الدقيقة أيها الأخوة ، أن الله قادر دائماً على أن يحمل الناس على طاعته بالقوة ولكن هذه الطاعة إذا أُكرهوا عليها لا تسعدهم ، الله جلّ جلاله يريد من المؤمن أن يأتيه محباً ، لذلك أكثر الأنبياء كانوا ضعافاً ، بإمكانك أن تقول عن النبي إنه ساحر ، وإنه مجنون ، وإنه كاهن، وتنام في بيتك مطمئناً ، ولا شيء عليك ، لماذا ؟ لأنه ضعيف ، بالبداية طبعاً .
الله جلّ جلاله فرق في كتابه الكريم بين العبيد وبين العباد ، وكل إنسان هو عبد لله عبد قهر ، وجودك بيده ، طعامك بيده ، شرابك بيده ، أهلك بيده ، أولادك بيده ، أجهزتك بيده ، بقاؤك بيده ، فالعبد الذي جمعه عبيد هو عبد القهر ، لكن الله يحب العباد ، العبد الذي جمعه عباد هو عبد الشكر ، أي جاءه طائعاً ، تعرف إليه ، تعرف إلى منهجه ، أطاعه ، تقرب إليه ، فهذا الذي يعرف الله مبادرة منه ويقبل عليه حباً به هو عبد الشكر .
فلذلك أساس هذا الدين هو الحب ، لو ألغيت الحب من ديننا ألغيت الروح من الجسد، النبي عليه الصلاة والسلام كان أشدّ الناس حباً لله عز وجل ، فلأن النبي عليه الصلاة والسلام في بداية الأمر كان ضعيفاً مستضعفاً ، ألم يعذب سيدنا عمار بن ياسر ؟ استطاع النبي أن يخلصه من العذاب ؟ ما استطاع ، كان في قريش ، والذي يلفت النظر أن قريش لم تؤمن به ، لو أنها آمنت لعد هذا الدين تجمعاً إقليمياً ، لكن قريش القبيلة الأولى في الجزيرة لم تؤمن به ، بل أخرجته ، لأن الذين آمنوا به جميعاً آمنوا عن إخلاص ، وعن حب .
فلذلك أساس الدين الحب ، ألا لا إيمان لمن لا محبة له .
قال : يا عمر كيف أصبحت ؟ قال : أصبحت أحب الله ورسوله ، أصبحت أحبك يا رسول الله أكثر من مالي والناس أجمعين ، إلا نفسي التي بين جنبي ، قال : يا عمر لما يكمل إيمانك ، إلى أن قال : أصبحت يا رسول الله أحبك أكثر من أهلي ، وولدي ، ومالي ، والناس أجمعين ، حتى نفسي التي بين جنبي ، قال : الآن يا عمر .
محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم جزء كبير من الدين :
لذلك محور الدرس اليوم أن الله سبحانه وتعالى حينما اصطفى النبي عليه الصلاة والسلام اصطفاه ليكون هذا الصفاء مشاعاً بين كل الناس ، أي جعله قدوة .
((وإنَّ الله أمرَ المؤمنين بما أمر به المرسلين))
﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ ﴾
أوحى إليه الأمر والنهي ليكون هذا الأمر والنهي معمماً على كل الخلق ، جعله قدوة ليقتفي الخلق أثره .
فلذلك محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم جزء كبير من الدين ، بل هي الدين كله، لأن الله سبحانه وتعالى يقول :
﴿ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ ﴾
محور الدرس اليوم : ما دام الحب أساس الدين ، والله سبحانه وتعالى أحبنا ، أحبنا فخلقنا ، خلقنا ، وأمدنا ، وهدانا إليه ، بقي أن نحبه ، لأن الله تعالى قال :
﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾
هو بدأ ، خلقنا ، وأمدنا ، وأكرمنا ، ودعانا إليه ، بقي علينا أن نستجيب لهذا الحب بحب مثله ، لأن الله سبحانه وتعالى سخر الكون تسخيرين ، تسخير تعريف ، وتسخير تكريم ، أي شيء خلقه الله في الكون له وظيفتان ، الكبرى أن تتعرف إليه من خلاله .
نظر النبي إلى الهلال ، فقال عليه الصلاة والسلام :
((هلالُ خَيْرٍ ورُشْدٍ))
المهمة الثانية أن تنتفع به ، المهمة الثانية تنتهي عند انتهاء الحياة ، لكن المهمة الأولى سبب سعادة أبدية لا تنتهي ، سأوضح أكثر : لو أن إنساناً وقف أمام بائع أزهار ، ورأى هذه الأزهار، رأى ألوانها ، شمّ رائحتها ، سبح الله على هذا الخلق البديع ، ودخله لا يسمح له أن يشتري الأزهار ، إذا وصل إلى الله من خلال هذه الآية فقد حقق من هذا الخلق أكمل غاية ، أما الذي اقتنى الأزهار ، وكان بين الأزهار ولم ينتقل منها إلى المنعم فهذا عطل أكبر هدف من خلق الأزهار.
مثلاً : إنسان قرأ عن العسل ، أو عن النحل ، ففاضت عيناه خشوعاً وإعظاماً له ، لكن دخله كما قلت لا يسمح له بأكل العسل ، هذا حقق من خلق العسل كل غاياته ، لأن هذه الآية أوصلته إلى الله ، الانتفاع شيء ، والإرشاد شيء آخر .
فالمؤمن معرض لكمالات الله ، معرض لأسماء الله ، معرض لأفعال الله ، بإمكانك أن تحقق أكبر هدف على الإطلاق من خلق المخلوقات حينما تتفكر في خلق السموات والأرض .
كيف نحب الله ؟
أيها الأخوة ؛ كيف نحب الله ؟ الآن المطلوب أن نفعل شيئاً يحبنا الله ، أحبنا إذ خلقنا ، وأحبنا إذ أمدنا ، وأحبنا إذ هدانا إليه ، الآن كيف يحبنا حباً آخر ؟ حب الإيجاد حصل بقي حب الكمال ، هناك مجموعة أحاديث في الجامع الصغير تبين أن الله يحب من العبد أن يفعل كذا وكذا هناك شخص أحياناً لن تصل إليه ، لن تستطيع أن تصل إليه ، لكن الله جلّ جلاله أبوابه مفتحة لخلقه ، إذا تقرب العبد إلى الله شبراً ، تقرب الله منه ذراعاً ، إذا تقرب العبد لربه ذراعاً ، تقرب الله إليه باعاً ، إذا أتاه يمشي أتاه هرولة ، أي حركة مع الله تلقى الترحيب ، وتلقى التنمية ، وتلقى البشر .
فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول ، وهذه كلها في الجامع الصغير :
((إن الله تعالى يحب أن يرى أثر النعمة على عبده ، ويكره البؤس والتباؤس ، ويبغض السائل الملحف ، ويحب الحيي العفيف المتعفف))
يحب الحيي صاحب الحياء ، لا ينطق بالفحش ، يستحي أن يتتبع العورات ، الحيي يصون جوارحه عن تتبع عوارت الناس ، الحيي يستحي من الله أن يراه على حالة لا ترضي ، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول :
((إن الله تعالى يحب أن يرى أثر النعمة على عبده ، ويكره البؤس والتباؤس))
هناك إنسان نمطه نمط شكوى ، دائماً يشكو ، يكون محاطاً بآلاف النعم ، يقول لك : لا يوجد سوق ، لا يوجد عمل ، دائماً يلتقط النواحي السيئة بالحياة ، النواحي المظلمة ويعممها ، مجلسه مجلس انقباض ، كيفما تكلم ينظر بمنظار أسود ، فهذا الإنسان لا يحبه الله عز وجل .
((ويكره البؤس والتباؤس ، ويبغض السائل الملحف ))
أحد الأشخاص سأل سيدنا عمر بإلحاف ، قال له : يا هذا ! لقد ضاع من نفسك أكثر ما ضاع منك ، أنت بذلت ماء وجهك ، فالمؤمن عزيز ، ولا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه .
(( اطلبوا الحوائج بعزة الأنفس فإن الأمور تجري بالمقادير))
(( إن الله جواد يحب الجود))
الله يحب الكريم ، وكما تعلمون :
(( أحبّ ثلاثاً وحبي لثلاث أشدّ ، أحبّ الطائعين ، وحبي للشاب الطائع أشدّ ، وأحبّ الكرماء ، وحبي للفقير الكريم أشدّ ، وأحبّ المتواضعين ، وحبي للغني المتواضع أشدّ ، وأبغض ثلاثاً وبغضي لثلاث أشدّ ، أبغض العصاة ، وبغضي للشيخ العاصي أشدّ))
خمس وستون سنة يتابع الأفلام للساعة الخامسة ولا يصلي ، ماذا بقي من عمره ؟
((وأبغض العصاة ، وبغضي للشيخ العاصي أشدّ ، أبغض المتكبرين ، وبغضي للفقير المتكبر أشدّ ، أبغض البخلاء ، وبغضي للغني البخيل أشدّ))
((إن الله كريم يحب الكرم ، ويحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها))
أحياناً يوجد خصومات ومشاحنات لموضوعات تافهة ، المؤمن لا يليق به أن يهبط إلى هذا المستوى .
(( إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره سفسافها ))
تجد أسرتين بالمحاكم ، ثماني سنوات لموضوعات تافهة ، لقضايا في الأثاث ، الأسوارة الفلانية ، لموضوعات صغيرة جداً ، ومحاكم ، وكلام ، وطعن ، ولمز وغمز .
((ويكره سفسافها))
((إِنَّ اللهَ رَفيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ ، ويُعطي على الرِّفْقِ ما لا يُعْطي على العنفِ))
ممكن أن تصل لهدفك بنعومة ، برفق ، وممكن أن تصل بعنف ، النبي الكريم قال :
((علموا ولا تعنفوا ، فإن المعلم خير من المعنف))
((إِنَّ اللهَ رَفيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ ، ويُعطي على الرِّفْقِ ما لا يُعْطي على العنفِ))
((إن الله غيور يحب الغيور ، وإن عمر لغيور))
فالذي يغار على عرضه هذا من علامة إيمانه ، زوجته تنشر الغسيل في الشرفة ، والناس يرونها وهو مرتاح ، تمشي معه في الطريق بأبهى زينة ، لا يغار على عرضه ، الاختلاط عدم غيرة ، إذا كانت كل لقاءاتنا ، وسهراتنا ، واحتفالاتنا فيها اختلاط لا يوجد غيرة .
محبة الله عز وجل لمن يتقن عمله :
الله عز وجل قال :
﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾
((إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه))
كل أصحاب المصالح إذا أتقنوا أعمالهم إن الله يحبهم ، أي ركّب المفتاح ، ركبه بشكل مائل ، كلما نظرت له لعشرين سنة تتضايق ، اعمله على الميزان ، هو لو بذل جهداً لثانية لجعله مستقيماً ، و لكنه مستعجل .
((إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه))
أصحاب المصالح ، أتقن عملك ، إن أتقنت عملك إن الله يحبك ، وإتقان العمل جزء من الدين ، لو أن هذا المنهج طبقه كافر يصبح بالأوج ، الذين أتقنوا أعمالهم ربحوا أموالاً طائلة ، واسمهم الصناعي بالأوج ، الآن الشركات المتقنة جداً لماذا مبيعاتها كبيرة جداً فلكية ؟ من الإتقان .
محبة الله عز وجل إغاثة الملهوف :
(( إن الله تعالى يحب إغاثة اللهفان ))
حدثني أخ ، راكب سيارته - والقصة قبل اثنتي عشرة سنة - وجد امرأة الساعة الثانية عشرة بالليل حاملة طفلها ومعها زوجها ، يبدو أنهم غرباء ، وابنهم حرارته تقارب الأربعين ، أركبهم وأخذهم إلى المستشفى ، وإلى الطبيب ، وإلى الصيدلي المناوب ، قال لي : انتهيت الساعة الرابعة ، معه حالة صعبة ، قال لي : بقيت عشرة أيام مغموساً بسعادة لا توصف ، لأنه أغاث لهفان ، فالمؤمن يغيث اللهفة ، طرقوا بابه الساعة الثانية بالليل حالة طلق عسرة وعنده سيارة ، يا أخي ! هؤلاء الجيران بلا ذوق ، لا ، أنت عديم الذوق .
(( إن الله تعالى يحب إغاثة اللهفان ))
الذي عنده إمكانية أن يخدم الناس ، إن كان في الساعة الثانية بالليل ، أو السابعة ، بالصباح ، أو بالمساء ، كلهم مثل بعض .
مجلس العلم مأدبة الله عز وجل :
((كل مؤدب يحب أن تؤتى مأدبته ، وإن القرآن مأدبة الله عز وجل))
إذا كان هناك مجلس علم ، أو تفسير قرآن ، أو تفسير لحديث رسول الله ، هذه مائدة الله ، أحياناً تدعى فيضعون لك العصير ، والمقبلات ، واللحوم ، والخضار ، والفواكه ، والقهوة ، هذه مأدبة ، لكنك إذا أتيت بيت الله عز وجل ، واستمعت إلى تفسير كلام الله ، فمأدبة الله مجلس العلم .
التذلل لله لا للعبد :
((فإن الله يُحِبُّ أَن يُسأَلَ))
اسأله ، تجد شخصاً ضعيف الإيمان ، يقف على أبواب الناس ، ويبذل ماء وجهه لكل إنسان ، لكنه لا يسأل الله عز وجل ، أنت تعفف عن الناس ، وترفع عنهم ، وابذل ماء وجهك أمام ربك الذي خلقك ، التذلل لله ، للعبد لا .
أحد الصحابة كان يمشي متبختراً قبيل إحدى المعارك فقال عليه الصلاة والسلام :
((إن الله يكره هذه المشية إلا في هذا الموطن))
و :
((من شكا إلى كافر فكأنما اشتكى على الله))
فالله يحب من الإنسان أن يكون عزيزاً ، اطلب منه ، واسجد ، وابكِ ، وناجه ، وتذلل له، لا يوجد مانع .
محبة الله عز وجل لأهل البيت الخصيب :
((فإن الله يُحِبُّ أَن يُسأَلَ ، وَأَفْضَلُ العِبَادَةِ انْتِظَارُ الفَرجِ))
إذا كان الأمر صعباً وأنت انتظرت الفرج هذه عبادة .
(( إن الله يحب أهل البيت الخصيب))
الكرماء ، شاعر وصف أناساً ، قال :
بيض المطابخ لا تشكو إماؤهم طبخ القدور ولا غسل المناديل
* * *
هذا البيت لم يدعُ أحداً أبداً ، أما المؤمن فهو كريم ، طبعاً ليس من الضروري أن يتكلف ، أما أخ لك مسافر إذا دعوته إلى طعام عندك والله شيء عظيم ، عمل طيب ، عندك غرفة زائدة ، وعندك أثاث زائد ، ونام عندك ، شعر بدفء الكرم .
(( إن الله يحب أهل البيت الخصيب))
ما كلفنا الله أن نتكلف للضيف ، لكن أيضاً يحبنا أن نكون كرماء .
استعمال الرخصة أدب مع الله عز وجل :
((إن الله عز وجل يحب أن يُؤتى رخصه كما يكره أن يُوتى معصيته))
سمح لك أن تقصر بالسفر ، لا ، أنا يا أخي لا أقصر ، لماذا ؟ عند الأحناف القصر واجب ، عند السادة الشافعية القصر رخصة .
(( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ ))
استعمال الرخصة أدب مع الله عز وجل ، أنت أكبر من الرخصة ؟
أحياناً تجد شخصاً طبيباً مسلماً حاذقاً ورعاً ، قال لك : افطر ، لا ، لن أفطر ، إذاً أنت الآن عاص ، لأن حياتك ليست ملكك ، لأن هناك حالات يؤذيها الصوم إيذاء كبيراً .
مرة النبي عليه الصلاة و السلام كان مع أصحابه بسفر بعضهم صام ، وبعضهم أفطر، مطلق السفر يجيز لك أن تفطر ، هناك صحابة لم يفطروا ، يبدو أن هناك حراً شديداً ، والمشقة كبيرة ، فالصائمون هبطوا ، ما تمكنوا أن يتابعوا ، لكنهم صاموا ، المفطرون نصبوا الخيام ، وأعدوا الطعام ، النبي سُر من المفطرين ، قال :
((ذَهَبَ المفطرون اليومَ بالأجرِ))
أحياناً يكون عندك ضغط عمل شديد جداً ، وكله خدمة للناس ، إذا صمت صيام نفل هبط عملك لأنك لا تستطيع أن تكمل ، فالإنسان يجب أن يكون حكيماً ، أما إذا كان الإنسان متقاعداً فليصم ما يريد ، أحياناً يكون الإفطار أقوى على العمل الصالح من الصيام ، طبعاً إذا كان الصوم نفلاً ، فقال :
((ذَهَبَ المفطرون اليومَ بالأجرِ))
إذا كان هناك رخصة فخذها .
الحرص على سمعة المسلمين :
((إن الله يحب أن يعفى عن ذنب الثري))
الثري ، ثراة القوم سادتهم ، زعماؤهم ، رؤساؤهم ، شخص وجيه بالحي غلط غلطة تشهر فيه ؟ لا ، هذا له مكانة ، من كمال المؤمن إن وجد شخصاً له مكانة ألا يشهر به .
((كُلُّ بَني آدمَ خطَّاءٌ وخيرُ الخَطَّائينَ التَّوابونَ ))
يجب أن تجبر عثرات الكرام :
(( إن الله يحب أن يعفى عن ذنب الثري))
الثري ؛ السيد المطاع في قومه ، له مكانة ، الناس يحبونه ، ويقدرونه ، تكلم قصة فغلط بالإعراب مثلاً ، بالنحو ، عليك ألا تكبرها ، أفتى فتوى بشكل مستعجل لم ينتبه للسؤال ، أخي هكذا قال فلان ، هذا الموضوع أصبح موضوع تشهير ، أنت قل له : الموضوع هكذا ، هذا الصواب، وبدرس قادم سأوضح لك الصواب ، ممكن ، المؤمن يحرص على سمعة المسلمين .
التجمل و التعفف من كمال الفقر :
((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ الْفَقِيرَ الْمُتَعَفِّفَ أَبَا الْعِيَالِ))
عنده ثمانية أولاد ، وبيته بالأجرة ، ومعاشه محدود ، لكنه راض ، ومتجمل ، ومتعفف، وصابر ، الله يحبه ، الله يحب كل عباده ، لكن يحب الكاملين ، من كمال الفقر التجمل ، من كمال الفقر التعفف ، من كمال الفقر الصبر .
((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ الْفَقِيرَ الْمُتَعَفِّفَ أَبَا الْعِيَالِ))
محبة الله لكلّ قلب حزين :
((إن الله يحب كل قلب حزين))
أحياناً تجد إنساناً دنياه جيدة لكنه حزين ، خائف على نفسه أن يكون إخلاصه ضعيفاً ، يكون عمله الصالح قليلاً ، يكون الله غير راض عنه ، هذا الحزن مقدس ، فالمؤمن عنده حزن ، عنده حزن دائم ، خائف على مستقبله بالآخرة ، خائف ألا يكون الله راضياً عنه .
((إن الله يحب كل قلب حزين))
محبة الله عز وجل للملحين في الدعاء :
(( إن الله تعالى يحب الملحين بالدعاء))
قصة طريفة : الإنسان في العيد يعمل قائمة ليزور الناس ، يقول : إن شاء الله لا نجد أحداً ، يدق الباب دقة واحدة ، ويمشي ، يفتح يقول : لا حول الله فتح ، القصد ألا يدخل ، القصد أن يضع بطاقة .
مرة شخص له مع شخص آخر مبلغ نقله من مكان إلى مكان ، سألني ، قلت : والله هذا نصاب ، أعرفه أنا إنه إنسان نصاب ، فذهب ووقف أمام بيته من الساعة الثانية عشرة ظهراً ، حتى الساعة التاسعة بالليل و هو ينتظره ، حتى جاء قال له : هات المبلغ ، انظر كيف يلح الإنسان إذا أراد شيئاً ، ومن أجل فضل الله عز وجل فقط يطلب طلباً واحداً ؟
أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته ومدمن القرع للأبواب أن يلجا
* * *
اجلس للتفكر ، اجلس للتلاوة ، يحبك الله أن تكون ملحاً ، إن رأى منك إلحاحاً ، وإصراراً ، وعزماً أكيداً يفتح الله عليك .
(( إن الله تعالى يحب الملحين بالدعاء))
محبة الله عز وجل للرزق الحلال :
(( إن الله يحب أن يرى عبده تعباً في طلب الحلال))
أحياناً الحرام سهل ، الآن بناء بأي مكان جميل يقولون : نادي ليلي ، قال لي أحدهم : والله بأربعين يوماً كان الربح ثمانية ملايين ، اعمل بعمل مشروع شريف ، يقول : سوق لا يوجد ، لا يوجد دفع و لا قبض ، المصروف كبير ، والدخل قليل .
(( إن الله تعالى يحب أن يرى عبده تعباً في طلب الحلال))
هناك ألف طريق لكسب المال الحرام ، ألف طريق ، وسهل ، ولحكمة أرادها الله عز وجل جعل كسب المال الحرام سهلاً ، وكسب المال الحلال صعباً ، لو جعل الحلال سهلاً لأقبل الناس عليه لا حباً بالله ، لا ، حباً بأنفسهم ، إذاً التغت الجنة ، لكن لحكمة أرادها الله جعل كسب المال الحلال صعباً ، وكسب المال الحرام سهلاً ، الآن يعمل بالصحون فيربح ربحاً كبيراً ، صحون الأسطحة ، وليس صحون الأكل ، يربح ربحاً كبيراً لأن الأسعار غالية ، ولكن :
(( إن الله يحب تعالى أن يرى عبده تعباً في طلب الحلال))
لا تفرح بمصلحة يكون ربحها كبيراً لكن فيها شبهات ، هذا الربح خسارة ، أما دخل قليل من طريق مشروع ، البضاعة مسموح بيعها عند الله عز وجل طبعاً ، وربحها قليل ، فهذا المبلغ القليل الحلال فيه بركة ، والحرام الكثير يذهب مع أهله .
((إن الله تعالى يحب المؤمن المحترف))
لك مصلحة ، نجار ، خياط ، منجد ، لك مصلحة ، هذه مصلحة :
((إن الله تعالى يحب المؤمن المحترف))
تجد أخاً مرتباً بالجامع إلى أقصى درجة ، تذهب إلى عمله فإذا به يلبس أفرول أزرق ويعمل ، أنا أقدسه ، والله هذا الإنسان ، في بيت الله متجمل ، متعطر ، ثيابه نظيفة ، بالعمل ثيابه مبتذلة طبعاً لأن هذه ثياب العمل .
((إن الله يحب تعالى العبد المؤمن المحترف))
ليس عبئاً على الناس ، يَحمل ولا يُحمل .
جزء من الإيمان أن تصدق الناس :
(( إن الله تعالى يحب حفظ الود القديم))
إن الله عز وجل يحب الوفاء ، هذا حاطب بن بلتعة قال للكفار : إن محمداً سيغزوكم فخذوا حذركم ، أليست هذه خيانة عظمى ؟ في كل نظم العالم يستحق الإعدام ، فقال سيدنا عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق ، قال له : لا يا عمر إنه شهد بدراً ، ما نسي له ماضيه ، إنه شهد بدراً ، تعال يا حاطب ما فعلك على أن فعلت ما فعلت ؟ قال : والله ما كفرت ، ولا ارتددت ، إني لصيق في قريش أردت بها أن أحفظ أهلي ومالي عندهم ، فالنبي بكل بساطة قال : إني صدقته فصدقوه ، ولا تقولوا فيه إلا خيراً ، أنهضه .
قال علماء السيرة : إن عمر بن الخطاب نظر إلى الذنب فرآه خيانة عظمى ، لكن النبي نظر إلى صاحب الذنب ، فرآها لحظة ضعف طارئة ألمت به ، فأنهضه ، قال : إني صدقته فصدقوه ولا تقولوا فيه إلا خيراً .
المؤمن سليم الصدر ، يأخذ الأعمال الطيبة على حالها من دون أن يشكك ، المشككون دائماً كلما تكلمت قصة عن إنسان ليست هكذا ، له قصد ثان ، طعان ، وكل إنسان يطعن به ، فالنبي قال : إني صدقته فصدقوه ، جزء من الإيمان أن تصدق الناس .
محبة الله عز وجل للسهل الطلق :
((إن الله تعالى يحب السهل الطلق))
﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾
يحبّ البسام ، يحبّ الضحاك ، كان إذا دخل بيته بساماً ضحاكاً ، أن تلقى أخاك بوجه طلق صدقة ، أحياناً شخص عنده عدة موظفين إذا دخل عليهم ، الله يعطيكم العافية ، صباح الخير، السلام عليكم ، السلام المعروف ، مرتاحون ؟ هل هناك مشكلة ؟ و هناك شخص ساكت لا يسلم ، ولا يسأل عن صحة الإنسان ، ولا عن أعماله ، ولا عن أحواله .
(( إن الله تعالى يحب السهل الطلق))
محبة الله عز وجل للشاب التائب الطائع :
ويا أيها الشباب ، هذه بشارتكم :
(( إن الله يحبّ الشاب التائب))
ما من شيء أحبّ إلى الله تعالى من الشاب التائب ، شاب بأول حياته كله ميول، ورغائب ، وغرائز ، كلها ضابطها ، هذا له عند الله مكافأة كبيرة .
(( إن الله تعالى يحب الشاب الذي يفني شبابه في طاعة الله))
يوجد أناس بالسبعين جاؤوا إلى الجامع ، بعدما انتهوا من الدنيا ، وشبعوا منها ، ولم يتركوا عليهم شيئاً من الأعمال ، الآن جاؤوا ليتوبوا ، أهلاً وسهلاً ، لا يوجد مشكلة ، لكن أجمل منه بكثير شاب بالثامنة عشرة جاء إلى الجامع ، بأول حياته ، بأول شبابه .